فصل
الإجماع على صيام رمضان
وممن نقل الإجماع ابن حزم وابن عبد البر وابن رشد ويحيى العمراني واللنووي وابن قدامة وآخرون رحمة الله عليهم .
قال الإمام النوور رحمه الله: في المجموع [6 /252] وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ كَوْنُ صَوْمِ رَمَضَانَ رُكْنًا وَفَرْضًا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَدَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَيْهِ واجمعوا على أنه لا يجب غيره اهـ
فصل
أركان الصيام
أركان الصيام
الركن الأول: النية
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا ، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ » .متفق عليه
الركن الثاني الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس .
قال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187] .
الركن الثالث: الصائموله شروط ستأتي في الفصل الذي بعد هذا .
فصل
شروط الصيام خمسة
شروط الصيام خمسة
الأول: الإسلام: وضده الكفر فلا يجب على الكافر ولا يصح منه ولا يجب عليه قضاؤه بعد إسلامه لأنه لا يقبل عمله .
قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54] .
وقال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23] .
الشرط الثاني: التكليف فلا يجب على غير المكلف والمراد بالمكلف البالغ العاقل فخرج الصبي والمجنون ولا يجب على المجنون القضاء .
لحديث عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ أُتِي عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ فَاسْتَشَارَ فِيهَا أُنَاسًا فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ فَمُرَّ بِهَا عَلَى عَلِىِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا مَجْنُونَةُ بَنِي فُلاَنٍ زَنَتْ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ قَالَ فَقَالَ ارْجِعُوا بِهَا ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ رُفِعَ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَعْقِلَ قَالَ بَلَى. قَالَ فَمَا بَالُ هَذِهِ تُرْجَمُ قَالَ لاَ شَىْءَ قَالَ فَأَرْسِلْهَا قَالَ فَأَرْسَلَهَا قَالَ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ ".
رواه أبو داود وهو في الصحيح المسند لشيخنا العلامة مقبل الوادعي رحمه الله .
الشرط الثال: القدرة فلا يجب على العاجر مثل الشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه ومن كان مريضاً ويرجى برؤه يجب عليه القضاء
قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184] .
الشرط الرابع: الإقامة فلا يجب على المسافر ويجب عليه القضاء .
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ ﴾ [البقرة: 185].
والخامس: الطهارة من الحيض والنفاس الحائض والنفساء لا يجب عليهما ولا يصح عنهما ويجب عليهما القضاء بالإجماع .
لحديث « أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ » قُلْنَ بَلَى قَالَ « فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا » . متفق عليه عن أبي سعيد رضي الله
ولحديث « اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلاَةِ وَعَنِ الصِّيَامِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلاَةِ أَوْ نِصْفَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى ».
رواه أبو داود من حديث أنس بن مالك الكعبي وهو في الصحيح المسند لشيخنا رحمه الله.
وعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِى الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّى أَسْأَلُ. قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ ".
متفق عليه .
قال العمراني رحمه الله: في البيان [3/461] ويتحتم وجوب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل طاهرٍ قادر مقيم.اهـ .
وقال أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: ويتحم وجوب ذلك علي كل مسلم بالغ عاقل طاهر قادر مقيم اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله: في المجموع [6 /254] قَالَ أَصْحَابُنَا: شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ أَرْبَعَةٌ النَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالْوَقْتُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ اهـ .
وقال الحجاوي رحمه الله: في زاد المستقنع [ص 81] ويلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر اهـ .
وقال محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي رحمه الله: في القوانين الفقهية [ص 77] شروط الصيام وهي ستة الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة من دم النفاس والحيض والصحة والإقامة اهـ
تعليق