حكم صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة أو غيره من الأيام الفاضلة(1)
فقد سئل الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى) عن حكم صيام يوم عرفة إذا صادف يوم السبت؛ فأجاب بقوله:
((يا جماعة، بهذه المناسبة وقبل مباشرةِ الإجابة مباشرةً أقول: أنصح إخواننا الذين صار عندهم شيء من العلم ألاَّ يتجرؤوا وأن يَبْنُوا ويصدروا [أحكاماً] هي أكبر منهم، وعليهم أن يكونوا مِمَّنْ أشار إليهم الرسول -عليه السلام- بقوله: " مَنْ يُردِ اللهُ بهِ خيراً يفقِّهْهُ في الدِّينِ ".
الحديث الذي ورد في خصوص صيام يوم السبت بلفظ: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ؛ ولوْ لَمْ يجدْ أحدُكمْ إلاَّ لحاءَ شجرةٍ فليمضغْهُ "، هذا الحديث له جانبان: (جانب حديثيّ، وجانب فقهيّ)، الجانب الحديثيّ يعني: (هل هو صحيح أم غير صحيح)، الجانب الفقهي: (ما دِلالته).
يمكن لكثير من الناس خاصة طلبة العلم وبصورة أخص الذين تُعجِبُهم نفوسُهم ويظنُّون أنهم صاروا في منزلة من يُفتي بأنه يجوز أو لا يجوز، هؤلاء ربَّما يكون لهم بعض العذر وليس كل العذر [أنْ] يقولوا: (لا، هذا الحديث ما [يدلُّ] [أنَّهُ] إذا صادف يوم السبت يوم عرفة أو يوم عاشوراء [أنَّهُ] ما يجوز [أنْ نصومه]، [هؤلاء] لهم بعض العذر وليس لهم عذر، لكن كون الحديث صحيح أو كون الحديث ضعيف ليس لهم أن يدخلوا فيه إطلاقاً؛ لأنهم لا علم عندهم بطريق معرفة الحديث الصحيح أو الحديث الضعيف، فالكلام الآن يجري مع إخواننا -فضلاً عن الآخرين- الذين يؤمنون بصحة هذا الحديث، وإذا كان أحد عنده شيء من الدراسة الحديثية [ويقول]: (لا، هذا الحديث غير صحيح)؛ حينئذٍ نفتح صحيفة جديدة وندرس الحديث على ضوء قواعد علم الحديث؛ لننظر هل قولنا [بأَنَّ] هذا الحديث صحيح صحيح، أو قولهم بأن هذا الحديث غير صحيح هو الصحيح، أمَّا إذا كان البحث يدور على أساس [أنَّ] هذا الحديث صحيح -وهو صحيح لا شك ولا ريب فيه- حينئذٍ يسهل بيان خطإِ أولئك الناس -كلِّ الناس- سواء كانوا مُقلِّدين أو كانوا مُتَّبعِين -كإخواننا السلفيين- أو غيرهم، من السهولة بمكان أن نُفهِمَهم أنَّ هذا الحديث نص قاطع لا يقبل التأويل في أنه إذا صادف يوم السبت يوم عاشوراء أو يوم عرفة أنه لا يجوز صيامه، وهاكُمُ البيان:
سمعتم الحديث آنفاً بعد أن نَهَى الرسول -عليه السلام- عن صيام يوم السبت استثنى فقال: " إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ "؛ وحينئذٍ صار عندنا نَهْي عن صيام يوم السبت، يعني: [سنُلخِّص] الحديث ما [سنَرويه] بتمامه؛ نأخذ خلاصته، خلاصته: ([أنَّ] الرسول -عليه السلام- نَهى عن صيام يوم السبت إلا في الفرض)، فإذا قال قائلٌ -كما نسمع-: (لا، وإلا في عاشوراء)، استثناء ثاني: (وإلا في عرفة، وإلا في أيام البِيض)؛ الله أكبر، أنا لا أتصور مسلماً يدري وينْتَبِهُ لِما يخرج من فمِهِ أنه يتجرَّأ أن يقول هذا الكلام، رسول الله يقول: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ " وهو [يقول]: (إلاَّ كذا، وإلاَّ كذا، وإلاَّ كذا)، هذا أليس استدراكاً على رسول الله ؟! أليس معنى ذلك -لا سمح الله- [أنَّ] هذا الذي يقول هذا الاستدراك الثاني والثالث والرابع لسان حاله [يقول]: (الرسول [ليس عارفاً كيف يتحدَّث])؛ لأنه [أَوْردَ] نهياً عاماً واستثناءً [واحداً] وكان عليه [أنْ] [يُورِدَ] كلمة تشمل الأنواع والمستثنيات الأخرى [التي يقولها هؤلاء] الجماعة ؟! تصوَّرْ طالب العلم العاقل المتجرِّد عن الهوى تصوُّرُه لهذا الكلام يكفي له أن يقول: (تُبْتُ إلى الله ورجعتُ إليه مما كنتُ أقول، وصدق رسول الله حين يقول: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ ").
بعد هذا البيان [نأتي] بصورةٍ سَتَرَوْنَ هؤلاء المتحمِّسينَ لهذه الاستثناءات الثلاثة، وأقولها بعبارة أخرى: (المستدركين على رسول الله)، سيتراجعون في مسألة أخرى، نقول لهم: (إذا صادف يوم عِيدٍ يوم [اثنين] أو خميس -صادف بلا شك- هل نصوم يوم الاثنين إذا صادف يوم عِيدٍ ؟) سيكون الجواب بالإجماع: (لا)؛ سنقول لهم: (لماذا ؟) [سيقولون] لك: (هذا منهي عنه)، [ما] الفرق بين صيام يوم السبت -وهو منهيٌّ عنه- وبين صيام يوم عِيد من أيام العِيد صادف يوم الاثنين وهو مرغوب في صيام يوم الاثنين، مرغوب في صيام يوم الخميس ؟! لكن لَمَّا وافق ظرفاً نُهُوا عن صيامِهِ، لَمَّا صادف يوماً نُهُوا عن صيامِهِ [ماذا] كان موقف العلماء ؟ غلَّبوا النهيَ على الإباحة، فقالوا: (لا، [نحن] ما [نصوم] الخميس [والاثنين] لمصادفة هذا اليوم أو ذاك ليوم العِيد وهو منهي عن صيامه)، لا فرق أبداً بين نَهْي الرسول عن يوم السبت وبين نَهْي الرسول عن صيامِ أربعةِ [أيَّامِ] العِيد، فما هي القاعدة التي لَجَأَ إليها هؤلاء الذين يذهبون إلى الاستدراك على الرسول -عليه السلام- فقالوا بجواز صيام يوم السبت إذا وافق يوماً فاضلاً كَيَوْمِ عرفة مثلاً ؟! فماذا يقول هؤلاء في صيام يوم الاثنين ويوم الخميس وهما من الأيام التي يُستَحَبُّ صيامها ؟! هؤلاء إن كانوا فقهاء سيجيبون بكلام علماء الأصول؛ سيقولون: (لَمَّا تعارض النهي مع الإباحة قُدِّمَ النهي على الإباحة)، أيام العِيد منهي عن صيامها، يوم الاثنين، يوم الخميس مباح صيامه مرغوب فيه، فإذا تعارض المبيح مع الحاظر قُدِّمَ الحاظر على المبيح، نفس القاعدة [نحن] طبَّقناها هنا في صوم يوم السبت، يعني: مثل ما [يقول] ابن حزم (رحمه الله): (هذا حكم [زائد] جاء به الشارع يجب أن نخضع له)، القاعدة واحدة، قُدِّم الحاظر على المبيح، فيما يتعلق بصوم يوم السبت، فيما يتعلق بصوم يوم العِيد، الحاظر مُقَدَّم على المبيح.
أخيراً نقول شيئاً:
كثير من الناس يتوهَّمون أنهم إذا صادف يوم سَبت يوم عاشوراء أو يوم من أيام الفضيلة أنهم إذا تركوا صيام ذاك اليوم يومَ السبت فاتَهُمْ خير كبير، صوم يوم عاشوراء يُكفِّر السنة الماضية، صوم يوم عرفة (الماضية والآتية)، كيف نخسر هذه الفضيلة وتلك ؟ الجواب -لو كانوا يعرفون- في قوله -عليه السلام-: " مَنْ ترك شيئاً للهِ عوَّضه الله خيراً منه "، [نحن] ما صُمْنَا يوم السبت، [لماذا] ؟ زهداً في صيام يوم عرفة ؟ وفي صيام يوم عاشوراء ؟ وفي صيام أي يوم فضيل من أيام البِيض مثلاً ؟ ليس زهداً، وإنما طاعةً للهِ ورسولِهِ، إذن صدق فِينا هذا الحديث " مَنْ ترك شيئاً للهِ "، (شيئاً) هنا مثل [شيء] في الآية السابقة ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ﴾، " مَنْ ترك شيئاً " مُطلَق في أي شيء من هذه الأشياء، تركنا صيام يوم السبت مع أنه صادف يوم عرفة، لماذا ؟ للهِ؛ لأنه نَهانَا على لسان نبيِّهِ، إذن نحن خير من أولئك الذين صاموا يوم [عرفة]، وإن شاء الله استحقُّوا أن يغفر الله لهم السنة الماضية والسنة الآتية، نحن الذين نستحق -إن شاء الله- بنص هذا الحديث، نحن عمِلْنا بحديثين: (حديث فيه فضيلة، وحديث فيه نَهْي)، هم عمِلوا بحديث فيه فضيلة، وأعرضوا عن الحديث الذي فيه نَهْي، وهذه ذِكْرى وذِكْرى تنفع المؤمنين))(2). اهـ
(1) مذهب الشيخ (رحمه الله تعالى) عام في يوم السبت سواء صام المسلم يوم السبت مُفرَداً أو غير مُفرَد؛ كما يُعلم من كلامه في غير هذا الموضع.
(2) الكلمات التي بين المعقوفين ([ ]) كانت باللهجة الشاميَّة الدَّارِجة فكتبتُها باللغة العربية الفُصحى، كما قمتُ بحذف بعض المداخلات -أثناء الكلام- الغير مؤثرة في مضمون الفتوى ليتناسق الكلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه ومَنْ تبِعَهُ بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد:فقد سئل الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى) عن حكم صيام يوم عرفة إذا صادف يوم السبت؛ فأجاب بقوله:
((يا جماعة، بهذه المناسبة وقبل مباشرةِ الإجابة مباشرةً أقول: أنصح إخواننا الذين صار عندهم شيء من العلم ألاَّ يتجرؤوا وأن يَبْنُوا ويصدروا [أحكاماً] هي أكبر منهم، وعليهم أن يكونوا مِمَّنْ أشار إليهم الرسول -عليه السلام- بقوله: " مَنْ يُردِ اللهُ بهِ خيراً يفقِّهْهُ في الدِّينِ ".
الحديث الذي ورد في خصوص صيام يوم السبت بلفظ: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ؛ ولوْ لَمْ يجدْ أحدُكمْ إلاَّ لحاءَ شجرةٍ فليمضغْهُ "، هذا الحديث له جانبان: (جانب حديثيّ، وجانب فقهيّ)، الجانب الحديثيّ يعني: (هل هو صحيح أم غير صحيح)، الجانب الفقهي: (ما دِلالته).
يمكن لكثير من الناس خاصة طلبة العلم وبصورة أخص الذين تُعجِبُهم نفوسُهم ويظنُّون أنهم صاروا في منزلة من يُفتي بأنه يجوز أو لا يجوز، هؤلاء ربَّما يكون لهم بعض العذر وليس كل العذر [أنْ] يقولوا: (لا، هذا الحديث ما [يدلُّ] [أنَّهُ] إذا صادف يوم السبت يوم عرفة أو يوم عاشوراء [أنَّهُ] ما يجوز [أنْ نصومه]، [هؤلاء] لهم بعض العذر وليس لهم عذر، لكن كون الحديث صحيح أو كون الحديث ضعيف ليس لهم أن يدخلوا فيه إطلاقاً؛ لأنهم لا علم عندهم بطريق معرفة الحديث الصحيح أو الحديث الضعيف، فالكلام الآن يجري مع إخواننا -فضلاً عن الآخرين- الذين يؤمنون بصحة هذا الحديث، وإذا كان أحد عنده شيء من الدراسة الحديثية [ويقول]: (لا، هذا الحديث غير صحيح)؛ حينئذٍ نفتح صحيفة جديدة وندرس الحديث على ضوء قواعد علم الحديث؛ لننظر هل قولنا [بأَنَّ] هذا الحديث صحيح صحيح، أو قولهم بأن هذا الحديث غير صحيح هو الصحيح، أمَّا إذا كان البحث يدور على أساس [أنَّ] هذا الحديث صحيح -وهو صحيح لا شك ولا ريب فيه- حينئذٍ يسهل بيان خطإِ أولئك الناس -كلِّ الناس- سواء كانوا مُقلِّدين أو كانوا مُتَّبعِين -كإخواننا السلفيين- أو غيرهم، من السهولة بمكان أن نُفهِمَهم أنَّ هذا الحديث نص قاطع لا يقبل التأويل في أنه إذا صادف يوم السبت يوم عاشوراء أو يوم عرفة أنه لا يجوز صيامه، وهاكُمُ البيان:
سمعتم الحديث آنفاً بعد أن نَهَى الرسول -عليه السلام- عن صيام يوم السبت استثنى فقال: " إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ "؛ وحينئذٍ صار عندنا نَهْي عن صيام يوم السبت، يعني: [سنُلخِّص] الحديث ما [سنَرويه] بتمامه؛ نأخذ خلاصته، خلاصته: ([أنَّ] الرسول -عليه السلام- نَهى عن صيام يوم السبت إلا في الفرض)، فإذا قال قائلٌ -كما نسمع-: (لا، وإلا في عاشوراء)، استثناء ثاني: (وإلا في عرفة، وإلا في أيام البِيض)؛ الله أكبر، أنا لا أتصور مسلماً يدري وينْتَبِهُ لِما يخرج من فمِهِ أنه يتجرَّأ أن يقول هذا الكلام، رسول الله يقول: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ " وهو [يقول]: (إلاَّ كذا، وإلاَّ كذا، وإلاَّ كذا)، هذا أليس استدراكاً على رسول الله ؟! أليس معنى ذلك -لا سمح الله- [أنَّ] هذا الذي يقول هذا الاستدراك الثاني والثالث والرابع لسان حاله [يقول]: (الرسول [ليس عارفاً كيف يتحدَّث])؛ لأنه [أَوْردَ] نهياً عاماً واستثناءً [واحداً] وكان عليه [أنْ] [يُورِدَ] كلمة تشمل الأنواع والمستثنيات الأخرى [التي يقولها هؤلاء] الجماعة ؟! تصوَّرْ طالب العلم العاقل المتجرِّد عن الهوى تصوُّرُه لهذا الكلام يكفي له أن يقول: (تُبْتُ إلى الله ورجعتُ إليه مما كنتُ أقول، وصدق رسول الله حين يقول: " لا تصومُوا يومَ السبتِ إلاَّ فيمَا افتُرِضَ عليكمْ ").
بعد هذا البيان [نأتي] بصورةٍ سَتَرَوْنَ هؤلاء المتحمِّسينَ لهذه الاستثناءات الثلاثة، وأقولها بعبارة أخرى: (المستدركين على رسول الله)، سيتراجعون في مسألة أخرى، نقول لهم: (إذا صادف يوم عِيدٍ يوم [اثنين] أو خميس -صادف بلا شك- هل نصوم يوم الاثنين إذا صادف يوم عِيدٍ ؟) سيكون الجواب بالإجماع: (لا)؛ سنقول لهم: (لماذا ؟) [سيقولون] لك: (هذا منهي عنه)، [ما] الفرق بين صيام يوم السبت -وهو منهيٌّ عنه- وبين صيام يوم عِيد من أيام العِيد صادف يوم الاثنين وهو مرغوب في صيام يوم الاثنين، مرغوب في صيام يوم الخميس ؟! لكن لَمَّا وافق ظرفاً نُهُوا عن صيامِهِ، لَمَّا صادف يوماً نُهُوا عن صيامِهِ [ماذا] كان موقف العلماء ؟ غلَّبوا النهيَ على الإباحة، فقالوا: (لا، [نحن] ما [نصوم] الخميس [والاثنين] لمصادفة هذا اليوم أو ذاك ليوم العِيد وهو منهي عن صيامه)، لا فرق أبداً بين نَهْي الرسول عن يوم السبت وبين نَهْي الرسول عن صيامِ أربعةِ [أيَّامِ] العِيد، فما هي القاعدة التي لَجَأَ إليها هؤلاء الذين يذهبون إلى الاستدراك على الرسول -عليه السلام- فقالوا بجواز صيام يوم السبت إذا وافق يوماً فاضلاً كَيَوْمِ عرفة مثلاً ؟! فماذا يقول هؤلاء في صيام يوم الاثنين ويوم الخميس وهما من الأيام التي يُستَحَبُّ صيامها ؟! هؤلاء إن كانوا فقهاء سيجيبون بكلام علماء الأصول؛ سيقولون: (لَمَّا تعارض النهي مع الإباحة قُدِّمَ النهي على الإباحة)، أيام العِيد منهي عن صيامها، يوم الاثنين، يوم الخميس مباح صيامه مرغوب فيه، فإذا تعارض المبيح مع الحاظر قُدِّمَ الحاظر على المبيح، نفس القاعدة [نحن] طبَّقناها هنا في صوم يوم السبت، يعني: مثل ما [يقول] ابن حزم (رحمه الله): (هذا حكم [زائد] جاء به الشارع يجب أن نخضع له)، القاعدة واحدة، قُدِّم الحاظر على المبيح، فيما يتعلق بصوم يوم السبت، فيما يتعلق بصوم يوم العِيد، الحاظر مُقَدَّم على المبيح.
أخيراً نقول شيئاً:
كثير من الناس يتوهَّمون أنهم إذا صادف يوم سَبت يوم عاشوراء أو يوم من أيام الفضيلة أنهم إذا تركوا صيام ذاك اليوم يومَ السبت فاتَهُمْ خير كبير، صوم يوم عاشوراء يُكفِّر السنة الماضية، صوم يوم عرفة (الماضية والآتية)، كيف نخسر هذه الفضيلة وتلك ؟ الجواب -لو كانوا يعرفون- في قوله -عليه السلام-: " مَنْ ترك شيئاً للهِ عوَّضه الله خيراً منه "، [نحن] ما صُمْنَا يوم السبت، [لماذا] ؟ زهداً في صيام يوم عرفة ؟ وفي صيام يوم عاشوراء ؟ وفي صيام أي يوم فضيل من أيام البِيض مثلاً ؟ ليس زهداً، وإنما طاعةً للهِ ورسولِهِ، إذن صدق فِينا هذا الحديث " مَنْ ترك شيئاً للهِ "، (شيئاً) هنا مثل [شيء] في الآية السابقة ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ﴾، " مَنْ ترك شيئاً " مُطلَق في أي شيء من هذه الأشياء، تركنا صيام يوم السبت مع أنه صادف يوم عرفة، لماذا ؟ للهِ؛ لأنه نَهانَا على لسان نبيِّهِ، إذن نحن خير من أولئك الذين صاموا يوم [عرفة]، وإن شاء الله استحقُّوا أن يغفر الله لهم السنة الماضية والسنة الآتية، نحن الذين نستحق -إن شاء الله- بنص هذا الحديث، نحن عمِلْنا بحديثين: (حديث فيه فضيلة، وحديث فيه نَهْي)، هم عمِلوا بحديث فيه فضيلة، وأعرضوا عن الحديث الذي فيه نَهْي، وهذه ذِكْرى وذِكْرى تنفع المؤمنين))(2). اهـ
(سلسلة الهدى والنور - الشريط 204) للشيخ الألباني (رحمه الله تعالى).
والحمد لله رب العالمين.
(1) مذهب الشيخ (رحمه الله تعالى) عام في يوم السبت سواء صام المسلم يوم السبت مُفرَداً أو غير مُفرَد؛ كما يُعلم من كلامه في غير هذا الموضع.
(2) الكلمات التي بين المعقوفين ([ ]) كانت باللهجة الشاميَّة الدَّارِجة فكتبتُها باللغة العربية الفُصحى، كما قمتُ بحذف بعض المداخلات -أثناء الكلام- الغير مؤثرة في مضمون الفتوى ليتناسق الكلام.
تعليق