أَقْوَالُ المْمَُيِّعينَ لِلدَّعْوَةِ السَّلَفِيَةِ وَالرَدُّ عَلَيْهِمْ()
بِقَلَمِ :
أَبِي عَاصِمْ عَبْدُ الله بنُ حَمِيدْ بنُ عَلِي صَوَانُ الغَامِدِيّ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحمد لله , وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم , وبعد
فقد خرجت فرقة جديدة من بين السلفيين , يميّعون المنهج السلفي ؛ وهذه الفرقة لها أقوال معروفة عند السلفيين ؛ وكما قيل: (مِنْ فَمِكَ نُدِينُكْ) .
وأنا هنا , في هذا المقال , أتتبع أشهر مقالاتهم , وأُتْبِعُهَا بالرد المختصر عليها ؛ لأنها مقولات واضحة البطلان لكل ذي عينين , لكن لمن لم يكن له معرفة بهم , أو بسوء مقالاتهم , وسوء عاقبتها على هذه الدعوة السلفية الحقَّة :
1- فمن أقوالهم : [ نُعَلِّمُ الناس العلم الشرعي , وهم بأنفسهم سيدركون المخالفات الشرعية لمنهج السلف ].الرد :
أقول هذا ليس بصحيح , وأتباع هؤلاء - على الحقيقة - لا العلم نشروا , ولا الجرح بيّنوا , وهاهم - سنون طويلة - وأتباعهم مُلَبَّسٌ عليهم , بل ويخالطون الحزبيين , وقد يُثنون عليهم, وليس عندهم أي تمييز بين الطيب والخبيث , عياذاً بالله .
2- ومن أقوالهم : [لو تكلمنا في أمور المنهج لنفَّرنا العوام , وتركوا الدروس ].الرد :
ويقال لهم ليس بصحيح , لو تكلمتم فيها بعلم , أي بالدليل , بقال الله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبعمل السلف وأقوالهم , وعلى فهم علمائنا , وكما قال العلماء : (تَكَلَّمْ بِعِلْمٍ أَوِ اسْكُتْ بِحُلْم ) , وكما قال بعض السلف - ينصح آخر - فقال : (عَلَيْكَ بِالحََْق , قَالَ وَكَيْفَ أَعْرِفُه ؟ قَالَ : الحَقُ عَلَيْهِ نُور ) , وقال بعض العلماء : (الحَقُ أَبْلَج , وَالبَاطِلُ لجَْلَجْ ).
وإذا فرَّ العامِّيُ بعد ذلك من بيان الحق بالحق , فلا نَعُمَتْ عَيْنٌ لَه , ولا كرامة , ولسنا بحاجة للغثائية , ونحن لا نترك شيئا من ديننا لأجل استنكار العوام له , مع صحة الدلالة فيه , وأقوال العلماء به , وهم يستنكرون كثيراً من الأسماء والصفات , ويرتعد بعضهم عند سماعها , أفيجوز هذا لنا ؟! وعدم ذكر هذه الأبواب ؟! إنّها لإحدى الكُبَرْ .
وأما كونكم تتكلمون فيها بجهل ؛ فهذا لا يجوز لكم أصلا , لأن الله نهى عن الفتوى والبيان بغير علم , قال تعالى : { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم} [الإسراء: من الآية36] , وقال بعد تحذيره من المنهيات العشر , قال : {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية169] .
ثم هذا ليس مخصوصا بهذا الباب فقط , بل حتى مسائل الحلال والحرام , لا يجوز لك الكلام فيها إلا بعلم , قال تعالى : {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ } [النحل:116] .
3- وكذلك من أقوالهم : [إذا تكلمنا في هذه الأمور , لن تقبل دعوتنا ولن تنتشر] .الرد :
أقول صدقتم وكذبتم ، أمّا صِدْقُكُمْ : فَنَعَمْ , لو تكلمتم أنتم ؛ فلن تنتشر دعوتكم , لأنكم لا تحسنون الكلام في هذه الأمور ؛ فأنتم لا تدينون الله بهذا أبداً , وأما كَذِبُكُمْ ؛ فهذه دعوة الشيخ مقبل - رحمه الله - كمثال يرُّد على كذب دعاويكم وسوء مقاصدكم ؛ فهو من أكثر من يُعرف عنه - هو والشيخ ربيع حفظه الله - الكلام في أهل البدع , وذكر مثالبهم , ومع ذلك - والحمد لله - فقد انتشرت دعوتهما في الآفاق , ولا ينكر هذا إلا مكابر أو مريض القلب .
4- ومن أقوالهم : [الكلام في هذه المسائل يقسي القلوب , وقد أكثر السلفيون من هذا حتى عُرِفُوا به] .الرد :
وغيركم يقول الكلام في التوحيد يقسي القلوب , وآخرون يقولون الكلام في الفقه يقسي القلوب , وهكذا ... , ولو تُرِكَ النّاس لدعاويهم , لما عَلَّمْنَا النّاس شرع الله , ونحن نعتقد أن هذه الأمور من شرع الله تعالى ؛ فهو عندنا من باب الولاء والبراء لدين الله تعالى .
وما يقسي القلوب حقاً إلا اشتغال الناس بما لا ينفع , ولعلكم من أدرى الناس بهذه المقالة لو كنتم تعلمون .
5- ومن أقوالهم : [لو تكلمنا في هذه الأمور , لأحدثنا في النّاسِ فتنة] , ويوصون طلبتهم بالسكوت والانشغال بما هو أنفع لهم , هكذا يقولون .الرد :
هذه عيْن الكذب والزور ؛ فالحق - والحق أقول - إن سكوتكم هو الفتنة , ثم ما الذي جعل الناس اليوم في اضطراب وتخبط وتشتت ؟
إلا لعدم البيان لهم بشيء هو من أصل عقيدتهم ودينهم.
ثم هؤلاء بما أشغلتموهم بما ترون انه أنفع لهم ؟
وأستدرك على نفسي ؛ فأقول صدقتم , وبالحق نطقتم , لقد أشغلتموهم حقاً , ولكن بالطعن في علماء السنة وطلابهم , وهذا هو الأنفع لهم على زعمكم .
6- ومن أقوالهم : [دَعُوا هذه المسائل للعلماء الكبار , هم أدرى بها وأعرف بمواضع الكلام] .
الرد :
تلك شَنْشَنَةٌ نعرفها من أخزم , وكما قيل : (كَلِمَةُ حَقٍ أُرِيدَ بِهَا بَاطِل) , وهل أنتم أنفسكم رجعتم في هذا للعلماء وأخذتم بما قالوا ؟
قلتم : دعونا نتثبت ولا نتسرع ؛ فإذا أفتى فلان من العلماء تبعناه ؛ فإذا حصل أن العالم الفلاني تكلم , قلتم لا ! , بقي العلماء الآخرون لم يتكلموا - مُبَالَغَةً في التثبت - , ثم لو تكلم كل العلماء , قلتم : الموضوع لم يُفْهَم على وجهه , وجئتم بكل المبررات , لتحفظوا ما بقي من ماءٍ وجوهكم أمام طلابكم .
وللأسف هم يتبعونكم على الحق والباطل , يُقَادُونَ إلى كلامكم كالشياه , دون تفكر وتعقل , نسأل الله السلامة .
7- ويقولون : [ لو تكلمنا فيها الآن , ونحن لم يكن لنا تلك القوة والمنزلة عند العوام , سيمكن ذلك الحزبيين من دعوتنا , وسيقضون عليها , ولم يشتد أمرها ويصلب عودها] .الرد :
نقول نعم , دَعْوَتُكُمْ أنتم لن ُيمكّن لها , لأنها قامت على المماراة للآخرين , ولأنكم - أو قل الغالب عليكم - البحث عن الأموال من الآخرين ؛ فأنتم تخشون أن لا يمدوا يد المساعدة لكم , لو طلبتم منهم ذلك , وبذلك لا تقوم لدعوتكم قائمة , وتموت في مهدها , وأذكركم و { الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: من الآية55], أنّ الدعوة السلفية قامت بحمد الله من غير قيد أو شرط - في الماضي والحاضر - ولم يجعلوا لهم صناديق عند الأبواب ,كما يفعله أسيادكم من الحزبيين الذين تتزلفون إليهم بالليل والنهار -شاهت الوجوه – أعطوكم أو منعوكم . بل كان الشيخ مقبل يمنع الأخوان أن يفعلوا هذا بعد دروسه ومحاضرته , والحمد لله , انتشرت دعوته ودعوة السلفيين ممّا هو شاهد عيان وليس بعد العيان بيان و رَغمَت أنوف .
8- ويقول أحسنهم حالاً : [ أنا أذكر المنهج فقط , ولا أذكر أسماء أهل البدع والضلال , فالمقصود بيان الخطأ والتحذير منه , وقد حصل المقصود]().الرد :
نقول يا هذا ! أربع على نفسك , وعُدْ إلى ربك , وابك على خطيئتك , هل يُعقل يا هذا أن بدعة تمشي في الهواء , أو لعلها هي تدخل كل يوم إلى المطابع بنفسها وتطل على الناس برأسها!! وأقول سبحان الله , ما أكثر التهاويل في هؤلاء المجاهيل .
9- ومن أقوالهم : [لم لانتليّن للحزبيين , وندخل معهم فيما هم فيه , لكثرتهم ولكونهم لهم مسؤوليات ومكانة في المجتمع , ويمكننا عن طريقهم أن نُمَكِّنَ لدعوتنا , ثم بعد تمكننا , نتركهم وما هم عليه ].الرد :
ولم لم يتليّنوا هم ؟ لماذا يتكلمون على أئمتنا على المنابر ؟ , ويطعنون فيهم أشد الطعن وأقبحه ؟ وأنت تدس رأسك في التراب كالنعام ؟! قل لي يا مسكين ! : إلى متى يبقى حالك على هذا ؟ هم يطعنون , وأنت تحوقل وتداري , وأين قوله صلى الله عليه وسلم : ((وَأَنْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ كُنَّا لاَ نَخَافُ لَوْمَةَ لاَئِمٍ))() , أقول هذا لك أنت ومن سار في ركابك وسلك فجاجك , ودعنا نحن نمضي فيما تعلمناه من علمائنا الأخيار , وصار عليه أولئك الأبرار , مما كان عليه إجماع العلماء , لم يَشُذَّ عنهم إلا ضائع هالك محترق , وحسبك أن تكون ]كذلك[.
10- ومن طرائقهم , احتجاجهم بما يزعمون : [ أن الشيخ ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله - عليه من تعليم الناس , وترك ما يسميه السلفيون بالجرح والتعديل , ولم ينشغلا به] .
الرد :
هذا زعم باطل , وكذب على الشيخين , ومن راجع كتبهم وأشرطتهم ظهر له كذب هذه المقالة .
11- ومن أقوالهم : [ترك بعض الصحابة الفتن ولم يخوضوا فيها , ونحن مأمورون باتباع طريقهم ] , مثل كلام السلفيين في فتنة أبي السوء (المُكَنىَّ بأبي الحسن المصري الضال المضل) ؛ فيطلبون من طلابهم عدم الخوض في هذا , وأنَّه من الفتن , وقد يُتَّهَمُ علماؤنا بأنهم لم يفهموا حقيقة ما عند أبي السوء .
الرد :
سكت الصحابة عما هو فتنة حقاً كانت بين الصحابة - رضي الله عنهم ؛ فأخذوا فيها بالأدلة , كقوله صلى الله عليه وسلم : ((كَسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ() )) و ((كُونُوا أَحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ ()» , ولم يشارك كثير منهم فيها , ولكن لما خرجت الخوارج خرجوا , بل كبار الصحابة خرجوا فيها , لأن سكوتهم عنها ليس في محله , وسَيُقْضَى على الإسلام ؛ فهذه الشبهة هي أكبر دليل على جهلكم بدين الله تعالى , وأنكم حطَّابون , ولكن أقول لكم كما قال تعالى : { قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُم} [آل عمران: من الآية119].
12- ويتفرع على ما سبق حول أبي السوء أيضا قولهم : [ والمسائل التي بين أهل العلم وبين أبي الحسن مسائل علمية , لها وجه , كمسائل المُجْمَلِ والمُفَصَّل , والتقليد , وهل خبر الآحاد يفيد العلم اليقيني أم انه يفيد الظن ؟ وقد اختلف العلماء فيها منذ القديم ؛ فلم يوجب بينهم ما حدث اليوم بين السلفيين من الفرقة ] , هذا زعمهم ويئس المطية زعمهم .الرد :
قد بين العلماء , كالشيخ ربيع بن هادي والشيخ عبيد الجابري والشيخ النجمي , بطلان تلك المقالات السيئة , وبيان مخالفتها للسلف بحمد الله تعالى , وليراجع في هذا : (الجناية على الأصول السلفية) لشيخنا ربيع بن هادي -حفظه الله- فقد فند مزاعم أبي الحسن وأوضح جنايته وأتباعه على المنهج السلفي بأحسن عبارة وأوضح إشارة .
13- ومن أقوالهم : [ أنَّكُمْ مُتَشَّدِدُونْ , وليس هذا من الحكمة في شيء , وقد جاءت الأحاديث باللين مع المخاطبين كحديث : ((يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا))] , أخرجه مسلم().
والرد :
أن يقال هل الحكمة لين دائماً ؟ أَوَ ليس لكم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عبرة وعظة ؟ من قال أن الحكمة هي لين كلها؟ ائتوني بفهم السلف في هذا ، أو نبِّئوني بعلم , وإلا فحسبكم الجهل الذي هو لازم لكم ولا محيد لكم عنه , أليس في كتاب الله ترغيب وترهيب ؟ ألم تقرؤوه في السنّة النبوية ؟ أليس هذا ماثلاً في سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام ؟ , أم أنكم قوم لا تعقلون ؟ فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه , وقد تكون لينا وقد تكون شدّة , مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ((بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ))() , أفكان هذا من اللين ؟ وهذه المسألة بحمد الله قد أشبعها العلماء بحثاً والحمد لله رب العالمين .
14- ومن أقوالهم في الفتن الحاصلة , إن سألتهم عن رأيهم فيها قالوا : [نحن نقول بقول علمائنا مثل ما قالوا نقول ولا نخرج عن أقوالهم] .
الرد :
أولاً : من هم علماؤكم -زَعَمْتُمْ - ؟
ثانياً : ما هو قولهم ؟ تسمع كلاما مجملاً , ثم هم لا يُفَصِّلُون لأنهم لو فَصَّلُوا لوقعوا في مزالق لا يستطيعون الخروج منها إلا بشق الأنفس , مع أنهم يحسنون كثيراً المناورات في الحوارات , وهم يأخذون لكل مجلس أهبته , ويلبسون لكل حالة لبوسها , وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنْ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ))() .
ثالثاً: وَهُمْ - على الحقيقة - أبعد الناس عن أقوال العلماء , بل هم أنفسهم من أهل التعالم , ولا يرجعون إلا لمن كان على شاكلتهم , وكما قيل: (فَالطُيُورُ عَلَى أَشْكَالِهَا تَقَعُ ).
هذه بعض شبهات القوم , نسأل الله أن يريهم الحق حقاً ويردهم إليه رداً جميلاً , أو يُريح البلاد والعباد من شرورهم , والله أعلم , وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .()
تعليق