إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذكر بعض علماء الزيدية الذين تركوا المذهب الزيدي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ذكر بعض علماء الزيدية الذين تركوا المذهب الزيدي

    ذكر بعض علماء الزيدية الذين تركوا المذهب الزيدي

    لقد ترك المذهب الزيدي جمع غفير من كبار أئمة الزيدية وعلمائهم بسبب اجتهادهم وبحثهم عن الحق منهم: العلامة يحيى بن منصور الحسني . والإمام الهاشمي محمد بن إبراهيم الوزير . والعلامة الهاشمي الحسن بن أحمد الجلال . والعلامة المجتهد صالح بن مهدي المقبلي . والسيد يحيى بن محمد الحوثى [1].
    والإمام الهاشمي محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني . ابراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمرى
    حسن بن أحمد بن يوسف الرباعي الصنعانى
    وشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني. والعلامة أحمد بن عبد الله الجنداري. والسيد العلامة أحمد بن عبد الوهاب الوريث . والسيد العلامة حسن بن زيد بن علي بن حسن الديلمي . وشيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعا. * قال العلامة المقبلي رحمه الله رحمه الله عن نفسه:«وها أنا نشأت فيهم وبرأني الله من بدعتهم هذه ونجاني منها كما نجاني من غيرها[2] »أهـ. ومن أقوال المقبلي الشعرية ما يلي:
    ألم تعلما أني تركت التمذهبا وجانبت أن أعزا إليه وأنسبا
    فلا شافعي لا مالكي لا حنبلي ولا حنفي دع عنك ما كان أغربا
    وقال أيضا:
    برئت من التمذهب طول عمري وآثرت الكتاب على الصحاب
    وما لي والتمذهب وهو شيء يروح لدى المماري والمحابي
    وهذا محسن بن أحمد الشامي الشهاري القاضي الأديب الحديثي تلميذ العلامة ابن الأمير الصنعاني كان محققا لفروع الزيدية منكرا على جهلتهم المتعصبين على حفاظ الحديث... ومن شعره العذب السهل في ذلك :
    عذيري من قوم تجافوا لغيهم عن الحق واعتاضوا عن العلم بالجهل
    وقد نسبوا من جهلهم وضلالهم إلى النصب من يبني على الرفع والضم
    وقالوا جهولا من يحدث مسندا عن المصطفى خير الورى الطاهر الأمي
    فـــيا رب توفيقــا لسبل رشادنا ولطفــا بنا من أن نضل على علم أهـ[3].
    ولما سأل حمود شريان الإمام يحيى بن محمد حميد الدين رحمه الله عن السر وراء تحول بعض علماء الزيدية عن مذهبهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة إذ اعتقد أن مرجع ذلك يعود إلى وجود عيب أو قصور في المذهب الزيدي لا يفطن له إلا من تعمق كثيرا في العلم ,وطلب من الإمام أن يصدقه الخبر ما دام في الأمر سعة حتى ينظر لنفسه مخرجا ما دام على قيد الحياة وضرب مثلا على ذلك بالحسين بن الإمام يحيى نفسه - وكان أعلم إخوته-الذي ترك التقليد وعمل بالسنة جهارا . فأجاب عليه الإمام مفادها :أن صلاة من يرفع يديه ويضمهما صحيحة وصلاة من لا يفعل ذلك صحيحة أيضا [4].أهـ المراد . قلت :لقد كان الإمام يحيى رحمه الله سني العقيدة ولكنه غلَّب جانب السياسة على جانب التمسك بالسنة لما رأى أغلب الشعب اليمني في اليمن العالي شيعة ,فحكم اليمن هو وولده أحمد باسم المذهب الزيدي *أما سبب ترك الجنداري المذهب الزيدي فهو أن رجلا خرج من الجامع بعد الانتهاء من صلاة الجمعة فوجد الجنداري وهو يعرف أنه لا يصلي الجمعة لعدم وجود إمام في صنعاء أيام الدولة العثمانية فيها فقال له :هؤلاء وأشار إلى جموع المصلين الذين يخرجون من الجامع سيدخلون النار لأنهم صلوا الجمعة!!وأنت وحدك ستدخل الجنة لأنك لم تصل معهم لاعتقادك بعدم وجوبها إلا في ظل حكم إمام فقط ؟فوقر هذا الكلام في نفسه وبدأ يراجع عقيدته بعد أن رأى أنه على خطأ في معتقده...وانتهت إليه في آخر أعوامه الرئاسة في علوم السنة ومعرفة علل الحديث ورجاله وأحوال رواته...[5]». *وممن ترك المذهب الزيدي ومال إلى السنة وعمل بها السيد يحيى بن محمد الحوثى.قال عنه الشوكاني في البدر الطالع:السيد العلامة الحافظة التقى يحيى بن محمد بن على بن صلاح بن على بن عبد الله بن أحمد بن على بن الحسين بن على بن عبد الله ابن الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الحسينى اليمنى الحوثى مولده بمدينة حوث من بلاد حاشد في سنة 1107 سبع ومائة والف وأخذ عن القاضى عبد الله الروسى بمدينة شهارة ثم هاجر إلى صنعاء فأخذ بها عن السيد صلاح بن الحسين الأخفش والسيد الحسن بن اسحاق بن المهدى والسيد إسماعيل بن صلاح الأمير وولده السيد الإمام محمد بن إسماعيل الأمير وغيرهم وحقق فنون العلم ومال إلى السنة النبوية واعتنى بها كل العناية رواية ودراية وعلما وعملا وحصل عدة من الكتب بخطه وكان روح جسم العلم والزهادة ونور حدقة التقوى والعبادة وأقام بهجرة حوث آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ملجأ للمظلومين سوط عذاب على الظالمين وكان معظما مجللا مسموعا مطاعا وطلب منه القيام بأمر الإمامة العظمى فمال عن ذلك واشتغل بنشر العلم ومات بهجرة حوث في رمضان سنة 1152 اثنتين وخمسين ومائة وألف وأرخ وفاته الأديب احمد بن حسين الرقيحى الصنعانى بأبيات منها :
    خصه الله بعلم نافع *** ويقين في سواه ليس يوجد
    قد قضى نحبا فلاقى ربه *** وحباه بنعيم ليس ينفد
    أنبأ التاريخ حيى آمنا *** في جنان الخلد يحيى بن محمد ) سنة 1152
    *وممن ترك المذهب الزيدي ومال إلى السنة وعمل بها وعلمها إبراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمرى. قال عنه الشوكاني في البدر الطالع:ابراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمرى زاهد العصر وناسك الدهر ولد سنة 1164 أربع وستين ومائة وألف وتلى الكتاب العزيز على شيخ القرآن العظيم صالح الجرادى وأخذ فى الآلات على شيخنا السيد العلامة عبد الله بن الحسن بن على بن حسين بن على بن المتوكل وأخذ الفقه والفرائض على السيد بن حسن الصعدى وأخذ فى علم السنة على السيد العلامة الحسين بن عبد الله الكبسى وانتفع بعلمه فعمل به وعكف على العبادة وتحلى بالزهد وصار عابد العصر وزاهده وانتهى اليه الورع وحسن السمت والتواضع والاشتغال بخاصة النفس واتفق الناس على الثناء عليه والمدح لشمائله فصار المشار اليه فى هذا الباب وانتفع الناس بصلاح دعواته وقصدوه لذلك وهو الآن حسنة الزمن وزينة اليمن مع المحافظة على الشرع والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاستكثار من النوافل والأوراد وكان جده أحمد على هذه الصفة التى حفيده هذا عليها زاده الله مما أولاه ونفع به ومات رحمه الله لعشرين خلت من شهر شوال سنة 1223 ثلاث وعشرين ومائتين والف.
    *وممن ترك المذهب الزيدي ومال إلى السنة وعمل بها حسن بن أحمد بن يوسف الرباعي الصنعانى قال عنه الشوكاني في البدر الطالع:ولد تقريبا على رأس القرن الثاني عشر وقرأ على جماعة من شيوخ العصر كالسيد العلامة الحسن بن يحيى الكبسى والقاضى العلامة محمد بن أحمد السودى وغيرهما واستفاد فى جميع العلوم الآلية وفى علم السنة المطهرة وله فهم صادق وإدراك قوي وتصور صحيح وانصاف وعمل بما تقتضيه الادلة وله قراءة على فى علم المعانى والبيان وفى علم التفسير وفى الصحيحين والسنن وفى مؤلفاتى وهو الآن من أعيان أهل العرفان ومحاس حملة العلم بمدينة صنعاء وقد تقدمت ترجمة والده
    *وممن ترك المذهب الزيدي وعمل بالسنة وعلمها ودافع عنها السيد حسن بن زيد بن علي بن حسن الديلمي رحمه الله المتوفى سنة 1400هـ فقد قال الأكوع رحمه الله في هجر العلم ومعاقله في اليمن 2/676-677 في ترجمته:«عالم مبرز في علوم العربية والحديث والتفسير له مواقف حميدة مشهورة في الدفاع عن السنة وأهلها فقد تصدر لتدريس الأمهات الست ولاسيما صحيح البخاري رحمه الله في المدرسة الشمسية بذمار متحديا بذلك علماء الجارودية وأعوانهم وأتباعهم...ثم ذكر بعض مواقفه رحمه الله مع أعداء الصحابة من الزيدية .
    وقد سئل شيخنا العلامة الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى بالسؤال التالي :بما أنكم عشتم في بيئة زيدية وتعلمتم المذهب الزيدي عند أهله فما هو السر في تحولكم إلى منهج أهل السنة والجماعة ؟
    فأجاب رحمه الله :«...لقد تبرأ جماعة ممن درسوا المذهب الزيدي تبرؤوا منه وابتعدوا عنه ,من أولئكم :علامة اليمن محمد بن إبراهيم الوزير الذي قال الشوكاني :لو قلت إن اليمن لم تنجب مثله لما أبعدت عن الصواب ,ثم بعده أيضا صالح بن مهدي المقبلي صاحب كتاب (العلم الشامخ) القائل :
    العلم يا صاحبي ما قال خالقنا والمصطفى واطرح ما شئت من كتب
    هذا على أن المقبلي لم يخلص إلى السنة فهو وسط بين أهل السنة وبين الشيعة والمعتزلة ,ما ترك أحدا إلا هاجمه...,بعده محمد بن إسماعيل الأمير صاحب (سبل السلام)والكتب النيرة التي تداولها المسلمون ,وبعده محمد بن علي الشوكاني قاضي قضاة القطر اليماني فإنه أيضا ابتعد عن المذهب الزيدي ,فمثل هؤلاء الأربعة الذي ينبغي أن يقال لما ذا تركوا المذهب الزيدي؟ تركوه لأنهم درسوه وعرفوا ما فيه ثم رأوا أنه بعيد عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.أما أنا فدراستي بصعدة بعد أن تعلمت شيئا من السنة وأحببت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدر ثلاث سنين ,كلما ازددت دراسة للمذهب الزيدي ازددت بغضا للمذهب الزيدي لماذا؟لأنه في العقيدة مسروق من المذهب المعتزلي –كما بينا هذا في شريط (المذهب الزيدي مبني على الهيام)-وفي الأحكام والعبادات مسروق من المذهب الحنفي وفي التشيع مسروق من المذهب الرافضي .
    فحق للمسلم أن يتبرأ من هذه البدع ومن هذه الخرافات ,والله I يقول في نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم:{وإن تطيعوه تهتدوا} ورب العزة يقول في كتابه الكريم :{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ويقول:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} فالتمذهب ليس من دين الإسلام بل إن الإمام ابن عبد البر يقول :أجمع أهل العلم على أن المقلد لا يعد من أهل العلم .فالحمد لله الذي وفقنا لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم [6] »أهـ المراد باختصار يسير.
    وهنالك آخرون ممن تركوا المذهب الزيدي واختاروا المنهج السلفي لا يتسع المجال لذكرهم خشية التطويل والملل ,والخلاصة أن من انتسب إلى دعوة السلف الصالح ربح الإسلام الصافي المصفى والسنة المحضة وسلك الصراط المستقيم ؛لأنه يسير على منهج سيد الأنام والصحابة الكرام y ومن تبعهم بإحسان ومن ترك هذا المنهج فقد خاب وخسر .
    أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق والصواب وأن يجعل أعمالنا موافقة للسنة والكتاب وأن يختم لنا بالحسنى[7].


    [1] - وليس السيد يحيى بن محمد الحوثى ثم الصنعانى الرافضي المولود سنة 1160هـ المترجم له في البدر الطالع

    [2] - المراد العلم الشامخ ص 399

    [3] - هجر العلم ومعاقله في اليمن 2/1096.

    [4] - المصدر السابق 3/1698.

    [5] - أهـ المراد باختصار وتصرف يسير من هجر العلم 3/1476-1477.

    [6]- إجابة السائل على أهم المسائل ص 638-640.

    [7] - تنبيه مهم جدا :عند أن أتكلم عن الزيدية المقصود من درس منهم المذهب واقتنع بما فيه وناصره وكثر سواده ودعى الناس إليه ودافع عنه بالباطل ,أما العامة فهو ملبس عليهم وهم أتباع من وثقوا به فمثل العامي كمثل شجرة تسقى بماء طيب وماء غير طيب فأيما غلب عليها غلب .ولكني أقول ليس العامة من الزيدية بمعذورين إذا استمروا على اتباعهم للمبتدعة فقد عرف الحق من الباطل وتميز الخبيث من الطيب ,فخير الهدي هدي محمد r .

  • #2
    رد الإمام الوادعي على أعظم شبهة للقبوريين

    رد الإمام الوادعي على أعظم شبهة للقبوريين
    قال شيخنا الوادعي رحمه الله تعالى:للقبوريين شبهة ,وهي قوله تعالى:{قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا}قالوا فاتخاذ المساجد على القبور جائز في شرع من قبلنا وهو شرع لنا ما لم ينسخ . والجواب على هذه الشبهة من أوجه : الأول :أن هذا فعل قوم أصحاب الكهف ,وقد قال أصحاب الكهف :{هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة} فمن ادعى أنهم قد أسلموا بعد اعتزال أهل الكهف,فإنما يعتمد على قصص إسرائيلية ,ومن الأدلة على أن قومهم باقون على كفرهم قوله تعالى:{ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}[الكهف : 21] والذي لا يعلم أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها ليس بمسلم. الثاني :لو سلمنا أنهم مسلمون ,فمن أين لنا أن شرعهم يبيح لهم ذلك؟ألا يجوز أنهم اجتهدوا فأخطؤوا . الثالث :لو سلمنا أنه شرع لمن قبلنا فهو منسوخ هنا بشرعنا,فقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ولعن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فاعله كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها .

    تعليق


    • #3
      رد العلامة ابن الوزير على من قال بوجوب الرجوع في الحديث إلى أئمة الزيدية

      رد العلامة ابن الوزير على من قال بوجوب الرجوع في الحديث إلى أئمة الزيدية

      يقول العلامة اليماني الهاشمي الكبير محمد بن إبراهيم الوزير مبينا فساد القول بوجوب الرجوع في الحديث إلى أئمة الزيدية:"إن قولك بالرجوع في الحديث وتصحيحه وتضعيفه ورده وتعليله إلى أئمة الزيدية يحتاج إلى تمهيد قاعدة ، وهي أن يكون أئمة الزيدية قد صنفوا في معرفة صحيح الحديث ومعلوله ومردوده ومقبوله ما يكفي أهل الاجتهاد من أهل الإسلام ، والمعلوم خلاف ذلك . فإن من أهل الاجتهاد من لا يقبل المرسل ، ومنهم من لا يقبل ما وقفه الأكثرون ورفعه بعض الثقات،أو وصله وقطعوه،أو اسندوه وأرسلوه ، ومعرفة هذا يحتاج تأليف في العلل ، والذي صنع كتاب العلل هم علماء الحديث كالدار قطني وغيرة ، وليس لأئمة الزيدية في ذلك تصنيف البتة،ومن لم يفرد للعلل تأليفاً من المحدثين ذكرها في تأليفه في الحديث كما يصنع أبو داود والنسائي وغير هما ، بخلاف من جمع الحديث من الزيدية فإنه لا يتعرض لذلك وكذلك المجتهد يحتاج عند تعارض الأحاديث على معرفة الراجح بكثرة الرواة وزيادة معدليهم ، أو كون بعضهم مجمعاً عليه وبعضهم مختلفاً فيه ، وهذا يحتاج إلى معرفة فنين عظيمين .

      أحدهما : معرفة طرق الحديث ، وهو فن واسع لا يعرف للزيدية فيه تأليف . وقد تعرض لذلك جماعة من أهل المسانيد والصحاح والسنن من المحدثين وجمع الحافظ الماسر جي في ذلك المسند الكبير الذي فرغ في قدر ثلثمائة مجلد كبار ، واختصر الحافظ منه أحاديث الأحكام ، وجردوها من هذا المؤلفات الواسعة ، وذكروا ما تجب معرفته من وجوه الترجيح على أخصر ما يمكن ، تسهيلاً على الأمة وتمهيداً لقواعد الملة .
      الفن الثاني : علم الجرح والتعديل وما فيه من تعريف مراتب الثقات والضعفاء ، الذين لا يتم ترجيح حديث بعضهم على بعض إلا بعد معرفته ، وهو علم واسع صنف الحفاظ فيه الكتب الواسعة الحافلة ، حتى جمع الفلكي فيه كتاباً فرغ في ألف جزء ، ثم لم يزل الحفاظ يهذبونه ويختصرون ما لا بد من معرفته حتى انضبط ذلك بعد الانتشار الكثير في مقدار الخمسة المجلدة أو ما يقاربها ، وليس للزيدية في هذا الفن تأليف البتة .
      وهذه علوم جليلة لابد من معرفتها عند من يعتقد وجوب معرفتها من أهل الاجتهاد. فقول المعترض إن الواجب هو الرجوع إلى أئمة الزيدية في علوم الحديث قول مغفل لا يعرف إن ذلك مستحيل في حق أكثر أهل العلم الذين يشترطون في علوم الاجتهاد ما لم تقم به الزيدية ,وإنما هذا مثل من يقول :إنه يجب الرجوع في علم الطب إلى ألأحاديث النبوية والآثار الصحابية,ولا يجوز تعديها إلى غيرها, ومثل من يقول: إنه يجب الرجوع في علم الأدب إلى أئمة الزهادة وأقطاب أهل الرياضة, ولقد ذكر إمام الحرمين الجويني في كتاب البرهان أنه لا يجوز لأحد التزام مذهب أحد من علماء الصحابة رضي الله عنهم . وقال شارح البرهان إن العلة في ذلك كون الصحابة رضي الله عنهم ليس لهم نصوص على الحوادث تكفي الملتزم لمذهب أحدهم كالأئمة الفقهاء[1] المتبوعين ، وذلك أئمة الزيدية ليس لهم من التأليف في علم الحديث ما يكفي المجتهدين . فما للمعترض والتعرض لانتقاص المحدثين الذين قاموا بما قعد عنه غير هم من علوم الدين وهذا أمر يعرفه من له أدنى تمييز ، وإنما أوتي المعترض من قلة الإنصاف ومحبة الاعتساف ولله در من قال :
      اقلــوا عليهـم لا أبا لأبيكـم*من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
      الوجه الثالث : إنا لو رجعنا إلى تصانيف الزيدية في الحديث لكنا قد رجعنا إلى أضعف مما استضعفت ، وأنكر مما أنكرت ، وذلك لأن المصنفين من الزيدية في الحديث ليس إلا القاضي زيد والإمام أحمد بن سليمان والأمير الحسين والإمام يحيى ابن حمزة هؤلاء الذي توجد تصانيفهم في أيدي الزيدية في نجد اليمن.
      أما القاضي زيد فقد ادعى في شرحه الذي يروي فيه الحديث إجماع الأئمة على قبول خبر أهل الأهواء
      وأما الإمام أحمد بن سليمان فقد صرح في خطبة كتابه بالنقل من كتب المحدثين بل ذكر أنه جمع كتابه من كتب مسموعة وكتب غير مسموعة ، ولم يميز ما رواه من الكتب المسموعة ، مع أن كتابه عمدة عند علماء الزيدية معتمد عند المجتهدين منهم .
      وأما الأمير الحسن فينقل من كتب المحدثين وهما معاً ينقلان من كتاب القاضي زيد ، وكل كتبهم خالية عن الإسناد وعن بيان من خرج الحديث من الأئمة .
      وأما الإمام يحيى بن حمزة فينقل عنهم الجميع وعن جميع أهل التأويل ويصرح بذلك .
      وأما من لم يصنف في الحديث من الأئمة ولكن توجد الأحاديث في كتبه ففيهم من صرح بقبول أهل الأهواء وفساقهم وكفارهم كالمؤيد بالله مع إجماع الزيدية على قبول ما أرسله ، بل قال المؤيد : إن الظاهر من قول أصحابنا قبول شهادة كفار التأويل بلفظ أصحابنا ، وهذا يقتضي روايته لذلك عن جميع علماء الزيدية ، وهو مجمع على ثقته عند الزيدية فوجب قبول روايته وهي تقتضي أن الرجوع إلى حديث الزيدية مشكل على من لا يقبل حديث كفار التأويل .
      وكذلك المنصور بالله فإنه قال في المذهب ما لفظه : وقد ذكر أهل التحصيل من العلماء جواز قبول أخبار المخالفين في الاعتقادات ، وروى عنهم المحققون بغير مناكرة ــ هذا لفظه ــ وهو رواية منه عن أهل التحصيل ، وقد ادعى الإجماع على قبول فساق التأويل في كتاب الصفوة .
      وكذلك الإمام يحيى بن حمزة والفقيه عبد الله ادعيا الإجماع على قبول كفار التأويل ، ودعوى هؤلاء الإجماع يفيد روايتهم لذلك عن أسلافهم .
      وأما الهادي والقاسم فقد اختلفوا عليهما في ذلك ، فرواية هؤلاء للإجماع تفيد أنهما يذهبان إلى ذلك .وكذلك رواية أبي مضر عنهما تخريج المؤيد لهما وأحد تخريجي أبي طالب ,وهو يقتضي أن ذلك مذهبهما ,وهو أرجح من أحد تخريجي أبي طالب ورواية أبي جعفر ؛لأن هؤلاء أكثر وأخير ولأن عمل الهادي في الأحكام يوافق ذلك ,فإنه روى عن المخالفين ,فروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ,وروى عن الحسين بن ضمرة عن أبيه عن جده .
      وعلى الجملة فالزيدية إن لم يقبلوا كفار التأويل وفساقه قبلوا مرسل من يقبل من أئمتهم ,وإلا يقبلون مرسل المجهول قبلوا مرسل من يقبله ,ولا يعرف فيهم من يتحرز عن هذا البتة .وهذا يدل على أن حديثهم في مرتبة لا يقبلها إلا من جمع بين قبول المراسيل بل المقاطيع ,وقبول المجاهيل وقبول الكفار والفساق من أهل التأويل فكيف يقال مع هذا :إن الرجوع إلى حديث أئمة الأثر ونقاده الذين أفنوا أعمارهم في معرفة ثقاته وجمع متفرقاته ,وبيان صحاحه من مستضعفاته .فتكثرت بهم فوائده ,وتمهدت قواعده ,وتقيدت أوابده ؟وهل هذا إلا مثل إنكار الشعوبية لفضل علماء العربية ,بل هو أقبح منه بدرجات عديدة,ومسافات بعيدة ,لأن الآثار النبوية هي ركن الإيمان وأخت القرآن ,وهي شعار الفقه والدثار , وعليهما في أمور الإسلام المدار [2]. اهـ.



      [1] - قال شيخنا الإمام الوادعي معلقا :التزام مذهب من مذاهب الفقهاء رحمهم الله يؤدي إلى رد كثير من نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة وإلى التفرق المنهي عنه المذموم شرعا فيجب على المسلم أن يتبع الحق أينما كان ومع من كان .{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}الأعراف:3.

      [2] - الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم 1/88- 91وقد نقل هذا الإمام الوادعي في رياض الجنة ص 275-278. وقال انه كلام العالم الجليل العلوي الفاطمي القائل فيه الشوكاني في البدر الطالع :ولو قلت إن اليمن لم تنجب مثله لما أبعدت عن الصواب .وقد أطال الثناء عليه هناك فراجعه إن شئت .

      تعليق


      • #4
        رياح السنة تعصف بالتشيع في اليمن

        رياح السنة تعصف بالتشيع في اليمن

        لقد عاش الكثير من اليمنيين في ظلمات التشيع ,وأباطيل الرفض زيادة على ألف سنة وكل جيل يتأثر بمن قبله من الأجيال حتى حلت البدع في العروق واختلطت بتادماء وأصبح من خرج عما كان عليه الآباء والأجداد في عادات العبادات من أهل الزيغ والضلال والغواية في نظر الشيعة؛لأن حب البدع قد سيطر على عقولهم وأذهب لب اللبيب منهم . قال العلامة ابن القيم في كتابه(مفتاح دار السعادة 1/98:فإن العادة قد تقوى حتى تغلب حكم الطبيعة ولهذا قيل هي طبيعة ثانية فيربى الرجل على المقالة وينشأ عليها صغيرا فيتربى قلبه ونفسه عليها كما يتربى لحمه وعظمه على الغذاء المعتاد ولا يعقل نفسه الا عليها ثم يأتيه العلم وهلة واحدة يريد إزالتها وإخراجها من قلبه وان يسكن موضعها فيعسر عليه الانتقال ويصعب عليه الزوال وهذا السبب وإن كان اضعف الاسباب معنى فهو اغلبها على الامم وأرباب المقالات والنحل ليس مع اكثرهم بل جميعهم إلا ما عسى ان يشذ الاعادة ومربي تربى عليه طفلا لا يعرف غيرها ولا يحسن به فدين العوايد هو الغالب على أكثر الناس فالانتقال عنه كالانتقال عن الطبيعة الى طبيعة ثانية.اهـ. فما أشبه السنة بالإعصار وهو الرياح القوية التي تستدير ثم تعصف بالذي تأتيه،والسنة في عصرنا هذا في اليمن قد عصفت بالشيعة وبدعهم وكشفت خبث نواياهم حتى أصبحوا أضحوكة ,ولهذا فقد مقتهم اليمنيون بعد أن عرفوا حقيقتهم وتلاعبهم بالدين . رغم شدة عداء الزيدية للسنة وتمسك بعض قاداتها بالسلطة في اليمن وامتلاكهم بعض الصحف السياسية وكثرة تحركاتهم الدعوية وتكتلاتهم الحزبية إلا أنه كلما جاء وقت والسنة فيه تتقوى ويكثر أهلها ومناصروها والذابون عنها فأعداء السنة الزيود قد اندحروا مع مذهبهم إلى غير رجعة.
        خاصة بعد أن فضحهم الله بتعصباتهم مع حركة الحوثي الدامية مؤخرا ومشاركاتهم فيها إما بالقول أو بالفعل أو بالتحرض أو بالمساعدة المالية وإن كان ذلك يتم في سرية كاملة نتيجة لمضايقة الدولة لأتباع الحركة الحوثية ايام حروبها معهم .
        والحقيقة الجلية أن المذهب الزيدي قد لفظته العقول النيرة وكنسته العقيدة السنية السلفية الأصيلة, فبسبب هذه الدعوة المباركة فهم الناس مكائد الرافضة ودجلهم وتضليلهم فتمزقت أغشية زيف الزيدية وكل ما نسجت خرافاتهم في القرون الماضية عندما تعمد حكامهم التلبيس على الشعب اليمني كما تعمدوا تجهيله ومنعوا عنه كتب السنة ولكن أبى الله إلا أن يتجلى النهار وتنقشع سحب الظلام ,فقد من الله على العالم عموما واليمن خصوصا بشيخنا الإمام المحدث العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وطيب ثراه فقد كان التشيع مسيطر على البلاد اليمنية بما فيه من الشركيات والخرافات والسحر والشعوذة وكان أغلب الناس لا يعرف السنة من البدعة حتى قام الإمام الوادعي بالدعوة إلى الله وتعليم الناس العلوم الشرعية فقد كان يرحل إليه طلاب العلم من أنحاء العالم وكنا نشاهد أيام الطلب بمركز العلم بدماج والطلاب فيه كالنحل من كثرتهم وقد تخرج على يدي هذا العالم الرباني عدد كبير من العلماء والدعاة من اليمن وغيرها فنفع الله بعلومه وهزم على يديه البدع وأهلها وخاصة الرافضة في اليمن فقد شتت الوادعي بفضل الله شملهم وبين عوارهم وكشف زيفهم وأباطيلهم حتى أصبح علماء الزيدية بعد أن ظهرت دعوة أهل السنة والجماعة في أوساط المجتمع اليمني غير موثوق بهم فليس لهم قبول عند الناس,وقد زاد الناس نفرة من الشيعة عند ما علموا بمغالطات الشيعة في الدين واستغلالهم العلم في المحاكم وفي المناصب والوظائف وغيرها, وزاد نفور الناس منهم عندما شاهدوا كثرة معاصيهم التي يتجاهرون بها.
        وهذا من أسباب إقبال الناس على أهل السنة وقراءة كتبهم والوثوق بهم ؛لأنهم لا يطمعون في كرسي ولا ينهبون أموال الناس بالباطل ولا يعلقون الناس بمصالح مادية أو سياسية, لهذا أحبهم الناس وبغضوا الشيعة .وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول:" إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض[1]".
        ومما قاله الإمام الوادعي رحمه الله :"...على أننا نبشر إخواننا في جميع الأقطار الإسلامية بأن المذهب الشيعي قد أوشك على الارتحال من اليمن [2]".
        وقال أيضا:" واصبروا فإنهم منسحبون وشأنهم كما قيل:
        اقتلوني ومالكا * واقتلوا مالكا معي
        الإخوان الشيعة قد رأوا أنفسهم في انهزام ورأوا أنفسهم ومذهبهم في تدهور وفي انحطاط[3]"أهـ المراد .
        هذا الكلام قبل مجيء الحوثي بالمذهب الاثني عشري.
        قال الشيخ محمد الإمام:"فأبشرك أيها القارئ أن اليمنيين الذين كانوا مصيدة لمذهب الرفض قد صاروا من أعظم الناس نفرة ومحاربة للرفض,ومن أسبق الناس ,وأحرصهم على اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا من شذ ,فاليمنيون يظلمون في عصرنا عند أن يظن أنهم شيعة وصوفية بل إنهم أهل سنة واتباع[4]"أهـ المراد .
        وقد اعترف الهالك حسين بدر الدين الحوثي بهزيمة الزيدية حين قال:"إن الزيدية تعيش حالة من الذلة أسوأ من التي ضربت على بني إسرائيل...ألسنا نحن الزيدية تحت أقدام السنية ؟ لأننا نحن من أضعنا المسؤولية الكبرى ونحن ممن تنكر لأهل البيت...نحن الزيود ينظر إلينا نظرة أخرى وهذا يعني أننا ضائعين...إلخ [5].أهـ المراد .
        وأعظم عاصفة هي:عاصفة المدارس السلفية التي تخرج منها الحفاظ والوعاظ والمدرسون أصحاب العقيدة الصحيحة عقيد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم الذين بينوا للناس الخير ودعوهم إليه ووضحوا الشر وحذروهم منه . قال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله وهو يتحدث عن مثالب الرافضة في اليمن :هؤلاء هم أسلاف الخميني المبتدع وهؤلاء هم الذين فتن بكتبهم أهل صعدة وملأت كتبهم اليمن ولكن بحمد الله قد أصبح التشيع في اليمن بدعة بالية والبدعة البالية تكون في غاية الشناعة والخزي وفق الله أهل السنة لاجتثاث عروقها حتى يستريح اليمن من هذه البدعة المنكرة والحمد لله [6].اهـ. وقد كان شيخنا الوادعي كثيرا ما يردد في دروسه ومحاضراته قول الشاعر :
        ذهبت دولة أصحاب البدع*ووهى حبلهم ثم انقطع
        وتداعى بإنصرام جمعهم*جمع إبليس الذي كان جمع
        هل لهم يا قوم في بدعتهم*من فقيه أو إمام يتبع
        مثل سفيان أخا ثور الذي*علم الناس دقيقات الورع
        او سليمان أخو التيم الذي*ترك النوم لهول المطلع
        أو فتى الإسلام أعني أحمدا*ذاك لو قارعه القراء قرع
        لم يخف سوطهم إذ خوفوا*لا ولا سيفهم حين لمع
        وبعد ان راى اصحاب المذهب الزيدي كاد ان يذهب ارتموا في احظان ايران وتحولوا الى المذهب الاثني عشري فدعمتهم ايران بالمال وبالسلاح وارادوا ان يفرضوا مذهبهم بالقوة فقتلوا الناس وشردوهم وكلما عملوا شيئا كرههم الناس اكثر وابتعدوا عنهم والحمد لله رب العالمين.




        [1] - رواه البخاري3037 ومسلم 2637.من حديث أبي هريرة t.

        [2] - المخرج من الفتنة ص 87.

        [3] - إجابة السائل ص 56-57.

        [4] - مقدمة كتاب إرشاد البصير لمفاسد وأضرار بدعة الاحتفال بيوم الغدير لأخينا عبد الله بن أحمد الإرياني حفظه الله.

        [5] - دروس من هدي القرآن (مسؤولية طلاب العلوم الدينية) ألقاها بتاريخ 9/3/2002م ص 16و دروس من هدي القرآن (سورة آل عمران ) آية:100-101 ص 14.انظر كتاب الحرب في صعدة من أول صيحة إلى آخر طلقة ص 146-147.

        [6] - (إرشاد ذوي الفطن لابعاد غلاة الروافض من اليمن ص 95)وهو مطبوع مع( الرسالة الوازعة)

        تعليق


        • #5
          عقيدة الزيدية مسا واة عصاة الموحدين بالكافرين في تخليدهم في النار

          عقيدة الزيدية مسا واة عصاة الموحدين بالكافرين في تخليدهم في النار

          لقد اتفقت الزيدية خلفا عن سلف على أن العاصي خالد مخلد في النار ولا فرق عندهم بين الكافر والمسلم العاصي في التخليد, وحجتهم في ذلك بعض عموم الآيات والأحاديث الصحيحة التي وردت بلفظ التغليظ والتحذير وليست على ظاهرها إلا لمن يستحل المعصية أو على معنى أنهم لا يدخلون الجنة إلا بعد العذاب في نار جهنم إن لم يغفر الله لهم.واستدلالهم هذا في غير موضعه ؛لأن فهمهم النصوص الشرعية غير فهم جماهير العلماء , ولم يلتفتوا إلى قول الله عز وجل في كتابه الكريم:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء : 48 , 116]ولا الى قوله تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرة[1] ".
          لأن مرتكب الكبيرة التي دون الشرك تحت المشيئة إن شاء الله غفر لصاحبها وإن شاء عذبه نعم قد توعد الله أهل المعاصي بأشد عبارات الوعيد والتهديد من ذلك أنهم لا يدخلون الجنة –أي حتى يمحصهم الله عزوجل ويطهرهم من تلك المعاصي -.لكن خروج الموحدين من النار أمر محتوم ليس عليه غبار .وأما ما تستدل الزيدية به أيضا من الأدلة التي تدل في ظاهرها على التخليد لأصحاب المعاصي، فقد قال أهل العلم في ذلك أقوالا منها أنه محمول على المستحل وقيل : المراد بالخلود المكث الطويل .وقيل : هذا جزاؤه ، ولكن تكرم الله سبحانه فأخبر أنه لا يخلد في النار من مات مسلماً .وقيل : إن هذا ورد مورد التغليظ والتخويف . وقيل ورد في حق رجل بعينه كافر فحمله الناقل على ظاهره .وعلى كل فعقيدة أهل السنة والجماعة أنه لا يخلد أهل التوحيد في النار وان كانوا من أهل الكبائر .
          قال الامام النووي في شرحه على مسلم:وأما قوله صلى الله عليه و سلم :"فهو فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا "فقيل فيه أقوال أحدها :أنه محمول على من فعل ذلك مستحلا مع علمه بالتحريم فهذا كافر وهذه عقوبته والثانى أن المراد بالخلود طول المدة والاقامة المتطاولة لا حقيقة الدوام كما يقال خلد الله ملك السلطان والثالث أن هذا جزاؤه ولكن تكرم سبحانه وتعالى فأخبر أنه لا يخلد فى النار من مات مسلما.اهـ .
          وقال ابن بطال في شرح صحيح البخارى :ومن حجة الجماعة أن لفظ التأبيد فى كلام العرب لا يدل على ما توهتموه ، وقد يقع البد على المدة من الزمان التى قضى الله تعالى فيها بتخليد القاتل إن أنفذ عليه الوعيد ، وذلك أن العرب تجمع الأبد على آباد كما تجمع على دهور فإذا كان الأبد عندها واحد الآباد لايدل الأبد على ماقالوه ، ويدل على صحة هذا إجماع المؤمنين كلهم غير الخوارج على أنه يخرج من النار من كان فى قلبه مثقال ذرة من إيمان وأنه لايخلد فى النار بالتوحيد مع الكفار ، فسقط قولهم .اهـ.وقال القاضي أبو يعلى كما في كشف المشكل من حديث الصحيحين:هذا محمول على من فعل ذلك مستحلا لقتله ومكذبا بتحريم ذلك بدليل الأحاديث المروية في أن المسلمين لا يخلدون.اهـ
          وقال صاحب كتاب فيض الباري شرح البخاري:وليس مرادُ الحديثِ تخليدَه بعد الحَشْر كما فُهِم، بل معناه أنه يُعَذّب به إلى الحَشْر، كذلك فالتخليد راجِعٌ إلى القيد، أي التوجاء والخنق والطعن مثلا، أي لا يزال يَفْعلُ هذه الأفعالَ ما دام يكونُ في جهنَّم، وليس راجِعًا إلى المُكْث في النَّار ليلزم خلودُه في النَّار، إنَّما هو خلودُ الفِعْل ما دام في النَّار، فافهمه. وقد شيَّدْناه بنظائره كما سيجيء.اهـ
          واما مذهب الزيدية في هذه المسالة فيهي خلاف الصواب يقول علامة الزيدية أحمد بن محمد القاسمي في كتابه(عدة الأكياس في شرح معاني الأساس 2/322):إن الفاسق يستحق العقاب دائما فدلالة العقل عليه:ان المقتضي للعقاب هو المقتضي للذم وهو فعل المعصية وقد علمنا حسن ذم الفاسق دائما.وأما دلالة الشرع فهي كثيرة منها ما قد ذكر من الآيات من الفصل الأول المصرحة بدوام العقاب والتخليد في النار ,ولم يسمع خلاف ممن يعتد به ,بل ذلك معلوم من دين النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ضرورة من غير فرق بين الكافر والفاسق. اهـ المراد .
          ومذهب أهل السنة والجماعة أن المؤمن الموحد لا يخلد في النار مهما كانت ذنوبه، إن سلم من الشرك كما أسلفنا بل هو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم مآله إلى الجنة .
          قال العلامة المقبلي بعد أن سرد أحاديث الشفاعة في كتابة (الأرواخ النوافخ) ضمن كتابه العلم الشامخ ص 123قال:فهو سبحانه أبدا وأزلا أرحم الراحمين ,لكنها اقتضت الحكمة وترجح بحسبها أن يعذبوا ولم تواز الشفاعة عظيم ذنبهم كما في الكافر ,أو اقتضى احترام الفضل الرباني والرحمة الواسعة التقدم على الشفاعة ,وتأخر الشفاعة في الذنب العظيم .يا عظيما يرجى لكل عظيم .واقتضت الحكمة أن لا يكون الإخراج ابتداء حتى قذف في قلوب الكفرة تحصيل سبب الغضب ,ليكون إخراجهم في صورة العزة والغيرة للتوحيد وإذلال العنيد .والفرق بين الموحد والكافر كما فرق بين هؤلاء الموحدين الذين طال مكثهم وبين من تقدمهم بالخروج بعفو أو شفاعة ,وبينهم وبين من لم يدخل منهم وبين العاصي من الموحدين وغير الاعصي{ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّا} [ص : 28].وكذلك سائر أفراد الشفاعات .اهـ.
          وأضرب على ذلك أمثلة لمن حكم أن العاصي مخلد في جهنم أبدا منها:
          * المثال الأول ما جاء في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-:"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر[2]" فهل يعني أن الساب قد خرج من ملة الإسلام أم أنه كفر أصغر لا يخرج من الملة، فالذي يقتل النفس المحرمة عمدا لا يحكم عليه بالكفر، بل يحكم عليه بأنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، لا يخرج من الإسلام إلا إذا استحلّ قتل المسلم فإنه يكفر.وكذلك يقال في مرتكب الكبيرة إنه مستحق لعذاب الله لا, أنه خالد مخلد في نار جهنم.
          المثال الثاني ما جاء في قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: " لا إيمان لمن لا أمانة له "فهل نقول: لا إيمان يعني أنه كافر بالكلية أم نقول: إنه قد انتقص من دينه وإيمانه على قدر خيانته.وكذلك يقال في مرتكب الكبيرة إنه مستحق لعذاب الله بقدر معصيته لا, أنه خالد مخلد في نار جهنم.
          قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين :واعلم أنه قد ورد فيمن قتل نفسه بشيء أنه يعذب به في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا فذكر التأبيد فهل يعني ذلك أنه كافر ? لأنه لا يستحق الخلود المؤبد إلا الكفار.
          الجواب: لا ليس بكافر ? بل يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالمغفرة كما فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- في الرجل الذي قتل نفسه بمشاقص ? فقدم إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ليصلي عليه لكنه لم يصل عليه وقال صلوا عليه فصلوا عليه بأمر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وهذا يدل على أنه ليس بكافر وحينئذ لا يستحق الخلود المؤبد فما ذكر في الحديث من ذكر التأبيد وإن كانت اللفظة محفوظة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فالمراد شدة التهديد والتنفير من هذا العمل ? وإلا فليس بكافر.اهـ.
          وعلى كل حال فألخوارج والمعتزلة وتابعهم في ذلك الزيدية يحكمون على مرتكب الكبيرة بأنه مخلد في نارجهنم.
          والمرجئة يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية, لأنهم لا يدخلون العمل في حقيقة الإيمان
          فالخوارج والمعتزلة والمعتزلة أخذوا بنصوص الوعيد, والمرجئة أخذوا بنصوص الوعد وتركوا نصوص الوعيد.{ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [الرعد:41].
          أما مذهب أهل السنة والجماعة فإنهم قد جمعوا بين نصوص الوعد والوعيد لأن مذهبهم هو ما جاء في الكتاب والسنة,وهو وسط بين الإفراط والتفريط .
          قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في أول كتاب الزكاة عن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- للعلاء بن الحضرمي إذا سئلت عن مفتاح الجنة فقل مفتاحها لا إله إلا الله"قال الحافظ:والحق أن من قال لا اله إلا الله مخلصا أتى بمفتاح وله أسنان لكن من خلط ذلك بالكبائر حتى مات مصرا عليها لم تكن أسنانه قوية فربما طال علاجه.اهـ.
          قلت :وقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصة من قلبه) المراد بذلك ممن كان أهلاً للشفاعة لقوله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى }
          وحديث البطاقة في هذه المسألة مهم جدا وهو قول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول : لا يارب فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول : احضر وزنك فيقول : يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فقال : إنك لا تظلم قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء[3]".ومعنى هذا {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف : 56] مهما تحجر المبتدعة على الموحدين الذين جعل الله لكل واحد منهم هذه البطاقة.
          فإن غفر لهم فبرحمته وفضله وإن عذبهم بقدر ذنوبهم فبعدله سبحانه وتعالى { لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [الأنبياء:23].
          قال الشيخ الفوزان :فهذا الحديث الشريف فيه أن التوحيد يكفر الله به الخطايا التي لا تقتضي الردّة والخروج من الإسلام، أما الأعمال التي تقتضي الردة فإنها تناقض كلمة التوحيد وتصبح لفظًا مجردًا لا معنى له.اهـ.
          ورحم الله القائل:
          يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعدّ لكل ما يتوقع
          يا من يُرجى للشدائد كلِّها يا من إليه المشتكى والمفزع
          يا من خزائن رزقه في قول: كن امنُن فإنّ الخير عندك أجمع
          ما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك فقري أدفع
          ما لي سوى قرعي لبابك حيلة فلئن رددت فأيّ باب أقرع؟!
          ومن الذي أدعو وأهتف باسمه إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
          حاشا لجودك أن تقنط عاصيًا الفضل أجزل والمواهب أوسع
          {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر : 53] .
          ولقد أحسن القائل:
          ما للعباد عليه حق واجب ... كلا ولا سعي لديه ضائع
          إن عذبوا فبعدله أو نعموا ... فبفضله وهو الكريم السامع
          وهنالك أحاديث استدل بها أهل البدع على عدم دخول عصاة المسلمين الجنة والحق أن من مات على التوحيد فإن مآله إلى الجنة ولا بد،ولو لم يدخلها من أول وهلة كما يدخلها الذين سلموا من العذاب. والمعنى أنهم لا يستحقون دخول الجنة ابتداء من غير سبق عذاب والله أعلم.
          يقول الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في شرحه سنن أبي داود :قوله:(لا يدخل الجنة). من أهل العلم من قال: إن أحاديث الوعيد تبقى على هيبتها وعلى رهبتها؛ ليحصل الانزجار بها، والأصل ألا يشتغل بتأويلها وتفسيرها، ومن أهل العلم من فسرها حتى لا يستدل بها الخوارج والمعتزلة على أن أصحاب الكبائر لا يدخلون الجنة، وأنهم من أهل النار، ففسرها بعض أهل العلم: أنهم لا يدخلونها في أول من دخلها، وليس معنى ذلك أنهم لا يدخلونها أبداً؛ لأن الذين لا يدخلون أبداً هم الكفار، وأما غير الكفار فلا بد من دخولهم الجنة، ومن دخل النار من أهل المعاصي مهما بلغت تلك المعاصي وهي دون الشرك فإنه لا بد من خروجهم من النار وإدخالهم الجنة.اهـ.
          وقال الشنقيطي رحمه الله في شرح زاد المستقنع : فهذا الحديث يؤول على وجوه: الوجه الأول: لا يدخلها في الدخول الأول الذي يكون لأهل الجنة السابقين؛ لأنهم يخرجون من عرصات يوم القيامة فيدخلون الجنة، وأما أهل الكبائر فإنهم إذا شاء الله يدخلون النار تطهيراً ثم ينقلون إلى الجنة، فحينئذٍ يكون الدخول هو دخول التشريف والتكريم؛ ولا يمنع من دخولهم الجنة بعد أن يطهروا من كبائر الذنوب، فكأن العاق -والعياذ بالله- موعودٌ بالعذاب لا محالة.
          الوجه الثاني: قال بعض العلماء: المعنى: أنه لا يوفق لحسن الخاتمة -نسأل الله السلامة والعافية- ولا يختم له بخاتمة أهل الإيمان، فيكون المراد: أنه لا يوفق، فلا يدخلها حقيقة؛ لأنه يختم له -والعياذ بالله- بخاتمة الكفار، وهذا قد يقع استدراجاً، فحينئذٍ لا تتعارض النصوص؛ لأنه إذا ختم له بخاتمة السوء فلا إشكال.
          الوجه الثالث: أنه محمول على الوعيد، كما اختاره سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وكان يقول: هذا محمول على الوعيد الشديد، وحينئذٍ لا يكون على ظاهره.
          هذا كله تأويل؛ لوجود نصوص أخرى تدل على أن الكبائر لا تستوجب الخلود في النار أبداً، وإنما تستوجب دخولها تطهيراً إن لم يعف الله عن العبد؛ لأن مرتكب الكبائر عند أهل السنة والجماعة تحت مشيئة الله، إن عذبه الله فبعدله، وإن عفا عنه فبمحض إحسانه وكرمه وفضله { لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [الأنبياء:23] { وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [الرعد:41].
          الشاهد أن هذا تأويل، لكنه تأويل بنصوص وأدلة، فهو تأويل محمود.اهـ.
          قال الشيخ سيد سابق في كتابه العقائد الإسلامية ص295- :جاء فى السنة الصحيحة أن المؤمن لا يخلد فى النار ,فإن كان قد ارتكب بعض الكبائر ولم تُكفّر بحد، أو توبة نصوح، أو مصيبة أو مرض، أو شىء من المكفرات، فهو محاسب على عمله، والله يوازن بين أعماله الصالحة وبين جميع معاصيه التى لم يتب منها، فإن رجحت حسناته فهو فى الجنة، وكذلك إذا تساوت حسناته وسيئاته.
          { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } سورة الأنبياء - الآية 47 .
          وإن رجحت سيئاته فإنه يدخل النار، فيعذب فيها بقدر ما ارتكب من إثم، ثم يخرج منها بعد أن يتطهر، وبعد أن يوفيه الله جزاءه بمقتضى عدله وحكمته.فعن أبى سعيد الخدرى، أن النبى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: « يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودّوا، فيلقون فى نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل[4]، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية [5]».وعن أنس رضي الله عنه أن النبى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: « يخرج من النار، من قال: لا إله إلا الله، وفى قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار، من قال: لا إله إلا الله، وفى قلبه وزن بُرّة من خير، ويخرج من النار، من قال: لا إله إلا الله، وفى قلبه وزن ذرّة من خير[6]».
          يعرض هذا الموضوع على كتاب منهج الشوكاني في العقيدة 2/619-...رقم 114ع.

          وكتاب الشيخ الالباني ومنهجه في تقرير مسائل الاعتقاد ص445- رقم 115ع.
          و انظر كتاب الامام زيد المفترى عليه ص172- وص 179 وص 180



          [1] - رواه الترمذي وأحمد وحسنه شعيب والدارمي وحسنه حسن أسد والبيهقي والبغوي والبزار.وهو في الصحيحة .

          [2] - سبق تخريجه .

          [3] - رواه الترمذي في سننه وابن ماجة وصححه الألباني وأخرجه أحمد في مسنده وصحححه شعيب وأخرجه الطبراني في الدعاء والحاكم وصححه وأخرجه البيهقي في الكبرى وفي الشعب وابن حبان في صحيحه وصححه شعيب .وأخرجه ابن المبارك في مسنده .وهو في صحيح الجامع برقم (1776) .

          [4] - أى أنهم يخرجون بعد ما يغمسون فى نهر الحياة وأجسامهم نضرة فرحين بعودة الحياة .

          [5] - رواه البخارى ومسلم والنسائى .

          [6] - رواه البخارى ومسلم والترمذى .

          تعليق


          • #6
            قول الزيدية بأن الميت نجس

            قول الزيدية بأن الميت نجس :
            لقد قال أصحاب المذهب الزيدي بنجاسة الميت المسلم ؛تبعا لأصحاب الرأي من الأحناف ؛لأن الزيدية في الفقه عالة على الاحناف. وقالت المالكية والشافعية بطهارة الآدمي الميت مسلما أو غير مسلم ، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة لقوله تعالى { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء : 70] .وتكريمهم يقتضي طهارتهم أحياء وأمواتا ، وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاسته بعد الموت ،وأما قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة : 28].فالمراد به نجاسة الاعتقاد لا نجاسة الأبدان وهذا هو الراجح عند أهل العلم فإن نجاستهم نجاسة معنوية لا حسية ؛لأنه لا يوجد دليل على نجاسة الآدمي عموما فضلا على وجود ما يدل على نجاسة المسلم .
            قال علامة الزيدية أحمد بن يحيى المرتضى في البحر الزخار 1/14: وَلَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ إذَا نَجَسَ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يَرْتَفِعْ.اهـ.
            مع أن الزيود أنفسهم يدخلون جنائزهم في المساجد ليصلوا عليها ولو كانت نجسة لما أدخلت فيها ,وعلى كل حال فرأيهم هذا ليس بسديد وقولهم ليس برشيد ,لشذوذهم في هذه المسألة عن جماهير العلماء وقبل ذلك مخالفتهم قول الرسول
            - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - في قوله «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ [1]» وهذا نص على أن المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً. فهو شامل للحياة وللموت .لأن الإنسان إذا مات يغسل ، ولو كان نجساً ما أفاده التغسيل بشيء ,فإن العذرة مهما غسلت لن تزول عنها النجاسة
            وقد روى البخاري في صحيحه تعليقا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :"لاَ تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجِسٍ حَيًّا ، وَلاَ مَيِّتًا[2]" . قال الحافظ ابن حجر فتح الباري:وقوله لا تنجسوا موتاكم أي لا تقولوا إنهم نجس.اهـ. وقد نفيت النجاسة عن المؤمن لأن المقام مقام خطاب المسلم لا لغيره عن عائشة قالت أوذن سعد أي ابن أبي وقاص- بجنازة سعيد بن زيد وهو بالبقيع فجاءه فغسله وكفنه وحنطه ثم أتى داره فصلى عليه ثم دعا بماء فاغتسل ثم قال لم أغتسل من غسله ولو كان نجسا ما غسلته أو ما مسسته ولكني أغتسل من الحر. قال العيني بعد أن ذكر أثر عائشة[3]: وفي هذا الأثر فائدة حسنة وهي أن العالم إذا عمل عملا يخشى أن يلتبس على من رآه ينبغي له أن يعلمهم بحقيقة الأمر لئلا يحملوه على غير محمله[4].اهـ. وهذه قصة يرويها القاضي العمراني كما في كتاب (قصص وحكايات من اليمن ص86-87 ) يقول جماع هذه القصص:يقول المذهب الزيدي الهادوي بنجاسة بدن الميت ويقول المذهب الشافعي بطهارة بدن الميت وقول الشافعية هو الصواب لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - :"سبحان الله إن الميت لا ينجس حيا ولا ميتا"ولأن الأصل الطهارة ومن ادعى النجاسة فعليه بالدليل ولا دليل وبمناسبة هذه القضية الفقهية يحكي لنا القاضي محمد هذه اللطيفة:أرسل السيد عبد الله الوزير العلامة الزيدي محمد بن يحيى مداعس أمين صندوق في مدينة إب ومن المعلوم أن أهل إب شافعية وكان الشيخ مداعس جامدا على المذهب فأخذ يتجادل مع بعض من تعارف عليهم من أهل إب كبيت الصباحي وبيت با سلام وبيت العنسي وغيرهم وهو زيدي يقول ولا يتزحزح عن أن المسلم إذا مات فهو نجس وهم شافعية لا يتنازلون عن كونه طاهرا فدخل عليهم الشيخ حسن الدعيس من مشائخ إب وكان طريفا صاحب نكتة فقال لا تتجادلوا ولا داعي لهذا كله دعوا الشيخ محمد مداعس وأصحابه من سمارة ومطلع يبقوا زي ماهم نجسين لا تحاولوا أن تطهروهم ويتركونا من سمارة ومنزل طاهرين لا يحاولوا ينجسونا ! .اهـ .
            وقد بين محمد بن محمد السماوي طهارة الميت المسلم في كتاب له بعنوان(عمدة البراهين في طهارة الميت من المسلمين) كما في كتاب هجر العلم 3/1407.
            وإليك بعض أقوال الأئمة في طهارة المسلم حيا وميتا:
            قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري :المؤمن لا ينجس بالموت وأن غسله إنما هو للتعبد لأنه لو كان نجسا لم يطهره الماء والسدر ولا الماء وحده.اهـ
            وقال ابن بطالرحمه الله في شرحه لصحيح البخاري :وهو بعد موته مؤمن كما كان فى حياته ، فثبتت طهارته كما قال ابن عباس . قال عبد الواحد : فإن قيل : فقد صح أن المؤمن لا ينجس ، وأن المؤمن قد سقطت عنه العبادة بعد موته ، فما وجه غسل الميت الذى ليس بنجس ولا متعبَّد ، وما معنى غسله ثلاثًا ؟ قيل : يحتمل أن يكون معنى غسله ، والله أعلم ، أنه تنظيف لمباشرة الملائكة إياه ، وللقائه لله تعالى ، ولذلك يجعل له الكافور ليلقاه طيب الرائحة ، وأمر أن يغسل ثلاثًا ، أو خمسًا ، وليس التحديد فى ذلك بواجب ، وإنما أريد بالغسل الإنقاء ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -: " أو أكثر من ذلك إن رأيتن" . فإن قيل : إن واحدة تكفيه ، فما معنى الثلاث والخمس ؟ . قيل : للمبالغة فى غسله ، ليلقى الله بأكمل الطهارات .اهـ المراد.
            وقال العيني رحمه الله في عمدة القاري شرح صحيح البخاري:وقد عقد الباب له أن المؤمن لا ينجس وأنه طاهر سواء كان جنبا أو محدثا حيا أو ميتا وكذا سؤره وعرقه ولعابه ودمعه وكذا الكافر في هذه الأحكام وعن الشافعي قولان في الميت أصحهما الطهارة اهـ.
            وقال الكشميري رحمه الله في فيض الباري شرح البخاري:وحينئذ ظهر معنى ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن المؤمن لا يَنْجُس حياً وميتاً. ورَفْعُه معلول، وقد مرَّ عليه الوزير محمد بن إبراهيم فقال: لا يصح إطلاقه على المؤمن لا حقيقة ولا مجازاً ».اهـ.
            وقال الإمام القرطبي رحمه الله في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم :
            ويتبين منه : أن من صدق عليه اسم المؤمن لا ينجس حيًّا كان أو ميتًا ، وأما طهارة الآدمي مطلقًا فلا تنتزعُ منه بوجهٍ .اهـ المراد .
            وقال المباكفوري رحمه الله في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:فالحديث دليل على أن المؤمن طاهر سواء كان جنباً أو محدثاً، حياً أو ميتاً، وكذا ما تحلب منه من عرقه ودمعه ولعابه وسؤره...وهو أصل في طهارة المسلم حياً وميتاً. أما الحي فبالإجماع حتى الجنين إذا ألقته أمه، وأما الميت ففيه خلاف للعلماء، والصحيح أنه طاهر لحديث ابن عباس هذا فلا ينجس المؤمن بالموت بتشرب الدم المسفوح في أجزائه كرامة له، إذ لو نجس لما طهر بالغسل كسائر الحيوانات التي حكم بنجاستها بالموت. وأما غسله فتعبد، أو للنظافة. وحديث ابن عباس حجة على العراقيين من الحنفية حيث قالوا بتنجس المؤمن بالموت، فالغسل عندهم للتطهير، قالوا: يحكم بطهارته بالغسل كرامة. وارجع للبسط إلى النيل.اهـ باختصار.
            وقال سليمان البجيرمي الشافعي رحمه الله في( تحفة الحبيب على شرح الخطيب ):وفي الميزان ما نصه : قال الإمام مالك وأحمد والشافعي في أرجح قوليه بطهارة الآدمي إذا مات . اهـ .
            وقال الصقعبي رحمه الله في ( القول الراجح مع الدليل من شرح منار السبيل): الدليل على طهارة ميتة الآدمي: عموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -:"إن المؤمن لا ينجس", ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الذي وقصته ناقته بعرفة حيث قال:" اغسلوه بما وسدر[5]", وهذه الأدلة تدل على أن بدن الميت ليس بنجس, لأنه لو كان نجساً لم يفد فيه شيئاً, فالكلب لو غُسل ألف مره فإنه لا يظهر اهـ.)
            وقال المشيقح في كتابه فقه النوازل في العبادات :الخلاصة في ذلك:أن الآدمي طاهر سواء كان حياً أو ميتاً وسواء كان مسلماً أو كان كافراً, وعلى هذا أن نقول بأن أعضاءه طاهرة وما أبين منه من الأعضاء فإنه كميتته ,فمثلاً لو قطع منه جلد , هذا الجلد كالميتة وميتته طاهرة فنقول بأنه طاهر ، وما قطع منه من عظم نقول بأنه كميتته وميتته طاهرة فنقول بأنه طاهر.فيتبين أنه إذا نقل شيء من الجلد أو شيء

            من الأعضاء أو شيء من العظام من آدمي سواء كان ميتاً أو كان حياً فإن هذه الأشياء طاهرة و لا أثر لها على الوضوء والصلاة و يجوز له أن يصلي فيها.اهـ.
            وقال الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان في شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد "فتعليلهم: بأنها مظنة للنجاسة غير صحيح، والمسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً، كما قال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -: ( إن المسلم لا ينجس )، وأما كونه يغسل إذا مات فليس للنجاسة، وإنما ليستقبل داراً جديدة بطهارة كاملة، وإن كان غير مكلف ولكن الشرع يجب أن يتبع.اهـ.


            [1] - الحديث جاء عن عدة من الصحابة وهو عند البخاري285 و مسلم 850و في صحيح أبي داود (226)وقد رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح والنسائى (1/145). وقال الألباني :صحيح ورواه ابن ماجة وأحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين وهو في صحيح ابن حبان وصححه أيضا شعيب ورواه ابن أبي شيبه في مصنفه وعبد الرزاق كذلك والبيهقي في السنن والمعرفة و البزار في مسنده وأبو عوانة في مستخرجه.

            [2] - وقد وصل هذا الأثر ابن أبي شيبة في مصنفه (3/267برقم 11237 ) :فقال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ,وذكره ابن المنذر الأوسط فقال أخبرنا محمد بن علي ، قال : ثنا سعيد وذكر سند ابن أبي شيبة. وهو صحيح على شرط الشيخين كما في السلسلة الضعيفة .
            [3] - قال العيني في العمدة:ووصل هذا التعليق ابن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطان عن الجعد عن عائشة
            [4] - انظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري

            [5] - الحديث في صحيح مسلم ولفظه"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما رجل واقف مع رسول الله rبعرفة إذ وقع من راحلته قال أيوب فأوقصته ( أو قال فأقعصته ) وقال عمرو فوقصته فذكر ذلك للنبي rفقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه".

            تعليق


            • #7
              قول الزيدية ببطلان الصلاة خلف الفاسق

              قول الزيدية ببطلان الصلاة خلف الفاسق
              قال الحسين بدر الدين المتوفى سنة 663هـ في كتابه ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة ص 555:لا يصح إمامة الكافر ولا إمامة الفاسق لمؤمن ولا لفاسق ولا إمامة الصبي والمجنون ولا إمامة اللاحن ولا إمامة ناقص الطهارة أو الصلاة بكاملها ولا إمامة الأمي للقارئ ولا إمامة المرأة للرجال ولا إمامة الرجل لنساء لا رجل معهن .
              قال الإمام الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين 1/151:وهى –أي الزيدية-باجمعها لا ترى الصلاة خلف الفاجر ولا تراها الا خلف من ليس بفاسق".اهـ. وقد رد على هذه المسالة بتوسع الامام الوادعي وغيره

              تعليق


              • #8
                من خالف المذهب الزيدي فهو عند الزيدية مبطل

                من خالف المذهب الزيدي فهو عند الزيدية مبطل

                قال العلامة ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين 3/196-195 :" فأهل الإسلام في الناس غرباء والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز وجل فيهم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم كما قيل :
                فليس غريبا من تناءت دياره ولكن من تنأين عنه غريب.اهـ.
                وصدق سهل بن عبد الله حيث قال:"عليكم بالأثر والسنة ,فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه وأذلوه وأهانوه .
                قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله :رحم الله سهلا ما أصدق فراسته فلقد كان ذلك وأعظم وهو أن يكَّفر الإنسان بتجريد التوحيد والمتابعة ,والأمر بإخلاص العبادة لله,وترك عبادة ما سواه والأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتحكيمه في الدقيق والجليل [1].أهـ
                وإن مما أذكر للقارئ الكريم أني قبل أن أترك المذهب الزيدي كان الشيعة يقدمونني في الصلاة وإذا ذهبت زيارة إلى أقارب في بلد ما جاء أصحاب تلك البلاد يجلسون معي ويفرحون بضيفهم فلما رأوني قد تمسكت بالسنة من إعفاء لحيتي والضم والتأمين في الصلاة وغير ذلك, اشمأزت قلوبهم مني ولم يقدمونني في صلاة كما كانوا بل بعضهم إذا رآني في جهة من الصف ذهب ليصلي في جهة أخرى زعما منهم أني مخالف لمذهب أهل البيت ولم يأت منهم أحد ليجالسني كما هي عادات اليمنيين مجالسة الضيف والتحدث معه وإدخال السرور عليه ,وما يضرني هذا فقد أساؤوا إلى خير خلق الله محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - برد أحاديثه وإلى الصحابة وإلى أهل البيت عند ما صوروا للناس أنهم في جانب والسنة في جانب آخر. قال الإمام الشوكاني في أدب الطلب :«فإن غالبهم قد ضم إلى ما قدمنا من أوصافه وصفا أشد منها وأشنع وأقبح وهو أنه إذا سمع قائلا يقول قال رسول الله أو يملي سندا فيقول حدثنا فلان عن فلان قامت قيامته وثار شيطانه واعتقد أن هذه صنع أعداء أهل البيت المناصبين لهم بالعداوة المخالفين لهديهم ,فانظر ما صنع هذا الشيطان فإن في نسبته للمشتغلين بالسنة المطهرة إلى مخالفة أهل البيت طعنا عظيما على أهل البيت لأنه جعلهم في جانب والسنة في جانب آخر وجعل بينهما عنادا وتخالفا فانظر هذا الشيعي المحب لأهلُ البيت القائم في نشر مناقبهم كان أول ما قرره من مناقبهم النداء في الناس بأن من عمل بالسنة المطهرة أو رواها أو أحبها فهو مخالف لأهل البيت وحاشى لأهل البيت أن يكونوا كما قال فهم أحق الأمة باتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والاهتداء بهديه والاقتداء بكلامه ,ولقد رأينا هؤلاء الذين يسخطون على السنة المطهرة ويعادون من اشتغل بها وعكف عليها يسمع أحدهم في المساجد والمدارس علوم الفلسفة وسائر علوم غير الشريعة يقرأها الطلبة على الشيوخ فلا ينكر ذلك ولا يرى به بأسا فإذا سمع حدثنا فلان عن فلان قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان هذا أشد على سمعه من علم أرسطو طاليس وأفلاطون وجالينوس بل أثقل على سمعه من فرعون وهامان ,فقبح الله أهل البدع وقلل عددهم وأراح منهم فإنهم أضر على الشريعة من كل شيء قد شغلوا أنفسهم بمسائل معروفة هي رأس مذهبهم وأساسه وتركوا ما عدا ذلك وعابوه وعادوا أهله ,انظر الرافضة فإنك تجد أكثر ما لديهم وأعظم ما يشتغلون به ويكتبونه ويحفظونه مثالب الصحابة yالمكذوبة عليهم ليتوصلوا بذلك إلى ما هو غاية ما لديهم من السب والثلب لهم صانهم الله وكبت مبغضيهم ثم يعتبرون الناس جميعا بهذا المسألة فمن وافقهم فيها فهو المسلم حقا المحق وإن فعل ما فعل, ومن خالفهم في هذه المسألة فهو المبطل المبتدع وإن كان على جانب من الورع وحظ من التقوى لا يقادر قدرهما وقد يضمون إلى هذه المسألة التظهر بجميع الصلوات وترك الجمع كما قلته في أبيات
                تشيع الأقـــوام في عـصـرنـا منحصر في بدع تبتدع
                عداوة السنة والثلب للأسلاف والجمع وترك الجمـع
                وأما معيار التشيع في دارنا هذه عند جماعة من الزيدية لا عند جميعهم فيزيدون على هذه الأربع خامسة وهي التظهر بترك بعض من سنن الصلاة كالرفع والضم فإن أهل الطبقة التي ذكرنا لك أنها أصل الشر إذا رأوا من يفعل الرفع والضم ونحوهما كالتوجه في الصلاة بعد التكبير والتورك في التشهد الأخير والدعاء في الصلاة بغير ما قد عرفوه عادوه عداوة أشد من عداوتهم لليهود والنصارى وظنوا أنه على شريعة أخرى وعلى دين غير دين الإسلام وأوقعوا في أذهان العوام أنه ناصبي فانتقوا من فعله لهذه السنن أو أحدها إلى النصب الذي هو بغض علي وحكموا عليه به حكما جازما فانظر هذا الصنع الشنيع الذي هو شبيه بلعب الصبيان . ومما أحكيه لك إني أدركت في أوائل أيام طلبي رجلا يقال له الفقيه صالح النهمي قد اشتهر في الناس بالعلم والزهد وطلب علوم الاجتهاد طلبا قويا فأدركها إدراكا جيدا فرفع يديه في بعض الصلوات ورآه يفعل ذلك بعض المدرسين في علم الفقه المشهورين بالتحقيق فيه والإتقان له فقال اليوم ارتد الفقيه صالح ,فانظر هذه الكلمة من مثل هذا مع شهرته في الناس واجتماع كثير من طبلة علم الفروع عليه في جامع صنعاء وشيبه الناصع وثيابه الحسنة كيف موقعها في قلوب العامة وما تراهم يعتقدون في الفاعل لذلك بعد هذا ,فأبعد الله هذا عالما وذهب بهذا علما وإن كان لا عالم ولا علم فإن من لا يعقل الحجة ولا يفهم إلا مجرد الرأي لا الرواية ليس من العلم في شيء,ولا يستحق الدخول في باب من أبوابه ولا ينبغي وصفه بشيء من صفاته . فيا هذا لا حياك الله أيكون فعل سنة الرفع التي اجتمع على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العشرة المبشرة بالجنة ومعهم زيادة على أربعين صحابيا ردة وكفرا وخروجا من الملة الإسلامية...أهـ المراد وقال العلامة الوادعي رحمه الله تعالى:"لقد دخل التشيع إلى اليمن من القرن الثالث واعتبرها المؤرخ الجعدي صاحب(طبقات فقهاء اليمن)اعتبرها فتنة دخلت اليمن ثم لم يزل التشيع إلى أعوام قريبة حتى من تظاهر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم استحلوا دمه...كان القراءة في كتب السنة جريمة لا تغتفر...وإذا قالوا فلان سني فكأنهم قالوا فلان يهودي...فإني قدمت إلى قومي غريبا عند القريب والبعيد فذاك يرى أنني إذ وضعت يدي اليمنى على يدي اليسرى في الصلاة أن صلاتي باطلة وآخر إذا سمع مني أقول إن الهادي لا ينفع ولا يضر مع الله يرى أنني أبغض أهل بيت النبوة [2]".
                ولهذا قلت لبعض الزيدية من أقاربي :
                أهدي سلامي إلى من كنت أحسبه سنام قومي وفخر السادة النجبا
                حاربتم الحق في قول وفي عملٍ وأصبح العلم والطلاب كالغربا
                بني الصحابة من رام اليهود لهم طعن النصال كذا التنكيل والكربا
                صبراً جميلاً عسى الرحمن يهديكم وتبصرون ضياء الشمس والسببا
                سننصر الدين والأيـــام شاهدة هيهات لا يستوي الجهال والأدبا.

                [1] - انظر تنبيه الأمة على وجوب الأخذ بالسنة ص 8.

                [2] - إجابة السائل ص 641-642.

                تعليق


                • #9
                  نصيحة الإمام الوادعي وتحذيره للعلماءفي مسألة البناء على القبور

                  نصيحة الإمام الوادعي وتحذيره للعلماءفي مسألة البناء على القبور
                  قال شيخنا الوادعي رحمه الله تعالى :أنصح لعلماء الإسلام أن يبينوا للمجتمع الإسلامي ضرر البناء على القبور ,وأن النفقة التي تصرف في بناء القباب لا تعود على الإسلام ,فإنها مجلبة للشركيات والبدع والخرافات ,وأن يبينوا لحكام المسلمين أنه يجب عليهم هدم البناء على القبور من قباب وغيرها ,فإن بقاء ذلك من أنكر المنكرات .وأني أحذركم معشر العلماء أن يتناولكم قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة : 159 ، 160] . وأحذركم أن لا تكونوا كعلماء أهل الكتاب ,إذ يقول العلي الأعلى فيهم :{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران : 187][1].اهـ المراد .

                  [1] - رياض الجنة في الرد على أعداء السنة ص 327.

                  تعليق


                  • #10
                    نفي الزيدية الشفاعة في الآخرة

                    نفي الزيدية الشفاعة في الآخرة

                    لقد تحجرت الزيدية واسعا وتكلفت وعاندت حين حكمت على عصات المسلمين الموحدين بأنهم لن ينالوا شفاعة نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -, ومع ذلك فإنهم ينكرون الأدلة الصحيحة الواردة في خروج الموحدين من النار وكذلك أحاديث الشفاعة لأهل الكبائر .
                    قال الإمام الوادعي في كتابه الشفاعة:ولمّا كان من أعظم شبههم الباطلة أن أحاديث الشّفاعة أخبار آحاد، وأنه لا يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة جمعت ما استطعت الوقوف عليه حتى تبطل شبهتهم، ويعلموا أن أحاديث الشّفاعة متواترة عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، على أنّي أعلم أن شبهة كون أخبار الآحاد لا يؤخذ بها في العقيدة دسيسة من قبل أعداء السّنة حتى يبطلوا سنّة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وقد أحسن الردّ عليهم الإمام الشافعي رحمه الله في "الرّسالة"، والإمام البخاري في "صحيحه"، وعقد كتابًا في صحيحه أسماه: (كتاب أخبار الآحاد)، وممن تولى الردّ عليهم ابن حزم في "الأحكام"، وابن القيم في "الصواعق المرسلة"، ولو لم يكن إلا عموم {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر الآية: 17. وعموم قوله تعالى: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} النور الآية: 63.والنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يرسل الرسول ويأمره أن يعلم الناس العقائد والعبادات وما يحتاجون إليه كما هو معلوم من سيرته [1].اهـ .
                    قال علامة الزيدية الحسين بد بدر الدين المتوفى سنة 663هـ في كتابه ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة ص509:وعندنا أن شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لا تكون لأهل الكبائر المصرين عليها حتى يأتيهم الموت وإنما تكون لأهل الكبائر الذين تابوا وماتوا على التوبة ولمن استوت حسناته وسيئاته فيبقى غير مستحق للثواب ولا للعقاب فيشفه له ليرقى درجة أعلا من درجات الصبيان والمجانين ويرفع إلى منزلة عالية لم يكن لينالها إلا بالشفاعة .فأما العصاة المصرون على معاصيهم حتى يأتيهم الموت على غير توبة فلا شفاعة لهم .اهـ .
                    ويقول علامة الزيدية أحمد بن محمد القاسمي في كتابه عدة الأكياس في شرح معاني الأساس 2/327:قال أئمتنا عليهم السلام وجمهور المعتزلة :وشفاعة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأهل الجنة من أمته يرقيهم الله بها من درجة كانوا فيها إلى درجة أعلا منها ومن نعيم كانوا صاروا إليه إلى نعيم أسنى منه وأعظم .وأما من أدخله الله النار فهو مخلد فيها أبدا دائما دواما لانقطاع له.اهـ.
                    قلت :فاللازم من كلام الزيدية أنه لا شفاعة لأحد منهم لأنهم جميعا مبتدعة عصاة بلى استثناء فالمعاصي عندهم كثيرة جدا منها :سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتكفير المسلمين والبغي عليهم وسوء الظن بهم وتجويزهم التعامل بالربا فلقد قرأت فتوى لمن يسمى عندهم بالعلامة المجتهد يحيى بن يحيى الدار رئيس محكمة استئناف الأمانة بصنعاء في كتابه(الفقه المعاصر) خلاصتها قوله في ص( 49):وعلى هذا فإن المعاملة مع البنوك جائزة والفوائد غير ربا...".اهـ.
                    ومن المؤسف في عصرنا هذا أنك ترى علماءهم يحلقون اللحى والنادر منهم من يقصرها ويشاهدون الدشوش ويسمعون الأغاني ويسبلون الثياب ويأكلون القات ويشربون الدخان والشمة ويستحلون الذبح لغير الله , فإذا كان هذا حال هؤلاء العلماء والدعاة فكيف يكون حال العامة منهم ؟!!
                    وقد ذكر العلامة أحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) أنها بلغت 467 كبيرة .
                    فقل أن يسلم منها أحد خاصة الزيدية فإنهم كثيرا ما يمارسون أنواع البدع والمعاصي ويدعون الناس إليها ويشغلون أنفسهم بالمحافظة عليها ويبذلون أوقاتهم وأموالهم رخيصة من أجلها.
                    قال الشيخ سيد سابق في كتابه العقائد الإسلامية ص 295- :يشفع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن يأذن الله له، وبعد انتهاء مدة العذاب، فى خروج العاصي من النار، فقد ثبت فى الأحاديث الصحيحة أن النبى صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر بعد دخولهم النار، فيقبل الله شفاعته فيهم، ويخرجهم منها، وتكون الشفاعة إظهارًا لكرامة الشافع عند الله، وإظهار فضله.
                    فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: « لكل نبى دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتى شفاعة لأمتى فى الآخرة »(4).
                    وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: « يخرج قوم من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة، يسمون الجهنميين» رواه البخارى وأبو داود والترمذى وابن ماجه ، وسُمّوا بهذا الاسم ليذكروا ما كانوا فيه من عذاب وما أدركوه من نعيم ، فيزدادوا فرحًا وسرورًا .
                    وقال العلامة يحيى بن الحسين في كتابه صَوَارِمُ اليَقٍيْن:إنه تعالى قد علم في سابق علمه أن من ابتلى بهذا التكليف، وخلق الدواعي والشهوات، والتمكين بالقوى والقدر، والتخلية لفعل الخير والشر؛ فإنه قد يقع منه العصيان في الجملة؛ ولكن الله تعالى قد جعل مع ذلك ما يمحوه من الاستغفار والتوبة، والله تعالى علم المطيع من العاصي؛ فإرادته تعالى ليست لفعل الذنب وكسب العبد؛ بل إرادته تعالى للتمكين منها ليميز الخبيث من الطيب وليتم التكليف؛ فإنه تعالى أراد التكليف بالتمكين من الطاعة والمعصية وجعل ما يمحوه من الاستغفار، فلو لم يقع ما علمه من ذلك -ومحال عدم وقوعه بالمرة- لخلق ما قد علمه -كما ذكرناه أولاً- وهذا كله مبالغة في أن الله تعالى يغفر الذنب بالتوبة والاستغفار ويمحوه لئلا يحصل القنط من العاصي من رحمة الله تعالى، فإن القنط من الكبائر كما قال تعالى: { وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ } [الحجر:56] وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إن لم يكن قد ركب الذنب العبد بعينه فقد عصى الله فيما سواه مما هو أعظم منه، وأيم الله إن لم يكن عصاه في الكبير وعصاه في الصغير، فدل كلامه رضي الله عنه أنه لا يخلو المكلف عن شيء من المعاصي -لا سيما الصغائر.اهـ.




                    [1] - وإني أنصح بقراءة كتاب شيخنا الوادعي[الشفاعة] لأنه يغني عن بسط الكلام هنا للرد على منكري الشفاعة وخروج الموحدين من النار .

                    تعليق


                    • #11
                      نفي الزيدية رؤية الله في الآخرة

                      إن من عقيدة الزيدية نفي بعض صفات الله I ومن ذلك رؤيته في الآخرة بحجة تنزيه الله عز وجل من التشبيه والتجسيم ,ففروا حسب زعمهم من التشبيه ووقعوا في التعطيل ,والسبب هو عدم فهمهم للنصوص الواردة في إثبات رؤية الله في الآخرة فهما صحيحا لأنهم في هذه العقيدة تبعا للمعتزلة والإمامية الإثني عشرية وعالة عليهم . قال أحمد بن يحيى المرتضى في كتابه (البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ص55): وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَةُ وَإِلَّا لَرَأَيْنَاهُ الْآنَ لِارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ الثَّمَانِيَةِ[1]فِي حَقِّهِ ، وَلَا اخْتَصَّ بِجِهَةٍ يَتَّصِلُ بِهَا الشُّعَاعُ .اهـ
                      وقد استدلوا على نفي الرؤية في الآخرة بآيات قرآنية مفادها نفي الرؤية في الدنيا وحرفوا بعض الأدلة الصحيحة الدالة على رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ,وجحدوا بعضها .

                      وقدر رد علماء الإسلام على تأويلاتهم الفاسدة وتحريفهم لمعاني النصوص وفندوا شبههم بالأدلة الدامغة على فهم السلف الصالح . ومن مبررات الزيدية في نفي الرؤية على الإطلاق قولهم: إن الله سبحانه لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة لأن كل محسوس جسم وكل جسم أو عرض محدث والله تعالى ليس بمحدث [2].
                      والأدلة على رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة كثيرة وواضحة وصريحة صحيحة وإليك بعضا منها :
                      v قوله تعالى عن المؤمنين {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة : 22 ، 23].قال العلامة ابن القيم في كتابه حادي الأروح210: وإضافة النظر إلى الوجه الذي هو محله في هذه الآية وتعديته بأداة إلى الصريحة في نظر العين و إخلاء الكلام من قرينة تدل على أن المراد بالنظر المضاف إلى الوجه المعدي بالي خلاف حقيقته وموضوعه صريح في أن الله سبحانه و تعالى أراد بذلك نظر العين وإخلاء الكلام من قرينه تدل على أن المراد بالنظر المضاف إلى الوجه المعدي بالي خلاف حقيقة وموضوعه صريح في أن الله سبحانه وتعالى أراد بذلك نظر العين التي في الوجه إلى نفس الرب جل جلاله فان النظر له عدة استعمالات بحسب صلاته و تعديه بنفسه فان عدى بنفسه فمعناه التوقف و الانتظار كقوله انظرونا نقتبس من نوركم و أن عدى بفي فمعناه التفكر و الاعتبار كقوله أو لم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض و أن عدى بإلى فمعناه المعاينة بالأبصار كقوله انظروا إلى ثمره إذا أثمر فكيف إذا أضيف إلى الوجه الذي هو محل البصر.اهـ.
                      v وقال تعالى:)وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيد(ٌ [ق : 31 - 35] .
                      v وَقَالَ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }[يونس:26
                      v وَقَالَ تَعَالَى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [الْمُطَفِّفِينَ: 23]
                      v وقوله تعالى عن الكفار:)كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ([المطففين: 15]
                      قال سفيان ابن عيينة كما في(سير أعلام النبلاء ):فَإِذَا احْتَجَبَ عَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالأَعْدَاءِ، فَأَيُّ فَضْلٍ لِلأَوْلِيَاءِ عَلَى الأَعْدَاءِ.اهـ.
                      وقال العلامة ابن عثيمين في (القول المفيد على كتاب التوحيد):فما حجب الفجار عن رؤيته إلا ورآه الأبرار; إذ لو امتنعت الرؤية مطلقا لكان الفجار والأبرار سواء فيها.اهـ.
                      وقال الشيخ الفوزان في (التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية):فإذا كان الكفار محجوبون عن الله، أي : لا يرونه؛ لأنهم كفروا به في الدنيا فهم حجوبون عن النظر إليه يوم القيامة، وهذا أعظم حرمان وأعظم عذاب، والعياذ بالله، فدلت الآية على أن المؤمنين ليسوا محجوبين عن الله يوم القيامة، وأنهم يرونه بالنظر إليه في الآخرة؛ لأنهم آمنوا به في الدنيا ولم يروه، وإنما استدلوا عليه سبحانه بآياته ورسالاته، فالله أكرمهم بالنظر إليه يوم القيامة.اهـ
                      وقال العلامة حافظ بن أحمد الحكمي في كتابه (معارج القبول بشرح سلم الوصول):
                      وَهَذِهِ الْآيَاتُ صَرِيحَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا تَقْبَلُ تَحْرِيفًا وَلَا تَأْوِيلًا وَلَا يَرُدُّهَا إِلَّا مُكَابِرٌ قَدْ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ.
                      وقال حافظ هذه الأرجوزة :
                      وَإِنَّهُ يُرَى بِلَا إِنْكَارِ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ بِالْأَبْصَارِ
                      كُلٌّ يَرَاهُ رُؤْيَةَ الْعِيَانِ كَمَا أَتَى فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ
                      وَفِي حَدِيثِ سَيِّدِ الْأَنَامِ مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍ وَلَا إِيهَامِ
                      رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ يَمْتُرُونَهَا كَالشَّمْسِ صَحْوًا لَا سَحَابَ دُونَهَا
                      وَخُصَّ بِالرُّؤْيَةِ أَوْلِيَاؤُهُ فَضِيلَةً وَحُجِبُوا أَعْدَاؤُهُ .اهـ
                      وأما الأحاديث فمتواترة,منها :
                      v حديث صهيب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه قال:"إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ؟ وتنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل[3]"
                      v وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن أناساً قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا: لا يا رسول الله ، قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا يا رسول الله قال فإن ربكم ترونه كذلك[4]" .
                      v وعن جرير بن عبد الله البجلي-رضي الله عنه - قال كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته[5]".
                      وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي، لأن الله تعالى:) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( [الشورى : 11].
                      هذه بعض الأدلة ومن أراد التوسع فليراجع كتاب الإمام الدار قطني "الرؤية" و"حادي الأرواح " لابن القيم و"شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي وغير ذلك من مؤلفات أهل العلم أصحاب العقيدة السليمة
                      يقول العلامة الوادعي رحمه الله في (إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن ص 207-209) :وبقية الصفات حرفها ذوو الاعتزال وجعلوا القول بما تقتضيه مسبة لأهل السنة المتمسكين بكتاب ربهم وسنة نبيهم ,فعندنا بصعدة من أكبر الكبائر أن تقول إن الله يرى في الآخرة وإذا قلت فإن الله عز وجل يقول{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ويقول في الكفار:)كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ( ومفهوم الآية أن المؤمنين لا يحجبون عنه تعالى ,كابروا كتاب الله وعاندوا وحرفوا تحريفا يشبه تحريف الباطنية وبما أن القوم يلبسون على الجهال أن أهل السنة يقولون إن الله يرى في الآخرة والقائل بهذا يعتبر كافر تأويل فإني رأيت أن أنقل لهم جملة من الأحاديث في الرؤية ليعلم من يريد الحق أن أهل السنة لم يقولوا بالرؤية إلا لورودها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ .اهـ.



                      [1] - الموانع الثمانية هي:القرب والبعد المفرطان,والرقة ,واللطافة,والحجاب الكثيف,وكون المرئي في خلاف جهة الرائي ,وكون محله في بعض هذه الأوصاف,وعدم الضياء المناسب المبني انتهى.نقلا عن صعقة الزلزال1/97.

                      [2] - انظر المذهب الزيدي لأحمد صبحي ص19.

                      [3]- رواه مسلم في كتاب الإيمان باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه وتعالى (3/14-15) رقم (180) .

                      [4]- رواه البخاري في كتاب الرقاق باب: الصراط جسر جهنم (11/543) رقم (6543) ومسلم في كتاب الإيمان باب:معرفة طريق الرؤية (3/16)
                      رقم (182) واللفظ له .

                      [5]- رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب: فضل صلاة العصر (2/241) رقم (554) .

                      تعليق


                      • #12
                        نفي الزيدية علو الله على خلقه

                        نفي الزيدية علو الله على خلقه
                        لقد عرفت الزيدية بعقيدة خالفت العقل والنقل وهي أنهم لا يؤمنون بعلو الله I على خلقه علوا يليق بعظمته مع أن الشرع قد أثبت العلو دونما تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ,وقد اتفقت عقيدة الزيدية في هذه المسألة مع عقيد بعض المبتدعة مع تفاوت في بعض جزئياتها ولو سئل هؤلاء لما ذا ترفعون أيديكم وأبصاركم إلى السماء أثناء الدعاء؟ لقالوا لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة .فنقول :يلزم من قولهم إن الله في كل مكان أن لا تُرفع الأيدي والأبصار إلى السماء وإنما ُيمد يديه من أراد أن يدعو الله ويتلفت يمينا وشمالا وأسفل وخلف وأمام.
                        ومن فعل هذا سيقال له مجنون .أو يظن أنه مستهزئ بالله عياذا بالله. وقد الحديث "ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك [1]" .
                        وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في ذكر حجة الوداع" أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - خطب الناس في بطن الوادي ثم قال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: "اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد" .وعقيدة الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والأئمة المجتهدين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين أن الله في السماء مستو على عرشه استواء يليق بجلاله. قال الله تعالى : ) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى( [طه : 5] . وقال I :) ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ(وقد ذكرت هذه الآية في ستة مواضع من القرآن الكريم [2].وقالI : ) وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ( [البقرة : 255] .
                        وقالI :) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى( [الأعلى : 1] وقال تعالى :) إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ( [فاطر : 10] وقالI :) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ( [آل عمران : 55] .
                        وقالI : ) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ( [السجدة : 5] وقالI : )يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ( [النحل : 50] وقالI : ) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ( [الأنعام : 18و : 63]وقالI : ) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى( [الأعلى : 1] وقالI : )وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ( [البقرة : 255]وقالI :) قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ( [سبأ : 23]وقالI :)لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ( [الشورى : 4]
                        وقالI :)وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ( [الشورى : 51].وقالI :)فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ([غافر : 12].وقالI :) { يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ( [السجدة : 5] وقالI :)تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ( [المعارج : 4] وقالI :)إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ( [آل عمران : 55] وقالI :)وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ( [النساء : 157 ، 158] وقالI :)قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ( [النحل : 102]والآيات الدالة على علو الله كثيرة جدا .
                        أما الأدلة من السنة فمنها أحاديث المعراج في الصحيحين وغيرهما ,وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - للجارية :"أين الله ؟ قالت:في السماء، قال من أنا ؟ قالت أنت رسول الله ، قال اعتقها فإنها مؤمنة[3]". وفي الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قال:" لما خلق الله الخلق كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش إن رحمتي تغلب غضبي[4]" وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -:الراحمون يرحمهم الرحمن ، إرحموا أهل الارض يرحمكم من في السماء[5]". والأحاديث الدالة على صفة العلو كثيرة .
                        ومع علو ذاته وقهره وشأنه , فهو I عليم بكل صغيرة وكبيرة يعلم السر وأخفى، قالI :) يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ( [الأنعام : 3] فالله مع خلقه بعلمه وإحاطته وليس بذاته ,وهذه عقيدة أهل الحق من ذو زمن الرسول عليه الصلاة والسلام حتى تقوم الساعة والمعية معيتان معية عامة ومعية خاصة ، فالمعية العامة هي مع عامة الخلق . والمعية الخاصة هي مع الرسل والأنبياء والأولياء ودليل المعية العامة قولهI : ) وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ( [الحديد : 4] أي بعلمه وسمعه وبصره وقدرته وإحاطته .ودليل المعية الخاصة قوله تعالى: إخباراً عن موسى أنه قال: ) كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ( [الشعراء : 62] وقال تعالى لموسى وهارون : ) لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى( [طه : 46] وقال تعالى : ) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ( [النحل : 128] أي بتأييده ونصره وكفايته .


                        [1] - رواه مسلم1015 .

                        [2]- في سورة الأعراف آية: 54 ويونس 3 والرعد 4 والفرقان 59و السجدة 4 والحديد 4 .

                        [3]- رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته (5/22) رقم (537) والنسائي في كتاب السهو باب الكلام في الصلاة (1/262) رقم (1160) والبغوي في شرح السنة (3/237) .

                        [4]- رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى :{ويحذركم الله نفسه} (13/473) رقم (7404) واللفظ له ومسلم في كتاب التوبة باب في سعة رحمة الله (17/57) رقم (2751) .

                        [5] - رواه أبو داود والترمذي والبيهقي وغيرهم.وهو في صحيح الترمذي ( 2006 ) وصحيح الجامع ( 3522 )

                        تعليق


                        • #13
                          نهاية الزيدية في العالم

                          نهاية الزيدية في العالم

                          سبق وأن ذكرنا أن نسبة الزيدية إلى الإمام زيد ليست نسبة مذهبية وإنما هي نسبة انتماء لأن زيدا لم يكن صاحب دعوة مذهبية ,ولكن الزيدية قاتلوا معه حين تركته الرافضة عند ما خرج على هشام بن عبد الملك ,ومع ذلك فقد تطور هذا الانتماء عند الزيدية شيئا فشيئا حتى اختلقوا لهم مذهبا باسمه واجتهدوا على صنع أفكار تخصهم ,وبما أن أساسهم بني على شفا جرف هار ,لم يلبث حتى انهار بهعم وصاروا شذر مذر ,فليس للزيدية وجود معتبر إلا في اليمن وكل من بخارجها من الزيدية يعود إليها بوجه من الوجوه .وقد كان للزيدية وجود في المغرب إبان تأسيس دولة الإمام إدريس بن عبد الله إلا أن وجودهم انتهى بانتهاء الدولة ,وبعدم وجود حركة علمية بينهم تغذي وجودهم الفكري ,إضافة إلى كثرة خصومهم آنذاك كما كان لهم وجود في العراق ,ولكن شيئا فشيئا اضمحلوا لغياب إمامة تجمعهم .كما كان لهم وجود في شمال إيران ,في بلاد الديلم وطبرستان على بحر قزوين.ولكن مع القرن العاشر تقريبا انتهى وجودهم كما انتهى وجود أغلب الفرق مع الحركة الصفوية .كما كان لهم وجود في الهند...كما كان للزيدية وجود في الحجاز وعلى وجه الخصوص في مكة وينبع ,حيث كان أشرافها جميعا من الزيدية حتى أوائل القرن 14هجري [1]. يقول الشيخ محمد أبو زهرة :و من بعد ذلك ضعف المذهب الزيدي ؛ والمذاهب الشيعية الأخرى قد غالبته ، أو طوته ، أو لقحته ببعض مبادئها ، و لذلك كان الذين حملوا اسم هذا المذهب من بعده لا يجوزون إمامة المفضول ، فأصبحوا يعدون من الرافضة ، و هم الذين يرفضون إمامة الشيخين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، و بذلك ذهب من الزيدية الأولى ابرز خصائصها[2].اهـ.
                          قال الشاعر محمد الجبالي :
                          فما دام أس البيت صلبا موطدا تعالى البنا رغم المعاول تهدم
                          وإن كان أس البيت هشا مدعما بعاطفة الأحداث خر يدمدم
                          وإن كان أس البيت قولا مزينا تهاوى البنا رغم الهتاف تحمحم



                          [1] - انظر الزيدية قراءة في المشروع وبحث في المكونات ص 148-149.

                          [2] - تاريخ المذاهب الإسلامية (1/51) .

                          تعليق


                          • #14
                            وجوب التقليد عند الزيدية

                            وجوب التقليد عند الزيدية

                            لقد اشتهرت الفرقة الزيدية بإيجاب تقليد أسلافهم فتراهم يتركون بعض الواجبات ويرتكبون بعض المحرمات ويتخلون عن كثير من سنن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم تقليدا لفلان وفلان . ولهذا قال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله :« قد درست بصعدة قدر ثلاث سنوات فما وجدتهم إلا صما بكما عميا فهم لا يعقلون .يقولون قد قال سيدي فلان وقال القاسم وقال كذا وكذا ,أما قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يوجد عندهم[1].أهـ وقال أيضا :«فأين الدليل على أن الفرجين من أعضاء الوضوء ؟وأين الدليل الصحيح على الدعاء مع كل عضو في الوضوء؟ وأين الدليل على أن التوجه قبل التكبير؟ وأين الدليل على أنه يقال في الركعتين الأخيرتين :سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر بدل فاتحة الكتاب؟ وأين الدليل على ما يقوله المقيم قبل الإقامة، حتى لقد أصبح بعض الناس يظنون أن ذلك الدعاء هو الإقامة؟ ، أما الأدعية الواردة في القول مثل ما يقول المؤذن ثم قال الحديث ـ فهو يشمل كل من سمع النداء ليس خاصا بالمقيم . وأين الدليل على رفع أصواتهم بعد الصلاة بالأذكار بصوت واحد يشغلون المصلين والذاكرين؟ وأين الدليل على ما يقرأ في الجنازة بعد التكبيرة الثانية بالصمد وبعد الثالثة بـ{قل أعوذ برب الفلق} ؟ وأين الدليل على أنه من شروط الجمعة الإمام ؟ وأين الدليل على بناء القباب على القبور ؟ وأين الدليل على أن التكبير بعد القراءة في صلاة العيد؟ وأين الدليل على أنه يفصل بين التكبيرتين في صلاة الكسوف بالحمد لله مره وبالصمد والفلق سبعا ؟ ولو استقصيت مخالفتهم للسنة لكان كتابا مستقلا ومن يرد معرفة شيء من مخالفتهم للسنن فعليه بقراءة (السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار« وكأني بهم إذا اطلعوا على كلامنا هذا في بيان مخالفتهم للسنن يستدلون بقول فلان وفلان وبأحاديث ليس لها أسانيد وهيهات هيهات أن نقبل تراهاتهم وأن نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله [2]»أهـ وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:«...فإن هؤلاء المقلدة على اختلاف مذاهبهم وتباين نحلهم إذا نظروا في مسألة من مسائل النحو بحثوا كتب النحاة وأخذوا بأقوال أهله وأكابر أئمته كسيبويه والأخفش ونحوهما ولم يلتفتوا إلى ما قاله من قلدوهم في تلك المسألة النحوية لأنهم يعلمون أن لهذا الفن أهلا هم المرجوع إليهم فيه ,فلو فرضنا أنه اختلف أحد المؤلفين في الفقه من أهل المذهب المأخوذ بقولهم المرجوع إلى تقليدهم وسيبويه في مسألة نحوية لم يشك أحد أن سيبويه هو أولى بالحق في تلك المسألة من ذلك الفقيه لأنه صاحب الفن وإمامه وهكذا لو احتاج أحد من المقلدين أن ينظر في مسألة لغوية لرجع إلى كتب اللغة وأخذ بقول أهلها ولم يلتفت في تلك المسألة إلى ما قاله من هو مقلد له ولا عول عليه ولا سيما إذا عارض ما يقوله أقوال أئمة اللغة وخالف ما يوجد في كتبها وهكذا لو أراد أحدهم أن يبحث عن مسألة أصولية أو كلامية أو تفسير أو غير ذلك من علوم العقل والنقل لم يرجع في كل فن إلا إلى أهله ولا يعول على سواهم أنه قد عرف أن أهل تلك الفنون أخبر بها وأتقن لها وأعرف بدقائقها وخفياتها وراجحها ومرجوحها وصحيحها وسقيمها بخلاف من يقلدونه فإنه وإن كان في علم الفقه بارعا عارفا به لكنه في هذه الفنون لا يرتقي إلى أقل رتبة وأحقرهم معرفة لا يرضى مقلدوه أن يعارضوا بقوله في هذه الفنون قول من هو من أهلها وإذا عرفت هذا من صنيعهم وتبينته فقل لهم ما بالكم تركتم خير الفنون نفعا وأشرفه أهلا وأفضله واضعا وهو علم السنة [3]»أهـ المراد. قال الإمام ابن حزم في كتابه المحلى :ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا لا حيا ولا ميتا الاجتهاد حسب طاقته فمن سأل عن دينه فإنما يريد معرفة ما ألزمه الله عز وجل في هذا الدين ففرض عليه إن كان أجهل البرية أن يسأل عن أعلم أهل موضعه بالدين الذي جاء به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - فإذا دل عليه سأله فإذا أفتاه قال له هكذا قال الله عز وجل ورسوله فإن قال له نعم أخذ بذلك وعمل به أبدا وإن قال له هذا رأيي أو هذا قياس أو هذا قول فلان وذكر له صاحبا أو تابعا أو فقيها قديما أو حديثا أو سكت أو انتهزه أو قال له لا أدري فلا يحل له أن يأخذ بقوله ولكنه يسأل غيره.اهـ. ولهذا أقول :
                            إذا التقليد خيم في بلاد * يصير أهلها متعالمينا
                            دعوناهم إلى التوحيد قالوا * مع الآباء نمضي سائرينا
                            ومن ترك المذاهب كان شخصاً * تزندق في عداد الكافرينا
                            فالزيدية يقلدون آباءهم وعلماءهم في أفعالهم ومعظمهم لا يعرفون حقيقة المذهب الزيدي فقد كنت أسأل بعض المتفقهين منهم عن أصول الزيدية الخمسة وعن سبب تركهم بعض السنن وفعلهم بعض البدع فلم أجد عندهم سوى التقليد والتعصب للمذهب واتباع الرأي ومحاربة العلم الشرعي والسنة النبوية ,وكأنهم آلة أكترونية لا تميز بل تعمل على حسب البرنامج الذي وضع فيها وخصص لها . قال الفقيه أحمد بن حسين الزهري :
                            طريقة أهل الحق علم الشريعة وحفاظها أعلام أهل الطريقة
                            طريقة هادينا إلى الله من له الـــــــ ــــــــــعناية في اللفظية المعنوية
                            وإن قام بالقطبية الغوث إنما اهــ ــــتدى بمنار السنة الأحمدية
                            لحفاظها فضل على الناس كلهم وفي حفظها نيل لكل فضيلة
                            وحث الخطأ يمحو عن المذنب الخطأ إليها وحسب الخطو محو الخطيئة
                            لمسمعها التالي أصح كل مسمع وفي سو حها العالي أنخ كل جرة
                            ولا تذهبن العمر في غير سدى تكن مثل من يمشي برجل قصيرة
                            أمبصرة عينا تقاد بمثلها على منهج التقليد قود بهيمة
                            و هبك ترى التقليد لكن لجاهل يجوز على ما فيه من مشكلية
                            ومجتهد قد قام بالرأى بعد أن وعند انتفاء الشرط نفي الشريطة
                            فما العلم إلا ما أتانا محمد به فهدانا من كتاب وسنة
                            ودع قال شيخي واطرح ذكر مذهبي ففي السنة البيضاء كل حقيقة
                            وفيها غناء عن مقالة قائل وفيها شفاء للنفوس العليلة
                            عجبت لذي عقل ويستغرب الهدى ويهدي إلى منهج الطرية الغريبة
                            ويعشو عن الرشد الذي يذهب العمى وفي وجهه تخطيط عين صحيحة
                            ويعمل بالرأي الكثير خطاؤه وبين يديه واضحات الأدلة
                            ويعدل عن قول النبي محمد إلى قول ناف بالشكوك ومثبت
                            إذا قلت قد قال النبي محمد يقل لم يقل هذا أكرم أئمتي
                            وأعمى العمى عين ترى كل ما يرى وما تهتدي يوماً بعين البصيرة
                            تعصبت يا هذا وقبلك ما جفت قريش أخاها غير بالعصيبة
                            وقلت تمسكنا بآل محمد فنحن إذن والله أكرم شيعة
                            وتغضب إن أبصرت فاعل سنة كأن الذي أبصرت فاعل ريبة
                            وقلت حديث الطهر لم يحتفل به من الناس ناصبي العقيدة
                            كذبت وأيم الله يبغص آله أخو سنة مسترشد برشيدة
                            وكافة أهل البيت جل اشتغالهم بها وأدر في كتبهم عين درية فلم ذا بفيك الترب تهجر سنة منزلة بالغوث من عين رحمة أتحسب حب الآل في ترك سنة الر سول لقد أبدعت أنكر بدعة
                            وأو جست آل المصتفى بشنيعة من القول تعلو كل شنيعة
                            وفرقت بين الروابي والربا و سديت ما بين الحجى و المحجة
                            وأنكرت إخوان المروة والصفا وباعدت ما بين الصفا والمروة
                            هم الثقلان الآل والسنة التي هدتنا فلم تنعت فيهم برقة
                            جهلت ودون الجهل لو تعلم العمى ولم تدر من هم أهل بيت النبوة
                            تعال أريك الآل كيما تحبهم وتهدي إلى نهج الطرق السوية
                            هم الأنجم الزهر الذي وجودهم أمان لأهل الأرض من كل فتنة
                            بنوا المصفى من بارك الله فيهم وشانيهم مبتور حظ النبوة
                            مفاخرهم قد عمت الأرض مثلما بكثرتهم عموا جميع البسيطة
                            وصاروا لكل الناس في كل وجهة معالم أمثال النجوم المضيئة
                            وما سكنوا في كل أرض بحكمهم ولكن لتلك الحكمة المستبينة
                            فلم تلق أرضاً وهي خلـــــــــية خلا ما خلا عنها ضياء النبوة
                            فهل أجمعت قل لي سلالة احمد على مذهب فالحق للأجمعية
                            وكان على غير الهدى من أتى لما يخالفهم مستوجبات للعقوبة
                            أم افترقوا في كل أرض مذاهبا على حكمها والحكم والحكم للغالبية
                            فمن شافعي هم ومن مالكية ومن حنبلي هم ومن حنيفية
                            وزيدية منهم وما إن تمسكوا بزيد وقالوا الهدى للهدوية
                            زمنهم إمامي ومنهم أشاعر ومعتزل أيضاً لمعتزلية
                            اولئك أبناء الرسول جميعهم وصفوه أهل البيت من غير مرية
                            وإن قلت أن الآل إلا الذين هم تحب وتهوى النفس فهت بكذبة
                            وباعدك البرهان فيما ادعيته وكنت نفيت الآل أي نفية
                            بنفسي واولادي ومالي وأسرتي وصحبي أفدي فرقة الفاطمية
                            فحبهم دين لدى وبغضهم نفاق وهم كنزي ومالي و ذخرتي
                            محبتى القربى وسر محمد إلى الله قربى يوم تبلى سريرتي
                            وحمزة والعباس منهم ولا عمى وكل تقي واصل بالعمومة
                            منهم بنوهم لا نخيس شعرة عن القسط مسؤول بوزن شعيرة
                            أما قام للعباس يدعو ولابنه فآمنت الأخشاب بالعربية
                            ومن كان منهم عاملا غير صالح فقل ساقط من سلك تلك السفينة
                            ونسل بنات الطهر منهم وحجة الـــ ـــــقياس قوى في سواء بالقطيعة
                            وأزواجه منهم وفيهن أنزلت ليذهب عنكن فاصغ لي أو تنصت
                            أما قال منا الطهر سلمان فارس وأقرب من مولى الفتى زوجه التي
                            فإن كنت دون العلم للجهل راغباً فدونك أولا فاستحب لتوبة[4].
                            وقلت:
                            اترك التقليد فوراً واعتزل كل رأي فمع الرأي الزلل
                            واتبع الحق ولا ترضى سوا ه فإن الحق في الذكر نزل
                            فارق الجهال أصحاب الهوى كن شبيه الأسد سني بطل


                            [1] - تحفة المجيب ص 35.

                            [2] - رياض الجنة في الرد على أعداء السنة ص 63-64.

                            [3] - أدب الطلب 71-73.

                            [4] - نيل الوطر 1/78-80 وصعقة الزلزال 1/61-

                            تعليق


                            • #15
                              وقفة تأمل في طريقة السلف في معرفة أسماء الله وصفاته

                              وقفة تأمل في طريقة السلف في معرفة أسماء الله وصفاته
                              لماذا لا يتأمل المبتدعة ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم في معرفة أسماء الله وصفاته وأئمة أهل البيت فقد كانوا يسمون الله بما سما به نفسه وسماه به رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - ويصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ويؤمنون أن الله قد أكمل هذا الدين ,فإذا كانوا كذلك فإنهم سيتركون آراءهم وأهواءهم ويجعلون عقلولهم تابعة لما جاء في الكتاب والسنة ,ولا يفكرون كأهل الجدل والفلسفة .
                              فإن الله قد أكمل دينه ببعثة نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - الذي بلغ البلاغ المبين فما ترك شيئا إلا أبانه كما علمه ربه .
                              قال ابن الماجشون: سمعتُ مالكاً يقول: "مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة، فقد زعم أنَّ محمّداً خان الرسالة؛ لأنَّ اللهَ يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فما لم يكن يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم ديناً [1]".
                              وقال أبو عثمان النيسابوري: "مَن أمَّر السنَّةَ على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومَن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة[2]".
                              ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق المرسلة:لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله ويكون أحب إليها مما سواه ويكون سعيها في ما يقربها إليه ويدنيها من مرضاته ومن المحال أن تستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين وإليه داعين ولمن أجابهم مبشرين ومن خالفهم منذرين وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله إذ على هذه المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها وإن الخوف والرجاء والمحبة والطاعة والعبودية تابعة لمعرفة المرجو المخوف المحبوب المطاع المعبود.اهـ.
                              قال الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه (قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة القيرواني ):
                              وقد أوضح ما كان عليه الصحابةُ في صفات الله عزَّ وجلَّ الشيخ أبو العباس أحمد بن علي المقريزي المتوفى سنة (845 هـ) في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (2/356)، فقال:"ذِكْرُ الحال في عقائد أهل الإسلام منذ ابتداء الملَّة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية: اعلم أنَّ الله تعالى لَمَّا بعث من العرب نبيَّه محمداً- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- رسولاً إلى الناس جميعاً وصف لهم ربَّهم سبحانه وتعالى بما وصف به نفسَه الكريمة في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه الروحُ الأمين، وبما أوحى إليه ربُّه تعالى، فلم يسأله أحدٌ من العرب بأسرهم قرَويُّهم وبَدويُّهم عن معنى شيء من ذلك، كما كانوا يسألونه عن أمر الصلاة والزكاة والصيام والحجِّ وغير ذلك مِمَّا لله فيه سبحانه أمرٌ ونهيٌ، وكما سألوه عن أحوال القيامة والجنَّة والنار؛ إذ لو سأله إنسانٌ منهم عن شيء من الصفات الإلهية لنُقل كما نُقلت الأحاديث الواردة عنه في أحكام الحلال والحرام، وفي الترغيب والترهيب وأحوال القيامة والملاحم والفتن ونحو ذلك مِمَّا تضمَّنته كتبُ الحديث، معاجمها ومسانيدها وجوامعها، ومَن أمعن النَّظر في دواوين الحديث النَّبوي ووقف على الآثار السلفية، عَلِم أنَّه لَم يَرد قطُّ من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم - على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم- أنَّه سأل رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-عن معنى شيء مِمَّا وصف الربُّ سبحانه به نفسَه الكريمة في القرآن الكريم وعلى لسان نبيِّه محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ، بل كلُّهم فهموا معنى ذلك، وسكتوا عن الكلام في الصفات، نعم! ولا فرَّق أحدٌ منهم بين كونها صفةَ ذات أو صفةَ فعل، وإنَّما أثبتوا له تعالى صفات أزليَّة: من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعز والعظمة، وساقوا الكلام سوقاً واحداً، وهكذا أثبتوا - رضي الله عنهم - ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريمة: من الوجه ,واليد ونحو ذلك، مع نفي مماثلة المخلوقين، فأثبتوا - رضي الله عنهم- بلا تشبيه، ونزَّهوا من غير تعطيل، ولم يتعرَّض مع ذلك أحدٌ منهم إلى تأويل شيء من هذا، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت، ولم يكن عند أحد منهم ما يستدلُّ به على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوَّة محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - سوى كتاب الله، ولا عرف أحدٌ منهم شيئاً من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة، فمضى عصرُ الصحابة رضي الله عنهم على هذا، إلى أن حدث في زمنهم القولُ بالقدر، وأنَّ الأمرَ أنفة، أي: أنَّ الله تعالى لم يُقدِّر على خلقه شيئاً مِمَّا هم عليه ...".اهـ.
                              فإذا تأمل المبتدعة ما قاله المقريزي وغيره من العلماء الربانيين سيعرفون ما هم عليه من غباء في معرفة الباري جل وعلا.وهذا ما يؤكده العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (الصواعق المرسلة) في قوله:والمقصود أن الله سبحانه قد أخبر أنه أكمل له ولأمته به دينهم وأتم عليهم به نعمته ومحال مع هذا أن يدع أهم ما خلق له الخلق وأرسلت به الرسل وأنزلت به الكتب ونصبت عليه القبلة وأسست عليه الملة وهو باب الإيمان به ومعرفته ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله ملتبسا مشتبها حقه بباطله لم يتكلم فيه بما هو الحق بل تكلم بما ظاهره الباطل والحق في إخراجه عن ظاهره وكيف يكون أفضل الرسل وأجل الكتب غير واف بتعريف ذلك على أتم الوجود مبين له بأكمل البيان موضح له غاية الإيضاح مع شدة حاجة النفوس إلى معرفته ومع كونه أفضل ما اكتسبته النفوس وأجل ما حصلته القلوب ومن المحال أن يكون أفضل الرسل قد علم أمته آداب البول قبله وبعده ومعه وآداب الوطء وآداب الطعام والشراب ويترك أن يعلمهم ما يقولونه بألسنتهم وتعتقده قلوبهم في ربهم ومعبودهم الذي معرفته غاية المعارف والوصول إليه أجل المطالب وعبادته وحده لا شريك له أقرب الوسائل ويخبرهم فيه بما ظاهره باطل وإلحاد ويحيلهم في فهم ما أخبرهم به على مستكرهات التأويلات ومستنكرات المجازات ثم يحيلهم في معرفة الحق على ما تحكم به عقولهم وتوجبه أراؤهم هذا وهو القائل "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك [3]"وهو القائل "ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل على أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم [4]".
                              وقال أبو ذر لقد توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما [5]"
                              وقال عمر بن الخطاب :قام فينا رسول الله مقاما فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه. ذكره البخاري , وصلى بهم رسول الله صلاة الظهر ثم خطبهم حتى حضرت العصر فصلى العصر ثم خطب بهم حتى غربت الشمس فلم يدع شيئا كان ولا يكون من خلق آدم إلى قيام الساعة حتى أخبرهم به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه , فكيف يتوهم من لله ولرسوله ودينه في قلبه وقار أن يكون رسول الله قد أمسك عن بيان هذا الأمر العظيم ولم يتكلم فيه بالصواب بل تكلم بما ظاهره خلاف الصواب بل لا يتم الإيمان إلا باعتقاد أن بيان ذلك قد وقع من الرسول على أتم الوجوه وأوضحه غاية الإيضاح ولم يدع بعده لقائل مقالا ولا لمتأول تأويلا ثم من المحال أن يكون خير الأمة وأفضلها وأعلمها وأسبقها إلى كل فضل وهدى ومعرفة قصروا في هذا الباب فجفوا عنه أو تجاوزوا فغلوا فيه وإنما ابتلي من خرج عن منهاجهم بهذين الداءين وهدوا لأحد الإنحرافين وبزل الإسلام وعصابة الإيمان وحماة الدين هم الذين كانوا في هذا الباب قائلين بالحق معتقدين له داعين إليه فإن قيل القوم كانوا عن هذا الباب معرضين وبالزهد والعبادة والجهاد مشتغلين لم يكن هذا الباب من همتهم ولا عنايتهم به قيل هذا من أبين المحال وأبطل الباطل بل كانت عنايتهم بهذا الباب فوق كل عناية واهتمامهم به فوق كل اهتمام وذلك بحسب حياة قلوبهم ومحبتهم لمعبودهم ومنافستهم في القرب منه فمن في قلبه أدنى حياة أو محبة لربه وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التبصر فيه وسؤاله واستكشافه عنه هو أكبر مقاصده وأعظم مطالبه وأجل غاياته وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه فكيف يمكن مع قيام هذا المقتضى الذي هو من أقوى المقتضيات أن يتخلف عنه أثره في خيار الأمة وسادات أهل العلم والإيمان الذين هممهم أشرف الهمم ومطالبهم أجل المطالب ونفوسهم أزكى النفوس فكيف يظن بهم الإعراض عن مثل هذا الأمر العظيم أو الغفلة عنه أو التكلم بخلاف الصواب فيه واعتقاد الباطل الصابئين وأفراخ اليونان الذين شهدوا على أنفسهم بالحيرة والشك وعدم العلم الذي يطمئن إليه القلب وأشهدوا الله وملائكته عليهم به وشهد به عليهم الأشهاد من أتباع الرسل أعلم بالله وأسمائه وصفاته وأعرف به ممن شهد الله ورسوله لهم بالعلم والإيمان وفضلهم على من سبقهم ومن يجيء بعدهم إلى يوم القيامة ما خلا النبيين والمرسلين وهل يقول هذا إلا غبي جاهل لم يقدر قدر السلف ولا عرف الله ورسوله وما جاء به .
                              قال شيخنا وإنما أتى هؤلاء المبتدعة الذين فضلوا طريقة الخلف على طريقة السلف من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ولا فهم لمراد الله ورسوله منها واعتقدوا أنهم بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة : 78]. وأن طريقة المتأخرين هي استخراج معاني النصوص وصرفها عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ومستنكر التأويلات فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وراء ظهورهم فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف والكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف وسبب ذلك اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص فلما اعتقدوا التعطيل وانتفاء الصفات في نفس الأمر ورأوا أنه لا بد للنصوص من معنى بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى وهذا الذي هو طريقة السلف عندهم وبين صرف اللفظ عن حقيقته وما وضع له إلى ما لم يوضع له ولا دل عليه بأنواع من المجازات والتكلفات التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالبيان والهدى كما سيأتي بيانه مفصلا إن شاء الله ,وصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل والجهل بالسمع فلا سمع ولا عقل فإن النفي والتعطيل إنما اعتمدوا فيه على شبهات فاسدة ظنوها معقولات صحيحة فحرفوا لها النصوص السمعية عن مواضعها فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكاذبتين كانت النتيجة استجهال السابقين الذين هم أعلم الأمة بالله وصفاته واعتقاد أنهم كانوا أميين بمنزلة الصالحين البله الذين لم يتبحروا في حقائق العلم بالله ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي وأن الخلف هم الفضلاء العلماء الذين حازوا قصب السبق واستولوا على الغاية وظفروا من الغنيمة بما فات السابقين الأولين ,فكيف يتوهم من له أدنى مسكة من عقل وإيمان أن هؤلاء المتحيرين الذين كثر في باب العلم بالله اضطرابهم وغلظ عن معرفة الله حجابهم وأخبر الواقف على نهايات إقدامهم بما انتهى إليه من مرامهم وأنه الشك والحيرة.اهـ..



                              [1] - الاعتصام للشاطبي (1/28)

                              [2] - حلية الأولياء لأبي نعيم (10/244)

                              [3] - سبق تخريجه .

                              [4] - رواه مسلم 3/1472.

                              [5] - رواه الطبراني في الكبير 1647والبزار بمعناه .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X