• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

::تجييش الجيش لغزو غوايات البرعي صاحب مفرق حبيش:: لأبي عبد الله أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ::تجييش الجيش لغزو غوايات البرعي صاحب مفرق حبيش:: لأبي عبد الله أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري


    تجييش الجيش


    لغزو غوايات البرعي

    صاحب

    مفرق حبيش
    (
    1)




    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد:
    فإني قد اطلعت على كلام لأبي ذر عبد العزيز بن يحيى البرعي، صاحب مفرق حبيش، بمحافظة إب الخضراء ببلاد اليمن، أجاب به على أسئلة أحد السائلين، يدعى أحمد فرحان حجر، وذلك عبر الهاتف، وكانت أسئلته متعلقة بجهاد أهل السنة لأعداء الله الرافضة بشمال اليمن بديار صعدة وما حولها، فوجدته لم ينصر في جوابه سنة ولم يكسر فيه بدعة، وسلك فيه صاحبه مسلك التخذيل عن جهاد الرافضة الزنادقة المنافقين البغاة المعتدين القتلة لأهل السنة بغير وجه حق، ثم أردف جوابه ذلك بعدُ بكلام عزز به جوابه الأول وزاد عليه، فأوجب ذلك الرد عليه خشية الاغترار به وبانتساب قائله إلى السنة، وهاكم تفريغ نص أسئلة السائل، ونص أجوبة المقصود بالرد مع نص كلامه التابع لتلك الأجوبة، وقد جهد بعض إخواننا في تفريغ كلامه تفريغًا حرفيًا قدر الإمكان، وقد استعين بالشيخ عبد الرقيب الكوكباني الصنعاني في معرفة بعض الكلمات، فجزاه الله خيرًا، وقد قابلته على كلامه المسموع مع أحد إخواننا، وجهدنا قدر الإمكان في مطابقة المفرغ للمسموع، وهناك بعض المداخلات لم تتضح لنا، فوضعنا مكانها ثلاث نقاط، إشارة إلى كلام غير مسموع أو غير مفهوم، والله أسأل التوفيق والسداد.

    نص (الاتصال) الهاتفي، مع الرد عليه فقرة فقرة.
    ويمكنكم سماع المقطع الصوتي من هنا:

    http://jumbofiles.com/c8rp5g8vmvpy

    البرعي:
    نعم.
    حجر: السلام عليكم.
    البرعي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    حجر: كيف حالك يا شيخ عبد العزيز؟
    البرعي: حياكم الله.
    حجر: معاك أحمد فرحان حجر.
    البرعي: حياكم الله، من اين تتصل؟

    حجر: أنا اتصل الآن يا شيخ من .. يعني من إب .. أحمد فرحان حجر، عرفتني حجر؟
    البرعي: من اين؟
    حجر: أحمد حجر، أحمد حجر من إب.
    البرعي: حياك الله، منين تتصل؟
    حجر: من إب، من إب.
    البرعي: حياك الله.
    حجر: الله يحييك، عرفتني، ولا ماشي؟ أحمد حجر، صاحب الباص!.
    البرعي: أيوه عرفتك.
    حجر: حياك الله، أنا متوجه يا شيخ، تعرف ما معانا طريق إلا من وايلة يا شيخ، إلى وايلة.
    البرعي: كيف؟
    حجر: أقول لك: ما معانا طريق إلا من وايلة، من وايلة، عرفت وايلة؟
    البرعي: أعرفها.
    حجر: أيوه، ما معانا طريق يا شيخ إلا منها، حرف سفيان كله شيعة، طريق ..طريق الـ حرض برضه شيعة، مافيش معانا إلا منفذ واحد، يعني من من.. من وايلة، وأغلبية الشباب اليوم كنا مسافرين، وقالوا إنهم اتصلوا عليك يا شيخ، وقلت لهم: إنو ما تنصحون بالذهاب من وايلة من ...


    قلت:

    ليس في الذهاب إلى دماج عن طريق وائلة محذور شرعي، فقد أفتى أهل العلم بجهاد الروافض البغاة المعتدين، وأيدوا جبهة وائلة في جهادها للروافض، ولو لم تكن تلك الجبهة جبهة جهاد، ما أقرها أهل العلم ولا أيدوها.

    البرعي: وطريق وايلة ما فيش فيه شيعة؟
    حجر: ما فيه شيعة، نمشي على طريق مأرب؟
    البرعي: أنا داري، لكن عندما تصلون إلى وايلة، من بعد وايلة ما فيه شيعة؟
    حجر: خلاص نبدأ الحرب، من بعد وايلة نبدأ الحرب.


    قلت:

    صدق ابن حجر، ونحن نؤيدك على هذا الدرب، فليس دون فك الحصار عن دماج وتأمينها، وتأمين السبيل إليها إلا الحرب، وهذا قول كل عاقل، ولو بُذل في سبيل ذلك الـمُهَج والأرواح.

    البرعي: والله أنا ما منعت واحدًا.
    حجر: والله في بعض .. أنا الآن كنت مسافر يا شيخ، اليوم مسافر، وبعض الشباب اتصلوا علي، قالوا يعتذروا، ليش يا شباب؟ قالوا: اتصلنا لـ الشيخ عبد العزيز، وقال لنا: ما هي .. ما .. إنه ما هو جهاد في وايلة، إنه يعني من يريد يمشي .. يمشي إلى دماج رأسًا، ما في معانا إلا المنفذ هذا يا شيخ، الله يحفظك.


    قلت:

    بل منعت، وذلك بكلامك، وليس من شرط المنع أن تضع في طريق الممنوع المتارس والحواجز والسدود الحجرية، فكفى بكلامك هذا حاجزًا وسدًا ومترسًا وصدًا!!
    وإذا كنت لا تؤيد جبهة وائلة، ولا تنصح بدخول دماج عن طريقها، فهذا هو عين المنع؛ لأن دخول دماج من غير هذا السبيل متعذِّر أو متعسر جدًا، فانظر ما أنت قائل، ولقد جمعتَ حَشَفًا وسوء كِيْلة، وعندنا في مصر يقولون: "لا منه، ولا من كفاية شره" أي لا منه تحصيل خير، ولا منه دفع شر، فمن لم ينصح بتلك الجبهة -والشأن ما ذكر- فليس بناصح ولا بصير ولا مأمون، خاصة إذا لم يكن هناك منفذ متيسر سواها.

    البرعي: المهم -بارك الله فيك-أنا لا حد يسألني، لا حد يسألني، أنا مانش مقتنع بهذه حق وايلة من أولها لآخرها ..


    قلت:

    قد قدر الله أن تُسأل ليَخرج عدم اقتناعك بجبهة وائلة، التي قنع بها العلماء وأيدوها وفرحوا بها، وليظهر مخالفتكم للعلماء الذين تتمسحون بهم، ومَن لم يقنع بما عليه أهل العلم من الحق، فلا قنَّعه الله.

    حجر: طيب يا شيخ..
    البرعي: لا حد يسألني .
    حجر: يا شيخ عبد العزيز ..
    البرعي: اتفضل
    حجر: الله يحفظك، يعني الآن أصحاب أبي الحسن موجودين هنا في وايلة
    البرعي: هي هذه المصيبة الخلط.. عاد علينا بالمصيبة ..
    حجر: طيب يا شيخ، يا شيخ .
    البرعي: وجمعية الجهاد فيها، وجمعية الحكمة فيها .
    حجر: لا لا.
    البرعي: من أين نفتي بوجود جهاد من هذا النوع؟!



    قلت:
    قد أفتى أهل العلم بوجوب جهاد الرافضة، ومنهم من قال: ولو كان معهم أشاعرة ولو كان معهم بعض الصوفية، أي في هذا الجهاد مع أهل السنة ضد الرافضة، بلا نكير نعلمه عن أحد من أهل العلم، وللضرورة أحكامها، على أن الراية -ولله الحمد- سلفية، والأمر والنهي في ساحة القتال للسلفيين، ومَن أراد المكر بالدعوة السلفية، فإن الله سيمكر به، وهو خير الماكرين، قال -تعالى-:
    {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.
    وقال: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
    وقال: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} الآية.

    وقال:{وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}.
    ولماذا لم يحملكم حرصكم!! على تنقية الصف السلفي -زعمتم- لماذا لم يحملكم هذا الحرص على المبادرة بالتقدم إلى جبهة القتال في وائلة أو غيرها حتى تعينوا السلفيين، وتكفوهم أمر اضطرارهم إلى هؤلاء، وحتى تفوِّتوا على هؤلاء الآخرين وجودهم في الجبهة، وحتى لا تضطروا السلفيين إلى قبولهم في صفوفهم؟!
    والحقيقة أن الأمر كما قيل: أسمع جَعجَعة، ولا أرى طِحْنًا.

    حجر: طيب يا شيخ هم قاموا،.. طيب اسمعني يا شيخ! اسمعني الله يحفظك.
    البرعي: أه.
    حجر: بداية الأمر كانت قافلة سلمية وقبائل، والله عبارة عن قبائل فقط.
    البرعي: لا لا لا لا لا، لا وبارك الله فيك، نحن نعلم من البداية أنهم يقولون: باندخّل القافلة بالوجه دا ولا بالثاني، كيف؟!
    حجر: لا لا لا، من بداية الأمر والله ما طلعنا من إب.
    البرعي: من بدايتها، وهم يقولون إن دخلونا، وإلا فعلنا حرب.
    حجر: يا شيخ! إحنا أول ما طلعنا من إب والله قافلة سلمية، إحنا معانا ديينّاكان معانا ديينّا وباص، والله طلعنا بدون أسلحة، تصدق يا شيخ؟!


    قلت:

    قال الأخ أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَري -حفظه الله- في كتابه القيم (حصار دماج كرامات وبركات وعبر وعظات) بتقديم العلامة الشيخ يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله- صفحة مائة، تحت عنوان: (حقد الرافضة لا مثل له) قال وهو يعدد بعض الأمثلة على حقدهم:
    3- منع القافلة الغذائية، التي قامت بها قبائل الخير، من أنحاء اليمن، محملة بالغذاء فحسب بأنواعه، وقصدهم الخير وفك الحصار الأثيم، ووالله لم يأتوا لحرب من أول يوم، وإنما جاءوا لفك الحصار سلميًا، فمن حقدهم منعوا دخولها والكذب عليها أنها قافلة مسلحة. اهــ


    البرعي: يا أخي الله يحفظك، أنا متابع للموضوع، ولو شئت أن أسمي لك من قال هذا الكلام، لسميته.
    حجر: طيب يا شيخ ..
    البرعي:.. أنهم يقولون: إن دخلت القافلة وإلا فعلنا حرب، كِيف؟!
    حجر:.. والله ما أدري كيف، طيب الآن ..
    البرعي: .. ومن البداية، والقافلة لا تزال في الطريق، والكلام في آثارنا وأنا لا أزال في السعودية، والكلام هذا عندي، أنه إن فتحوا للقافلة، وإلا سنجري حربًا، كِيف؟!
    هذا الكلام موجود!!


    قلت:

    وما العيب في ذلك؟!
    وما الضرر في ذلك؟!
    وما المخالفة في ذلك؟!
    ألم يقل الله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْر اللهِ}؟!
    فكيف إذا كان الطائفة الباغية هم من الروافض الكفرة الفجرة الزنادقة المنافقين، وكانت الطائفة المبغي عليها هم من طلبة العلم السلفيين العُزَّل؟!
    ألم يقل النبي: «انصر أخاك ظالـِمًا أو مظلومًا» فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالـِمًا كيف أنصره؟ قال:
    «تحجزه، أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره»
    رواه البخاري بهذا اللفظ في صحيحه برقم: (6952)
    فكيف إذا كان الظالم ليس أخًا لنا، وكان باغيًا فاجرًا كافرًا منافقًا ؟!
    وأعجب من قوله:" كيف"!! وكأن ما يعزم عليه أصحاب القافلة من مقاتلة أعداء الله البغاة، إن مُنِعوا من إغاثة إخوانهم بدار الحديث السلفية بدماج، كأنهم خالفوا المعقول والمنقول حينما يعزمون على نصرة إخوانهم الذين يحاصرهم الروافض، ويقتلونهم، ويمثلون بهم؟!
    وليس مع هذا المستفهم المتعجب المستنكر نقل صحيح ولا عقل صريح في استفهامه ذاك، فتأمل!!
    وإذا تأملت كلامه هذا والذي يعقبه، علمت أن الرجل يمنع من حرب أهل السنة بجبهة كتاف للرافضة
    دون ذكره لعلة الخلط!!
    وإنما ذكر علة كثرة الرافضة زعم
    !!.

    حجر: طيب ما الرافضة .. طيب الآن يا شيخ، دعونا من الكلام هذا، طيب الآن الناس .. أمس الشيخ يحيى أفتى بالجهاد، أمس قتلى اثنين وعشرين أخ، وستين جريح، وما في معانا إلا المنفذ هذا يا شيخ، ما معانا إلا هذا المنفذ، منفذ وايلة.

    البرعي: أسأل الله -عز وجل- أن يحقن دمائهم، أنا ما منعت أحدًا، لا حد يسألني، أما إنّ بارك الله فيك يسألني أحد يتصل بي ويسألني ماذا أقول؟
    أنا أحمِّس الناس؟ أرمي بهم إلى .. إلى آل أبو جبارة، نرمي بنفوسنا هناك هكذا.


    قلت:

    ما أشبه قوله بقول من قال الله فيهم:
    {
    لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}!!

    نعم تحمس الناس، وما لك ألا تحمسهم وتحرضهم على الجهاد في سبيل الله؟! وقد قال -عز وجل-:
    {
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}.
    وقال: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً}.
    والتحريض على القتال، تحريض على الأخذ بأسباب القتال وإعداد العدة لذلك، وليس في ذلك من غضاضة ولا تهور، ولو كان القتال في تبوك أو أقصى المشرق أو المغرب، فكيف بأرض آل أبي جبارة الواقعة داخل الحدود اليمنية بالقرب من نجران؟!
    على أني نزلت بوادي جبارة، وتكلمت أكثر من مرة في بعض مساجدها مع بعض إخواننا ما بين خطبة جمعة وكلمة، وصلينا معهم
    العيد مرة، وصدعنا بين ظهرانَيهم بالحق، وأنكرنا تزويجهم للمكارمة الباطنية منهم، وهم قوم أهل إجارة للمستجير، وأهل كرم -أيضًا- على ما هو معروف من عادات القبائل العربية -جعلهم الله من أنصار دينه-.
    وأُذكر هذاالقائل بما رواه البخاري في صحيحه برقم (4609) بسنده إلى مخارق عن طارق عن عبد الله قال: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله! إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فاذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا هاهنا قاعدون، ولكن امض ونحن معك، فكأنه سُرِّي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
    وأقول لهذا القائل:
    هب أن والديك وزوجك وأولادك وإخوانك حاصرهم الرافضة في وادي جبارة أو في دماج، أكان يكون هذا كلامك بشأنهم؟!
    وهب أن الذي استنصرك هو صاحب الحُديدة، أو صاحب معبر، أو غيرهم من الذين توادهم أكان يكون هذا جوابك؟!
    نعوذ بالله من العصبية المقيتة العمياء.

    حجر: طيب.
    البرعي: يعني -بارك الله فيك- إلى الآن ما عندهم الأسلحة اللي تمشِّيِهِم!! هم أنفسهم!! يتصل بي واحد من هناك من أمس، يريدنا نحمِّس الناس وكذا وكذا.
    قلت له: أنتم مسلحون؟ قال: بعضنا!! كيف نجمِّع الناس إلى هناك، كأنهم رايحين شواعة في عرس، يا أحمد الله يعافيك ! هذا ماهوش كلام، هذا -بارك الله فيك- مغامرة في حرب غير مدروسة، اعقلوا.


    قلت:

    إخواننا أهل عقل ونقل معًا، وقد أحكموا هذين الأمرين، ولله الحمد، وقد غنَّم الله أهل السنة من سلاح عدوهم وعتاده، ومكنهم من رقابهم، ونصرهم عليهم، ولقد كان ضعف أهل السنة من جهة، وبغي الرافضة عليهم، وحصارهم إياهم من جهة أخرى، سببًا في نصر أهل السنة عليهم، كما قال الله -عز وجل-:
    {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
    وقال -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم}.
    وقال: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ}.
    وقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
    هذا، وقد بذل الشيخ يحيى من أسباب تهدئة الأمور ودفع الحرب الشيء الكثير، ولكن أبى الله -عز وجل- إلا أن تكون لهم ذات الشوكة، كما كان يوم بدر، قال -عز وجل-:
    {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}
    قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- مجلد 2، جـ4، صـ13:
    "ومعنى قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} أي يحبون أن الطائفة التي لاحد لها ولا منعة ولا قتال تكون لهم وهي العير, {وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} أي هو يريد أن يجمع بينكم وبين الطائفة التي لها الشوكة والقتال ليظفركم بهم وينصركم عليهم, ويظهر دينه ويرفع كلمة الإسلام ويجعله غالبًا على الأديان, وهو أعلم بعواقب الأمور, وهو الذي دبركم بحسن تدبيره, وإن كان العباد يحبون خلاف ذلك فيما يظهر لهم كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ}" انتهى.
    فتأمل كيف كسر الله الرافضة، الذين قاتلوا الدولة في حروب ست، وأخافوا العباد، فأهانهم الله، وأذلهم، وأخزاهم، وكسر شوكتهم على أيدي هؤلاء المستضعفين وأنصارهم، ولله في خلقه شئون!!
    وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسير سورة (آل عمران) مجلد1، جـ2، صـ80:
    "وقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} أي يوم بدر, وكان يوم جمعة وافق السابع عشر من شهر رمضان من سنة اثنتين من الهجرة وهو يوم الفرقان الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله, ودمغ فيه الشرك, وخرب محله وحزبه هذا مع قلة عدد المسلمين يومئذ, فإنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً, فيهم فرسان وسبعون بعيرًا, والباقون مشاة ليس معهم من العدد جميع ما يحتاجون إليه. وكان العدو يومئذ ما بين التسعمائة إلى الألف في سوابغ الحديد والبيض والعدة الكاملة والخيول المسومة والحلي الزائد, فأعز الله رسوله وأظهر وحيه وتنزيله, وبيض وجه النبي وقبيله, وأخزى الشيطان وجيله, ولهذا قال تعالى ممتنًا على عباده المؤمنين وحزبه المتقين {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} أي قليل عددكم ليعلموا أن النصر إنما هو من عند الله لا بكثرة العدد والعُدد, ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى {وَيَومَ حُنُينٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمُ شَيْئًا -إلى- غَفُورٌ رَحِيْمٌ}" انتهى.


    قلت:

    ولم يجاوز النهر مع طالوت إلا عدد قليل من المؤمنين، ونصرهم الله على عدوهم الكثيف الكثير.
    قال -تعالى-:
    {
    فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّمَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
    قال ابن كثير جـ1، صـ396:
    "وقد روى ابن جرير من طريق إسرائيل وسفيان الثوري ومسعر بن كدام عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب, قال: كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر, وما جازه معه إلا مؤمن, ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء, عن إسرائيل بن يونس, عن أبي إسحاق, عن جده, عن البراء قال وكنا أصحاب محمد نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة ثم رواه من حديث سفيان الثوري وزهير عن أبي إسحاق عن البراء بنحوه, ولهذا قال تعالى:{فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} أي استقلوا أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم, فشجعهم علماؤهم العالمون بأن وعد الله حق, فإن النصر من عند الله ليس عن كثرة عدد ولا عدد. ولهذا قالوا {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}


    قلت:

    ثم قال -تعالى-: {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
    قال ابن كثير -رحمه الله- جـ1، صـ 396 - 397:
    "أي لما واجه حزب الإيمان, وهم قليل من أصحاب طالوت, لعدوهم أصحاب جالوت, وهم عدد كثير {قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أي أنزل علينا صبرًا من عندك {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} أي في لقاء الأعداء, وجنبنا الفرار والعجز {وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .قال الله تعالى: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ} أي غلبوهم وقهروهم بنصر الله لهم {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ}
    ...
    ثم قال تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} أي لولا الله يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}الآية
    ...
    وقوله {وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} أي ذو منّ عليهم ورحمة بهم, يدفع عنهم ببعضهم بعضًا, وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله" انتهى.

    ثم أقول:

    لا بأس بذهاب من لا سلاح معه إلى جبهة القتال إذا احتيج إليه، كأن يقاتل بسلاح أخيه، متى مرض أخوه، أو قُتِل، وكأن يتناوب هو وإخوانه في الرباط أو الحراسة، أو نقل الجرحى أو القتلى، أو الإمداد بالطعام والذخيرة، أو يأتي إخوانه بخبر القوم، أو يحمس إخوانه على الجهاد، أو يبني المتارس ويحفر الخنادق، ويقوي قلوب إخوانه المقاتلين، ويحرضهم على القتال، ونحو ذلك، وما أكثره!
    وكل ذلك مصالح شرعية معتبرة في الجهاد، كل هذا، مع أخذ الحذر من العدو، بل إن تكثير سواد المجاهدين معتبر شرعًا، قال -عز وجل-:
    {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ}.
    قال ابن كثير -رحمه الله- مجلد1 جـ2، صـ114:
    "ثم قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ} أي فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين, كان بقضاء الله وقدره, وله الحكمة في ذلك {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُوا ْفِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق, فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة, ولهذا قال {أَوِ ادْفَعُواْ} قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي: يعني كثروا سواد المسلمين, وقال الحسن بن صالح: ادفعوا بالدعاء, وقال غيره: رابطوا, فتعللوا قائلين {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} قال مجاهد: يعنون لو نعلم أنكم تلقون حربًا لجئناكم, ولكن لا تلقون قتالاً" انتهى.

    قلت:

    وتكثير السواد على هذه الوجوه ونحوها مما يشجع الناس على الإنفاق على المجاهدين بالتسليح وغيره، كما أنه كلما كثر عدد الطلاب في مكان تشجع أهل الخير على الإنفاق عليهم، والإحسان إليهم، فكلما ظهر داعي الإنفاق وسببه، تَشَجَّع الناس على الإنفاق، وأقبلوا عليه، وهذا أمر معلوم، ولو تأملت كلامه هنا وجدته كلام من لا ناقة له في هذا الجهاد ولا جمل!!
    فأين نصرته للمجاهدين بالحث والتعاون على قضاء حوائجهم وشد أزرهم وتكثير عددهم وإمدادهم بالمال والسلاح ؟!
    فهذا الكلام منه تثبيط للمجاهدين وأي تثبيط!!
    وتأمل قوله :"
    كأنهم رايحين شواعة في عرس"
    تجد فيه من التثبيط ما فيه، قال الشيخ عبدالرقيب الكوكباني -حفظه الله-: في تفسير هذا القول على عرف اليمنيين في الأعراس:
    هو أن يطلق أهل العروس (الزوج) النار من السلاح الناري في الهواء عند بيت العروس (الزوجة) عند خروجها من بيت أهلها لتزف إلى بيت زوجها، قال: وفي هذا اللفظ تهكم بالإخوة المجاهدين أو كما قال -حفظه الله-.


    قلت:

    ومن كان بعيدًا عن فقه الجهاد في مثل هذا الحال، فهو عن فقه ما دونه أبعد.

    حجر: طيب منين ندخل يا شيخ؟ منفذ البقع تعرف بإيد الحوثة.
    البرعي: بارك الله فيك هذه القضية ..
    حجر: طيب يا شيخ، تنصحنا يعني بالرجوع نروح بيوتنا ؟!
    البرعي: ..
    حجر: الصوت بيقطِّع يا شيخ.
    البرعي: لا أحد يسألني، أنا ما فعلت مقالاً أحذِّر فيه، ما أنا مرتاح لهذه القضية، قضية وائلة هذه، والله ما دخلت لي بعقل، ما دخلت لي بعقل،
    ولا هي رايحة تنجح.


    قلت:

    ليس من شرط التحذير من الجهاد في جبهة كتاف كتابة مقال للتحذير منه، فوسائل التحذير أعم من ذلك، ومنها ما هو أبلغ من كتابة مقال، وآخر كلامك هنا -إضافة إلى ما سبق وما لحق- دال على التحذير من اللحاق بالمجاهدين بجبهة كتاف بأبلغ العبارات، شئت أم أبيت، وإلا، فخبرني كيف تخلف الشباب المذكور آنفًا عن الركوب مع سائلك للحاق بالجبهة؟!
    فاصدق يا رجل! فالصدق محمدة، وكن من الصادقين الذين ذكرهم الله في مقابل المنافقين في سورة الأحزاب!! في قوله:
    {
    مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُو االلَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
    وفي قوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
    وكن مع الصادقين الذين ذكرهم الله في مقابل المنافقين في سورة التوبة!! في قوله:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}.
    أما عدم دخول قضية وائلة لك في عقل، فالعيب ليس في القضية، فإنها قضية جهاد شرعي واجب ضد أعداء الله الروافض البغاة، وقد رعا أُسود السنة هذه القضية، وانتصبوا لها، وهبوا بحزم وعزم لدحر الرافضة، وإنما العيب في العقول الفاسدة، التي لا تعقل الصواب، ولا تحسن الجواب.


    أما قوله:

    "ولا هي رايحة تنجح"!!
    فهذه منه ثالثة الأثافي، كما يقال، وهذا منه زعم كاذب، وتثبيط أيضًا عن الجهاد وأي تثبيط!!
    ولقد كذبه الله -عز وجل- إذ لا تزال الراية السلفية منصورة، ولا تزال راية الرفض والبغي منكوسة مدحورة، وهذا القول منه إنما هو بسبب التصورات الفاسدة، والظنون أو الاعتقادات الكاسدة، وما أشبه هذا الظن بظن المخلفين من الأعراب الذين قال الله فيهم في سورة الفتح:
    {
    بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا}!!
    وما أشبهه -أيضًا- بقول المنافقين الذين قال الله فيهم في سورة الأحزاب:
    {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} !!
    أما المؤمنون، فأمْرهم كما قال الله:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.
    وأي تخذيل بعد هذا؟!
    وأي منع للناس عن الجهاد بعد هذا؟!
    أيجوز لقائل هذا أن يقول بعد ذلك: أنا ما منعت أحدًا -أي عن الجهاد-؟!

    حجر:
    طيب، وجِّهُونا طيب، وجِّهونا منين نمشي؟ طيب، منين ندخل؟ من أي ممر؟
    البرعي: ما أدري، أسأل الله -عز وجل- أن يحفظ إخواننا وكفى ..كِيف؟ إيش الحل؟! هذا الله -عز وجل- وهو على كل شيء قدير، الله على كل شيء قدير، ..


    قلت:

    شأنك مع أهل دماج كما قيل:
    ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
    وكلامك هذا متضمن لترك الأسباب، وهو قدح في الشريعة.
    فالله الذي هو على كل شيء قدير، هو الذي قال لنبيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} الآية.
    وهو القائل: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}.
    وهو القائل: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ...} الآية.
    وهو القائل: {وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}.
    وهو القائل: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ}.
    وهو القائل عن المنافقين: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً}.
    وهو القائل: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ}.
    وهو القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}.
    وهو القائل: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ...} الآية .
    وهو القائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ... } الآية.
    وهو القائل: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ...} الآية.
    إلى غير ذلك من الآيات التي فيها الأخذ بأسباب الجهاد.
    فإن تَرْك الأسباب قدح في الشريعة، خاصة إذا كانت الأسباب ممكنة ومقدورة للعبد.
    فالتارك للأسباب المعطل لها، يُعَدُّ من غلاة الصوفية الضلال.
    إن الله -عز وجل- قد أمر بالأخذ بالأسباب، ولو كان السبب ضعيفًا، فإن الله يجعل منه ببركة امتثال الشرع خيرًا كثيرًا، قال الله -عز وجل- لمريم وهي نفساء: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}.
    وقال: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}.
    وقال: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
    وقال -عز وجل-: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
    والأسباب الممكنة الداخلة في مقدور العبد، مأمور بها شرعًا، والعبد مكلف بها، قال -تعالى-: {لاَيُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}.
    وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}.
    وقال: {فَاتَّقُو االلَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
    وقد روى البخاري في صحيحه برقم (7288) ومسلم في صحيحه برقم [412- (1337)] بسنديهما عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال :
    «دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
    هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم نحوه، وفيه سبب هذا الحديث، وفي هذا كله أمر بالأخذ بالأسباب.
    وجهاد أهل السنة للرافضة في شمال اليمن اليوم هو من الممكن والمقدور والمستطاع، بل هو الواقع، والنصر حليف أهل السنة، ولله الحمد، فحل مشكلة دماج إنما هو في الجهاد ضرورة، وشأن هذا القائل كما قيل:

    كالعيس في البيداء يقتلها الظما *** والماء فوق ظهورها محمول
    والتوفيق عزيز.
    هذا، وقد تدبرت قوله -تعالى-: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
    ونحوه في كثير من آيات كتاب الله -عز وجل- فوجدته مذكورًا في أعقاب الآيات التي تتعلق بأمور لا يقدر عليها إلا الله كقوله -تعالى-:
    {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}.
    وقوله -تعالى-: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}.
    وقوله -تعالى-:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله: {قُل ِاللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {قُل ْإِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-:{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
    وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}.
    وقوله -تعالى-:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    وقوله -تعالى-:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.
    وقوله -تعالى-:{إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
    إلى غير ذلك مما يدل على ما ذكرنا، إذ إن هذه الأمور وأمثالها ليست في مقدور العبد، فلم يأمر الله بها، ولم يكلف عباده بها، بخلاف الجهاد والقتال، فإن الله -عز وجل- قد أمر بهما في غير ما آية، فقال:
    {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
    وقال:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
    وقال: {وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
    وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْا ْفَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
    وقال: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}.
    وقال: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}
    إلى غير ذلك من الآيات التي فيها الأمر بالقتال أو الحث عليه، وما كان الله ليأمر عبده إلا بما هو مقدور له، وتدبر قوله -تعالى-:
    {
    أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ *الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
    ففيه الأخذ بالأسباب، وفيه الإذن بالقتال، وقد أقسم الله أن ينصر من ينصره، ولا يكون ذلك من جهة العبد إلا بالأخذ بالأسباب، وتدبر ذكر الله لقدرته على نصر المظلومين في الآية الأولى، فإنه لم يذكر ذلك إلا بعد الإذن لهم بالقتال، ولا قتال إلا بالأخذ بأسبابه، إذ كانت في مقدور العبد، بخلاف الآيات الأولى، التي فيها ذكر قدرة الله بعد أمور ليست في مقدور العبد، وقارن بين هذا الكلام وبين كلام المردود عليه هنا[1].


    أقول:

    وإذا كنت لا تدري كيف السبيل إلى دماج، فقد دراه أُسود السنة المجاهدون في جبهة كتاف التي تُخذل عنها، فهم أهل الدراية وأحق بالدراية منكم، وقد نصرهم الله، على الرافضة، ولله الحمد، ورفع الله بهم عن دماج الحصار، وألحقوا بالرافضة -بعون الله- الهزيمة والعار.

    البرعي: لو دَخَلْت في حرب، أمامك كام كيلو؟ ...كام كيلو من آل أبو جبارة لدماج، كام كيلو؟
    حجر:نصف ساعة.
    البرعي:
    نصف ساعة بالسيارة؟
    حجر: نصف ساعة بالسيارة، نعم.
    البرعي:كام كيلو؟
    حجر: لو تمشي على الجبال ياشيخ لو تدخل على الـجِـ .. على الجبال، يعني يمكن أنا أقول ..
    البرعي: كلها قرى حوثية يا أحمد، كلها قرى حوثية، اعقل، كلها قرى حوثية.
    حجر:
    نعم .....، يقولون: أغلبيته سنة وحوثية.
    البرعي: ... قرى حوثية ، إذا كان هناك من يستطيع يتسلل إلى دماج، يتسلل.


    قلت:

    قارن بين هذا الأسلوب التخذيلي في قوله كلها قرى حوثية!! وقول الله تعالى عن المشركين مع كثرتهم في بدر:
    {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُم ْفِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ}
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره مجلد2ج4 صـ (48:49):
    "قال مجاهد: أراه الله إياهم في منامه قليلاً، فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه بذلك، فكان تثبيتاً لهم، وكذا قال ابن إسحاق وغير واحد
    ...
    وقوله:
    {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ} أي لجبنتم عنهم، واختلفتم فيما بينكم، {وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ} أي من ذلك، بأن أراكهم قليلاً

    ...

    وقوله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً} وهذا أيضًا من لطفه تعالى بهم إذ أراهم إياهم قليلاً في رأي العين، فيجرئهم عليهم، ويطمعهم فيهم،
    ...
    وقوله: {وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن الزبير بن الخِرِّيت عن عكرمة: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} الآية، قال: حضض بعضهم على بعض، إسناد صحيح
    ...
    ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلاً من الفريقين بالآخر، وقلله في عينه ليطمع فيه، وذلك عند المواجهة، فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه، كما قال تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء} وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين، فإن كلاً منهما حقٌ وصدق، ولله الحمد والمنة" انتهى .

    فتأمل -رحمك الله- تقليل الله للكثير في هذا السياق، وتكثير الرجل للقليل!!
    فتلك القرى التي يتحدث عنها الرجل لو كانت كلها حوثية لكانت قليلة بالنسبة لعموم اليمينين، فكيف إذا لم تكن كذلك؟!
    ثم إن الرجل يتكلم عن التسلل، ورافضة صعدة محكِمون للحصار على دماج، ومعلنون للحرب عليهم، ولو تمكنوا من إبادة أهل السنة بدماج عن بكرة أبيهم لفعلوا بفخر!!.
    ولو كان التسلل أمرًا ميسورًا لكُفي إخواننا بدماج زمن الحصار، أو لخُفِّفَ عنهم -على الأقل-.
    يا أيها الرجل:
    إن مَن فَرَضَ الحصار على إخواننا بدماج هم رافضة منافقون زنادقة، أكفر من اليهود والنصارى، لا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة، معلنون للحرب على الإسلام وأهله، وقد حاربوا الدولة ست حروب، وأمثال هؤلاء لا يُعَالَجون بالتسلل، وإنما بالضرب فوق الأعناق، وبالضرب لكل بنان منهم، أولئك قوم شأنهم كما قال الله -عز وجل- في آخرين:
    {
    وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}
    فكان عاقبة أمرهم كما قال في قوم آخرين يشبهونهم:
    {
    هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل ِالْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.
    فالعلاج لمشكلة دماج ومحنتهم، إنما يكون باستخدام القوة والسلاح، لا بالتسلل، وإلى متى هذا التسلل -لو كان ميسورًا-؟!
    أَبَلَغ الذل والهوان بأهل السنة في اليمن، شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، إلى هذا الحد وهو التسلل، مع إعلان شرذمة الرفض القليلة للحرب على دار الحديث السلفية بدماج؟!
    إنها والله لإحدى الكبر!!
    اللهم إني أبرأ إليك مما يفعل الرافضة، وأعتذر إليك مما يقول هؤلاء المخذلون.

    حجر: منين يتسلل؟! ما فيش معانا إلا هذا المنفذ يا شيخ!
    البرعي: مش قضية -بارك الله فيك- والمسألة ما هي سهلة.


    قلت:

    إذًا ما القضية؟!
    أهو الإخلاد إلى الأرض، وتَرْك الجهاد في سبيل الله، وترك إخواننا يُقَتَّلون، ويمثل بجثثهم، وترك النساء والشيوخ والأطفال يتضورون جوعًا، أو يموتون؟!
    أما قوله: "المسألة ما هي سهلة"
    فهو تعويق، وقد هدد الله المعوقين وغيرهم بقوله:
    {
    قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً} الآية.
    نعم، الجهاد كُره لنا، ولكنه مكتوب علينا، فسمعًا وطاعة للحكيم العليم، قال -عز وجل-:
    {
    كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.

    حجر:
    طيب، طيب يا شيخ ..
    البرعي: هذا حفظك الله لعلكم ترجمون بأنفسكم، هذا انتحار!! هذا انتحار!! يا أحمد الله يحفظك.


    قلت:

    هذا كلام من لا يدري ما الانتحار، فالانتحار هو أن ينحر الشخص نفسه بنفسه -أي يقتلها-.
    روى البخاري في صحيحه برقم (5778) ومسلم في صحيحه برقم [175- (109)] بسنديهما إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
    «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»
    هذا لفظ مسلم.
    أما مقاتلة المسلم للكافر، وإلقاء المسلم نفسه في صفوف الأعداء لإحداث النكاية فيهم، وإرهابهم، فليس من الانتحار في شيء، وإنما هو من الشجاعة، ومن الجهاد في سبيل الله، الذي قعد عنه القاعدون، وخَذَّل عنه المخذلون، وعَوَّق عنه المعوقون.
    ولو قلنا بأن مثل هذا انتحار، وإلقاء بالنفس إلى التهلكة، لكان مَن قُتل في الجهاد وهو مهاجم لعدوه لكان منتحرًا، وملقيًا بنفسه إلى التهلكة، ولكان عِدة أهل بدر، وعِدة قوم طالوت منتحرين لقلتهم بالنسبة لعدوهم، وهذا باطل محال.
    بل إن الإلقاء باليد إلى التهلكة، إنما هو في ترك الجهاد بالنفس والمال، أو التخاذل عنه، أو التخذيل عنه، أو التعويق عنه، أو التثبيط عنه، قال -تعالى-:
    {
    وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
    والإلقاء باليد إلى التهلكة لا يكون بسبب الجهاد الشرعي ومقاتلة أعداء الله، وإنما يكون عند من يعقل بترك أعداء الله من الروافض المقبوحين يقتلون إخواننا، ويمثلون بهم، ويحاصرون قرية كاملة حصارًا شاملاً كاملاً، يشمل الإنسان والحيوان والطير والزروع، وليس انتحارًا أن يَهُب الغيورون الأبطال الشجعان لنصرة إخوانهم في دماج، وإرغام الرافضة وإجبارهم على رفع الحصار عنهم، فلو كانت هذه الشجاعة والنجدة والشهامة والمروءة والإغاثة والنصرة، لو كانت انتحارًا، لكان هذا الانتحار محمودًا، ولو كانت هذه الأوصاف الحميدة، والخصال النبيلة تسمى انتحارًا، أو إلقاء بالنفس إلى التهلكة، فماذا يسمى الجبن، والخور، والتخاذل، والتخذيل، والقعود عن مقاتلة أعداء الله، مع وجوب تلك المقاتلة، وتعيينها، ومع وجود القدرة عليها؟!
    إن الإلقاء بالنفس إلى التهلكة إنما يكون بترك الإنفاق في الجهاد في سبيل الله، أو عدم القيام بالواجب في هذا، قال ابن كثير –رحمه الله- عند تفسير هذه الآية، مجلد1 جــ1 صـ301:

    "ومضمون الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله, في سائر وجوه القربات ووجوه الطاعات, وخاصة صرف الأموال في قتال الأعداء, وبذلها فيما يقوى به المسلمون على عدوهم, والإخبار عن ترك فعل ذلك بأنه هلاك ودمار لمن لزمه واعتاده, ثم عطف بالأمر بالإحسان, وهو أعلى مقامات الطاعة, فقال: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}" انتهى.

    حجر: طيب إذا اتسللنا يا شيخ هانوصل؟!..

    البرعي: ... تقطع الصوت.
    حجر: طيب يا شيخ إذا اتسللنا لدماج ما هو الفائدة نتسلل وما فيش لا أكل ولا شرب داخل دماج؟!


    قلت:

    أصبتَ يا حجر، ما يغني تسلل هذا المتسلل -لو أمكنه التسلل- في رفع حصار شامل على قرية بأكملها؟!
    حَسْبُ هذا المتسلل أن ينجو بنفسه -لو نجا- بلا نكاية في جموع الرافضة المقبوحين، الذين بيتوا لهذا الحصار ولتلك الحرب بليل، وبلا أثر يُذكر في رفع الحصار عن إخوانه، فأين فقه الواقع عند هذا القائل؟


    وما دمنا تطرقنا إلى ذكر الطعام والجوع -نعوذ بالله منه، فإنه بئس الضجيع- فإننا نرغب إلى إخواننا في تتبع حلقات سلسلة الجوع أيام الحصار، ونشرها -ولو أسرة أسرة- فهذا يدعو إلى معرفة قدر الابتلاء الذي ابتلي به أهل دماج، كما يدعو إلى معرفة درجة الصبر التي بلغها هؤلاء الصابرون، ومعرفة أقدارهم، وكما يدعو إلى تحميس جبهات الجهاد ضد الرافضة، هذا لو رأى إخواننا في دماج ذلك، فإننا إلى أخبارهم بالأشواق.
    قلت:
    وكتاب أخينا أبي حمزة السٍّوَري -حفظه الله- (حصار دماج كرامات وبركات وعبر وعظات) متضمن لشيء من ذلك.

    :::
    يُتبع إن شاء الله الجزء الثاني من الرد :::


    [1] - وقد استعنت في هذا الموضع بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي -رحمه الله-.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله أسامة بن محمد; الساعة 23-03-2012, 02:42 AM.

  • #2
    تجييش الجيش
    لغزو غوايات البرعي
    صاحب
    مفرق حبيش
    (
    2)

    وهاك تعليق البرعي على اتصال ابن حجر السابق:
    والكلام بصوته من هنا:
    http://jumbofiles.com/fkmjkptzquw0


    البرعي:

    قال هناك من يقول: إنه اتصل بك أحمد حجر، وسألك عن الجهاد في منطقة وائلة، فقلت له: إنه لا يسمى هذا جهادًا، هل هذا صحيح؟
    اتصل بي، والكلام مسجلٌ عنده، وأنا أعرف أنه سجَّل، وما أخبرني، ولكن عرفت أنه .. أن إشارة التسجيل مفتوحة، فتكلمت معه بما لا يسوؤني أن يعلمه غيري .. غيره، والذي يقرِّبنا إلى الله-عز وجل- قلناه.
    لا نحب -بارك الله فيكم- أن نفعل، أو لا يجوز لنا أن نفعل مالا نعتقد، أنا قلت له: الذي مقتنع يذهب يذهب، لا يسألني، أمَّا مَن سألني، فسأجيب بما يقربني إلى الله -عز وجل-.
    فعلى كل حال، بالنسبةلدماج، فهم في جهاد، وهم مظلومون، وبغى عليهم الرافضة، والآن -بارك الله فيكم- هم في الحال الذي هم فيه، والجبهة في وائلة ما فعلوا لهم شيئًا، ما فعلوا لهم شيئًا.

    قلت:
    لولا الله ثم جبهة وائلة ما رُفِع الحصار عن دماج، ولشردوا وقتلوا أهلها تقتيلاً وتشريداً إلاأن يشاء ربي شيئاً، فلا زالت تلك الجبهة تقوى ويزداد أفرادها، وتُحدِث النكاية بالرافضة حتى اضطروا الرافضة إلى رفع الحصار عن دماج شيئًا فشيئًا، حتى تم رفعه بعد -ولله الحمد- والعجيب أنه لم يذكر حكم الرافضة، سوى وصفهم بالبغي، أو كونهم رافضة أو حوثيين، مع أن المقام يقتضي رميهم بأقبح الأوصاف الصادقة عليهم، كالزندقة والنفاق والكفر ونحو ذلك، ولا أدري ما الذي منعه من ذلك، ولو مرة في طول كلامه وعرضه!!

    البرعي:
    والأيام قادمة، سيظهرلنا ما وراء هذه التكتلات.
    جبهة يتكون أصحابها من سلفيين، وجهاديين، وإخوان مسلمين، وأصحاب فتنة أبي الحسن، جمعية الحكمة، جمعيةا لإحسان، إيش هذا الحكم؟!
    بالأمس جماعة الجهاد مجرمون قَتَلَة، في محافظة أَبْيَن، شرَّدُوا محافظة بكاملها، والآن في صفوف السلفيين!! بالأمس يحذِّر منهم أهل السنة، واليوم يطعنون في أهل السنة، وفي وسط أهل السنة، ويقولون لهم: أنتم ما رباكم مشايخكم على مثل هذا اليوم، إنما ربوكم على الدفتر والقلم، أنتم كذا، وأنتم كذا !!
    لهذا -بارك الله فيكم-والله في النفس ما فيها، نعم.

    قلت:
    هذا أعظم ما شبه به في جوابه، وإني أستعين الله في إماطة اللثام عن هذه الشبهة، وأجيب عنها بشيء من التفصيل، فأقول وبالله التوفيق:
    قد سبق الكلام في نحو ذلك، وذكروا أن الراية سلفية، وأن الكلمة كلمة السلفيين، والقول قولهم، هذا، وللضرورة أحكامها.
    فيجوز لأهل السنة الذين يحرضون المسلمين على الجهاد لمقاتلة أعداء الله المنافقين الزنادقة الروافض البغاة المعتدين القتلة لأهل السنة والممثلين بجثثهم، والمحاصرين لهم، والمعتدين على مساجدهم وأرضهم، بما فيها ومن فيها، أقول:
    يجوز لهم أن يقبلوا في صفوفهم أهل الأهواء، إذا كانوا مضطرين لقبولهم في صفوفهم في الوقت الذي فيه لأهل السنة الولاية التامة والسلطان الكامل على جميع صفوف المجاهدين، وإليهم المرجع في الأحكام الدينية المتعلقة بالجهاد، وإليهم المرجع في تسيير رحى الحرب، خاصة إذا كان أهل الأهواء مُسِرِّين بمذهبهم ولا يعلنونه، وإن أظهروا شيئًا، ردعليهم أهل السنة ما أظهروه، وبينوا لهم فساده، ووأدوه في مهده، ، وتخلصوا من أصحابه، واستغنوا عنهم، إن أبوا إلا الإصرار على باطلهم، إذ إن آخر الطب الكي.
    فيجوز لأهل السنة الممكنين أن يقبلوا في صفوفهم أمثال هؤلاء للضرورة، مع أخذهم الحذر كل الحذر من مصايدهم ومكايدهم، وأنه لا يقاس حال الاضطرار على حال الاختيار، وقد يُستدل على هذا بما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال:
    «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».
    نعم، كان شيخنا الوادعي -رحمه الله- يحكي عن ابن حزم قوله:
    "ما نصر الله الإسلام بمبتدع"
    لكن يمكن تفسير كلام ابن حزم -رحمه الله- على أنه ما نصر الله الإسلام النصر الكامل المطلق -لامطلق النصر- بمبتدع، إذ إن المبتدع الذي لم تبلغ بدعته إلى الكفر، يثبت له مطلق النصر للإسلام، لا النصر المطلق، وقد قال -تعالى-:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
    وهذا خطاب يدخل فيه مَن معه مطلق الإيمان، ويدخل فيه من معه الإيمان المطلق دخولاً أوليًا، فمَن كان معه مطلق الإيمان -ويدخل في ذلك المبتدع الذي لم يكفر ببدعته- فله مطلق النصر والتثبيت، ومن كان معه الإيمان المطلق، فله النصر المطلق والتثبيت المطلق، ومَن قرأ التاريخ عرف أن كثيرًا من المسلمين عبر التاريخ نصرهم الله على الكفار بقدر نصرهم لله، مع أن فيهم المبتدع والعاصي، فكيف إذا كان أمثال هؤلاء تابعين لراية أهل السنة وكانوا تحتها؟!
    وإذا كان الله قد سمى انتصار الروم على الفرس نصرًا، فلا يمتنع وجود نصر -في الجملة- لأهل البدع من المسلمين على أهل الكفر، ولا يمتنع ثبوت ذلك بطريق الأولى.
    وأما ما ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- في أهل الكلام من أنهم لا للإسلام نصروا ولا لعدوه كسروا، فهو يشبه كلام ابن حزم السابق، ويُجاب عن كلام شيخ الإسلام بنحو ما أُجيب به عن كلام ابن حزم، كأن يقال: لم ينصروا الإسلام بشيء فيما ضلوا فيه عن الحق، أو يقال: لم ينصروا الإسلام النصر الكامل، ولم يكسروا عدوهم الكسر الكامل.
    فأهل الكلام، إن لم يكفروا بهذا الكلام وبما أحدثوه، فإنهم يُنصرون بقدر ما معهم من الإسلام، إذ معهم مطلق الإسلام، ولهم كما -لغيرهم من أهل الإسلام- نصيب من قوله -تعالى-: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} ونحو ذلك من الآيات، فمَن كان معه أصل الإيمان، فإن له مطلق النصر في الدنيا والآخرة، فلكل من الفاسق ببدعته أو بمعصيته مطلق النصر في الآخرة، وذلك، بجعل عاقبته إلى الجنة، ولو أُخزي ودخل النار، غير أنه لا يُخَلَّد فيها، فهو منصور على كل حال بالنسبة للكافر، والله أعلم.
    أما إن خرجوا بكلامهم وبما أحدثوه من الإسلام، فمن أين لهم النصر للإسلام، وهم ليسوا مسلمين؟!
    على أن كلام ابن حزم متعلق بالمبتدع من حيث هو، ومطلق غير مقيد بقيد، وكذلك كلام شيخ الإسلام في أهل الكلام، بخلاف الصورة التي معنا فهي صورة وجود مبتدع تحت راية سلفية ممكنة.

    وبناءً على ما سبق، فالذي يظهر أنه يجوز استنفار كل مسلم، ولو كان عاصيًا أو مبتدعًا لمقاتلة الكافرين والمشركين، إذا اضطر ولي الأمر أو نائبه إلى هذا الاستنفار العام في جهاد الطلب، وإلا -أي إن لم يضطر إلى ذلك- فالأصل هو استنفار من تحصل بهم الكفاية، ولاشك في أن أهل الإيمان الكامل والخبرة التامة هم أولى من تحصل بهم الكفاية؛ لأن أمثال هؤلاء يحصل بهم النصر الكامل المطلق، أما إذا اضطر إلى الاستنفار العام لدفع ضرر أعظم، فهو جائز، وقد قيل:
    حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
    فكيف إذا كان الجهاد، جهاد دفع، وكانت الضرورة داعية إلى مشاركة غير أهل السنة معهم في هذا الجهاد، الذي لا أقل فيه من دفاع هؤلاء -أعني أهل الأهواء- عن أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، والذي لا تظهر فيه منة منهم على أهل السنة؟!

    وعلى هذا، فإن قول القائل: "نتعاون فيما اتفقنا عليه" ليس مردودًا بإطلاق، فيجوز فيما اتفق عليه حال الاضطرار إلى مثل ذلك التعاون، كما يجوز الصلاة خلف المبتدعة للضرورة، وإلا، فالأصل المنع من ذلك، وهل هناك ضرورة أعظم من مقاتلة الرافضة الزنادقة لأهل السنة وطلبة العلم وغيرهم بدماج، وقتل طائفة منهم، وتمثيلهم بجثث طائفة منهم، ومحاصرتهم نحوًا من سبعين يومًا، مما أدى إلى تفشي الأمراض في الرجال والنساء والأطفال، إلى غير ذلك من المفاسد والأضرار التي الواحدة منها كفيلة بثبوت حالة الاضطرار، فكيف باجتماعها، واجتماع أمثالها معها؟!
    ووالله لو لم يكن من ذلك إلا ضرورة الجوع لكانت كافية وكفيلة بإيجاب الجهاد على المسلمين بجميع طوائفهم، لمقاتلة هؤلاء الروافض لرفع ذلك الحصار، وإليك ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه جـ7، باب 53، صـ80، حديث رقم 3، طبعة دار الفكر لسنة 1414 هــ:
    وما رواه أحمدفي المسند، جـ8، حديث رقم (19240) صـ4336، طبعة دارالمنهاج، وهذا لفظه بسنده ومتنه في المسند:
    "حدثناعبد الله [عبد الله، هو عبد الله بن أحمد بن حنبل، والقائل حدثنا هو أبو بكر أحمد بن جعفر بن حَمْدان القطيعي راوي المسند عن عبد الله] حدثني أبي، قال: حدثنا عفان من كتابه، قال: حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة، قال: حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى همس شيئًا لا نفهمه، ولا يحدثنا به، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«فطنتم لي؟» قال قائل: نعم، قال:" «فإني قد ذكرت نبيًا من الأنبياء أُعطي جنودًا من قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء؟» أو «من يقوم لهؤلاء؟» أو كلمة شبيهة بهذه -شك سليمان- قال: «فأوحى الله إليه، اختر لقومك بين إحدى ثلاث: إما أن أسلط عليهم عدوًا من غيرهم أو الجوعَ أو الموت، قال: فاستشار قومه في ذلك فقالوا: أنت نبي الله، نكل ذلك إليك، فخر لنا، قال: فقام إلى صلاته، قال: وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة، قال: فصلى، قال: أما عدوُّ من غيرهم فلا، أوِ الجوع فلا، ولكنِ الموت، قال: فسُلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفًا، فهمسي الذي ترون أني أقول: اللهم يا رب بك أقاتل، وبك أصاول، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
    ورواه الإمام أحمد بعده صـ4337، برقم 19243، من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء لم نكن نراه يفعله، فقلنا: يا رسول الله! إنا نراك تفعل شيئًا لم تكن تفعله، فما هذا الذي تحرك شفتيك؟ قال:
    «إن نبيًا فيمن كان قبلكم، أعجبته كثرة أمته، فقال: لن يروم هؤلاء شيء، فأوحى الله إليه، أن خير أمتك بين إحدى ثلاث: إما أن نسلط عليهم عدوًا من غيرهم فيستبيحهم، أو الجوعَ، وإما أن أرسل عليهم الموت، فشاورهم، فقالوا: أما العدو فلا طاقة لنا بهم، وأما الجوع فلا صبر لنا عليه، ولكنِ الموتُ، فأَرسل عليهم الموت، فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفًا» قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
    «فأنا أقول الآن حيث رأى كثرتهم: اللهم بك أحاول، وبك أصاول، وبك أقاتل».


    قلت:
    هذان الإسنادان ظاهرهما الصحة، غير أن السند الثاني أصح وأثبت، فسليمان بن المغيرة الراوي عن ثابت في السند الأول، وإن كان ثقة ثقة كما في التقريب للحافظ ابن حجر -رحمه الله- فإن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، كما قاله الحافظ في ترجمته، فروايته أرجح، والله أعلم.
    قلت:
    وهذا الحديث يؤكد أن العبرة ليست بكثرة المقاتلين من جهةٍ، كما قال -عز وجل-:
    {
    وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}
    وأن الجوع أمر شديد من جهةٍ أخرى، وهذه ضرورة تستوجب مقاتلة الرافضة الذين فرضوا هذا الحصار على أهل السنة في دماج، وما سميت الضرورة ضرورة إلا لوقوع الضرر، فكيف باجتماع أمور كثيرة وصعبة عليهم؟!
    حتى إني أرى جمع أسماء أهل الحصار في ديوان خاص بهم، فإن محنتهم به ورَّثتهم صبرًا عظيمًا، ومنحة جسيمة، ومنقبة جليلة، بل لو نظم في هذا الأمر قصيدة، تصور حالة الجوع هذه على ما كانت عليه لكان أمرًا مقبولاً.
    هذا، وإن جهاد المبتدع مع السني للضرورة لا يُخرج المبتدع عن كونه مبتدعًا، كما لا يخرج السني عن كونه سنيًا، غير أنه -والحق يقال- إن جهاده مع أهل السنة محمود -ولو في الجملة- وتخاذل وتخذيل المنتسب إلى السنة مذموم، بقطع النظر عما سوى ذلك، ولسنا من مذهب وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات بالنسبة للمخالف، لسنا من هذا المذهب في شيء بكلامنا هذا هاهنا، وإنما المقام اقتضى ذكر ذلك، ومتى اقتضى المقام ذكر شيء من الحسنات ذكرت، ولو كان صاحبهم كافرًا، وإلا، فمن المعلوم أن من شعار دار الحديث السلفية بدماج -حرسها الله- من قديم أن لا مكان لحزبي بينهم، فتأمل!!
    إذا علمت ماسبق علمت مدى سقوط وتهافت شبهة الخلط التي ذكرها.

    البرعي:
    على كل حال، هذا جزء مما .. مما دار، أن مَنْ قَدَرَ أن يذهب إلى دماج، فجزاه الله خيرًا، يذهب يدافع عن إخوانه، ويدافع عن المركز، فإن أَيَّدهم الله ونصرهم، فهم يعني نصر مؤيد بنصر الله، وإن قُتِل، فهو نسأل الله يتقبله شهيدًا.


    قلت:
    وإذا كان لا سبيل حينئذ إلى الوصول إلى دماج لإحكام الرافضة الحصار على إخواننا هناك كما هو الواقع، أَيُترَكون طُعمًا لنيران الرافضة، وفريسة لحصار الرافضة -كما هو الواقع-؟!
    هذا كلام لا يدل عليه عقل ولا نقل.

    البرعي:
    على كل حال -بارك الله فيكم- ومن جهز غازيًا فقد غزا، المال الذي ستذهب به، أَرسله إلى إخوانك في دماج، أرسله إلى إخوانك في دماج، والله ينفعهم.


    قلت:
    كيف يجهز غازيًا من أهل دماج، ولا سبيل للوصول إلى أهل دماج المحاصرين، ولا إلى هذا الغازي لا بطعام ولا بشراب، ولا بكساء ولا بدواء، ولو وصله -فرضًا- هذا المال، فكيف السبيل إلى الانتفاع بهذا المال، وهو لا يجد ما يشتريه به، سواء كان سلاحًا أو طعامًا أو كساءً أو دواءً أو غير ذلك؟!
    لقد تحجرت واسعًا في عدم تأييدك للجبهة في وائلة أو القافلة في وائلة، وأعنت -بصنيعك هذا- على الإضرار بإخوانك في دماج، وخذَّلت، وعوقت عن نصرة أهل السنة بدماج؛ لأنه إذا كان السبيل إلى دماج مقطوعًا على السالكين، وأنت في الوقت نفسه لا تؤيد ولا تنصر الجبهة في وائلة أو القافلة في وائلة، فقد صار متعذرًا -بناء على هذا- نفع أهل السنة بدماج بذلك، بل كنت بموقفك هذا المتخاذل المخذل عونًا للرافضة على إحكام الحصار على دماج، وتقتيل وتجويع أهلها -.
    يا هذا ! إن كل عاقل منَّ الله عليه بنعمة العقل يعلم أنه ما رُفع الحصار بعدُ عن دماج إلا بسبب غزوة القافلة في وائلة في جبهة كتاف.

    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    على كل حال، هذا جوابي -حفظك الله-: أن الذين هم في دماج، هم في جهاد، تمام، هم ونياتهم هم لا، فرض كفاية، بالنسبة لنا نحن الذين في هذه البلاد، فرض كفاية، لكن هم بالنسبة لهم، فرض عين.


    قلت:
    والذين في وائلة لا يلهون ولا يلعبون، وإنما هم في جهاد أيضًا، ولا ينكر ذلك إلا جاهل مفرط في الجهل، أو صاحب هوى أعمى الله بصيرته، أما كون الجهاد فرض كفاية على بلده أو على غير أهل دماج من أهل اليمن، فهذا لا يصح أن يُطلق هكذا، إلا إذا قام بالجهاد من يكفي، أما إذا لم يحصل الكفاية، فيبقى الجهاد فرض عين على الأقرب فالأقرب ولو إلى آخر قرية يمنية حتى تحصل الكفاية، وهل الكفاية حاصلة إلى زمن كتابة هذا الجواب أم لا؟
    الجواب:
    لا، بيان ذلك أن الرافضة -قبحهم الله- قاتلوا أهل دماج، ولم يَكُفوا عن قتالهم، ولم يرفعوا حصارهم إلا بعد وجود جبهة كتاف، إذًا فالرافضة مستمرون في حربهم ضد أهل السنة، بل أهل الإسلام، ولم يكفوا عن ذلك، فتارة مع دماج، وتارة مع جبهة كتاف، وجنوحهم للصلح قهرًا مع بعض المسلمين -وهم أهل دماج هنا- لا يخرجهم عن كونهم محاربين، إذ لا يزالون يحاربون أهل السنة في وائلة وغيرها أيضًا، ولا يقال بالكف عنهم من قبل جبهة كتاف أو غيرها بدعوى أنهم رفعوا الحصار عن دماج؛ لأن رفعهم للحصار عن دماج ما كان إلا بسبب وجود جبهة كتاف، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن القوم أهل غدر ونقض للعهود وإخلاف للوعود، فكم من هدنة عقدوها أو فعلوها مع أهل دماج، ويغدرون في كل مرة، وهم لا يتقون، ولا يفون، وقد قال -عز وجل-:
    {
    إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَيُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}
    فكان واجبًا على أهل السنة قتالهم وتشريدهم والتنكيل بهم، حتى يتم تأمين دار الحديث السلفية بدماج، وتأمين السبيل إليها -على أقل الأحوال- ولم تحصل الكفاية في تحصيل ذلك إلى اليوم فبقي الجهاد فرض عين على الأقرب فالأقرب، ولو على ما يلي اليمن من الأقطار فضلاً عن اليمنيين.
    هذا، ويجب على أهل دماج إعداد العدة للرافضة؛ لقوله -تعالى-:
    {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}.
    أما ما كان من صلح بينهم وبين الرافضة، فمثل هذا الصلح إما أن يكون مؤقتًا بمدة معلومة متفق عليها فيجب إتمام عهدهم إلى مدتهم، ولا يجوز الغدر بهم، فإن خافوا خيانة الرافضة في مدة عهدهم وجب نبذ عهدهم إليهم؛ لقوله -تعالى-:
    {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}
    أما إذا كان العهد أو الصلح ليس له أمد معلوم ولا مدة محدودة، فلهم نبذ العهد إلى الرافضة، في أي وقت رأوا فيه القدرة على مقاتلتهم وجهادهم، وإلا، بطل الجهاد أبدًا، وهذا باطل محال.
    هذا، والخلاصة -على كل حال- أنه لو كانت الكفاية حاصلة الآن في جهاد الدفع ما كانت حاصلة في جهاد الطلب، والقوم يجب طلبهم، كما يجب دفعهم، فالجهاد الجهاد يا أهل الجهاد، والله المستعان.


    قال البرعي:
    اسمعني، جمْع الأموال بالطريقة التي نراها، هذه -بارك الله فيك- مثل قضية غزة تمامًا، ونخشى من تلصص، وقد تكلمنا عنها،

    مداخلة: اذكر لنا مثالا ...
    البرعي:
    الـ.. هذه -بارك الله فيك- إهانة للدعوة، تكفف في أبواب المساجد، إخوانَّا في دماج لهم الله، لهم الله -عز وجل- ما هو بهذا الأسلوب، ما هو بهذه الطريقة، ولا نرضى بها، أن أهل السنة يهينون وجوههم بالتكفف في المساجد وفي غيرها!!

    لهم الله -عز وجل- والله على كل شيء قدير، ما هذا بارك الله فيك؟!
    واحد يعلَّق ورقة، اتصل على رقم فلان الفلاني، اتصلوا عليّ، كل واحد شغل.. ناس، بعض الناس لا نعرفه بـــ.. بـــ.. بحب السنة، بعضهم نعرفه من الحزبيون، وشغل، إيش هذا الكلام؟!

    قلت:
    العيب ليس في جمع الأموال للمجاهدين، وإنما العيب في التلصص، فيعالج هذا التلصص إن قُدر على علاجه، وإلا، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وعلى كل حال، فإن التلصص من بعض الناس لا يمنع جمع الأموال بالطرق الشرعية للمجاهدين، سواء كان هذا التلصص من الحزبيين أو غيرهم، بل إن ما عليه الحزبيون من التحزب والبدعة هو أشد من التلصص، فكما أن تحزبهم وابتداعهم وطعنهم في أهل السنة لا يمنع من تمسك السلفي بسلفيته ولا من ثباته عليها، فكذلك تلصص المتلصص -أيًا من كان- لا يمنع من جمع الأموال بالسبل الشرعية أو الجائزة التي لا تخالف شرعًا لإعانة المجاهدين، وعلى كل حال، فإن مفسدة اعتداء الروافض على أهل دماج بتقتيلهم والتمثيل بهم وغير ذلك أعظم من مفسدة التلصص، والأدلة الشرعية والقواعد المرعية تقضي بتقديم دفع أعظم المفسدتين، إن لم يمكن دفعهما جميعًا، فالأمر كما قيل:
    حنانيك بعض الشر أهون من بعض، فَتَحَيُّنُ أهل البدع أو أهل الريبة فرصة اشتغال المسلمين بما أوجبه الله عليهم أو شرعه لهم، لا يمنع المسلمين من القيام بما أوجبه الله عليهم أو شرعه لهم من جهة، ولا من الأخذ على يد الجاني -متى أمكن- من جهة أخرى، فقد روى مسلم في صحيحه في كتاب الحدود برقم [17-(1692)] روى بسنده عن جابر بن سمرة قال: رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل قصير أعضل، ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فلعلك؟» قال: لا، والله إنه قد زنى الأَخِرُ، قال: فرجمه، ثم خطب فقال: «ألا كلما نفرنا غازين في سبيل الله، خَلَفَ أحدهم له نبيب كنبيب التيس، يمنح أَحَدُهُم الكُثْبَة، أما والله إن يُمْكِنِّي من أحدهم لأُنَكِّلَنَّهُ عنه».
    وفي اللفظ الذي بعده برقم [18-(1692)]:
    «إن الله لا يُمْكِنِّي من أحد منهم إلا جعلته نكالاً»
    قال النووي-رحمه الله- في شرحه، جـ11، صـ178، الشركة المصرية للطباعة:
    "ونبيب التيس" صوته عند السفاد "في المطبوع: الفساد وهو خطأ" ... والكثبة بضم الكاف وإسكان المثلثة، القليل من اللبن وغيره" انتهى.
    قلت: وفي اللسان مادة سفد:
    "السِّفاد نَزْو الذكر على الأنثى" انتهى.

    قلت:
    والجهاد في سبيل الله مقصود لذاته؛ لأنه مأمور به، وأكل أموال الناس بالباطل مقصود لغيره؛ لأنه منهي عنه، وما كان مقصودًا لذاته فإنه أعلى رتبة من المقصود لغيره، ومقدم على المقصود لغيره، كما ذكر نحو ذلك ابن القيم -رحمه الله- في بعض كتبه، ولاشك في أن الرافضة في حربهم لإخواننا يأكلون أموالهم بالباطل، فتارة بأخذ سلاح مَن قتلوه، وتارة بأخذ نصيب كبير من بعض الإغاثات لإخواننا، فإذا أضفت إلى ذلك قتلهم لإخواننا وتجويعهم إياهم، وتخويفهم، إلى غير ذلك، علمت أنها مفاسد كثيرة، تربو أضعافًا مضاعفة على أكل بعض المتلصصين لبعض أموال منفقيها للجهاد في سبيل الله، وعلى كل حال، فليس كل ما ينفقه المنفقون يأخذه المتلصصون والمتأكِّلون باسم الجهاد في دماج، فإخواننا السلفيون هم من جملة من يجمعون الأموال لمصلحة المجاهدين في دماج أو غيرها، فبان بذلك أن قول هذا القائل هو قول من لا فقه له، على أنه مهما اتخذ هو أو غيره من طريقة لجمع المال سرية كانت أم علنية، فإن هؤلاء المتلصصين يمكن أن يسلكوا الطريقة نفسها، فما هو قائل أو صانع؟!
    وإذا كانت طريقة جمع الأموال جائزة شرعًا، وليسن محظورة شرعًا، فلا بأس بسلوكها، ولو كانت شعارًا لأهل الأهواء، فإذا كانت هذه الطريقة جائزة شرعًا غير أنها شعار لأهل البدع، وليست شعارًا في الشرع، فيجوز سلوك هذه السبيل أحيانًا -خاصة إذا اقتضى المقام ذلك- من غير اتخاذها شعارًا، أما إذا كانت شعارًا في الشرع، فيجوز اتخاذهاشعارًا وإن اتخذها أهل الأهواء شعارًا؛ لأننا متعبدون بالشرع، واتخاذ أهل الأهواء ما كان شعارًا في الشرع شعارًا، لا يمنعنا من اتخاذه شعارًا.
    ثم إن حث الناس في المساجد أو على أبوابها أو في غيرها على الإنفاق في سبيل الله ليس من التلصص في شيء، والمتلصص لا يقف عند حد، فمتى اقتضى المقام الحث على الإنفاق، حُثَّ عليه،وأينما اقتضى المقام الحث على الإنفاق، حُث عليه، ولا دليل يمنع من ذلك -والشأن ما ذكر- خاصة إذا كان الحاث على الإنفاق والجامع للمال سلفيًا ودافعًا له في مصلحة الإسلام والمسلمين كالجهاد، ثم إنه يمكن الجمع بين حث الناس على الإنفاق وتحذيرهم من المتلصصين، وأن يُعْلِم الحاث مَن أراد الإنفاق بأسماء من يتلقى تلك الأموال، وبهذا نكون قد جمعنا بين الحسنيين، بين دعوة الناس إلى الإنفاق وبين تحذيرهم من المتلصصين، ثم إن دعوة الناس إلى الإنفاق علانية على الملأ في المسجد أو غيره أدعى لثقة الناس بالداعي، وأبعد عن الريبة، وأرجى لإنفاق أكبر عدد ممكن من الناس، فكثير من الناس محب للإنفاق في وجوه الخير متى علم بالدعوة إلى ذلك، خصوصًا إذا وثق بالداعي إلى ذلك، فيمكن تحقيق المصلحة بدعوة الناس إلى الإنفاق بالسبل المشروعة، ودرء مفسدة التلصص، أو التقليل منها قدر الإمكان، وذلك بدلالة الناس على الأشخاص أو الأماكن التي تَقبل الإنفاق من المنفقين، وتحذير الناس من المتلصصين بأعيانهم وأوصافهم، إلى غير ذلك مما سبيله درء هذه المفسدة، وهذا أمر ممكن ميسور -ولله الحمد-.
    وبهذا يُعلم أن كلام هذا المتكلم هاهنا طويل الذيل قليل النيل، أو عديم النيل.
    وبهذا يعلم أن الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله أبوابها أوسع وأكثر من أن يتحجرها متحجر في سبيل بعينه لم يمنع الشرع من غيره، هذا، وليس في الدعوة إلى الإنفاق في المساجد أو غيرها إهانة لوجوه أهل السنة، بل هذا عمل شريف صالح، ودلالة على خير، ودعوة إلى خير، ولو لقي السني شيئًا من الأذى، فلا ضير عليه، ولا حرج عليه، فإن ذلك من جملة المقدور المكروه، الذي يثاب بصبره عليه، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
    «هل أنتِ إلا إصبع دَمِيتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ»
    الحديث رواه البخاري في صحيحه برقم (2802) ومسلم في صحيحه -واللفظ له- برقم [112-(1796)] من حديث جندَُب بن سفيان قال: دمِيتْ إصبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض تلك المشاهد، فقال: فذكره، ورواه البخاري برقم (6146) بلفظ:
    بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يمشي إذ أصابه حجر، فعثر، فدميت إصبعه، فقال: فذكره .

    وليست الملامة على من أحسن، وإنما الملامة على من أساء، وقد قال -عز وجل-:
    {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
    ولو جاب الإنسان المساجد أو الأسواق أو غيرها من مجتمعات الناس ليحثهم على الإنفاق في سبيل الله لما كان عليه عتب ولا ملامة، ما دام المقام مقتضيًا لذلك، وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحث على الصدقة حيثما اقتضى المقام ذلك.
    ثم إن الدعوة إلى الإنفاق في المساجد أو في غيرها على رؤوس الناس ليست هي سبيل تلصص لغير المتلصص.
    هذا، وقد دعا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى الإنفاق على رؤوس الناس في المسجد، فقد روى مسلم في صحيحه، في كتاب (الزكاة) برقم [69-(1017)] قال: حدثني محمد بن المثنى العَنَزي، أخبرنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه؛ قال:
    كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ. قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ [أي: مشقَّقوها أو مقطَّعوها] مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَىٰ بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَىٰ آخِرِ الآيَةِ {إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}» وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله} تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ»حَتَّىٰ قَالَ:«وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّىٰ رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّىٰ رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
    «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»
    قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، ح، وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، قالا جميعًا: حدثنا شعبة، حدثني عون بن أبي جحيفة، قال: سمعت المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدر النهار، بمثل حديث ابن جعفر، وفي حديث ابن معاذ من الزيادة، قال: ثم صلى الظهر، ثم خطب.
    وقد قال-تعالى-:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
    قلت:
    وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك مع هؤلاء، فكيف بمن حوصر سبعين يومًا، ولم يكن متهيئًا لذلك ولا معدًا له؟!
    وكيف بمن يُقتل بسلاح الرافضة، ويُمَثَّل به؟!
    أليس هؤلا ءأولى بأن يُدعى الناس من أجل الإنفاق عليهم في المساجد أو غير المساجد؟!
    هذا، وقد حث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- النساء على التصدق، بل أمرهن بذلك، ولم يكتف بمجرد الترغيب في التصدق، فقد روى مسلم في صحيحه، في (كتاب الإيمان) برقم [132-(79)] قال:
    حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري، أخبرنا الليث، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار» فقالت امرأة منهن، جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: «تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» قالت: يا رسول الله!وما نقصان العقل والدين؟ قال: «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين» أجل الإنفاق عليهم في المساجد أو غير المساجد؟!
    هذا، الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم (304) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ورواه مسلم -أيضًا- من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، عقب حديث ابن عمر السابق، غير أنه قال: "بمثل معنى حديث ابن عمر عن النبي" إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على ما قصدنا إليه.
    وإن تعجب فعجب قوله:
    "أهل السنة يهينون وجوههم بالتلصص في المساجد وغيرها؟!"
    حيث جعل الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله تلصصًا، وإهانة للوجوه على مرأى ومسمع من الناس.
    وتأمل كيف جعل الدعوة إلى الإنفاق إهانة للوجوه، وقارن بين قوله هذا، وما رواه البخاري في صحيحه في كتاب (الطلاق) برقم (5283) حيث روى بسنده إلى ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبدًا، يقال له مغيث، كأني أنظر إليه، يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي لعباس: «ياعباس! أتعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا؟!» فقال النبي: «لو راجعتيه» قالت: يا رسول الله! تأمرني؟ قال: «إنما أنا أشفع» قالت: لاحاجة لي فيه.
    قلت:
    مع أنه رسول الله، فماذا كان؟!

    وتأمل
    قوله:

    "لهم الله ... ، ماهذا بارك الله فيك؟!"
    وكأن الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله في المساجد أو على أبوابها جرم كبير، أعاذنا الله من مثل هذا الفقه الذي يصد عن سبيل الله!

    قال البرعي:
    هذا ما هو طريق -بارك الله فيكم- دعوة أهل السنة ما هي لعبة، يعني أصبحنا لعبة في أيدي الناس!!
    هذا يتمهزأ بأهل السنة من هنا، وهذا من هنا، و.. والحزبيون انقسموا قسمين، قسم يِعَيِّر، وقسم يجمع فلوس،إيش، لعبة ولا إيش!!
    لا تخرج دعوة أهل السنة عن وقارها، ولا تخرج دعوة أهل السنة عن هيبتها، إخوانا في دماج لهم الله، مَن.. مَن عاش، عاش، ومن مات، مات، لهم الله، لهم الله -عز وجل- نسأل الله -عزوجل- أن يحقن دماءهم، ويؤيدهم بنصره، لكن تتخذ دعوة أهل السنة مهزلة، نعرف أناسًا والله يعني ممرغون في الحزبية، في غاية من الـ.. السوء، ومع ذلك -بارك الله فيك- افعلُّو ورقة وعلَّق، شُغْل، شُغل، هذا ما هو أسلوب -بارك الله فيكم- لا تُعرض دعوة أهل السنة للإهانة، ولا نرضى بهذا، غضبوا .. مَن غضب غضب، ومَن رضي رضي، من حجر ولاَّ غير أحمد حجر، مَن تكلم تكلم، ومَن.. ومَن سجَّل سجل، هذا كلامنا يأخذه القاصي والداني.
    مداخلة: ...( كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    يا أخي -بارك الله فيك- ما كان يكون، هو نفسه من المنتقدين على هذا الأمر علينا نحن، ليش كذا؟ وليش كذا؟!!.

    أحمد حجر، مَن هو؟!
    يسوق له الباص دا، ولا يسوق للركاب ... ، هذه قضايا عليها علماء ..مش عليك، هو ولا غيره، يتأدبون، هذه ماهي لعبة!!
    هذه دعوة، يعني نتاجر بــ .. بأجسام إخواننا!! رجال ونساء يتلقون الموت، والناس يتاجرون بهم، هذه ما هي طريقة أهل السنة، ولا نرضى بها، ومَن غضب غضب.

    قلت:
    أما كون بعض الناس يهزءون، بأهل السنة بسبيل أو بآخر في فتنة الرافضة، وذلك في جمع الأموال أو غيره، فليس بأمر جديد على أمثال هؤلاء -قاتلهم الله- فهذا ديدن أهل الباطل مع أهل الإسلام قديمًا وحديثًا، وهذا ديدن أهل البدع مع أهل السنة قديمًا وحديثًا، وماكان لمؤمن أن يترك إيمانه لكفر كافر، وما كان لسني أن يترك تمسكه بالسنة لابتداع مبتدع، وكذلك ما كان لأهل الجهاد بالمال والسنان أن يتركوا ذلك لشح شحيح، أو لبخل بخيل، أو لجبن جبان، أو لخذلان متخاذل، أو لتخذيل مخذل، وكذلك ما كان لمتعاون على البر والتقوى، ولا حاثٍّ ولا مرغِّب في الإنفاق في سبيل الله بالوسائل المشروعة أو المباحة، ما كان لمثل هذا أن يترك ذلك لاستهزاء مستهزئ، أو تلاعب متلاعب، خاصة إذا كان ترك مثل هذه الوسائل يفوِّت حقًا كبيرًا أو خيرًا كثيرًا على مستحقيه، وأما انقسام الحزبيين إلى قسمين أو أكثر، فهذا لا يضير أهل الحق شيئًا، فلا يزال أهل الباطل مختلفين فيما بينهم، مخالفين للحق، متفقين على مفارقة الحق، وهذا أمر يشترك فيه الجن والإنس، قال -تعالى- في اليهود:
    {
    تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}.
    وقال:
    {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ}
    وقال -تعالى-عن الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}
    وقال عنهم-أيضًا-: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}
    والقاسطون الجائرون أصناف وأنواع، ومثل هذا الاختلاف لا يضير الصالحين ولا المسلمين.
    ثم إن دعوة أهل السنة ليست لعبة عند أهل السنة، ودعوة أهل السنة للإنفاق في سبيل الله بالسبل المشروعة، ليس من اتخاذ دين الله هزوًا، ولا من اتخاذ دعوة أهل السنة لعبًا، فغُرم اللاعبين بدعوة أهل السنة، إنما هو على أصحابه، وليس على أهل السنة منه شيء، وإنما لهم غنم الإنفاق والدعوة إليه بالوسائل المشروعة أو المباحة، ووقار دعوة أهل السنة وهيبتها، كل ذلك لا يمنع من الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله بشتى الوسائل المباحة،خاصة إذا كانت الضرورة داعية لذلك، ولا خير في وقار وهيبة يمنعان من ذلك، ويفوتان على المجاهدين حقوقهم الواجبة المحتمة، هذا، إن صح أن يسمى ذلك المنع والتفويت وقارًا وهيبة -والشأن ما ذكر- وأي وقار وأي هيبة يكون ثمرتها التضحية بإخواننا في جبهات القتال، وعدم التمكين لهم بشراء ما يحتاجون إليه من سلاح وذخيرة وعتاد وغير ذلك من الأسباب اللازمة والضرورية؟!
    وأي وقار وأي هيبة يكون نتاجها جعل إخواننا طُعمًا لنيران الرافضة؟!
    وأي وقار وأي هيبة تكون سببًا في أن تورث لنا من إخواننا جثثًا ممثلاً بها أو غير ممثل بها من قبل الرافضة؟!
    ثم إنه ليس على أهل السنة من أوزار القوم من شيء، خاصة إذا كان أهل السنة لا يملكون رد أهل التحزب عن غيهم، ولا يسعهم -في الوقت نفسه- عدم جمع المال بجميع السبل الممكنة والمتاحة والمباحة شرعًا -والله- إن جمع المال بشتى السبل المباحة لإخواننا المجاهدين جهاد الدفع للرافضة لأمر ضروري، يضطر إليه ذو العقل الصريح والفطرة السوية والقلب السليم من غير افتقار إلى طول بحث ونظر واستدلال.
    ولقد أحسسنا بضرورة ذلك مع بعد الديار، فكيف لايشعر بذلك القريب؟! وقد قيل:
    وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ***علي من وقع الحسام المهند.
    وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-:
    «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»
    الحديث في البخاري برقم (6011) ومسلم برقم [66- (2585)] واللفظ لفظ مسلم.



    قلت:
    إلا أن الأعضاء لا تستوي في هذا التداعي، فلا شك في أن العضو الأقرب من العضو المشتكي أشد تداعيًا بالسهر والحمى من العضو البعيد، وهذا أمر معلوم بالحس، لا ينكره إلا مكابر أو فاسد العقل والفطرة.

    وتأمل قوله:
    "إخوانا في دماج لهم الله ، من عاش عاش، ومن مات مات، لهم الله، لهم الله -عز وجل-"
    تلك العبارة التي يفرح بمثلها على هذا النحو الرافضة، فالله الذي بيده الإحياء والإماتة، قد قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
    وقال لنا رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ومن ذلك الجهاد بالمال وإنفاقه في سبيل الله، وإذا كان إخواننا في دماج لهم الله، فلهم إخوانهم المؤمنون -أيضًا- وقد قال الله -عز وجل-:
    {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وهذا يحتمل وجهين:
    الأول: يا أيها النبي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين الله" وهو الذي اقتصر عليه ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره.
    قلت: ويستدل له بمثل قوله -تعالى-
    :
    {
    وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ} وغيره.
    الثاني: يا أيها النبي حسبك الله، وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وهذا الوجه لا يأباه المعنى الشرعي ولا اللغوي.
    قال القرطبي مجلد4جــ8صـ39-40:
    "قوله تعالى-:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ليس هذا تكريرًا، فإنه قال فيما سبق:{وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ}وهذه كفاية خاصة، وفي قوله:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ} أراد التعميم أي حسبك الله في كل حال
    ...
    قوله -تعالى-:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قيل: المعنى حسبك الله، وحسبك المهاجرون والأنصار. وقيل: المعنى كافيك الله وكافي من تبعك، قاله الشعبي وابن زيد. والأول عن الحسن، واختاره النحاس وغيره..." انتهى
    والاستدلال على صحة هذا المعنى يطول، اكتفينا بمجرد ذكره، وذكر بعض الأقوال فيه لظهور معناه، والله أعلم.

    قلت:
    وعلى هذا، فإن كفاية العبد للمجاهدين دليل على إيمانه، فإن هذه الآية مسوقة في سياق الجهاد، ومن تخاذل عن ذلك فإن إيمانه مخدوش، فكيف إذا جمع العبد خذلانًا وتخذيلاً ؟!
    وما أبلغ!! ما رواه مسلم في صحيحه برقم [43-(2569)] بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
    «إن الله -عز وجل- يقول يوم القيامة يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني. قال: يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده؟! أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟! يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني. قال يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟! أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟! يا ابن آدم! استسقيتك فلم تسقني. قال يا رب! كي فأسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي».

    هذا، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث المتفق عليه من حديث أبي موسى : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»وشبك أصابعه.
    الحديث في البخاري برقم (480) وهذا لفظه، وفي مسلم برقم [65-(2585)] أم أن الأمر كما قيل:
    وإخوان حسبتهمو دروعًا ***فكانوها ولكن للأعادي ؟!
    وإخوان حسبتهمو سهامًا***فكانوها ولكن فيفؤادي ؟!

    وقوله:
    "لا نعرض دعوة أهل السنة للإهانة ..."

    يقال فيه:

    ليس في الحث على الإنفاق في سبيل الله بجميع الوسائل المباحة والمشروعة المسموعة منها والمقروءة، ليس في ذلك إهانة لدعوة أهل السنة، وإنما المهان هو الذي أهان نفسه حيث أكل أموال الناس بالباطل، وحيث خَلَفَ المجاهدين في سبيل الله، بشر حال، وبسوء فعل، وليس على أهل السنة من ذلك شيء -ولله الحمد- .
    ثم إن إقحامه لذكر أحمد حجر ها هنا مع غضبه عليه لا وجه له إذ إن السياق ها هنا متعلق بوسائل جمع الأموال للمجاهدين، ولم يذكر أحمد حجر هذا الأمر بعينه، ولم ينص عليه في أسئلته كما سلف، إلا أن يكون ذكر ذلك في كلام آخر، فيجري فيه البحث السابق، ثم أخذ يتهكم به، مع أنه أقوم قيلاً، وأسد وأصدق حديثًا منه، وذلك في اتصاله الهاتفي السابق، الذي أجراه معه، وقد قال -عز وجل-:
    {
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنّ َخَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

    قوله:
    "هذه قضايا عليها علماء"

    قلت:
    قد فرغ العلماء من القول والفتوى بوجوب جهاد الرافضة بالمال والنفس، فأين أنت من كلام العلماء في تلك القضايا؟!
    أم قد صار التمسح المجرد بالعلماء العاري عن الحقيقة شعارًا لأمثالكم؟!

    يا أيها الرجل! إن كلام أهل العلم المسجل في ذلك المسموع والمزبور، قد عرفه القاصي والداني، غضب من غضب، ورضي من رضي.

    قوله:
    "... يعني نتاجر بأجسام إخواننا ... رجال ونساء يتلقون الموت، والناس يتاجرون بهم ... سيتاجر بأجساد إخواننا كما تاجر الإخوان المسلمون في غزة"

    قلت:
    إن كلامه ليذكرني بالمثل السائر: أسمع جعجعة ولا أرى طِحنًا، فلا أنت نصرت أهل دماج بالحث -على الأقل- على اللحاق بجبهة كتاف السلفية والجهاد معها بالنفس والمال، ولا أنت كففت شر هؤلاء المتاجرين بأجساد إخوانك!! على أن لفظ المتاجرة -إن صح هنا- لفظ مجمل، فمن المتاجرة بالجهاد ما هو محمود ومنه ما هو مذموم، فمن المحمود قوله -تعالى-:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه ِبِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
    ويدخل في جنس ذلك حث الناس على الجهاد بالنفس والمال، وجمع المال للمجاهدين وتحريضهم على ذلك، على إثر مقتل بعض المؤمنين، فهذه تجارة حميدة رابحة رايحة رائجة، ومن المذموم، أكل أموال الناس المنفقة والمرصدة للجهاد والمجاهدين، فهذه تجارة كاسدة بائدة خاسرة بائرة.
    والخلاصة أنه لا تخلية من جهتكم لمحل أهل الباطل من باطلهم، ولا تحلية لمحلكم بنصرة إخوانكم في جبهة كتاف، فما هذا؟!
    وتأمل كيف أغلق بعض أبواب ووسائل الحث على الإنفاق لسلوك بعض أهل الأهواء لها مع جوازها شرعًا -وإن سلكها أهل الأهواء- على أن أهل السنة متميزون -ولله الحمد- في هذه الوسائل أيضًا من جهات عديدة، فهم متميزون من جهة السمت والهدي الظاهر، والقول المنضبط بضابط الشرع، إلى غير ذلك -ولله الحمد-.
    وتأمل كيف صده وجود بعض الحزبيين في جبهة الجهاد السلفية عن التحريض -على الأقل- على الجهاد في تلك الجبهة، مع أن الراية سلفية، ومع أن الغالب الأعظم -والحكم للأغلب- هم السلفيون!! ولهم الولاية على غيرهم.
    فيالفرحة أهل الأهواء بهذا حيث كانوا حجر عثرة في طريق أبواب الخير!!
    إذا علمت ذلك، فاعلم أن من صد عن الجهاد في سبيل الله بسبيل أو بآخر، فقد صد عن ذكر الله -عز وجل- ذلك؛ لأن الله سمى القرآن ذكرًا في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وآيات الجهاد جزء من هذا الذكر، فالجهاد ذكر.
    أضف إلى ذلك ما في الجهاد من الذكر، كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ}.
    ومن صد عن ذكر الله فهو شيطان، قال -عز وجل-: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} ولما كان الجهاد هو من ذكر الله، وكان الصاد عن ذكر الله شيطانًا، كان الصاد عن الجهاد شيطانًا، فتأمل!!


    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    لا نقف ضدًا، ولا نؤيدها، القصد أنه من وجدناه يتكلم بمثل هذا الكلام مثل ما جاءت مناسبة له.
    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي: نعم، ...
    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    ... أنه لم يصل إليه شيء، هذه مصيبة -بارك الله فيكم- ملايين وعشرات الملايين، نسمع بها بهذا الأسلوب، يجمعونها ولا يُدرى أين تذهب!! سـ.. سيُتَاجَر بأجساد إخواننا كما تاجر الإخوان المسلمون بغزة، هذه -بارك الله فيكم- هذه إهانة للدعوة.

    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    هناك إيش؟
    مداخلة ...(كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    والمنافق يقول: أنا منافق؟!
    مداخلة ... كلام غير مفهوم
    البرعي:
    ... كِيف ؟! أنه من أولياء الله الصالحين !!، فلان اسمه كذا، ذليل حقير على ما هو عليه.
    قال البرعي:
    الآن جماعة الجهاد هم المدربون -بارك الله فيك-.

    قلت:
    في هذا الكلام مبالغة، فمعلوم أن الشعب اليمني -في الجملة- شعب مسلح مدرب على السلاح الآلي، والشخصي (المسمى بالمسدس أو الطبنجة 9ملم)

    قوله:

    "أصبح ستصبح هذه (الجبهة) مثل أفغانستان، يذهبو سني ويرجع جهادي، بعديه ترجع إليك طلبة العلم ثاروا من بين يديك، يرجعون وقد دس الـ .. جماعة الجهاد والإخوان المسلمون وغيرهم، قد دسوا فيهم الأفكار المنحرفة ...، يا إخوان انتبهوا -بارك الله فيكم- ما هي لعبة، حافظوا على دعوتكم!!"

    قلت:

    هذا قياس مع الفارق، فهو فاسد الاعتبار، ذلك؛ لأن الراية في أفغانستان لم تكن سلفية، بخلاف هذه الراية، وكانت الصولة والجولة للحزبيين أهل الأهواء، بخلاف جبهتي كتاف وحجور -ولله الحمد- فالراية والولاية لأهل السنة -ولله الحمد-.
    فصار قوله:"ستصبح مثل أفغانستان... إلى آخره "
    من باب التخرص والتقول المفتقر للبرهان، وقد لعن الله الخراصين في قوله :{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} الآيات.
    فالخراص قائل بلا علم، قال-تعالى- عن المشركين:
    {
    وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}
    بل إن مثل هذه الدعوى منه تشبه الأراجيف التي قال الله -عز وجل- في أهلها:
    {
    لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّاقَلِيلًا} الآيات.
    إذا علمت الفارق بين رايتي جبهتي كتاف وحجور السلفيتين، وبين راية أفغانستان غير السلفية، علمت مدى صدق هذا الزعم من كذبه!!
    وإنا لنرجو أن يعودوا أو كثير منهم أو بعضهم -على الأقل- وقد أحبوا أهل العلم وحلق العلم وأهل العلم، وزَهِدوا فيما كانوا عليه.


    قال البرعي:
    "نعم، أما -بارك الله فيكم- دماج فأسأل الله أن يحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، ونحن متواصلون معهم في اليوم عدة مرات، نتصل بهم، نعرف أخبارهم كأننا في أوساطهم، ما أحد يستطيع يأتي بخبر ما هو موجود عندنا، ما يستطيع أحد يأتي بخبر ما هو موجود عندنا، عندنا أخبارهم، نتصل على عدة تليفونات في اليوم الواحد، هذا في جهة، وهذا في جهة، وهذا في جهة، نعرف أخبارهم كلهم؛ لأنهم قد تحدث بسبب أنهم ما يستطيعون يمشون، يرى هذا مالا يرى هذا، أخبارهم عندنا بالتفصيل يوميًا، والله يعلم ما في قلوبنا، وما في قلوبهم"

    قلت:

    وما ثمرة هذا التواصل؟! إلا أن يكون حجة على صاحبه، على أنه بقي أن يقال: مَن هؤلاء الطلبة الذين يُدلون إليه بالأخبار، فقد أخبرني الشيخ عبد الرقيب الكوكباني -حفظه الله- أن له أتباعًا ما بقوا في دماج إلا من أجل المعيشة. انتهى بمعناه
    وقد علمت أيها السلفي ما رد به على المتصل وهو أحمد فرحان حجر، وعلمت ثمرة هذا الاتصال، وأنها ما كانت إلا التخذيل عن جبهة كتاف السلفية الناصرة لدماج رغم أنف المعاند.

    البرعي:
    "ويعني بعض الناس-بارك الله فيك-: تكلم مثل ما أريد، وإلا، ما تعجبني تكلم مثل ما أريد، وإلا ماتعجبني، سبحان الله!!"

    قلت:
    السلفي -ولله الحمد- لا يقول هذا، وإنما يقول: تكلم بالحق وبكلام أهل العلم، وإلا فما تعجبني، وهذا لا غبار عليه، وما التخاذل والتخذيل عن نصرة إخواننا في جبهة كتاف إلا مخالفة للحق، لا تُعجب أي سلفي عرف معنى السلفية.

    البرعي:
    "أصبح الآن.. الآن مِن أهل السنة مَن يقول: أبو الحسن عنده بدع لكن له مواقف مشرِّفة!! محمد المهدي عنده بدع لكن له مواقف مشرفة!! الآن!!ونحن لا نزال طرف الباب، ما قد دخلنا، ما نزال في الطرف، وقد أصبح الثنا على المبتدعة!! هذا -بارك الله فيكم- الله أعلم ما وراء الــ.. بعض الناس"

    قلت:

    المبتدع مبتدع من قبل ومن بعد، سواء جاهد مع أهل السنة أو قعد في أرضه التي ولد فيها، غير أن جهاده محمود بالنسبة لقعوده، وإلا، سوينا بين جهاده وقعوده، وهذا مالا كِفة له في ميزان الشرع، فكما أن المؤمنين متفاوتون في درجات إيمانهم، فكذلك المبتدعون متفاوتون في دركات بدعهم، وكذلك الكفار متفاوتون في دركات كفرهم، فالملاحدة بإطلاق أشد كفرًا من المشركين، والمشركون أشد كفرًا من اليهود، واليهود أشد كفرًا من النصارى، والأئمة والرؤساء والكبراء وغيرهم من المتبوعين الصادين عن سبيل الله أشد كفرًا من التابعين لهم على كفرهم، يُصدق ذلك قولُه -تعالى-:
    {
    الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ}.
    وقولُه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}.
    وقولُه: {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} فخصهم ها هنا، مع أن الله أمر بمقاتلة عموم المشركين في قولِه:
    {وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً}.
    وقولِه: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على مجاهدة عموم المشركين.
    وكذلك أهل البدع، فإنهم متفاوتون فيما بينهم في دركات البدعة، فأئمة البدع المتبوعون كالجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وعمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وأبي الهذيل العلاف، وأبي علي الجبائي، وغيرهم، أضل من تابعيهم من الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، وكثير من السلف فرقوا في قبول الرواية بين الداعي إلى البدعة وبين غير الداعي إليها عمومًا، فدل هذا التفريق منهم على أنهم لا يسوون بين الداعي وغير الداعي، وإن كان كل مبتدع لا يخلو أو لا يكاد يخلو من الدعوة إلى بدعته بسبيل أو بآخر، لكن لا أقل من أن يقال هنا: إن الإمام والرأس في الدعوة إلى البدعة والمقتدى به فيها ليس كمن هو دونه، وهذا واضح، وهل يمكن أن يسوى بين مبتدع رأس في البدعة، داع إلى بدعته، مقتدىً به فيها، مصنف في بدعته ومؤلف فيها، مخالف لجملة من أصول السنة وهو في الوقت نفسه زان، سارق، قاطع للرحم، مؤذ للجيران، تارك لكثير من شعائر الإسلام، هل يمكن أن يسوى بين هذا وبين من كان مبتدعًا في أصل واحد، وبه من أفعال البر ما به ومن صنائع المعروف ما به، ومن التمسك بشعائ رالإسلام ما به؟!
    اللهم إنهما لا يستويان في الأدلة الصحيحة ولا في العقول الرجيحة، وكذلك هل يستوي من كانت بدعته مكفرة مع من كانت بدعته غير مكفرة؟!
    اللهم لا، وكذلك هل يستوي من كانت بدعته أصولية مع من كانت بدعته فروعية؟!
    اللهم لا، على القول بالتفريق بين البدعة الأصولية والفروعية، فأهل العلم والسنة قديمًا وحديثًا، وإن كانوا ينكلون بالمبتدعة، ويشنعون عليهم، ويرمونهم بثواقب الأدلة وشهبها من سائر الأقطار، ويرمونهم عن قوس واحدة، فإنهم في الوقت نفسه يعاملون كل مبتدع بحسب جنايته على الدين، وبقدر ابتداعه وإحداثه في الدين، ولا يجعلون حسنته سيئة أبدًا، وإنما يُحذرون من الاغترار بتلك الحسنة، حتى لا تجر المغتر إلى تحسين الظن بالمبتدع وبدعته، ممايؤدي إلى قبولها أو دخولها عليه.
    فإذا اقتضى المقام ذكر حسنة أو حسنات للمبتدع ذكرت، وإلا فلا، وهذا معلوم في صنيع السلف، فكل شيء بحسبه وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، فلا يمتنع قول القائل: فلان عنده بدع ولكن له مواقف مشَرفة -إن صح أن له مواقف مشرفة شرعًا، وإن ثبت قول هذا القائل من أصله، متى اقتضى المقام ذكر هذا من قائله، وليس هذا القول من قائله موجبًا بالضرورة للأخذ بمذهب الموازنات الذي ذمه أهل العلم؛ لأن مذهب الموازنات الذي ذمه أهل العلم، وشنعوا على أهله أبلغ التشنيع، إنما هو القاضي بوجوب ذكر حسنات المخالف المردود عليه بإطلاق، وهذا باطل نقلاً وعقلاً، وليس عليه مذهب أحد من السلف، ولا عليه أثارة من علم، إذا علمت ما سبق، علمت أنه لا يُسوى بين المبتدع القاعد عن الجهاد مع المؤمنين، وبين المبتدع المجاهد مع المؤمنين، في مثل هذا القتال الدائر بين الرافضة وأهل السنة، وهو جهاد دفع واجب على من صِيل عليه، واعتدي عليه من قبل الرافضة.

    أقول:

    لا يُسوَّى بينهما لا شرعًا ولا عقلاً، فالمبتدع المجاهد مع المؤمنين قائم بواجب الجهاد عليه، وإن كان مرتكسًا في فتنة البدعة، غير أن المبتدع القاعد عن الجهاد جامع للشرين، وقد قيل:
    حنانيك بعض الشر أهون من بعض، ولعل هذا القائل قصد بقوله هذا: "فلان عنده بدع، لكن له مواقف مشرفة" لعله قصد الإنكار على المنتسب إلى السنة، حيث قعد عن الجهاد في سبيل الله مع إخوانه، وتخاذل وخذل عنه، مع أنه أولى بهذا الجهاد من هؤلاء المبتدعة، وأولى بالقيام بهذا الواجب لانتسابه إلى السنة، على أن هذا القائل لم ينسب المذكورَين إلى السنة، وإنما ذكر أن لهما مواقف مشرفة فحسب، على أننا لا ندري حال هذا القائل أصلاً.
    وأهل السنة وإن كانوا لا يَجحدون المواقف الطيبة للمبتدعة، إلا أنه يحسن ويجمل بهم بل يجب السكوت عن الإشادة بتلك المواقف، ويحسن ويجمل بهم بل يجب عليهم الإحجام عن إعلان ذلك على الملأ؛ سدًا للذريعة إلى الاغترار بباطلهم، ومراعاة لمصلحة إخمال ذكرهم، ما لم يقتض المقام ذكر شيء من ذلك، فإن اقتضى المقام ذكر شيء من ذلك ذكر، على أنه قد يصدر من بعض أهل السنة بعض الأقوال أو الأفعال التي لا تصدر من كبار أهل السنة وعلمائهم ومشايخهم، فلا يكون تصرف أحد من آحاد السلفيين قاضيًا على جميع السلفيين ولا على المنهج السلفي.
    وإليك ما رواه البخاري في صحيحه برقم (3147) ومسلم في صحيحه برقم [132-(1059)] عن أنس بن مالك، أن ناسًا من الأنصار، قالوا يوم حنين، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله يعطي قريشًا، ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟! قال: فحُدث ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قولهم، فأرسل إلى الأنصار، فجعلهم في قبة من أَدَم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ما حديث بلغني عنكم؟» فقال له فقهاء الأنصار: أمّا ذوو رأينا يا رسول الله! فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم قالوا: يغفر الله لرسوله، يعطي قريشًا، ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟!فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
    «فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟! فوالله! لَمَا تنقلبون به خير مما ينقلبون به» فقالوا: بلى يا رسول الله! قد رضينا، قال: «فإنكم ستجدون أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، فإني على الحوض» قالوا: سنصبر.
    وهذا لفظ مسلم، وفي لفظ البخاري: "قال أنس: فلم نصبر"
    إذا علمت ذلك، فاعلم أنه لا يجوز التذرع بمثل هذا القول -مع ما علمت من التفصيل فيه- للتخاذل أو التخذيل عن الجهاد في سبيل الله، فكيف لو كان هذا القول صادرًا من قائله بسبب تخاذل وتخذيل أمثال هؤلاء المنتسبين إلى السنة؟!
    فإن كان باطلاً فقد تسبب هؤلاء المخذلون فيه، وأعانوا عليه بسبب تخاذلهم وتخذيلهم، وإن كان حقًا، فماذا؟!
    هذا، وأهل السنة هم على حذر من أهل الأهواء على كل حال -ولله الحمد-.

    مداخلة
    ... (كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    "بعضهم قد غيَّر، بعضهم قد غيَّر، أي نعم، أصبح يقول: ليش ولي الأمر ما يقف معنا؟! إذًا يستاهل إنه يرحل.
    يا أخي! والله لو فعلها هو، مش الرافضة، لو الحصار هذا من ولي الأمر، ما غيَّرنا مواقفنا، هذا دين -بارك الله فيكم- مش هكذا"


    قلت:

    يقال فيه نحو مما قيل فيما قبله، على أننا نقول هنا -أيضًا- لا يُدرى عين هذا القائل فضلاً عن حاله ورتبته بين أهل السنة، فالله أعلم، وعلى كل حال، فأهل السنة -وعلى رأسهم دار الحديث السلفية بدماج- لم يروا الخروج على حاكم اليمن السابق علي عبد الله صالح، والذي يُغَيِّر -في كلام البرعي- إنما يغير على نفسه لا على أهل السنة ولا على منهجهم، وأهل السنة بدماج ساعون في الحث على الألفة وعدم الفرقة وعدم الثورة، وعدم الخروج على ولي الأمر إلى نهاية المطاف -ولله الحمد- .
    ونقول:
    الحمد لله على أن هذا الحصار لم يُضرب ولم يفرض على دار الحديث السلفية بدماج من قِبَل ولي الأمر، وإنما ضرب وفرض من قبل الرافضة، وقد أذن ولاة الأمور لإخواننا بالدفاع عن أنفسهم، وأخبروهم أنهم لا يملكون لهم شيئًا!! فلماذا لا تعمل بهذا الإذن من قبل ولي الأمر، خاصة إذا كنت قادرًا على الجهاد بنفسك أو بغيرك، وذلك بطريق الحث والحض والتحريض على الجهاد ضد الرافضة بالنفس والمال؟!
    وأين أنت يا هذا من هذا الإذن؟!
    أم الأمر كما قيل: شنشنة أعرفها من أخزم؟!
    فمَن أولى إذًا بالثبات علي أصول السنة وعدم التغير عنها؟!
    ثم إننا إذا نظرنا بعين الشرع إلى ملوك وحكام المسلمين المبتدعين الظالمين قلنا: لا يجوز الخروج عليهم ولا الضغط عليهم للرحيل عن الحكم، والتزمنا بذلك، وألزمنا غيرنا به، واعتقدنا أنهم لا يستأهلون للخروج عليهم شرعًا لبدعهم أو لمعاصيهم.
    وإذا نظرنا إليهم بعين الحكم الكوني القدري، قلنا: إن بدعهم ومعاصيهم سبب في زوال ملكهم وحكمهم، فسنن الله الكونية لا تتبدل ولا تتحول.
    قال -عز وجل- :
    {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.
    وقال:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
    وقال: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا}.
    وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
    وقال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}.
    وقال: {وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
    فلو تصورت وجود حاكم مقسط راشد لقطر، وحاكم مبتدع ظالم جائر لقطر آخر، قلت: لا يجوز الخروج على هذا ولا هذا شرعًا مع عظيم التفاوت بينهما، فالحكم الشرعي واحد، وهو عدم الخروج عليهما، مع أن هناك من دواعي الخروج على الثاني ما لا يوجد في حق الأول، إذ إن مصلحة الخروج على الأول معدومة ومفسدته خالصة، بخلاف الثاني فقد يكون فيه مصلحة ما، وإن كانت مرجوحة، ومفسدة الخروج عليه راجحة لا خالصة، وبناء على ذلك، يرجى للأول من ثبوت ملكه وتمكينه في الأرض ما لا يرجى للثاني، قال -عز وجل- :
    {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}.
    وقال: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }.
    وقال: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
    وقال: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}
    وقال:{أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ما ذكرنا.
    فهل يمكن أن يسوَّى بين هذا وذاك؟!
    لا والله! لا في الحياة ولا في الممات، فإن قيل إن عمر وعثمان وعليًا قد قتلوا وهذا يعكر على كونهم ممكنين،
    قلنا:
    إن هؤلاء الخلفاء الثلاثة خلفاء ممكنون راشدون للأحاديث الصحيحة الدالة على رشدهم، فمن عاش منهم عاش ممكنًا حميدًا، ومن قتل منهم قتل ممكنًا شهيدًا، فمن كان عند الله ممكنًا فهو الممكن ولو قتل، ووجوه التمكين كثيرة، ألا ترى أن الله مكن لهؤلاء الخلفاء الراشدين الشهداء في قلوب عباده وأوليائه، في حياتهم وبعد مقتلهم إلى يومنا هذا، وأن هذا التمكين سيبقى بعد يومنا هذا؟!
    ألا تعلم قوله -تعالى- عن يوسف:
    {
    قَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
    فهذا تمكين غير التمكين المذكور في قوله بعد :
    {
    وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَاحَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}
    فأهل الإيمان والعدل والتقوى ممكنون في الحياة وبعد الممات، وتفكر في محبة الصالحين لمثل ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وابن باز والألباني وابن عثيمين والوادعي وغيرهم ممن سبقونا بالعلم والإيمان تجد لهم من المحبة والتمكين في قلوب العباد ما تعجب منه، أضف إلى ذلك أن علمهم المزبور والمسموع هو كالسيف صلتًا على رقاب أهل الهوى والعناد، وهذا تمكين جليل باق لهم بعد مماتهم، إضافة إلى الذكر الحسن، إلى غير ذلك من وجوه التمكين التي جعلها الله لأوليائه، فأهل الإيمان حكامًا وعلماء وصالحين لهم من التمكين في الأرض في حياتهم وبعد مماتهم ما ليس لغيرهم، وصدق ربنا إذ قال:
    {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}
    وشاهِدُنا أن الحكام وإن تفاضلوا وتفاوتوا في الإيمان والتقوى فإنه لا يجوز الخروج عليهم، حتى إنه لا يجوز الخروج على الحاكم الذي معه أصل الإيمان ولو كان ظالمًا جائرًا، غير أن الجائر الظالم يؤاخذ على جوره وظلمه بأن يسلط الله عليه من يسلبه ملكه، ولا يبقى له من الذكر الحسن والتمكين ما يبقى للصالحين الراشدين، وهذا التسليط إنما هو تسليط كوني قدري لا شرعي أمري ديني، ومن هنا نقول: إن أهل السنة في فتن الخروج على الحكام التي يحدثها الخوارج، هم غانمون على كل حال، فهم غانمون من جهة قيامهم بما أوجب الله عليهم من النصيحة والتحذير من الخروج، ومن جهة ما قد يحصل من خير أو سعة، أما الخوارج فهم غارمون على كل حال، فهم غارمون من جهة مخالفتهم لشرع الله، ومن جهة ما يترتب على ذلك الخروج من مفاسد كانوا سببًا في حصولها، وهؤلاء الخوارج يسلطهم الله تسليطًا كونيًا على بعض الحكام الظالمين، فيبوء الخوارج بالإثم وسوء الذكر ويبوء الحكام الظالمون بالإثم وسوء الذكر، فلا تسوية بين الحاكم العدل والحاكم الجائر لا في الحياة ولا في الممات، قال العلامة الإمام عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني -رحمه الله- في رسالته في حقيقة التأويل، طبعة دار أطلس الخضراء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى لسنة 1426هـ ، ص59:60، قال ما نصه:
    "... أن كثيرًا من القوانين لا يكون مطابقاً للحكمة في كل فرد من الأفراد، وإنما روعي مطابقته في الأعم الأغلب، ومثلناه بحد الزنا، فرب شيخ غني ضعيف الشهوة قادر على التزوج فتركه، واحتال لاجتماع بامرأة قبيحة يستطيع التزوج بها ولا يعشقها، فزنى بها، ولما كان غير محصن فحده الجلد، وآخر شاب فقير شديد الشهوة لا يقدر على التزوج صادفته امرأة جميلة يعشقها، ولا يستطيع زواجها، فلم يتمالك نفسه أن وقع عليها، وكان قد تزوج امرأة، وبات معها ليلة واحدة ثم ماتت، ولما كان محصناً فحده الرجم، فأنت ترى الثاني أحق من الأول بالتخفيف، ولكن الشارع لم يخفف عنه، وإنما كان ذلك لأن الجرأة على المعصية أمر يخفى ولا ينضبط، فأناط الشرع الأمر بصفة واضحة منضبطة، وهي الإحصان، وعرفه؛ لأن الغالب في الزاني المحصن أن يكون أرغب عن الزنا من غير المحصن، فإذا زنا مع ذلك كانت جرأته أشد من غير المحصن، ولكن الحكم العدل تبارك وتعالى يجبر ما يستلزمه القانون العام من خلل في بعض الجزئيات بقدره الذي لا يعجزه علم الحقيقة، ولا تقدير ما يوافق الحكمة" انتهى.

    قلت:
    إذا علمت ذلك، فاعلم أن الحكم واحد في عدم جواز الخروج على الحاكمَين المسلمَين العدل منهما والجائر، غير أنه لما كانت دواعي الخروج على الظالم موجودة، إلا أن المؤمنين حبسوا أنفسهم عليه، وصبروا أنفسهم عليه، وسمعوا له، وأطاعوا في المعروف، وامتثلوا شرع الله، عاقبه الله بعقوبة كونية، فسلط الله عليه الخوارج الخارجين عن شرعه، كما خرج هو عن شرع الله، والجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحدًا، فالحاكم الذي يَنشد صلاح رعيته، عليه أن يصلح نفسه أول، فكم!! من حاكم ظالم قد بَح أهل السنة أصواتهم أو كادوا في حمل الناس على الصبر عليه مع حملهم أنفسهم على ذلك أيضًا، وعلى عدم جواز الخروج عليه عملاً بالشرع، فيأبى الله -ولو بعد حين- إلا أن يُجري عليه سنته الكونية، وذلك بمؤاخذته ببعض ما كسب، ويخلص منه البلاد والعباد بسبب أو بآخر، لا يكون فيه غرم على أهل السنة -والحمد لله على العافية- .
    إذا علم هذا، فليعلم أن من أعظم أسباب زوال ملك كثير من حكام المسلمين إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي والصد عن سبيل الله، أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما أوجبه الله على الحكام وتركوه، هذا عمومًا، أما بالنسبة لليمن خصوصًا، فكم!! في النفس من الحاكم السابق باليمن، من جهة أنه قدر على أن يوحد اليمن شماله وجنوبه، ويبيد الحكم الاشتراكي في الجنوب، ولا يستطيع أن يأخذ على أيدي شرذمة الرفض الباغية والتي حاربته ست حروب؟! فالحاكم السابق -وإن كان قد فسح للدعوة السلفية باليمن وذلك بسكوته عنها- ورضي أهل السنة سكوته هذا، إلا أن ترْك رافضة صعدة يعيثون في الأرض فسادًا تقتيلاً وهتكًا للأعراض، وسلبًا للأموال، وإخافة للسبيل، إلى غير ذلك من المفاسد دون الأخذ على أيديهم بالقوة الرادعة لهم سوأة وأي سوأة!! وإن كان حاكم اليمن هو -في الجملة- أحسن بكثير من كثير من حكام المسلمين.
    وعلى كل حال، فلا يجوز استعمال أي عبارة -ولو موهمة- للخروج على الحاكم المسلم، ولا يجوز في الوقت نفسه لأحد أن يتذرع بمثل هذه العبارة أو المقالة الصادرة من أحد من آحاد أهل السنة –إن صح ذلك عنه- للتخاذل أو التخذيل عن الجهاد الواجب، ولا عن نصرة المجاهدين بشتى ألوان النصرة.

    مداخلة
    ... ( كلام غير مفهوم)
    البرعي: ...
    ..الإمام أحمد وغيره-بارك الله فيكم- مواقف ثابتة، ما.. ما يُسيِّرونا الشباب طايشون، ما عرفوا الـ..غور الأمور، ولا عرفوا (مغازي) الشريعة ومبناها، وعلام ما يعتقدون!!
    مداخلة ... (كلام غير مفهوم)

    قلت:
    الذي أستطيع أن أقوله هنا هو: أن جبهة الجهاد في كتاف أو حجور جبهة سلفية، وأن الذي يسيرها هم السلفيون الذين لا يجوز التخذيل عنهم لأحد من الناس كائنًا من كان.
    والطائش حقًا هو الذي طاش سهمه عن مواقع سهام أهل السنة المجاهدين الذين رموا بألوان القذائف في صدور الرافضة الزنادقة المنافقين.
    والطائش حقًا هو الذي طاش صبره عن مجالدة أعداء الله الملحدين، والطائش حقًا هو الذي طاش حلمه على أولياء الله الصالحين، الذين سبروا غور الأمور، والذين هم أدرى بالاعتقاد السليم والشرع القويم ممن ينتقدهم.

    مداخلة ...
    ( كلام غير مفهوم)
    البرعي:
    "... ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، على كل حال، ذاك الكلام اللي مع أحمد حجر مسجل، وهذا مسجل -جزاكم الله خيراً-"

    قلت:
    قد عقد الله محنة الرافضة ليميز بها المجاهدين الصادقين من المتخاذلين والمخذلين عن هذا الجهاد، الذي قل نظيره على مدار تاريخ الإسلام وأهله، هذا الجهاد الذي فاز فيه من فاز وحرم منه من حرم، وخُذل عنه من خذل، وهذا هو الحرمان، وإليك كلام الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية، المجلد الأول – ج2 صـ 123 وما بعدها، حيث قال -رحمه الله-:
    "ثم قال -تعالى-:{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} أي لا بد أن يعقد سببًا من المحنة يظهر فيه وليه ويفتضح فيه عدوه، يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهتك به ستر المؤمنين، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد، وخيانتهم لله ولرسوله -صلى الله عليهوسلم-
    ...
    إلى أن قال:
    ثم قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} أي أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من الكافر لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك" انتهى.

    قلت:
    فبان بذلك أن هذه الآية خزي على المتخاذلين عن الجهاد والمخذلين عنه، وقد قال الآجري -رحمه الله- في كتاب الشريعة:
    والفتن يفتضح عندها خلق كثير.

    قلت:
    وقد قال -عز وجل-:
    {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ}.
    قال الحافظ ابن كثير عند تفسير هذه الآية مجلد 1جـ 2 صــ 114:
    "ثم قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ} أي فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين, كان بقضاء الله وقدره, وله الحكمة في ذلك {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق, فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة, ولهذا قال {أَوِ ادْفَعُواْ} قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي: يعني كثروا سواد المسلمين, وقال الحسن بن صالح: ادفعوا بالدعاء, وقال غيره: رابطوا, فتعللوا قائلين {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} قال مجاهد: يعنون لو نعلم أنكم تلقون حربًا لجئناكم, ولكن لا تلقون قتالاً"

    وإليك كلام أخينا أبي حمزة محمد السوري المتعلق بشأن الحزبيين بجبهة كتاف القاطع لألسنة المخذلين، حيث قال -حفظه الله- في رسالة بعث بها على إثر استفسار منا عن ذلك:
    "أما نسبة الحزبيين في كتاف الآن فقليلة جدًا، وذلك لأمور منها:
    أن القيادة في يد السلفيين سواء في المؤخرة أو المقدمة، وأغلب من يقاتل أو القواد الميدانيين هم طلاب العلم، وأغلب من قُتل هم من طلاب العلم الذين كانوا في دماج أو غيرها.
    وأن الحزبيين قبل أيام أرادوا مع أنهم جلوس في مؤخرة الجيش ولا يقاتل منهم إلا القليل، أرادوا الانقلاب على الجبهة والمسك عليها، ولكن فشلوا، ورجعوا من حيث جاءوا، وقد كانوا وعدوا بأموال كبيرة بشرط أن تغير القيادة، ولكن فشلوا بفضل الله.
    أما جبهة حجور فأغلبهم عوام محبون للسنة وأهلها، والآن المشرف على الجبهة هناك أخونا الشيخ الفاضل أبو عمرو الحجوري، فقد نزل قبل أيام للإشراف عليها والقائد الميداني فيها هو أخونا البطل الشيخ أبو مسلم الحجوري، من شعراء الدعوة السلفية وكان طالب علم في دماج، ... إن القائد والموجه الحقيقي للجبهات الثلاث هو شيخنا يحيى -حفظه الله- وهي تسير بعد أمره ومشورته، وأن أي حوار أو نقاش لا يُقدم عليه إخواننا خاصة في كتاف إلا بعد مراسلة الشيخ يحيى وعرض الأمور عليه ..." انتهى .

    قلت:

    فلو كنتَ صادقًا في دعوى التميز لأمكنك أن تُكوِّن جبهة وحدك أنت وأتباعك، ولكنا لك شاكرين.

    البرعي:
    "يا أخي! -بارك الله فيك- بيننا وبين المبتدعة تار أشد من ثار القبائل -جزاك الله خيرًا- والله ما يبرد حتى نتواقف نحن بين يدي الله يوم القيامة، فالله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون"

    قلت:
    أسمع جعجعة ولا أرى طِحنًا، وإلا، فأين ثأرك من الرافضة الآن، الذين نالوا من أهل السنة بدماج قتلاً وتجريحًا وتخويفًا وحصارًا و... و... و... على فرض أنهم مبتدعة فحسب!! فكيف إذا كانوا منافقين زنادقة؟!
    وهل عدم برود الثأر يقضي بإسلامك لأهل السنة للرافضة؟!
    فأي حرارة هذه؟!
    بل أي برود هذا؟!
    وهل حُكم الله بين المختصمين يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا يقتضي تخاذل المتخاذلين عن الجهاد أو التخذيل عنه في الدنيا؟!
    معاذ الله! إن الله قد قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:
    {
    إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ومع ذلك، فقد أمره ربه بجهاد الكفار والمنافقين والإغلاظ عليهم، فقام بذلك خير قيام، هو وأصحابه الكرام.

    قال البرعي:
    "إيش -بارك الله فيك-!! الله -عز وجل- يقول: "وما كنتُ متخذ المضلين عضدًا"

    قلت:
    هكذا قرأ بضم التاء
    قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-:
    {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} مجلد3 جــ5 صــ129:
    "يقول -تعالى-: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها ومدبرها ومقدرها وحدي ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير، كما قال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} الآية؛ ولهذا قال: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} قال مالك: أعوانًا" انتهى.

    قلت:
    فعلى قراءته بضم التاء نقول: ليس أحدٌ من السلفيين بجبهة كتاف ولا غيرها يعتقد أن الله كان متخذ المضلين عضدًا ؟! ثم إن الله -عز وجل- لم يكن متخذ المضلين ولا غير المضلين عضدًا فهل يستدل بهذه الآية أيضًا على عدم جواز الاستعانة في الجهاد بغير المضلين من السلفيين الصالحين الهادين المهتدين؛ لأن الله لم يتخذهم عضدًا؟!
    وعلى القول بجواز الاستدلال بهذه الآية -على قراءة الضم- على عدم جواز اتخاذ المضلين عضدًا نقول:

    إن إخواننا لم يتخذوا المضلين عضدًا بما يحمله ويتضمنه مصدر الاتخاذ واسم الفاعل متخذ من المعاني.
    قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره مجلد6جــ11 صــ4طبعة المكتبة التوفيقية:
    "وخص المضلين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ، وقرأ أبو جعفر الجحدري: {وَمَا كُنتَ} بفتح التاء أي: وما كنت يا محمد متخذ المضلين عضدًا" انتهى.

    قلت:
    أجل، وما كان أتباع محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أيضًا يومًا متخذين المضلين عضدًا، وبيان ذلك أن المضلين اسم فاعل، واسم الفاعل مضل، يدل على ثبوت ورسوخ صفة الضلالة فيه أي حيثما حل أو ارتحل أضل غيره، وبهذا تعلم أن من لم يكن بهذا الوصف وكان مضلاً في حال دون حال، لم يكن حكمه حكم المضل بإطلاق، فلا يمتنع شرعًا الاستعانة به في حال عدم إضلاله والأمن منه، بل يجوز ذلك، ولا شك في دخول الكفار في المضلين دخولاً أوليًا، ومع ذلك يجوز الاستعانة بالكافر في الأمور الدنيوية، فيجوز الاستعانة بالطبيب اليهودي أو النصراني أو المشرك في باب التداوي والتطبب ما دام خبيرًا مأمونًا في هذا الباب، ويجوز الاستعانة به في الزراعة والنجارة والحدادة ونحو ذلك من المهن والحرف ولو لغير ضرورة، فإذا وجدت الضرورة جازت الاستعانة به من باب أولى، وقد استعان النبي -صلى الله عليه وسلم- بدليل مشرك، وهو في طريق الهجرة، فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الإجارة برقم (2263) بسنده إلى عائشة -رضي الله عنها-:
    " واستأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً من بني الدِّيل ثم من بني عبد بن عدي، هاديًا خريتًا -الخريت: الماهر بالهداية- قد غمس يمين حلف في آل العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش فأَمِنَاه، فدفعا إليه راحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل الديلي، فأخذ بهم أسفل مكة، وهو طريق الساحل"
    وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام، وعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- يهود خيبر. انتهى
    ويجوز الاستعانة بالكفار في الحرب للضرورة ما داموا خبراء غير مضلين في هذا الباب، وقد جوز علماء الإسلام -إلا من شذ وخالف-الاستعانة بالكفار في حرب الخليج التي اعتدى فيها صدام حسين حاكم العراق على الكويت، وقد كان الشيخ مقبل -رحمه الله- وهو شيخ هذا المشبه -وليس شيخُه بالمشبِّه-كان من الموافقين المقرين لفتوى العلماء ببلاد الحرمين بجواز الاستعانة بالكفار في حرب الخليج، ولم يمتنع هؤلاء العلماء ولا موافقوهم من الفتوى بجواز الاستعانة لهذه الآية التي ذكرها مثلاً!!
    وأدلة الاستعانة بالكافر في الأمور الدنيوية وفي دفع الصائل ونحو ذلك كثيرة لمن تأملها وتتبعها في الكتاب والسنة، وقد رد الشيخ محمد أمان الجامي -رحمه الله- ردًا متينًا على الشيخ الألباني -رحمه الله- في فتواه بلزوم أحلاس البيوت في حرب الخليج، وفند ما احتج به على ذلك في شريط كامل.
    وتأمل قوله -تعالى-: {الْمُضِلِّينَ} في قراءة فتح التاء في قوله: {وَمَا كُنتَ} فإنه قال: {الْمُضِلِّينَ} ولم يقل: الضالين -وإن كان الله لم يتخذ المضلين ولا الضالين عضداً- لأن المضل ضال في نفسه وزيادة، فهو ضال في نفسه مضل لغيره، أي ضلاله لازم في نفسه متعد إلى غيره، ومثل هذا لا يَشد العضد، وإنما يفتفي العضد، نعم، الكفار والمبتدعون كما أنهم ضالون في أنفسهم، فإنهم مضلون لغيرهم أيضًا -في الجملة- إلا أن الكافر متى أُمن إضلاله فيما يستعان به فيه، ومتى وجدت خبرته فيما يستعان به فيه، جاز الاستعانة به في ذلك، ومما يستدل به على جواز الاستعانة بالمشرك من غير ضرورةٍ قولُه -تعالى-:
    {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}
    فالمعاملة مع المشرك بيعًا وشراءً ونحو ذلك جائزة من غير ضرورةً لإطلاق الآية، وكذلك قوله -تعالى-:
    {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}.
    فيحل طعام أهل الكتاب وتحل نساؤهم لغير ضرورة، أما المبتدع فلا يجوز الاستعانة به إلا إذا وجدت الضرورة الحاملة على تلك الاستعانة لثبوت الأمر عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالحذر ممن في قلوبهم زيغ وهم أهل الأهواء الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب ويتركون المحكم منه، ولجريان عمل السلف على التحذير منهم والتنفير عنهم؛ ولأن سريان عدوى بدعة المبتدع إلى غيره أسرع من إسراع عدوى كفر الكافر إلى غيره، ذلك لخفاء أمر المبتدع وتلبيسه وتحدثه باسم الإسلام، بخلاف الكافر فإن أمره واضح لا ينطلي إلا على العميان بخلاف البدعة فكم!! استرقت واستهوت من قلوب كثير من الأذكياء من أهل الإسلام، فكيف بالعميان؟!

    قلت
    :

    فكيف إذا كان إخواننا السلفيون المجاهدون في جبهة كتاف وحجور لم يتخذوا المضلين عضدًا، وإنما دعا داعي الجهاد المسلمين إلى جهاد الرافضة البغاة المعتدين دفاعًا عن الإسلام وأهل الإسلام، فجاء بعض أهل التحزب استجابة لهذا النداء طائعين مختارين، فقبلهم أهل السنة تحت رايتهم لاضطرارهم إلى ذلك، ومع ذلك فقد أبى الله إلا أن يعقد محنة رجعوا بسببها رجوع المنافقين من حيث أتوا ليميز الله الخبيث من الطيب، ولم يبق منهم إلا قلة قليلة مغمورة على ضوء ما جاء في كلام أخينا السوري -حفظه الله- وقد علمت موقف إخواننا أهل السنة منهم حينما طمعوا فيما لا يجوز لهم الطمع فيه، بما يدل على حرص إخواننا على سلامة الراية وسلفيتها، وعلى الصفاء والنقاء في صف المجاهدين -فجزاهم الله خيرًا- فكيف يَستدل عليهم هذا المشبه بهذه الآية؟! وكأن إخواننا يتحرون الاستعانة بهؤلاء المبتدعة، كما يُشعر به لفظ الاتخاذ فيها!!
    ومن تدبر لفظ الاتخاذ في قوله -تعالى-:

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء}الآية.
    وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} الآية.
    وقوله:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.
    وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ ...} الآية.
    وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ}

    أقول:
    من تدبر لفظ الاتخاذ في هذه الآيات وغيرها، علم أن إخواننا لم يتخذوا المضلين عضدًا، خاصة إذا علمت أن العضد ملازم ليد الإنسان في الاستعانة به، فليست نسبة أهل الأهواء في جبهات القتال إلى المجاهدين كنسبة العضد إلى الإنسان، فتدبر.

    قال البرعي:
    "ويقول: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار".

    قلت:
    تمام الآية: {وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}
    ثم قلت:
    إخواننا في جبهة كتاف وحجور لم يركنوا إلى الظالمين -ولله الحمد- وإنما دعا أهل السنة إلى الجهاد، فأتى بعض أهل الأهواء طواعية واختيارًا لمشاركة أهل السنة في جهاد الرافضة جهاد دفع، وانحازوا إلى معسكرهم، قال القرطبي –رحمه الله- في تفسير هذه الآية، مجلد5جـ10 صــ88:
    "
    فيه أربع مسائل:
    الأولى قوله تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ} الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، قال قتادة: معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم. ابن جريج: لا تميلوا إليهم. أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم، وكله متقارب. وقال ابن زيد: الركون هنا الإدْهان، وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم"

    قلت:
    إخواننا -ولله الحمد- لم يركنوا إلى هؤلاء الحزبيين -على قلتهم- على ضوء هذه المعاني التي ذكرها وحكاها القرطبي -رحمه الله- فلم يكن ولن يكون -إن شاء الله- من إخواننا الاستناد والاعتماد والسكون إلى أحد من أهل الأهواء، ولا الرضا به، ولا بما هو عليه من الهوى في سلم ولا حرب، ولم يكن ولن يكون -إن شاء الله- من إخواننا مودة قلبية لأهل الأهواء، ولا طاعة لهم في مخالفة السنة، ولا ميل منهم إلى شيء من باطلهم، ولا رضًا بما هم عليه من الضلالة، ولا مداهنة لهم في حرف من دين الله -سبحانه وتعالى- فأهل السنة هم الآمرون الناهون في ساحات القتال، وهم الواعظون والمعلمون لغيرهم فيها، وهم الأكثرون الأعزة لما هم عليه من السنة، بخلاف أهل الأهواء، فإنهم الأقلون الأذلة، لما هم عليه من البدعة، وأهل السنة هم أصحاب الراية، وكل الناس هنالك سنيهم ومبتدعهم تحت رايتهم السنية السلفية، بعز عزيز أو بذل ذليل، فماذا بقي من صاحب المفرق؟!
    تم الفراغ منه، في ليلة الخميس، الموافق التاسع والعشرين، من
    شهر ربيع الآخر، لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة
    وألف من الهجرة النبوية، على
    صاحبها الصلاة
    والسلام

    وكتب
    أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
    أبو عبدالله


    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله أسامة بن محمد; الساعة 23-03-2012, 03:55 AM.

    تعليق


    • #3
      جزى الله الشيخ أبا بكرخير الجزاء

      حمل الرسالة
      ( بي دي اف)
      الملفات المرفقة

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا أخانا الفاضل ماهر بن عطيه على غزوك لإباطيل البرعي التي تتوالى ونحن في وضع {نكون أو لا نكون }في مواجهتنا للحوثيين الأرفاض الأرجاس الأنجاس .
        التعديل الأخير تم بواسطة حسن بن بوشعيب زوبيري; الساعة 22-03-2012, 06:55 PM.

        تعليق


        • #5
          أبو حمزة محمد السِّوَري
          جزى الله الشيخ أبا بكرخير الجزاء
          قال العلامةابن سعدي رحمه اللهفي تفسيرسورةالاحزاب:
          {13} {وإذ قالت طائفةٌ}: من المنافقين بعد ما جزعوا وقلَّ صبرُهم صاروا أيضاً من المخذِّلين؛ فلا صبروا بأنفسهم، ولا تركوا الناس من شرِّهم، فقالت هذه الطائفة: {يا أهلَ يَثْرِبَ}: يريدون: يا أهل المدينة! فنادَوهْم باسم الوطن المنبىء ([1]) عن التسمية فيه؛ إشارةً إلى أنَّ الدين والأخوة الإيمانيَّة ليس له في قلوبهم قدرٌ؛ وأنَّ الذي حملهم على ذلك مجردُ الخور الطبيعي. {يا أهلَ يثربَ لا مُقام لكم}؛ أي: في موضعكم الذي خرجتُم إليه خارج المدينة، وكانوا عسكروا دون الخندق وخارج المدينة، {فارجِعوا}: إلى المدينةِ. فهذه الطائفةُ تُخَذِّلُ عن الجهاد وتبيِّـن أنَّهم لا قوة لهم بقتال عدوِّهم ويأمرونهم بترك القتال؛ فهذه الطائفةُ أشرُّ الطوائف وأضرُّها، وطائفةٌ أخرى دونهم، أصابهم الجبنُ والجزع، وأحبُّوا أن ينخزلوا عن الصفوف، فجعلوا يعتذرون بالأعذار الباطل
          وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم تحت شرح الحديث السابع

          وفي الصحيحين عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يدخل الجنة وقد ذكر الله في كتابه عن الأنبياء عليهم السلام أنهم نصحوا لأممهم كما أخبر الله بذلك عن نوح عليه السلام وعن صالح عليه السلام وقال ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله التوبة يعني أن من تخلف عن الجهاد لعذر فلا حرج عليه بشرط أن يكون ناصحا لله ورسوله في تخلفه فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين ويتخلفون عن الجهاد من غير نصح لله ورسوله





          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك
            على تبين حال هذا
            البرعي
            ومن معه
            البرعي
            سقطت عنه ورقة التوت !!!
            وبان حاله
            وتجلى !!!
            فلا مجال بعدها للسكوت


            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة فتحي العلي مشاهدة المشاركة
              بارك الله فيك
              على تبين حال هذا
              البرعي
              ومن معه
              البرعي
              سقطت عنه ورقة التوت !!!
              وبان حاله
              وتجلى !!!
              فلا مجال بعدها للسكوت


              ..........

              تعليق


              • #8
                تنبيه مهم
                كلام البرعي في الموضعين (في الاتصال، وفي المحاضرة معلّقاً على الاتصال) كان أثناء اشتداد حصار الرافضة على دماج وعند اشتداد القصف وبعد هجوم الرافضة على البراقة وحصول القتل في إخواننا طلبة العلم رحمهم الله.

                تعليق


                • #9
                  أصبح الماء ينحصر عن جبل الجليد!

                  جزاك الله خيرا شيخنا أبا عبد الله ، والبرعي هذا يحيل على الشيخ ربيع حفظه الله تعالى الوقت الذي يريد ويظهر التبجيل والتوقير ووجوب الرجوع له في الملمات،وإذا خالفت فتاوى الشيخ ربيع ما يريد البرعي كمسألة الجهاد هنا،ترك الإحالة إلى الشيخ ربيع وأصبح هو المرجعية!!وما خفي كان أعظم.

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أبو إبراهيم علي مثنى مشاهدة المشاركة
                    تنبيه مهم
                    كلام البرعي في الموضعين (في الاتصال، وفي المحاضرة معلّقاً على الاتصال) كان أثناء اشتداد حصار الرافضة على دماج وعند اشتداد القصف وبعد هجوم الرافضة على البراقة وحصول القتل في إخواننا طلبة العلم رحمهم الله.


                    لا حول ولا قوة إلا بالله
                    مال هؤلاء القوم لا يفقهون
                    والله أنه هذه التصرفات من البرعي هذا ليدل وبيقين على انحرافه عامله الله بما يستحق
                    إخواننا يابرعي وقفوا أمام الدبابات والمدافع وقدموا أموالهم وأولادهم وأنفسهم من أجل نصرة دين الله وأنت تسعى في فيز عن طريق ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                    يا أخي اتق الله وكف لسان وإلا فإن أهل السنة لا يحابون أحدا والله
                    وأخشى عليك من عقاب الله في الدنيا والآخرة

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خيراً يا شيخ على هذا الرد الطيب على البرعي
                      ويعتبر البرعي من رؤوس المخذلين وكذا محمد الإمام
                      وهذا الحرب ميز الله الصادق من الكاذب والمخذل من المناصر

                      قال تعالى:( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )[آل عمران : 179]
                      وقال تعالى:(لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الأنفال : 37
                      وما عليهم إلا التوبة إلى الله من هذه الفضائح والقبائح التي بعضها فوق بعض

                      التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم علي مثنى; الساعة 23-03-2012, 10:53 AM.

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيراً على هذا الرد النفيس القيم
                        وزادكم الله شرفاً يا شيخنا حفظكم الله

                        التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم علي مثنى; الساعة 23-03-2012, 05:37 PM.

                        تعليق


                        • #13
                          قوله ( ما أنا مقتنع ) قول باطل خرج من قلب قتله التعصب مقيت

                          جزاك الله خيراً يا شيخنا حفظك الله
                          أن البرعي سود وجهه وذبح نفسه بهذه الفضيحة
                          وقوله ( ما أنا مقتنع ) قول يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة بأن ما حصل في وائلة جهاد ضد الرافضة وقد أفتى كبار أهل العلم بذلك ويعتبر قوله بدعة لإنكاره جهادالروافض الذين يسبون الصحابة على وجه العموم وعائشة على وجه الحصوص فمن لم يقتنع جهاد الرافضة غيرة لله ولرسوله ولأصحابه فقوله لا يستوي بعرة
                          قال ابن كثير في تفسيره هذه الآية
                          مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح : 29]
                          ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه، في رواية عنه، بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك، والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة، ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم.
                          الله مستعان على هذه الأقوال
                          التعديل الأخير تم بواسطة أبو سفيان الزيلعي; الساعة 24-03-2012, 11:04 AM.

                          تعليق

                          يعمل...
                          X