فائدة في مذاكرة العلم ومباحثته
قال في ترجمة فتح الله بن محمود بن بدر الدين الحلبي من كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر - (ج 1 / ص 230) قال : ومن فوائده ما نقله عن عمه أبي الثنا محمد بن بدر الدين البيلوني انه قال له لا تباحث من هو أعلى منك رتبة لأنه ربما انجر الكلام إلى مسئلة معلومة عندك لم يطلع عليها الشيخ فتحمر وجهه ثم لا تكاد تفلح إن رأيت في نفسك شيئاً ولا من هو مثلك فإنه لا يسلم لك كما أنك لا تسلم له فيفسد عليك عقلك وتفسد عليه عقله والعاصر لا يناصر وعليك بن هو دونك فإنه يستفيد منك بغير انكار وتستفيد أنت بإفادته فقد روي عن ابن الحنفية رضي الله عنه من أحب أن يظهر الخطا في وجه مباحثه فقد أخطأ هو لرضاه بالخطا والله أعلم اهـ وهذه الكلام حسن جداً لا سيما فيمن هو فوقك وخاصة إذا كان شيخاً لك ومن جرب عرف والإسائة إلى المعلم سبب للحرمان وملازمة العالم خير من معارضته أما طلبة العلم في هذا الزمان فما أقل من يعرف فضل شيخه فيهم بل ترى الكثير أو من ينتقد ويوجه سهام النقد والعتب واللوم إلى شيخه إلا من رحم ربك وقليل ماهم وأذكر لك هنا ما ذكره الصفدي في الوافي بالوفيات (2/328) بعد ما ذكر أنه سأله ثمانية عشر مسألة أو سبعة عشر _ والشك منه _ وكيف أنه اعترض عليه فيما أجاب قال : ثم اجتمعت به بعد ذلك مرات عديدة وكان إذا رآني قال: أيش حس الإيرادات، أيش حس الأجوبة، أيش حس الشكوك؟ أنا أعلم أنك مثل القدر التي تغلي تقول بق بق بق، أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها، لازمني لازمني تنتفع. اهـ
ما أحسنها من وصية فمن رام الانتفاع فليجل شيخه ولا نقول فليقلده في كل شيء إنما يجله إجلالاً شرعياً ولو لازم الصفدي شيخ الإسلام لانتفع أكثر وأين الصفدي من الإمام ابن القيم وابن كثير والذهبي و ابن عبد الهادي وابن رجب وابن الوردي وغير ممن صار فرد زمانه من طلاب ذلك الإمام العلم ابن تيمية _ رحمه الله _
تعليق