من خطبة للشيخ عبد السلام ابن برجس رحمه الله بعنوان:" مفسدات القلوب"
و ليجعل المسلم الناس أقساما في الخلطة ، فإن من الناس من خلطته كالأكل و الشرب لا يستغني عنه حي بأي حال من الأحوال و هؤلاء هم أهل العلم و المذكرون بالله جل و علا الذين يحثونك على كل خير و ينهونك عن كل شر فهؤلاء لا غنى للمسلم عن مخالطتهم (جملة لم أفهمها) و اجتناء أطايب أثمار كلامهم كما يجتنى الشهد و العسل ، فهذا قسم من الناس.
و قسم آخر خلطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض و الألم فإذا زال المرض و الألم لم يحتج إلى هذا الدواء و هؤلاء أرباب الدنيا و أهل الصناعات الذين لا غنى للمسلم عنهم في حياته فهو يخالطهم لأجل مصالحه الدنيوية ، فإذا انقضت فعليه أن يقلع عن مخالطتهم لأن الإستزادة من مخالطتهم تجني فساد القلب.
و قسم ثالث من الناس من خلطتهم الموت المحقق بمثابة السم في الطعام و هؤلاء أصحاب السوء و أهل المذاهب المنحرفة الذين يبعدون المسلم عن ربه جل و علا و يدنونه من كل فعل قبيح خبيث.
فاجتنب عبد الله كثرة المخالطة من غير حاجة و خذ من المخالطة ما تحتاج إليه في دينك و دنياك و لا تزد فيها فتتراكم عليك الآثام و تجتمع عليك المصائب ، ماذا يجني الناس من كثرة الخلطة إلا الوقوع في الغيبة و النميمة و الكلام في ما لا يخصهم شرعا، فاحذروها عباد الله و كونوا منها على تقية فإن المقاتل إنما يصيبها الشيطان كثيرا بسبب التفريط في الخلطة:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا *** سوى الهذيان من قيل و قال
فأقــلل من لقاء الناس إلا *** لأخذ العلم أو إصلاح حـال
تعليق