من زهديات أبي العتاهية

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الطويل

1- كَأَنّا وَإِن كُنّا نِياماً عَنِ الرَدى *** غَداً تَحتَ أَحجارِ الصَفيحِ المُنَضَّدِ
2- نُرَجّي خُلودَ العَيشِ حيناً وَضِلَّةً *** وَلَم نَرَ مِن آبائِنا مِن مُخَلَّدِ
3- لَنا فِكرَةٌ في أَوَّلينا وَعِبرَةٌ *** بِها يَقتَدي ذو العَقلِ فيها وَيَهتَدي
4- وَلَكِنَّنا نَأتي العَمى وَعُيونُنا *** إِلَيهِ رَوانٍ هكَذا عَن تَعَمُّدِ
5- كَأَنّا سَفاهاً لَم نُصَب بِمُصيبَةٍ *** وَلَم نَرَ مِنّا مَيِّتاً جَوفَ مُلحَدِ
6- بَلى كَم أَخٍ لي ذي صَفاءٍ حَثَوتُهُ *** عَلى الرَغمِ مِنّي مُلحَدَ الرَمسِ بِاليَدِ
7- أُهيلُ عَلَيهِ التُربَ مِن كُلِّ جانِبٍ *** أَرى ذاكَ مِنّي حَقَّ زادِ المُزَوَّد
8- وَقَد كُنتُ أَفديهِ وَأَحذَرُ نَأيَهُ *** وَأَفزَعُ إِمّا باتَ غَيرَ مُمَهَّدِ
9- لِكُلِّ أَخي ثُكلٍ عَزاءٌ وَأُسوَةٌ *** إِذا كانَ مِن أَهلِ التُقى في مُحَمَّدِ

من البحر مجزوء الكامل

1- سَتُباشِرُ الأَجداثَ وَحدَك *** وَسَيَضحَكُ الباكونَ بَعدَك
2- وَسَتَستَجِدُّ بِكَ البِلى *** وَسَتُخلِقُ الأَيّامُ عَهدَك
3- وَسَيَشتَهي المُتَقَرِّبو***نَ إِلَيكَ بَعدَ المَوتِ بُعدَك
4- لِلَّهِ دَرُّكَ ما أَجَد*** دَكَ في المَلاعِبِ ما أَجَدَّك
5- المَوتُ ما لا بُدَّ مِنـ***ـهُ عَلى احتِرازِكَ مِنهُ جَهدَك
6- فَلَيُسرِعَنَّ بِكَ البِلى *** وَلَيَقصِدَنَّ الحَينُ قَصدَك
7- وَلَيُفنِيَنَّكَ بِالَّذي *** أَفنى أَباكَ بِهِ وَجَدَّك
8- لَو قَد ظَعَنتَ عَنِ البُيو***تِ وَرَوحِها وَسَكَنتَ لَحدَك
9- لَم تَنتَفِع إِلّا بِفِعلٍ *** صالِحٍ إِن كانَ عِندَك
10- وَإِذا الأَكُفُّ مِنَ التُرا***بِ نُفِضنَ عَنكَ تُرِكتَ وَحدَك
11- وَكَأَنَّ جَمعَكَ قَد غَدا *** ما بَينَهُم حِصَصاً وَكَدَّك
12- يَتَلَذَّذونَ بِما جَمَعـ***ـتَ لَهُم وَلا يَجِدونَ فَقدَك

من البحر البسيط

1- إِنّا لَفي دارِ تَنغيصٍ وَتَنكيدِ *** دارٌ تُنادي بِها أَيّامُها بيدي
2- لَقَد عَرَفناكِ يا دُنيا بِمَعرِفَةٍ *** صَحَّت لَنا فَاِنقُصي إِن شِئتِ أَو زيدي
3- نَرى اللَيالِيَ وَالأَيّامَ مُسرِعَةً *** فينا وَفيكِ بِتَفريقٍ وَتَبعيدِ
4- جَدَّ الرَحيلُ عَنِ الدُنيا وَساكِنها *** يَرجو الخُلودَ وَلَيسَت دارَ تَخليدِ
5- يا نَفسُ لِلمَوتِ بي عَينٌ مُوَكَّلَةٌ *** في كُلِّ وَجهٍ فَروغي عَنهُ أَو حيدي
6- إِن كانَتِ الدارُ لَيسَت لي بِباقِيَةٍ *** فَما عَنائي بِتَأسيسٍ وَتَشيِيدِ
7- لَم يَكسُني الدَهرُ يَوماً مِن مَسَرَّتِهِ *** إِلّا جَرى مِنهُ مَكروهٌ بِتَجريدِ
8- وَلي مِنَ المَوتِ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ *** لَو قَد أَتاني لَقَد ضَلَّت أَقاليدي
9- الحَمدُ لِلَّهِ كُلُّ الخَلقِ مُنتَقِصٌ *** مُصَرَّفٌ بَينَ خِذلانٍ وَتَأيِيدِ
10- وَكُلُّ ما وَلَدَتهُ الوالِداتُ إِلى *** مَوتٍ تُؤَدّيهِ ساعاتُ المَواليدِ

من البحر المنسرح

1- قُل لِلجَليدِ المَنيعِ لَستَ مِنَ الـ***ـدُنيا بِذي مِنعَةٍ وَلا جَلَدِ
2- يا صاحِبَ المُدَّةِ القَصيرَةِ لا *** تَغفُل عَنِ المَوتِ قاطِعِ المُدَدِ
3- دَع عَنكَ تَقويمَ مَن تُقَوِّمُهُ *** وَابدَأ فَقَوِّم ما فيكَ مِن أَوَدِ
4- يا مَوتُ كَم زائِدٍ قَرَنتَ بِهِ الـ***ـنَقصَ فَلَم يَنتَقِص وَلَم يَزِدِ
5- قَد مَلَأَ المَوتُ كُلَّ أَرضٍ وَما *** يَنزِعُ مِن بَلدَةٍ إِلى بَلَدِ

من البحر المتقارب

1- أَلا إِنَّ رَبّي قَوِيٌّ مَجيدُ *** لَطيفٌ جَليلٌ غَنِيٌّ حَميدُ
2- رَأَيتُ المُلَوكَ وَإِن عَظُمَت *** فَإِنَّ المُلوكَ لِرَبّي عَبيدُ
3- تُنافِسُ في جَمعِ هَذا الحُطامِ *** وَكُلٌّ يَزولُ وَكُلٌّ يَبيدُ
4- وَكَم بادَ جَمعٌ أُلو قُوَّةٍ *** وَحِصنٌ حَصينٌ وَقَصرٌ مَشيدُ
5- وَلَيسَ بِباقٍ عَلى الحادِثاتِ *** لَشَيءٍ مِنَ الخَلقِ رُكنٌ شَديدُ
6- وَأَيُّ مَنيعِ يَفوتُ الفَنا *** إِذا كانَ يَفنى الصَفا وَالحَديدُ
7- أَلا إِنَّ رَأياً دَعا العَبدَ أَن *** يُنيبَ إِلى اللَهِ رَأيٌ رَشيدُ
8- فَلا تَتَكَثَّر بِدارِ البِلى *** فَإِنَّكَ فيها وَحيدٌ فَريدُ
9- أَرى المَوتَ دَيناً لَهُ عِلَّةٌ *** فَتِلكَ الَّتي كُنتَ مِنها تَحيدُ
10- تَيَقَّظ فَإِنَّكَ في غَفلَةٍ *** يَميدُ بِكَ السُكرُ فيمَن يَميدُ
11- كَأَنَّكَ لَم تَرَ كَيفَ الفَنا *** وَكيَفَ يَموتُ الغُلامُ الجَليدُ
12- وَكَيفَ يَموتُ المُسِنُّ الكَبيرُ *** وَكيفَ يَموتُ الصَغيرُ الوَليدُ
13- وَمَن يَأمَنُ الدَهرَ في وَعدِهِ *** وَلِلدَهرِ في كُلِّ وَعدٍ وَعيدُ
14- أَراكَ تُؤَمِّلُ وَالشَيبُ قَد *** أَتاكَ بِنَعيِكَ مِنهُ بَريدُ
15- وَتَنقُصُ في كُلِّ تَنفيسَةٍ *** وَأَنتَ بِظَنِّكَ فيها تَزيدُ
16- وَإِحسانُ مَولاكَ يا عَبدُهُ *** إِلَيكَ مَدى الدَهرِ غَضٌّ جَديدُ
17- تُريدُ مِنَ اللَهِ إِحسانَهُ *** فَيُعطيكَ أَكثَرَ مِمّا تُريدُ
18- وَمَن شَكَرَ اللَهَ لَم يَنسَهُ *** وَلَم يَنقَطِع عَنهُ مِنهُ المَزيدُ
19- وَما يَكفُرُ العُرفَ إِلّا شَقِيٌّ *** وَما يَشكُرُ اللَهَ إِلّا سَعيدُ

يتبع إن شاءالله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الكامل

1- اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَتَجَلَّدِ *** وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ
2- أَوَ ما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ *** وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ
3- مَن لَم يُصِب مِمَّن تَرى بِمُصيبَةٍ *** هَذا سَبيلٌ لَستَ فيهِ بِأَوحَدِ
4- وَإِذا ذَكَرتَ مُحَمَّداً وَمَصابَهُ *** فَاِذكُر مُصابَكَ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدِ

من البحر المتقارب

1- أَلا إِنَّنا كُلَّنا بائِدُ *** وَأَيُّ بَني آدَمٍ خالِدُ
2- وَبَدؤُهُمُ كانَ مِن رَبِّهِم *** وَكُلٌّ إِلى رَبِّهِ عائِدُ
3- فَيا عَجَبا كَيفَ يُعصى الإِلَـ***ـهُ أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِدُ
4- وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ *** عَلَينا وَتَسكينَةٍ شاهِدُ
5- وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ

من البحر الطويل

1- سَتَنقَطِعُ الدُنيا بِنُقصانِ ناقِصٍ *** مِنَ الخَلقِ فيها أَو زِيادَةِ زائِدِ
2- وَمَن يَغتَنِم يَوماً يَجِدهُ غَنيمَةً *** وَمَن فاتَهُ يَومٌ فَلَيسَ بِعائِدِ
3- وَما المَوتُ إِلّا مَورِدٌ عَنهُ مَصدَرٌ *** وَما الناسُ إِلّا وارِدٌ بَعدَ وارِدِ

من البحر المجتث

1- ما أَقرَبَ المَوتَ جَدّا *** أَتاكَ يَشتَدُّ شَدّا
2- يا مَن يُراحُ عَلَيهِ *** بِالمَوتِ طَوراً وَيُغدى
3- هَل تَستَطيعُ لِما قَد *** مَضى مِنَ العَيشِ رَدّا
4- الغَيُّ أَوضَحُ مِن أَن *** يَراهُ ذو العَقلِ رُشدا
5- سامِح أُمورَكَ رِفقاً *** وَاجعَل مَعاشَكَ قَصدا
6- مِن حَزمِ رَأيِكَ أَلّا *** تَكونَ لِلمالِ عَبدا
7- ما تَأتِهِ مِن جَميلٍ *** يُكسِبكَ أَجراً وَحَمدا
8- تَموتُ فَرداً وَتَأتي *** يَومَ القِيامَةِ فَردا
9- طوبى لِعَبدٍ تَقيٍّ *** لَم يَألُ في الخَيرِ جُهدا

من البحر الكامل

1- إِحذَر مِنَ الدُنيا مَغَبَّتَها *** كَم صالِحٍ عَبَثَت بِهِ فَفَسَد
2- ما بَينَ فَرحَتِها وَتَرحَتِها *** إِلّا كَما قامَ اِمرُؤٌ وَقَعَد

من البحر الكامل

1- إِنَّ القَريرَةَ عَينُهُ عَبدُ *** خَشِيَ الإِلَهَ وَعَيشُهُ قَصدُ
2- عَبدٌ قَليلُ النَومِ مُجتَهِدٌ *** لِلَّهِ كُلُّ فِعالِهِ رُشدُ
3- نَزِهٌ عَنِ الدُنيا وَباطِلِها *** لا عَرضُ يَشغَلُهُ وَلا نَقدُ
4- مُستَجهِلٌ في اللَهِ مُحتَقِرٌ *** هَزلُ المَخافَةِ عِندَهُ جِدُّ
5- مُتَذَلِّلٌ لِلَّهِ مُرتَقِبٌ *** ما لَيسَ مِن إِتيانِهِ بُدُّ
6- رَفَضَ الحَياةَ عَلى حَلاوَتِها *** وَاِختارَ ما فيهِ لَهُ الخُلدُ
7- يَكفيهِ ما بَلَغَ المَحَلَّ بِهِ *** لا يَشتَكي إِن نابَهُ جَهدُ
8- فَاِشدُد يَدَيكَ إِذا ظَفِرتَ بِهِ *** ما العَيشُ إِلّا القَصدُ وَالزُهدُ

من البحر الخفيف

1- كُلُّ يَومٍ يَأتي بِرِزقٍ جَديدِ *** مِن مَليكٍ لَنا غَنِيٍّ حَميدِ
2- قادِرٌ قاهِرٌ قَوِيٌّ لَطيفٍ *** ظاهِرٍ باطِنٍ قَريبٍ بَعيدِ
3- حَجَبَتهُ الغُيوبُ عَن كُلِّ عَينٍ *** وَهوَ فينا أَنيسُ كُلِّ وَحيدِ
4- حَسبُنا اللَهُ رَبُّنا هُوَ مَولىً *** خَيرُ مَولىً وَنَحنُ شَرُّ عَبيدِ
5- خَلَقَ الخَلقَ لِلفَناءِ فَهُم بَيـ***ـنَ شَقِيٍّ مِنهُم وَبَينَ سَعيدِ
6- لَيتَ شِعري وَكَيفَ حالُكَ يا نَفـ***ـسُ غَداً بَينَ سائِقٍ وَشَهيدِ
7- كُلُّنا صائِرٌ إِلى المَلِكِ الدَيـ***ـيانِ رَبِّ الأَربابِ يَومَ الوَعيدِ
8- وَالمَنايا تَأتي عَلى كُلِّ شَيءٍ *** وَالبَلى مُرصَدٌ لِكُلِّ جَديدِ

من البحر مجزوء الكامل

1- إِنَّما الدُنيا هِباتٌ *** وَعَوارٍ مُستَرَدَّه
2- شِدَّةٌ بَعدَ رَخاءٍ *** وَرَخاءٌ بَعدَ شِدَّه

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر مجزوء الكامل

1- أَأُخَيَّ لا تَنسَ القُبو**رَ فَإِنَّها لَكَ مَوعِدُ
2- وَكَأَنَّ شَيئاً لَم تَنَلـ***ـهُ العَينُ ساعَةَ يُفقَدُ

من البحر مجزوء الكامل

1- جِدّوا فَإِنَّ الأَمرَ جِدُّ *** وَلَهُ أَعِدُّا وَاستَعِدّوا
2- لا يُستَقالُ اليَومَ إِن *** وَلّى وَلا لِلأَمسِ رَدُّ
3- لا تَغفُلُنَّ فَإِنَّما *** آجالُكُم نَفَسٌ يُعَدُّ
4- وَحَوادِثُ الدُنيا تَرو***حُ عَلَيكُمُ طَوراً وَتَغدو
5- وَالمَوتُ أَبعَدُ شُقَّةً *** ما بَعدَ مَوتِ المَرءِ بُعدُ
6- إِنَّ الأُلى كُنّا نَرى *** ماتوا وَنَحنُ نَموتُ بَعدُ
7- ما لي كَأَنَّ مُنايَ با***سِطَةٌ وَأَنفاسي تُعَدُّ
8- يا غَفلَتي عَن يَومِ يَجـ***ـمَعُ شِرَّتي كَفَنٌ وَلَحدُ
9- ضَيَّعتُ ما لا بُدَّ لي *** مِنهُ بِما لِيَ مِنهُ بُدُّ
10- أَأُخَيَّ كُن مُستَمسِكاً *** بِجَميعِ ما لَكَ فيهِ رُشدُ
11- ما نَحنُ فيهِ مَتاعُ أَيـ***ـيامٍ تُعارُ وَتُستَرَدُّ
12- هَوِّن عَلَيكَ فَلَيسَ كُلـ***ـلُ الناسِ يُعطى ما يَوَدُّ
13- إِن كانَ لا يُغنيكَ ما *** يَكفيكَ ما لِغِناكَ حَدُّ
14- وَتَوَقَّ نَفسَكَ مِن هَوا***كَ فَإِنَّها لَكَ فيهِ ضِدُّ
15- لا تُمضِ رَأيَكَ في هَوىً *** إِلّا وَرَأيُكَ فيهِ قَصدُ
16- مَن كانَ مُتَّبِعاً هَوا***هُ فَإِنَّهُ لِهَواهُ عَبدُ

من البحر المتقارب

1- لَكَم فَجَعَ الدَهرُ مِن والِدٍ *** وَكَم أَثكَلَ الدَهرُ مِن والِدَه
2- وَكَم تَرَكَ الدَهرُ مِن سَيِّدٍ *** يَنوءُ عَلى قَدَمٍ واحِدَه
3- وَكَم قَد رَأَينا فَتىً ماجِداً *** تَفَرَّعَ في أُسرَةٍ ماجِدَه
4- يُشَمِّصُ في الحَربِ بِالدارِعينَ *** وَيُطعِمُ في اللَيلَةِ البارِدَه
5- رَماهُ الزَمانُ بِسَهمِ الرَدى *** فَأَصبَحَ في الثُلَّةِ الهامِدَه
6- فَما لي أَرى الناسَ في غَفلَةٍ *** كَأَنَّ قُلوبَهُمُ سامِدَه
7- شَرَوا بِرِضا اللَهِ دُنياهُمُ *** وَقَد عَلِموا أَنَّها بائِدَه
8- إِذا أَصبَحوا أَصبَحوا كَالأُسو***دِ باتَت مُجَوَّعَةً حارِدَه
9- يُطيعونَ في الغَيِّ أَهواءَهُم *** وَقَد زَعَموا أَنَّها راشِدَه
10- تَرى صُوَراً تُعجِبُ الناظِرينَ *** وَمَخبَرَةً تَحتَها فاسِدَه

من البحر المنسرح

1- يا راكِبَ الغَيِّ غَيرَ مُتَّئِدِ *** شَتّانَ بَينَ الضَلالِ وَالرَشَدِ
2- حَسبُكَ ما قَد أَتَيتَ مُعتَمِداً *** فَاِستَغفِرِ اللَهَ ثُمَّ لا تَعُدِ
3- يا ذا الَّذي نَقصُهُ زِيادَتُهُ *** إِن كُنتَ لَم تَنتَقِص فَلَم تَزِدِ
4- عَجِبتُ مِن آمِلٍ وَواعِظُهُ الـ***ـمَوتُ فَلَم يَتَّعِظ وَلَم يَكَدِ
5- ما أَسرَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ بِسا***عاتٍ قِصارٍ تَأتي عَلى الأَمَدِ
6- لَيَجرِيَنَّ البَلى عَلَينا بِما *** كانَ جَرى قَبلَنا عَلى لُبَدِ
7- يا مَوتُ يا مَوتُ كَم أَخي ثِقَةٍ *** كَلَّفَني غَمضَ عَينِهِ بِيَدي
8- يا مَوتُ يا مَوتُ كَم أَضَفتَ إِلى الـ***ـقِلَّةِ مِن ثَروَةٍ وَمِن كَبِدِ
9- يا مَوتُ يا مَوتُ كَم لِوَخزِكَ مِن *** قَلبٍ جَريحٍ يَدمى وَمِن كَبِدِ
10- يا مَوتُ يا مَوتُ صَبَّحَتنا بِكَ الـ***ـشَمسُ وَمَسَّت كَواكِبُ الأَسَدِ
11- يا مَوتُ يا مَوتُ لا أَراكَ مِنَ الـ***ـخَلقِ جَميعاً تُبقي عَلى أَحَدِ
12- الحَمدُ لِلَّهِ دائِماً أَبَداً *** قَد يَصِفُ القَصدَ غَيرَ مُقتَصِدِ
13- مَن يَستَنِر بِالهُدى يُنِرهُ وَمَن *** يَبغِ إِلى اللَهِ مَطلَباً يَجِدِ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الطويل

1- أَيا لِلمَنايا وَيحَها ما أَجَدَّها *** كَأَنَّكَ يَوماً قَد تَوَرَّدتَ وِردَها
2- وَيا لِلمَنايا ما لَها مِن إِقالَةٍ *** إِذا بَلَغَت مِن مُدَّةِ الحَيِّ حَدَّها
3- أَلا يا أَخانا إِنَّ لِلمَوتِ طَلعَةً *** وَإِنَّكَ مُذ صُوِّرتَ تَقصِدُ قَصدَها
4- وَلِلمَرءِ عِندَ المَوتِ كَربٌ وَغُصَّةٌ *** إِذا مَرَّتِ الساعاتُ قَرَّبنَ بُعدَها
5- لَكَ الخَيرُ أَمّا كُلُّ نَفسٍ فَإِنَّها *** تَموتُ وَإِن حادَت عَنِ المَوتِ جُهدَها
6- سَتُسلِمُكَ السَعاتُ في بَعضِ مَرِّها *** إِلى ساعَةٍ لا ساعَةٌ لَكَ بَعدَها
7- وَتَحتَ الثَرى مِنّي وَمِنكَ وَدائِعٌ *** قَريبَةُ عَهدٍ إِن تَذَكَّرتَ عَهدَها
8- مَدَدتَ المُنى طولاً وَعَرضاً وَإِنَّها *** لَتَدعوكَ أَن تَهدا وَأَن لا تَمُدَّها
9- وَمالَت بِكَ الدُنيا إِلى اللَهوِ وَالصِبا *** وَمَن مالَتِ الدُنيا بِهِ كانَ عَبدَها
10- إِذا ما صَدَقتَ النَفسَ أَكثَرتَ ذَمَّها *** وَأَكثَرتَ شَكواها وَأَقلَلتَ حَمدَها
11- بِنَفسِكَ قَبلَ الناسِ فَاعنَ فَإِنَّها *** تَموتُ إِذا ماتَت وَتُبعَثُ وَحدَها
12- وَما كُلُّ ما خُوِّلتَ إِلّا وَديعَةً *** وَلَن تَذهَبَ الأَيامُ حَتّى تَرُدَّها
13- إِذا أَذكَرَتكَ النَفسُ دِنياً دَنِيَّةً *** فَلا تَنسَ رَوضاتي الجِنانِ وَخُلدَها
14- أَلَستَ تَرى الدُنيا وَتَنغيصَ عَيشِها *** وَأَتعابَها لِلمُكثِرينَ وَكَدَّها
15- وَأَدنى بَني الدُنيا إِلى الغَيِّ وَالعَمى *** لَمَن يَبتَغي مِنها سَناها وَمَجدَها
16- وَلَو لَم تُصِب مِنها فُضولاً أَصَبتَها *** إِذاً لَم تَجِد وَالحَمدُ لِلَّهِ فَقدَها
17- إِذا النَفسُ لَم تَصرِف عَنِ الحِرصِ جُهدَها *** إِذا ما دَعاها أَضرَعَ الحِرصُ خَدَّها
18- هَوى النَفسِ في الدُنيا إِلى أَن تَغولَها *** كَما غالَتِ الدُنيا أَباها وَجَدَّها

من البحر المنسرح

1- يا أَيُّهَذا الَّذي سَتَنقُلُهُ الـ***ـأَيّامُ عَن أَهلِهِ وَعَن وَلَدِه
2- ما اِرتَدَّ طَرفُ اِمرِئٍ بِلَحظَتِهِ *** إِلّا وَشَيءٌ يَموتُ مِن جَسَدِه

من البحر الطويل

1- أَراعَكَ نَقصٌ مِنكَ لَمّا وَجَدتَهُ *** وَما زِلتَ في نَقصٍ وَأَنتَ وَليدُ
2- سَقَطتَ إِلى الدُنيا وَحيداً مُجَرَّداً *** وَتَمضي عَنِ الدُنيا وَأَنتَ وَحيدُ
3- وَحِدتَ عَنِ المَوتِ الَّذي لَن تَفوتَهُ *** وَلابُدَّ مِمّا أَنتَ عَنهُ تَحيدُ
4- وَمِن رُشدِ رَأيِ المَرءِ أَن يَمحَضَ التُقى *** وَإِنَّ امرَأً مَحضَ التُقى لَسَعيدُ
5- هِيَ النَفسُ إِن تَصدُقكَ تَمنَحكَ نُصحَها *** وَأَنتَ عَلَيها إِن صَدَقتَ شَحيدُ
6- وَما العَيشُ إِلّا مُستَفادٌ وَمُتلَفٌ *** وَما الناسُ إِلّا مُتلِفٌ وَمُفيدُ
7- هُوَ اللَهُ رَبّي وَالقَضاءُ قَضاؤُهُ *** وَرَبّي عَلى ما كانَ مِنهُ حَميدُ

من البحر الرمل

1- ما رَأَيتُ العَيشَ يَصفو لِأَحَد *** دونَ كَدٍّ وَعَناءٍ وَنَكَد
2- كُن لِما قَدَّمتَهُ مُغتَنِماً *** لا تُؤَخِّر عَمَلَ اليَومِ لِغَد
3- إِنَّ لِلمَوتِ لَسَهماً قاتِلاً *** لَيسَ يَفدي أَحَداً مِنهُ أَحَد
4- قَد أَرى أَن لَستُ في الدُنيا وَلَو *** بَقِيَت لَي دائِماً طولَ الأَبَد
5- إِنَّني مِنها غَداً مُرتَحِلٌ *** أَو أَراني راحِلاً مِن بَعدِ غَد
6- أَجمَعُ المالَ لِغَيري دائِباً *** وَأُقاسي العَيشَ مِنهُ في كَبَد
7- لِمَنِ المالُ الَّذي أَجمَعُهُ *** أَلِنَفسي أَم لِأَهلي وَالوَلَد
8- ما يُبالي وَلَدي بَعدي إِذا *** غَيَّبوا والِدَهُم تَحتَ اللِبَد
9- وَأَصابوا ما لَهُ مِن بَعدِهِ *** أَلِغَيٍّ قَد مَضى أَم لِرَشَد
10- إِنَّما دُنياكَ يَومٌ واحِدٌ *** فَإِذا يَومُكَ وَلّى لَم يَعُد
11- يَفعَلُ اللَهُ إِلَهي ما يَشا *** ما لِأَمرِ اللَهِ فينا مِن مَرَد
12- يَرزُقُ الأَحمَقَ رِزقاً واسِعاً *** وَتَرى ذا اللُبِّ مَحروماً نَكِد

من البحر الطويل

1- أَلا كُلُّ مَولودٍ فَلِلمَوتِ يولَدُ *** وَلَستُ أَرى حَياً لِشَيءٍ يُخَلَّدُ
2- تَجَرَّد مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ إِنَّما *** سَقَطتَ إِلى الدُنيا وَأَنتَ مُجَرَّدُ
3- وَأَفضَلُ شَيءٍ نِلتَ مِنها فَإِنَّهُ *** مَتاعٌ قَليلٌ يَضمَحِلُّ وَيَنفَدُ
4- وَكَم مِن عَزيزٍ أَذهَبَ الدَهرُ عِزَّهُ *** فَأَصبَحَ مَرحوماً وَقَد كانَ يُحسَدُ
5- فَلا تَحمَدِ الدُنيا وَلَكِن فَذُمَّها *** وَما بالُ شَيءٍ ذَمَّهُ اللَهُ يُحمَدُ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر المتقارب

1- أُضيعُ مِنَ العُمرِ ما في يَدي *** وَأَطلُبُ ما لَيسَ لي في يَدِ
2- أَرى الأَمسَ قَد فاتَني رَدُّهُ *** وَلَستُ عَلى ثِقَةٍ مِن غَدِ
3- وَإِنّي لَأَجري إِلى غايَةٍ *** وَأَستَقبِلُ المَوتَ مِن مَولِدي
4- وَما زِلتُ في طَبَقاتِ الرَدى *** أَصَعَّدُ في مَصعَدٍ مَصعَدِ
5- فَيوشِكُ عَمّا قَليلٍ أَكو***نُ مِنهُنَّ في البَرزَخِ الأَبعَدِ

من البحر الطويل

1- نُريدُ بَقاءً وَالخُطوبُ تَكيدُ *** وَلَيسَ المُنى لِلمَرءِ كَيفَ يُريدُ
2- وَمَن يَأمَنُ الأَيامَ أَمّا اتِّساعُها *** فَخَبلٌ وَأَمّا ضيقُها فَشَديدُ
3- وَأَيُّ بَني الأَيّامِ إِلّا وَعِندَهُ *** مِنَ الدَهرِ عِلمٌ طارِفٌ وَتَليدُ
4- يَرى ما يَزيدُ وَالزِيادَةُ نَقصُهُ *** أَلا إِنَّ نَقصَ الشَيءِ حينَ يَزيدُ
5- وَمِن عَجَبِ الدُنيا يَقينُكَ بِالفَنا *** وَأَنَّكَ فيها لِلبَقاءِ مُريدُ
6- أَلَم تَرَ أَنَّ الحَرثَ وَالنَسلَ كُلَّهُ *** يَبيدُ وَمِنهُ قائِمٌ وَحَصيدُ
7- لَعَمري لَقَد بادَت قُرونٌ كَثيرَةٌ *** وَأَنتَ كَما بادَ القُرونُ تَبيدُ
8- وَكَم صارَ تَحتَ الأَرضِ مِن خامِدٍ بِها *** وَقَد كانَ يَبني فَوقَها وَيَشيدُ
9- وَكَم مِن عَديدٍ قَد مَحا الدَهرُ ذِكرَهُم *** كَذا الدَهرُ لايَبقى عَلَيهِ عَديدُ
10- وَلِلمَوتِ عِلّاتٌ تَجَلّى وَتَختَفي *** وَلِلدَهرِ وَعدٌ مَرَّةً وَوَعيدُ
11- وَرَبِّ البِلى إِنَّ الجَديدَ إِلى البِلى *** وَإِنَّ الَّذي يُبلي الجَديدَ جَديدُ

من البحر مجزوء الكامل

1- أَصبَحتِ يا دارَ الأَذى *** وَصَفاكِ مُمتَلِئٌ قَذى
2- أَينَ الَّذينَ عَهِدتُهُم *** قَطَعوا الحَياةَ تَلَذُّذا
3- دَرَجوا غَداةَ رَماهُمُ *** رَيبُ الزَمانِ فَأَنفَذا
4- سَنَصيرُ أَيضاً مِثلَهُم *** عَمّا قَليلٍ هَكَذا
5- يا هؤلاءِ تَفَكَّروا *** لِلمَوتِ يَغدو مَن غَذا

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الرمل

1- عَجَباً أَعجَبُ مِن ذي بَصَرٍ *** يَأمَنُ الدُنيا وَقَد أَبصَرَها
2- إِنَّ لِلإِنسانِ يَوماً صَرعَةً *** يَنبَغي لِلمَرءِ أَن يَحذَرَها
3- كَم قُرونٍ حَضَرَتنا قَد مَضَت *** وَنَسينا بَعدَها مَحضَرَها
4- صُوَرٌ كانَت أُناساً مِثلَنا *** ثُمَّ أَفناها الَّذي صَوَّرَها
5- في سَبيلِ اللَهِ ما أَغفَلَنا *** نَأمَنُ الدُنيا وَما أَغدَرَها
6- إِنَّما الدُنيا كَظِلٍّ زائِلٍ *** أَحمَدُ اللَهَ كَذا قَدَّرَها

من البحر السريع

1- يا عَجَباً لَلناسِ لَو فَكَروا *** أَو حاسَبوا أَنفُسَهُم أَبصَروا
2- وَعَبَروا الدُنيا إِلى غَيرِها *** فَإِنَّما الدُنيا لَهُم مَعبَرُ
3- وَالخَيرُ ما لَيسَ بِخافٍ هُوَ الـ***ـمَعروفُ وَالشَرُّ هُوَ المُنكَرُ
4- وَالمَورِدُ المَوتُ وَما بَعدَهُ الـ***ـحَشرُ فَذاكَ المَورِدُ الأَكبَرُ
5- وَالمَصدَرُ النارُ أَوِ المَصدَرُ الـ***ـجَنَّةُ ما دونَهُما مَصدَرُ
6- لا فَخرَ إِلّا فَخرُ أَهلِ التُقى *** غَداً إِذا ضَمَّهُمُ المَحشَرُ
7- لَيَعلَمَنَّ الناسُ أَنَّ التُقى *** وَالبِرِّ كانا خَيرَ ما يُذخَرُ
8- ما أَحمَقَ الإِنسانَ في فَخرِهِ *** وَهوَ غَداً في حُفرَةٍ يُقبَرُ
9- ما بالُ مَن أَوَّلُهُ نُطفَةٌ *** وَجيفَةٌ آخِرُهُ يَفخَرُ
10- أَصبَحَ لا يَملِكُ تَقديمَ ما *** يَرجو وَلا تَأخيرَ ما يَحذَرُ
11- وَأَصبَحَ الأَمرُ إِلى غَيرِهِ *** في كُلِّ ما يُقضى وَما يُقدَرُ

من البحر السريع

1- كُلُّ حَياةٍ فَلَها مُدَّةٌ *** وَكُلُّ شَيءٍ فَلَهُ آخِرُ
2- سُبحانَ مَن أَلهَمَني حَمدَهُ *** وَمَن هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ
3- وَمَن هُوَ الدائِمُ في مُلكِهِ *** وَمَن هُوَ الباطِنُ وَالظاهِرُ
4- يا قاطِعَ الدَهرِ بِلَذّاتِهِ *** لَيسَ لَهُ ناهٍ وَلا زاجِرُ
5- أَتاكَ يا مَغرورُ سَهمُ الرَدى *** وَالمَوتُ في سَطوَتِهِ قاهِرُ
6- يا رَبِّ إِنّي لَكَ في كُلِّ ما *** قَدَّرتَ عَبدٌ آمِلٌ شاكِرُ
7- فَاغفِر ذُنوبي إِنَّها جَمَّةٌ *** وَاستُر خَطائي إِنَّكَ الساتِرُ

من البحر المنسرح

1- يا وَيحَ نَفسي لَوَ أَنَّهُ أَقصَر *** ما كانَ عَيشي كَما أَرى أَكدَر
2- يا مَن عَذيري مِمَّن كَلِفتُ بِهِ *** يَشهَدُ قَلبي بِأَنَّهُ يَسحَر
3- يا رُبَّ يَومٍ رَأَيتَني مَرِحاً *** أَخوصُ في اللَهوِ مُسبِلَ المِئزَر
4- بَينَ نَدامى تَحُثُّ كَأسَهُمُ *** عَلَيهِمُ كَفُّ شادِنٍ أَحوَر

من البحر الطويل

1- أَلا في سَبيلِ اللَهِ ما فاتَ مِن عُمري *** تَفاوَتُ أَيّامي بِعُمري وَما أَدري
2- فَلابُدَّ مِن مَوتٍ وَلابُدَّ مِن بِلاً *** وَلابُدَّ مِن بَعثٍ وَلابُدَّ مِن حَشرِ
3- وَإِنّا لَنَبلى ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ *** عَلى قَدَرٍ لِلَّهِ مُختَلِفٍ يَجري
4- وَنَأمَلُ أَن نَبقى طَويلاً كَأَنَّنا *** عَلى ثِقَةٍ بِالأَمنِ مِن غِبَرِ الدَهرِ
5- وَنَعبَثُ أَحياناً بِما لا نُريدُهُ *** وَنَرفَعُ أَعلامَ المَخيلَةِ وَالكِبرِ
6- وَنَسمو إِلى الدُنيا لِنَشرَبَ صَفواها *** بِغَيرِ قُنوعٍ عَن قَذاها وَلا صَبرِ
7- فَلَو أَنَّ ما نَسمو إِلَيهِ هُوَ الغِنى *** وَلَكِنَّهُ فَقرٌ يَجُرُّ إِلى فَقرِ
8- عَجِبتُ لِنَفسي حينَ تَدعو إِلى الصِبا *** فَتَحمِلُني مِنهُ عَلى المَركَبِ الوَعرِ
9- يَكونَ الفَتى في نَفسِهِ مُتَحَرِّزاً *** فَيَأتيهِ أَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ لا يَدري
10- وَما هِيَ إِلّا رَقدَةٌ غَيرَ أَنَّها *** تَطولُ عَلى مَن كانَ فيها إِلى الحَشرِ

من البحر المنسرح

1- هَل عِندَ أَهلِ القُبورِ مِن خَبَرِ *** هَيهاتَ ما مِن عَينٍ وَلا أَثَرِ
2- ما أَقطَعَ المَوتَ لِلصَديقِ وَما *** أَقرَبَ صَفوَ الدُنيا مِنَ الكَدَرِ
3- فَكَّرتُ فيما نَسعى لَهُ فَإِذا *** نَحنُ جَميعاً مِنهُ عَلى غَرَرِ
4- وَإِن تَفَكَّرتُ وَاِعتَبَرتُ وَأَبـ***ـصَرتُ فَإِنّي في دارِ مُعتَبَرِ
5- يا صاحِبَ التيهِ مُنذُ قَرَّبَهُ الـ***ـسُلطانُ هَذا مِن قِلَّةِ الفِكَرِ
6- ما لَكَ لا تَرجِعُ السَلامَ عَلى الـ***ـزُوّارِ إِلّا بِطَرفَةِ النَظَرِ
7- تَفعَلُ هَذا وَأَنتَ مِن بَشَرٍ *** فَكَيفَ لَو كُنتَ مِن سِوى البَشَرِ
8- ما أَنتَ إِلّا مِنَ الغُبارِ وَإِن *** أَصبَحتَ في إِمرَةٍ وَفي خَطَرِ
9- المُلكُ لِلَّهِ لا شَريكَ لَهُ *** تَجري القَضايا مِنهُ عَلى قَدَرِ
10- ما أَقدَرَ اللَهَ أَن يُغَيِّرَ ما *** أَصبَحتَ فيهِ فَكُن عَلى حَذَرِ
11- وَاِعلَم بِأَنَّ الأَيّامَ يَلعَبنَ بِالـ***ـمَرءِ وَأَنَّ الزَمانَ ذو غِيَرِ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر المتقارب

1- أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر *** كَثيرِ التَمَنّي قَليلِ الحَذَر
2- إِذا هَزَّ في المَشيِ أَعطافَهُ *** تَعَرّفتَ في مَنكِبَيهِ البَطَر
3- يُؤَمِّلُ أَكثَرَ مِن عُمرِهِ *** وَيَزدادُ يَوماً بِيَومٍ أَشَر
4- وَيُمسي وَيُصبِحُ في نَفسِهِ *** كَريمَ المَساعي عَظيمَ الخَطَر
5- تَكونُ لَهُ صَولَةٌ تُتَّقى *** وَأَمرٌ يُطاعُ إِذا ما أَمَر
6- يَريشُ وَيَبري وَفي يَومِهِ *** لَهُ شُغُلٌ شاغِلٌ لَو شَعَر
7- يَعُدُّ الغُرورَ وَيَبني القُصورَ *** وَيَنسى الفَناءَ وَيَنسى القَدَر
8- وَيَنسى القُرونَ وَرَيبَ المَنونِ *** وَيَنسى الخُطوبَ وَيَنسى الغِيَر
9- وَيَنسى شُهوراً تُحيلُ الأُمورَ *** فَإِمّا بِخَيرٍ وَإِمّا بِشَرِّ
10- يُجَرِّعُهُ الحِرصُ كَأسَ الفَنا *** وَيَحمِلُهُ فَوقَ ظَهرِ الغَرَر
11- وَكَم مِن مُلوكٍ عَهِدناهُمُ *** تَفانوا وَنَحنُ مَعاً بِالأَثَر
12- أَما تَعجَبونَ لِأَهلِ القُبورِ *** كَأَنَّهُمُ لَم يَكونوا بَشَر
13- أَخَيَّ أَضَعتَ أُموراً أَراكَ *** لِنَفسِكَ فيها قَليلُ النَظَر
14- فَحَتّى مَتى أَنتَ ذو صَبوَةٍ *** كَأَن لَيسَ تَزدادُ فيها قِصَر
15- تُؤَمَّلُ في الأَرضِ طولَ الحَياةِ *** وَعُمرُكَ يَزدادُ فيهِ قِصَر
16- أَرى لَكَ أَلّا تَمَلَّ الجِهازَ *** لِقُربِ الرَحيلِ وَبُعدِ السَفَر
17- وَأَن تَتَدَبَّرَ ماذا تَصيرُ *** إِلَيهِ فَتُعمِلَ فيهِ الفِكَر
18- وَأَن تَستَخِفَّ بِدارِ الغُرورِ *** وَأَن تَستَعِدَّ لِإِحدى الكُبَر
19- هِيَ الدارُ دارُ الأَذى وَالقَذى *** وَدارُ الفَناءِ وَدارُ الغَرَر
20- وَلَو نِلتَها بِحَذافيرِها *** لَمُتَّ وَلَم تَقضِ مِنها الوَطَر
21- لَعَمري لَقَد دَرَجَت قَبلَنا *** قُرونٌ لَنا فيهِمُ مُعتَبَر
22- فَيا لَيتَ شِعري أَبَعدَ المَشيبِ *** سِوى المَوتِ مِن غائِبٍ يُنتَظَر
23- كَأَنَّكَ قَد صِرتَ في حُفرَةٍ *** وَصارَ عَلَيكَ الثَرى وَالمَدَر
24- فَلا تَنسَ يَوماً تُسَجّى عَلى *** سَريرِكَ فَوقَ رِقابِ البَشَر
25- وَقَدِّم لِذاكَ فَإِنَّ الفَتى *** لَهُ ما يُقَدِّمُ لا ما يَذَر
26- وَمَن يَكُ ذا سِعَةٍ في الغِنى *** يُعَظَّم وَمَن يَفتَقِر يُحتَقَر
27- وَمَن يَكُ بِالدَهرِ ذا غِرَّةٍ *** فَإِنّي مِنَ الدَهرِ عِندي خَبَر
28- تَرى الدَهرَ يَضرُبُ أَمثالَهُ *** لَنا وَيُرينا صُروفَ العِبَر
29- فَلا تَأمَنَنَّ لَهُ عَثرَةً *** فَكَم مِن كَريمٍ بِهِ قَد عَثَر
30- يَحولُ عَلى المَرءِ حَتّى تَرا***هُ يَشرَبُ بَعدَ الصَفاءِ الكَدَر
31- وَحَتّى تَراهُ قَصيرَ الخُطى *** بَطيءَ النُهوضِ كَليلَ النَظَر
32- أَيا مَن يُؤَمِّلُ طولَ الحَياةِ *** وَطولُ الحَياةِ عَليهِ ضَرَر
33- إِذا ما كَبِرتَ وَبانَ الشَبابُ *** فَلا خَيرَ في العَيشِ بَعدَ الكِبَر

من البحر الكامل

1- اِذكُر مَعادَكَ أَفضَلَ الذِكرِ *** لا تَنسَ يَومَ صَبيحَةِ الحَشرِ
2- يَومَ الكَرامَةِ لِلأُلى صَبَروا *** وَالخَيرُ عِندَ عَواقِبِ الصَبرِ
3- في كُلِّ ما تَلتَذُّ أَنفُسُهُم *** أَنهارُهُم مِن تَحتِهِم تَجري
4- أَأُخَيَّ ما الدُنيا بِواسِعَةٍ *** لِمُنىً تَلَجلَجُ مِنكَ في الصَدرِ
5- تَرتاحُ مِن عِبَرٍ إِلى سِعَةٍ *** وَتَفِرُّ مِن فَقرٍ إِلى فَقرِ
6- وَطَفِقتُ كَالظَمآنِ مُلتَمِساً *** لِلآلِ في الدَيمومَةِ القَفرِ
7- تَبغي الخَلاصَ بِغَيرِ مَأخَذِهِ *** لِتَنالَ رَوحَ اليُسرِ بِالعُسرِ
8- أَكثَرتَ في طَلَبِ الغِنى لَعِباً *** وَغِناكَ أَن تَرضى عَنِ الدَهرِ
9- وَالخَيرُ مالٍ أَنتَ كاسِبُهُ *** ما كانَ عِندَ اللَهِ مِن ذُخرِ

من البحر البسيط

1- المَوتُ بابٌ وَكُلُّ الناسِ داخِلُهُ *** فَلَيتَ شِعرِيَ بَعدَ البابِ ما الدارُ
2- الدارُ جَنَّةُ خُلدٍ إِن عَمِلتَ بِما *** يُرضي الإِلَهَ وَإِن قَصَّرتَ فَالنارُ

من البحر السريع

1- مَن سابَقَ الدَهرَ كَبا كَبوَةً *** لَم يَستَقِلها مِن خُطى الدَهرِ
2- فَاِخطُ مَعَ الدَهرِ عَلى ما خَطى *** وَاجرِ مَعَ الدَهرِ كَما يَجري
3- لَيسَ لِمَن لَيسَت لَهُ حيلَةٌ *** مَوجودَةٌ خَيرٌ مِنَ الصَبرِ
4- ما أَسرَعَ الأَيامَ في الشَهرِ *** وَأَسرَعَ الأَشهُرَ في العُمرِ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الوافر

1- لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ *** لِأَمرٍ ما تُحَثُّ بِكَ الشُهورُ
2- أَلَستَ تَرى الخُطوبَ لَها رَواحٌ *** عَلَيكَ بِصَرفِها وَلَها بُكورُ
3- أَتَدري ما يَنوبُكَ في اللَيالي *** وَمَركَبُكَ الجَموحُ بِكَ العَثورُ
4- كَأَنَّكَ لا تَرى في كُلِّ وَجهٍ *** رَحى الحَدَثانِ دائِرَةً تَدورُ
5- أَلا تَأتي القُبورَ صَباحَ يَومٍ *** فَتَسمَعَ ما تُخَبِّرُكَ القُبورُ
6- فَإِنَّ سُكونَها حَرَكٌ يُناجي *** كَأَنَّ بُطونَ غائِبِها ظُهورُ
7- فَيالَكَ رَقدَةً في غِبِّ كَأسٍ *** لِشارِبِها بَلىً وَلَهُ نُشورُ
8- لَعَمرُكَ ما يَنالُ الفَضلَ إِلّا *** تَقِيُّ القَلبِ مُحتَسِبٌ صَبورُ
9- أُخَيَّ أَما تَرى دُنياكَ داراً *** تَموجُ بِأَهلِها وَلَها بُحورُ
10- فَلا تَنسَ الوَقارَ إِذا اِستَخَفَّ الـ***ـحِجى حَدَثٌ يَطيشُ لَهُ الوَقورُ
11- وَرُبَّ مُهَرِّشٍ لَكَ في سُكونٍ *** كَأَنَّ لِسانَهُ السَبُعُ العَقورُ
12- لِبَغيِ الناسِ بَينَهُمُ دَبيبٌ *** تَضايَقُ عَن وَساوِسِهِ الصُدورُ
13- أُعيذُكَ أَن تُسَرَّ بِعَيشِ دارٍ *** قَليلاً ما يَدومُ بِها سُرورُ
14- بِدارٍ ما تَزالُ لِساكِنِيها *** تُهَتَّكُ عَن فَضائِحِها السُتورُ
15- أَلا إِنَّ اليَقينَ عَلَيهِ نورٌ *** وَإِنَّ الشَكَّ لَيسَ عَلَيهِ نورُ
16- وَإِنَّ اللَهَ لا يَبقى سِواهُ *** وَإِن تَكُ مُذنِباً فَهُوَ الغَفورُ
17- وَكَم عايَنتَ مِن مَلِكٍ عَزيزٍ *** تَخَلّى الأَهلُ عَنهُ وَهُم حُضورُ
18- وَكَم عايَنتَ مُستَلِباً عَزيزاً *** تَكَشَّفُ عَن حَلائِلِهِ الخُدورُ
19- وَدُمِّيَتِ الخُدودُ عَلَيهِ لَطماً *** وَعُصِّبَتِ المَعاصِمُ وَالنُحورُ
20- أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا حُطامٌ *** وَأَنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ

من البحر السريع

1- يا أَيُّها المُختالُ في مَشيِهِ *** هَل لَكَ أَن تَنظُرَ في القَبرِ
2- حَتّى تَرى القَبرَ وَمَن حَلَّهُ *** ثُمَّ تَرى رَأيَكَ في الكِبرِ

من البحر البسيط

1- أَحسَنتَ ظَنَّكَ بِالأَيّامِ إِذ حَسُنَت *** وَلَم تَخَف سوءَ ما يَأتي بِهِ القَدَرُ
2- وَسالَمَتكَ اللَيالي فَاِغتَرَرتَ بِها *** وَعِندَ صَفوِ اللَيالي يَحدُثُ الكَدَرُ

من البحر الرمل

1- أُفِّ لِلدُنيا فَلَيسَت لَي بِدار *** إِنَّما الراحَةُ في دارِ القَرار
2- أَبَتِ الساعاتُ إِلّا سُرعَةً *** في بِلى جِسمي بِلَيلٍ وَنَهار
3- إِنَّما الدُنيا غُرورٌ كُلُّها *** مِثلُ لَمعِ الآلِ في الأَرضِ القِفار
4- يا عِبادَ اللَهِ كُلٌّ زائِلٌ *** نَحنُ نَصبٌ لِلمَقاديرِ الجَوار

من البحر الوافر

1- أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ *** أَرى مَن حَلَّها قَلِقَ القَرارِ
2- بِدارِ إِنَّما اللَذّاتُ فيها *** مُعَلَّقَةٌ بِأَيّامٍ قِصارِ
3- نَرى الأَموالَ أَرباباً عَلَينا *** وَما هِيَ بَينَنا إِلّا عِوارِ
4- كَأَنّي قَد أَخَذتُ مِنَ المَنايا *** أَماناً في رَواحي وَاِبتِكاري
5- إِذا ما المَرءُ لَم يَقنَع بِعَيشٍ *** تَقَنَّعَ بِالمَذَلَّةِ وَالصِغارِ

من البحر مجزوء الكامل

1- أَخَوَيَّ مُرّا بِالقُبو***رِ فَسَلِّما قَبلَ المَسيرِ
2- ثُمَّ ادعوا يا مَن بِها *** مِن ماجِدٍ قَرمٍ فَخورِ
3- وَمُسَوَّدٍ رَحبِ الفِنا***ءِ أَغَرَّ كَالقَمَرِ المُنيرِ
4- يا مَن تَضَمَّنُهُ المَقا***بِرُ مِن صَغيرٍ أَو كَبيرِ
5- هَل فيكُمُ أَو مِنكُمُ *** مِن مُستَجارٍ أَو مُجيرِ
6- أَو ناطِقٍ أَو سامِعٍ *** يَوماً بِعُرفٍ أَو نَكيرِ
7- أَهلَ القُبورِ أَحِبَّتي *** بَعدَ الجَزالَةِ وَالسُرورِ
8- بَعدَ الغَضارَةِ وَالنَضا***رَةِ وَالتَنَعُّمِ وَالحُبورِ
9- بَعدَ المَشاهِدِ وَالمَجا***لِسِ وَالدَساكِرِ وَالقُصورِ
10- بَعدَ الحِسانِ المُسمِعا***تِ وَبَعدَ رَبّاتِ الخُدورِ
11- وَالناجِياتِ المُنجِيا***تِ مِنَ المَهالِكِ وَالشُرورِ
12- أَصبَحتُم تَحتَ الثَرى *** بَينَ الصَفائِحِ وَالصُخورِ
13- أَهلَ القُبورِ إِلَيكُمُ *** لا بُدَّ عاقِبَةُ المَصيرِ

من البحر السريع

1- مِن شَرَفِ الفَقرِ وَمِن فَضلِهِ *** عَلى الغِنى لَو صَحَّ مِنكَ النَظَر
2- أَنَّكَ تَعصي اللَهَ تَبغي الغِنى *** وَلَستَ تَعصي اللَهَ كَي تَفتَقِر

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الطويل

1- كَأَنَّكَ قَد جاوَرتَ أَهلَ المَقابِرِ *** هُوَ المَوتُ يا ابنَ المَوتِ إِن لَم تُبادِرِ
2- تَسَمَّع مِنَ الأَيامِ إِن كُنتَ سامِعاً *** فَإِنَّكَ فيها بَينَ ناهٍ وَآمِرِ
3- وَلا تَرمِ بِالأَخبارِ مِن غَيرِ خِبرَةٍ *** وَلا تَحمِلِ الأَخبارَ عَن كُلِّ خابِرِ
4- فَكَم مِن عَزيزٍ قَد رَأَينا امتِناعَهُ *** فَدارَت عَلَيهِ بَعدُ إِحدى الدَوائِرِ
5- وَكَم مَلِكٍ قَد رُكِّمَ التُربُ فَوقَهُ *** وَعَهدي بِهِ في الأَمسِ فَوقَ المَنابِرِ
6- وَكَم دائِبٍ يُعنى بِما لَيسَ مُدرِكاً *** وَكَم وارِدٍ ما لَيسَ عَنهُ بِصادِرِ
7- وَلَم أَرَ كَالأَمواتِ أَبعَدَ شُقَّةً *** عَلى قُربِها مِن دارِ جارٍ مُجاوِرِ
8- لَقَد دَبَّرَ الدُنيا حَكيمٌ مُدَبِّرٌ *** لَطيفٌ خَبيرٌ عالِمٌ بِالسَرائِرِ
9- إِذا أَبقَتِ الدُنيا عَلى المَرءِ دينَهُ *** فَمافاتَهُ مِنها فَلَيسَ بِضائِرِ
10- إِذا أَنتَ لَم تَزدَد عَلى كُلِّ نِعمَةٍ *** خُصِصتَ بِها شُكراً فَلَستَ بِشاكِرِ
11- إِذا أَنتَ لَم تُؤثِر رِضى اللَهِ وَحدَهُ *** عَلى كُلِّ ما تَهوى فَلَستَ بِصابِرِ
12- إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا *** فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ
13- إِذا لَم تَكُن لِلمَرءِ عِندَكَ رَغبَةٌ *** فَلَستَ عَلى ما في يَدَيهِ بِقادِرِ
14- إِذا كُنتَ بِالدُنيا بَصيراً فَإِنَّما *** بَلاغُكَ مِنها مِثلُ زادِ المُسافِرِ
15- وَما الحُكمُ إِلّا ما عَلَيهِ ذَوُ النُهى *** وَما الناسُ إِلّا بَينَ بَرٍّ وَفاجِرِ
16- وَما مِن صَباحٍ مَرَّ إِلّا مُؤَدِّباً *** لِأَهلِ العُقولِ الثابِتاتِ البَصائِرِ
17- أَراكَ تُساوى بِالأَصاغِرِ في الصَبايا *** وَأَنتَ كَبيرٌ مِن كِبارِ الكَبائِرِ
18- كَأَنَّكَ لَم تَدفِن حَميماً وَلَم تَكُن *** لَهُ في حِياضِ المَوتِ يَوماً بِحاصِرِ
19- وَلَم أَرَ مِثلَ المَوتِ أَكثَرَ ناسِياً *** تَراهُ وَلا أَولى بِتَذكارِ ذاكِرِ
20- وَإِنَّ امرَأً يَبتاعُ ضُنيا بِدينِهِ *** لَمُنقَلِبٌ مِنها بِصَفقَةِ خاسِرِ
21- وَكُلُّ امرِئٍ لَم يَرتَحِل بِتِجارَةٍ *** إِلى دارِهِ الأُخرى فَلَيسَ بِتاجِرِ
22- رَضيتُ بِذي الدُنيا لِكُلِّ مُكابِرِ *** مُلِحٍّ عَلى الدُنيا وَكُلِّ مُفاخِرِ
23- أَلَم تَرَها تَرقيهِ حَتّى إِذا صَبا *** فَرَت حَلقَهُ مِنها بِمُديَةِ جازِرِ
24- وَما تَعدِلُ الدُنيا جَناحَ بَعوضَةٍ *** لَدى اللَهِ أَو مِقدارَ زَغبَةِ طائِرِ
25- فَلَم يَرضَ بِالدُنيا ثَواباً لِمُؤمِنٍ *** وَلَم يَرضَ بِالدُنيا عِقاباً لِكافِرِ

من البحر السريع

1- يا ناسِيَ المَوتِ وَلَم يَنسَهُ *** لَم يَنسَكَ المَوتُ وَما تَذكُرُه
2- يُسَوِّفُ المَرءُ بِتَقديمِهِ *** لِلبِرِّ وَالأَيّامُ لا تَنظِرُه
3- مَن يَصنَعِ المَعروفَ لِلَّهِ لا *** يَمنَعهُ كُفرانُ مَن يَكفُرُه

من البحر مجزوء الخفيف

1- سَتَرى بَعدَ ما تَرى *** غَيرَ هَذا الَّذي تَرى
2- سَتَرى ما بَقيتَ ما *** يَمنَعُ النائِمَ الكَرى
3- سَتَرى مَن يَصيرُ بَعـ***ـدَ نَعيمٍ إِلى الثَرى
4- سَتَرى كُلَّ حادِثٍ *** كَيفَ يَجري إِذا جَرى

من البحر الكامل

1- عَيبُ اِبنَ آدَمَ ما عَلِمتُ كَثيرٌ *** وَمَجيئُهُ وَذَهابُهُ تَغريرُ
2- يا ساكِنَ الدُنيا أَلَم تَرَ زَهرَةَ الـ***ـدُنيا عَلى الأَيّامِ كَيفَ تَصيرُ
3- غَرَّتكَ نَفسُكَ لِلحَياةِ مُحِبَّةً *** وَالمَوتُ حَقٌّ وَالبَقاءُ يَسيرُ
4- لا تُعظِمِ الدُنيا فَإِنَّ جَميعَ ما *** فيها صَغيرٌ لَو عَلِمتَ حَقيرُ
5- نَل ما بَدا لَكَ أَن تَنالَ مِنَ الغِنى *** إِن أَنتَ لَم تَقنَع فَأَنتَ فَقيرُ
6- يا جامِعَ المالِ الكَثيرِ لِغَيرِهِ *** إِنَّ الصَغيرَ مِنَ الذُنوبِ كَبيرُ
7- هَل في يَدَيكَ عَلى الحَوادِثِ قُوَّةٌ *** أَم هَل عَلَيكَ مِنَ المَنونِ خَفيرُ
8- أَم ما تَقولُ إِذا ظَعَنتَ إِلى البَلى *** وَإِذا خَلا بِكَ مُنكَرٌ وَنَكيرُ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الخفيف

1- بَدَني ناحِلٌ وَصَبري بَدينُ *** وَاِعتِزامي ماضٍ وَجِسمي حَسيرُ
2- وَمِنَ المَوتِ قَد سَلِمتُ وَلَكِن *** بَعدَ هَذا إِلى المَماتِ أَصيرُ
3- يا خَليلَيَّ كَيفَ يَخدَعُني الدَهـ***ـرُ وَإِنّي بِهِ بَصيرٌ خَبيرُ
4- اِسقِياني مِن قَبلِ أَن يَتَقَضّى *** أَمَلٌ اِرتَجي وَعُمرٌ قَصيرُ

من البحر الخفيف

1- قَد رَأَيتُ الدُنيا إِلى ما تَصيرُ *** كُلُّ شَيءٍ مِنها صَغيرٌ حَقيرُ
2- أَنَ في حيلَةِ التَخَلُّصِ مِنها *** وَعَلى ذَلِكَ الإِلَهُ قَديرُ
3- هُوَ رَبّي وَحَسبِيَ اللَهُ رَبّي *** فَلَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ
4- أَيُّ شَيءٍ أَبغي إِذا كانَ لي ظِلـ***ـلٌ وَقوتٌ حِلٌّ وَثَوبٌ سَتيرُ
5- ما بِأَهلِ الكَفافِ فَقرٌ وَلَكِن *** كُلُّ مَن لَم يَقنَع فَذاكَ فَقيرُ

من البحر مجزوء الكامل

1- لِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ *** طوبى لِمُعتَبِرٍ ذَكورِ
2- طوبى لِكُلِّ مُراقِبٍ *** وَلِكُلِّ أَوّابٍ شَكورِ
3- طوبى لِكُلِّ مُفَكِّرٍ *** وَلِكُلِّ مُحتَسِبٍ صَبورِ
4- يا دارُ وَيحَكِ أَينَ أَر***بابُ المَدائِنِ وَالقُصورِ
5- مَنَّيتِنا وَغَرَرتِنا *** يا دارُ أَربابِ الغُرورِ
6- بَل يا مُفَرِّقَةَ الجَميـ***ـعِ وَيا مُنَغِّصَةَ السُرورِ
7- أَينَ الَّذينَ تَبَدَّلوا *** حُفَراً بِأَفنِيَةٍ وَدورِ
8- زُرتُ القُبورَ فَحيلَ بَيـ***ـنَ الزَورِ فيها وَالمَزورِ
9- أَأُخَيَّ ما لَكَ ناسِياً *** يَومَ التَغابُنِ في الأُمورِ
10- أَفنَيتَ عُمرَكَ في الرَوا***حِ إِلى المَلاعِبِ وَالبُكورِ
11- وَأَمِنتَ مِن خُدَعٍ تُصَو***وِرُها الوَساوِسُ في الصُدورِ
12- وَعَلَيكَ أَعظَمُ حُجَّةٍ *** فيما تُعِدُّ مِنَ الغُرورِ
13- وَلَعَلَّ طَرفَكَ لا يَعو***دُ وَأَنتَ تَجمَعُ لِلدُهورِ
14- اِرضِ الزَمانَ لِكُلِّ ذي *** مَرَحٍ وَمُختالٍ فَخورِ
15- فَلَسَوفَ تَقصِمُ ظَهرَهُ *** إِحدى القَواصِمِ لِلظُهورِ
16- لا تَأمَنَنَّ مَعَ الحَوا***دِثِ عَثرَةَ الدَهرِ العَثورِ
17- لَو أَنَّ عُمرَكَ زيدَ فيـ***ـهِ جَميعُ أَعمارِ النُسورِ
18- أَو كُنتَ مِن زُبَرِ الحَديـ***ـدِ وَكُنتَ مِن صُمِّ الصُخورِ
19- أَو كُنتَ مُعتَصِماً بِأَعـ***ـلى الريحِ أَو لُحَجِ البُحورِ
20- لَأَتَت عَلَيكَ دَوائِرُ الدُ***نيا وَكَرّاتُ الشُهورِ

من البحر الكامل

1- الخَلقُ مُختَلِفٌ جَواهِرُهُ *** وَلَقَلَّ ما تَزكو سَرائِرُهُ
2- وَلَقَلَّ ما تَصفو طَبائِعُهُ *** وَيَصِحُّ باطِنُهُ وَظاهِرُهُ
3- وَالناسُ في الدُنيا ذَوّ ثِقَةٍ *** وَالدَهرُ مُسرِعَةٌ دَوائِرُهُ
4- لا خَيرَ في الدُنيا لِذي بَصَرٍ *** نَفِذَت لَهُ فيحا بَصائِرُهُ
5- لَو أَنَّ ذِكرَ المَوتِ لازَمَنا *** لَم يَنتَفِع بِالعَيشِ ذاكِرُهُ
6- كَم قَد ثَكِلنا مِن ذَوي ثِقَةٍ *** وَمُعاشِرٍ كُنّا نُعاشِرُهُ
7- أَينَ المُلوكُ وَأَينَ عِزَّتُهُم *** صاروا مَصيراً أَنتَ صائِرُهُ
8- فَسَبيلُنا في المَوتِ مُشتَرَكٌ *** يَتلو أَصاغِرَهُ أَكابِرُهُ
9- مَن كانَ عِندَ اللَهِ مُذَّخِراً *** فَسَتَستَبينُ غَداً ذَخائِرُهُ
10- أَمِنَ الفَناءِ عَلى ذَخائِرِهِ *** وَجَرى لَهُ بِالسَعدِ طائِرُهُ
11- يا مَن يُريدُ المَوتُ مُهجَتَهُ *** لا شَكَّ ما لَكَ لا تُبادِرُهُ
12- هَل أَنتَ مَعتَبِرٌ بِمَن خَرِبَت *** مِنهُ غَداةَ قَضى دَساكِرُهُ
13- وَبِمَن خَلَت مِنهُ أَسِرَّتُهُ *** وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَنابِرُهُ
14- وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَدائِنُهُ *** وَتَفَرَّقَت عَنهُ عَساكِرُهُ
15- وَبِمَن أَذَلَّ الدَهرُ مَصرَعُهُ *** فَتَبَرَّأَت مِنهُ عَشائِرُهُ
16- مُستَودَعاً قَبراً قَد اِقَلَهُ *** فيها مِنَ الحَصباءِ قابِرُهُ
17- دَرَسَت مَحاسِنُ وَجهِهِ وَنَفى *** عَنهُ النَعيمُ فَتِلكَ ساتِرُهُ
18- فَقَريبُهُ الأَدنى مُجانِبُهُ *** وَصَديقُهُ مِن بَعدِ هاجِرُهُ
19- يا مُؤثِرَ الدُنيا وَطالِبَها *** وَالمُستَعِدَّ لِمَن يُفاخِرُهُ
20- نَل ما بَدا لَكَ أَن تَنالَ مِنَ الـ***ـدُنيا فَإِنَّ المَوتَ آخِرُهُ

من البحر الطويل

1- هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ ثُمَّ يَومُها *** وَحَولٌ إِلى حَولٍ وَشَهرٌ إِلى شَهرِ
2- سَرَينا فَأَدلَجنا فَكانَت رِكابُنا *** تَسيرُ بِنا في غَيرِ بَرٍّ وَلا بَحرِ
3- مَنايا يُقَرِّبنَ البَعيدَ مِنَ البِلى *** وَيُدنِينَ أَشلاءَ الكِرامِ إِلى القَبرِ
4- وَيَترُكنَ أَزواجَ الغَيورِ لِغَيرِهِ *** وَيَقسِمنَ ما بَقّى الشَحيحُ مِنَ الوَفرِ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الخفيف

1- لَيتَ شِعري فَإِنَّني لَستُ أَدري *** أَيُّ يَومٍ يَكونُ آخِرَ عُمري
2- وَبِأَيِّ البِلادِ تُقبَضُ روحي *** وَبِأَيِّ البِقاعِ يُحفَرُ قَبري

من البحر السريع

1- أَلا إِلى اللَهِ تَصيرُ الأُمور *** ما أَنتِ يا دُنيايَ إِلّا غُرور
2- إِنَّ امرَأً يَصفو لَهُ عَيشُهُ *** لَغافِلٌ عَمّا تَجِنُّ القُبور
3- نَحنُ بَنو الأَرضِ وَسُكّانُها *** مِنها خُلِقنا وَإِلَيها نَحور
4- لا وَالَّذي أَمسَيتُ عَبداً لَهُ *** ما دامَ في الدُنيا لِعَبدٍ سُرور
5- حَتّى مَتى أَنتَ حَريصٌ عَلى *** كَثيرِ ما يَكفيكَ مِنهُ اليَسير
6- إِذا عَرَفتَ اللَهَ فَاقنَع بِهِ *** فَعِندَكَ الحَظُّ الجَزيلُ الكَثير
7- تَبارَكَ اللَهُ وَسُبحانَهُ *** مَن جَهِلَ اللَهَ فَذاكَ الفَقير

من البحر المنسرح

1- ماذا يُريكَ الزَمانُ مِن عِبَرِه *** وَمِن تَصاريفِهِ وَمِن غِيَرِه
2- طوبى لِعَبدٍ ماتَت وَساوِسُهُ *** وَاِقتَصَرَت نَفسُهُ عَلى فِكَرِه
3- طوبى لِمَن هَمُّهُ المَعادُ وَما *** أَخبَرَهُ اللَهُ عَنهُ مِن خَبَرِه
4- طوبى لِمَن لا يَزيدُ إِلّا تُقىً *** لِلَّهِ فيما يَزدادُ مِن كِبَرِه
5- قَد يَنبَغي لِاِمرِئٍ رَأى نَكبا***تِ الدَهرِ أَلّا يَنامَ مِن حَذَرِه
6- بِقَدرِ ما ذاقَ ذائِقٌ مِن صَفا***ءِ العَيشِ يَوماً يَذوقُ مِن كَدَرِه
7- كَم مِن عَظيمٍ مُستَودَعٍ جَدَثاً *** قَد أَوقَرَتهُ الأَكُفُّ مِن مَدَرِه
8- أَخرَجَهُ المَوتُ عَن دَساكِرِهِ *** وَعَن فَساطيطِهِ وَعَن حُجَرِه
9- إِذا ثَوى في القُبورِ ذو خَطَرٍ *** فَزُرهُ فيها وَاِنظُر إِلى خَطَرِه
10- ما أَسرَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ عَلى الـ***ـإِنسانِ في سَمعِهِ وَفي بَصَرِه
11- وَفي خُطاهُ وَفي مَفاصِلِهِ *** نَعَم وَفي شَعرِهِ وَفي بَشَرِه
12- الوَقتُ آتٍ لا شَكَّ فيهِ فَلا *** تَنظُر إِلى طولِهِ وَلا قِصَرِه
13- لَم يَمضِ مِنّا قُدّامَنا أَحَدٌ *** إِلّا وَمَن خَلفَهُ عَلى أَثَرِه
14- فَلا كَبيرٌ يَبقى لِكَبرَتِهِ *** وَلا صَغيرٌ يَبقى عَلى صِغَرِه

من البحر الطويل

1- لَكَم فَلتَةٍ لي قَد وَقى اللَهُ شَرَّها *** طَلَبتُ لِنَفسي نَفعَ شَيءٍ فَضَرَّها
2- لَكَ الحَمدُ يا مَولايَ يا خالِقَ الوَرى *** كَثيراً عَلى ما ساءَ نَفسي وَسَرَّها
3- أَرى العَينَ عَينَ السُخطِ عَيناً سَخينَةً *** وَيا عَينُ يا عَينُ الرِضى ما أَقَرَّها
4- وَما زالَتِ الدُنيا تُكَدِّرُ صَفوَها *** وَمازالَتِ الدُنيا تَنَغِّصُ دَرَّها
5- بُلِينا مِنَ الدُنيا عَلى حُبِّنا لَها *** بِدارِ غُرورٍ وَيحَها ما أَغَرَّها
6- أَلَسنا نَرى الأَيامَ تَجري صُروفُها *** أَلَسنا نَرى حَثَّ اللَيالي وَمَرَّها
7- أَلَسنا نَرى غَدرَ الزَمانِ بِأَهلِهِ *** أَلَسنا نَرى عَطفَ المَنايا وَكَرَّها
8- لَعَمرُ أَبي إِنَّ الحَياةَ لَحُلوَةٌ *** وَلَلمَوتُ كَأسٌ يا لَها ما أَمَرَّها

من البحر المديد

1- إِنَّ داراً نَحنُ فيها لَدارُ *** لَيسَ فيها لِمُقيمٍ قَرارُ
2- كَم وَكَم قَد حَلَّها مِن أُناسٍ *** ذَهَبَ اللَيلُ بِهِم وَالنَهارُ
3- فَهُمُ الرَكبُ أَصابوا مُناخاً *** فَاستَراحوا ساعَةً ثُمَّ ساروا
4- وَهُمُ الأَحبابُ كانوا وَلَكِن *** قَدُمَ العَهدُ وَشَطَّ المَزارُ
5- عَمِيَت أَخبارُهُم مُذ تَوَلَّوا *** لَيتَ شِعري كَيفَ هُم حَيثُ صاروا
6- أَبَتِ الأَجداثُ أَلّا يَزوروا *** ما ثَوَوا فيها وَأَن لا يُزاروا
7- وَلَكَم قَد عَطَّلوا مِن عِراصٍ *** وَدِيارٍ هِيَ مِنهُم قِفارُ
8- وَكَذا الدُنيا عَلى ما رَأَينا *** يَذهَبُ الناسُ وَتَخلو الدِيارُ
9- أَيَّ يَومٍ تَأمَنُ الدَهرَ فيهِ *** وَلَهُ في كُلِّ يَومٍ عِثارُ
10- كَيفَ ما فَرَّ مِنَ المَوتِ حَيٌّ *** وَهوَ يُدنيهِ إِلَيهِ الفِرارُ
11- إِنَّما الدُنيا بَلاغٌ لِقَومٍ *** هُوَ في أَيديهِمُ مُستَعارُ
12- فَاِعلَمَن وَاِستَيقِنَن أَنَّهُ لا***بُدَّ يَوماً أَن يُرَدَّ المُعارُ

من البحر مجزوء الرمل

1- ما لَنا لا نَتَفَكَّر *** أَينَ كِسرى أَينَ قَيصَر
2- أَينَ مَن قَد جَمَعَ الما***لَ مَعَ المالِ فَأَكثَر
3- أَينَ مَن كانَ يُسامي *** بِغِنى الدُنيا وَيَفخَر
4- لَيتَ شِعري أَيُّ شَيءٍ *** بَعدَ شَيءٍ أَتَنَظَّر
5- قَد رَأَيتُ الدَهرَ يُفني *** مَعشَراً مِن بَعدِ مَعشَر
6- لَيسَ يَبقى ذو يَسارٍ *** لا وَلا مَن كانَ مُعسِر

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر مجزوء الوافر

1- أَلا يا أَيُّها البَشَرُ *** لَكُم في المَوتِ مُعتَبَرُ
2- لِأَمرٍ ما بَني حَوّا***ءَ ما نُصِبَت لَكُم صَقَرُ
3- أَلَيسَ المَوتُ غايَتَنا *** فَأَينَ الخَوفُ وَالحَذَرُ
4- رَأَيتُ المَوتَ لا يُبقي *** عَلى أَحَدٍ وَلا يَذَرُ
5- لِحَثِّ تَقارُبِ الآجا***لِ تَجري الشَمسُ وَالقَمَرُ
6- تَعالى اللَهُ ماذا تَصـ***ـنَعُ الأَيّامُ وَالغِيَرُ
7- وَما يَبقى عَلى الحَدَثا***نِ لا صِغَرٌ وَلا كِبَرُ
8- وَما يَنفَكُّ نَعشُ جَنا***زَةٍ يَمشي بِهِ نَفَرُ
9- رَأَيتُ عَساكِرَ المَوتى *** فَهاجَ لِعَينِيَ العِبَرُ
10- مَحَلٌّ ما عَلَيهِم فيـ***ـهِ أَردِيَةٌ وَلا حُجَرُ
11- سُقوفُ بُيوتِهِم فيما *** هُناكَ الطينُ وَالمَدَرُ
12- عُراةً رُبَّما غابوا *** وَكانوا طالَما حَضَروا
13- وَكانوا طالَما راحوا *** إِلى اللَذّاتِ وَابتَكَروا
14- فَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِهِم *** إِلى سَفَرٍ هُوَ السَفَرُ
15- وَقَد أَضحَوا بِمَنزِلَةٍ *** يُرَجَّمُ دونَها الخَبَرُ
16- وَكانوا طالَما أَشِروا *** وكانوا طالَما بَطِروا
17- وَقَد خَرِبَت مَنازِلُهُم *** فَلا عَينٌ وَلا أَثَرُ
18- تَفَكَّر أَيُّها المَغرو***رُ قَبلَ تَفوتُكَ الفِكَرُ
19- فَإِنَّ جَميعَ ما عَظَّمـ***ـتَ عِندَ المَوتِ مُحتَقَرُ
20- وَلا تَغتَرَّ بِالدُنيا *** فَإِنَّ جَميعَها غَرَرُ
21- وَقُل لِذَوي الغُرورِ بِها *** رُوَيدَكُمُ أَلا انتَظِروا
22- فَأَقصى غايَةِ الميعا***دِ فيما بَينَنا الحُفَرُ
23- كَذاكَ تَصَرُّفُ الأَيّا***مِ فيها الصَفوُ وَالكَدَرُ

من البحر الخفيف

1- كُلُّ حَيٍّ إِلى المَماتِ يَصيرُ *** كُلُّ حَيٍّ مِن عَيشِهِ مَغرورُ
2- لا صَغيرٌ يَبقى عَلى حادِثِ الدَهـ***ـرِ أَلا لا وَلَيسَ يَنجو الكَبيرُ
3- كَيفَ نَرجو الخُلودَ أَو نَطمَعُ العَيـ***ـشَ وَأَبياتُ سالِفينا القُبورُ
4- رُبَّ يَومٍ يَمُرُّ قَصداً عَلَينا *** تَسفي الريحُ تُربَها وَتَمورُ
5- مِنهُمُ الوالِدُ الشَفيقُ عَلَينا *** وَالأَخُ المُمحِضُ الوَصولُ الأَثيرُ
6- وَاِبنُ عَمٍّ وَجارُ بَيتٍ قَريبٍ *** وَصَديقٌ وَزائِرٌ وَمَزورُ
7- يا لَها زَلَّةً وَضِلَّةَ رَأيٍ *** لَيسَ مِنّا في جَهلِنا مَعذورُ
8- أَورَدَتنا الدُنيا وَما أَصدَرَتنا *** إِنَّ هَذا مِن فِعلِها لَغُرورُ

من البحر الطويل

1- أَلا أَرى لِلمَرءِ أَن يَأمَنَ الدَهرا *** فَإِنَّ لَهُ في طولِ مُهلَتِهِ مَكرا
2- فَكَم مِن مُلوكٍ أَمَّلوا أَن يُخَلَّدوا *** رَأَيتَ صُروفَ الدَهرِ تَجزُرُهُم جَرا
3- بُليتُ بِدارٍ ما تَقَضّى هُمومُها *** فَلَستُ أَرى إِلّا التَوَكُّلَ وَالصَبرا
4- إِذا ما انقَضى يَومٌ بِأَمرٍ فَقُلتُ قَد *** أَمِنتُ أَذاهُ أَحدَثَت لَيلَةٌ أَمرا
5- أُحِبُّ الفَتى يَنفي الفَواحِشَ سَمعُهُ *** كَأَنَّ بِهِ عَن كُلِّ فاحِشَةٍ وَقرا
6- سَليمَ دَواعي الصَدرِ لا باسِطاً يَداً *** وَلا مانِعاً خَيراً وَلا قائِلاً هُجرا
7- إِذا ما بَدَت مِن صاحِبٍ لَكَ زَلَّةٌ *** فَكُن أَنتَ مُحتالاً لِزَلَّتِهِ عُذرا
8- أَرى اليَأسَ مِن أَن تَسأَلَ الناسَ راحَةً *** تُميتُ بِها عُسراً وَتُحيِي بِها يُسرا
9- وَلَيسَت يَدٌ أَولَيتَها بِغَنيمَةٍ *** إِذا كُنتَ تَبغي أَن تُعِدَّ لَها شُكرا
10- غِنى المَرءِ ما يَكفيهِ مِن سَدِّ خَلَّةٍ *** فَإِن زادَ شَيئاً عادَ ذاكَ الغِنى فَقرا

من البحر السريع

1- إِنّي سَأَلتُ القَبرَ ما فَعَلَت *** بَعدي وُجوهٌ فيكَ مُنعَفِرَه
2- فَأَجابَني صَيَّرتُ ريحَهُمُ *** تُؤذيكَ بَعدَ رَوائِحٍ عَطِرَه
3- وَأَكَلتُ أَجساداً مُنَعَّمَةً *** كانَ النَعيمُ يَهُزُّها نَضِرَه
4- لَم أُبقِ غَيرَ جَماجِمٍ عَرِيَت *** بيضٍ تَلوحُ وَأَعظُمٍ نَخِرَه

من البحر البسيط

1- لِلناسِ في السَبقِ بَعدَ اليَومِ مِضمارُ *** وَالمُنتَهى جَنَّةٌ لا بُدَّ أَو نارُ
2- المَوتُ حَقٌّ وَلَكِن لَم أَزَل مَرِحاً *** كَأَنَّ مَعرِفَتي بِالمَوتِ إِنكارُ
3- إِنّي لَأَعمُرُ داراً ما لِساكِنِها *** أَهلٌ وَلا وَلَدٌ يَبقى وَلا جارُ
4- فَبِئسَتِ الدارُ لِلعاصي لِخالِقِهِ *** وَهيَ لِمَن يَتَّقيهِ نِعمَتِ الدارُ

من البحر الخفيف

1- إِنَّ يَومَ الحِسابِ يَومٌ عَسيرُ *** لَيسَ لِلظالِمينَ فيهِ نَصيرُ
2- فَاِتَّخِذ عُدَّةً لِمُطَّلَعِ القَبـ***ـرِ وَهَولِ الصِراطِ يا مَنصورُ

من البحر مجزوء الكامل

1- أَفنَيتَ عُمرَكَ بِاغتِرارِك *** وَمُناكَ فيهِ وَانتِظارِك
2- وَنَسيتَ ما لا بُدَّ مِنـ***ـهُ وَكانَ أَولى بِادِّكارِك
3- فَإِنِ اِعتَبَرتَ بِما تَرى *** فَكَفاكَ عِلماً بِاعتِبارِك
4- لَكَ ساعَةٌ تَأتيكَ مِن *** ساعاتِ لَيلِكَ أَو نَهارِك
5- بادِر بِجِدِّكَ قَبلَ أَن *** تُقصى وَتُزعَجَ مِن قَرارِك
6- مِن قَبلِ أَن يَتَثاقَلَ الز***زُوّارُ عَنكَ وَعَن مَزارِك
7- مِن قَبلِ أَن تُلفى وَلَيـ***ـسَ النَأيُ إِلّا نَأيَ دارِك
8- أَأُخَيَّ فَاذخَر ما اِستَطَعـ***ـتَ لِيَومِ بُؤسِكَ وَافتِقارِك
9- فَلتَنزِلَنَّ بِمَنزِلٍ *** تَحتاجُ فيهِ إِلى ادِّخارِك

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر المنسرح

1- ما لِلفَتى مانِعٌ مِنَ القَدَرِ *** وَالمَوتُ حَولَ الفَتى وَبِالأَثَرِ
2- بَينا الفَتى بِالصَفاءِ مُغتَبِطٌ *** حَتّى رَماهُ الزَمانُ بِالكَدَرِ
3- كَم في اللَيالي وَفي تَقَلُّبِها *** مِن عِبَرٌ لِلفَتى وَمِن فِكَرِ
4- سائِل عَنِ الأَمرِ لَيسَ تَعرِفُهُ *** فَكُلُّ رُشدٍ يَأتيكَ في الخَبَرِ
5- إِنَّ اِمرَأً يَأمَنُ الزَمانَ وَقَد *** عايَنَ شِدّاتِهِ لَفي غَرَرِ
6- ما أَمكَنَ القَولُ بِالصَوابِ فَقُل *** وَاِحذَر إِذا قُلتَ مَوضِعَ الضَرَرِ
7- ما طَيِّبُ القَولِ عِندَ سامِعِهِ الـ***ـمُنصِتِ إِلّا كَطَيِّبِ الثَمَرِ
8- لِلشَيبِ في عارِضَيكَ بارِقَةٌ *** تَنهاكَ عَمّا أَرى مِنَ الأَشَرِ
9- ما لَكَ مُذ كُنتَ لاعِباً مَرِحاً *** تَسحَبُ ذَيلَ السَفاهِ وَالبَطَرِ
10- تَلعَبُ لَعبَ الصَغيرِ جَهلاً وَقَد *** عَمَّمَكَ الدَهرُ عِمَّةَ الكِبَرِ
11- لَو كُنتَ لِلمَوتِ خائِفاً وَجِلاً *** أَقرَحتَ مِنكَ الجُفونُ بِالعِبَرِ
12- طَوَّلتَ مِنكَ المُنى وَأَنتَ مِنَ الـ***ـأَيّامِ في قِلَّةٍ وَفي قِصَرِ
13- لِلَّهِ عَيناكَ تَكذِبانِكَ في *** ما رَأَتا مِن تَصَرُّفِ الغَيرِ
14- يا عَجَباً لي أَقَمتُ في وَطَنٍ *** ساكِنُهُ كُلُّهُم عَلى سَفَرٍ
15- ذَكَرتُ أَهلَ القُبورِ مِن ثِقَتي *** فَاِنهَلَّ دَمعي كَوابِلِ المَطَرِ
16- فَقُل لِأَهلِ القُبورِ يا ثِقَتي *** لَستُ بِناسيكُمُ مَدى عُمُري
17- يا ساكِني باطِنَ القُبورِ أَما *** لِلوارِدينَ القُبورَ مِن صَدَرِ
18- ما فَعَلَ التارِكونَ مُلكَهُمُ *** أَهلُ القِبابِ العِظامِ وَالحُجَرِ
19- هَل يَبتَنونَ القُصورَ بَينَكُم *** أَم هَل لَهُم مِن عُلاً وَمِن خَطَرِ
20- ما فَعَلَت مِنهُمُ الوُجوهُ أَقَد *** بُدِّدَ عَنها مَحاسِنُ الصُوَرِ
21- اللَهُ في كُلِّ حادِثٍ ثِقَتي *** وَاللَهُ عِزّي وَاللَهُ مُفتَخَري
22- لَستُ مَعَ اللَهِ خائِفاً أَحَداً *** حَسبي بِهِ عاصِماً مِنَ البَشَرِ

من البحر الطويل

1- أَلا إِنَّما الدُنيا مَتاعٌ غُرورٍ *** وَدارُ صُعودٍ مَرَّةٍ وَحُدورِ
2- كَأَنّي بِيَومٍ ما أَخَذتُ تَأَهُّباً *** لَهُ في رَواحي عاجِلاً وَبُكوري
3- كَفى عِبرَةً أَنَّ الحَوادِثَ لَم تَزَل *** تُصَيِّرُ أَهلَ المُلكِ أَهلَ قُبورِ
4- خَليلَيَّ كَم مِن مَيِّتٍ قَد حَضَرتُهُ *** وَلَكِنَّني لَم أَنتَفِع بِحُضوري
5- وَمَن لَم يَزِدهُ السِنُّ ما عاشَ عِبرَةً *** فَذاكَ الَّذي لا يَستَنيرُ بِنورِ
6- أَصَبتُ مِنَ الأَيامِ لينَ أَعِنَّةٍ *** فَأَجرَيتُها رَكضاً وَلينَ ظُهورِ
7- مَتى دامَ في الدُنيا سُرورٌ لِأَهلِها *** فَأَصبَحَ مِنها واثِقاً بِسُرورِ

من البحر الطويل

1- أَلا إِنَّما الدُنيا عَلَيكَ حِصارُ *** يَنالُكَ فيها ذِلَّةٌ وَصَغارُ
2- وَمالَكَ في الدُنيا مِنَ الكَدِّ راحَةٌ *** وَلا لَكَ فيها إِن عَقَلتَ قَرارُ
3- وَما عَيشُها إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ *** سِراعٌ وَأَيّامٌ تَمُرُّ قِصارُ
4- وَما زِلتَ مَزموماً تُقادُ إِلى البِلى *** يَسوفُكَ لَيلٌ مَرَّةً وَنَهارُ
5- وَعارِيَةٌ ما في يَدَيكَ وَإِنَّما *** تُعارُ لِرَدٍّ ما طَلَبتَ يُعارُ

من البحر المديد

1- إِغتَنِم وَصلَ أَخٍ كانَ حَيّاً *** فَكَفى بِالمَوتِ نَأياً وَهَجرا
2- وَاجعَلِ المالَ إِلى اللَهِ زاداً *** وَاجعَلِ الدُنيا طَريقاً وَجِسرا
3- إِنَّما التاجِرُ حَقّاً يَقيناً *** تاجِرٌ يَربَحُ حَمداً وَأَجرا

من البحر مجزوء البسيط

1- اللَهُ أَعلى يَداً وَأَكبَر *** وَالحَقُّ فيما قَضى وَقَدَّر
2- وَلَيسَ لِلمَرءِ ما تَمَنّى *** وَلَيسَ لِلمَرءِ ما تَخَيَّر
3- هَوَّن عَلَيكَ الأُمورَ وَاِعلَم *** أَنَّ لَها مَورِداً وَمَصدَر
4- وَاِصبِر إِذا ما بُليتَ يَوماً *** فَإِنَّ ما قَد سَلِمتَ أَكثَر
5- ما كُلُّ ذي نِعمَةٍ مُجازىً *** كَم مُنعِمٍ لا يَزالُ يُكفَر
6- يا بُؤسَ لِلناسِ ما دَهاهُم *** صاروا وَما يُنكِرونَ مُنكَر
7- يا أَيُّها الأَشيَبُ الَّذي قَد *** حَذَّرَهُ شَيبُهُ وَأَنذَر
8- خُذ ما صَفا مِن جَميعِ أَمرِ الـ***ـدُنيا وَدَع عَنكَ ما تَكَدَّر
9- وَاِلطُف لِكُلِّ اِمرِئٍ بِرِفقٍ *** وَاِقبَل مِنَ الناسِ ما تَيَسَّر
10- فَإِنَّما المَرءُ مِن زُجاجٍ *** إِن لَم تَرَفَّق بِهِ تَكَسَّر
11- وَكُلُّ ذي سَكرَةٍ فَأَعمى *** حَتّى إِذا ما أَفاقَ أَبصَر
12- اِرضَ المَنايا لِكُلِّ طاغٍ *** وَاِرضَ المَنايا لِمَن تَجَبَّر
13- يا رُبَّ ذي أَعظَمٍ رُفاتٍ *** كانَ إِذا ما مَشى تَبَخَّر
14- في المَوتِ شُغلٌ لِكُلِّ حَيٍّ *** وَأَيُّ شُغلٍ لِمَن تَفَكَّر

من البحر البسيط

1- لا يَأمَنُ الدَهرُ إِلّا الخائِنُ البَطِرُ *** مَن لَيسَ يَعقِلُ ما يَأتي وَما يَذَرُ
2- ما يَجهَلُ الرُشدُ مَن خافَ الإِلَهَ وَمَن *** أَمسى وَهِمَّتُهُ في دينِهِ الفِكَرُ
3- فيما مَضى فِكرَةٌ فيها لِصاحِبِها *** إِن كانَ ذا بَصَرٍ بِالرَأيِ مُعتَبَرُ
4- أَينَ القُرونُ وَأَينَ المُبتَنونَ لَنا *** هَذي المَدائِنَ فيها الماءَ وَالشَجَرُ
5- وَأَينَ كِسرى أَنوشِروانُ مالَ بِهِ *** صَرفُ الزَمانِ وَأَفنى مُلكَهُ الغِيَرُ
6- بَل أَينَ أَهلُ التُقى بَعدَ النَبِيِّ وَمَن *** جاءَت بِفَضلِهِمُ الآياتُ وَالسُوَرُ
7- أُعدُد أَبا بَكرٍ الصِدّيقَ أَوَّلَهُم *** وَنادِ مِن بَعدِهِ في الفَضلِ يا عُمَرُ
8- وَعُدَّ مِن بَعدِ عُثمانٍ أَبا حَسَنٍ *** فَإِنَّ فَضلَهُما يُروى وَيُدَّكَرُ
9- لَم يَبقَ أَهلُ التُقى فيها لِبِرِّهِمُ *** وَلا الجَبابِرَةُ الأَملاكُ ما عَمَروا
10- فَاِعمِل لِنَفسِكَ وَاِحذَر أَن تُوَرِّطَها *** في هُوَّةٍ ما لَها وِردٌ وَلا صَدَرُ
11- ما يَحذَرُ اللَهَ إِلّا الراشِدونَ وَقَد *** يُنجي الرَشيدَ مِنَ المَحذورَةِ الحَذَرُ
12- وَالصَبرُ يُعقِبُ رِضواناً وَمَغفِرَةً *** مَعَ النَجاحِ وَخَيرُ الصُحبَةِ الصُبرُ
13- الناسُ في هَذِهِ الدُنيا عَلى سَفَرٍ *** وَعَن قَريبٍ بِهِم ما يَنقَضي السَفَرُ
14- فَمِنهُمُ قانِعٌ راضٍ بِعيشَتِهِ *** وَمِنهُمُ موسِرٌ وَالقَلبُ مُفتَقَرُ
15- ما يُشبِعُ النَفسَ إِن لَم تُمسِ قانِعَةً *** شَيءٌ وَلَو كَثُرَت في مُلكِها البِدَرُ
16- وَالنَفسُ تَشبَعُ أَحياناً فَيُرجِعُها *** نَحوَ المَجاعَةِ حُبُّ العَيشِ وَالبَطَرُ
17- وَالمَرءُ ما عاشَ في الدُنيا لَهُ أَثَرٌ *** فَما يَموتُ وَفي الدُنيا لَهُ أَثَرُ

من البحر الطويل

1- رَأَيتُكَ فيما يُخطِئُ الناسُ تَنظُرُ *** وَرَأسُكَ مِن ماءِ الخَطيئةِ يَقطُرُ
2- تَوارى بِجُدرانِ البُيوتِ عَنِ الوَرى *** وَأَنتَ بِعَينِ اللَهِ لَو كُنتَ تَشعُرُ
3- وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها *** وَلَم تَخشَ عَينَ اللَهِ وَاللَهُ يَنظُرُ
4- وَكَم مِن قَبيحٍ قَد كَفى اللَهُ شَرَّهُ *** أَلا إِنَّهُ يَعفو القَبيحَ وَيَستُرُ
5- إِلى كَم تَعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى *** وَأَنتَ إِذا مَرَّ الهَوى بِكَ تُبصِرُ
6- إِذا ما دَعاكَ الرُشدُ أَحجَمتَ دونَهُ *** وَأَنتَ إِلى ما قادَكَ الغَيُّ تَبدُرُ
7- وَلَيسَ يَقومُ الشُكرُ مِنكَ بِنِعمَةٍ *** وَلَكِن عَلَيكَ الشُكرُ إِن كُنتَ تَشكُرُ
8- وَما كُلُّ ما لَم تَأتِ إِلّا كَما مَضى *** مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ
9- وَما هِيَ إِلّا تَرحَةٌ بَعدَ فَرحَةٍ *** كَذالِكَ شُربُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ
10- كَأَنَّ الفَتى المُغتَرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ *** تَروحُ عَلَيهِ الحادِثاتُ وَتَبكُرُ
11- أَجَدَّكَ أَمّا كُنتَ وَاللَهوُ غالِبٌ *** عَلَيكَ وَأَمّا السَهوُ مِنك فَيَكثُرُ
12- وَأَمّا بَنو الدُنيا فَفي غَفَلاتِهِم *** وَأَمّا يَدُ الدُنيا فَتَفري وَتَجزُرُ
13- وَأَمّا جَميعُ الخَلقِ فيها فَمَيِّتٌ *** وَلَكِنَّ آجالاً تَطولُ وَتَقصُرُ
14- لَهَوتَ وَكَم مِن عِبرَةٍ قَد حَضَرتَها *** كَأَنَّكَ عَنها غائِبٌ حينَ تَحضُرُ
15- تَمَنّى المُنى وَالريحُ تَلقاكَ عاصِفاً *** وَفَوقَكَ أَمواجٌ وَتَحتَكَ أَبحُرُ
16- أَلَم تَرَ يا مَغبونُ ما قَد غُبِنتَهُ *** وَأَنتَ تَرى في ذاكَ أَنَّكَ تَتجُرُ
17- خُدِعتَ عَنِ الساعاتِ حَتّى غُبِنتَها *** وَغَرَّتكَ أَيّامٌ قِصارٌ وَأَشهُرُ
18- فَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني *** وَيا عامِرَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَعمُرُ
19- وَمالَكَ إِلّا الصَبرُ وَالبِرُّ عُدَّةٌ *** وَإِلّا اعتِبارٌ ثاقِبٌ وَتَفَكُّرُ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر البسيط

1- ما يَدفَعُ المَوتَ أَرصادٌ وَلا حَرَسٌ *** ما يَغلِبُ المَوتَ لا جِنٌّ وَلا أَنَسُ
2- ما إِن دَعا المَوتُ أَملاكاً وَلا سُوَقاً *** إِلّا ثَناهُم إِلَيهِ الصَرعُ وَالخُلَسُ
3- لِلمَوتِ ما تَلِدُ الأَقوامُ كُلُّهُمُ *** وَلِلبَلى كُلُّ ما بَنَوا وَما غَرَسوا
4- هَلّا أُبادِرُ هَذا المَوتَ في مَهَلٍ *** هَلّا أُبادِرُهُ ما دامَ بي نَفَسُ
5- يا خائِفَ المَوتِ لَو أَمسَيتَ خائِفَهُ *** كانَت دُموعُكَ طولَ الدَهرِ تَنبَجِسُ
6- أَما يَهولُكَ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ *** إِذ أَنتَ في غَمَراتِ المَوتِ مُنغَمِسُ
7- أَما تَهولُكَ كَأسٌ أَنتَ شارِبُها *** وَالعَقلُ مِنكَ لِكوبِ المَوتِ مُلتَبِسُ
8- إِيّاكَ إِيّاكَ وَالدُنيا وَلَذَّتَها *** فَالمَوتُ فيها لِخَلقِ اللَهِ مُفتَرِسُ
9- إِنَّ الخَلائِقَ في الدُنيا لَوِ اِجتَهَدوا *** أَن يَحبِسوا عَنكَ هَذا المَوتَ ما حَبَسوا
10- إِنَّ المَنِيَّةَ حَوضٌ أَنتَ تَكرَهُهُ *** وَأَنتَ عَمّا قَليلِ فيهِ تَنغَمِسُ
11- ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا قَدِ اِفتَتَنوا *** كَأَنَّما هَذِهِ الدُنيا لَهُم عُرُسُ
12- إِذا وَصَفتُ لَهُم دُنياهُمُ ضَحِكوا *** وَإِن وَصَفتُ لَهُم أُخراهُمُ عَبَسوا
13- ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا وَإِخوَتَها *** كَأَنَّهُم لِكِتابِ اللَهِ ما دَرَسوا

من البحر السريع

1- لِلمَرءِ يَومٌ يُحتَمى قُربُهُ *** وَتَظهَرُ الوَحشَةُ مِن أُنسِهِ
2- كَم مِن صَريعٍ قَد نَجا سالِماً *** وَمِن عَروسٍ ماتَ في عُرسِهِ

من البحر الطويل

1- سَلامٌ عَلى أَهلِ القُبورِ الدَوارِسِ *** كَأَنَّهُمُ لَم يَجلِسوا في المَجالِسِ
2- وَلَم يَبلُغوا مِن بارِدِ الماءِ لَذَّةً *** وَلَم يَطعَموا ما بَينَ رَطبٍ وَيابِسِ
3- وَلَم يَكُ مِهُم في الحَياةِ مُنافِسٌ *** طَويلُ المُنى فيها كَثيرُ الوَساوِسِ
4- لَقَد صِرتُمُ في غايَةِ المَوتِ وَالبِلى *** وَأَنتُم بِها ما بَينَ راجٍ وَآيِسِ
5- فَلَو عَلِمَ العِلمَ المُنافِسُ في الَّذي *** تَرَكتُم مِنَ الدُنيا لَهُ لَم يُنافَسِ

من البحر الوافر

1- أَلا لِلمَوتِ كَأسٌ أَيُّ كاسِ *** وَأَنتَ لِكَأسِهِ لا بُدَّ حاسِ
2- إِلى كَم وَالمَعادُ إِلى قَريبٍ *** تُذَكِّرُ بِالمِعادِ وَأَنتَ ناسِ
3- وَكَم مِن عِبرَةٍ أَصبَحتَ فيها *** يَلينُ لَها الحَديدُ وَأَنتَ قاسِ
4- بِأَيِّ قُوىً تَظُنُّكَ لَيسَ تَبلى *** وَقَد بَلِيَت عَلى الزَمَنِ الرَواسي
5- وَما كُلُّ الظُنونِ تَكونُ حَقّا *** وَلا كُلُّ الصَوابِ عَلى القِياسِ
6- وَكُلُّ مَخيلَةٍ رُفِعَت لِعَينٍ *** لَها وَجهانِ مِن طَمَعٍ وَياسِ
7- وَفي حُسنِ السَريرَةِ كُلُّ أُنسٍ *** وَفي خُبثِ السَريرَةِ كُلُّ باسِ
8- وَلَم يَكُ مُضمِرٌ حَسَداً وَبَغياً *** لِيَنجُوَ مِنهُما رَأساً بِراسِ
9- وَما شَيءٌ بِأَخلَقَ أَن تَراهُ *** قَليلاً مِن أَخي ثِقَةٍ مُؤاسِ
10- وَما تَنفَكُّ مِن دُوَلٍ تَراها *** تَنَقَّلُ مِن أُناسٍ في أُناسِ

يتبع إن شاء الله

[أبو أحمد علي السيد]

من البحر الكامل

1- أَهلَ القُبورِ أَتَيتُكُم أَتَحَسَّسُ *** فَإِذا جَماعَتُكُم أَصَمُّ وَأَخرَسُ
2- إِنَّ اِمرَأً ذَكَرَ المَعادَ فَخافَهُ *** لَأَحَظُ مِمَّن لَم يَخَفهُ وَأَكيَسُ
3- يا أَيُّها الرَجُلُ الحَريصُ أَما تَرى *** أَعلامَ عُمرِكَ كُلَّ يَومٍ تَدرُسُ
4- بِكَ لا أَبا لَكَ مُذ خُلِقتَ مُوَكِّلاً *** مَلَكٌ يَعُدُّ عَلَيكَ ما تَتَنَفَّسُ
5- فَإِذا اِنقَضى الأَجَلُ الَّذي أُجِّلتَهُ *** وَمَضى فَما لَكَ بَعدَ ذَلِكَ مَحبِسُ

من البحر البسيط

1- مَن نافَسَ الناسَ لَم يَسلَم مِنَ الناسِ *** حَتّى يُعَضَّ بِأَنيابٍ وَأَضراسِ
2- لا بَأسَ بِالمَرءِ ما صَحَّت سَريرَتُهُ *** ما الناسُ إِلّا بِأَهلِ العِلمِ وَالناسِ
3- كاسَ الأُلى أَخَذوا لِلمَوتِ عُدَّتَهُ *** وَما المُعِدّونَ لِلدُنيا بِأَكياسِ
4- حَتّى مَتى وَالمَنايا لي مُخاتِلَةٌ *** يَغتَرُّني في صُروفِ الدَهرِ وَسواسي
5- أَينَ المُلوكُ الَّتي حُفَّت مَدائِنُها *** دونَ المَنايا بِحُجّابٍ وَحُرّاسِ
6- لَقَد نَسيتُ وَكَأسُ المَوتِ دائِرَةٌ *** في كَفِّ لا غافِلٍ عَنها وَلا ناسِ
7- لَأَشرَبَنَّ بِكَأسِ المَوتِ مُنجَدِلاً *** يَوماً كَما شَرِبَ الماضونَ بِالكاسِ
8- أَصبَحتُ أَلعَبُ وَالساعاتُ مُسرِعَةٌ *** يَنقُصنَ رِزقي وَيَستَقصينَ أَنفاسي
9- إِنّي لَأَغتَرُّ بِالدُنيا وَأَرفَعُها *** مِن تَحتِ رِجلِيَ أَحياناً عَلى راسي
10- ما اِستَعبَدَ المَرءَ كَاِستِعبادِ مَطمَعِهِ *** وَلا تَسَلّى بِمِثلِ الصَبرِ وَالياسِ

من البحر الوافر

1- نَسيتُ مَنِيَّتي وَخَدَعتُ نَفسي *** وَطالَ عَلَيَّ تَعميري وَغَرسي
2- وَكُلُّ ثَمينَةٍ أَصبَحتُ أُغلي *** بِها سَتُباعُ مِن بَعدي بِوَكسِ
3- وَما أَدري وَإِن أَمَّلتُ عُمراً *** لَعَلّي حينَ أُصبِحُ لَستُ أُمسي
4- وَساعَةُ ميتَتي لا بُدَّ مِنها *** تُعَجِّلُ نُقلَتي وَتُحِلُّ حَبسي
5- أَموتُ وَيَكرَهُ الأَحبابُ قُربي *** وَتَحضُرُ وَحشَتي وَيغيبُ أُنسي
6- أَلا يا ساكِنَ البَيتِ المُوَشّى *** سَتُسكِنُكَ المَنِيَّةُ بَطنَ رَمسِ
7- رَأَيتُكَ تَذكُرُ الدُنيا كَثيراً *** وَكَثرَةُ ذِكرِها لِلقَلبِ تُقسي
8- كَأَنَّكَ لا تَرى بِالخَلقِ نَقصاً *** وَأَنتَ تَراهُ كُلَّ شُروقِ شَمسِ
9- وَطالِبِ حاجَةٍ أَعيا وَ أَكدى *** وَمُدرِكِ حاجَةٍ في لينِ مَسِّ
10- أَلا وَلَقَلَّ ما تَلقى شَجِيّاً *** يَضيعُ صَجاهُ إِلّا بِالتَأَسّي

يتبع إن شاء الله