ومن الأحاديث الضعيفة
110- " من قام ليلتي العيدين محتسبا لله ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " .
قال الإمام ابن الباني رحمه الله : ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجة ( 1 / 542 ) عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا . قال في " الزوائد " : " إسناده ضعيف لتدليس بقية " . وقال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 328 ) : " إسناده ضعيف " . قلت : بقية سيء التدليس ، فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه وبين الثقات ويدلس عنهم ! فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين ، فقد قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر من المناسك ( 1 / 212 ) : " ثم نام حتى أصبح ، ولم يحي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء " .
ثم رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب ، والمذكور في الحديث السابق ، يرويه عن ثور بن يزيد به .
فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه وأسقطه . وسيأتي تخريج حديثه فيما بعد إن شاء الله تعالى برقم ( 5163 ) . اهـ السلسلة الضعيفة
111- " من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ، ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر " .
قال الإمام الباني رحمه الله : موضوع .
رواه نصر المقدسي في جزء من " الأمالي " ( 186 / 2 ) عن سويد بن سعيد حدثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن وهب بن منبه عن معاذ بن جبل مرفوعا .
وهذا إسناد موضوع كما يأتي بيانه ، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن معاذ . فتعقبه شارحه المناوي بقوله : " قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث غريب ، وعبد الرحيم بن زيد العمي أحد رواته متروك وسبقه ابن الجوزي فقال : حديث لا يصح ، وعبد الرحيم قال يحيى : كذاب ، والنسائي : متروك " .
قلت : وسويد بن سعيد ضعيف أيضا ، فالإسناد ظلمات بعضها فوق بعض ! والحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 2 / 100 ) بلفظ " .... الليالي الخمس .... " فذكره وزاد في آخره : " وليلة النصف من شعبان " ثم قال : " رواه الأصبهاني " . وأشار المنذري لضعفه أو وضعه . قلت : وهو عند الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 50 / 2 ) من الوجه المذكور . اهـ الضعيفة
112- ( سُنَّةُ الاستسقاء سُنَّةُ الصَّلاةِ في العيدَين ؛ إلا أَنّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلبَ رداءَه ، فجَعَلَ يمينهُ على يسَارِه ، ويسارَهُ على يمينِه ، وصلى ركعتينِ ، وكبّرّ في الأولى سبْعَ تكبيراتٍ ، وقرَأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الَأَعْلَى} ، وقرأَ في الثانية {هَلْ أتاكَ حديثُ الغاشية} ، وكبّر فيها خَمْسَ تكبيرات ) .
قال العلامة الألباني رحمه الله : ضعيف جداً .
أخرجه البزار في " مسنده " ( 1 / 316 - كشف الأستار ) ، والدارقطني في " السنن " ( 2 / 66 ) ، والحاكم ( 1 / 326 ) ، والبيهقي ( 3 /348 ) من طريق محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة بن يحيى قال : أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء ، فقال : . . . فذكره .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ورده الذهبي بقوله :
" قلت : ضُعِّف عبد العزيز " .
وأقول : عبد العزيز هذا - وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف - ؛ ما علمت أحداً ضعفه ، ولا أورده الذهبي في " الضعفاء " ولا في " الميزان " ، ولذا ؛ استدركه عليه الحافظ في " اللسان " ، ولم يذكر في ترجمته سوى قول ابن القطان :" مجهول الحال " .
فأنا أظن أنه سقط من قلم الذهبي أو الناسخ اسم ابن عبد العزيز : محمد ؛ فإنه هو المعروف بالضعف ، والمترجم في " الميزان " و " اللسان " ، وقال فيه الذهبي في " الضعفاء " :" ضعفوه " . وهو بمعنى قوله في " التلخيص " :
" ضُعِّف " فهو هو . والله أعلم . اهـ الضعيفة
113- ( خرج يوم فطرٍ أو أضحى ، فخطب قائماً ، ثم قعد قعدةً ، ثم قام ) .
قال العلامة الألباني رحمه الله : منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 1289 ) من طريق أبي بحر : ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي : ثنا إسماعيل بن مسلم الخولاني : ثنا أبو الزبير عن جابر قال : فذكره .
قلت : وهذا إسناد واهٍ ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : عنعنة أبي الزبير .
الثانية : ضعف إسماعيل بن مسلم الخولاني ، والظاهر أنه المكي أبو إسحاق والبصري ، وهو ممن اتفقوا على تضعيفه ، وبه أعله الحافظ في (( التلخيص )) ( 2 / 86 ) ، وإن كنت لم أر من ذكر أنه خولاني ؛ كالسمعاني في (( الأنساب )) ، وأفاد أنهم قبيلة نزل أكثرهم الشام .
الثالثة : أبو بحر - واسمه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي - ؛ وهو ضعيف ؛ كما في (( التقريب )) .
وبهذه العلة والتي قبلها أعله البوصيري في (( زوائده )) ، فقال :(( فيه إسماعيل بن مسلم ، وقد أجمعوا على ضعفه . وأبو بحر ؛ ضعيف )) .
والحديث ؛ أورده الزيلعي في (( نصب الراية )) ( 2 / 221 ) بإسناد ابن ماجه ، وعقب عليه بقوله : (( قال النووي في (( الخلاصة )) : وروي عن ابن مسعود : أنه قال : (( السنة أن يخطب في العيدين خطبتين ؟ فيفصل بينهما بجلوس )) ؛ ضعيف غير متصل ، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة . انتهى كلامه )) .
ومن الغرائب أن الحافظ في (( الدراية )) ( 1 / 222 ) تعقبه بحديث جابر هذا ، فقال : (( وهذا يرد قول النووي : إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء ، وإنما عمل فيه بالقياس على الجمعة )) !
وأقول : لي على ما تقدم ملاحظات :
الأولى : قوله : ( ابن مسعود ) ؛ أظنه محرفاً من ( المسعودي ) ؛ فإن الأثر المذكور أخرجه الإمام الشافعي في (( الأم )) ( 1 / 211 ) ، ومن طريقه البيهقي في (( السنن )) ( 3 / 299 ) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : حدثني عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : . . . فذكره .
قلت : وعبيد الله هذا : هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ، وهو تابعي ثقة ، فلعله الذي عناه النووي ، بدليل قوله : (( ضعيف غير متصل )) . يعني : أنه مرسل تابعي . والله أعلم .
ثم إن السند إليه واهٍ بمرة ؛ فإن اللذين دونه لم أعرفهما .
وإبراهيم بن محمد : هو ابن أبي يحيى الأسلمي ؛ متروك ، وكذبه بعضهم . الثانية : أنني لاحظت فرقاً بين قول النووي : (( لم يثبت . . . )) الذي نقله الزيلعي عنه ، وبين قوله : (( لم يرد . . . )) في نقل الحافظ عنه ! فهذا التعبير - إن صح عن النووي - يرد عليه رد الحافظ ؛ بخلاف التعبير الأول ؛ فإن نفى الثبوت لا يستلزم نفي الورود كما هو ظاهر . فالله أعلم أيهما هو قول النووي .
الثالثة : لم يعجبني سكوت الحافظ عن سند حديث جابر - وهو ضعيف عنده - ، وبخاصة أنه كان في صدد رده على النووي ؛ فإنه لا يخطر في بال عامة القراء إلا أنه حديث قوي ! وإلا ؛ لما رد به عليه !
ثم وجدت لابن أبي يحيى هذا أثراً آخر عن ابن عتبة بنفس إسناده المذكور عنه ؛ لكنه أسقط إبراهيم بن عبد الله ، فقال عبد الرزاق في (( مصنفه )) ( 3 / 290 - 291 ) : عن ابن أبي يحيى عن عبد الرحمن بن محمد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال :
(( السنة التكبير على المنبر يوم العيد : يبدأ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب ، ويبدأ الآخرة بتسع )) !
وهذا أشد نكارة من رواية الشافعي عنه ؛ فإنه زاد عليها التكبير ، وعلى المنبر ، ولم يثبت ذلك في السنة المحمدية فيما علمت .
وللحديث شاهد من حديث سعد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العيد بغير أذان ولا إقامة ، وكان يخطب خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلسة .
أخرجه البزار في مسنده المسمى بـ (( البحر الزخار )) ( 3 / 321 / 1116 ) : حدثنا عبد الله بن شبيب قال : نا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال : وجدت في كتاب أبي قال : حدثني مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه ، وقال :(( لا يروى عن سعد إلا من هذا الوجه )) .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : محمد بن عبد العزيز - وهو القاضي المدني - ؛ قال البخاري وغيره : (( منكر الحديث )) .
الثانية : ابنه أحمد بن محمد بن عبد العزيز ؛ ذكره الخطيب في رواية له عن أبيه في ترجمة هذا ( 2 / 349 ) ، وهذه فائدة تضاف إلى ترجمة أبيه في (( اللسان )) ، وإن كنت لم أقف على ترجمته لأحمد هذا ، ويبدو أن الهيثمي لم يعرفهما ؛ فقال في (( المجمع )) ( 2 / 203 ) :
(( رواه البزار وجادة ، وفي إسناده من لم أعرفه )) .
وفي قوله : (( وجادة )) ؛ تسامح ظاهر ، لأنه يوهم أن البزار هو الذي قال :(( وجدت . . . )) ، وإنما هو أحمد بن عبد العزيز .
الثالثة : عبد الله بن شبيب - وهو الربعي الأخباري - ؛ قال الذهبي في
(( المغني )) :
(( واهٍ . قال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث )) .
لكن الجملة الأولى من حديثه : (( صلى العيد بغير أذان ولا إقامة )) ؛ قد ثبتت في أحاديث أخرى :
منها : حديث جابر : عند مسلم وغيره ، وهو مخرج في (( الإرواء )) ( 3 / 99 - 100 ، 119 ) من طريق أخرى عنه .
ومنها : حديث جابر بن سمرة : عند أبي داود وغيره ، وهو مخرج في (( صحيح أبي داود )) ( 1042 ) .
( تنبيه ) : استدل ابن خزيمة في (( صحيحه )) ( 2 / 349 ) للخطبتين في العيدين بحديث ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب الخطبتين وهو قائم ، وكان يفصل بينهما بجلوس .
وأقول : وهذا استدلال مستند إلى العقل ، ولا عموم له ، ولا سيما وقد جاء الحديث في بعض رواياته الصحيحة مقيداً بيوم الجمعة كما في رواية مسلم ( 3 / 9 ) ، وأحمد ( 2 / 35 ) وغيرهما ، وقد أشار إليها البخاري في (( صحيحه )) بالترجمة للحديث بقوله ( 2 / 406 - فتح ) :(( باب : القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة )) .
مع أن الحديث عنده ليس فيه القيد المذكور ، وهو مخرج في (( الإرواء )) ( 3 / 70 - 71 ) ، وله فيه شاهد من حديث جابر بن سمرة ، وفي بعض رواياته الصحيحة عند أحمد وغيره ذكر يوم الجمعة ، والمنبر أيضاً ، والحديثان مخرجان أيضاً في (( صحيح أبي داود )) ( 1003 - 1005 ) ، وقد كنت نبهت في تعليقي على (( صحيح ابن خزيمة )) أنه لا وجه لما ذهب إليه من الاستدلال ، فقلت : (( فقوله في الحديث : (( الخطبتين )) ؛ اللام فيه للعهد ، وليس للاستغراق . فتنبه )) . اهـ الضعيفة
110- " من قام ليلتي العيدين محتسبا لله ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " .
قال الإمام ابن الباني رحمه الله : ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجة ( 1 / 542 ) عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا . قال في " الزوائد " : " إسناده ضعيف لتدليس بقية " . وقال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 328 ) : " إسناده ضعيف " . قلت : بقية سيء التدليس ، فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه وبين الثقات ويدلس عنهم ! فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين ، فقد قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر من المناسك ( 1 / 212 ) : " ثم نام حتى أصبح ، ولم يحي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء " .
ثم رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب ، والمذكور في الحديث السابق ، يرويه عن ثور بن يزيد به .
فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه وأسقطه . وسيأتي تخريج حديثه فيما بعد إن شاء الله تعالى برقم ( 5163 ) . اهـ السلسلة الضعيفة
111- " من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ، ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر " .
قال الإمام الباني رحمه الله : موضوع .
رواه نصر المقدسي في جزء من " الأمالي " ( 186 / 2 ) عن سويد بن سعيد حدثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن وهب بن منبه عن معاذ بن جبل مرفوعا .
وهذا إسناد موضوع كما يأتي بيانه ، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن معاذ . فتعقبه شارحه المناوي بقوله : " قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث غريب ، وعبد الرحيم بن زيد العمي أحد رواته متروك وسبقه ابن الجوزي فقال : حديث لا يصح ، وعبد الرحيم قال يحيى : كذاب ، والنسائي : متروك " .
قلت : وسويد بن سعيد ضعيف أيضا ، فالإسناد ظلمات بعضها فوق بعض ! والحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 2 / 100 ) بلفظ " .... الليالي الخمس .... " فذكره وزاد في آخره : " وليلة النصف من شعبان " ثم قال : " رواه الأصبهاني " . وأشار المنذري لضعفه أو وضعه . قلت : وهو عند الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 50 / 2 ) من الوجه المذكور . اهـ الضعيفة
112- ( سُنَّةُ الاستسقاء سُنَّةُ الصَّلاةِ في العيدَين ؛ إلا أَنّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلبَ رداءَه ، فجَعَلَ يمينهُ على يسَارِه ، ويسارَهُ على يمينِه ، وصلى ركعتينِ ، وكبّرّ في الأولى سبْعَ تكبيراتٍ ، وقرَأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الَأَعْلَى} ، وقرأَ في الثانية {هَلْ أتاكَ حديثُ الغاشية} ، وكبّر فيها خَمْسَ تكبيرات ) .
قال العلامة الألباني رحمه الله : ضعيف جداً .
أخرجه البزار في " مسنده " ( 1 / 316 - كشف الأستار ) ، والدارقطني في " السنن " ( 2 / 66 ) ، والحاكم ( 1 / 326 ) ، والبيهقي ( 3 /348 ) من طريق محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة بن يحيى قال : أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء ، فقال : . . . فذكره .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ورده الذهبي بقوله :
" قلت : ضُعِّف عبد العزيز " .
وأقول : عبد العزيز هذا - وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف - ؛ ما علمت أحداً ضعفه ، ولا أورده الذهبي في " الضعفاء " ولا في " الميزان " ، ولذا ؛ استدركه عليه الحافظ في " اللسان " ، ولم يذكر في ترجمته سوى قول ابن القطان :" مجهول الحال " .
فأنا أظن أنه سقط من قلم الذهبي أو الناسخ اسم ابن عبد العزيز : محمد ؛ فإنه هو المعروف بالضعف ، والمترجم في " الميزان " و " اللسان " ، وقال فيه الذهبي في " الضعفاء " :" ضعفوه " . وهو بمعنى قوله في " التلخيص " :
" ضُعِّف " فهو هو . والله أعلم . اهـ الضعيفة
113- ( خرج يوم فطرٍ أو أضحى ، فخطب قائماً ، ثم قعد قعدةً ، ثم قام ) .
قال العلامة الألباني رحمه الله : منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 1289 ) من طريق أبي بحر : ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي : ثنا إسماعيل بن مسلم الخولاني : ثنا أبو الزبير عن جابر قال : فذكره .
قلت : وهذا إسناد واهٍ ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : عنعنة أبي الزبير .
الثانية : ضعف إسماعيل بن مسلم الخولاني ، والظاهر أنه المكي أبو إسحاق والبصري ، وهو ممن اتفقوا على تضعيفه ، وبه أعله الحافظ في (( التلخيص )) ( 2 / 86 ) ، وإن كنت لم أر من ذكر أنه خولاني ؛ كالسمعاني في (( الأنساب )) ، وأفاد أنهم قبيلة نزل أكثرهم الشام .
الثالثة : أبو بحر - واسمه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي - ؛ وهو ضعيف ؛ كما في (( التقريب )) .
وبهذه العلة والتي قبلها أعله البوصيري في (( زوائده )) ، فقال :(( فيه إسماعيل بن مسلم ، وقد أجمعوا على ضعفه . وأبو بحر ؛ ضعيف )) .
والحديث ؛ أورده الزيلعي في (( نصب الراية )) ( 2 / 221 ) بإسناد ابن ماجه ، وعقب عليه بقوله : (( قال النووي في (( الخلاصة )) : وروي عن ابن مسعود : أنه قال : (( السنة أن يخطب في العيدين خطبتين ؟ فيفصل بينهما بجلوس )) ؛ ضعيف غير متصل ، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة . انتهى كلامه )) .
ومن الغرائب أن الحافظ في (( الدراية )) ( 1 / 222 ) تعقبه بحديث جابر هذا ، فقال : (( وهذا يرد قول النووي : إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء ، وإنما عمل فيه بالقياس على الجمعة )) !
وأقول : لي على ما تقدم ملاحظات :
الأولى : قوله : ( ابن مسعود ) ؛ أظنه محرفاً من ( المسعودي ) ؛ فإن الأثر المذكور أخرجه الإمام الشافعي في (( الأم )) ( 1 / 211 ) ، ومن طريقه البيهقي في (( السنن )) ( 3 / 299 ) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : حدثني عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : . . . فذكره .
قلت : وعبيد الله هذا : هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ، وهو تابعي ثقة ، فلعله الذي عناه النووي ، بدليل قوله : (( ضعيف غير متصل )) . يعني : أنه مرسل تابعي . والله أعلم .
ثم إن السند إليه واهٍ بمرة ؛ فإن اللذين دونه لم أعرفهما .
وإبراهيم بن محمد : هو ابن أبي يحيى الأسلمي ؛ متروك ، وكذبه بعضهم . الثانية : أنني لاحظت فرقاً بين قول النووي : (( لم يثبت . . . )) الذي نقله الزيلعي عنه ، وبين قوله : (( لم يرد . . . )) في نقل الحافظ عنه ! فهذا التعبير - إن صح عن النووي - يرد عليه رد الحافظ ؛ بخلاف التعبير الأول ؛ فإن نفى الثبوت لا يستلزم نفي الورود كما هو ظاهر . فالله أعلم أيهما هو قول النووي .
الثالثة : لم يعجبني سكوت الحافظ عن سند حديث جابر - وهو ضعيف عنده - ، وبخاصة أنه كان في صدد رده على النووي ؛ فإنه لا يخطر في بال عامة القراء إلا أنه حديث قوي ! وإلا ؛ لما رد به عليه !
ثم وجدت لابن أبي يحيى هذا أثراً آخر عن ابن عتبة بنفس إسناده المذكور عنه ؛ لكنه أسقط إبراهيم بن عبد الله ، فقال عبد الرزاق في (( مصنفه )) ( 3 / 290 - 291 ) : عن ابن أبي يحيى عن عبد الرحمن بن محمد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال :
(( السنة التكبير على المنبر يوم العيد : يبدأ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب ، ويبدأ الآخرة بتسع )) !
وهذا أشد نكارة من رواية الشافعي عنه ؛ فإنه زاد عليها التكبير ، وعلى المنبر ، ولم يثبت ذلك في السنة المحمدية فيما علمت .
وللحديث شاهد من حديث سعد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العيد بغير أذان ولا إقامة ، وكان يخطب خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلسة .
أخرجه البزار في مسنده المسمى بـ (( البحر الزخار )) ( 3 / 321 / 1116 ) : حدثنا عبد الله بن شبيب قال : نا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال : وجدت في كتاب أبي قال : حدثني مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه ، وقال :(( لا يروى عن سعد إلا من هذا الوجه )) .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : محمد بن عبد العزيز - وهو القاضي المدني - ؛ قال البخاري وغيره : (( منكر الحديث )) .
الثانية : ابنه أحمد بن محمد بن عبد العزيز ؛ ذكره الخطيب في رواية له عن أبيه في ترجمة هذا ( 2 / 349 ) ، وهذه فائدة تضاف إلى ترجمة أبيه في (( اللسان )) ، وإن كنت لم أقف على ترجمته لأحمد هذا ، ويبدو أن الهيثمي لم يعرفهما ؛ فقال في (( المجمع )) ( 2 / 203 ) :
(( رواه البزار وجادة ، وفي إسناده من لم أعرفه )) .
وفي قوله : (( وجادة )) ؛ تسامح ظاهر ، لأنه يوهم أن البزار هو الذي قال :(( وجدت . . . )) ، وإنما هو أحمد بن عبد العزيز .
الثالثة : عبد الله بن شبيب - وهو الربعي الأخباري - ؛ قال الذهبي في
(( المغني )) :
(( واهٍ . قال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث )) .
لكن الجملة الأولى من حديثه : (( صلى العيد بغير أذان ولا إقامة )) ؛ قد ثبتت في أحاديث أخرى :
منها : حديث جابر : عند مسلم وغيره ، وهو مخرج في (( الإرواء )) ( 3 / 99 - 100 ، 119 ) من طريق أخرى عنه .
ومنها : حديث جابر بن سمرة : عند أبي داود وغيره ، وهو مخرج في (( صحيح أبي داود )) ( 1042 ) .
( تنبيه ) : استدل ابن خزيمة في (( صحيحه )) ( 2 / 349 ) للخطبتين في العيدين بحديث ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب الخطبتين وهو قائم ، وكان يفصل بينهما بجلوس .
وأقول : وهذا استدلال مستند إلى العقل ، ولا عموم له ، ولا سيما وقد جاء الحديث في بعض رواياته الصحيحة مقيداً بيوم الجمعة كما في رواية مسلم ( 3 / 9 ) ، وأحمد ( 2 / 35 ) وغيرهما ، وقد أشار إليها البخاري في (( صحيحه )) بالترجمة للحديث بقوله ( 2 / 406 - فتح ) :(( باب : القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة )) .
مع أن الحديث عنده ليس فيه القيد المذكور ، وهو مخرج في (( الإرواء )) ( 3 / 70 - 71 ) ، وله فيه شاهد من حديث جابر بن سمرة ، وفي بعض رواياته الصحيحة عند أحمد وغيره ذكر يوم الجمعة ، والمنبر أيضاً ، والحديثان مخرجان أيضاً في (( صحيح أبي داود )) ( 1003 - 1005 ) ، وقد كنت نبهت في تعليقي على (( صحيح ابن خزيمة )) أنه لا وجه لما ذهب إليه من الاستدلال ، فقلت : (( فقوله في الحديث : (( الخطبتين )) ؛ اللام فيه للعهد ، وليس للاستغراق . فتنبه )) . اهـ الضعيفة
تعليق