إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

:::مهم::: [(35) فائدة من قصة الشرك في قوم نوح عليه الصلاة والسلام]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • :::مهم::: [(35) فائدة من قصة الشرك في قوم نوح عليه الصلاة والسلام]


    الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين كالمبتدعة والمشركين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد:
    فهذه فوائد وفرائدة نفيسة تشد لها الرحال من قصة الشرك في قوم نوح ، وقوله تعالى:﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح : 23]
    للباحث المحقق والناقد المدقق أبي العباس الشحري حفظه الله ، وهي الفصل الأخير من بحثه الماتع النافع الموسوم بــــ ["سبيل الرشاد إلِى تَحقِيْقِ صِّحةِ مَاصَحَّحَهُ أَمِيْرُ الُمؤمِنيَن فِي الَحدِيْثِ أَبُو عَبدِالله البُخَارِيُّ عَنْ عَطَاء بنِ أَبي رَبَاحٍ عَن ابْنِ عَباَّس في تَفْسِيْرِ وَدٍّ وسُواَع وَيغُوثَ وَيعُوقَ ونَسْرٍ ودَفْعِ ما أُورد عليه من انتقاد"].
    قال حفظه الله وجزاه خيراً:
    الفَصْلُ السَّادِسُ:
    إيقاظ الوسنان إلى فوائد عظيمة في الآية وما في آثار السلف من معان:

    اعْلَمْ – وَفَّقَنيِ اللهُ وإيَّاكَ لمرَاضيهِ-أنَّ قِصَّةَ الشِّرك فِي قَومِ نُوح فٍيِهَا مِن
    الفَوَائدِ العَظيمَةِ مَاُ تَشُّد لَهَا الرِّحَالُ، ويَسْتَعْظِمُهَا ذُكورُ الرِّجالِ، وإنَّمَا يُدْرِكُ عَظيِمَ
    مَعَانِيهَا أهْلُ العِلْمِ، والحِلْمِ، والفَهْمِ ، وجمَيِلِ الخِصَالِ.
    فأَصْغِ بأُذُنَيْ قَلْبك- قبْلَ رَأْسِك!-:

    الفائدة الأولى:
    خطر الغلو في الصالحين وأنه سبب الشرك:

    قالَ الإماُم الرَّبانِّي ابُن القيِّم -رَحِمهُ اللهُ تَعَالَى- فِي

    « إغَاثَةِ الَّلهَفانِ »(1/208-209):

    ومِن أَعْظَمِ مَكَايِدِهِ -يَعنيِ الشَّيطَانَ -الَّتي كَادَ بهَا أَكثرَ النَّاسِ، ومَا نَجَا »
    مِنها إلَّامَن لم يُرِد اللهُ تَعَالَى فِتنَتَهُ:
    مَا أوحَاهُ قَديمًا وحَديثًا إلى أوليَائهِ مِن الفِتنةِ بالقُبُورِ، حتَّى آلَ الأمرُ فيِهَا إلى أنْ عُبِدَ أربَابُها مِن دُونِ اللهِ، وصُوِّر تْصُوَرُ أربَابهَا فيِهَا، ثُمَّ جُعِلتْ تلِكَ الصُّوَرُ
    أجسَادًا لهاَ ظِلٌّ، ثُمَّ جُعِلتْ أصنَامًا، وعُبدِتْ معَ اللهِ.
    وكانَ أوَّلُ هذا الدَّاءِ العَظيمِ فِي قَومِ نُوحٍ،كمَا أخبَرَ سُبحَاَنُه عَنُهْمِ في كتِابِهِ
    حيثُ يَقُولُ: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ [نوح : 21 - 24]
    -ُ ثَّمَ ذَكَرَ تْفِسَير الأئمَّةِ، ورِوَايَةَ البُخَارِيِّ ...) انتهى المراد

    وقال -أيضًا-رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:
    «...فأبَى المشُركُونَ إلَّامَعِصيَةً لأَمْرِهِ، وارتِكابًا لنهيهِ، وغَرَّهُمْ الشَّيطَانُ، فقَالَ:بَلْ هَذا تَعْظيِمٌ لقُبُورِ المشَايخِ، والصَّالحِينَ، وكُلَّمَا كُنتَ أشَدَّ لَهَا تَعْظِيمًا، وأشَدَّ فيِهِمْ غُلُوا كُنتَ بِهِمْ أَسعَدَ !، ومِنْ أَعْدَائهِمْ أَبْعَدَ!!.
    ولَعَمْرُ اللهِ مِن هَذا البَابِ بِعَينهِ دَخَلَ عَلى عُبَّادِ يَغُوثَ، ويَعُوقَ، ونِسرٍ، ومِنهُ
    دَخَلَ عَلى عُبَّادِ الأصنَامِ مِنهُ إلى يَومِ القِيَامَةِ، فَجَمَعَ المُشرِكُونَ بَينَ الغُلُوِّ فِيهِمْ،والطَّعْنِ فِي طَرِيقَتهِمْ، وهَدَى اللهُ أهلَ التَّوحيدِ لِسلُوكِ طَرِيقَتهِمْ، وإنزَالهِم مَنَازِلهَمْ الَّتيِ أَنْزَلهَمُ اللهُ إيَّاهَا مِن العُبُودِيَّةِ، وسَلْبِ خَصَائصِ الإلَهيَّةِ عَنهُمْ، وهَذا غَايَةُ تَعْظِيمِهِمْ، وطَاعَتهِمْ». انتهى (215/1).

    وبَّوبَ شَيخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عبدِالوَهَّابِ-رَحِمهُ اللهُ تَعَالَى-في «كِتابِ التَّوحيدِ» فقَالَ عَلَى –حَدِيثنا :- «باب مَا جَاءَ أنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُورِ الصَّالحِينَ يُصَيِّرُهَا أَوثاًنا تُعبُد مِن دُونِ اللهِ، وبَّوبَ قَبلَهُ فَقاَل: بَابُ مَا جَاءَ أنَّ سَببَ كُفْرِ بني آدمَ وتَركَهُمْ دِينَهُمْ هُو الغُلُوُّ فِي الصَّالحين»
    فَرَاجِعهُمَا؛ فَإنَّهما فِي غَايَةِ الإفَادَةِ.
    وانْظُرْ:"إعانة المستفِيد"(372-371/1).


    التعديل الأخير تم بواسطة حسن بن بوشعيب زوبيري; الساعة 01-10-2012, 09:52 AM.

  • #2
    الفائدة الثانية:

    الفائدة الثانية:
    فتنَةُ الشَّيطانِ بَنيِ آدمَ بالقُبورِ، وتَشْييِدِهَا، ورَفْعِهَا، والغُلُوِّ فِي تَعْظِْيمِهَا
    حتَّى صَارَتْ- عِندَهم - مِن أَفضلِ الأمَاكِنِ للصَّلاةِ، بَلْ سُمِّيَتْ (مَشَاهِدَ)!، مُضَاهَاةً لبُيُوتِ اللهِ الَمسَاجِدِ، بَلْ جَاءَ بَعضُغُلاتهِمْ! فَجَعَلَ لهاَ كتابًا سَّماهُ منَاِسكُ «حَّج المشَاهِدِ»!! ولا زِلنَا فِي عَصْرِنَا هَذا القَرْنَ الخاَمِسَ عَشَرَ نَرَى أَقْوَامًا مِن تُبَّعِ هَؤلاءِ (!)
    يحَجُّونَ إلِيهَا عَامًا بَعْدَ عَامٍ، ولَهُمْ فِي ذَلكَ مراسِم، وأحوَالٌ تُشْبه أَحوَالَ الحَجِّ ، كمَا يَقَع فيِ زَيارَةِ قَبْرِ هُودٍ! بحضْرَمَوْتَ!!، نَسْأَلُ اللهَ أنْ يُزِيلَ مَعَالمِ اَلشِّرْكِ، ويُطَهِّرَ الأرْضَ بالتَّوحِيدِ!.

    التعديل الأخير تم بواسطة حسن بن بوشعيب زوبيري; الساعة 01-10-2012, 09:56 AM.

    تعليق


    • #3
      الفائدة الثالثة:

      الفائدة الثالثة:
      تَوَارُثُ الجُهَّالِ الشِّركَ، وإيْحَاءُ الشَّيطانِ لَهُمْ بِذَلكَ مَع تَبَاعُدِ الأزمَانِ ،وتَعَدُّدِ البُلْدَانِ،حتَّى صَارَتْ أَصْناَمُ قَوْمِ نُوحٍ آلِهةِ فيَ قبَائلِ العَرَبِ!،َفاعْجَبْ لمِِثْلِ هذا المِيرَاثِ!!.
      وقَدْ اخَتلف المفُسِّرُونَ فِي طَرِيقِ وُصُولِ الأصَنَامِ إِلَيهِمْ، واسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ -كالقُرْطِبيِّ-بَأثَرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْه - فيِه : «أنَّ نُوحًا - عَلَيهِ السَّلامُ - كَانَ يَحرُسُ جَسَدَ آدمَ - عَلَيهِ السَّلامُ- عَلَى جَبَلٍ بالهندِ، في مْنَعُ الكَافرينَ أنْ يَطُوفُوا بقبْرِهِ، فقَالَ لهَمُ الشَّيطَانُ: إنَّ هَؤُلاءِ يَفْخَرُونَ عَلَيْكُمْ، ويَزعُمُونَ أنَّهمْ بَنُوا آدَمَ دُونَكُمْ، وإنَّمَا هُو جَسَدٌ، وأنَا أُصَوِّرُ لَكُمْ مِثْلَهُ تَطُوفُونَ بهِ، فَصَوَّرَ لهَم هَذه الأَصنامَ الخَمسةَ، وحَمَلَهُمْ عَلَى عِبَادَتهِا، فَلَمَّا كَانَ أيَّامَ الطُّوفَانِ دَفَنَهَا الطِّينُ، والتُّرَابُ، والماَءُ، فَلَمْ تَزَلْ مَدْفُونَةً حتَّى أَخْرَجَهَا الشَّيطَانُ لمشْرِكي العَرَبِ»انتهى (18/307-308).
      قالَ الإمَامُ الماَوَرْدِيُّ -رَحِمهُ اللهُ تَعَالَى-:
      «فأمَّا وَدٌّ فَهُوَ صَنَمٌ مَعبُودٌ، سُمِّيَ لوُدِّهِمْ لَهُ، وكَانَ بعدَ قَومِ نُوحٍ لكَلْبٍ « وَ دا » بدَومَةِ الجندَلِ فِي قَولِ ابنِ عَبَّاسٍ، وعَطَاءٍ، ومُقَاتلٍ، وفِيهِ يَقُوُل شَاعِرُهُمْ:
      حَيَّاكَ ودٌّ فَإَّنالا يَحِلُّ لَنَا *** لَهْوُ النِّسَاءِ وَأنَّ الدِّينَ قَدْ عَزَمَا
      وقاَل الآخَرُ:
      مُحَيِّكَ ودٌّ مَنْ هَدَاكَ لِفِتْيَةٍ *** وخَوْضٌ بِأعَلى ذِي فضَالَةَ هُجَّدِ
      وأمَّا سُوَاعُ فَكَانَ لِهُذَيلٍ بسَاحِلِ البَحْرِ فِي قَولِهِمْ.
      وأمَّا يَغُوثُ فكانَ لغُطَيفٍ مِن مُرادٍ بالجَوفِ مِن سَبَأ،ٍ فِي قَول قتَادَة، وَقالَ
      المهَدرِيُّ :لِمُرَادٍ ثُمَّ لغَطَفَانَ، قالَ الثَّعْلَبِيُّ: وأَخَذَتْ أعَلَى وأنْعُم-وهما مِن طَيْءٍ -، وأَهلُ جُرَشٍ مِن مَذْحَجٍ يَغُوثَ، فَذَهبُوا بهِ إلى مُرَادٍ؛ فعَبَدُوهُ زَمَانًا، ثُمَّ إنَّ بَنيِ ناجِيَةَ أَرَادُوا نَزْعَهُ مِن أعَلَى وأَنْعُم، فَفَرُّوا بهِ إلى الحصُينِ أَخِيْ بَنيِ الحاَرِثِ بنِ كَعْبٍ مِن خُزَاعَةَ.
      وقالَ أبو عُثْمَان النَّهْدِيُّ: رَأَيتُ يَغُوثَ، وكَانَ مِن رَصَاصٍ، وكَانُوا يَحمِلُونَهُ عَلَى جَمَلٍ أَجرَد، وَيسِيُرونَ مَعَهُ لا يهيِّجُونَهُ؛ حتَّى يَكُونَ هُو الذي يَبْرُكُ، فإذَا بَرَكَ نَزَلُوا، وقَاُلوا: قَدْ رَضِيَلكُمُ اَلمنْزِل، فيِ ضِْرُبونَ عَليهِ بنِاءً، ينْزلوَن حَوْلَه.
      وأمَّا يَعُوقُ فَكَانَ لِهَمْدَانَ بَبلْخٍ فِي قَولِ عِكْرِمَةَ، وَقتَادَة، وعَطَاءٍ،ذَكَرَهُ
      الماَوَرْدِيُّ.
      وقَالَ الثَّعْلَبي:
      وأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَ لكَهْلانَ مِن سَبَأ، ثُمَّ تَوَارَثَهُ بَنُوهُ، الأَكْبَرَ
      فَالأَكْبَرَ، حتَّى صَارَ إلى همْ دَانَ، وفِيهِ يَقُوُل مَالكُِ بنُ نُمَيْطٍ الهمَْدَانيُّ:
      يَِرْيشُ اللهُ فِي الدُّْنَيا ويَبْْري *** ولا يَبِْريْ يَعُوقُ ولا يَِرْيشُ!
      انتهى.»

      وأمَّا نسرٌ فَكَانَ لذِيْ الكلِاعِ مِن حمِيرَ فِي قَول قَتاَدَة،ونَحْوُهُ قَولُ مُقَاتل
      [راجع « تَفسيرَ القُرْطُبيِّ » (18/308-309) وانْظُرْ:« المحَُرَّرَ الوَجِيزَ »(127-126/16)].

      قُلتُ:
      وقَدْ صَحَّتْ الآثَارُ بهَذا عَن ابنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْه -ُ،وَقَتاَدَة، وَغْيرِه من السَّلَف-رحمهم الله تَعَالَى-كمَا تَقَدَّمَ-، وللهِ الحمدُ والمنِّةُ.
      ونحوُ ذَلكَ،ذَكَرَ نَحْوَ ،« عَبدَ يَغُوثٍ » و ،« عَبْدَ وَدٍّ » ومِمَّا يُؤَيِّدُ هَذا تَسْمِيَةُ العَرَبِ هَذا المعَنَى ابنُ دُريدٍ كمَا فِي « الصِّحَاحِ »

      تَنْبيِهٌ:
      زَعَمَ الوَاقِدِيُّ:"أَنَّ وَدا كَانَ عَلَى صُورَةِ رَجُلٍ، وسُوَاعَ عَلى صوْرَةِ امْرَأَةٍ،ويَغُوثَ عَلَى صُورَةِ أَسَدٍ، ويَعُوقَ عَلَى صُورَةِ فَرسٍ، ونَسْراً عَلَى صُورَةِ نِسرِ من الطَّيرِ!
      ولَيسَ بشيءٍ! فَقَدْ صَحَّ أنهَّم عَلَى صُورَةِ أُناسٍ صَالحينَ، ودَعْوَاهُ هَذِه عَرِيَّةٌ عن الدَّليِلِ، واللهُ أَعْلَمُ.
      قالَ الحاَفظُ ابنُ حَجر-َرحِمه اللهُ تَعَالَى - في « الفَتحِ »(669/8) :«وهَذا شَاذٌّ، والمشهُوُر أَّنهم كَانُوا عَلَى صُورَةِ البَشَرِ، وهُومُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِن الآثَار» انتهى.
      وقالَ العَلَّامَةُ الألوسِيُّ– رحِمهُ اللهُ تَعَالَى-(1270 ) فِي « رُوحِ المعَانِي » (133/16):«وهُو مُنَافٍ لمَا تَقَدَّمَ أنهَّم كَانُوا عَلَى صُورَ أُنَاسٍ صَالحينَ، وهُو الأَصَحُّ»انتهى.

      التعديل الأخير تم بواسطة حسن بن بوشعيب زوبيري; الساعة 01-10-2012, 10:09 AM.

      تعليق


      • #4
        الفائدة الرابعة:

        الفائدة الرابعة:
        صُعُوَبةُ زََوالِ الشِّرْكِ إذا فَشَا فِي الناَّس!.

        قالَ العَلَّامَةُ الكَبِيرُ مُحَمَّدُ بنُ إبِْرَاهِيْمَ آلُ الشَّيخِ – رَحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-(ت
        ١٣٩٨):

        «فَانْظُرْ إلى آثَارِ الشِّرْكِ، وعُرُوقِهِ إذَا عَلقَِتْمَتَى تَزُولُ وتَنْمَحِي؟!
        فَإنَّ هَذِه الأصَنَامُ بَقِيَتْ مِن يَومِ عُبِدَتْ مِن دُونِ اللهِ، حتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آله وَسَّلَم-، وكَسَّرَهَا، فَالشِّركُ إذَا وَقَعَ عَظيِمٌ رَفْعُهُ، وشَدِيدٌ!، فَإنَّ نُوحًا مَع كَمَالِ بَيَانهِِ، وُنصْحِهِ، ودَعْوَتِهِ إيَّاهُمْ لَيْلًا وَنهاًَرا، سرا وجِهَارًا أَخَذَ الفَ سَنَةٍ إلَّا خمَسِينَ عَامًا،َ ماَ أَجابَهُ إلَّا القَليِلُ، ومَع ذَلكَ أَغْرَقَ اللهُ أَهْلَ الأرَْضِ كُلَّهُمْ مِن أَجْلهِِ، ومَع ذَلكَ تلِْكَ الأصَْنَامُ الخَمْسَةُ مَا زَالَتْ حتَّى بُعِثَ مُحَمَّدٌ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آله وَسَّلَم-، وكَسَّرَهَا!!
        فيُِفِيدُكَ عِظَمَ الشِّركِ إذَا خَالَطَ القُلُوبَ،صَعْبٌ زَوَالُهُ!!
        كَيفَ أنَّ أَصْنَامًا عُبدِتْ عَلَى وَقْتِ أَوَّلِ الُّرسُلِ، وما كَسَّرَهَا إلَّا آخُِرُهْم!!»

        انتهى مِن «التَّقرِيْرَاتِ عََلى كَْشفِ الشُّبُهَاتِ»(ص٢٥-٢٦).

        تعليق


        • #5
          الفائدة الخامسة:

          الفائدة الخامسة:
          الحَفْرِيَّاتُ،والآَثارُ مِْنَ أْعظَمِ سُبُلِ الشِّرْكِ!.

          وفيِها بيانُ خَطرِ إخراجِ الأصنامِ، والأوثانِ بدَعْوَى أنهَّا آثَارٌ! يَجِبُ أنْ تُعََّظمَ
          .« وما هََكذا تُعََّظمُ الآثَارُ!؟ »

          ومَِّما يُؤسَفُ لَهُ أنَّ بعضَ النَّاسِ قَامَ في عَصرِنَا دَاعِيًا إلى تَعْظِيْمِ الآثَارِ
          الإِسلاميَّةِ!! ،والعِنَايةِ بهَا خَشيةَ أنْ تَنْدَثِرَ! ، ويجَهْلَهَا النَّاسِ! !-كذَاَ قاَلَ! ، وهوُ
          مُصْطَفَى أَمِين في مَقَا لٍ له نَشَرَهُ فيَ صحيفَةِ « النَّدوَةِ » في العددِ الصَّادرِ في ٢٤-٦-١٣٨٠ ، بعنوان « آثَارُ الَِمدينَِة الُمنَوَّرَةِ » ودَعَا فِيهِ إلى الاهْتمَِِامَ بهَا تَخْلِيداً لِهَذِهِ الذِّكْرَى،كالَآثارِ الَّتيُ نشَاهِدُهَا فَي بارِيَس، ولَنْدََن. .!!إلى آخِرِ هُرَائهِ،
          وقَدْ رَدَّ عَليِه إَماُم العَْصرَِ سَماحُة الَّشيِْخ عبدُالعَِزيِز بنُ بَازٍ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-،وَجَزاهُ خَيْراً برَدٍّ نَفِيسٍ سََّماهُ « وما هَكَذا تُعَظَّمُ الآثَارُ !؟» اقْرَأهُ- مَشْكُوراً- في« الجَامِعِ الفَرِي» (ص ، ٤٧١-٤٨٢)
          وَبعْدَ سِنِينٍ انْبَرَى لَِهذِهِ الدَّعْوَى الَمدْعُو صَالحُِ محُمَّد جَمَال -َ غفَرَ الَلهُ لهُ- في مقَاَلٍ له نَشَرَهُ في صَحيفَةِ« النَّدوَةِ » - أيضاً - في العدد الصَّادرِ في٢٤- ٥ - ١٣٨٧ ، و رَد عَّلَيهِ إمَامُ العَصْرِ سَمَاحةُ الشَّيْخِ عبدُالعَزِيزِ بنُ بَازٍ- أَيْضاً- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ،وجَزَاهُ خَيْراً- برَدٍّ نَفِيسٍ اقْرَأهُ في « مَجْمُوعِ فَتَاويهِ» (١- ٤٠١- ٤١٠) في « الجَامِعِ الفَرِي» (ص ٤٨٢- ٤٩١).
          وهذا المسَْلَكُ مِن أعظَمِ أسبابِ الشِّرك -عياذًا بالله-؛ فَالوَاجُِبَ على العُلَمَاءِ مُحَاَرَبُتهُ!!.

          تعليق


          • #6
            الفائدة السادسة:

            الفائدة السادسة:
            فِي هَذه الآيَةُ التَّصِْريحُ بِبُطْلانِ عَِقيدَِة قَومِ نُوحٍ،وأَنَّهُمْ مُشِْركُونَ،
            مُبْطلُِونَ، مُبَاهِتُونَ، هَالكُِونَ!!.

            وفِي هَذا الرَّدُّ عَلَى الفِرْقَةِ الَملْعُونَةِ الملُِْحدَِة الكَافرَِِة الُوجُودِيَِّة الاتَِّحادِيَِّة فِي زَعْمِهِمْ البَاطلِِ أنَّ اللهَ اتَّحَدَ بالأَشْيَاءِ، وأنَّ عَْيَن وُجُودِ الَخلِْقُ هو عَْيُن وُجُودِ
            الحَقِّ!!، وَأنِّ وُجُوَد ذَاتِ اللهِ الخَالقِِ للسََّماوَاتِ والأَرْضِ هِيَ نَفْسُُ وجُودِ
            اُلمخُْلوَقاتِ!، فَلا يَُتصَوَّرُ - عِنْدَهُمْ- أنَّ اللهَ خَلَقََ غَيره، ولا أنَّهَ رُّبالعَالميِن،
            ولاأنَّه غَنيٌِّ ومَاسَِواُه فَقيرٌ!.

            قالَ شَيخُ الإسلامِ- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:« تََفرَُّقوا عََلى ثَلاثُِطرُقٍ، وأكثُر مَن يَنظرُ فِي كَلامِهِمْ ،لايَفَْهمَُ حقِيقةَ أَمرِهِمْ؛ لأنَّه أَمْرٌ مُبهمٌ!».
            ولِهَذا مَنْ عََبدَ الأصَنَامَ عندَهُمْ عَابدٌِ للهِ، لا غَيرُ!،َ سَواءًَ عبَدَصُورَةَ صَنَمٍ، أَوشَجَرٍ،أو شَمسٍ!!.
            وأَّن المشَُرك إذا تَرَكَ عَِبادَةَ أصنَامِهِ فقَدْ تَرَكَ مِن الَحقِّ بقَدْرَِ ماتَرَكَ !!؛ولهِذا
            ذَمُّوا نُوحاً-َعَليهِ الَّسلاُم-!،ودافَعُوا عنُ مشْركيِ قومِِه!!،

            وَهذاَ قوُل صَاحِبِ الفُصُوصِ-لَعَنَُه اللهُ-وهُو: مُحَمَّدُ بنُ عَِليِّ بنَِ عرَبِي المُلَقَّبُزُورًا بـــــ« مُحْيِ الدِّينِ »(الهالكِ سَنَةَ ٦٣٨ )قالَِ في كتَِابِهِ الرَّدِيءِ « فُُصوُص الِحكَمِ » (ص٧٠-٧١):«عَن قَومِهِ أنَّهمْ تَصَامَموُاَ عن دَعوتِهِ لِمَا فيِهَا مِن الُفرَقانِ، والأَمُْر قُرْآنٌ،لا فُرَقانٌ، ومَنْ أُقِيمَ فِي القُرْآنِ لا يُصْغِي إلَى الفُرَْقانِ، وإنْ كانَ فيِِه«!!وقالَ: ﴿وََمكَُرواَ مكًْرا كُبَّارًا﴾ لأَّن الدَّعوَة إلَى اللهِ تَعَالَى مَكْرٌ بالمَدْعُوِّ؛ لأنََّ ماَ عِدَمِ من البدَِايَةِ، فَيُدْعَى إلَى الغَايَةِ! ﴿ ادْعُو إلَى اللهِ﴾ فَهَذا عَيُن المكَْرِ!!».
            وَقاَل:«فــــــ﴿قَاُلوْا﴾ أَيْ: فَِي مكْرِهِمْ ﴿ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَوَيَُعوقََ ونَسْراً﴾فإَّنُهمْ إذا تَرَكُوا جَهِلُوا مِن الحقَِّ عَلَىَ قدْرِ مَاتََركُوا مِن هَؤُلاءِ!!فإنَّ للحَقِّ فِي كُلِّ مَعْبُودٍَ وجًْها يَعْرِفُُه مَْن يَعْرِفُُه، ويَْجَهلُُه مَْن يَْجَهلَُه .... فمَا عَبَدَ غَيرَ اللهِ فِي كُلِّ مَعْبُودٍ!!،فالأدَْنَى مَن تََخيِّلَ فيهِ الألُوهيَّةَ، فلَولا هَذا التَّخْييِْلُ مَا عُبِدَ الحجََرُ ولاغَيرُهُ..إلخ!!».

            قالَ الإَماُم العَلَّامَةُ سَيْفُ الدِّينَِ عبْدُالَّلطِيفِبنُ عبدِاللهِ السعودي الحنََفِيُّ -رَحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-ِ في كتَِابِه «بيَانُُ حْكِمَ ما فِي الفُصُوصِِ منْ الْاعتقَِادَاتِ الَباطَِلِة المرَُْدوَدةِ» ، وافْتَتَحَهُ وَصدَّرَهُ بِقَصِيدَتَيِنِ منْ نَظْمِهِ، وَثالثَِةٌ فِي أَثْنَائهِ، قَاَل فِي الأوُلَى:
            تَفْنَى المحََابرُِدُونَشَْرحِ كَلاِمِهِ *** في وَصْفُِجرْأَتِِه وفِي إقِْدَامِِه!
            إلَِى أْن قالَ:
            مَْنَ قالَِ فيَ أْعَداءُِ نوحٍ إِنَّهُْم *** كَانُوا عَلَى حٍَّق! وُجُوَب لزَِاِمِه!
            ولَوْ اسْتَجَاُبوا تَارِكِيْ أَصْنَامِهِمْ *** جَهِلُوا حَقَائَق فيِِْهَ حَّق ثُمَامِه!!

            إلَِى آخِرِ قَصِيدَتهِِ، وهِي ( ٢٩ ) بَيْتًا.
            وقالَ الإَمامُ العَلَّامَةُ الفَاضِلُ شَرَفُ الدِّينِ أبو مُحَمَّدٍ إْسمَاعِيْلُ
            ابنُ أبَِي بكْرٍ بنِ عبدِاللهِ بنِ المُقْرِيُّ الشَّافعِيُّ الَيَمنيُِّ (ت ٨٣٧ ) -َ رحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-
            وهُوَ حامِلَُ رايَةِ الِجهَادِ فِي المُتَأَخِِّرينََ علََى هؤُلاءِ الملَاعِينِ!، قَامَ فِي كَشْفِ أحوَالِهِمْ وتَقْبيِحِ فعَِاِلهِْم أَتََّم القِيَامِ،َ نظًْما سَِلًساَ رائقًا، ونَثْرًا عَذْبًا فَائًقا، زَيَّفَِ منْ أََباطِيلِهِمْ مَالَمْ يُبَيِّنْهُ غَيرُهُ، قَاَلِ فيَ منْظُومَتِهِ الرَّائيَّةِ الَمشْهُورَِة التيِ سََّماهَا«الحجَُّةَ الدَّامِغَةَ لِرِجَالِ الفُصُوصِ الزَّائغَةِ »
            قالَ:

            فَقَْدَ حَدثَتْ فِي الُمْسِلِمْينَ حََوادِثٌ *** كِبَارُ المعََاصِي عِنْدَهَا كالصَّغَائر!ِ!
            إلَِىَ أْن قالَ :
            وَأَثْنَى عَلَى مَنْ لَم يُْجبِْ نُوحَ إذَِْ دعَا *** إلَِى تَرْكِ وَدٍّأَْوسُوَاعٍَ ونَاسِرِ
            وََسَّمى جَهُولًا مَنْ يُطَاوِعُ أَمَْرهُ *** عَلَىَ ترْكهَِاَ قوَل الَكفُوِر الُمجَاهرِِ
            وََلَْم ير بالطُّوَفانِ إغَِْراقَ قَْوِمِه *** وََرَّد عَلَى مَنَْ قالَ رَدَّ المنَُاكِرِ
            وقَاَل: بَلَى قَدْ أُغْرِقُوا فِي مَعَارِفٍ! *** مِنْ العِلْمِ والبَارِْيَ لهمَُْ خيَُْر ناصِرِ!

            إلَى آخرهَا، وهِيَ ( ٢٤٣ ) بَيْتًا، ولَهُ غَيرُهَا .
            وانْظُرْ:« مَجْمُوعَ الفَتَاوَى » (٢/ ٢٥٠ -٢٥١). وَلهُ مَُصنَّفٌ ضَخْمٌ سََّماهُ بـــــ« السَّبْعْينَِّيةِ » ، أو «بُغَْيُة اُلمرْتَادِ فِي الرَّدِّ عََلى المتَُفَلِْسَفِة والقَرَامَِطةِ والبَاطِنِيَِّة أَهْلِ الالحَادِ مِنْ القَائلينَ بالحلُُولِ والاتِّحَادِ» وانْظُرْ:«العِقْدَ الثَّمِيَِن في تَارِيخِ البَلَدِ الأَمِينِ» للحَُسْينيِِّ الفَاسِيِّ (٢/ ١٦١- ١٩٩) فِي بَحٍْثَ حافلٍِ، و«العَلَمَ الشَّامِخَ» للمَقْبَلِيِّ (ص/ ٥٣٢- ٦٠٢) في بحٍثَ نافعٍِ، و«شَرْحَ النُّونيَِِّة» لابنِ عِيْسَى(١/ ١٣٧- ١٨٥) فِي بَحْثٍُ مِفيٍد، و«الصََّوارِمَ اِلحدَادِ القَاطعَِِة لعَلائقِ أربَاِب الاَِّتحادِ» للإَمام الَّشوَكانيِّ، و«البَدْرَ الطَّالعَِ» (٢/ ٣٢ -٣٩) وفيه زَلَّةٌ؛ فَاحْذَرْهَا، و«الُفرَْقانَ اُلمبيَِن بيَِن مَذهبِ السَّلَفِ وابنِ سَبْعِينَ» للعَلَّامَةِ الكَبِيرِ حَمَدِ بنِ عَتيِقٍ، وغَيْرَهَا.

            التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد سعيد السعدي; الساعة 30-09-2012, 10:45 AM.

            تعليق


            • #7
              الفائدة السابعة:

              الفائدة السابعة:
              إضْلالُ الكُبَراءِ،َ أرَبابُ المَصَالِحِ لمتِْبُوعِيهِمْ،ومَكْرِهِمْ بِهِمْ!.

              قالَ تَعَالَى: ﴿وََمكَُرواَ مكًْرا كُبَّارًا ﴾ أَيْ: باتِّبَاعِهِمْ فِي تَسْويلِهِمْ لهَمُْ أنهَّم عَلَى الحقِّ، والهدَُى كمَا يَقُولونَ لهَمُْ يَومَ القِيَامَةِ ﴿ بَلَْ مكُْر اللَّيْلِ وَالنََّهاِر إذِْ تَْأمُرُونَنَا أَنْ نَكُْفَر باِللهَِّ وَنَجْعََل لَهُ أَنَْدادًا ﴾؛ ولهِذا قالَ هُنَا﴿ وََمكَُرواَ مكًْراكُبَّارًا ﴾ قالَ مُجَاهِدٌ:﴿ كُبَّارًا ﴾ أَيْ: عَظيًِما، وقَاَل ابنُ زَْيدٍ: ﴿ كُبَّارًا ﴾ أَيْ: كَبيِراً، والَعَربُ تَُقوُل: أَمْرٌ عَجِيبٌ، وعُجَّابٌ، وعَُجابٌ، ورَجُلٌُ حسَّانٌ، وحُسَانٌ، وجُمَّالٌ، وجُمَالٌ -بالتَّخِْفيْفِ والتَّْشدِيِد-بمَِْعنًىَ واحِدٍ".
              [راجع : « تفسيرَ الطَّبَريِّ » (٢٣/ ٦٣٨- ٦٣٩) ، و« صَحِيحَ البخاريِّ » عند الآيةِ، وابنِ كَثيِرٍ (٤/ ٣٧٢)].
              قالَ الإمَامُ ابنُ الجوَزِيِّ (ت ٥٩٧ ) -َ رحَِمهُ اللهُ تَعَالَى- في« زَادِ المَسِيِر فِِي عْلمِ التَّفْسير» (٨/ ١٢٦):
              «ومَعْنَى « المكَْرِ » الَّسْعُيِ في الَفسَادِ، وذَلكَ أنَّ الرُّؤََساءَ مَنَعُوا أَتْبَاعَُهمْ مِن الإيْمَانِ بنُوحٍ ﴿ وََقاُلوا لا تَذَرُنَّ آَلَِهتَكُمْ ﴾ أَيْ: لا تَدَعُنَّ عَِبادَتَهُم».انتهى المراد.
              والآياتُ فِي مَعْنَى هَذِه الفَائدَةِ كَثيَِرةٌ مَعْلُومَةٌ.

              تعليق


              • #8
                الفائدة الثامنة:

                الفائدة الثامنة:
                التَّوَاصِيْ بالبَاطلِِ، والإعْرَاضُ عَن الحَقِّ ، وسَمَاعِهِ، مِنِ صفَاتِ المُشْرِكينَ، والمُبْطِلِينَ.

                قالَ تَعَالَى: ﴿ وََمكَُرواَ مكًْرا كُبَّارًا ( ٢٢ ) وََقاُلوا لا تَذَرُنَّ آَلَِهتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَ دا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَُعوقََ ونَسْرًا .
                قالَ الإمَامُ أبو مُحَمَّدٍ عبدُ الحقَِّ بنُ غَالبِِ بِن عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ(ت ٥٤٦ ) -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-فِي« المحَُرَّرِ الوَجِيزِ فِي تَفْسيِر الكتَِابِ العَزِيِز » (١٢٦/١٦):
                «وَقوُلهُ: ﴿ وََقاُلوا لا تَذَرُنَّ آَلَِهتَكُمْ ﴾ إخبارًا عَن تَوَصِّْيهِمْ بَأصْنَامِهِمْ عَلَى
                العُمُومِ، وما كانَِ منْهَا مَشْهُورَ الَمكَانَةِ، وما كانَ مِنْهَا يَخْتَصُّ بوَاحٍِد وَاحٍِد مِن النَّاسِ، ثُمََّ أَخذُواَ ينُصُّونَ عَلَى الَمشْهُورِ مِن الأصَْنَامِ، وهَذه الأصَْنَامُ رُوِيَ أنَّها أَسَْماءُ رِجَالٍَ صالحِِينَ كَانُوا فِي صَدْر الدُّنْيَا...إلخ»
                انتهى المراد.
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد سعيد السعدي; الساعة 30-09-2012, 04:28 PM.

                تعليق


                • #9
                  الفائدة التاسعة:

                  الفائدة التاسعة:
                  اغْتِرَارُ أَكْثَرِ الناَّس بَأصْحَابِ الَأموَالِ، والجَاهِ، والأَوْلَادِ ، والسُّلْطَةِ، واتِّبَاعِهِمْ لهَُْم، وإْن كَانُواَ أْهَلَ باطلٍِ،وفَسَادٍ، مَع إعِرَاضِهِمْ عَن أَهْلِ العِلْمِ، والتُّقَى، والزُّهْدِ ، والفَقْرِ،والصَّلاحِ!!.

                  قال تَعَالَى: ﴿ قَالَ نُوٌحَ ربِّ إنَِّهمَُْ عصَْونِيَ واتََّبعُوا مَنَْ لم يَْزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إلِاَّ
                  خََساًرا ﴾.

                  قاَل العِمَادُ ابنُ كَثِيرٍ –َ رحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                  «يَقُولُ تَعَاَلى مُخبًِْرا عَنُ نوحٍ -عَلَيهِ السَّلامُ-أنَّه أَنْهَى إليهِ، وهُو العَليمُ الذي لا يَعْزُبُ عنهُ شَيءٌ أنَّه مَع البَيَانِ المتَُقَدِّمِ ذِكْرُهُ، والدَّعوةِ المتنوِّعَةِ، المُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّرغِيبِ تَارَةً، والتَّرهيبِ أُخرى، أنهَّم عَصَوهُ، وخَالَفُوهُ، وكَذَّبُوهُ، واتَّبَعُوا أبنَاءَ الدُّنيا ممنَّ غَفَلَ عن أمرِ اللهِ، ومُتِّعَ بمَِالٍ، وأَولادٍ، وهِي فِي نَفسِ الأمرِ استدرَاجٌ وإنْظَارٌ، لا إكْرَامٌ!!» انتهى المراد [(٤/ ٣٧٢)].

                  تعليق


                  • #10
                    الفائدة العاشرة:

                    الفائدة العاشرة:
                    مِن أَسْبَابِ ضَلالِ الناَّسِ: المَالُ، والجَاهُ ، والسُّلْطَانُ،وحُبُّ الدُّنْيَا.

                    قال تَعَالَى: ﴿وَاتََّبعُوا مَنَْ لم يَْزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُُه إِلاَّخَسَاًرا .
                    قالَ شَيْخُ المفَُسِِّرينَ أبوَ جعْفَرٍ ابنُ جَرِيٍر الطَّبَِريِّ-َ رحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-: يَقُوُل: ﴿وَاتََّبعُوا ﴾ِ في مَْعصَِيتهِِْم إَّيايَ مَنْ دَعَاهُمْ إلَى ذَلكَ ممِنَّْ كَثُرَ ﴿َ مالُُه وَوَلَدُهُ ﴾ فلَمْ تَزِدْهُ كَثْرَةُ مَالِهِ ووَلَدِهِ ﴿ إلَِّاخََساًرا ﴾ بُعْدًا مِن اللهِ، وذَهَابًاَ عنَ محَجَّةِ الطَّرِيَْقةِ"[(٢٣- ٦٣٨)].

                    تعليق


                    • #11
                      الفائدة الحادية عشر:

                      الفائدة الحادية عشر:
                      القُبُورُ، والأَصْنَامُ، والأَوثَانُ، والصَُّورُ، أَضَلَّتْ كَثيًرا مِن الناَّسِ عَنْ تَوحِيدِ اللهِ
                      تَعَالَى،فََصارُواُ مشْرِكيَِْن!.

                      وهذا عَامٌّ فِي كُلِّ زَمَانٍ، ولَيسَ خَاصاً بزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، عَامٌّ فِي كُلِّ مَن جَرَى مَجْرَاهُمْ.
                      قال تَعَالَى: ﴿َ وقَدْ أَضَُّلواكَثيِرًا ﴾ .

                      قالَ شَيْخُ الُمفَسِِّرينَ أبوَ جعْفَرٍ ابنُ جَرِيٍر الطَّبَِريِّ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:« يَُقوُل تَعَالَى مُخبًِْراَ عن قِيْلَ نُوحٍ: وقَْد ضََّل بعَِبادَِةَ هِذه الأَصْنَامِ الَّتيُِ أحْدِثَتْ عَلَى صَُورِ هَؤُلاءِ النَّفَِر الُمسَمَّيَْنِ فيَ هذا الموَْضِعِِ كَثيٌر مِن النَّاسِ، فَنُسِبَ إلَى الضَّلالِ؛ إذْ ضَلَّ بهَِا عَابدُِوهَا إلَى أنهَّاَ المضُِلَّةُ» انتهى.
                      قال العَِمُاد ابُن كَثيِرٍ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                      «وَقوُلُهَ تَعالَى: ﴿َ وقَدْ أَضَُّلوا كَثِيرًا ﴾َ فإنَِّهُ اسْتََمرَّْت عِبَادَُتَهاِ في القُرُونِ إلَى زَمَاننَِا هَذا فِي العَرَبِ، والعَجَمِ، وسَائرِ صُنُوفَِ بنيِ آدَمَ، وقَدْ قالَ الخلَِيلُ-عَلَيهِ الَّسلاُم-فِي دُعَائهِ ﴿ وَاجْنبُْنيَِ وبَنيَِّ أَنَْ نعْبُدَ الَْأصنَامَ( ٣٥ ) رَبِّ إنَِّهنَُّ أَضْلَلْنَ كَثيِرًا مِنَ الناَّس﴾ يعني: الأصنامَ، التي اتَّخذُوهَا أَضَلُّوا بِهَا خَلْقًا كَثيرًا» [(٤ /٣٧٣)].
                      قُلتُ: وِقْيلَ المرَُادُ: الكُبَراء.
                      قالَ الإمَامُ ابنُ عَطيَّةَ–َ رحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                      «والمَعنَى: وقَدْ أَضَلَّ هَؤُلاءِ القَائلونَ كَثيِرًا مِن النَّاسِ الاتْبَاعَ ،والعَوَامَ، ثُمَّ »
                      دََعا عََليهم إلى الله تَعَالَى بأنْ لا يَزِيدَهُمْ إلَّاضَلالا،ً وذَكَرَ الظَّالمينَ لتَعُمَّ الدَّعوةُ كُلَّ مَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ» انتهى « المحرَّرَ الوَجِيزَ » (١٢٧/١٦).

                      وقالَ الإمَامُ ابنُ الجوزيِّ -َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                      «قوله تَعَالَى: ﴿ وَقَدْ أَضَلُّواكَثِيرًا ﴾ فيِه قَولانِ: أَحَدُهمَُا: وقَدْ أَضلَّتْ »
                      الأصنَامُ كَثيرًا مِن النَّاسِ، أَيْ: ضَلُّوا بسََِببهَِا.
                      والثَّاني: وقَد أْضََلَّ الكُبَرَاءُ كَثِيرًامِن النَّاسِ».انتهى مِن « زَادِ المَسِيرِ » (١٢٧/٨).

                      [وانْظُرْ:« فَتحَ القَدِيرِ »(٢٩٨/٥)].
                      قالَ الإمَامُ القُرْطُبيُِّ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                      ﴿َ وقَدْ أَضَُّلوا كَثيِرًا ﴾َ هذا مِن قَولِ نُوحٍ، أيْ: أَضَلَّ كُبَراؤُهُمْ كَثِيرًا مِن
                      أَتْبَاعِهِمْ، فهُو عَطْفٌَ علَى قَولهِِ ﴿ومَكَُرواَ مْكًراُ كَّبارًا﴾.
                      وقِيْلَ: إنَّ الأصنامَ ﴿ أَضَلُّوا كَثيِرًا ﴾ أَيْ: ضَلَّ بسَبَبِهَا كَثيرٌ نَظيِرُهُ قَولُ إبِْرَاهِْيمَ:﴿رَِّب إنَّهنَُّ أَضْلَلْنََ كثيًِْراِ منْ الناَّسِ﴾ فَأَجْرَى عَليهم وَصْفَ ما يَعْقْلُ لاعتقادِ الكُفَّارِ فيِهم ذَلكَ. انتهى (١٨/ ٣١٠).

                      وقالَ العلَّامَةُ الألوسيُّ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-فِي « رُوحِ المعََانِي » (١٣٤/١٦):
                      «﴿وقَدْ أَضَلُّوا﴾ أيْ :الرؤساء ﴿كَثيِْرًا﴾ خلقًا كثيرًا أيْ: قبل هؤلاء اُلمْوصَين
                      بأنْ يتمسَّكوا بعبادة الأصنام، فهم ليسوا بأوَّل مَن أضلُّوهم، ويُشعِرُ بذلك المضُِيُّ، والاقترانُ ب(قد)، حيثأشعر ذلك بأنَّ الإضلالَ استمرَّ منهم إلى زمن الإخبار بإضلال الطائفة الأخيرة، وجُوِّزُ أنْ يُراَد بالكثير هؤلاء الُموْصَيَْن، وكأنَّ الظاهر وقَدْ أضلَّ الرؤساء إيَّاهم، أيْ: الُمْوصَيَْن الُمخَْاطَبيَِْن بقوله ﴿ولا تَذَرُنَّ آلَِهتَكُمْ﴾
                      فوضع ﴿كَثيِرًا﴾موضع ﴿ذَلكَِ﴾ عَلَى سبيل التَّجْرِيدِ.وقال الحسنُ: ﴿وقَدْ أَضَلُّوا﴾ أَيْ: الأصنام، فهو كقوله تَعَالَى ﴿رَبِّ إَّنهَُّن أَضْلَلْنََ كثيًِراِ منْ النَّاسِ﴾وضميرُ العُقَلاء لتنْزِيلها منْزلتهم عندهم، وعَلَى زعمهم، ويحسِّنه عَلَى ما فِي البحر عَودُ الضمير عَلَى أقر بمذكور، ولا يخفى أنَّ
                      عَودَه عَلَى الرؤساء أظهر؛ إذ هم المحُدَّثُ عنهم، والمعنى فِيهم أمكن ، والجملةُ قِيْلَ: حالية، وقِيْلَ: معطوفة عَلَى ما قبلها » انتهى.

                      قلت:
                      لاخِلافَ بين القولين عند التَّأمُّل؛ فإنَّ الكبراَء إنَّمَا يضلُّون كثيرًا من النَّاس
                      بالأصنام، قال تَعَالَى: ﴿وَقاُلوا لا تَذَرُنَّ آلَِهتَكُمْ ولا تَذَرُنَّ وَدا ولا سَُواعًا ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرًا﴾.
                      والأصناُم إنَّمَاُ تضُِّل بوجود مَن يدعو إليها، ويحضُّ النَّاس عَلَى عبادَتهِِم، وهم الكبراء، فالمعنيانِ متداخلان متلازمان.
                      غير أنَّ الأوََّل أبلغُ من الثَّانِي، وقَدْ اسُتعملَ فِي القُرآنِ فِي غيرِ مَوضعٍ كقوله
                      تَعَالَى عن قِيْلَ إبِْرَاهِْيم ﴿رَبِّ إنَّهنَُّ أَضْلَلْنََ كثيًِراِ منْ النَّاسِ﴾، وقوله تَعَالَى: ﴿وَِمَن النَّاسَِ منَْ يْعبُدُ اللهَََّ علَىَ حرْفٍ فَإنِْ أَصَاَبهُ خَيٌْر اطَْمأَنَّ بِهِ وَإنِْ أَصَابَتُْه فتِْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىَ وجْهِِه خََِسر الدُّنْيَا وَالآخِرََةَ ذلكَِ هُوَ الُخسْرَانُ المُبِينُ( ١١ ) يَدْعُوِ منْ دُوِن اللهَِّ مَا لَا يضُُّرهُ وَمَا لَا ينْفَعُهُ ذَلكَُِ هوَ الضَّلالُ البَعِيدُ ( ١٢ ) يَدْعُو لمََنَْ ضُُّره أَقْرَُبِ مْنَ نفْعِهَِ لبئِْسَ الموََْلىَ وَلبئَِْس العَشِيرُ ﴾ [الحج /١١- ١٣].

                      وفِي هذا المعنى دليلٌ عَلَى أنَّ هؤلاء الأصنامَ المدَعُوُّنَ أناسٌ صَالحُِونَ يعقلونَ، فَهُمْ يَدعُونهَم لأجَلِ هَذا!!.
                      قالَ الإمامُ ابنُ عطيَّةَ -َ رحَِمهُ اللهُ تَعَالَى- فِي « المحرر الوجيز » (١٦/ ١٢٧ -١٢٨):
                      «وقال الحسن فِي كتَِابِ « النقاش »: أرادوا بقولِهِ ﴿وقَدْ أَضَلُّوْا﴾ الأصنامَ المذكورَ، وعَبَّر عنها بضمير مَن يعقلُ مِن حيثُ يُعَامِلهَا جمُهورُ أهلهَا مُعاملةَ مَن يَعقلُ، ويُسندُ إليهَا أَفعالَ العَقْلِ!» انتهى.
                      قال الإمام القرطبيُِّ -َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى-:
                      «فأجرى عليهم وصَف ما يَعقلُ لاعتقادِ الكُفَّارَ فِيهم ذَلكَ! » انتهى من « تفسيره » (٣١٠/١٨).
                      قُلتُ:
                      هذه الأصنامُ رَمْزٌ يُعَبَّرون به عن هؤلاء الصَّالحينَ، وهُمْ – والحَالُ ما
                      وَصَفْتُ- يُعاملونَ عَاقِلا سَامِعًا مُدرِكًا -بزَعْمِهِمْ-؛ فهُمْ فِي ظَاهِرِ الأمَْرِ يَدعُونَ رجلًا صالًحا؛ ولِهذا عَبَّرَ القرآنُ عنها بضميرِ العَاقِلِ إشَارَةً إلى هذا المعنى الجليلِ، وهذه فَائدَةٌ عَزيزةٌ، لا يُقَدِّرُ ثَمَنَهَا، ويُعَظِّمُ شَأْنهَا إلُاموحٌِّد كادَ قَلْبُهُ يتََصَّدُعَ دمًا مِن ظُهورِ الشِّركِ، والتَّنْدِيدِ، اللَّهُمْ جَنِّْبنَاُه، واختمِْ لَنَا بالتَّوحيدِ!.

                      قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَْيمَِّيةَ-َ رحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-مُقَِّررًا هَذَا المعنى -:«﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافرُِونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُُدونَ ﴾ جَاءَ في الخطَابِ فيهَا بـــــ« ما » ولم يجَيءْ بــــ«مَن» فقيلَ: ﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُُدونَ ﴾ لَمْ يَقُلْ: لا أعبدُ مَن تَعْبُدونَ؛ لأنَّ « مَن » لمن يَعلمُ، والأصنامُ لا تَعلمُ.
                      وهذا القَولُ ضَعيفٌ جِدّاً؛ فإنَّ مَعبُودَ المشركينَ يَدخُلُ فيهِ مَن يَعلَمُ كالملائكةِ، والأنبياءِ، والجِنِّ، والإنسِ، ومَن لم يَعلمْ، وعندَ الاجتماعِ تَغْلبُِ صِيغَةُ أُولي العِلْمِ كما في قَولهِِ: ﴿فَمِنْهُمَّ منَ يمْشِي عَلَىَ بطْنهِِ وَِمنْهُم مَّنَ يمْشِي عَلَى رِجْلَيَِْن ومِنْهُم مَّن يَمْشِيَ علََى أرْبَعٍ يَْخلُقُ اللهُ مَاَ يشَاءُ إنَِّ اللهَََّ عَلىُ كِّل شَْيٍءَقِديرٌ ﴾.
                      فَإذِا أَخَبرَ عنهُمْ بحَالِ مَن يَعلَمُ عَبَّرَ بعِبَادَتهِِ كما في قَولِهِ: ﴿ إنَِّ اَّلذِينَ تَْدعُونَ مِن دُونِ اللهِّ عِبَادٌ أَمَْثاُلكُْم فَادْعُوهُْم فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إنِ كُنتُمْ صَادِقِينَ* أَلهَُمْ أَرْجُلٌَ يمْشُونَ بَِها أَْم لهَُْم أَْيدٍَ يبْطشُِونَ بَِها ﴾ الآية، فعَبَّرَ عنهم بضَمِيرِ الجمعِ المذَكَّرِ، وهُو لأوُلي العِلْمِ.
                      وأمَّا ما لا يَعلمُ، فجَمْعُهُ مُؤَنَّثٌ كما تَقُولُ: الأمَْوالُ جَمَعْتُهَا، والحجَارةُ قَذَفْتُهَا». انتهى من « مجموع الفتاوى » (١٦/ ٥٩٦-٥٩٥ ).

                      [وفي كتابي «كَنْزُ الثِّقَاتِ الأثَباتِ بشَرْحِ كَشْفِ الشُّبُهَاتِ » تقريرٌ نفِيسٌِ لهذا الموضع].
                      التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد سعيد السعدي; الساعة 30-09-2012, 04:32 PM.

                      تعليق


                      • #12
                        الفائدة الثانية عشر:

                        الفائدة الثانية عشر:
                        المُشْرِكُونَ فِي عَِبادَتهِم للأَصْناَمِ لَمْ يَعْبُدُوَها لَّأنها حَجَرٌ يَضُُّر، ويَنفَْعُ،َ بلْ لأنَّها رَمْزٌ لأُنَاسٍ صَالحِِينَ –كَمَا هُوَ فِي آثَارِ السَّلَفِ، وقَوْلِ جَْمهَرَةُ المَُفِّسِرْينَ-.

                        قال تَعَالَى: ﴿ وَيَْعبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهَِّ مَا لَا يضُُّرهُمَْ ولَا ينَْفعُُهْم وََيُقوُلوَن هَؤُلاءِ
                        شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهَِّ قُلْ أَتُنَبُِّئونَ اللهََّ بِمَا لَا يعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتَِ ولا فِي الأرَْضُِ سبْحَانَُه وََتَعالَىَ عمَّا يُشْرِكُونَ
                        [يونس/١٨].
                        وقال تَعَالَى:
                        ﴿َوالَّذِينَ اتََّخذُوا مِنْ دُونهِِ أَوْليَِاءَ مَا نَعْبُدُُهمْ إلِا لَّيُِقَِّربُونَا إلَِى اللهَِّ زُلْفَى [ الزمر/٣].
                        وفِي الفَائدة المتقدمة كلام يقرِّر هذه الفائدة، والله الموفق.

                        تعليق


                        • #13
                          الفائدة الثالثة عشر:

                          الفائدة الثالثة عشر:
                          الفِتْنَةُ بالقُبُوْرَِ عظِيْمَةٌ جِداَ كمَا حَصََلِ فَي قوْمِ نُوْحٍ-عَلَيْهِ الصَّلُاة والَّسلاُم-؛ ولَهِذا المَعْنَى اشتَدَّ إِْنكَارُ النبَّيِِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وسَلََّم-لا سِيَّمَا – فِي آخِرِ أَيَّامِهِ- أنِْ تُتَّخَذَ مَسَاجِدَ، ومَزَارَات معَظََّمةٍ!!.

                          وَكفى بَِهذا واعظًا لَمنِْ كانَ لَهُ قلبٌ، أو ألقى السَّمعَ وهو شَهِيدٌ، فرَبَطََ بيْنَ
                          الأدَِلَِّة بحَِبلٍَ وثيِقٍِ من فَهِم المعَانِي، وإدرَاك العِلَل؛ لينجَُو إلََى برِّ السَّلاَمةِ والتَّوحيدِ.

                          قالَ الإمامُ الربانِيُّ ابُن قيِّمِ الجوزيَّةِ -َرحَِمهُ اللهُ تَعَالَى-فِي « إغَاثَةِ اللَّهفانِ » (١/ ٢١٢-٢١٠):
                          فقد رأيتَ أنَّ سببَ عبادة وَدٍّ، ويغوثَ، ويعوقَ، ونسرٍ، واللاتَّ؛ إنَّمَا كانت
                          من تعظيمِ قبورهم، ثُمَّ اتَّخذوا لها التماثيل، وعبدوها،كما أشار النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسلََّم -.

                          قال شيخنا: وهذا العلَّةُ التي لأجلها نهَىَ الشارع عن اتِّخَاذ المساجد عَلَى القبور هي التي أوقعت كثيرًا من الأمم إمَّا فِي الشِّرك الأكبر، أو فِي دونه من الشِّرك، فإنَّ النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتمَاثيلهم يزعمون أنهَّا طلاسم للكواكب، ونحو ذلك.
                          فإنَّ الشِّرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر؛ ولهِذا تجد أهلَ الشِّرك -كثيرًا- يتضرَّعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدونَهم بقلوبِهِم عبادة لا يفعلونَها فِي بيوت الله، ولا فِي وقت السحر، ومنهم من يسجد لهاَ، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه فِي المساجد؛ فلأجل هذه المفسدة حَسَمَ النَّبيُِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسَّلَم -مادَّتَها، حتى نَهى عن الصلاة فِي المقبرة مطلقًا، وإن لم يَقصِد المصلي بركة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بركة المساجد، كما نَهَى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبَِها؛ لَّأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة فِيها للشمس،
                          فنهى أمته عن الصلاة حينئذٍ، وإن لم يقصد المصلي ما قصده المشركون سدًا للذريعة.

                          قال: وأمَّا إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبِّركًا بالصلاة فِي تلك البقعة،
                          فهذا عين المحادَّة لله ولرسوله، والمخالفة لدينه،وابتداعُِ دين لم يأذن به الله تَعَالَى؛ فإنَّ المسلمين قد أجمعوا عَلَى ما علموه بالاضطرار من الله تَعَالَى، أنَّ الصلاة عند القبور منهيٌ عنها، وأنَّه لعن من اتَّخذها مساجد، فمن أعظم المحدثات، وأسباب الشرك: الصلاةُ عندها، واتِّخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، وقَدْ تواترت النصوص عن النَّبيِِّ عليه الصلاة والسلام، بالنهي عن ذلك، والتغليظ فيِه، فقد صرح عامَّة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها، متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة، وصرَّح أصحاب أحمد وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريم ذلك، وطائفة أطلقت الكراهة، والذي ينبغي أنْ تُحمل الكراهة عَلَى كراهة التحريم إحسانًا للظنِّ بالعلماء، وأنْ لا يظنَّ بِهِم أنْ يجوِّزوا فعل ما تواتر عن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسلََّم -لعن فاعله، والنهي عنه.
                          ففِي صحيح مسلم عن جندب بن عبدالله البجلي قال: سمعتُ رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسلََّم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول:«إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تَعَالَى قد اتَّخذني خليلاً كما اتخذ إِبْرَاِهْيم خليلا، ولو كنت متخذًا من أمتي خليًلا لاتََّخذُْت أبا بكر خليلًا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهَّاكم عن ذلك».
                          وعن عائشة، وعبدالله بن عَبَّاس قالا:«لما نزلت برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسلََّم -َطفِقَ يَطْرح خميصًة لهَ علَى وجهه ، فإذا اغتمَّ كشفها، فقال –وهو كذلك-: لعنة الله عَلَى اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»«يحذِّر ما صنعوا» متفق عليه.
                          وِفي الَّصِحْيحَيْن -أيضًا- عن أَبِي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْه - أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسلََّم- قال:«قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وفِي رواية مسلم«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

                          فقد نَهَى عن اتِّخاذ القبور مساجد فِي آخر حياته، ثُمَّ أنَّه لعن، وهو فِي السياق من فعل ذلك من أهل الكتاب؛ ليحذِّر أمته أن يفعلوا ذلك.
                          قالت عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْه -ُ قال قال رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسَّلَم- فِي مرضه الذي لم يقم منه:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنَّه خُشِيَ أن يتخذ مسجدًا» متفق عليه...إلخ الأدلة التي أوردها»
                          انتهى المراد.

                          تعليق


                          • #14
                            الفائدة الرابعة عشر:

                            الفائدة الرابعة عشر:
                            المشُِْركُونَ أَضَلُّ النَّاس عُقُولا،ً وأَرْدَؤُُهم فَهْمًا، وأَفْسَدُهُْم رَأْياً وطَرِيْقَةً، فَبَيْنمَِا
                            عَبَدُوا الصَّالحِِيَن، اعتَرَفُوا أنَّهم إنَّمَا صَارُوا صَالَحِِين بعِِبَادَتِهِم لرَِبِّهمِ وَحَْدُه لاشَرِيْكَ لَهُ.

                            واعترفوا أنهَّم لا يملكون من الأمر شيئًا لاضرًا ولا نفعًا، ولا رزقًا ولا حياة،
                            ولا موتًا ولا نشورًا، فلعمر الله لو كانوا أصحاب عقولٍ، وأفهامٍ؛ لقالوا: هؤلاء بشٌر مثلنُا، وصلوا إلى درجات عالية بطاعةِ ربَّهم، أَفَلَا نسلُكُ سبيلَهم لننالَ من منازلهِم؟! لكنهم خالفوا طريقتهم، وابتعدوا عن سرِّ صلاحهم، وأتوا بنقيضه!!.

                            ثَُّم لَمَّا أنكر عليهم، قالوا:«نحن ما نعبدهم!، ولكنهم وسائط تقربنا إلى الله تَعَالَى، وهم شفعاؤنا عند الله تَعَالَى –لا غير -!!»
                            وهذا -كما ترى- عُذْرٌ أقبحُ من ذَمٍّ!، وهلاَّ تعلَّق هؤلاء الصالحون بالصالحين قبلهم، وجعلوهم وسائط كما جعلتم أنتم هؤلاء وسائط!، وهكذا نتسلسل إلى آدم!!.

                            أم أنَّه لم يكن فِي النَّاس صالحون إلا هؤلاء؟!
                            ومن عجائب المشركين، وعظيم تناقضهم مع اعتقادهم للوسائط، أنهَّم إذا
                            ركبوا فِي الفلك دعوا الله مخلصينله الدين، معاهدين ربّهم أنَّه إنْ أنْجَاهم ممِاَّ هم فِيه تركوا الشِّرك؛ لعلمهم ببطلانهِِ قال تَعَالَى: ﴿ فَإذَِا رَكبُِوا فِي الفُلْكِ دَعَُوا اللهََّ مُْخلِصَِيَن لهُ الدِّينََ فلَمَّا نَجَّاُهمْ إلَِى البَِّر إذَِا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت/٦٥].
                            وقال تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُُم الضُّرُّ فِي الَبحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدُْعوَن إلَِّا إيَِّاهُ فَلََّما نَجَّاكُمْ إِلَى البَِّرَ أْعرَْضُتمْ وَكَانَ الِإنْسَانُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء/٦٧].

                            قال شَيْخُ الإِسلامِ مُحَمَّدُ بنُ عبدِالوَهَّابِ-َرحَُِمه اللهُ تَعَالَى:-القاعدة الرابعة:أنَّ مشركي زماننا أغلظُ شِرْكًا من الأوَّلين؛ لأنَّ الأولين يشركون فِي الرخاء، ويخلصون فِي الشدة، ومشركوا زماننا شركهمدائم فِي الرخاء والشِّدَّة!.
                            والدليل قوله تَعَالَى: ﴿ فَإذَِا رَكبُِوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهََّ مُْخلِصِيَن لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاُهمْ إلَِى البَِّر إذَِاهُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت/ ٦٥]انتهى.

                            [القواعد الأربع –ضمن مؤلفات الشيخ(١/ ٢٠٢)].

                            تعليق


                            • #15
                              الفائدة الخامسة عشر:

                              الفائدة الخامسة عشر:
                              هَؤُلاءِ المشُْرِكُوْنَ الذِيْنَ عَبَدُو الأَصْناَمَ، والصَّالِحِيَْن، إنَّمَا عَبَدُوُهمَْ بعْدَ انقِرَاضِ العِلْمِ بمَِوتِ العُلَمَاءِ؛ فانتشَِارِ الَجهْلِ، وهَذَانِ السَّبَبَانِ هَُما سَبَبَا انْتِشَارِ الشِّْركِ.

                              قال ابن عَبَّاس– رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-:«أسماءَ رجالٍ صالحينَ من قومِ نوحٍ، فلمَّا هلكوا أوحى الشيطانُ إلى قومهم، أنْ انصِبُوا إلى مجَالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا، وسمُّوهم بأسمائهم، فلم تعبد، حتى إذا هلك أؤلئك، وتنسَّخَ العلمُ عبدت» انتهى.
                              قال شيخ الإسلام مُحَمَّد عبد الوهاب-َرحَِمهُ اللهُ تَعَالَى- في «كتاب التوحيد» المسألَةُ التاسعةُ عشرَ:«التَّصريحُ بأنَّها لَم تُْعبد؛ حتىُ نسَِي العِلْمُ ففِيها بيان معرفة قدر وجوده، وفقده» [«كتاب التوحيد» الباب/١٨].
                              قال العَلَّامةُ الشيُخ صَالحُِ بُن فَوزَانِ الفَوزانُ –حفظه الله تَعَالَى-:«المسألةُ السادسةُ: - وهي عظيمةٌ جِدًا-: فِيه بَيَانُ فضيلِة الِعلْمِ والعُلماءِ فِي النَّاس، ومضرَّةُِ فَقْدِهم؛ لأنَّ الشَّيطانَ ما تََجرَّأَ عَلَى الدَّعْوَةِ إلَى الشِّرك مع وجودِ العلماء، فهذا دليلٌ عَلَى أنَّ وجودَ العلمِ، ووجودَ العلماءِ فيِه خيٌر كَثِيٌر للأمَّة، وأنَّ فَقْدَهُم فِيه شَرٌّ كثيرٌ» انتهى من «إعانة المستفِيد بشرح كتاب التوحيد» (٣٧١/١).

                              تعليق

                              يعمل...
                              X