إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موقف على رضي الله عنه من الصحابة ليس كمواقف الرافضة ( من كتبهم المعتمدة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    تابع

    حب آل البيت ومبايعتهم للفاروق رضي الله عنهم


    وكان أهل بيت النبوة يتبادلون معه هذا الحب والتقدير والاحترام، ولم يستمعوا ولم يصغوا إلى من يتكلم فيه، أو يطعنه بطعنة، أو يعرّض به بتعريض، بل تبرؤا ممن فعل هذا، وأنكروا عليه كما سيأتي مفصلاً إن شاء الله تعالى.
    وأكثر من ذلك كافئوه على احترامه لهم وتقديره بهم حتى أعطوه ثمرة من ثمار النبوة، وزوّجوها منه، وأطاعوه، وأخلصوا له الوفاء والطاعة، وناصحوه، وشاوروه بأحسن ما رأوه، واستوزرهم فرضوا، وأنابهم فقبلوا نيابته، وجاهدوا تحت رايته، ولم يتأخروا في تقديم النصيحة له وما يطلب منهم وفق الكتاب والسنة، وبذلوا له كل غال وثمين.

    111- فها هو علي بن أبي طالب يقر بذلك في رسالته التي أرسلها إلى أصحابه بمصر بعد مقتل محمد بن أبي بكر عامله على مصر، فيقول بعد ذكر الأحداث التي وقعت عقب وفاة الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه: ( فتولى أبو بكر تلك الأمور فلما احتضر بعث إلى عمـر، فولاّه فسمعنا وأطعنا وناصحنا - ثم يمدحه حسب عادته أنه لا يذكره إلا ويبالغ في مدحه – وتولى عمـر الأمر، وكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة ) ([1]).
    أي لم نتأخر في بيعته، ولم نبخل بالسمع والطاعة والمناصحة، لأن سيرته كانت طيبة، ونفسه كان ميموناً مباركاً، ناجحاً في أفعاله، مظفراً في مطالبه.

    112- ولقد أثبت هذا الطوسي في أماليه حيث يروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:(فبايعت عمـر كما بايعتموه، فوفيت له بيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة، ودخلت حيث أدخلني ) ([2]).

    113- فبايعه علي بن أبي طالب، وسمع له، وأطاعه، وناصحه، ورضي بما أمر به، ودخل اللجنة التي جعلها لانتخاب الخليفة، وكان وزيره ومشيره وقاضيه، وعمل بمشورته دون غيره كما ذكر اليعقوبي المؤرخ الشيعي:( إن عمـر شاور أصحاب رسول الله في سواد الكوفة، فقال له بعضهم: تقسمها بيننا، فشاور علياً، فقال: إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء! ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا. فقال: وفقك الله! هذا الرأي ) ([3]).

    114- وكذلك وردت الروايات الكثيرة في المسائل القضائية أن عمـر يرجح قضاء علي، ولقد بوب شيخ الشيعة المفيد باباً مستقلاً بعنوان "ذكر ما جاء من قضاياه في إمرة عمـر بن الخطاب" وأورد تحته قضايا مختلفة كثيرة حكم فيها عمـر بقضاء علي رضي الله عنهما، ومنها:( أن عمـر أتى بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هب أن لك سبيلاً عليها أي سبيل لك على ما في بطنها ؟ والله تعالى يقول:( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ؟ فقال عمـر: لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن، ثم قال: فما أصنع بها؟ قال: احتط عليها حتى تلد، فإذا ولدت ووجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد، فسرى بذلك عن عمـر وعول الحكم به على أمير المؤمنين عليه السلام ) ([4]).

    115- وأيضا ذكر المفيد: أن عمـر استدعى امرأة كانت تتحدث عندها الرجال، فلما جاءها رسله فزعت وارتاعت وخرجت معهم فأملصت ووقع إلى الأرض ولدها يستهل ثم مات، فبلغ عمـر ذلك فجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الحكم في ذلك فقالوا بأجمعهم: نراك مؤدباً، ولم ترد إلا خيراً، ولا شيء عليك في ذلك، وأمير المؤمنين عليه السلام جالس لا يتكلم في ذلك، فقال له عمـر: ما عندك في هذا يا أبا الحسن؟ فقال: قد سمعت ما قالوا: قال: فما عندك؟ قال: قد قال القوم ما سمعت، قال: أقسمت عليك لتقولن ما عندك، قال: إن كان القوم قاربوك فقد غشوك وإن كانوا ارتاؤا فقد قصروا الدية على عاقلتك لأن قتل الصبى خطأ تعلق بك، فقال: أنت والله نصحتني من بينهم والله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي، ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ([5]).

    116- وأيضاً ( عن يونس عن الحسن أن عمـر أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول:( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) ويقول جل قائلاً:( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) فإذا تمت المرأة الرضاعة سنتين، وكان حمله وفصاله ثلاثين شهراً، كان الحمل منها ستة أشهر، فخلى عمـر سبيل المرأة وثبت الحكم بذلك فعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنه إلى يومنا هذا ) ([6]).

    117- وأيضاً:( إن امرأة شهد عليها الشهود أنهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطأها ليس ببعل لها، فأمر عمـر برجمها وكانت ذات بعل، فقالت: اللهم إنك تعلم أني بريئة، فغضب عمـر وقال: وتجرح الشهود أيضاً! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ردوها واسألوها فلعل لها عذراً، فردت وسئلت عن حالها فقالت: كان لأهلي إبل فخرجت في إبل أهلي وحملت معي ماء ولم يكن في إبل أهلي لبن وخرج خليطنا وكان في إبله لبن، فنفذ مائي فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أمكنه من نفسي فأبيت، فلما كادت نفسي تخرج أمكنته من نفسي كرها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله أكبر ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) فلما سمع ذلك عمـر خلى سبيلها) ([7]).
    فعمل الفاروق في جميع هذه القضايا بقضاء عليّ، ونفّذ ما قاله لأنه كان يقول حسب رواية شيعية:( علي أقضانا ) ([8]).
    أفبعد هذا يمكن القول بأن علياً كان يخالف عمر رضى الله عنهما، أو كان بينهما شيء؟!
    وهل يتصور أن شخصاً لا يعترف ولا يقرّ بولاية أحد وخلافته ثم يشترك معه في الشورى وفي المسائل المهمة والنوائب الملمة، ويبدي رأيه الصائب، ويؤخذ بقوله ويقضى به بين الناس، وينفذ قضاؤه ؟!

    118- وأكثر من ذلك: أن عليًا كان ينوب عنه في الحكم والحكومة أحيانًا ؛ حيث أنابه عمـر سنة 15 من الهجرة لما استمد أهل الشام عمـر على أهل فلسطين فشاور أصحابه فمنعه علي، وقال له: لا تخرج بنفسك، إنك تريد عدواً كلباً، فقال عمـر: إني أبادر بجهاز العدو موت العباس بن عبد المطلب، إنكم لو فقدتم العباس لينقض بكم الشر، كما ينتقض الحبل".
    فشخص عمـر إلى الشام.

    119- ( وإن علياً عليه السلام هو كان المستخلف على المدينة ) ([9]).

    120- ولأجل ذلك قال علي رضي الله عنه لما عزموا على بيعته أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً ) ([10]).
    يشير بذلك إلى وزارته أيام الصديق وأيام الفاروق رضي الله عنهم.
    ولأجل ذلك كان يقاتل هو وبنوه وأهله وذووه تحت راية عمـر، ويقبلون منه الغنائم والهدايا والجواري والسبايا، ولو لم تكن خلافته حقاً لما كان القتال تحت رايته جهاداً، ولم يكن الجواري والإماء جوارياً وإماءً، ولم يجز قبولها والتمتع بها، وقد ثبت هذا كله كما ذكرناه سابقاً.

    121- ومن ذلك ما روى الشيعة أن الحسن بن علي سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام قاتل تحت لواء الفاروق، وجاهد أيام خلافته وتحت توجيهاته وإرشاداته في الجيش الذي أرسل إلى غزو إيران ويقولون: إن في أصفهان مسجداً يعرف بلسان الأرض!‍ ولقد سمي بهذا الاسم لأن الحسن لما جاء إلى أصفهان أيام خلافة عمـر بن الخطاب مجاهداً في سبيل الله غازياً وفاتحاً لهذه البلاد مع عساكر الإسلام نزل في موضع هذا المسجد فتكلمت معه الأرض – كما يزعمون - فسميت هذه البقعة لسان الأرض لتكلمها معه ([11]).

    122- تسمية أهل البيت أبناءهم باسم الفاروق عمر، حباً وإعجاباً بشخصيته، وتقديراً لما أتى به من الأفعال الطيبة والمكارم العظيمة، ولما قدم للإسلام من الخدمات الجليلة، وإقراراً بالصلات الودية الوطيدة التي تربطه بأهل بيت النبوة، والرحم، والصهر القائم بينه وبينهم.
    فأول من سمى ابنه باسمه: الإمام الأول عند الشيعة ؛ وهو علي رضي الله عنه، فقد سمى ابنه من أم حبيب بنت ربيعة البكرية - التي منحها له أبو بكر رضي الله عنه-: عمـر، كما ذكر ذلك المفيد واليعقوبي والمجلسي والأصفهاني وصاحب الفصول، يقول المفيد في باب "ذكر أولاد أمير المؤمنين وعددهم وأسماءهم":( فأولاد أمير المؤمنين سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى (1) الحسن (2) الحسين.(6) عمـر (7) رقية كانا توأمين أمهما أم حبيب بنت ربيعة ) ([12]).
    ويقول اليعقوبي:( وكان له من الولد الذكور أربعة عشر ذكراً الحسن والحسين ومحسن مات صغيراً، أمهم فاطمة بنت رسول الله.. وعمـر، أمه أم حبيب بنت ربيعة البكرية ) ([13]).
    وأما المجلسي فيذكرأن ( عمـر بن علي من الذين قتلوا مع الحسين في كربلاء، وأمه أم البنين بنت الحزام الكلابية ) ([14]).
    وصاحب الفصول يقول تحت ذكر أولاد علي بن أبي طالب:( وعمر من التغلبية، وهى الصهباء بنت ربيعة من السبي الذي أغار عليه خالد بن الوليد بعين التمر، وعمّر عمـر هذا حتى بلغ خمسة وثمانين سنة فحاز نصف ميراث علي عليه السلام، وذلك أن جميع إخوته وأشقائه وهم عبد الله وجعفر وعثمان قتلوا جميعهم قبله مع الحسين (ع) بالطف فورثهم ) ([15]).
    ولقد تبعه في هذا الحب لعمر بن الخطاب ابنه الحسن فسمى أحد أبنائه عمـر أيضاً.
    يقول المفيد في باب "ذكر ولد الحسن بن علي عليهما السلام وعددهم وأسماؤهم".
    ( أولاد الحسن بن علي (ع) خمسة عشر ولداً ذكراً وأنثى (1) زيد …. (5) عمر (6) قاسم (7) عبد الله أمهم أم ولد ) ([16]).
    ويقول المجلسي:( كان عمر بن الحسن ممن استشهد مع الحسين بكربلاء ) ([17]).
    ولكن الأصفهاني يرى أنه لم يقتل، بل كان ممن أسر فيقول:( وحمل أهله (الحسين بعد قتله) أسرى وفيهم عمـر، وزيد، والحسن بنو الحسن بن علي بن أبي طالب ) ([18]).
    وكذلك ابنه الثاني الحسين رضي الله عنه أيضاً سمى أحد أبنائه باسم عمـر، كما ذكر المجلسي تحت ذكر من قتل من أهل البيت مع الحسين بكربلاء ( قتل من أبناء الحسين كما هو المشهور علي الأكبر، وعبد الله الذي استشهد في حجره، وبعضهم قالوا: أيضاً قتل من أبنائه هو عمـر وزيد ) ([19]).
    ومن بعد الحسين ابنه علي الملقب بزين العابدين سمى أحد أبنائه أيضاً:عمـر، كما قال المفيد في باب "ذكر ولد علي عليه السلام":( ولد علي بن الحسين عليهما السلام خمسة عشر ولداً (1) محمد المكنى بأبي جعفر الباقر (ع) أمه أم عبد الله بنت الحسن (6) عمـر لام ولد ) ([20]).
    وأما الأصفهاني فيذكر أن عمـر هذا كان من أشقاء زيد بن على من أمه وأبيه كما يقول تحت ترجمة زيد بن على:( وزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وأمه أم ولد أهداها المختار بن أبي عبيد لعلي بن الحسين فولدت له زيداً وعمـر وعلياً وخديجة. اشترى المختار جارية بثلاثين ألفاً، فقال لها: أدبري فأدبرت، ثم قال لها: أقبلي فأقبلت، ثم قال: ما أدري أحداً أحق بها من علي بن الحسين فبعث بها إليه وهى أم زيد بن على ) ([21]).
    وكذلك موسى بن جعفر الملقب بالكاظم - الإمام السابع لدى الشيعة - سمى أحد أبنائه: عمـر ؛ كما ذكر الأربلي تحت عنوان أولاده ([22]).
    فهؤلاء الأئمة الخمسة لدى الشيعة يظهرون لعمر الفاروق ما يكنونه في صدورهم من حب وولاء حتى بعد وفاته ؛ فيسمون أبناءهم باسمه – رضي الله عنهم أجمعين -. شاهدين بفعلهم هذا على كذب ما تحوكه الشيعة من أساطير وخرافات حول العداوة بينهم، مما لا يصدقها عاقل عرف دين وأخلاق الصحابة رضي الله عنهم.
    وبعد هؤلاء: سرى هذا الاسم في أولادهم كما في كتب الأنساب والتاريخ والسير، وأورد بعضاً منها الأصفهاني في "المقاتل" والأربلي في "كشف الغمة"، يقول الأصفهاني: فمن الذين خرجوا طلباً للحكم والحكومة من الطالبيين مثل يحيى بن عمـر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي خرج أيام المستعين.
    وعمـر بن إسحاق بن الحسن بن علي بن الحسين "الذي خرج مع الحسين المعروف بصاحب فخ أيام موسى الهادي" ([23]).
    و" عمـر بن الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن" ([24]).
    وغيرهم كثير، ولكننا اكتفينا بالخمسة الأول لما لهم من مكانة عند القوم لقولهم بعصمتهم وإمامتهم.


    [1] - ["الغارات" للثقفي ج1 ص307، والنقيبة هي النفس].
    [2] - ["الأمالي" للطوسي ج2 ص121 ط نجف].
    [3] - ["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص151، 152].
    [4] - ["الإرشاد" ص109].
    [5] - ["الإرشاد" ص110].
    [6] - ["الإرشاد" ص110].
    [7] - [" الإرشاد " ص 312].
    [8] - ["الأمالي" للطوسي ج1 ص256 ط نجف].
    [9] - ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج2 جزء 8 ص370].
    ولقد ذكر المؤرخون أن الفاروق رضي الله عنه أناب عليًا رضي الله عنه ثلاث مرات في الحكم على عاصمة المؤمنين: سنة 14 من الهجرة عندما أراد غزو العراق بنفسه. وسنة 15 عند شخوصه لقتال الروم. وعند خروجه إلى أيلة سنة 17 من الهجرة. [انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير ج7 ص35 وص55 ط بيروت، وأيضاً "الطبري" ج4 ص83، وص159 ط بيروت].
    [10] - [نهج البلاغة ص136 تحقيق صبحي] [صـ 173ط دار الغد الجديد].
    [11] - [انظر: "تتمة المنتهى" للعباس القمي ص390 ط إيران].
    [12] - ["الإرشاد" للمفيد ص176].
    [13] - ["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص213، كذلك "مقاتل الطالبيين" ص84 ط بيروت].
    [14] - ["جلاء العيون" فارسي، ذكر من قتل مع الحسين بكربلاء ص570].
    [15] - ["الفصول المهمة" منشورات الأعلمي طهران ص143، "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" ص361 ط نجف، "تحفة الإهاب" ص251، 252، "كشف الغمة" ج1 ص575].
    [16] - ["الإرشاد" ص194، "تاريخ اليعقوبي" ج2 ص228، "عمدة الطالب" ص81، "منتهى الآمال" ج1 ص240 "الفصول المهمة" ص166].
    [17] - ["جلاء العيون" ص582].
    [18] - ["مقاتل الطالبين" ص119].
    [19] - ["جلاء العيون" للمجلسي ص582].
    [20] - ["الإرشاد" ص261، "كشف الغمة" ج2 ص105، "عمدة الطالب" ص194، "منتهى الآمال" ج2 ص43، "الفصول المهمة" ص209].
    [21] - ["مقاتل الطالبين" ص127].
    والجدير بالذكر أن كثيراً من أولاد عمـر هذا خرجوا على العباسيين مع من خرج من أبناء عمومتهم ["وتفاصيل هذا موجودة في "المقاتل"].
    [22] - ["كشف الغمة" ص216].
    [23] - ["مقاتل الطالبين" للأصفهاني ص456 ط بيروت].
    [24] - ["مقاتل الطالبين" أيضاً ص446].

    تعليق


    • #17
      تابع

      موقف أهل البيت من عثمان رضي الله عنه


      123- وأما ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين، وصاحب الجود والحياء، حب رسول الله وزوج ابنتيه رقية وأم كلثوم، وعديم النظير في هذا الشرف الذي لم ينله الأولون ولا الآخرون في أمة من الأمم، وعديل علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، وأول مهاجر بعد خليل الله عليه السلام، الذي حمل راية الإسلام وأداها إلى آفاق لم تبلغ إليها من قبل، وفتح على المسلمين مدناً جديدة وبلاداً واسعة شاسعة، وأمد المسلمين من جيبه الخاص بإمدادات كثيرة، واشترى لهم بئر رومة حينما لم يكن لهم بئر يسقون منها الماء بعد هجرتهم إلى طيبة التي طيبها الله بقدوم صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، كما اشترى لهم أرضاً يبنون عليها المسجد الذي هو آخر مساجد الأنبياء.
      ولم تكن إمداداته هذه ومساعداته لعامة المسلمين ومصالحهم ؛ مثل تجهيز جيش العسرة وغيرها فحسب، بل كان خيراً، جواداً، كريماً، منفقاً الأموال وناثرها، حتى على الخاصة كما كان على العامة.

      224- وهو الذي ساعد عليًا في زواجه، وأعطاه جميع النفقات كما يقر بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنفسه( إني لما تقدمت إلى رسول الله طالباً منه زواج فاطمة قال لي: بع درعك وائتني بثمنها حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما، قال علي: فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق فبعته بأربع مائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن! ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت: نعم، قال: فإن هذا الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له النبي بخير ) ([1]).

      125- ولأجل ذلك كان ابن عم رسول الله عبد الله بن عباس يقول:( رحم الله أبا عمرو (عثمان بن عفان) كان والله أكرم الحفدة وأفضل البررة، هجاداً بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضاً عند كل مكرمة، سباقاً إلى كل منحة، حبيباً، أبياً، وفياً: صاحب جيش العسرة، خِتن رسول الله ) ([2]).

      126- وقد أشهده رسول الله فيمن أشهدهم على زواج علي من فاطمة – كما سبق – حيث يروي الشيعة عن أنس ( أنه قال له عليه الصلاة والسلام: انطلق فادع لي أبا بكر وعمـر وعثمان ….. وبعددهم من الأنصار، قال: فانطلقت فدعوتهم له، فلما أن أخذوا مجالسهم قال.. إني أشهدكم أنى قد زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال من فضة ) ([3]).

      127- ويفتخر الشيعة بأن رسول الله زوج عليًا إحدى بناته، وأدخله بذلك في أصهاره وأرحامه، وهذا الذي جعلهم يقولون بأفضليته وإمامته وخلافته بعده، فكيف بمن زوجه رسول الله ابنتين من بناته ؟! وهو عثمان رضي الله عنه، حيث تزوج رقية بنت النبي بمكة، وبعد وفاتها زوجه رسول الله ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنها، كما يقر ويعترف بذلك علماء الشيعة أيضاً، فها هو المجلسي يذكر ذلك في كتابه "حياة القلوب" نقلاً عن ابن بابويه القمي بسنده الصحيح المعتمد عندهم بقوله:( إن رسول الله ولد له من خديجة القاسم، وعبد الله الملقب بالطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة، وتزوج علي من فاطمة، وأبو العاص بن ربيعة من زينب، وكان رجلاً من بني أمية، كما تزوج عثمان بن عفان أم كلثوم وماتت قبل أن يدخل بها، ثم لما أراد الرسول خروجه إلى بدر زوّجه من رقية ) ([4]).

      128- وأورد الحميري رواية عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:( لرسول الله من خديجة: القاسم والطاهر وأم كلثوم ورقية وفاطمة وزينب، فتزوج علي عليه السلام فاطمة عليها السلام، وتزوج أبو العاص بن ربيعة وهو من بني أمية زينباً، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم ولم يدخل بها حتى هلكت، وزوجه رسول الله مكانها رقية ) ([5]).

      129- وأقر بذلك الشري حيث كتب:( وما كان عثمان دون الشيخين صحبة ولا سابقة، فهو من المسلمين الموقرين، وهو صهر الرسول مرتين، تزوج ابنة الرسول رقية، وولد له منها ولد، عبد الله توفي وعمره ست سنين وكانت أمه توفيت قبل وفاته، وزوجه النبي بنته الثانية أم كلثوم، فلم تلبث أم كلثوم معه طويلاً وتوفيت في أيام أبيها ) ([6]).

      130- ولقد ذكر المسعودي تحت ذكر أولاده :( وكل أولاده من خديجة خلا إبراهيم وولد له القاسم، وبه كان يكنى وكان أكبر بنيه سناً، ورقية وأم كلثوم، وكانتا تحت عتبة وعتيبة ابني أبى لهب (عمه) فطلقاهما لخبر يطول ذكره فتزوجهما عثمان بن عفان واحدة بعد واحده ) ([7]).

      131- هذا ولقد شهد بذلك علي بن أبي طالب أيضاً، حيث قال مخاطبًا عثمان:(وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بالعمل منك، وأنت أقرب إلى رسول الله - - وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا) ([8]).

      132- هذا وقد أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الفؤاد كما رووا عنه أنه قال ( إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمـر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد ) ([9]).

      133- ولقد مدحه جعفر الصادق بقوله:( ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن علياً صلوات الله عليه وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي مناد آخر النهار ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون ) ([10]).

      134- ويبين جعفر أيضاً مقام عثمان بن عفان عند رسول الله ، وثقته فيه، ونيابته عنه، وإخلاص عثمان للنبي عليه السلام والوفاء والاتباع له، كما يبين إحدى الميزات التي امتاز بها عثمان دون غيره، وهي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى يديه لعثمان، وبيعته بنفسه عنه، وذلك في قصة صلح الحديبية حيث يقول:( فأرسل إليه رسول الله ، فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة، فلما انطلق عثمان لقي أبان بن سعيد فتأخر عن السرج فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول الله المسلمين، وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان ليفعل، فلما جاء عثمان قال له رسول الله : أطفت بالبيت؟ فقال: ما كنت لأطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف به، ثم ذكر القصة وما فيها ) ([11]).
      فهل هناك طاعة فوق هذه الطاعة ؟! حيث دخل الحرم ولم يطف بالبيت لأن سيده ومولاه رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يطف به.

      135- وذكر مثل ذلك المجلسي في كتابه "حياة القلوب" قال:( لما وصل الخبر إلى رسول الله بأن عثمان قتله المشركون. قال الرسول: لا أتحرك من ههنا إلا بعد قتال من قتلوا عثمان، فاتكأ بالشجرة، وأخذ البيعة لعثمان.. ثم ذكر القصة بتمامها ) ([12]).


      [1] - ["المناقب" للخوارزمي ص252، 253 ط نجف، "كشف الغمة" للأربلي ج1 ص359، و"بحار الأنوار" للمجلسي ص39، 40 ط إيران].
      [2] - ["تاريخ المسعودي" ج3 ص51 ط مصر، أيضاً "ناسخ التواريخ" للمرزه محمد تقي ج5 ص144 ط طهران].
      [3] - ["كشف الغمة" ج1 ص358، أيضاً "المناقب" للخوارزمي ص252، و"بحار الأنوار" للمجلسي ج10 ص38].
      [4] - ["حياة القلوب" للمجلسي ج2 ص588 باب 51].
      [5] - ["قرب الإسناد" ص6، 7]. وروى مثل هذه الرواية العباس القمي في "منتهى الآمال" عن جعفر الصادق، والمامقاني في "تنقيح الرجال" ["المنتهى" ج1 ص108، "التنقيح" ج3 ص73].
      [6] - [كتاب "أمير المؤمنين" لمحمد جواد الشيعي تحت عنوان علي في عهد عثمان ص256].
      [7] - ["مروج الذهب" ج2 ص298 ط مصر].
      [8] - ["نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص234] [صـ 256ط دار الغد الجديد].
      [9] - ["عيون أخبار الرضا" ج1 ص303 ط طهران].
      [10] - ["الكافي في الفروع" ج8 ص209].
      [11] - ["كتاب الروضة من الكافي" ج8 ص325، 326].
      [12] - ["حياة القلوب" ج2 ص424 ط طهران].

      تعليق


      • #18
        تابع

        مبايعة علي لعثمان رضي الله عنهما


        136- وكان علي يرى صحة إمامته وخلافته لاجتماع المهاجرين والأنصار عليه، وكان يعد خلافته من الله رضى، ولم يكن لأحد الخيار أن يرد بيعته بعد ذلك، أو ينكر إمامته حاضراً كان أم غائباً ؛ كما قال في إحدى خطاباته رداً على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:( إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ) ([1]).

        137- وكان أحد الستة الذين عينهم الفاروق ليختار منهم خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، ولما بايعه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد ما استشار أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار، ورأى بأنهم لا يريدون غير عثمان بن عفان رضي الله عنه بايعه أول من بايعه، ثم تبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه:( فأول من بايع عثمان عبد الرحمن بن عوف ثم علي بن أبي طالب ) ([2]).

        138- ويذكر ذلك علي رضي الله عنه بقوله:( فبايعتم عثمان فبايعته ) ([3]).

        139- وكان من المخلصين الأوفياء له، مناصحاً: مستشاراً، أو قاضياً، كما كان في خلافة الصديق والفاروق، ولقد بوب محدثو الشيعة ومؤرخوها أبواباً مستقلة ذكروا فيها أقضية علي في خلافة ذي النورين رضي الله عنهم أجمعين.
        ولقد ذكر المفيد في "الإرشاد" تحت عنوان "قضايا علي في زمن إمارة عثمان" عدة قضايا حكم بها علي ونفذها عثمان رضي الله عنه فيقول:( إن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت، فزعم الشيخ أنه لم يصل إليها وأنكر حملها، فالتبس الأمر على عثمان، وسأل المرأة هل افتضك الشيخ؟ وكانت بكراً قالت: لا، فقال عثمان: أقيموا عليها الحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن للمرأة سمين سم للمحيض وسم للبول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض، فحملت منه، فاسأل الرجل عن ذلك؟ فسئل، فقال: قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمل له والولد ولده، ورأى عقوبته على الإنكار فصار عثمان إلى قضائه بذلك وتعجب منه ) ([4]).

        140- وأيضا ( إن رجلاً كانت له سرية فأولدها ثم اعتزلها وأنكحها عبداً له ثم توفي السيد فعتقت بملك ابنها لها وورث ولدها زوجها، ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إلى عثمان يختصمان تقول: هذا عبدي ويقول: هي امرأتي، ولست مفرجاً عنها، فقال عثمان: هذه مشكلة، وأمير المؤمنين حاضر، فقال عليه السلام: سلوها هل جامعها بعد ميراثها له ؟ فقالت: لا، فقال: لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته، اذهبي فإنه عبدك، ليس له عليك سبيل، إن شئت أن تسترقيه أو تعتقيه أو تبيعه فذلك لك ) ([5]).

        141- وروى الكليني عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال:( إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه السلام: اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر، فأمر علي عليه السلام فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة ) ([6]).

        142- وقد ذكر اليعقوبي ( أن الوليد لما قدم على عثمان، قال: من يضربه؟ فاحجم الناس لقرابته وكان أخا عثمان لأمه، فقام عليّ فضربه ) ([7]).
        ولا يكون هذا الفعل والعمل إلا ممن يقرّ ويصحّح خلافة الخليفة، ويتمثل أوامر الأمير، ويشارك الحاكم في حكمه، وكان علي بن أبي طالب وأولاده، وبنو هاشم معه، يطاوعون الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

        143- ويدل على ذلك قول علي رضي الله عنه لما أراده الناس على البيعة بعد استشهاد الإمام المظلوم ذي النورين رضي الله عنه، (دعوني والتمسوا غيري وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم ) ([8]).


        ذو النورين وعلاقاته مع أهل البيت رضي الله عنهم



        144- ويدل على العلاقة الحميمة بينهم وبين عثمان رضي الله عنهم: قبول الهاشميين المناصب في خلافته ؛ كقبول المغيرة بن نوفل بن حارث بن عبد المطلب القضاء ([9]).

        145- وقبول الحارث بن نوفل أيضاً ([10]).

        146- وقبول عبد الله بن عباس الإمارة على الحج سنة 35 ([11]).

        147- وجهادهم تحت رايته، وفي العساكر والجيوش التي يسيرها ويجهزها لمحاربة الكفار وأعداء الأمة الإسلامية، فقد اشترك عبدالله بن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم في المعارك الإسلامية الواقعة في أفريقيا سنة 26 من الهجرة ([12]).

        148- واشترك كل من الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب في معارك برقة وطرابلس تحت قيادة عبد الله بن أبى سرح ([13]).

        149- واشترك كل من الحسن والحسين وعبد الله بن عباس تحت راية سعيد بن العاص الأموي في غزوات خراسان وطبرستان وجرجان ([14]).
        وغير ذلك من الغزوات والمعارك.
        وكان عثمان يهدي إليهم الغنائم والهدايا، كما كان يبعث إليهم الجواري والخدام.

        150- ولقد نقل المامقاني عن الرضا - الإمام الثامن عندهم - أنه قال:( إن عبد الله بن عامر بن كريز لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد ابن شهريار ملك الأعاجم، فبعث بهما إلى عثمان بن عفان فوهب إحداهما للحسن والأخرى للحسين فماتتا عندهما نفساوين ) ([15]).

        151- فكان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين ويحبهما، وهما كذلك، ويشهد لهذا أنه لما حوصر من قبل البغاة، أرسل عليّ ابنيه الحسن والحسين وقال لهما:( اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه ) ([16]).

        152- وبعث عدة من أصحاب النبي أبناءهم ليمنعوا الناس الدخول على عثمان، وكان فيمن ذهب للدفاع عنه ولزم الباب ابن عم عليّ: عبد الله بن عباس، ولما أمّره ذو النورين في تلك الأيام على الحج قال:( والله يا أمير المؤمنين! لجهاد هؤلاء أحب إلي من الحج، فأقسم عليه لينطلقن ) ([17]).

        153- بل اشترك علي رضي الله عنه أول الأمر بنفسه في الدفاع عنه (فقد حضر هو بنفسه مراراً، وطرد الناس عنه، وأنفذ إليه ولديه وابن أخيه عبد الله بن جعفر ) ([18]).

        154- ( وانعزل عنه بعد أن دافع عنه طويلاً بيده ولسانه فلم يمكن الدفع ) ([19]).

        155- و( نابذهم بيده ولسانه وبأولاده فلم يغن شيئاً ) ([20]).

        156- وقد ذكر ذلك نفسه حيث قال:( والله لقد دفعت عنه حتى حسبت أن أكون آثما ) ([21]).
        لأن ذا النورين منعهم عن الدفاع وقال: أعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم، ولزمتم بيوتكم ([22]).

        157- ( ومانعهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة.. وجماعة معهم من أبناء الأنصار فزجرهم عثمان، وقال: أنتم في حل من نصرتي) ([23]).

        158- وجرح فيمن جرح من أهل البيت وأبناء الصحابة الحسن بن علي رضي الله عنهما وقنبر مولاه ([24]).

        159- ولما منع البغاة الطغاة عنه الماء خاطبهم عليّ بقوله:( أيها الناس! إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، إن فارس والروم لتؤسر فتطعم فتسقي، فوالله لا تقطعوا الماء عن الرجل، وبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء مع فتية من بني هاشم ) ([25]).

        160- وقال المسعودي:( فلما بلغ علياً أنهم يريدون قتله بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم، وبعث الزبير ابنه عبد الله، وطلحة ابنه محمداً، وأكثر أبناء الصحابة أرسلهم آباؤهم اقتداء بما ذكرنا، فصدوهم عن الدار، فرمى من وصفنا بالسهام، واشتبك القوم، وجرح الحسن، وشج قنبر، وجرح محمد بن طلحة، فخشي القوم أن يتعصب بنو هاشم وبنو أمية، فتركوا القوم في القتال على الباب، ومضى نفر منهم إلى دار قوم من الأنصار فتسوروا عليها، وكان ممن وصل إليه محمد بن أبي بكر ورجلان آخران، وعند عثمان زوجته، وأهله ومواليه مشاغل بالقتال، فأخذ محمد بن أبي بكر بلحيته، فقال: يا محمد! والله لو رآك أبوك لساءه مكانك، فتراخت يده، وخرج عنه إلى الدار، ودخل رجلان فوجداه فقتلاه، وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه، فصعدت امرأته فصرخت وقالت: قد قتل أمير المؤمنين، فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أمية، فوجدوه قد فاضت نفسه رضي الله عنه، فبكوا، فبلغ ذلك علياً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فاسترجع القوم، ودخل علي الدار، وهو كالواله الحزين وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير ) ([26]).

        161- ثم كان هو وأهله ممن دفنوه ليلاً، وصلوا عليه كما يذكر ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي:( فخرج به ناس يسير من أهله ومعهم الحسن بن علي وابن الزبير وأبو جهم بن حذيفة بين المغرب والعشاء، فأتوا به حائطاً من حيطان المدينة يعرف بحش كوكب وهو خارج البقيع فصلوا عليه ) ([27]).

        162- وكان من حب أهل البيت له أنهم زوجوا بناتهم من أبنائه اقتداء بنبيهم صلى الله عليه وسلم الذي زوجه ابنتيه كما سبق، وسموا أبناءهم باسمه، فقد ذكر المفيد أن واحداً من أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان اسمه عثمان:
        ( فأولاد أمير المؤمنين سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى (1) الحسن (2)الحسين (10) عثمان أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن ورام ) ([28]).
        وذكر الأصفهاني أنه قتل مع أخيه الحسين بكربلاء.
        ( قتل عثمان بن علي وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وقال الضحاك: إن خولى بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأوهطه (أي أضعفه) وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ رأسه ) ([29]).
        فهذا هو ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه صهر رسول الله وحبيبه في الدنيا والآخرة، وحبيب أهل البيت وابن عمهم وعمتهم، وقريبهم، يحبهم ويحبونه كصاحبيه الصديق والفاروق، كما بيناه من كتب الشيعة أنفسهم، ومن المصادر الأصلية الموثوقة المعتمدة لديهم بذكر الصفحات والمجلدات.
        ختامًا: أسأل الله أن نكون ممن قال الله تعالى عنهم ( والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ).
        والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

        تم نقل هذه المادة من موقع مهتدون
        http://www.wylsh.com/contnent/articles-101.html


        [1] - ["نهج البلاغة" ص368 تحقيق صبحي] [صـ 368ط دار الغد الجديد].
        [2] - ["طبقات ابن سعد" ج3 ص42 ط ليدن، أيضاً "البخاري" باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان].
        [3] - ["الأمالي" للطوسي ج2 الجزء18 ص121 ط نجف].
        [4] - ["الإرشاد" ص122، 113 ط مكتبة بصيرتي قم، إيران].
        [5] - ["الإرشاد" ص113].
        [6] - ["الكافي في الفروع" ج7 ص215 باب ما يجب فيه الحد من الشراب].
        [7] - ["تاريخ اليعقوبي" الشيعي ج2 ص165].
        [8] - ["نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص136] [صـ 172ط دار الغد الجديد].
        [9] - ["الاستيعاب"، "أسد الغابة" "الإصابة" وغيرها].
        [10] - ["الطبقات"، و"الإصابة"].
        [11] - ["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص176].
        [12] - ["الكامل لابن الأثير" ج3 ص45].
        [13] - ["تاريخ ابن خلدون" ج2 ص103].
        [14] - ["تاريخ الطبري"، "الكامل لابن الأثير"، "البداية والنهاية"، "تاريخ ابن خلدون"].
        [15] - ["تنقيح المقال في علم الرجال" للمامقاني ج3 ص80 ط طهران].
        [16] - ["أنساب الأشراف" للبلاذري ج5 ص68، 69 ط مصر].
        [17] - ["تاريخ الأمم والملوك" أحوال سنة 35].
        [18] - ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج10 ص581 ط قديم إيران].
        [19] - ["شرح ابن ميثم البحراني" ج4 ص354 ط طهران].
        [20] - ["شرح ابن أبي الحديد" تحت "بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر"].
        [21] - ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج3 ص286].
        [22] - ["تاريخ خليفة بن خياط" ج1 ص151، 152 ط عراق].
        [23] - ["شرح النهج" تحت عنوان محاصرة عثمان ومنعه الماء].
        [24] - ["الأنساب" للبلاذي ج5 ج95، "البداية" تحت "قتلة عثمان"].
        [25] - ["ناسخ التواريخ" ج2 ص531، ومثله في "أنساب الأشراف"، للبلاذري ج5 ص69].
        [26] - ["مروج الذهب" للمسعودي ج2 ص344 ط بيروت].
        [27] - [شرح النهج لابن أبي الحديد الشيعي ج1 ص97 ط قديم إيران وج1 ص198 ط بيروت].
        [28] - ["الإرشاد" للمفيد ص186 تحت عنوان "ذكر أولاد أمير المؤمنين"].
        [29] - ["مقاتل الطالبيين" ص83، "عمدة الطالب" ص356 ط النجف، و"تاريخ اليعقوبي" ج2 ص213].
        التعديل الأخير تم بواسطة عمر هامل الحسني; الساعة 27-05-2012, 10:02 PM.

        تعليق


        • #19
          تابع

          وصاية علي بالصحابة رضي الله عن الجميع


          163- يروي المجلسي عن الطوسي رواية موثوقة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: ( أوصيكم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تسبوهم، فإنهم أصحاب نبيكم، وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم! أوصاني رسول الله في هؤلاء) ([1]).

          164- ويقول الإمام الرابع عند الاثني عشرية وهو عليّ بن حسين يجيب كما روى علامتهم عليّ بن أبي الفتح الأربلي في كتابه ( كشف الغمّة في معرفة الأئمة ) عن علي بن الحسن أنه : (( قدم عليه نفر من أهل العـراق فقالـوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: ألا تخبروني أنتم ** المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأمـوالهم يبتغون فضلاً من اللـه ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون }؟ قالوا: لا، قال: فأنتم ** الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم ** والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا } أخرجوا عني فعل الله بكم )) ([2]).

          165- وأورد أبو النصر محمد بن مسعود المعروف بالعياشي في تفسيره لقوله تعالى ** إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } رواية تنفي النفاق صراحة عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، رواها عن محمد الباقر ( وهو خامس الأئمة الاثني عشر المعصومين ) عند القوم : (( فعن سلام قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء - إلى أن قال محمد الباقر - أما إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله تخاف علينا النفاق، قال: فقال لهم: ولم تخافون ذلك؟ قالوا إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا ووجلنا نسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والأولاد والمال يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن علـى شـيء أفتخـاف علينـا أن يكون هذا النفاق؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا ! هذا من خطوات الشيطان ليرغبنكم في الدنيا، والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق خلقاً لكي يذنبوا - وهذا خير دليل على أن الخطأ أو الذنب الذي يقع فيه الصحابي لا يعتبر قدح به - ثم يستغفروا فيغفر لهم إن المؤمن مفتن توّاب أما تسمع لقوله ** إن الله يحب التوابين } وقال {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } )) ([3]).

          166- وعن جعفر بن محمد عن ابيه ان رجلا من قريش جاء الي امير المؤمنين عليه السلام فقال سمعتك تقول في الخطبة آنفا اللهم اصلحنا بما اصلحت به الخلفاء الراشدين فمن هما قال حبيباي وعماك ابوبكر وعمر اماما الهدى وشيخا الاسلام ورجلا قريش والمقتدي بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من اقتدى بهما عصم ومن اتبع آثارهما هدى الي صراط مستقيم ([4]).

          167- وأورد أيضاً إمـام القوم إبراهيم الثقفي في كتابه ( الغارات ) ـ من أهم كتب الشيعة الاثني عشرية ـ قول علي عندما سأله أصحابه : ((...يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال: عن أي أصحابي؟ قالوا: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: كل أصحاب محمد أصحابي )) ([5]).

          168- عن محمد بن علي الباقر وزيد بن علي عليهما السلام أنهما قالا: «إنه لم يكن من أبي بكر فيما يختص بآبائهم شيء من الجور أو الشطط، أو ما يشكونه من الحيف أو الظلم» ([6]).

          169- وجاء في وصف الذي قاتلوا علياً عليه السلام من أهل الشام بالإخوان البغاة، فعن جعفر الصادق عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: «هم إخواننا بغوا علينا» ([7]).


          [1] - ["حياة القلوب للمجلسي" ج2 ص621].
          [2] - [كشف الغمة جـ2 ص (291) تحت عنوان ( فضائل الإمام زين العابدين ). دار الأضواء ـ بيروت ـ ط. 1405هـ ـ 1985م].
          [3] - [تفسير العياشي سورة البقرة آية (222) المجلد الأول ص (128). مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، تصحيح: السيد هاشم الهولي المحلاني ط. 1411هـ ـ 1991م].
          [4] - [تلخيص الشافي للطوسي ج2].
          [5] - [ الغارات للثقفي جـ1 ص (177) تحت ( كلام من كلام علي عليه السلام ). تحقيق: السيد جلال الدين] .
          [6] - [شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: (4/113)].
          [7] - [وسائل الشيعة: (15/83)].

          تعليق


          • #20
            تابع

            170- ونهى الإمام علي عليه السلام أصحابه عن سب أهل الشام أيام صفين حيث قال: «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم؛ كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم! أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يَعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغيّ والعدوان من لهج به» ([1]).

            171- وعندما ضرب ابن ملجم عليه من الله ما يستحق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وأحس بالموت أوصى ولده الحسن عليه السلام، وكان مما قال: «الله! الله! في ذمة نبيكم فلا يُظلمن بين أظهركم. والله! الله! في أصحاب نبيكم، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم».

            172- وعن الصادق عن آبائه عن علي عليه السلام قال: «أوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم، الذين لم يحدثوا بعده حدثاً، ولم يئووا محدثاً؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم الخير» ([2]). [بحار الأنوار: (22/305- 306)].

            173- ولما استشهد عمر رضي الله عنه، وهو يصلي بالمسلمين الفجر، وشيع جنازته الصحابة، وفي مقدمتهم الإمام علي عليه السلام، ووضعوا الجنازة جوار القبر، قال الإمام علي عليه السلام مقولته المشهورة ودموعه تنهمر: «إني لأرجو الله أن يلحقك بصاحبيك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، فطالما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: دخلت أنا وأبو بكر وعمر، خرجت أنا وأبو بكر وعمر، صعدت أنا وأبو بكر وعمر، أكلت أنا وأبو بكر وعمر، وإني أرجو الله أن يلحقك بصاحبيك، ثم التفت إلى الصحابة، وهم على شفير القبر فقال: والله ما أحب أن ألقى الله بأكثر مما في صحيفة هذا المسجى» ([3]).

            174- روى كثير النواء عن محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه قال: «أخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل علي عليه السلام يسخن يده بالنار فيكوي بها خاصرة أبي بكر رضي الله عنه» ([4]).

            175- قول أبو الحسن على بن أبى طالب " و إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها , إنه لصاحب الغار و ثاني أثنين , و إنا لنعرف له سنه , و لقد أمره رسول الله بالصلاة و هو حي " ([5]).

            176- يذكر الإمام زين العابدين أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام ويدعو لهم في صلاته بالرحمة والمغفرة لنصرتهم سيد الخلق في نشر دعوة التوحيد وتبليغ رسالة الله إلى خلقه فيقول : ..... فذكرهم منك بمغفرة ورضوان اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارةً لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاةً لك وإليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ومن كثَّرت في اعتزاز دينك من مظلومهم اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم، وتحرَّوا جهتهم، ومضوا على شاكلتهم لم يثنهم ريبٌ في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفوِ آثارهم والإئتمام بهداية منارهم مُكانفين ومُؤازرين لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يَتَّفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم اللهم وصلِّ على التابعين من يومنا هذا إلى يوم الدين وعلـى أزواجهـم وعلى ذُرِّياتهم وعلـى من أطاعك منهم صـلاةً تعصمهم بهـا من معصيتك وتفسح لهـم فـي رياض جنَّتك وتمنعهم بهـا من كيد الشيطان ... ([6]).

            177- جاء أيضا في أحد شروحهم لنهج البلاغة : ولما حوصر عثمان رضي الله عنه في بيته أمر علي رضي الله عنه الحسن والحسين رضي الله عنهما بحرسه والدفاع عنه ([7]).


            [1] - [نهج البلاغة: (2/469)] [صـ 330 ط دار الغد الجديد].
            [2] - [مقاتل الطالبيين للأصفهاني ص:39]، [كشف الغمة: (2/59)].
            [3] - [كتاب الشافي لعلم الهدى السيد المرتضى]، [وتلخيص الشافي للطوسي].
            [4] - [الرياض النضرة للمحب الطبري: (ج:1)].
            [5] - [شرح النهج لابن أبى الحديد 1/332].
            [6] - الصحيفة الكاملة السجادية للإمام زين العابدين. [المكتبة الشاملة الزيدية ص40].
            [7] - [شرح نهج البلاغة للبحراني جـ 4 ص354].

            تعليق


            • #21
              تابع

              فرية الوصية

              178- روى أبن أبي الحديد : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له أنت والله بعد ثلاث عبد العصا و إني والله لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى من وجعه هذا إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا . فقال علي إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي رسول الله في ذلك اليوم ([1]).

              179- روى ابن أبي الحديد قول عمر لإبن عباس (رض) في معرض كلامه عن الكتاب الذي دعي النبي في فراش موته : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددته عنه خوفاً من الفتنة و عدم انتشار أمر الإسلام ، فعلم رسول الله ما في نفسي و أمسك ([2]).

              180- روى ابن البطريق الحلي قول الولي رضي الله عنه في ذكر للخلافة: لم يعهد إلينا رسول الله شيئاً ([3]).


              كراهة علي رضي الله عنه الخلافة

              181- و روى الشريف الرضي من جمله ما قاله الولي (رض) لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، و خاطبه العباس و أبو سفيان بن حرب (رض) في أن يبايعا له بالخلافة : هذا ماء آجن و لقمة يغص بها آكلها ، و مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه ([4]).

              182- وروى الشريف الرضي قول الولي (رض) : فخشيت إن لم انصر الإسلام و أهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به أعظم علي من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب ....(الروايه) ([5]).

              183- روى الطوسي قول الولي (رض) لطلحه و الزبير (رض) : ناشدتكما الله هل جئتماني طائعين للبيعة و دعوتماني إليها و أنا كاره لها ، و في رواية : فو الله ما كانت لي في الولاية رغبة و لكنكم دعوتموني إليها و حملتموني عليها ، فخفت أن أردكم فتختلف الامه ([6]).

              184- روى المجلسي قول الولي (رض) للمهاجرين و الأنصار و قد جاؤا لبيعته : لا حاجة لي في أمركم و أنا بمن اخترتم راضٍ ([7]).

              185- وروى المجلسي قوله : أتيتموني لتبايعوني ، فقلت : لا حاجة في ذلك و دخلت منزلي فاستخرجتموني ، فقبضت يدي فبسطتموها و تداككتم علي حتى ظننت أنكم قاتلي ، و أن بعضكم قاتل بعض، فبايعتموني و أنا غير مسرور بذلك و لا جذل ،و قد علم الله سبحانه أني كنت كارهاً للحكومة بين أمة محمد ([8]).


              تنازل الحسن لمعاوية رضي الله عنهما

              186- لقد أكد رضي الله عنه أن الأمر ليس فيه نص من الله و رسوله بقوله لأصحابه ، كما عند الإربلي : إن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا و معاويه إما أن يكون حق امرئ فهو أحق به مني و إما أن يكون حقاً هو لي فقد تركته ([9]).

              فلعمر الله لو فهم من نصوص الولاية أنها تعني الخلافة لما قال كما روى عنه المجلسي : أرى و الله معاوية خيراً من هؤلاء ، يعني : الذين ثاروا عليه عقب الصلح ([10]).

              و لما قال في كتابة الصلح كما روى عنه المجلسي : و ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد الى أحد من بعده عهداً ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين ([11]).


              فهم الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما

              187- ها هو كما ذكر الصفار يقال له : ألم يقل رسول الله : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقال : بلى و لكن والله لم يعن رسول الله بذلك الإمامة و السلطان ، و لو أراد ذلك لأفصح لهم به ، و كذا أبنه عبد الله يقول : ليس لنا في هذا الأمر ما ليس لغيرنا ،و ليس في أحد من أهل البيت إمام مفترض الطاعة من الله ، و كان ينفي إمامة الولي من الله ([12]).


              فهم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب

              188- جاء في كشف الغمة : ودخل الحسن بن الحسن على عبد الملك بن مروان ،فرحب به وأحسن مساءلته ، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب فقال له عبد الملك : لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد ، فقال يحيى بن أم الحكم : وما يمنعه يا أمير المؤمنين ، شيّبه أماني أهل العراق يفد عليه الركب يمنونه الخلافة ، فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال : بئس والله الرفد رفدت ، ليس كما قلت ، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب ، وعبد الملك يسمع فأقبل عليه فأخبره الحسن بن الحسن بقول الحجاج من إدخال عمر بن علي بن أبي طالب معه في صدقات أمير المؤمنين رضي الله عنه ورفض الحسن بن الحسن وإصرار الحجاج ، فقال له عبد الملك : ليس له ذلك اكتب إليه كتاباً لا يتجاوزه فكتب إليه ، ووصل الحسن بن الحسن فأحسن صلته ......(الرواية) ([13]).


              فهم محمد بن علي ، الباقر(رح)

              189- روى الحسكاني بسنده عن علي بن يونس عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سالت أبا جعفر الباقر عن قوله رضي الله عنه: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ..الآية" قال : أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال قلت : يقولون علي ، قال : علي منهم.
              ورواه الحسكاني أيضاً من طريق علي بن خشرم قال : حدثنا علي بن يونس بنحوه ([14]).

              190- ورواه أيضاً من طريق شريح بن يونس قال : حدثنا هشيم عن عبد الملك قال : سألت أبا جعفر عن قوله : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...الآية" ، قال : هم المؤمنون ، قلت : فإن ناساً يقولون هو علي بن أبي طالب ، قال : فعلي من الذين آمنوا ([15]).

              191- ثم ها هو الباقر (رح) لا يقر بأنه إمام منصوص عليه ، روى المجلسي : أن أبا حنيفة (رح) سأل محمد بن علي ، الباقر : أنت الإمام ؟ قال : لا ، قال : فإن قوماً بالكوفة يزعمون أنك الإمام ، قال : فما أصنع بهم ؟ قال : تكتب إليهم تخبرهم ، قال : لا يطيعوني ....(الرواية) ([16]).


              فهم موسى بن جعفر، الكاظم (رح)

              192- جاء أن هارون الرشيد (رح) سأل الكاظم ( موسى بن جعفر، ت 183هـ ) : إنكم تقولون : إن جميع المسلمين عبيدنا و جوارينا ، و إنكم تقولون : من يكون لنا عليه حق و لا يوصله إلينا فليس بمسلم ، فكان مما رد عليه الكاظم : إن الذين زعموا ذلك فقد كذبوا ، و لكن ندعي أن ولاء جميع الخلائق لنا ـ يعني : ولاء الدين ـ و هؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك ، حملوا دعواهم على ذلك ، و نحن ندعي ذلك لقول النبي يوم غدير خم :من كنت مولاه فعلي مولاه ، و ما كان يطلب ذلك إلا ولاء الدين.
              (أقول - علي عناش- ): و هذا أصرح لفظ في الباب و أبلغ تدليل في مقصود المولاة التي هي المحبة ([17]).

              193- وكان المأمون لما أراد أن يستخلف الرضا جمع بني هاشم فقال : إني أريد أن أستعمل الرضا على هذا الأمر من بعدي ، فحسده بني هاشم وقالوا : أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة ...(الرواية) ([18]).

              (أقول - علي عناش-([19])): أتراهم يحسدونه ويتهمونه بالجهل لو أنهم يعلمون النص ؟!!


              [1] - [في شرح نهج البلاغة (2/51)].
              [2] - [في شرح نهج البلاغة (3/114)].
              [3] - [في العمدة في فضائل المعصومين (337)].
              [4] - [في النهج (1/35، 36)].
              [5] - [في نهج البلاغة (3/131)].
              [6] - [في أماليه (736) ، و المجلسي في بحاره (32/21، 50)].
              [7] - [في بحاره (32/31)].
              [8] - [في البحار (32/63)].
              [9] - [في كشف الغمة (2/141) ، و المجلسي في البحار (44/62) ، و الحويزي في تفسيره (3/468)].
              [10] - [في البحار (44/20) ، و احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج (148)].
              [11] - [في البحار (44/65) و الإربلي في كشف الغمة (2/145) و غيرها]
              [12] - [في بصائره (153ـ156)].
              [13] - [(1/578)].
              [14] - [في شاهد التنزيل (1/220)]
              [15] - المصدر السابق.
              [16] - [في البحار (46/356) و المازندراني في المناقب (3/331)]
              [17] - [في بحار المجلسي (48/147) ، و فرج المهموم (107)]
              [18] - [جاء في الإحتجاج للطبرسي (2/398)].
              [19] - القول المخلد في توحيد آل محمد.

              تعليق


              • #22
                جزاك الله أخانا عمر خير الجزاء على هذه الجهود الطيبة في بيان الحق وإبطال الباطل

                تعليق


                • #23

                  وإياكم أخي الفاضل

                  تعليق


                  • #24
                    تابع

                    معنى حديث الولاية وسببه

                    194- جاء ما رواه عمرو بن شاس الأسلمي: أنه كان مع علي بن أبي طالب باليمن فجفاه بعض الجفاة فوجد عليه في نفسه فلما قدم المدينة اشتكاه عند من لقيه، فأقبل يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم وآله جالس في المسجد، فنظر إليه حتى جلس إليه، فقال: يا عمرو بن شاس لقد آذيتني، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أعوذ بالله وبالإسلام أن أوذي رسول الله، فقال: من آذى علياً فقد آذاني ([1]).

                    195- وجاء عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فمشى في السرية وأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما فعل علياً ....فذكر شكوى الأربعة وإعراض الرسول عنهم وقوله صلى الله عليه وسلم وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه ([2]).

                    196- وجاء عن بريدة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله في سرية فلما قدمنا قال: كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال: فإما شكوته أو شكاه غيري، قال: فرفعت رأسي وكنت رجلاً مكباباً، قال: فإذا النبي قد احمر وجهه وهو يقول: من كنت وليه فعلي وليه ([3]).

                    197- وفي رواية عنه كما في البحار ([4])، قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله تغير فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

                    198- وجاء: أن رجلاً كان باليمن فجفاه علي بن أبي طالب، فقال: لأشكونك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن علي فشنا عليه، فقال: أتشدك بالله الذي أنزل علي الكتاب واختصني بالرسالة عن سخط ما تقول، ما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: نعم يا رسول الله قال: ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قال: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ([5]).

                    ثم نرى النبي صلى الله عليه وسلم يُزجر من يكثر شكواه في الولي رضي الله عنه فقد جاء قوله صلى الله عليه وسلم وآله: ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ([6]).

                    199- قال صاحب الإمامة والنص: دلت هذه الروايات على أن سبب قوله صلى الله عليه وسلم لذلك إنما كان بسبب ما ذكر من شكوى الناس منه رضي الله عنه وأنه ليس المراد به الدلالة على الوصاية إليه لجعله على سبب،وبعد تفرق الحجيج وانصراف كل أهل ناحية الى ناحيتهم ([7]).

                    معنى الولاية

                    200- و جاء عن الصادق قال: لما فتح رسول الله مكة قام على الصفا فقال: يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب إني رسول الله إليكم و إني شفيق عليكم لا تقولوا إن محمداً منا فوالله ما أوليائي منكم و لا من غيركم إلا المتقون ([8]).

                    عدم كراهية علي لإمارة الصديق رضي الله عنهما

                    201- روى الحسكاني في شواهد التنزيل ([9]) أن أبا بكر لما بويع جلس علي في بيته فأتاه رجل فقال: إن علياً قد كرهك، فأرسل إليه فقال: أكرهتني،فقال علي:و الله ما كرهتك غير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض و لم يجمع القران فكرهت أن يزاد فيه فآليت بيمين أن لا أخرج إلا الى الصلاة حتى أجمعه، فقال:نعم ما رأيت.
                    هكذا رواة مرسلاً عن الحسن بن دينار عن ابن سيرين، و رواة أيضا ([10]) عن ابن عون عن ابن سيرين، و رواه عن أيوب عن ابن سيرين و فيه قال أبو بكر لعلي: أكرهت إمارتي،فقال علي: ما كرهت إمارتك.


                    [1] - [في بحار المجلسي (21/360) ، وأعلام الورى للطبرسي (137)].
                    [2] - [في البحار (37/320) (38/149)].
                    [3] - [في البحار (37/220) والمناقب لأبن المغازلي (32)].
                    [4] - [(37/187)].
                    [5] - [في أمالي الطوسي (610) وبحار المجلسي (33/218)].
                    [6] - [في الأمالي الخميسية للشجري الزيدي (1/ 134)].
                    [7] - [(607)].
                    [8] - [في بحار المجلسي (21/111)].
                    [9] - [(1/36)].
                    [10] - [(1/38)].

                    تعليق


                    • #25
                      تابع

                      بيعة علي رضي الله عنه للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم


                      202- جاء في أمالي الطوسي ([1])، و بحار المجلسي ([2]) قول الولي (رض) لنفر من قريش في ذكر البيعة: فبايعتم أبا بكر و عدلتم عني فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، ثم بايعت عمر كما بايعتموه، ثم بايعتم عثمان فبايعته.

                      203- قال صاحب الإمامة و النص ([3]): و قد أقر بذلك آل كاشف الغطاء حيث قال: و حين رأى علي بن أبي طالب أن الخليفتين، أعني الخليفة الأول و الثاني، أبو بكر و عمر، بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد و تجهيز الجنود و توسيع الفتوحات، و لم يستأثرا و لم يستبدا بايع و سالم. اهـ

                      204- جاء في البحار للمجلسي ([4]) استعداد الولي(رض) لبيعة غيرهم، كقوله لطلحه لما برز الناس للبيعة عند بيت المال:ابسط يدك للبيعة، فقال له طلحه:أنت أحق بذلك مني، و قد استجمع لك الناس و لم يجتمعوا لي.

                      205- وأما من زعم أن الشيخين أقدموا على حرق دار فاطمة وتهديد الولي بالبيعة، فقد حقق فيه الكاتب الشيعي ابن أبي الحديد وخلص الى القول الآتي رداً على النقيب العلوي كما في شرحه ([5]): وأما ما ذكره من الهجوم على دار فاطمة وجمع الحطب لتحريقها فهو خبر واحد غير موثوق به، ولا معول عليه في حق الصحابة، بل ولا في حق أحد من المسلمين ممن ظهرت عدالته .اهـ

                      206- وقال أيضاً في شرح نهج البلاغة ([6]): فأما الأمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة ع، وإنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار، فصاحت: يا أبتاه يا رسول الله ! وألقت جنينا ميتا، وجعل في عنق على ع حبل يقاد به وهو يعتل، وفاطمة خلفه تصرخ ونادى بالويل والثبور، وأبناه حسن وحسين معهما يبكيان . وأن عليا لما أحضر سلموه البيعة فامتنع، فتهدد بالقتل، فقال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ! فقالوا: أما عبد الله فنعم ! وأما أخو رسول الله فلا.
                      وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله ص ليلة العقبة، فكله لا أصل له عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث، ولا يعرفونه، وإنما هو شئ تنفرد الشيعة بنقله .

                      207- زعم بعض الرواة أن سبب تأخر بيعة الولي للصديق رضي الله عنه قضية أرض فدك التي طالبتها السيدة فاطمة رضي الله عنها موهمين العامة اختراع الصديق لحديث (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) والذي قضى به أخذ ميراثها، وتناسى هؤلاء البسطاء ما رواه أئمتهم مؤيدين الصديق رضي الله عنه نذكر منها:

                      208- روى الصفار في بصائر الدرجات ([7]) عن أبي البختري عن أبي عبد الله قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم.....(الرواية)
                      وروا أيضاً في بصائر الدرجات ([8]) من طريق آخر قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسن بن علي بن فضال يرفعه الى أبي عبد الله .

                      209- ورواه الكليني من طريق كلهم من رجال الشيعة عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن القداح عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذه بحظ وافر([9]).

                      210- ورواه الشيخ الصدوق (ت 381هـ) في كتابه (من لا يحضره الفقيه): قال أمير المؤمنين في وصية لأبنه محمد بن الحنفية: فإن الفقهاء ورثة الأنبياء،إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً.

                      211- ورواه أيضاً في الأمالي ([10]) قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله فذكره بنحوه.

                      212- ورواه الشيخ زين الدين بن علي العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الثاني (ت ق 10هـ) في منية المريد ([11]) عن كثير بن قيس قال: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال: يا أبا الدرداء إني أتيتك من المدينة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بنحوه.


                      [1] - [(518)].
                      [2] - [(32/262)].
                      [3] - [(736، 737)].
                      [4] - [(32/32)].
                      [5] - [(20/34)].
                      [6] - [(2 / 60)].
                      [7] - [(10)].
                      [8] - [(12)].
                      [9] - [في الكافي (1/34)].
                      [10] - [(60)].
                      [11] - [(107)].

                      تعليق


                      • #26
                        تابع

                        رواية الصادق في إخبار الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم
                        بتولي الثلاثة الخلافة


                        213- جاء في البحار للمجلسي ([1]): وفي تفسير القمي عن عمار عن أبي عبد الله رضي الله عنه قال: سألته عن قول الله عز وجل " إن في ذلك لآيات لأولي النهى" قال: نحن والله أولي النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى أولي النهى؟ قال: ما أخبر الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون من بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده والثالث من بعدهما وبني أمية، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه وكان ذلك كما أخبر الله نبيه وكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه ....(الرواية)
                        (أقول) فما قيمة النصوص التي زعمتها الشيعة وقد مكّن الله عز وجل للثلاثة والولي رابعهم بالاستخلاف؟!!


                        خبر الاقتداء


                        214- جاء في الصراط المستقيم ([2]) قوله صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر


                        ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم للخلفاء الأربعة بالترتيب


                        215- روى المفيد في الأمالي ([3]) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود ] قلت: استخلف قال: [ من؟ ] قلت: أبا بكر قال: فسكت ثم مضى ساعة فتنفس فقلت: ما شأنك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: [ نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود ] قلت: استخلف قال: [ من؟ ] قلت: عمر فسكت ساعة ثم مضى ثم تنفس فقلت؟ ما شأنك؟ قال: [ نعيت إلي نفسي ] قلت: فاستخلف قال صلى الله عليه وسلم [ من؟ ] قلت: علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: [ أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين ] .

                        216- وقال الإمام علي رضي الله عنه في مدح الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (( وكان أفضلهم في الإسلام كما زعمت وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصديق والخليفة الفاروق ولعمري أن مكانهما في الإسلام لعظيم وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن ما عملاً )) ([4]).

                        217- جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: سمعتك تقول فى الخطبة آنفاً: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هما؟ قال: حبيباى، و عماك أبوبكر و عمر، إماما الهدى، و شيخا الإسلام، ورجلا قريش، و المقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و آله، من أقتدي بهما عصم، و من أتبع آثارهما هدى إلى صراط مستقيم " ([5]).


                        [1] - [(24/118)].
                        [2] - [(3/127، 144، 146) وعيون أخبار الرضا (2/185) وشرح نهج البلاغة (13/287)(17/173) وبحار الأنوار (23/155)(30/589)].
                        [3] - [(35)].
                        [4] - [شرح نهج البلاغة للميثم (( 1 / 31 )].
                        [5] - [تلخيص الشافي تأليف الشيخ الطوسي 2/428].

                        تعليق


                        • #27
                          ختاما

                          أما عن معاوية رضي الله عنه



                          218- يذكر الشريف الرضي في كتابكم نهج البلاغة عن علي أنه قال: وكان بدء أمرنا أن إلتقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحـد ونبينا واحـد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء ([1]).

                          219- عن الاصبغ بن نباتة، قال: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان فقال له: صف لي عليا عليه السلام قال: أو تعفيني. فقال: لا بل صفه لي؟ فقال له ضرار: رحم الله عليا كان والله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه لهيبته ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم. فقال معاوية: زدني من صفته، فقال ضرار: رحم الله عليا كان والله طويل السهاد، قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويجود الله بمهجته ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور، ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستحش الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في مرحابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكى بكاء الحزين وهو يقول: يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة ليى عليك، ثم وآه وآه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق، قال: فبكى معاوية وقال: حسبك يا ضرار كذلك كان والله علي، رحم الله أبا الحسن ([2]).

                          وهذا ما قاله ابو الحسن رضى الله عنه

                          220- ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا ( عليه السلام ) كان يقول لأهل حربه: إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولم نقاتلهم على التكفير لنا ولكنا رأينا أنا على حق ورأوا أنهم على حق ([3]).

                          221- وروى الإمام ـ الصدوق ـ ابن بابويه القمي في كتابه ( الخصال ) عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إثنى عشرة ألفاً، ثمانية آلاف من المدينة، وألفـان من مكة وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجئ ولا حروري ( خوارج ) ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقول: اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير )) ([4]).

                          222- عن زيد بن وهب الجهني قال: لما طعن الحسن بن علي عليه السلام بالمدائن أتيته وهو متوجع، فقلت: ما ترى يا بن رسول الله فإن الناس متحيرون؟ فقال: أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي، وأومن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير... ([5]).


                          أما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه



                          223- فيقول الإمام الرابع زين العابدين علي بن الحسين كما أورد شيخهم أبو الحسن الأربلي ـ من كبار الأئمة الاثني عشر ـ في كتابه كشف الغمة عن سعيد بن مرجانة أنه قال: كنت يوماً عند علي بن الحسين فقلت: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله تعالى بكل إرب منها إرباً منه من النار، حتى أنه ليعتق باليد اليد، والرجلِ الرجل وبالفرج الفرج، فقال علي عليه السلام: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ فقال سعيد: نعم، فقال لغلام له: أفره غلمانه ـ وكان عبد الله بن جعفر قد أعطاه بهذا الغلام ألف دينار فلم يبعه ـ أنت حر لوجه الله ([6]).
                          فهل رأيت أخي القارئ مدى صدق وأمانة أبي هريرة في نظر الإمام علي بن الحسين بحيث بادر إلى تنفيذ ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم دون أي تردد!

                          ولذلك ليس بالمستغرب أن يوثّقه أحد كبار علماء الإمامية في الرجـال، ويضعه من جـملة الرجـال الممدوحين فيقول ابن داود الحلي: عبد الله أبو هريرة معروف، من أصحاب رسول اللـه صلى الله عليه وسلم ([7]).

                          وهـذا أيضـاً إبن بابويه القمي يستشهد به في كتابه الخصال في أكثر من موضع ([8]).


                          ( ذم آل محمد للرافضة )



                          224- فى درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية: قال: حدثني أبي وعماي: محمدٌ والحسن عن أبيهم القاسم بن إبراهيم رضي الله عنه عن أبيه عن جده، عن إبراهيم بن الحسن عن أبيه عن جده الحسن بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبٍ عليه وعليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((يا علي، يكون في آخر الزمان قومٌ لهم نبز يعرفون به يقال لهم الرافضة، فإن أدركتهم فاقتلهم قاتلهم الله فإنهم مشركون)) ([9]).

                          225- وفي إرشاد العلامة الزيدي العنسي: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أبشر يا علي أنت وشيعتك في الجنة، وممن يزعم أنه يحبك أقوام يصغرون الإسلام، ثم يلفظونه ثلاث مرات، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، لهم نبز يقال لهم: الرافضة، إن أنت أدركتهم فجاهدهم فإنهم شيعة الدجال. فقال: يا رسول الله وما العلامة فيهم؟ قال: لا يحضرون جمعة ولا جماعة، ويطعنون على السلف) ([10]).

                          أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين للحق إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين



                          أبو حفص عمر بن أحمد هامل الحسني
                          الأحد 13/ رجب/1433هـ



                          [1] - [نهج البلاغة ص443 ط دار الغد الجديد].
                          [2] - [أمالي الصدوق / 499 ونقل عنه في جامع احاديث الشيعة 16 / 299].
                          [3] - [رواه الحميري رحمه الله في الحديث : " 297 و 302 " من كتاب قرب الاسناد ، ص 45 ط 1، بحار الانوار: 32 الباب الثامن : حكم من حارب عليا أمير المؤمنين صلوات الله عليه].
                          [4] - [كتاب الخصال للقمي ص (640) ط. طهران].
                          [5] - [الاحتجاج للطبرسي 2/290].
                          [6] - [كشف الغمة جـ2 فضائل الإمام زين العابدين ص].
                          [7] - [رجال ابن داود الحلي ص 198].
                          [8] - [الخصال للقمي ص 31،38،164،174،167وغيرها].
                          [9] - [(ج 1 / ص 90)].
                          [10] - [(ج 1 / ص 247)].

                          تعليق

                          يعمل...
                          X