الحمد لله معز أوليائه وناصر أصفيائه أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _
أما بعد :
إن ما يصيب إخواننا ومشايخنا في دماج الأبية من الحصار الخانق والتضييق الآثم من قبل الروافض الأنجاس الأرجاس مما يقض مضاجع الصالحين ويطير النوم من جفون الغيورين ويصيب نفوس المؤمنين بالضيق وربما وصل الحال بالبعض إلى إسائة الظن لكن عندما يفتح كتاب الله ويقرأ قوله تعالى :
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ }
وقوله : {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً}
و قوله {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ }[الصف/14]
وقوله سبحانه وتعالى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا }[الفتح/22]
وقوله جل في علاه {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران/139]
وقوله سبحانه { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آل عمران/120]
وقوله جلّ شأنه { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة/214]
وأمثال هذه الآيات التي فيها ابتلاء الله لعباده الصالحين وأوليائه المتقين وأن ذلك من سننه الكونية وأن نصره لعباده الصالحين متحقق لا محالة في الدنيا والآخرة فهذا ضمان الله لعباده الصالحين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وصدق سبحانه وتعالى إذ يقول { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا } [النساء/122]
وكذلك من نظر في كتب السنة ويقرأ مثل قوله عليه الصلاة و السلام : عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ [ أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي يحيى صهيب الرومي رضي الله عنه ]
ومثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم عندما سئل : أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ [ أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص ]
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما في حديث أبي هريرة _ رضي الله عنه _ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ [ أخرجه البخاري ]
وتفتح كتب أئمة العلم والهدى فتقرأ مثلاً في مجموع الفتاوى فتجد فيه قول شيخ الإسلام _ رحمه الله كما في مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 2 / ص 192)
بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ ابْتَلَاهُ فِي الدُّنْيَا يَكُونُ قَدْ أَهَانَهُ بَلْ هُوَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَالْمُؤْمِنُ يَكُونُ صَبَّارًا شَكُورًا فَيَكُونُ هَذَا وَهَذَا خَيْرًا لَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : [ لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدِ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ] اهـ
ويقرأ مثل قول الإمام ابن القيم _ رحمه الله _ : المؤمن يصاب بالمكروه إما لذنب ارتكبه
وإما لينال درجة عند الله لا ينالها إلا بالإصابة بالمكروه اهـ [ نقله الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله الإمام في شريطه العاقبة للمتقين ]
فينبغي إحسان الظن بالله وإخواننا ومشايخنا في دار الحديث بدماج من أولى الناس بذلك فيهم العباد والزهاد والعلماء الصالحون وأولياء الله المتقون ورحمة الله على الإمام ابن القيم إذ يقول عند قول الله عز وجل : أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء :
ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته اهـ الداء والدواء
وكذلك مثل قول الإمام ابن أبي يعلى في ترجمة أبيه من طبقات الحنابلة - (ج 1 / ص 256)
واعلم أن الله سبحانه اصطفى رسلاً من خلقه فبعثهم بالدعاء إليه والصبر على ما نالهم من جهلة خلقه وامتحنهم من المحن بصنوف من البلاء وضروب من المحن واللأواء وكل ذلك تكريماً لهم غير تذليل وتشريفاً غير تخسير ولا تقليل .اهـ
ومثل قول العلامة محمد المنبجي الحنبلي:
والمؤمن الموفق إذا أصابه ما يكره أحسن الظن بربه وعلمأن الذي ابتلاه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه ، ولا ليعذبه به ، وإنما ليمتحن إيمانه وصبره ورضاه ، وليسمع تضرعه وابتهاله ، وليراه طريحا ببابه ، لائذا بجنابه ، مكسور القلب بين يديه ، رافعا الشكوى إليه"انتهى من تسلية أهل المصائب
فمثل الآيات والأحاديث من المسليات والمصبرات فالواجب إحسان الظن بالله مع التضرع والإنابة إلى الله عز وجل والإيقان بأن النصر مع الصبر والشدة يعقبها الفرج والعسر يعقبه اليسر وما يحصل من الأذى فهو بقضائه وقدره سبحانه وتعالى ولن يمكن أعدائه من أولياؤه ولا ينبغي الجز ع مما يحصل من الفجرة من تقتيل أو تجريح { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء/104]
وما يظنه بعض الفجرة الشامتين من أن أهل السنة في دار الحديث بدماج ومن حولها من الأسود الضواري لا يردون عن أنفسهم البغي وإنما يقفون مكتوفي الأيدي من أبشع الظنون وأسوئها لا يصدر إلا عن جاهل لا يدري بما يدور فإخواننا هناك في أتم استعداد متوكلين على ربهم راجعين أمرهم إليه ولم يثنهم قلة الخبز أو كثرة القنص عن طلب العلم فهم في جهاد في ليلهم ونهارهم وفي طلب العلم
الله أكبر ما أعظمها من حياة علم وتعليم وجهاد فبفضل الله ألحقوا بالبغاة من جند إبليس وشيعة الشيطان ما لم يدر في حسبانهم وصدق الله عز وجل { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } [الحج/60]
وقال {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال/17]
اللهم مجري السحاب هازم الأحزاب اهزم الروافض الأنجاس ورد كيدهم في نحورهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك
اللهم زدهم ذلاً إلى ذلهم وذعراً إلى ذعرهم وهلعاً إلى هلعهم
اللهم من رضي بفعلهم أو صوب بغيهم أو أعانهم بشيء الله انتقم منه واجعله عبرة للمعتبرين
اللهم اخذل من خذل أهل السنة وأشمت بمن شمت بهم
اللهم مكن لأهل السنة الأخيار اللهم فرجب كربتهم وأطعم جائعهم واكس عاريهم وأقل عثرتهم وتقبل شهدائهم واستر نسائهم وآمن روعاتهم يا كريم يا رحيم يا مجيب الدعاء {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف/23]
والحمد لله رب العالمين
وكتب أبو عيسى علي بن رشيد العفري
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _
أما بعد :
إن ما يصيب إخواننا ومشايخنا في دماج الأبية من الحصار الخانق والتضييق الآثم من قبل الروافض الأنجاس الأرجاس مما يقض مضاجع الصالحين ويطير النوم من جفون الغيورين ويصيب نفوس المؤمنين بالضيق وربما وصل الحال بالبعض إلى إسائة الظن لكن عندما يفتح كتاب الله ويقرأ قوله تعالى :
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ }
وقوله : {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً}
و قوله {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ }[الصف/14]
وقوله سبحانه وتعالى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا }[الفتح/22]
وقوله جل في علاه {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران/139]
وقوله سبحانه { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آل عمران/120]
وقوله جلّ شأنه { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة/214]
وأمثال هذه الآيات التي فيها ابتلاء الله لعباده الصالحين وأوليائه المتقين وأن ذلك من سننه الكونية وأن نصره لعباده الصالحين متحقق لا محالة في الدنيا والآخرة فهذا ضمان الله لعباده الصالحين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وصدق سبحانه وتعالى إذ يقول { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا } [النساء/122]
وكذلك من نظر في كتب السنة ويقرأ مثل قوله عليه الصلاة و السلام : عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ [ أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي يحيى صهيب الرومي رضي الله عنه ]
ومثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم عندما سئل : أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ [ أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص ]
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما في حديث أبي هريرة _ رضي الله عنه _ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ [ أخرجه البخاري ]
وتفتح كتب أئمة العلم والهدى فتقرأ مثلاً في مجموع الفتاوى فتجد فيه قول شيخ الإسلام _ رحمه الله كما في مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 2 / ص 192)
بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ ابْتَلَاهُ فِي الدُّنْيَا يَكُونُ قَدْ أَهَانَهُ بَلْ هُوَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَالْمُؤْمِنُ يَكُونُ صَبَّارًا شَكُورًا فَيَكُونُ هَذَا وَهَذَا خَيْرًا لَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : [ لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدِ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ] اهـ
ويقرأ مثل قول الإمام ابن القيم _ رحمه الله _ : المؤمن يصاب بالمكروه إما لذنب ارتكبه
وإما لينال درجة عند الله لا ينالها إلا بالإصابة بالمكروه اهـ [ نقله الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله الإمام في شريطه العاقبة للمتقين ]
فينبغي إحسان الظن بالله وإخواننا ومشايخنا في دار الحديث بدماج من أولى الناس بذلك فيهم العباد والزهاد والعلماء الصالحون وأولياء الله المتقون ورحمة الله على الإمام ابن القيم إذ يقول عند قول الله عز وجل : أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء :
ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته اهـ الداء والدواء
وكذلك مثل قول الإمام ابن أبي يعلى في ترجمة أبيه من طبقات الحنابلة - (ج 1 / ص 256)
واعلم أن الله سبحانه اصطفى رسلاً من خلقه فبعثهم بالدعاء إليه والصبر على ما نالهم من جهلة خلقه وامتحنهم من المحن بصنوف من البلاء وضروب من المحن واللأواء وكل ذلك تكريماً لهم غير تذليل وتشريفاً غير تخسير ولا تقليل .اهـ
ومثل قول العلامة محمد المنبجي الحنبلي:
والمؤمن الموفق إذا أصابه ما يكره أحسن الظن بربه وعلمأن الذي ابتلاه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه ، ولا ليعذبه به ، وإنما ليمتحن إيمانه وصبره ورضاه ، وليسمع تضرعه وابتهاله ، وليراه طريحا ببابه ، لائذا بجنابه ، مكسور القلب بين يديه ، رافعا الشكوى إليه"انتهى من تسلية أهل المصائب
فمثل الآيات والأحاديث من المسليات والمصبرات فالواجب إحسان الظن بالله مع التضرع والإنابة إلى الله عز وجل والإيقان بأن النصر مع الصبر والشدة يعقبها الفرج والعسر يعقبه اليسر وما يحصل من الأذى فهو بقضائه وقدره سبحانه وتعالى ولن يمكن أعدائه من أولياؤه ولا ينبغي الجز ع مما يحصل من الفجرة من تقتيل أو تجريح { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء/104]
وما يظنه بعض الفجرة الشامتين من أن أهل السنة في دار الحديث بدماج ومن حولها من الأسود الضواري لا يردون عن أنفسهم البغي وإنما يقفون مكتوفي الأيدي من أبشع الظنون وأسوئها لا يصدر إلا عن جاهل لا يدري بما يدور فإخواننا هناك في أتم استعداد متوكلين على ربهم راجعين أمرهم إليه ولم يثنهم قلة الخبز أو كثرة القنص عن طلب العلم فهم في جهاد في ليلهم ونهارهم وفي طلب العلم
الله أكبر ما أعظمها من حياة علم وتعليم وجهاد فبفضل الله ألحقوا بالبغاة من جند إبليس وشيعة الشيطان ما لم يدر في حسبانهم وصدق الله عز وجل { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } [الحج/60]
وقال {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال/17]
اللهم مجري السحاب هازم الأحزاب اهزم الروافض الأنجاس ورد كيدهم في نحورهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك
اللهم زدهم ذلاً إلى ذلهم وذعراً إلى ذعرهم وهلعاً إلى هلعهم
اللهم من رضي بفعلهم أو صوب بغيهم أو أعانهم بشيء الله انتقم منه واجعله عبرة للمعتبرين
اللهم اخذل من خذل أهل السنة وأشمت بمن شمت بهم
اللهم مكن لأهل السنة الأخيار اللهم فرجب كربتهم وأطعم جائعهم واكس عاريهم وأقل عثرتهم وتقبل شهدائهم واستر نسائهم وآمن روعاتهم يا كريم يا رحيم يا مجيب الدعاء {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف/23]
والحمد لله رب العالمين
وكتب أبو عيسى علي بن رشيد العفري
تعليق