٦) عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِى الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِىُّ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِىُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فِى الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِى أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِى سَيَكِلُ الْكَلاَمَ إِلَىَّ فَقُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ - وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ - وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّى بَرِىءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّى وَالَّذِى يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ.- ثم ذكر حديث جبريل المشهور - أخرجه مسلم.
قال العلامة سليم الهلالي رحمه الله في "بصائر ذوي الشرف" ص(72):
ووجه الدلالة: أن هؤلاء التابعين رجعوا في معرفة حقيقة مقالة معبد الجهني وأصحابه إلى فهم الصحابة ومنهجهم ، فدل على أن التابعين يرون حجية منهج الصحابة ، وأن المحدثات بعدهم يجب عن – كذا ولعل الصواب "أن" – تعرض على منهجهم وفهمهم ، لأنه المعيار في قبول ذلك أو رده.اهـ
وقال العلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله في "شرح الأربعين" (ح2):
قوله: (فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم- )، فيه الرجوع إلى أهل العلم عند المعضلات، وأن العلماء هم أهل الحل والعقد، وهم الذين يعقلون الأمور، قال تعالى: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾;، قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾; [النساء:83]، ولا بأس بالنية مع الحج أو العمرة، لا يفسد ذلك، لو حج وهو قاصد أنه يحج ويشتري له تجارة بعد أن يحج فحجه صحيح، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾; [البقرة:198]، وهكذا لو حج وهو يقصد أنه مع جحه يلتقي بالعالم الفلاني، أو الصديق الفلاني، يزوره، لا مانع من ذلك، ولا يضر، كما صنع يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن، بل كثير من أهل الحديث كانوا يلتقون بالموسم، ويسافرون من بلدانهم للحج، وللقاء الأئمة، فيصير نورًا على نور.
وفيه فضيلة للصحابة ، أنهم عايشوا رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-، وسمعوا منه وعندهم علمٌ غزير بغير تكلف، وأما من قال: طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم؛ فهذا قول باطل، بل طريقتهم أسلم، وأعلم، وأحكم، وهم خير القرون الذين نزل الثناء عليهم من الله عز وجل في قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾;.
قوله: (فسألناه)، فيه سؤال أهل الذكر، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾; [النحل:43]، فسؤال أهل الذكر قد حث الله عليه في كتابه كما سمعت، وليس كل الناس يُسألون، وإلا فعندهم من يدعي العلم في البصرة، وعمدوا إلى صاحب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-.
والمسائل المشكلة المعضلة لابد بالرجوع فيها إلى أهل العلم، وعدم الخوض فيها، وإن كان الإنسان قد أنكرها بادئ الرأي، فأنت ترى يحيى بن يعمر قد حصل عنده إنكار لهذا الأمر في قلبه، وأراد سؤال أهل العلم حتى يقول: قال ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنَهُ، وحتى يكون على بصيرة أكثر، ومن فضل العلماء أنهم أشد الناس نباهة لبيان الأقوال، والأفعال المخالفة للحق والإنكار على من جاء بها، سواءً كان في العقيدة، أو في أي وجه يُخالف الدليل.اهـ
قال العلامة سليم الهلالي رحمه الله في "بصائر ذوي الشرف" ص(72):
ووجه الدلالة: أن هؤلاء التابعين رجعوا في معرفة حقيقة مقالة معبد الجهني وأصحابه إلى فهم الصحابة ومنهجهم ، فدل على أن التابعين يرون حجية منهج الصحابة ، وأن المحدثات بعدهم يجب عن – كذا ولعل الصواب "أن" – تعرض على منهجهم وفهمهم ، لأنه المعيار في قبول ذلك أو رده.اهـ
وقال العلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله في "شرح الأربعين" (ح2):
قوله: (فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم- )، فيه الرجوع إلى أهل العلم عند المعضلات، وأن العلماء هم أهل الحل والعقد، وهم الذين يعقلون الأمور، قال تعالى: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾;، قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾; [النساء:83]، ولا بأس بالنية مع الحج أو العمرة، لا يفسد ذلك، لو حج وهو قاصد أنه يحج ويشتري له تجارة بعد أن يحج فحجه صحيح، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾; [البقرة:198]، وهكذا لو حج وهو يقصد أنه مع جحه يلتقي بالعالم الفلاني، أو الصديق الفلاني، يزوره، لا مانع من ذلك، ولا يضر، كما صنع يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن، بل كثير من أهل الحديث كانوا يلتقون بالموسم، ويسافرون من بلدانهم للحج، وللقاء الأئمة، فيصير نورًا على نور.
وفيه فضيلة للصحابة ، أنهم عايشوا رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-، وسمعوا منه وعندهم علمٌ غزير بغير تكلف، وأما من قال: طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم؛ فهذا قول باطل، بل طريقتهم أسلم، وأعلم، وأحكم، وهم خير القرون الذين نزل الثناء عليهم من الله عز وجل في قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾;.
قوله: (فسألناه)، فيه سؤال أهل الذكر، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾; [النحل:43]، فسؤال أهل الذكر قد حث الله عليه في كتابه كما سمعت، وليس كل الناس يُسألون، وإلا فعندهم من يدعي العلم في البصرة، وعمدوا إلى صاحب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-.
والمسائل المشكلة المعضلة لابد بالرجوع فيها إلى أهل العلم، وعدم الخوض فيها، وإن كان الإنسان قد أنكرها بادئ الرأي، فأنت ترى يحيى بن يعمر قد حصل عنده إنكار لهذا الأمر في قلبه، وأراد سؤال أهل العلم حتى يقول: قال ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنَهُ، وحتى يكون على بصيرة أكثر، ومن فضل العلماء أنهم أشد الناس نباهة لبيان الأقوال، والأفعال المخالفة للحق والإنكار على من جاء بها، سواءً كان في العقيدة، أو في أي وجه يُخالف الدليل.اهـ
تعليق