بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد:
فقد كنت جمعت أقوال حسين الحوثي في صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وقد جاوز المائة والخمسين عنوانا، أردت بذلك أن يعرف الناس ما عليه هذا الرجل من الحقد على خير القرون المشهود لهم - قرآنا وسنة- بالخيرية، وها أنا اليوم أنقل ومن ملازمة بإصداريها الجديد ومحيلا على القديم مواقف له أخرى من العقيدة الإسلامية الحقة ومن أتباعها ورجالها ومن كتبهم، وموقفه من الزيدية والرافضة ومواقف ستراها ضمن هذا النقل وآمل من كل قارئ أن يرجع إلى الملازم نفسها قبل الاتهام بالتزوير فما هذا طبع أهل السنة السلفيين والتاريخ خير شاهد على ذلك، والله المستعان.
إذا ما قلت لهم: فلان يقول: أن الله يُرَى! بعضهم لا يستنكر، لا تثيره هذه القضية، إلا إذا كان قد تعلم وعرف معرفة لا بأس ([1]).
كثير من الناس حول هذه المسألة لا يتعقل ما فيها من سوء حتى يرى بأن عليه أن ينزه الله منها، فنحن متى ما نزهنا الله ينزهه الكثير من منطلق إيماني: بأنه هكذا نزه نفسه، فنحن ننزه نفسه. لهذا متى ما سمع كثير من العوام إذا ما قلت لهم: فلان يقول: أن الله يُرَى! بعضهم لا يستنكر، لا تثيره هذه القضية، إلا إذا كان قد تعلم وعرف معرفة لا بأس.
لا يمكن أن تدركه الأبصار، كيفما كانت هذه الأبصار، سواء قالوا حاسة سادسة أو سابعة أو ثامنة أو حاسة تاسعة أو كيفما قالوا فهي لا تخرج عن كونها أبْصَار، وعملية الرؤية لا تخرج عن كونها إبْصَار، فهو سبحانه وتعالى نزه ذاته عن أن تدركه الأبصار.
قالوا: يعني هذا في الدنيا أما في الآخرة فسنراه، ويدعون الله أيضاً أن يريهم وجهه الكريم، ومن أدعيتهم: اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم أرنا وجهك، وهكذا. الباطل, النقص الذي نزه الله ذاته عنه يصبح عند بعض المسلمين عبادة يتعبدون الله بنسبتها إليه، ويطلبون من الله أن يمكنهم من الحصول عليها.
{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} وتأتي العبارة مطلقة، وكلما هو تنزيه لذاته فهو تنزيه لذاته في الدنيا والآخرة؛ لأنه كما قال سابقاً:{وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}(القصص: من الآية70) فكلما هو تنزيه لذاته هو تنزيه مطلق لذاته سواء في الدنيا أو في الآخرة، والدنيا والآخرة بالنسبة لله سبحانه وتعالى ليستا عالمين متغيرين، لا يحدث هذا التغير في الكون أي تغير بالنسبة لله سبحانه وتعالى، عالم واحد وضعية واحدة الله لا يتغير بتغيرها، ولا يطرأ عليه شيء من خلال تغيرها, فهو من لا يمكن أن تدركه الأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة.
ولماذا ننزه ذاته عن أن تدركه الأبصار كما نزه هو ذاته عن أن تدركه الأبصار؟ نفس الكلام الذي قلناه في قولـه تعالى عندما نزه نفسه عن أن يكون له ولد أو أن تكون له صاحبة أن هذا يعني: إثبات نقص في الله سبحانه وتعالى؛ لأنه متى ما قلنا بأنه يمكن أن يُرى فالرؤية لا تتحقق إلا من خلال شروط: أن يكون بينك وبين الطرف المرئي مسافة معقولة تمكنك من رؤيته، ويكون هو على كيفية محدودة تتمكن من رؤيته، وتسقط عليه الأشعة لتنقل صوراً من الكيفية التي هو عليها إلى [شَبَكِيَّة] إبصارك, أو بأي وسيلة كانت، ولا بد أن يكون على كيفية محددة، والتحديد والتكييف هو من خواص المحدثات, وهو من دلائل الحدوث، إذاً فيلزم أن يكون محدثاً, فيلزم أن يكون مخلوقاً، إذاً فيلزم أن يكون هناك من خلقه, ومن أحدثه، وإذا لزم أن يكون هناك من خلقه أو أحدثه، فلزم أن يكون ناقصاً, وأن يكون محتاجاً، وأن يكون هناك من هو أكمل منه، وهذا ينتهي إلى ماذا؟ إلى كفر بالله سبحانه وتعالى، فلا يمكن أن تدركه الأبصار إطلاقاً.
طيب هذه قاعدة لنا عندما نقول أننا نريد أن نتعلم، نريد نعرف، يريد واحد يعرف حق وباطل، يريد واحد يقرأ كل شيء، يريد يعرف كل شيء، يمشي على الطريقة هذه، وستمشي واثق, واثق من نفسك، بثقتك بالقرآن؛ لأن القرآن هو نزل وهو واثق من نفسه، القرآن في الدنيا هذه واثق من نفسه؛ لأن ما هناك أي ثقافة أخرى، أو ديانة أخرى، أو منطق آخر يمكنه أبداً أن يتغلب عليك أبداً، من ينطلقون بانطلاقته، من يتثقفون بثقافته، من يعرفون هداه يكونون بهذا الشكل.
ألم يطلع الدين كله ظنيات في الأخير؟ القرآن، الأحاديث كلها ظنيات، كلها ربَّاط هكذا، وكلها، ما عاد رأى الناس الذي هو صراط مستقيم.
الظن هل ممكن يصنع صراطاً مستقيماً؟ { إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}(النجم28) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}(الحجرات12) لكن إذا عاد الناس إلى القرآن، في الأخير يرون صراط خطين، وليس خط واحد فقط، سريع، مثلما تقول: الخط السريع، ما هو يكون خط فسيح جداً؟
المحدثين هم مثل الصحفيين سواء، حدثنا، أخبرنا، وهكذا، قرقرة وجمَّاع أحاديث من أجل يطلع الحافظ فلان، أو شيخ الإسلام فلان؛ لأنه يحفظ أحاديث. مثل الصحفيين؛
ولهذا سطَّروا الكذب ([5]).
ولهذا سطَّروا الكذب ([5]).
[ فافتروا الكذب فيه وهم لا يشعرون]؛ لأنه قد يكون الموضوع أنه ربما قد لا يكون بعض الرواة يرويه على أساس أن عنده هدف هو: أن يخلق تشكيك في القرآن مثلاً، لكن روايات، المحدثين هم مثل الصحفيين سواء، حدثنا، أخبرنا، وهكذا، قرقرة وجمَّاع أحاديث من أجل يطلع الحافظ فلان، أو شيخ الإسلام فلان؛ لأنه يحفظ أحاديث. مثل الصحفيين؛ ولهذا سطَّروا الكذب، وبقي الكذب، خلدوا الكذب بالطريقة هذه.
ألم يضربوا هم القرآن في الأخير؟ طلعوه ظنيات، طلعوه حمَّال أوجه، طلعوه ممكن يتأقلم مع هذا، ويتأقلم مع هذا! هذا غير صحيح ([6]).
هذا يفيدك كثيراً عندما ترجع إلى القرآن الكريم، عندما ترجع إليه يفيدك كثيراً هذا الأسلوب، لكن تأتي بطريقة أخرى، آلية تتصور آلية ليست آلية صحيحة أن تدخل إلى القرآن بشكل مقلوب، ما يمكن يعطيك القرآن أي فائدة، ثم يطلعوا في الأخير هم يضربوا القرآن.
ألم يضربوا هم القرآن في الأخير؟ طلعوه ظنيات، طلعوه حمَّال أوجه، طلعوه ممكن يتأقلم مع هذا، ويتأقلم مع هذا! هذا غير صحيح. إن الله قال فيه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود1) آيات محكمة، هل هذا من الإحكام؟ أنه يتأقلم مع كل واحد، ويعطي كل واحد معنى يخالف المعنى الآخر؟ لا يصح هذا، ولا من صح أن يكون تفصيل، ولا بيان، ولا هدى، ولا نور، وكان هذا هو الاختلاف، والتناقض، لو كان سيعطي كل واحد وجه، ويتمشى مع كل واحد، وجوه متناقضة، آراء مختلفة، وجوه متباينة، ويقول لك: هذه كلها، القرآن حمَّال أوجه.
ما يرضوا يثقوا، ما يرضوا ينطلقوا! نوعية يستحقوا جهنم، وهي أرقى شيء. الله ما عنده إلا أرقى شيء، عنده أرقى شيء في العذاب، وأرقى شيء في النعيم ([7]).
القرآن بهدايته، بسعته، بنوره، بوعوده هنا في الدنيا قبل الآخرة. ما يرضوا يثقوا، ما يرضوا ينطلقوا! نوعية يستحقوا جهنم، وهي أرقى شيء. الله ما عنده إلا أرقى شيء، عنده أرقى شيء في العذاب، وأرقى شيء في النعيم. فتستحق أسوء، وأشد عذاب؛ لأنك تركت أفضل، وأحسن، وأقوم أليست هكذا؟ أفضل طريقة، أحسن طريقة، أقوم هدى تركته فتستحق عقوبة أشد عقوبة.
تنزيهه عن ما لا يليق به في ذاته أن تنسب إليه نقصاً، أن تنسب إليه من العيوب ما لا يليق بأن تنسبها إليه كما نسب إليه الآخرون من أنه ذو أعضاء أو ينسب إليه ما يلزم منه مشابهته لخلقه, تنزيهه له أيضاً في أفعاله، من أنه يقدر المعاصي، ويخلق المعاصي والفواحش, ويريدها ويقضي بها. فهو من لا يظلم, من لا يفعل الفساد، ومن لا يفعل ما يتنافى مع الحكمة، هو من خلق كل شيء فقدره تقديراً، تنزيه له سبحانه وتعالى أيضاً في تشريعه, وفي هدايته, أنزهه عن أن يشرع لي طاعة من يعصيه، أو يوجب علي أن أطيع الظالمين والجبارين والطواغيت والمتكبرين وهو من يلعنهم في كتابه, وهو من يستنصرني لأقف في وجوههم فكيف يأمرني بطاعتهم؟ وهل يشرف الله سبحانه وتعالى, أو يليق به أن يكون هؤلاء من يوجب علينا أن نطيعهم وهم مفسدون ومجرمون وطواغيت وكافرون.. ألست أنت من تحاول أن تطرد ابنك من بيتك إذا ما وجدته ابناً فاسداً؟. والآخرون يقولون لك اطرده من بيتك؟. وأنت تقول لابنك: أنت شوهت سمعتي, أنت لا تشرفني أن يقال أنت أبني .. فالله سبحانه وتعالى كيف يمكن أن يوجب علينا أن نطيع أعداءه .. هذه واحدة من العقائد الباطلة التي نسبوها إلى دين الله, ودين الله هو تشريعه وهديه.
ولو تأتي تتبع ما نسب إلى الله سبحانه وتعالى من هذا القبيل لوجدت بأنهم نسبوا إليه ما لا يليق به، وأمام هؤلاء استنفر الله كل مخلوقاته لتسبحه لعظم قبح ما نسبوا إليه في تشريعه، أو في هديه, أو في أفعاله، أو في ذاته سبحانه وتعالى.
إذا ما قلت لهم: فلان يقول: أن الله يُرَى! بعضهم لا يستنكر، لا تثيره هذه القضية، إلا إذا كان قد تعلم وعرف معرفة لا بأس ([9]).
ولهذا نحن نقول في عقائدنا: لا يجوز أن نقول: أن لله وجهاً, كما يقول الآخرون، وليس له يد, ليس له أعين كما يقول الآخرون، هذه آليات خلقها لنا نحن الناقصين، نحن القاصرين، نحن المحتاجين. لو قلنا بأن له وجهاً, وله يداً, وله رِجلاً حتى ولو قلنا كما يقولون: وجه يليق به، يد تليق به، رِجْل تليق به.. هكذا يقولون. إسألهم : هل وجهه غير يده، ويده غير رجله؟ أم أن وجهه يده، ويده رجله, ورجله وجهه؟. سيقول لك: لا, هي بالطبع وجهه غير يده، ورجله غير وجهه. إذاً مَن الذي منحه وجهاً هو مغاير ليده، ويداً مغايرة لرجله، إذاً أثبتم له أعضاء وإن كنتم تقولون بأننا لا نعرف كيفيتها، فالتنزيه لا يعني فقط بأنك تقول أنك لا تعرف الكيفية التي عليها هذا الوجه الذي أثبتّه لله، بل أن تنفي عنه من الأساس أن يكون له عضو، أو يكون مركباً من أجزاء، أن يكون مؤلفاً، لا يصح؛ لماذا؟. لأن التركيب علامة من علامات الحدوث.
ماذا يعني الحدوث؟. أي أن هناك مَن منحه وجهه كما منحك وجهك، ومن منحه يده وجعلها في موضع في غير موضع وجهه ولها أعمال غير أعمال وجهه، وله رِجْل لها أعمال غير أعمال يده، وموضعها غير موضع يده، كما هو الحال بالنسبة لنا أليس كذلك.
إذاً فهذه علامات الحدوث, إذاً هناك من منحه هذه الأشياء, إذاً فهو ناقص ومن منحه هذه الأشياء هو أكمل منه، إذاً فليس رباً ولا إلهاً، أليست المسألة تنتهي إلى هذه؟ المسألة تنتهي في الأخير إلى كفر بالله؛ ولهذا أذكر أن أحد أعمامي (رحمة الله عليه) وهو العلامة السيد [حسين بن حسن الحوثي] وزع قبل سنوات فتوى يحكم فيها بكفر من يعتقد: أن الله يُرى, ويقول: أن الله يرى.
فنحن عملنا نحن المسلمين عملنا ثورة على الله - إن صح التعبير - ونزعنا سلطاننا من يده، وجئنا لنقول: الأمر لنا, والملك لنا, والزعامة لنا ونحن من نتحكم فيها ونمنحها من نشاء!
[1] - من ملزمة " معرفة الله – عظمة الله" الدرس (8) صـ 10.
وهي في نفس الملزمة صـ 4 من الإصدار القديم.
[2] - من ملزمة " معرفة الله – عظمة الله" الدرس (8) صـ 23 - 24.
وهي في نفس الملزمة صـ 9 - 10 من الإصدار القديم.
[3] - من ملزمة " مديح القرآن" الدرس (4) صـ 5.
وهي في نفس الملزمة صـ 4 من الإصدار القديم.
[4] - من ملزمة " مديح القرآن" الدرس (2) صـ 9.
وهي في نفس الملزمة صـ 8 من الإصدار القديم.
[5] - من ملزمة " مديح القرآن" الدرس (2) صـ 17.
وهي في نفس الملزمة صـ 15 من الإصدار القديم.
[6] - من ملزمة " مديح القرآن" الدرس (2) صـ 10.
وهي في نفس الملزمة صـ 9 من الإصدار القديم.
[7] - من ملزمة " مديح القرآن" الدرس (2) صـ 13.
وهي في نفس الملزمة صـ 11 من الإصدار القديم.
[8] - من ملزمة " معرفة الله – عظمة الله" الدرس (8) صـ 29 - 30.
وهي في نفس الملزمة صـ 12 من الإصدار القديم.
[9] - من ملزمة " معرفة الله – عظمة الله" الدرس (8) صـ 13 - 14.
وهي في نفس الملزمة صـ 5 - 6 من الإصدار القديم.
[10] - من ملزمة " معرفة الله – عظمة الله" الدرس (6) صـ 27 - 28.
وهي في نفس الملزمة صـ 11 من الإصدار القديم.
تعليق