الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد : فهذا رد اقتبسته من ردي القديم على عرفات البرمكي الأحمق البليد رأيت نشره لإصرار هذا الفويسق على محاربة السنة وأهلها وإصراره على إلصاق التهم بالأبرياء بحجة الدفاع عن السنة وما هو إلا من أجل عبيدهم الأعمى _ هداه الله وألهمه رشده _ وكذلك تشويهاً لدعوة الإمام الوادعي فهم يحصرون نبش هذه المسائل هذه الأيام لهذا الغرض والله لهم بالمرصاد ولجهلهم وحماقتهم استسهلوا الوقوف أمام سهام الحق ووالله إنه استسهال مصطنع { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ }
وإلى ما قصدته :
قوله : (والآن إليكم أيها القراء نقل أهل العلم لإجماع أهل السنة قاطبة عدا الروافض على سنية أذان عثمان رضي الله عنه: )
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : انظروا كيف يطلق هذا الرجل إطلاقات عامة بأن كل من قال بأن الأذان الأول للجمعة بدعة روافض فهل يا ترى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ونافع مولاه وعطاء وابن الأمير والعلامة الوادعي والعلامة الحجوري وغيرهم كلهم روافض عند هذا الفاجر ؟!!
ثم ذكر كلام العلماء في أن أذان عثمان مجمع عليه _ وهو إجماع سكوتي كما صرح به بعض من نقل كلامه ومعروف الخلاف في اعتباره !! _ وكلام بعضهم ليس بصريح خلاف ما ادعاه هذا الكذاب حيث قال (وسيرى القارئ النقل عن أكثر من ستة عشر عالماً، وهم ينقلون إجماع الأمة على سنية هذا الأذان )
وإليك كلام من ادعى الحقود بأنه نقلوا الإجماع :
ونص كلامه كما نقله المعتوه : جاءفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية (8/103):ـ (وما يطلق عليه اسم البدعة مما فعله الصحابة، والأئمة والتابعون، فهو بدعة لغوية، كقول عمر: "نعمت البدعة هذه"، يعني التراويح، وكزيادة عثمان والصحابة، الأذان الأول يوم الجمعة، فهو لا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة"، لأن له أصلاً في الشرع. وأيضاً، فهو مما سنه الخلفاء الراشدون، ولهم سنة يجب اتباعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي").
فهل في كلام هذا الإمام نقل الإجماع على سنية هذا الأذان أم أن غاية ما فيه تفسير حديثه عليه الصلاة والسلام (.. وسنة الخلفاء الراشدين ..) وتوجيه قول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فهل سينتهي كذب هذا الرويبض عند هذا الحد أم سيزيد لننظر !
فلننظر كلام الإمام ابن باز لنعلم مدى كذب وبهت هذا المدبر قال ـ رحمه الله ـ : ((وتابعه بهذا الصحابة الموجودون في عهده، وكان في عهده علي -رضي الله عنه- وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد -رضي الله عنه- وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة).
فهذا الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ يقول : وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان ) فقوله غالب الأمصار كفيل بأن المسألة ليس فيها إجماع وإنما في غالب الأمصار فهل يفهم البرمكي كلام الأئمة أم أصيب بسوء مقصده ـ نسأل الله العافية ـ
أما قول العلامة ابن باز (وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة) فهذا حسب علمه وإلا خالفه في ذلك ابن عمر وأطلق عليه أنه بدعة وكذلك عبد الله بن الزبير لم يكن يؤذن بين يديه إلا ما كان على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ثم نقل قول اللجنة الدائمة ـ وفقها الله ـ ((والأذان الأول يوم الجمعة أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وتبعه جماهير المسلمين على ذلك. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم>
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا يدل على أنهم لم يطلعوا على إنكار ابن عمر ولا فعل ابن الزبير . وليس فيما قالوه أدنى ادعاء للإجماع وإنما يدل دلالة واضحة على وجود الخلاف في ذلك وإن كان في قولهم ولم ينكره أحد من الصحابة متمسك لأمثالك ؛ فهذا حسب علمهم ومن علم حجة على من لم يعلم ـ فهل يعي الأذناب هذا ـ .
قال المدبر : (فهذا سبعة عشر نقلاً عن جهابذة أهل العلم حقاً، وعلى رأسهم أعلم التابعين وسيد المحدثين وشيخ المدينة في زمنه سعيد بن المسيب، وليس فيهم قبوري ولا خرافي ولا أشعري ولا إخواني!!) نعم صدقت وأنت الكذوب بأن هؤلاء من العلماء لكن لا يعني ذلك أن من نقل عنهم شيخنا ليسوا من العلماء هذا وفيهم الصحابي الجليل عبد الله بن عمر وفيهم نافع مولى ابن وهو من هو وفيهم عطاء بن أبي رباح العلم المشهور وفيهم الإمام محمد بن الأمير الصنعاني وفيهم الإمام مقبل بن هادي الوادعي . وقوله (وليس فيهم قبوري ولا خرافي ولا أشعري ولا إخواني!!)أقول : ألم يكن العلامة القاري ماتريدياً ؟!
ألم يكن الحافظ عنده تمشعر في العقيدة ؟!
فلماذا هذا الإطلاق ثم ألا يجوز النقل ممن وقع في البدعة وهل يمنع ذلك إلا الحدادية ؟!!
ذكر من يرى بدعية الأذان الأول للجمعة أو من يرى أن تركه أولى
قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ: حدثنا شبابة قال حدثنا هشيم بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . قال شيخنا ـ حفظه الله ـ : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عمر ؛ فشبابة هو ابن سوار : ثقة حافظ وهشام بن الغز : ثقة ونافع مولى ابن عمر إمام مشهور اهـ وقال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ أيضاً : حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن الغاز قال سألت مولى ابن عمر الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فقال : قال ابن عمر : بدعة . وهذا إسناد صحيح وهو أصرح من الأول في الدلالة . فإن قلت : قد تقدم أن ابن رجب وأبا بطين يوجهان قول ابن عمر بأن المقصود بالبدعة بدعة لغوية فما الجواب عن هذا ؟
قيل : هذا نافع مولى ابن عمر فهم من كلام شيخه أن المقصود بها البدعة المعنوية التي تضاهي الشرع ومما يؤكد ذلك ما أخرجه وكيع في كتابه فيما نقله الحافظ ابن رجب في الفتح : عن هشام بن الغاز ، قال : سألت نافعاً عن الأذان يوم الجمعة ؟ فقالَ : قالَ ابن عمر : بدعةٌ ، وكل بدعة ضلالة ، وإن رآه الناس حسناً .اهـ
فعلم من هذا أن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أراد بالبدعة ما فهمه مولاه نافع وكذلك العلامة الوادعي والعلامة الإتيوبي والعلامة الحجوري ـ وغيرهم ـ من أنها البدعة المذمومة . وأما ما ذكره ابن رجب وأبا بطين ـ رحمهما الله ـ اجتهاد منهما .
تقدم قوله بأن كل بدعة ضلالة ـ فهل سيقول البرامكة أنه حكم على عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بالضلالة والبدعة ؟!! ـ
ومنهم عطاء بإسناد صحيح
وجاء عن عبد الله بن الزبير أنه كان لا يؤذن له إلا الأذان الي كان على عهد النبي ـ صلى الله عليه ـ وسلم ـ
قال ـ رحمه الله ـ كما في الاستذكار (2/27) : أحب إلي أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر بين يديه فإذا قعد أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام الإمام يخطب فذكر المؤذن بلفظ الواحد على نحو رواية بن عبد الحكم . قال وكان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدث الأذان الثاني ويقول أحدثه معاوية قال الشافعي وأيهما كان فالأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي وهو الذي ينهى عنده عن البيع اهـ
وهو قول له ثم أَمَرَ عُثْمَانُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ أَنْ يُؤَذَّنَ عِنْدَ الزَّوَالِ بِالزَّوْرَاءِ وَهُوَ مَوْضِعُ السُّوقِ لِيَرْتَفِعَ مِنْهَا النَّاسُ فَإِذَا خَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ عَلَى الْمَنَارِ ثُمَّ إِنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إمَارَتِهِ نَقَلَ الْأَذَانَ الَّذِي فِي الزَّوْرَاءِ فَجَعَلَهُ مُؤَذِّنًا وَاحِدًا يُؤَذِّنُ عِنْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمَنَارِ فَإِذَا خَرَجَ هِشَامٌ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا فَرَغُوا خَطَبَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَفِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ اهـ (المنتقى 1/134)
قال ـ رحمه الله ـ بعد كلام : ... وأما النداء الذي أراده المصنف هنا وفي البحر ؛ فإنه مخالف للشرع المعلوم والبدعي الذي أحدثه عثمان اهـ المراد حاشية ضوء النهار للجلال (3/103)
قال بعد أن قرر المراد بسنة الخلفاء الراشدين : ( .. فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن بن عمر رضي الله عنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر اهـ (3/69)
قال ـ رحمه الله ـ في تعليقه على الترمذي (ج2 ص393): "فائدة" في رواية عند أبي داود في هذا الحديث: كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد، فظن العوام بل كثير من أهل العلم أن هذا الأذان يكون أمام الخطيب مواجهة، فجعلوا مقام المؤذن في مواجهة الخطيب. (قريباً من المنبر) على كرسي أو غيره، وصار هذا الأذان تقليداً صرفاً لا فائدة له في دعوة الناس إلى الصلاة وإعلامهم حضورها، كما هو الأصل في الأذان والشأن فيه، وحرصوا على ذلك، حتى لينكرون على من يفعل غيره، وإتباع السنة أن يكون على المنارة عند باب المسجد ليكون إعلاماً لمن لم يحضر، وحرصوا على إبقاء الأذان قبل خروج الإمام، وقد زالت الحاجة إليه؛ لأن المدينة لم يكن بها (مسجد جامع) إلا المسجد النبوي وكان الناس كلهم يجمعون فيه، وكثروا عن أن يسمعوا الأذان عند باب المسجد، فزاد عثمان الأذان الأول ليعلم من بالسوق ومن حوله حضور الصلاة، أما الآن وقد كثرت المساجد، وبنيت فيها المنارات، وصار الناس يعرفون وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة فإنا نرى أن يكتفي بهذا الأذان، وأن يكون عند خروج الإمام إتباعاً للسنة اهـ
قال : نقل القرطبي في تفسيره ( 18 / 100 ) عن الماوردي : فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في " القرطبي " وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " إنما كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي صلى الله عليه و سلم من خطبته أقام الصلاة والأذان الول بدعة " . رواه أبو طاهر المخلص في " فوائده " ( ورقة 229 / 1 - 2 ) والخلاصة : أننا نرى أن يكتفى بالأذان المحمدي وأن يكون عند خروج الإمام وصعوده على المنبر لزوال السبب المبرر لزيادة عثمان واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه و سلم وهو القائل : " فمن رغب عن سنتي فليس مني " اهـ (الأجوبة النافعة 12ـ22) وانظر (قاموس البدع لمشهور حسن وصاحبه ص475ـ476)
: سئل ـ رحمه الله كما في قمع المعاند (49ـ50) : هل الأذان الأول يوم الجمعة مشروع ؟
قال : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد : فالأذان الأول لم يكن على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما رواه البخاري من حديث السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء . وقد عمل في هذا الأذان في عهد عثمان ـ رضي الله عنه ـ ولم ينقل أنه عمل في عهد علي ـ رضي الله عنه ـ فما بعده وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن عبد الله بن عمر أنه قال : إن الأذان الأول بدعة .؛ فالجمعة لها أذان واحد . فإن قال قائل : إن الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما في حديث العرباض بن سارية الذي أخرجه أصحاب السنن والإمام أحمد في مسنده وينظر أخرجه النسائي في المجتبى أم لا ذلكم الحديث الذي فيه " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " وقال : إن سنة عثمان من سنن الخلفاء الراشدين ؛ نعم عثمان من الخلفاء الراشدين لكن ليس الحديث كما فهمت فقد قال أبو محمد في كتابه "إحكام الأحكام" قال في سنن الخلفاء الراشدين إما أن نأخذ بها كلها وهذا لا سبيل إليه لأنهم اختلفوا وإما أن نردها كلها فهذا ضلال مبين لأن من سنتهم ما هو موافق لسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإما أن من سننهم ما وافق سنة الرسول فهذا قولنا . اهـ وسئل ـ رحمه الله ـ : ما حكم الأذانين في المسجد يوم الجمعة مع العلم أن الفرق بينهما نصف ساعة ؟ الجواب : الأذان الأول ليس بمشروع كما في صحيح البخاري عن السائب قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء . وقد قال عبد الله بن عمر كما في مصنف بن أبي شيبة : إنه بدعة أي الأذان الأول ولسنا نقول : إن عثمان ـ رضي الله عنه ـ مبتدع لكن نقول : اجتهد والدليل يخالف اجتهاده ومن علم الدليل ثم عمل بخلاف الدليل يعد مبتدعاً اهـ (غارة الأشرطة 1/164)
وسئل ـ رحمه الله ـ : يا شيخ هل الأذان الأول يوم الجمعة سنة ؟
قال ـ رحمه الله ـ : إن البخاري روى في صحيحه من حديث السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان له مؤذن يؤذن أذاناً واحداً أو بهذا المعنى ذكره البخاري في كتاب الجمعة فلما أن كثر الناس وهو من حديث السائب بن يزيد مكان في سوق والذي فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ من أجل أن يحضر الناس ويتأهبوا لصلاة الجمعة فهذا اجتهاد من عثمان ـ رضي الله عنه ـ وقد قال ابن عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة : إن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . وأما حديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " فأحسن من تكلم عليه فيما اطلعت عليه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ـ رحمه الله تعالى ـ الشهير بابن حزم قال : إما أن نأخذ بها كلها وهذا لا سبيل إليه لأنهم اختلفوا وإما أن نردها كلها فهذا ضلال مبين لأن من سنتهم ما هو موافق لسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإما أن من سننهم ما وافق سنة الرسول قال : فهذا قولنا اهـ ويقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في التوسل والوسيلة ما معناه ليس لأحد سنة مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهكذا يذكره الحكم قبل شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره عن يحيى بن آدم أنه قال : لا سنة لأحد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ . وإنما كان يقال سنة أبي بكر وعمر من أجل أن يعلم أن تلك السنن كان يعمل بها في عهد أبي بكر وعمر ورب العز يقول في كتابه الكريم ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة/3] ويقول ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف/3] وأما حديث "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" فهذا أيضاً ليس داخلاً في الموضوع لأن عثمان هو أول من ابتدأ به ثم الذي نعتقده أن الحديث ضعيف لأنه من رواية ربعي بن خراش عن حذيفة وهو لم يسمعه من حذيفة وأيضاً مولى ربعي مبهم لا يعرف ؛ فعرف من هذا أن الأذان الأول ليس بسنة وترتب على هذا أمر آخر وهو الركوع بين الأذانين وربما استدل مستدلون بحديث "بين كل أذانين صلاة " ولكن قد عرفت أن الأذان لم يثبت . والنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان إذا صعد المنبر ابتدأ خطبته أما التسليم فقد وردت فيه أحاديث لا يخلو حديث منها عن ضعف لكن هي بمجموع طرقها صالحة للحجة برتبة الحسن فعرف من هذا أن الأذان الأول ليس بسنة ولا ينبغي أن يفعله المسلم وإنما اجتهد عثمان والاجتهاد قد يصب وقد يخطئ والرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول بعد أن قال "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " يقول : إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة بل يقول الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته " رواه الطبراني وابن أبي عاصم من حديث أنس وقال الحافظ المنذري : إن سنده حسن اهـ (إجابة السائل عن أهم المسائل ص416)
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ :
فلخلاف هؤلاء الأئمة وغيرهم كان هذا الإجماع المدعى غير صحيح أما أن يقال أنهم لم يطلعوا على الإجماع فكيف لا يقال أن من نقل الإجماع لم يطلع على هذا الخلاف ومن اطلع منهم على بعض العبارات كقول ابن عمر أنه بدعة أولها إلى البدعة اللغوية مع أن الصواب خلاف هذا التأويل الذي فهمه ابن رجب والعلام أبو بطين وأن الصحيح فيه هو ما فهمه الإمام نافع مولى ابن عمر راويته وكذلك ما فهمه العلامة المباركفوري والعلامة الألباني والعلامة الوادعي والعلامة الحجوري وغيرهم من أنها البدعة المذمومة الموسومة بالضلالة .
و لهذا أنكر هذا الإجماع المدعى جمع من أهل العلم منهم شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري
ولهذا العلامة محمد بن علي الاتيوبي الذي كان يلقبه الإمام الوادعي بالبحر لسعة علمه قال ـ حفظه الله ـ : بعد ما أورد من أنكره كابن عمر وعطاء :
قد ثبت مما سبق أن ما زاده عثمان ـ رضي الله عنه ـ من الأذان ليس محل إجماع فقد ثبت إنكاره عن ابن عمر وغيره فما اقتضاه كلام ابن المنذر ـ رحمه الله ـ من دعوى اتفاق الأمة عليه غير صحيح . والحاصل أن الأولى اتباع ما كان على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال الشافعي ـ رحمه الله ـ فلا ينبغي زيادة الأذان الثالث ـ والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وهو حسبنا ونعم الوكيل ـ اهـ (ذخير العقبى 16/186ـ187)
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هل سيتراجع البرمكي عرفات البليد من رمي الشيخ بأنه يستقي من كتب الرافضة في حكمه على هذا الأذان بالبدعة اتباعاً لمن سبقه إلى هذا من أئمة السنة
وأن أذان عثمان مجمع عليه ؟!
وأنه لم يخالف في سنيته إلا الرافضة ؟!!
أما بعد : فهذا رد اقتبسته من ردي القديم على عرفات البرمكي الأحمق البليد رأيت نشره لإصرار هذا الفويسق على محاربة السنة وأهلها وإصراره على إلصاق التهم بالأبرياء بحجة الدفاع عن السنة وما هو إلا من أجل عبيدهم الأعمى _ هداه الله وألهمه رشده _ وكذلك تشويهاً لدعوة الإمام الوادعي فهم يحصرون نبش هذه المسائل هذه الأيام لهذا الغرض والله لهم بالمرصاد ولجهلهم وحماقتهم استسهلوا الوقوف أمام سهام الحق ووالله إنه استسهال مصطنع { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ }
وإلى ما قصدته :
قوله : (والآن إليكم أيها القراء نقل أهل العلم لإجماع أهل السنة قاطبة عدا الروافض على سنية أذان عثمان رضي الله عنه: )
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : انظروا كيف يطلق هذا الرجل إطلاقات عامة بأن كل من قال بأن الأذان الأول للجمعة بدعة روافض فهل يا ترى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ونافع مولاه وعطاء وابن الأمير والعلامة الوادعي والعلامة الحجوري وغيرهم كلهم روافض عند هذا الفاجر ؟!!
ثم ذكر كلام العلماء في أن أذان عثمان مجمع عليه _ وهو إجماع سكوتي كما صرح به بعض من نقل كلامه ومعروف الخلاف في اعتباره !! _ وكلام بعضهم ليس بصريح خلاف ما ادعاه هذا الكذاب حيث قال (وسيرى القارئ النقل عن أكثر من ستة عشر عالماً، وهم ينقلون إجماع الأمة على سنية هذا الأذان )
وإليك كلام من ادعى الحقود بأنه نقلوا الإجماع :
ادعاؤه أن أبا بطين نقل الإجماع في سنية الأذان الأول للجمعة
ونص كلامه كما نقله المعتوه : جاءفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية (8/103):ـ (وما يطلق عليه اسم البدعة مما فعله الصحابة، والأئمة والتابعون، فهو بدعة لغوية، كقول عمر: "نعمت البدعة هذه"، يعني التراويح، وكزيادة عثمان والصحابة، الأذان الأول يوم الجمعة، فهو لا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة"، لأن له أصلاً في الشرع. وأيضاً، فهو مما سنه الخلفاء الراشدون، ولهم سنة يجب اتباعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي").
فهل في كلام هذا الإمام نقل الإجماع على سنية هذا الأذان أم أن غاية ما فيه تفسير حديثه عليه الصلاة والسلام (.. وسنة الخلفاء الراشدين ..) وتوجيه قول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فهل سينتهي كذب هذا الرويبض عند هذا الحد أم سيزيد لننظر !
وهكذا نقل كلام الإمام ابن باز وأنه نقل الإجماع في سنية هذا الأذان
فلننظر كلام الإمام ابن باز لنعلم مدى كذب وبهت هذا المدبر قال ـ رحمه الله ـ : ((وتابعه بهذا الصحابة الموجودون في عهده، وكان في عهده علي -رضي الله عنه- وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد -رضي الله عنه- وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة).
فهذا الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ يقول : وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان ) فقوله غالب الأمصار كفيل بأن المسألة ليس فيها إجماع وإنما في غالب الأمصار فهل يفهم البرمكي كلام الأئمة أم أصيب بسوء مقصده ـ نسأل الله العافية ـ
أما قول العلامة ابن باز (وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة) فهذا حسب علمه وإلا خالفه في ذلك ابن عمر وأطلق عليه أنه بدعة وكذلك عبد الله بن الزبير لم يكن يؤذن بين يديه إلا ما كان على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ثم نقل قول اللجنة الدائمة ـ وفقها الله ـ ((والأذان الأول يوم الجمعة أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وتبعه جماهير المسلمين على ذلك. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم>
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا يدل على أنهم لم يطلعوا على إنكار ابن عمر ولا فعل ابن الزبير . وليس فيما قالوه أدنى ادعاء للإجماع وإنما يدل دلالة واضحة على وجود الخلاف في ذلك وإن كان في قولهم ولم ينكره أحد من الصحابة متمسك لأمثالك ؛ فهذا حسب علمهم ومن علم حجة على من لم يعلم ـ فهل يعي الأذناب هذا ـ .
قال المدبر : (فهذا سبعة عشر نقلاً عن جهابذة أهل العلم حقاً، وعلى رأسهم أعلم التابعين وسيد المحدثين وشيخ المدينة في زمنه سعيد بن المسيب، وليس فيهم قبوري ولا خرافي ولا أشعري ولا إخواني!!) نعم صدقت وأنت الكذوب بأن هؤلاء من العلماء لكن لا يعني ذلك أن من نقل عنهم شيخنا ليسوا من العلماء هذا وفيهم الصحابي الجليل عبد الله بن عمر وفيهم نافع مولى ابن وهو من هو وفيهم عطاء بن أبي رباح العلم المشهور وفيهم الإمام محمد بن الأمير الصنعاني وفيهم الإمام مقبل بن هادي الوادعي . وقوله (وليس فيهم قبوري ولا خرافي ولا أشعري ولا إخواني!!)أقول : ألم يكن العلامة القاري ماتريدياً ؟!
ألم يكن الحافظ عنده تمشعر في العقيدة ؟!
فلماذا هذا الإطلاق ثم ألا يجوز النقل ممن وقع في البدعة وهل يمنع ذلك إلا الحدادية ؟!!
ذكر من يرى بدعية الأذان الأول للجمعة أو من يرى أن تركه أولى
الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ
قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ: حدثنا شبابة قال حدثنا هشيم بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . قال شيخنا ـ حفظه الله ـ : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عمر ؛ فشبابة هو ابن سوار : ثقة حافظ وهشام بن الغز : ثقة ونافع مولى ابن عمر إمام مشهور اهـ وقال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ أيضاً : حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن الغاز قال سألت مولى ابن عمر الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فقال : قال ابن عمر : بدعة . وهذا إسناد صحيح وهو أصرح من الأول في الدلالة . فإن قلت : قد تقدم أن ابن رجب وأبا بطين يوجهان قول ابن عمر بأن المقصود بالبدعة بدعة لغوية فما الجواب عن هذا ؟
قيل : هذا نافع مولى ابن عمر فهم من كلام شيخه أن المقصود بها البدعة المعنوية التي تضاهي الشرع ومما يؤكد ذلك ما أخرجه وكيع في كتابه فيما نقله الحافظ ابن رجب في الفتح : عن هشام بن الغاز ، قال : سألت نافعاً عن الأذان يوم الجمعة ؟ فقالَ : قالَ ابن عمر : بدعةٌ ، وكل بدعة ضلالة ، وإن رآه الناس حسناً .اهـ
فعلم من هذا أن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أراد بالبدعة ما فهمه مولاه نافع وكذلك العلامة الوادعي والعلامة الإتيوبي والعلامة الحجوري ـ وغيرهم ـ من أنها البدعة المذمومة . وأما ما ذكره ابن رجب وأبا بطين ـ رحمهما الله ـ اجتهاد منهما .
الإمام نافع مولى ابن عمر التابعي الجليل
تقدم قوله بأن كل بدعة ضلالة ـ فهل سيقول البرامكة أنه حكم على عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بالضلالة والبدعة ؟!! ـ
ومنهم عطاء بإسناد صحيح
وجاء عن عبد الله بن الزبير أنه كان لا يؤذن له إلا الأذان الي كان على عهد النبي ـ صلى الله عليه ـ وسلم ـ
الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ
قال ـ رحمه الله ـ كما في الاستذكار (2/27) : أحب إلي أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر بين يديه فإذا قعد أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام الإمام يخطب فذكر المؤذن بلفظ الواحد على نحو رواية بن عبد الحكم . قال وكان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدث الأذان الثاني ويقول أحدثه معاوية قال الشافعي وأيهما كان فالأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي وهو الذي ينهى عنده عن البيع اهـ
قول ابن حبيب فيما نقله أبو الوليد
وهو قول له ثم أَمَرَ عُثْمَانُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ أَنْ يُؤَذَّنَ عِنْدَ الزَّوَالِ بِالزَّوْرَاءِ وَهُوَ مَوْضِعُ السُّوقِ لِيَرْتَفِعَ مِنْهَا النَّاسُ فَإِذَا خَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ عَلَى الْمَنَارِ ثُمَّ إِنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إمَارَتِهِ نَقَلَ الْأَذَانَ الَّذِي فِي الزَّوْرَاءِ فَجَعَلَهُ مُؤَذِّنًا وَاحِدًا يُؤَذِّنُ عِنْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمَنَارِ فَإِذَا خَرَجَ هِشَامٌ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا فَرَغُوا خَطَبَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَفِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ اهـ (المنتقى 1/134)
قول ابن الأمير الصنعاني
قال ـ رحمه الله ـ بعد كلام : ... وأما النداء الذي أراده المصنف هنا وفي البحر ؛ فإنه مخالف للشرع المعلوم والبدعي الذي أحدثه عثمان اهـ المراد حاشية ضوء النهار للجلال (3/103)
قول المبارك فوري ـ رحمه الله ـ صاحب تحفة الأحوذي
قال بعد أن قرر المراد بسنة الخلفاء الراشدين : ( .. فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و سلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن بن عمر رضي الله عنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر اهـ (3/69)
قول العلامة أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ
قال ـ رحمه الله ـ في تعليقه على الترمذي (ج2 ص393): "فائدة" في رواية عند أبي داود في هذا الحديث: كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد، فظن العوام بل كثير من أهل العلم أن هذا الأذان يكون أمام الخطيب مواجهة، فجعلوا مقام المؤذن في مواجهة الخطيب. (قريباً من المنبر) على كرسي أو غيره، وصار هذا الأذان تقليداً صرفاً لا فائدة له في دعوة الناس إلى الصلاة وإعلامهم حضورها، كما هو الأصل في الأذان والشأن فيه، وحرصوا على ذلك، حتى لينكرون على من يفعل غيره، وإتباع السنة أن يكون على المنارة عند باب المسجد ليكون إعلاماً لمن لم يحضر، وحرصوا على إبقاء الأذان قبل خروج الإمام، وقد زالت الحاجة إليه؛ لأن المدينة لم يكن بها (مسجد جامع) إلا المسجد النبوي وكان الناس كلهم يجمعون فيه، وكثروا عن أن يسمعوا الأذان عند باب المسجد، فزاد عثمان الأذان الأول ليعلم من بالسوق ومن حوله حضور الصلاة، أما الآن وقد كثرت المساجد، وبنيت فيها المنارات، وصار الناس يعرفون وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة فإنا نرى أن يكتفي بهذا الأذان، وأن يكون عند خروج الإمام إتباعاً للسنة اهـ
قول العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ
قال : نقل القرطبي في تفسيره ( 18 / 100 ) عن الماوردي : فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في " القرطبي " وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " إنما كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي صلى الله عليه و سلم من خطبته أقام الصلاة والأذان الول بدعة " . رواه أبو طاهر المخلص في " فوائده " ( ورقة 229 / 1 - 2 ) والخلاصة : أننا نرى أن يكتفى بالأذان المحمدي وأن يكون عند خروج الإمام وصعوده على المنبر لزوال السبب المبرر لزيادة عثمان واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه و سلم وهو القائل : " فمن رغب عن سنتي فليس مني " اهـ (الأجوبة النافعة 12ـ22) وانظر (قاموس البدع لمشهور حسن وصاحبه ص475ـ476)
ذكر قول الإمام العلامة مقبل بن هادي الوادعي في المسألة
: سئل ـ رحمه الله كما في قمع المعاند (49ـ50) : هل الأذان الأول يوم الجمعة مشروع ؟
قال : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد : فالأذان الأول لم يكن على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما رواه البخاري من حديث السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء . وقد عمل في هذا الأذان في عهد عثمان ـ رضي الله عنه ـ ولم ينقل أنه عمل في عهد علي ـ رضي الله عنه ـ فما بعده وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن عبد الله بن عمر أنه قال : إن الأذان الأول بدعة .؛ فالجمعة لها أذان واحد . فإن قال قائل : إن الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما في حديث العرباض بن سارية الذي أخرجه أصحاب السنن والإمام أحمد في مسنده وينظر أخرجه النسائي في المجتبى أم لا ذلكم الحديث الذي فيه " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " وقال : إن سنة عثمان من سنن الخلفاء الراشدين ؛ نعم عثمان من الخلفاء الراشدين لكن ليس الحديث كما فهمت فقد قال أبو محمد في كتابه "إحكام الأحكام" قال في سنن الخلفاء الراشدين إما أن نأخذ بها كلها وهذا لا سبيل إليه لأنهم اختلفوا وإما أن نردها كلها فهذا ضلال مبين لأن من سنتهم ما هو موافق لسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإما أن من سننهم ما وافق سنة الرسول فهذا قولنا . اهـ وسئل ـ رحمه الله ـ : ما حكم الأذانين في المسجد يوم الجمعة مع العلم أن الفرق بينهما نصف ساعة ؟ الجواب : الأذان الأول ليس بمشروع كما في صحيح البخاري عن السائب قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء . وقد قال عبد الله بن عمر كما في مصنف بن أبي شيبة : إنه بدعة أي الأذان الأول ولسنا نقول : إن عثمان ـ رضي الله عنه ـ مبتدع لكن نقول : اجتهد والدليل يخالف اجتهاده ومن علم الدليل ثم عمل بخلاف الدليل يعد مبتدعاً اهـ (غارة الأشرطة 1/164)
وسئل ـ رحمه الله ـ : يا شيخ هل الأذان الأول يوم الجمعة سنة ؟
قال ـ رحمه الله ـ : إن البخاري روى في صحيحه من حديث السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان له مؤذن يؤذن أذاناً واحداً أو بهذا المعنى ذكره البخاري في كتاب الجمعة فلما أن كثر الناس وهو من حديث السائب بن يزيد مكان في سوق والذي فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ من أجل أن يحضر الناس ويتأهبوا لصلاة الجمعة فهذا اجتهاد من عثمان ـ رضي الله عنه ـ وقد قال ابن عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة : إن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . وأما حديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " فأحسن من تكلم عليه فيما اطلعت عليه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ـ رحمه الله تعالى ـ الشهير بابن حزم قال : إما أن نأخذ بها كلها وهذا لا سبيل إليه لأنهم اختلفوا وإما أن نردها كلها فهذا ضلال مبين لأن من سنتهم ما هو موافق لسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإما أن من سننهم ما وافق سنة الرسول قال : فهذا قولنا اهـ ويقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في التوسل والوسيلة ما معناه ليس لأحد سنة مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهكذا يذكره الحكم قبل شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره عن يحيى بن آدم أنه قال : لا سنة لأحد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ . وإنما كان يقال سنة أبي بكر وعمر من أجل أن يعلم أن تلك السنن كان يعمل بها في عهد أبي بكر وعمر ورب العز يقول في كتابه الكريم ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة/3] ويقول ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف/3] وأما حديث "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" فهذا أيضاً ليس داخلاً في الموضوع لأن عثمان هو أول من ابتدأ به ثم الذي نعتقده أن الحديث ضعيف لأنه من رواية ربعي بن خراش عن حذيفة وهو لم يسمعه من حذيفة وأيضاً مولى ربعي مبهم لا يعرف ؛ فعرف من هذا أن الأذان الأول ليس بسنة وترتب على هذا أمر آخر وهو الركوع بين الأذانين وربما استدل مستدلون بحديث "بين كل أذانين صلاة " ولكن قد عرفت أن الأذان لم يثبت . والنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان إذا صعد المنبر ابتدأ خطبته أما التسليم فقد وردت فيه أحاديث لا يخلو حديث منها عن ضعف لكن هي بمجموع طرقها صالحة للحجة برتبة الحسن فعرف من هذا أن الأذان الأول ليس بسنة ولا ينبغي أن يفعله المسلم وإنما اجتهد عثمان والاجتهاد قد يصب وقد يخطئ والرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول بعد أن قال "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " يقول : إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة بل يقول الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته " رواه الطبراني وابن أبي عاصم من حديث أنس وقال الحافظ المنذري : إن سنده حسن اهـ (إجابة السائل عن أهم المسائل ص416)
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ :
فلخلاف هؤلاء الأئمة وغيرهم كان هذا الإجماع المدعى غير صحيح أما أن يقال أنهم لم يطلعوا على الإجماع فكيف لا يقال أن من نقل الإجماع لم يطلع على هذا الخلاف ومن اطلع منهم على بعض العبارات كقول ابن عمر أنه بدعة أولها إلى البدعة اللغوية مع أن الصواب خلاف هذا التأويل الذي فهمه ابن رجب والعلام أبو بطين وأن الصحيح فيه هو ما فهمه الإمام نافع مولى ابن عمر راويته وكذلك ما فهمه العلامة المباركفوري والعلامة الألباني والعلامة الوادعي والعلامة الحجوري وغيرهم من أنها البدعة المذمومة الموسومة بالضلالة .
و لهذا أنكر هذا الإجماع المدعى جمع من أهل العلم منهم شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري
ولهذا العلامة محمد بن علي الاتيوبي الذي كان يلقبه الإمام الوادعي بالبحر لسعة علمه قال ـ حفظه الله ـ : بعد ما أورد من أنكره كابن عمر وعطاء :
قد ثبت مما سبق أن ما زاده عثمان ـ رضي الله عنه ـ من الأذان ليس محل إجماع فقد ثبت إنكاره عن ابن عمر وغيره فما اقتضاه كلام ابن المنذر ـ رحمه الله ـ من دعوى اتفاق الأمة عليه غير صحيح . والحاصل أن الأولى اتباع ما كان على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال الشافعي ـ رحمه الله ـ فلا ينبغي زيادة الأذان الثالث ـ والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وهو حسبنا ونعم الوكيل ـ اهـ (ذخير العقبى 16/186ـ187)
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هل سيتراجع البرمكي عرفات البليد من رمي الشيخ بأنه يستقي من كتب الرافضة في حكمه على هذا الأذان بالبدعة اتباعاً لمن سبقه إلى هذا من أئمة السنة
وأن أذان عثمان مجمع عليه ؟!
وأنه لم يخالف في سنيته إلا الرافضة ؟!!
كتبه
أبو عيسى علي بن رشيد العفري
أبو عيسى علي بن رشيد العفري
تعليق