السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسالة:
أفغير السلفية يبغون؟!
للشيخ أبي بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري -حفظه الله-.
وهي مادة مفرغة من أشرطة ثلاثة سُجلت من نحو خمس سنوات، أحببنا نشرها على ثلاث مرات تباعًا -إن شاء الله-.
للشيخ أبي بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري -حفظه الله-.
وهي مادة مفرغة من أشرطة ثلاثة سُجلت من نحو خمس سنوات، أحببنا نشرها على ثلاث مرات تباعًا -إن شاء الله-.
وهي بمثابة إسهام منا في درء فتنة عبد الله البخاري في بغيه على دار الحديث السلفية بدماج –حرسها الله-.
الشريط الأول -مادة مفرغة-.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال أبو عبد الله أبو بكر بن ماهر بن عطية بن عبد المحسن بن حسين بن أحمد بن جمعة، المصري ثم المنصوري ثم الجوجري -حفظه الله تعالى والمسلمين- قال:
هذه قصيدة نظمتها، وهي بعنوان (أفغير السلفية يبغون) قلت فيها:
قال أبو بكر:
ليعلم القريب والبعيد، والقاصي والداني، والعالم والجاهل، والعدو والصديق، والمؤيد والمعارض، والحاضر والبادي، والمسافر والمقيم، والمشرِّق والمغرِّب، ليعلم أنَّا للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ناصرون.
وأنَّا لما في الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة معتقدون متبعون مستمسكون.
وأنَّا في الخارجين عن عقيدة ومنهج السلف الصالح في فهم الكتاب والسنة طاعنون وذامّون ومبدِّعون، وأنَّا منهم فارُّون، وعنهم ناءون، ولهم مهاجرون،
وأنَّا لأستارهم هاتكون، ولعقيدتهم الفاسدة كاشفون، ولمنهجهم الباطل مبَيِّنون.
وأنَّا من سلوك طريقتهم ومنهجهم واعتقاد عقيدتهم حذرون ومحذِّرون ومنفرون.
وأنَّا عن حضور مجالسهم وتكثير سوادهم ومودتهم صادُّون، وأنَّا لقاصديهم رادُّون.
وأنَّا بالقلة أو بالكثرة من الأتباع غير معتبِرين.
وأنَّا بالحق وحده معتبرون.
وأنَّا لأهل العلم مؤيدون وناصرون، غير خاذلين ولا مخذلين ولا مثبطين.
وأنَّا معهم متعاونون، ولهم معينون, ولهم موقرون، وبعضدهم شادّون.
وأنَّا على المكاره والعواقب المؤلمة -إن شاء الله- صابرون محتسبون.
وأنَّا للمحزبين للأمة والمفرقين لجمعها بالأحزاب والجماعات معادون.
وأنَّا لهم بالقرآن والسنة مجاهدون.
وأنَّا لهم مبدِّعون ولضلالهم مُبَيِّنون.
وأنَّا منهم محذرون.
وأنَّا نعتقد أن مذهب الموازنات القاضي بأن المبتدع إذا ذُكرت سيئاته وبدعته فلابد من ذكر حسناته ولو كان المقام مقام تحذير من المبتدع وبدعته لا مقام ترجمة، نعتقد أن هذا المذهب باطل ومحدَث ومخترع ومبتدع ومصطنع، مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا في التحذير من المبتدع وبدعته دون التزامهم بوجوب منهج الموازنات المدعى المزعوم.
ونعتقد أن المعتقدين لهذا المذهب ضُلاّلٌ مبتدعة زائغون عن الحق، هدّامون لأصل من أصول أهل السنة والجماعة في منهجهم.
ونعتقد أنه يجب الحذر من هؤلاء والتحذير منهم، وصد الناس عنهم، وردهم عن مجالسهم، وتحذيرهم من تكثير سوادهم واستماع شبههم.
ونعتقد أن هذه البدعة -بدعة الموازنات- بدعة خطيرة جدًا، ومن أخطر البدع في هذا العصر وفي هذا القرن، وتزداد خطورتها إذا كان يعتقدها ويؤيدها وينصرها من ينتسب إلى مذهب السلف الصالح، وينسب تلك البدعة المذمومة الشنيعة إلى مذهب السلف الصالح، مع العلم بأن مذهب السلف الصالح بريء من تلك البدعة، وأن السلفيين برآء من تلك البدعة ومن حاملها وناصرها ومؤيدها ومعتقدها.
وهؤلاء المبتدعون سلفيون قولاً وادعاءً وليسوا بسلفيين فعلاً وواقعًا وحقيقة، بل إنهم من أشد المبتدعة ابتداعًا، ومن أضل الناس في هذا العصر لخفاء بدعتهم على كثير من الناس -وما أكثر المغترين بهم!!- ولكون هؤلاء يدّعون السلفية، وينسبون إليها ما ليس منها، ويُلبِسون الباطلَ ثوبَ الحقِ، فتنطلي البدعة والشبهة، وينطلي الباطل على كثير من الناس الذين قلّ علمهم وقلّ فقههم.
وأصحاب هذا المذهب المبتدع -مذهب الموازنات- يدورون بين أمرين أحلاهما مر، يدورون بين الجهل بمنهج السلف الصالح بخصوص التحذير من المبتدعة، وبين تعمد مخالفة منهج السلف الصالح في هذا الباب العظيم، أما من كان جاهلاً فإنه يجب عليه التعلم أو سؤال أهل العلم أو السماع لما يقول به أهل العلم، ولا يجوز له الإعراض عن ذلك، قال الله -عز وجل-:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
وقال -عز وجل-: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
فإن فعل وتعلم ورجع، وإلا كان الواجب منع هؤلاء الجهلة من التصدر للتدريس أو الخطابة أو الفتوى، حماية للمسلمين من جهلهم ومن شرهم، وحماية للدين من إفسادهم له، وأما من كان متعمدًا للمخالفة فإنه يجب منعه ويجب عدم تمكينه من باب أولى، ويجب تعزيره وتأديبه وتقريعه وتوبيخه وتأنيبه وكشف أمره وهتك ستره وغير ذلك من أنواع التعزيرات والعقوبات التيتردعه وتردع أمثاله المقتحمين للبدعة عن عمد، المفسدين للدين، الملبسين على الناس، المتشبهين بأهل الكتاب الكفرة الذين قال الله فيهم:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}
وأن تكون أساليب منع تلك البدعة متدرجة آخذة بالأشد فالأشد، كما هو الشأن في تغيير المنكر.
ثم ليُعلم أن الفتنة هي مخالفة الحق، يقول الله -عز وجل-:
{... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة ضالة مبتدعة زائغة عن الحق، وأنها من أشد الأحزاب الإسلامية عداوة للسلفيين، ومن أكثر الأحزاب تلبيسًا وإيرادًا للشبهات الباطلة، ونعتقد أنه يجب الحذر منها بشتى وسائل الحذر، ويجب التحذير منها بشتى وسائل التحذير.
ولقد صدق شيخنا العلامة المحدث الفقيه مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى- صدق في وصفهم بالإخوان المفلسين، وذلك؛ لأنهم مفلسون في العلم وفي السياسة أيضًا، فإن هذه الجماعة من أبعد الجماعات عن العلم الشرعي وعن منهج السلف الصالح -رضي الله عنهم أجمعين-.
ثم إنها جماعة سياسية تنازع الأمر أهله، وتنتظر فرصة الخروج على الحاكم المسلم حتى تنقض على كرسيه وعلى عرشه، ولا يخفى ما في هذا الخروج من الفساد والإفساد -لا مكّن الله لهم-.
ويجب حظر نشاط تلك الجماعة المشبوهة المريبة المبتدِعة، ويجب عدم تمكينهم من دعوتهم الملبِّسة والمشبِّهة على الناس.
وليُعلم أن هذا الحزب وأن هذه الجماعة ملفِقَةٌ لسائر الطوائف والفرق، فإن الطوائف والفرق تدخل في شرط هذه الجماعة، فلا تمييز عندهم بين السني وبين غيره، فلذلك يجب على السلفي أن يتميز عنهم، فإنهم من أشد الجماعات والأحزاب المعادية لمذهب السلف -ثبتنا الله على مذهب السلف حتى نلقاه سبحانه وتعالى-.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة الجهاد جماعة ضالة مبتدِعة زائغة عن الحق مفسدة في الأرض، وأنه يجب الحذر منها والتحذير منها بشتى وسائل الحذر والتحذير والتنفير، وأنه يجب درء فتنتهم ومنع إفسادهم للدين والدنيا، ويجب الأخذ على أيديهم بالوسائل المناسبة الكفيلة بردعهم عن إفسادهم، ولقد صدق شيخنا العلامة الشيخ مقبل -رحمه الله تعالى- في تسميته لهم بجماعة الفساد.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة التبليغ جماعة جاهلة ضالة مبتدِعة بعيدة عن منهج السلف، وذلك؛ لأن منهجهم فاسد بدعي تجهيلي مضلل مخالف لمذهب السلف ومعادٍ له، وليس قائمًا على أصول أهل السنة والجماعة ولا على منهج أهل السنة والجماعة، فيجب الحذر والتحذير منهم بشتى وسائل الحذر والتحذير، كما يجب منع الجهلة منهم ومن أمثالهم من قيادة المجتمع أو توجيهه وتربيته على مذهب ومنهج مخترع مبتدع، فإن الجهل داء وبيل فتّاك قتّال.
ويجب حظْرُ نشاطهم ومنعهم من ذاك الخروج الجاهلي الذي يفتقد أصوله العلمية الشرعية ومنهجه العلمي الشرعي.
إنهم ليخرجون هذا الخروج الجاهلي بدعوى الدعوة إلى الله، وإن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن القوم من أجهل عباد الله بمنهج السلف الصالح، ومن أجهل عباد الله بكتاب ربنا وبسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وعلى هذا فلا يجوز تكثير سوادهمولا حضور مجالسهم ولا مودتهم ولا غير ذلك من أنواع الولاء لهم، بل يجب التبرؤ منهم ومن منهجهم ومذهبهم وطريقتهم وتحزبهم وتفريقهم للأمة كما هو الشأن في جميع الجماعات والأحزاب، فإنه يجب البراءة من سائر المبتدِعة ومن مناهجهم المبتدِعة المبتدَعة المخترَعة، ثم إنه قد بدا لي أن أسميهم بجماعة التجهيل والتضليل.
قال أبو بكر -وفقه الله والمسلمين أجمعين-:
ونعتقد أن جماعة التوقف والتبين التي تتوقف في الحكم على المسلمين بالإسلام حتى يتبين إسلامهم، نعتقد أن تلك الجماعة جماعة ضالة منحرفة عن الحق، زائغة عنه، زائغة عن منهج أهل السنة والجماعة، منهج السلف الصالح، ذلك؛ لأن الأصل في المسلمين هو الإسلام، كما أن الأصل في الكفار هو الكفر، فلا يجوز لنا أن نتوقف في الحكم بالإسلام على المسلمين حتى نتبين إسلامهم، كما أنه لا يجوز لنا أن نتوقف في الحكم بالكفر على الكفار حتى نتبين كفرهم، ذلك؛ لأن الأصل في المسلمين هو الإسلام، وأن الأصل في الكفار هو الكفر، فلا يجوز لنا العدول ولا الخروج عن هذا الأصل، فلابد من استصحاب الأصل في كلٍ من المسلمين والكفار.
فلا يجوز التوقف في الحكم على المسلم بالإسلام حتى نتبين من إسلامه، ولا يجوز لنا التوقف في الحكم بالكفر على الكافر حتى يتبين لنا كفره.
إذا ثبت هذا، فاعلم أنه يجب الحذر من هذه الجماعة الضالة المنحرفة، ويجب التحذير منهم والتنفير عنهم بشتى وسائل الحذر والتحذير والتنفير -أعاذنا الله من تلك المذاهب والجماعات والأحزاب المبتدِعة المبتدَعة المفرقة للأمة-.
قال أبو بكر -سلمه الله والمسلمين أجمعين-:
ونعتقد أن جماعة التكفير الذين يكفرون المسلمين بالكبيرة أو بالمعصية التي هي دون الشرك الأكبر، والذين يرون الخروج بالسيف على المسلمين حكامًا ومحكومين، نعتقد أن تلك الجماعة خوارج هذا العصر؛ لمخالفتهم لمذهب السلف الصالح القاضي بأنه لا تكفير إلا بمكفِر، وذلك المكفر لا يكون كبيرة دون الشرك الأكبر، ولا يكون معصية دون الشرك الأكبر.
ونعتقد أن هذه الجماعة من أضل الفرق الإسلامية وأبعدها عن منهج أهل السنة والجماعة، وأن هؤلاء المكفرين للمسلمين يناظَرون ويناصَحون ويناقَشون وتقام عليهم الحجج من أهل العلم الذين هم أهل لإقامة الحجة ولإزالة الشبهة عن المخالف وعن المبتدع وعن الكافر وعن كل مارق عن الدين أو عن السنة أو عن منهج السلف الصالح.
فإذا أقيمت عليهم الحجة ممن هو أهل لإقامة الحجة، ولم يرجعوا عن بدعتهم، وجمعوا مع تكفيرهم المسلمين الإفساد في الأرض وقتل المسلمين وجب قتالهم وقتلهم حتى تُستأصل شأفتهم، وحتى يستريح العباد والبلاد من شرهم.
وليُعلم أن الذي يقوم بقتالهم وقتلهم هو ولي أمر المسلمين بمن معه، فلا يجوز لأحد أن يركب رأسه ويمتطي فرسه ويأخذ رمحه وسيفه ثم يذهب ليقاتل هؤلاء ويقتلهم، ذلك؛ لأن في هذا مفاسد عظيمة وفوضى جسيمة، وخروجًا على ولي الأمر وافتياتًا عليه.
إن الذي يقاتلهم ويقتلهم هو ولي أمر المسلمين بمن معه دفعًا للفوضى وللخروج على الحاكم المسلم، ودفعًا للفتن وللمفاسد.
فإذا أفسد هؤلاء الخوارج في الأرض ولم ينكف إفسادهم إلا بقتلهم قُتلوا وإن لم يَقتُلوا.
وإذا كان الخوارج الجدد، إذا كانوا يعتقدون أنهم لا يرون الخروج اليوم وفي هذا العصر، لا يرون الخروج بالسيف على المسلمين وعلى حكامهم بدعوى أو باعتبار أنهم مستضعفون وأنهم أشبه ما يكونون بالعصر المكي، فنقول:
أدام الله عليهم ذلك الضعف، وأدام الله عليهم ذلك العصر المكي -أعاذنا الله والمسلمين حكامًا ومحكومين من شرهم ومن فسادهم ومن إفسادهم، وردهم إلى الحق ردًا جميلاً-.
قال أبو بكر:
ونعتقد وجوب السمع والطاعة منا لحكام المسلمين وولاة أمورهم؛ لأن الأصل فيهم أنهم مسلمون، فإذا أمروا بطاعة وجبت طاعتهم، وإذا أمروا بمعصية لم تجب طاعتهم، بل لم تجز طاعتهم.
قال أبو بكر:
ونعتقد أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرًا، إذ لا يجوز تكفير مسلم إلا بعد استيفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه.
ونعتقد أن الذين يعلمون ويدرون ذلك هم العلماء، فهم الموكول إليهم هذا الباب، لا الجهلة والعوام وأصحاب الجهالات والضلالات والأهواء والحزبيات الذين يتخذون رؤوسًا جهالاً فيسألونهم فيفتونهم بغير علم فيَضلون ويُضلون ويَفتتنون ويَفتنون.
وإذا كان لابد من استيفاء شروط تكفير المعين وانتفاء موانع ذلك التكفير، إذا كان لابد من ذلك في تكفير المعين من آحاد الناس فإنه لابد من ذلك قبل الحكم بالكفر على المعين من حكام المسلمين من باب أولى وأولى وأولى لعظم وخطر ما يترتب على ذلكم الحكم الخطير، خاصة بعد قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان))
ألا بعدًا لأصحاب الفتن والثوْرات وأصحاب الفتاوى الزائغة والجهالات، وبعدًا للمكفرين للمسلمين والمكفرات، وبعدًا للمفلسين في العلم والحجج والمفلسات، وبعدًا للحائدين عن منهج السلف الصالح والحائدات، والحائرين والحائرات، والبائرين والبائرات، المشعلين لنيران الفتنة والمشعلات -وقانا الله شرهم وأمَّننا وإخواننا والمسلمين وبلادنا من فتنهم، ورد كيدهم في نحورهم، واستأصل الله شأفتهم وأسكت نأمتهم-.
قال أبو بكر:
ونعتقد عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم خلافًا للخوارج الذين يخرجون على حكام المسلمين ويعيثون في الأرض فسادًا.
ندين الله -عز وجل- ظاهرًا وباطنًا بعدم جواز الخروج على حكام المسلمين، وإن جاروا وظلموا، وإن أخذوا المال، وضربوا الظهر، وإن سجنوا، وإن قتلوا.
ونستعين بالله -عز وجل- في الصبر على أي أذى منهم، ولا نرى مع ذلك جواز الخروج عليهم للأدلة الشرعية الدالة على عدم جواز الخروج عليهم، حقنًا لدماء المسلمين، ودرءًا للمفاسد، وجمعًا لكلمة المسلمين.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الحاكم -حاكم المسلمين- لو أنه كفر كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان، نعتقد -والشأن ما ذكر- أنه لا يجوز للمسلمين مقاتلة هذا الحاكم إذا كانوا غير قادرين على مقاتلته والإطاحة به وإزاحته عن العرش، وكذلك إذا كان القتال يكون دائرًا بين المسلمين فإنه لا يجوز أيضًا أن يقاتل هؤلاء المسلمون ذلك الحاكم الكافر حقنًا لدماء المسلمين، ودرءًا للمفاسد العظيمة المترتبة على مثل ذلك القتال، وهذا مستفاد من معنى كلام لشيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-.
كما أنه إذا كانت الغلبة والجولة والقَهر لحاكم كافر أصلي واستتب واستقر الأمر له فإنه لا يجوز والحالة هذه، لا يجوز للمسلمين أن يقاتلوا ذلك الحاكم الكافر إذا كانوا غير قادرين على مقاتلة ذلك الحاكم، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وصحابته الكرام، لنا فيهم أسوة حسنة حيث كانوا بمكة -شرفها الله تعالى- وكان للمشركين الغلبة والقوة والقهر والسلطان، فلم يؤذن للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يقاتل المشركين وهم في مكة -شرفها الله تعالى- ومن لم يكن له في رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أسوة في مثل هذا الموطن وفي غيره فليس له في أحد أسوة، وعليه، فإن المسلمين الموجودين في بلاد الكفر لا يجوز لهم مقاتلة الحاكم الكافر الذي يحكم الكفار في تلك البلاد، ذلك؛ لعدم قدرتهم على مقاتلته، ولما يترتب على ذلك القتال من سفك دماء المسلمين وتحقيق المفاسد العظيمة، على هذا دل كلام أهل العلم المبني على الأدلة والقواعد الشرعية.
قال أبو بكر:
اعلم -رحمني الله وإياك- أن الواجب على السني السلفي أن ينصح للمبتدعة، وأن يقيم الحجة عليهم، وأن يحذرهم من البدعة، وأن من والاهم بأي نوع من أنواع الموالاة كمصاحبة أو مجالسة أو نحو ذلك من أنواع الموالاة، نعتقد أن من فعل ذلك فهو مبتدع مثلهم مريض القلب.
وكذلك نعتقد أن من أثنى على المبتدعة، ومن مدحهم، ومن سكت عن بيان بدعهم رضًا منه بها، ومن أنِسَ بهم، ومن ألِفَهُم، ومن دافع عنهم، وذب عنهم، ومن عظَّم قدرهم، وشَهَرَ مذهبهم، وأشاد بذكرهم، نعتقد أن من فعل ذلك فإنه مبتدع مثلهم يجب الحذر منه والتحذير منه والتنفير عنه والبراءة منه ومن زيغه وضلاله وابتداعه.
ونعتقد أن من حامى عن المبتدعة، ومن رد على أهل السنة الذين يردون على المبتدعة، نعتقده مبتدعًا ضالاً زائغًا عن الحق منحرفًا عن منهج السلف ا لصالح إلى البدعة والضلالة، يقول الله -عز وجل-:
{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
فمن تعاون مع المبتدعة على نشر وإذاعة بدعهم فإنه مبتدع مثلهم، كما أن من أعان فاسقًا على نشر فسقه فإنه فاسق مثله.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن المسلمين صنفان، سلفي، وخلفي، فمن لم يكن سلفيًا كان خلفيًا.
فالسلفي سني مهتدٍ بالحق، هادٍ به، وبالحق يعدل، والخلفي ضال مبتدع زائغ عن الحق، لهواه متبع، ناكبٌ عن الصراط المستقيم، ضال ببدعته، ومضل لغيره إن كان داعيًا إلى بدعته، فاختر لنفسك.
وأقول: لو لم أكن سلفيًا، لوددت أن أكون سلفيًا.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن أهل الأهواء والبدع والضلالات ساقطون في الفتنة مثيرون لها، وأن السلفيين بعيدون ومبتعدون عن الفتنة، وليسوا مثيرين لها، بل إنهم سبب للأمن والأمان في المجتمعات،ذلك؛ لأنهم يدعون إلى كتاب ربهم وإلى سنة نبيهم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بفهم السلف الصالح -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- وقد قال الله -عز وجل-:
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الله -عز وجل- حافظٌ دينه، فلا يُمْكن لأحد أن يزيد في الدين، أو أن يدخل فيه ما ليس منه، وإن زعم أنه من الدين، وإن زعم أنه مذهب السلف، فليس كل دعوى مقبولة، وإن الدعاوى إن لم يقم عليها أصحابها البينات فأصحابها أدعياء، يقول الله -عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
وقد قال الله -عز وجل-:
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
ويقول الله عز وجل-:
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
وقد هيأ الله -عز وجل- لهذا الدين علماء أجلاء ذبوا عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وردوا الناس من البدعة إلى السنة، وحَفِظ الله -عز وجل- بهم الدين، وأعلى بهم كلمته، ونصر بهم دينه، وخذل بهم البدعة وأهلها، والشرك وأهله، والكفر وأهله، والإلحاد وأهله، والفسق وأهله، وأعلى الله -عز وجل- ذكرهم، ورفعه، وجعلهم ظاهرين على العباد، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن العبرة بالحق والدليل والبرهان، وليست بكثرة الأتباع والصخب والصياح، يقول الله -عز وجل-: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
فلسنا أكثريين، ولسنا جمهوريين، وإنما نحن أثريون دليليون برهانيون، أعني بذلك أننا متبعون للدليل وللحجة وللبرهان من كتاب ربنا ومن سنة نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بفهم سلف هذه الأمة، وقد أثنى الله -عز وجل- على القلة، ومدحها في غير موضع من كتابه، فقال: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
وقال -عز وجل- عن داوود -صلى الله عليه وسلم-:
{وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}
قال أبو بكر:
وإلى من ينتسب إلى مذهب السلف في الظاهر، وليس هو كذلك في الباطن ولا في حقيقة الأمر، إليه أسوق قول الله -عز وجل-:
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} وأسوق إليه قول الله –عز وجل- في سورة الحجر:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ}.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الأهواء والبدع من أكبر الكبائر وأنها من جنس الشرك بالله -تعالى- قال الله -عز وجل-:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
واعلم أن العلماء قدَروا البدعة حق قدرها، وأدركوا خطرها وجرمها، ولذلك نبهوا على خطر أمرها وعلى خطر أمر المبتدعة، وحذَّروا من البدعة والمبتدعة وحذِروا من البدعة والمبتدعة، بخلاف أهل الجهل والهوى الذين يهوِّنون من أمر البدعة والمبتدعة ومن أمر المخالفة والمخالفين.
أما العلماء فهم على عكس ذلك، يقول الله -عز وجل-:
{وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}
وقال -عز وجل-: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، وأن البدعة لا يتاب منها بخلاف المعصية فإنه يتاب منها، وأن البدعة غلو في الدين وزيادة فيه، وإلحاق ما ليس من الدين بالدين، وأنها من جنس الشرك، وأن صاحبها يعتقد أنه على الحق والصواب، فلذلك لا يتوب منها كما أنه لا يُرجى له أن يتوب منها إلا أن يشاء الله -عز وجل- ذلك، قال الله -عز وجل-:
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
وقال الله -عز وجل-: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
وقال الله –عز وجل-: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ}
وقال -تعالى-:
{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
أما العاصي فإنه يعلم أنه يقترف المعصية وهو يعتقد أنها معصية ولا يعتقد أنها من الدين، فلذلك يُرجى له أن يتوب من تلك المعصية، وهذا حال كثير من العصاة، فإن كثير من العصاة يتوبون إلى الله -عز وجل- بخلاف المبتدعة، فإن الغالب على حالهم عدم التوبة إلى الله -عز وجل- من بدعتهم -عافانا الله عز وجل وإياكم من البدع والضلالات والمعاصي-.
قال أبو بكر:
ونعتقد مجانبة أهل البدع وبدعهم، قال الله -تعالى-: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}
وقال -تعالى-: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا}
وقال: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} إلى غير ذلك من الآيات القرآنية.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن زمن ومدة وأمد هجر المبتدع قد يزيد فوق ثلاث ليال، فليس زمن هجر المبتدع وليس زمن وأمد ومدة هجر المبتدع محدودة بثلاثة أيام أو بثلاث ليال، وليست مقصورة ولا محدودة بهذا التأقيت الزمني –أعني ثلاث ليال أو ثلاثة أيام- فقد يزيد الهجر أكثر من ذلك، بل قد يتمادى الهجر حتى موت المبتدع، فما دام المبتدع قائمًا على بدعته فإنه يُهجر، أما إذا رجع عن بدعته يوصل له ما للسلفي وعليه ما على السلفي، أما تحديد الهجر بثلاث ليال فإن هذا متعلق بالتقصير في حقوق الأخوة وفي حقوق العِشرة وفي حقوق الصحبة ونحو ذلك مما لا يترتب عليه الحكم بتفسيق أو تبديع، أما باب هجر المبتدع فباب آخر كما علمت لدلالة الأدلة على هجر المبتدع أو هجر الفاسق المجاهر بفسقه لدلالة الأدلة على هجر هؤلاء أكثر من ثلاث ليال، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- أن يهجروا كعب بن مالك وصاحبيه، فلم يكلموهم قرابة خمسين ليلة، فأُخِذ من هذا الحديث ما سبق من الحكم الذي ذكرته آنفًا، ثم إن عمل السلف قائم على هذا أيضًا، فلم يجعلوا الحديث الناطق بأنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، لم يجعلوا هذا الحديث ضابطًا وحدًا ومعيارًا لمدة هجر المبتدع، فباب هجر المبتدع باب آخر، والله تعالى أعلى وأعلم.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جرح المبتدعة، والحذر منهم، والتحذير منهم، والتنفير عنهم، والذب عن الشريعة من أفضل الأعمال والقربات التي يعملها المسلم ويتقرب بها إلى الله -عز وجل- وقد صرح بعض الأئمة -رحمهم الله تعالى- صرحوا بأن الذب عن الشرع أفضل من الجهاد في سبيل الله.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
إن الكفار يفسدون القلوب تبعًا، أما المبتدعة فإنهم يفسدون القلوب ابتداءً.
هذا معنى كلامه -رحمه الله-.
إذا عرفت وعلمت ما سبق، قدَرت قدر أهل العلم المجتهدين المجاهدين الذين يردون على المبتدعة ويحذرون منهم، فكن على ذُكر من ذلك، قال الله -عز وجل-: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}
فإن الجهاد بالقرآن وبالسنة جهاد كبير، والله تعالى أعلى وأجل وأعلم.
قال أبو بكر:
نصيحة:أنصح إخواني الذين يريدون معرفة الحق، أنصحهم بالاطلاع على ما كتبه أهل العلم والمجاهدون بالقرآن وبالسنة الذين يردون على المبتدعة في هذا العصر وفي غابر العصور.
قال أبو بكر:
تحذير:أحذر إخواني من القراءة في كتب المبتدعة، فإنهم يوردون شُبَهًا، وقد تنقدح الشبهة في القلب، فإن القلوب ضعيفة والشُبه خطّافة، ومتى اعترضتك شبهة فعليك باللجأ إلى أهل العلم السلفيين، سؤالاً لهم، واطلاعًا على كتبهم، وسماعًا لهم.
قال أبو بكر:
وصية:أوصي إخواني بمعرفة أهل العلم السلفيين في هذه البلاد أو في خارجها، وبالاطلاع على كتبهم والسماع لأشرطتهم والاستفادة منهم سواءً كانوا أحياءً أم أمواتًا، فمن هؤلاء العلماء الأجلاء الأفاضل السلفيين:
الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- والشيخ العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -حفظه الله تعالى-
ننصح بالاستفادة من كتب هؤلاء العلماء الأجلاء السلفيين ومن ردودهم على أهل البدع، فإنهم يتتبعون ما أمكنهم من البدع ويردون عليها وعلى أصحابها حتى يُصَيِّرُوها كأمس الذاهب، أو كالدخان في الهواء إذ لا قرار له ولا بقاء، أو كالملح في الماء إذ سرعان ما يذوب، أو كالزجاج المكسور المنثور، هؤلاء هم العلماء المشهورون بالعلم الراسخون فيه، المعروفون بالعلم وبالثبات على مذهب السلف الصالح، وبجهاد أهل البدع، وبالرد على أهل البدع، ورد الشبهات، هؤلاء العلماء هم الذين يُركن إلى منهجهم وإلى مذهبهم وطريقتهم، إذ إن طريقتهم ومنهجهم هو منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، وهم مشهورون ولله الحمد، ودعك من الحاسد الحاقد الذي نقول له:
ليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ؟!
ونقول له -أيضًا-: قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الحق فوق كل أحد، وأن الحق أجل من كل أحد، وأن الحق أعلى من كل أحد، فاعرف الحق تعرف أهله، اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
قال أبو بكر:
اعلم أن من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل، فمن وصفهم بوصف سوء أو نبزهم بلقب سوء، أو طعن فيهم بأي وجه من وجوه الطعن، فإنه مبتدع أثيم خبيث فاسق ظالم، قال -تعالى- عن بعض المنافقين: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وقال -عز وجل-: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}
وقال -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}
فمن قال عن أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل إنهم رافضة سبابة، فإنه هو الرافضي السباب الأثيم الخبيث على الحقيقة، وأقول:
إن كان أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل رافضة سبابة؛ لاشتغالهم بهذه العلوم النافعة ولجرحهم وذمهم وطعنهم في المبتدعة، إن كان أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل رافضة سبابة لاشتغالهم بهذه العلوم، فإني أشهد الله تعالى أني -والشأن ما ذُكر- رافضي، فأقول:
إن كان رفضًا ذم كل مُبَدّعٍ فليشهد الثقلان أني رافضي
فالحقيقة أن هؤلاء وأمثالهم يقال فيهم: رمتني بدائها وانسلت.
ومن قال فيهم إنهم نابتة السوء، فإنه هو وأمثاله نابتة السوء على الحقيقة.
قال أبو بكر:
واعلم أن السلفيين وعلماء السلفيين حينما يتكلمون في المبتدعة فإنهم يتكلمون بالدليل والبرهان الجلي والحجة النيّرة الساطعة، أما إن تكلم المبتدعة في أهل الحديث والسنة والأثر فإنهم يتكلمون بالباطل والزور والبهتان، كقول قائلهم مثلاً عن أهل السنة والجماعة والحديث والأثر والجرح والتعديل:
إنهم لا يفقهون الواقع، أو إنهم لا يفقهون، أو إنهم علماء حيض ونفاس -يقصد بذلك ذمهم- أو إنهم مشتغلون بالقشور عن اللباب، إلى غير ذلك من الطعون والفرى والأكاذيب.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن بيان سبيل المجرمين من المبتدعين وغيرهم يكون على سبيل التفصيل حتى يتميز سبيل المؤمنين عن سبيل المبتدعين والمجرمين، قال –تعالى-: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}
فلا يُكتفى بالإجمال مع الحاجة إلى التفصيل والبيان، وما أشد الحاجة في هذه الأزمان وفي هذه الأعصار إلى ذلك التفصيل وذلكم البيان!! ذلك لمعرفة سبيل المجرمين للحذر منه والتحذير منه والتنفير عنه، ولقد صدق من قال:
قال أبو بكر:
ونعتقد أنه لا يجوز التهوين ولا التقليل من أمر البدعة ولا المبتدعة ولا من خطر البدعة ولا المبتدعة بأي عبارة من عبارات التهوين والتقليل، كأن يقول الشخص عن المبتدع الذي خالف أصلاً أو أصولاً أهل السنة والجماعة، أو خالف منهج أهل السنة والجماعة، كأن يقول هذا المتكلم عن من هذا حاله:
إن فلانًا له أخطاء، وليس هناك أحد معصوم إلا الأنبياء، ولا يبين هذا المتكلم نوع هذه الأخطاء هل هي أخطاء في العقيدة أو في المنهج تخرج الرجل عن دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة البدعة والضلالة؟!
فإن الرجل قد يكفر بكلمة، قال الله -عز وجل- عن قوم: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ}
وقال -عز وجل-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}
وقال الله -عز وجل-: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}
وقال الله -عز وجل-: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}
وقد يكفر ويضلضلالاً مبينًا بكلمة -أيضًا- كأن يقول: إن الله في كل مكان، أو أن يقول: القرآن مخلوق، أو أن ينفي عن الله أسماءه أو صفاته أو كليهما، أم هي أخطاء تتعلق بمسائل وأمور يسوغ في مثلها الاجتهاد، ولا يعنف بسببها المجتهد، ويكون للمجتهد أجر على اجتهاده مع رد خطئه عليه؟!
فمثل هذا الصنيع، ومثل هذا الإجمال، ومثل ذاك الإبهام من هذا المتكلم، مثله يسبب فسادًا كبيرًا؛ لأن في ذلك تهوينًا لأمر المخالفة ولأمر البدعة والمبتدعة؛ ولأن في ذلك تغريرًا بالمستمع أو بالقارئ، وخداعًا له، وغشًا له، وتلبيسًا عليه، وإدخالاً للبدعة عليه، وإضعافًا للبراءة من البدعة والمبتدعة، وإضعافًا لبغض البدعة والمبتدعة، وتقريبًا للسني إلى البدعة والمبتدعة قلبًا وقالبًا، روحًا وبدنًا، وإيهامًا للسامع أو القارئ أن أمر المخالفة للحق وأن أمر البدعة أمر هين، وأن المبتدع ليس ذا خطر، إلى غير ذلك من أنواع الإيهامات الباطلة المضلة، ثم إن ذلك -أيضًا- خيانة للأمانة التي أُمر بأدائها، ويعتبر قعودًا عن واجب النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولا يخفى ما في كل ذلك وغيره من الفساد والإفساد العريضين، والله المستعان.
قال أبو بكر:
بهذا نختم هذا الشريط الأول المبارك –إن شاء الله تعالى- ويليه الشريط الثاني وأوله خمسة أبيات أرسلتُ بها إلى اليمن في حياة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى-.
1- الفِئام: الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه.
2- الأنام: الخَلْق.
3- الحُطام: ما تكسر من اليبس.
4- الحُسام: السيف القاطع أو طرفه الذي يضرب به.
5- الزمجرة: كثرة الصياح والصخب والصوت.
6 ، 7- أي للوم اللائمين أوغاد الناس، والوغد: هو الأحمق الضعيف الرَّذْل الدنيء.
8- إِخالكم: بكسر أوله أي: أظنكم .
9- كرائم: جمع كريمة .
10- رَقِيَ: بفتح الراء وكسر القاف وفتح الياء المثناة التحتية ، أي: صَعِدَ.
* أقول: إن شاء الله تعالى، عملاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ...}
11- الجراب: المِزْوَدُ أو الوعاء، والمزود: وعاء الزاد.
12- السُّخام: الفحمُ وَسَوَادُ القِدْر.
13- الجَنَان: القلب.
14- الصِّمام: السِّداد.
15- بلا انصرام: بلا انقطاع.
16- مُنَبِّئِيهِ: أنبياءَه.
17- حَيَّ: هَلُمَّ وأَقْبِل.
18- الذُّرَى: جمع ذُرِوة، وذُرِوة الشيء بالضم والكسر أعلاه.
19- سَنَام البعير: أعلاه، والمقصود هنا: معالي الأشياء والأمور.
20- الرَّغَام: التراب أو التراب الليِّن أو الرمل المختلط بالتراب.
21-البواتر: القواطع .
22- تلوح: تظهر وتلمع.
23- أي: السِّمة والعلامة المميزة.
24- الجِسام: العِظام.
25- الغيهب: الظُّلْمَة والشديد السَّواد من الخيل والليل، والغياهب جمع غَيْهَب.
26- الهُمَام: الملك العظيم الهمَّة، والسيد الشجاع السَّخيُّ، خاص بالرجال.
** أعني الحائدين عن مذهب السلف، وبعبارة أخرى أقول:
باستثناء السلفيين فإنهم أهل الحق، ولله الحمد.
27- المُتَهَوِّك: المُتَحَيِّر.
28- قالٌ: أي قولٌ، والمراد هنا القول السيئ.
29- السَّقَام: المرض والعلة.
30- كُلُوم: جمع كَلْم ، وهو الجرح.
31- صالية الحِمَام: أي داخلة ومقتحمة وواردة حياض الموت.
32- القِفَار: جمع قَفْر، وهو الخلاء من الأرض.
33- المَرَام: الطَلَب.
34-وِئَام: وِفَاق.
# وقد استعنت بالقاموس في ترجمة ألفاظ هذه القصيدة. انتهى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال أبو عبد الله أبو بكر بن ماهر بن عطية بن عبد المحسن بن حسين بن أحمد بن جمعة، المصري ثم المنصوري ثم الجوجري -حفظه الله تعالى والمسلمين- قال:
هذه قصيدة نظمتها، وهي بعنوان (أفغير السلفية يبغون) قلت فيها:
إِلَى نُصَرَاءِ مِلَّتِنَا الفِخَــامِ ... إِلَى عُلَماءِ شِرْعَتِنَا العِظَــامِ
سَلاَمُ إِلَـ'ـهِنَا أَبَدًا عَلَيْكُمْ ... أَيَا كُبَرَاءُ يا سُرُجَ الظَّــلاَمِ
أَيَا شُرَفَاءُ يا عَمَدَ الحَيَــاةِ ... بِكُمْ عُرِفَ الحَلاَلُ مِنَ الحَرَامِ
أَيَا كُرَمَاءُ يا أَمَلَ العِبَــادِ ... لِنَصْرِ دِيَانَةِ المَلِكِ السَّــلاَمِ
أَأَتْرُكُ مَذْهَبَ السَّلَفِ الكِرَامِ ... لأَجْلِ مَكَائِدِ الخَلَفِ اللِّئَامِ؟!
أَأَتْرُكُ سُنَّةً هُجِرَتْ دُهُـورًا ... لأَجْلِ عَدَاوَةٍ ظَهَرَتْ أَمَامِي ؟!
أَأَتْرُكُ مَذْهَبَـًا هُوَ دِينُ رَبِّي ... بِلا بِدَعٍ وَلاَ شَطَطِ الفِئَامِ(1)؟!
أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ هَوَى الغُـوَاةِ؟! ... أَأَتْرُكُهُ لِنَيْلِ رِضَا الأَنَـامِ(2)؟!
أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ دُرَيْهِمَــاتِ؟! ... أَأُسْرِعُ جَاهِدًا قِبَل الحُطَامِ(3)؟!
أَأَتْرُكُهُ مَخافَةَ سِجْنِ قَوْمِـي؟! ... أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ أَذَى الحُسَامِ(4)؟!
أَأَتْرُكُهُ لِزَمْجَرَةِ(5) الغِضَـابِ؟! ... أَأَتْرُكُهُ لِلاَئِمَةِ(6) الطِّغَـامِ(7)؟!
إِذَا نُشِرَتْ شَرَائِــعُ غائِبَاتٌ ... عَلاَ لِحَسُودِهِمْ لَهَبُ الخِصَامِ
وَلَسْتُ إِخَالُكُمْ(8) أَبَدًا حَيَارَى لِرَدِّ جَوَابِ نَاظِمِ ذَا الكَـلاَمِ
سَأَتْرُكُهُ إِذَا رَجَعَ الحَــلِيبُ ... لِضَرْعِ كَرَائِمِ(9) البَقَرِ الضِّخَامِ
سَأَتْرُكُهُ إِذَا رَقِيَ(10) الْكَفُــورُ ... إِلَى دَرَجِ الجِنَـانِ بِلاَ مَـلاَمِ
سَأَلْزَمُ وَحْيَ خَالِقِنـَا العَظِيـمِ ... ُوَإِنْ أَجَلِي تَطَاوَلَ أَلْفَ عَـامِ*
وَمَـنْ تَرَكَ الدَّلِيلَ بِغَيْرِ عُـذْرٍ ... تَعَثَّرَ فِي القُعُودِ وَفِي القِيَــامِ
وَمَنْ أَخَذَ العُلُومَ بِلاَ انْتِفَــاءٍ ... حَشَا بِجِرَابِهِ(11) وَسَخَ السُّخَامِ(12)
وَمَنْ تَبِعَ الفَلاَسِفَةَ الحَيَــارَى ... جَنَى تَلَفَ الجَنَانِ(13)مَعَ الصِّمَامِ(14)
وَمَنْ يَذَرِ الشَّرِيعَةَ يَلْقَ عــَارًا ... وَيَقْتَحِـمِ السَّعِـيرَ بِلاَ مُحَامِي
وَتِلْـكَ إِذَنْ خَسَارَةُ خَـاسِرِينَا ... وَشِقْوَةُ أَشْقِيَـاءَ بِـلاَ انْصِرَامِ(15)
وَإِنْ تَكُـنِ الجَرِيمَةُ نَصْـرَ دِينِي ... فَلَسْتُ عَنِ الجَرِيمَـةِ فِي انْفِطَامِ
رَضِيتُ بِنَهْـجِ قَافِلَةِ الرَّسُـولِ ... فَنِعْـمَ صَحَـابَةُ العَـلَمِ الإِمَامِ
بِـهِ خَتَمَ الإِلَـ'ـهُ مُنَبَّئِيـهِ(16) ... فَكَانَ خِتَـامُهُ مِسْـكَ الخِتَـامِ
فَحَيَّ(17) عَلَى الهِدَايَةِ فِي ذُرَاهَا(18) ... وَحَيَّ عَلَى الصُّعُودِ إِلَى السَّنَـامِ(19)
هِيَ السَّـلَفِيَّةُ انْفَتَحَتْ جِهَـارًا ... صَحَائِفُهَــا بِـلاَ أَثَرِ الرَّغَامِ(20)
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ اتَّسَعَتْ بِأَرْضِي ... طَرَائِقُـهَا بِـلا ضَـرَرِ الزِّحَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ انْسَبَكَتْ قَدِيمًا ... سَبَائِكُـهَا بِلاَ شَـرَرِ الصِّدَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ انْفَجَرَتْ عُيُونًا ... مِنَ الحُجَجِ البَـوَاتِرِ(21)كَالسِّهَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ القَمَـرُ المُنِـيرُ ... بِـلاَ سُحُبٍ تَلُـوحُ(22) وَلاَ غَمَامِ
هِيَ السَّلَفِيَّةُ الشَّرَفُ الرَّفِــيعُ ... فَهَلْ تَجِدُونَ أَفْضَلَ مِنْ وِسَامِي(23)؟!
فَيَا سَلَفِيُّ لاَ تَدَعِ السَّبِيـــلاَ ... فَمَنْ لِكَتَائِبِ البِدَعِ الجِسَـامِ(24)؟!
وَمَنْ لِغَيَاهِبِ(25) الظُّلُمَاتِ فِيـنَا ... إِذَا ذَهَبَ الضِّيَاءُ عَـلَى الـدَّوَامِ؟!
وَيَـا سَلَفِيُّ لاَ تَعِـبِ الزَّمَـانَا ... وَلاَ تَـكُ عَـنْ عُيُوبِكَ فِي تَعَامِي
وَيَـا سَلَفِيُّ سَـدَّدَكَ الإِلَـ'ـهُ ... وَعِشْتَ مَعِيـشَةَ البَـطَلِ الهُمَامِ(26)
أَوَائِلُنَا مَضَـوْا قُـدُمًا أُسُـودًا ... أَوَاخِرُنَا أَتَـوْا شَــبَهَ النّـَعَامِ**
وَلِلْمُتَهَـوِّكِ(27) الخَلَـفِيِّ قَـالٌ(28)يُفَضِّلُ مَـذْهَبَ الخَـلَفِ النِّـيَامِ
يَقُولُ عُلُومُـنَا حِـكَمٌ عَـوَالٍ ... وَمَـذْهَبُكَ السَّلاَمَةُ مِنْ سَـقَامِ(29)
فَهَـلْ أَتَتِ السَّلاَمَةُ دُونَ عِـلْمٍ ... فَيَـا عَجَـبًا لِـذَلِكَ مِـنْ نِظَامِ
وَإِنْ تَكُنِ العُـلُومُ بِـلاَ سَـلاَمٍ ... فَتِـلْكَ كُلُومُ(30) صَالِيَةِ الحِمَـامِ(31)
وَمَنْ رُزِقَ السَّلاَمَةَ عَاشَ حُــرًّا ... وَإِنْ أَكَـلَ البُقُولَ بِـلاَ حَمَـامِ
وَمَنْ عَبَدَ الإِلَـ'ـهَ أَصَـابَ عِـزًّا ... وَإِنْ سَكَنَ القِـفَارَ(32) بِـلاَ خِيَامِ
رَفَعْتُ إِلَى السَّمِيعِ يَـدَيْ دُعَـائِي ... فَـلاَ رَجَـعَتْ مُخَـيَّـبَةَ المَرَامِ(33)
أُرِيـدُ رِضَا الكَرِيمِ وَدَارَ خُـلْـدِ ... بِهَـا الدَّرَجَـاتُ عَالِـيَةُ المَـقَامِ
بِهَا الصُّلَـحَاءُ وَالشُّهَـدَاءُ حَـقًّا ... بِـلاَ نَصَـبٍ هُـنَاكَ وَلاَ مَـنَامِ
إِذَا غُمِسَ السَّعِـيدُ بِـهَا قَلِيـلاً ... أَحَـسَّ بِـلَذَّةِ الظَّـفَرِ التَّــمَامِ
فَـيَا غَـفَرَ الغَفُـورُ لِـيَ الذُّنُوبَا ... وَيَا رَحِـمَ الرَّحِـيمُ أَخَـا وِئَـامِ(34)
سَلاَمُ إِلَـ'ـهِنَا أَبَدًا عَلَيْكُمْ ... أَيَا كُبَرَاءُ يا سُرُجَ الظَّــلاَمِ
أَيَا شُرَفَاءُ يا عَمَدَ الحَيَــاةِ ... بِكُمْ عُرِفَ الحَلاَلُ مِنَ الحَرَامِ
أَيَا كُرَمَاءُ يا أَمَلَ العِبَــادِ ... لِنَصْرِ دِيَانَةِ المَلِكِ السَّــلاَمِ
أَأَتْرُكُ مَذْهَبَ السَّلَفِ الكِرَامِ ... لأَجْلِ مَكَائِدِ الخَلَفِ اللِّئَامِ؟!
أَأَتْرُكُ سُنَّةً هُجِرَتْ دُهُـورًا ... لأَجْلِ عَدَاوَةٍ ظَهَرَتْ أَمَامِي ؟!
أَأَتْرُكُ مَذْهَبَـًا هُوَ دِينُ رَبِّي ... بِلا بِدَعٍ وَلاَ شَطَطِ الفِئَامِ(1)؟!
أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ هَوَى الغُـوَاةِ؟! ... أَأَتْرُكُهُ لِنَيْلِ رِضَا الأَنَـامِ(2)؟!
أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ دُرَيْهِمَــاتِ؟! ... أَأُسْرِعُ جَاهِدًا قِبَل الحُطَامِ(3)؟!
أَأَتْرُكُهُ مَخافَةَ سِجْنِ قَوْمِـي؟! ... أَأَتْرُكُهُ لأَجْلِ أَذَى الحُسَامِ(4)؟!
أَأَتْرُكُهُ لِزَمْجَرَةِ(5) الغِضَـابِ؟! ... أَأَتْرُكُهُ لِلاَئِمَةِ(6) الطِّغَـامِ(7)؟!
إِذَا نُشِرَتْ شَرَائِــعُ غائِبَاتٌ ... عَلاَ لِحَسُودِهِمْ لَهَبُ الخِصَامِ
وَلَسْتُ إِخَالُكُمْ(8) أَبَدًا حَيَارَى لِرَدِّ جَوَابِ نَاظِمِ ذَا الكَـلاَمِ
سَأَتْرُكُهُ إِذَا رَجَعَ الحَــلِيبُ ... لِضَرْعِ كَرَائِمِ(9) البَقَرِ الضِّخَامِ
سَأَتْرُكُهُ إِذَا رَقِيَ(10) الْكَفُــورُ ... إِلَى دَرَجِ الجِنَـانِ بِلاَ مَـلاَمِ
سَأَلْزَمُ وَحْيَ خَالِقِنـَا العَظِيـمِ ... ُوَإِنْ أَجَلِي تَطَاوَلَ أَلْفَ عَـامِ*
وَمَـنْ تَرَكَ الدَّلِيلَ بِغَيْرِ عُـذْرٍ ... تَعَثَّرَ فِي القُعُودِ وَفِي القِيَــامِ
وَمَنْ أَخَذَ العُلُومَ بِلاَ انْتِفَــاءٍ ... حَشَا بِجِرَابِهِ(11) وَسَخَ السُّخَامِ(12)
وَمَنْ تَبِعَ الفَلاَسِفَةَ الحَيَــارَى ... جَنَى تَلَفَ الجَنَانِ(13)مَعَ الصِّمَامِ(14)
وَمَنْ يَذَرِ الشَّرِيعَةَ يَلْقَ عــَارًا ... وَيَقْتَحِـمِ السَّعِـيرَ بِلاَ مُحَامِي
وَتِلْـكَ إِذَنْ خَسَارَةُ خَـاسِرِينَا ... وَشِقْوَةُ أَشْقِيَـاءَ بِـلاَ انْصِرَامِ(15)
وَإِنْ تَكُـنِ الجَرِيمَةُ نَصْـرَ دِينِي ... فَلَسْتُ عَنِ الجَرِيمَـةِ فِي انْفِطَامِ
رَضِيتُ بِنَهْـجِ قَافِلَةِ الرَّسُـولِ ... فَنِعْـمَ صَحَـابَةُ العَـلَمِ الإِمَامِ
بِـهِ خَتَمَ الإِلَـ'ـهُ مُنَبَّئِيـهِ(16) ... فَكَانَ خِتَـامُهُ مِسْـكَ الخِتَـامِ
فَحَيَّ(17) عَلَى الهِدَايَةِ فِي ذُرَاهَا(18) ... وَحَيَّ عَلَى الصُّعُودِ إِلَى السَّنَـامِ(19)
هِيَ السَّـلَفِيَّةُ انْفَتَحَتْ جِهَـارًا ... صَحَائِفُهَــا بِـلاَ أَثَرِ الرَّغَامِ(20)
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ اتَّسَعَتْ بِأَرْضِي ... طَرَائِقُـهَا بِـلا ضَـرَرِ الزِّحَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ انْسَبَكَتْ قَدِيمًا ... سَبَائِكُـهَا بِلاَ شَـرَرِ الصِّدَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ انْفَجَرَتْ عُيُونًا ... مِنَ الحُجَجِ البَـوَاتِرِ(21)كَالسِّهَامِ
هِيَ السَّــلَفِيَّةُ القَمَـرُ المُنِـيرُ ... بِـلاَ سُحُبٍ تَلُـوحُ(22) وَلاَ غَمَامِ
هِيَ السَّلَفِيَّةُ الشَّرَفُ الرَّفِــيعُ ... فَهَلْ تَجِدُونَ أَفْضَلَ مِنْ وِسَامِي(23)؟!
فَيَا سَلَفِيُّ لاَ تَدَعِ السَّبِيـــلاَ ... فَمَنْ لِكَتَائِبِ البِدَعِ الجِسَـامِ(24)؟!
وَمَنْ لِغَيَاهِبِ(25) الظُّلُمَاتِ فِيـنَا ... إِذَا ذَهَبَ الضِّيَاءُ عَـلَى الـدَّوَامِ؟!
وَيَـا سَلَفِيُّ لاَ تَعِـبِ الزَّمَـانَا ... وَلاَ تَـكُ عَـنْ عُيُوبِكَ فِي تَعَامِي
وَيَـا سَلَفِيُّ سَـدَّدَكَ الإِلَـ'ـهُ ... وَعِشْتَ مَعِيـشَةَ البَـطَلِ الهُمَامِ(26)
أَوَائِلُنَا مَضَـوْا قُـدُمًا أُسُـودًا ... أَوَاخِرُنَا أَتَـوْا شَــبَهَ النّـَعَامِ**
وَلِلْمُتَهَـوِّكِ(27) الخَلَـفِيِّ قَـالٌ(28)يُفَضِّلُ مَـذْهَبَ الخَـلَفِ النِّـيَامِ
يَقُولُ عُلُومُـنَا حِـكَمٌ عَـوَالٍ ... وَمَـذْهَبُكَ السَّلاَمَةُ مِنْ سَـقَامِ(29)
فَهَـلْ أَتَتِ السَّلاَمَةُ دُونَ عِـلْمٍ ... فَيَـا عَجَـبًا لِـذَلِكَ مِـنْ نِظَامِ
وَإِنْ تَكُنِ العُـلُومُ بِـلاَ سَـلاَمٍ ... فَتِـلْكَ كُلُومُ(30) صَالِيَةِ الحِمَـامِ(31)
وَمَنْ رُزِقَ السَّلاَمَةَ عَاشَ حُــرًّا ... وَإِنْ أَكَـلَ البُقُولَ بِـلاَ حَمَـامِ
وَمَنْ عَبَدَ الإِلَـ'ـهَ أَصَـابَ عِـزًّا ... وَإِنْ سَكَنَ القِـفَارَ(32) بِـلاَ خِيَامِ
رَفَعْتُ إِلَى السَّمِيعِ يَـدَيْ دُعَـائِي ... فَـلاَ رَجَـعَتْ مُخَـيَّـبَةَ المَرَامِ(33)
أُرِيـدُ رِضَا الكَرِيمِ وَدَارَ خُـلْـدِ ... بِهَـا الدَّرَجَـاتُ عَالِـيَةُ المَـقَامِ
بِهَا الصُّلَـحَاءُ وَالشُّهَـدَاءُ حَـقًّا ... بِـلاَ نَصَـبٍ هُـنَاكَ وَلاَ مَـنَامِ
إِذَا غُمِسَ السَّعِـيدُ بِـهَا قَلِيـلاً ... أَحَـسَّ بِـلَذَّةِ الظَّـفَرِ التَّــمَامِ
فَـيَا غَـفَرَ الغَفُـورُ لِـيَ الذُّنُوبَا ... وَيَا رَحِـمَ الرَّحِـيمُ أَخَـا وِئَـامِ(34)
قال أبو بكر:
ليعلم القريب والبعيد، والقاصي والداني، والعالم والجاهل، والعدو والصديق، والمؤيد والمعارض، والحاضر والبادي، والمسافر والمقيم، والمشرِّق والمغرِّب، ليعلم أنَّا للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ناصرون.
وأنَّا لما في الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة معتقدون متبعون مستمسكون.
وأنَّا في الخارجين عن عقيدة ومنهج السلف الصالح في فهم الكتاب والسنة طاعنون وذامّون ومبدِّعون، وأنَّا منهم فارُّون، وعنهم ناءون، ولهم مهاجرون،
وأنَّا لأستارهم هاتكون، ولعقيدتهم الفاسدة كاشفون، ولمنهجهم الباطل مبَيِّنون.
وأنَّا من سلوك طريقتهم ومنهجهم واعتقاد عقيدتهم حذرون ومحذِّرون ومنفرون.
وأنَّا عن حضور مجالسهم وتكثير سوادهم ومودتهم صادُّون، وأنَّا لقاصديهم رادُّون.
وأنَّا بالقلة أو بالكثرة من الأتباع غير معتبِرين.
وأنَّا بالحق وحده معتبرون.
وأنَّا لأهل العلم مؤيدون وناصرون، غير خاذلين ولا مخذلين ولا مثبطين.
وأنَّا معهم متعاونون، ولهم معينون, ولهم موقرون، وبعضدهم شادّون.
وأنَّا على المكاره والعواقب المؤلمة -إن شاء الله- صابرون محتسبون.
وأنَّا للمحزبين للأمة والمفرقين لجمعها بالأحزاب والجماعات معادون.
وأنَّا لهم بالقرآن والسنة مجاهدون.
وأنَّا لهم مبدِّعون ولضلالهم مُبَيِّنون.
وأنَّا منهم محذرون.
وأنَّا نعتقد أن مذهب الموازنات القاضي بأن المبتدع إذا ذُكرت سيئاته وبدعته فلابد من ذكر حسناته ولو كان المقام مقام تحذير من المبتدع وبدعته لا مقام ترجمة، نعتقد أن هذا المذهب باطل ومحدَث ومخترع ومبتدع ومصطنع، مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا في التحذير من المبتدع وبدعته دون التزامهم بوجوب منهج الموازنات المدعى المزعوم.
ونعتقد أن المعتقدين لهذا المذهب ضُلاّلٌ مبتدعة زائغون عن الحق، هدّامون لأصل من أصول أهل السنة والجماعة في منهجهم.
ونعتقد أنه يجب الحذر من هؤلاء والتحذير منهم، وصد الناس عنهم، وردهم عن مجالسهم، وتحذيرهم من تكثير سوادهم واستماع شبههم.
ونعتقد أن هذه البدعة -بدعة الموازنات- بدعة خطيرة جدًا، ومن أخطر البدع في هذا العصر وفي هذا القرن، وتزداد خطورتها إذا كان يعتقدها ويؤيدها وينصرها من ينتسب إلى مذهب السلف الصالح، وينسب تلك البدعة المذمومة الشنيعة إلى مذهب السلف الصالح، مع العلم بأن مذهب السلف الصالح بريء من تلك البدعة، وأن السلفيين برآء من تلك البدعة ومن حاملها وناصرها ومؤيدها ومعتقدها.
وهؤلاء المبتدعون سلفيون قولاً وادعاءً وليسوا بسلفيين فعلاً وواقعًا وحقيقة، بل إنهم من أشد المبتدعة ابتداعًا، ومن أضل الناس في هذا العصر لخفاء بدعتهم على كثير من الناس -وما أكثر المغترين بهم!!- ولكون هؤلاء يدّعون السلفية، وينسبون إليها ما ليس منها، ويُلبِسون الباطلَ ثوبَ الحقِ، فتنطلي البدعة والشبهة، وينطلي الباطل على كثير من الناس الذين قلّ علمهم وقلّ فقههم.
وأصحاب هذا المذهب المبتدع -مذهب الموازنات- يدورون بين أمرين أحلاهما مر، يدورون بين الجهل بمنهج السلف الصالح بخصوص التحذير من المبتدعة، وبين تعمد مخالفة منهج السلف الصالح في هذا الباب العظيم، أما من كان جاهلاً فإنه يجب عليه التعلم أو سؤال أهل العلم أو السماع لما يقول به أهل العلم، ولا يجوز له الإعراض عن ذلك، قال الله -عز وجل-:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
وقال -عز وجل-: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
فإن فعل وتعلم ورجع، وإلا كان الواجب منع هؤلاء الجهلة من التصدر للتدريس أو الخطابة أو الفتوى، حماية للمسلمين من جهلهم ومن شرهم، وحماية للدين من إفسادهم له، وأما من كان متعمدًا للمخالفة فإنه يجب منعه ويجب عدم تمكينه من باب أولى، ويجب تعزيره وتأديبه وتقريعه وتوبيخه وتأنيبه وكشف أمره وهتك ستره وغير ذلك من أنواع التعزيرات والعقوبات التيتردعه وتردع أمثاله المقتحمين للبدعة عن عمد، المفسدين للدين، الملبسين على الناس، المتشبهين بأهل الكتاب الكفرة الذين قال الله فيهم:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}
وأن تكون أساليب منع تلك البدعة متدرجة آخذة بالأشد فالأشد، كما هو الشأن في تغيير المنكر.
ثم ليُعلم أن الفتنة هي مخالفة الحق، يقول الله -عز وجل-:
{... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة ضالة مبتدعة زائغة عن الحق، وأنها من أشد الأحزاب الإسلامية عداوة للسلفيين، ومن أكثر الأحزاب تلبيسًا وإيرادًا للشبهات الباطلة، ونعتقد أنه يجب الحذر منها بشتى وسائل الحذر، ويجب التحذير منها بشتى وسائل التحذير.
ولقد صدق شيخنا العلامة المحدث الفقيه مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى- صدق في وصفهم بالإخوان المفلسين، وذلك؛ لأنهم مفلسون في العلم وفي السياسة أيضًا، فإن هذه الجماعة من أبعد الجماعات عن العلم الشرعي وعن منهج السلف الصالح -رضي الله عنهم أجمعين-.
ثم إنها جماعة سياسية تنازع الأمر أهله، وتنتظر فرصة الخروج على الحاكم المسلم حتى تنقض على كرسيه وعلى عرشه، ولا يخفى ما في هذا الخروج من الفساد والإفساد -لا مكّن الله لهم-.
ويجب حظر نشاط تلك الجماعة المشبوهة المريبة المبتدِعة، ويجب عدم تمكينهم من دعوتهم الملبِّسة والمشبِّهة على الناس.
وليُعلم أن هذا الحزب وأن هذه الجماعة ملفِقَةٌ لسائر الطوائف والفرق، فإن الطوائف والفرق تدخل في شرط هذه الجماعة، فلا تمييز عندهم بين السني وبين غيره، فلذلك يجب على السلفي أن يتميز عنهم، فإنهم من أشد الجماعات والأحزاب المعادية لمذهب السلف -ثبتنا الله على مذهب السلف حتى نلقاه سبحانه وتعالى-.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة الجهاد جماعة ضالة مبتدِعة زائغة عن الحق مفسدة في الأرض، وأنه يجب الحذر منها والتحذير منها بشتى وسائل الحذر والتحذير والتنفير، وأنه يجب درء فتنتهم ومنع إفسادهم للدين والدنيا، ويجب الأخذ على أيديهم بالوسائل المناسبة الكفيلة بردعهم عن إفسادهم، ولقد صدق شيخنا العلامة الشيخ مقبل -رحمه الله تعالى- في تسميته لهم بجماعة الفساد.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جماعة التبليغ جماعة جاهلة ضالة مبتدِعة بعيدة عن منهج السلف، وذلك؛ لأن منهجهم فاسد بدعي تجهيلي مضلل مخالف لمذهب السلف ومعادٍ له، وليس قائمًا على أصول أهل السنة والجماعة ولا على منهج أهل السنة والجماعة، فيجب الحذر والتحذير منهم بشتى وسائل الحذر والتحذير، كما يجب منع الجهلة منهم ومن أمثالهم من قيادة المجتمع أو توجيهه وتربيته على مذهب ومنهج مخترع مبتدع، فإن الجهل داء وبيل فتّاك قتّال.
ويجب حظْرُ نشاطهم ومنعهم من ذاك الخروج الجاهلي الذي يفتقد أصوله العلمية الشرعية ومنهجه العلمي الشرعي.
إنهم ليخرجون هذا الخروج الجاهلي بدعوى الدعوة إلى الله، وإن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن القوم من أجهل عباد الله بمنهج السلف الصالح، ومن أجهل عباد الله بكتاب ربنا وبسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وعلى هذا فلا يجوز تكثير سوادهمولا حضور مجالسهم ولا مودتهم ولا غير ذلك من أنواع الولاء لهم، بل يجب التبرؤ منهم ومن منهجهم ومذهبهم وطريقتهم وتحزبهم وتفريقهم للأمة كما هو الشأن في جميع الجماعات والأحزاب، فإنه يجب البراءة من سائر المبتدِعة ومن مناهجهم المبتدِعة المبتدَعة المخترَعة، ثم إنه قد بدا لي أن أسميهم بجماعة التجهيل والتضليل.
قال أبو بكر -وفقه الله والمسلمين أجمعين-:
ونعتقد أن جماعة التوقف والتبين التي تتوقف في الحكم على المسلمين بالإسلام حتى يتبين إسلامهم، نعتقد أن تلك الجماعة جماعة ضالة منحرفة عن الحق، زائغة عنه، زائغة عن منهج أهل السنة والجماعة، منهج السلف الصالح، ذلك؛ لأن الأصل في المسلمين هو الإسلام، كما أن الأصل في الكفار هو الكفر، فلا يجوز لنا أن نتوقف في الحكم بالإسلام على المسلمين حتى نتبين إسلامهم، كما أنه لا يجوز لنا أن نتوقف في الحكم بالكفر على الكفار حتى نتبين كفرهم، ذلك؛ لأن الأصل في المسلمين هو الإسلام، وأن الأصل في الكفار هو الكفر، فلا يجوز لنا العدول ولا الخروج عن هذا الأصل، فلابد من استصحاب الأصل في كلٍ من المسلمين والكفار.
فلا يجوز التوقف في الحكم على المسلم بالإسلام حتى نتبين من إسلامه، ولا يجوز لنا التوقف في الحكم بالكفر على الكافر حتى يتبين لنا كفره.
إذا ثبت هذا، فاعلم أنه يجب الحذر من هذه الجماعة الضالة المنحرفة، ويجب التحذير منهم والتنفير عنهم بشتى وسائل الحذر والتحذير والتنفير -أعاذنا الله من تلك المذاهب والجماعات والأحزاب المبتدِعة المبتدَعة المفرقة للأمة-.
قال أبو بكر -سلمه الله والمسلمين أجمعين-:
ونعتقد أن جماعة التكفير الذين يكفرون المسلمين بالكبيرة أو بالمعصية التي هي دون الشرك الأكبر، والذين يرون الخروج بالسيف على المسلمين حكامًا ومحكومين، نعتقد أن تلك الجماعة خوارج هذا العصر؛ لمخالفتهم لمذهب السلف الصالح القاضي بأنه لا تكفير إلا بمكفِر، وذلك المكفر لا يكون كبيرة دون الشرك الأكبر، ولا يكون معصية دون الشرك الأكبر.
ونعتقد أن هذه الجماعة من أضل الفرق الإسلامية وأبعدها عن منهج أهل السنة والجماعة، وأن هؤلاء المكفرين للمسلمين يناظَرون ويناصَحون ويناقَشون وتقام عليهم الحجج من أهل العلم الذين هم أهل لإقامة الحجة ولإزالة الشبهة عن المخالف وعن المبتدع وعن الكافر وعن كل مارق عن الدين أو عن السنة أو عن منهج السلف الصالح.
فإذا أقيمت عليهم الحجة ممن هو أهل لإقامة الحجة، ولم يرجعوا عن بدعتهم، وجمعوا مع تكفيرهم المسلمين الإفساد في الأرض وقتل المسلمين وجب قتالهم وقتلهم حتى تُستأصل شأفتهم، وحتى يستريح العباد والبلاد من شرهم.
وليُعلم أن الذي يقوم بقتالهم وقتلهم هو ولي أمر المسلمين بمن معه، فلا يجوز لأحد أن يركب رأسه ويمتطي فرسه ويأخذ رمحه وسيفه ثم يذهب ليقاتل هؤلاء ويقتلهم، ذلك؛ لأن في هذا مفاسد عظيمة وفوضى جسيمة، وخروجًا على ولي الأمر وافتياتًا عليه.
إن الذي يقاتلهم ويقتلهم هو ولي أمر المسلمين بمن معه دفعًا للفوضى وللخروج على الحاكم المسلم، ودفعًا للفتن وللمفاسد.
فإذا أفسد هؤلاء الخوارج في الأرض ولم ينكف إفسادهم إلا بقتلهم قُتلوا وإن لم يَقتُلوا.
وإذا كان الخوارج الجدد، إذا كانوا يعتقدون أنهم لا يرون الخروج اليوم وفي هذا العصر، لا يرون الخروج بالسيف على المسلمين وعلى حكامهم بدعوى أو باعتبار أنهم مستضعفون وأنهم أشبه ما يكونون بالعصر المكي، فنقول:
أدام الله عليهم ذلك الضعف، وأدام الله عليهم ذلك العصر المكي -أعاذنا الله والمسلمين حكامًا ومحكومين من شرهم ومن فسادهم ومن إفسادهم، وردهم إلى الحق ردًا جميلاً-.
قال أبو بكر:
ونعتقد وجوب السمع والطاعة منا لحكام المسلمين وولاة أمورهم؛ لأن الأصل فيهم أنهم مسلمون، فإذا أمروا بطاعة وجبت طاعتهم، وإذا أمروا بمعصية لم تجب طاعتهم، بل لم تجز طاعتهم.
قال أبو بكر:
ونعتقد أنه ليس كل من وقع في الكفر يعتبر كافرًا، إذ لا يجوز تكفير مسلم إلا بعد استيفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه.
ونعتقد أن الذين يعلمون ويدرون ذلك هم العلماء، فهم الموكول إليهم هذا الباب، لا الجهلة والعوام وأصحاب الجهالات والضلالات والأهواء والحزبيات الذين يتخذون رؤوسًا جهالاً فيسألونهم فيفتونهم بغير علم فيَضلون ويُضلون ويَفتتنون ويَفتنون.
وإذا كان لابد من استيفاء شروط تكفير المعين وانتفاء موانع ذلك التكفير، إذا كان لابد من ذلك في تكفير المعين من آحاد الناس فإنه لابد من ذلك قبل الحكم بالكفر على المعين من حكام المسلمين من باب أولى وأولى وأولى لعظم وخطر ما يترتب على ذلكم الحكم الخطير، خاصة بعد قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان))
ألا بعدًا لأصحاب الفتن والثوْرات وأصحاب الفتاوى الزائغة والجهالات، وبعدًا للمكفرين للمسلمين والمكفرات، وبعدًا للمفلسين في العلم والحجج والمفلسات، وبعدًا للحائدين عن منهج السلف الصالح والحائدات، والحائرين والحائرات، والبائرين والبائرات، المشعلين لنيران الفتنة والمشعلات -وقانا الله شرهم وأمَّننا وإخواننا والمسلمين وبلادنا من فتنهم، ورد كيدهم في نحورهم، واستأصل الله شأفتهم وأسكت نأمتهم-.
قال أبو بكر:
ونعتقد عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم خلافًا للخوارج الذين يخرجون على حكام المسلمين ويعيثون في الأرض فسادًا.
ندين الله -عز وجل- ظاهرًا وباطنًا بعدم جواز الخروج على حكام المسلمين، وإن جاروا وظلموا، وإن أخذوا المال، وضربوا الظهر، وإن سجنوا، وإن قتلوا.
ونستعين بالله -عز وجل- في الصبر على أي أذى منهم، ولا نرى مع ذلك جواز الخروج عليهم للأدلة الشرعية الدالة على عدم جواز الخروج عليهم، حقنًا لدماء المسلمين، ودرءًا للمفاسد، وجمعًا لكلمة المسلمين.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الحاكم -حاكم المسلمين- لو أنه كفر كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان، نعتقد -والشأن ما ذكر- أنه لا يجوز للمسلمين مقاتلة هذا الحاكم إذا كانوا غير قادرين على مقاتلته والإطاحة به وإزاحته عن العرش، وكذلك إذا كان القتال يكون دائرًا بين المسلمين فإنه لا يجوز أيضًا أن يقاتل هؤلاء المسلمون ذلك الحاكم الكافر حقنًا لدماء المسلمين، ودرءًا للمفاسد العظيمة المترتبة على مثل ذلك القتال، وهذا مستفاد من معنى كلام لشيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-.
كما أنه إذا كانت الغلبة والجولة والقَهر لحاكم كافر أصلي واستتب واستقر الأمر له فإنه لا يجوز والحالة هذه، لا يجوز للمسلمين أن يقاتلوا ذلك الحاكم الكافر إذا كانوا غير قادرين على مقاتلة ذلك الحاكم، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وصحابته الكرام، لنا فيهم أسوة حسنة حيث كانوا بمكة -شرفها الله تعالى- وكان للمشركين الغلبة والقوة والقهر والسلطان، فلم يؤذن للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يقاتل المشركين وهم في مكة -شرفها الله تعالى- ومن لم يكن له في رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أسوة في مثل هذا الموطن وفي غيره فليس له في أحد أسوة، وعليه، فإن المسلمين الموجودين في بلاد الكفر لا يجوز لهم مقاتلة الحاكم الكافر الذي يحكم الكفار في تلك البلاد، ذلك؛ لعدم قدرتهم على مقاتلته، ولما يترتب على ذلك القتال من سفك دماء المسلمين وتحقيق المفاسد العظيمة، على هذا دل كلام أهل العلم المبني على الأدلة والقواعد الشرعية.
قال أبو بكر:
اعلم -رحمني الله وإياك- أن الواجب على السني السلفي أن ينصح للمبتدعة، وأن يقيم الحجة عليهم، وأن يحذرهم من البدعة، وأن من والاهم بأي نوع من أنواع الموالاة كمصاحبة أو مجالسة أو نحو ذلك من أنواع الموالاة، نعتقد أن من فعل ذلك فهو مبتدع مثلهم مريض القلب.
وكذلك نعتقد أن من أثنى على المبتدعة، ومن مدحهم، ومن سكت عن بيان بدعهم رضًا منه بها، ومن أنِسَ بهم، ومن ألِفَهُم، ومن دافع عنهم، وذب عنهم، ومن عظَّم قدرهم، وشَهَرَ مذهبهم، وأشاد بذكرهم، نعتقد أن من فعل ذلك فإنه مبتدع مثلهم يجب الحذر منه والتحذير منه والتنفير عنه والبراءة منه ومن زيغه وضلاله وابتداعه.
ونعتقد أن من حامى عن المبتدعة، ومن رد على أهل السنة الذين يردون على المبتدعة، نعتقده مبتدعًا ضالاً زائغًا عن الحق منحرفًا عن منهج السلف ا لصالح إلى البدعة والضلالة، يقول الله -عز وجل-:
{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
فمن تعاون مع المبتدعة على نشر وإذاعة بدعهم فإنه مبتدع مثلهم، كما أن من أعان فاسقًا على نشر فسقه فإنه فاسق مثله.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن المسلمين صنفان، سلفي، وخلفي، فمن لم يكن سلفيًا كان خلفيًا.
فالسلفي سني مهتدٍ بالحق، هادٍ به، وبالحق يعدل، والخلفي ضال مبتدع زائغ عن الحق، لهواه متبع، ناكبٌ عن الصراط المستقيم، ضال ببدعته، ومضل لغيره إن كان داعيًا إلى بدعته، فاختر لنفسك.
وأقول: لو لم أكن سلفيًا، لوددت أن أكون سلفيًا.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن أهل الأهواء والبدع والضلالات ساقطون في الفتنة مثيرون لها، وأن السلفيين بعيدون ومبتعدون عن الفتنة، وليسوا مثيرين لها، بل إنهم سبب للأمن والأمان في المجتمعات،ذلك؛ لأنهم يدعون إلى كتاب ربهم وإلى سنة نبيهم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بفهم السلف الصالح -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- وقد قال الله -عز وجل-:
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الله -عز وجل- حافظٌ دينه، فلا يُمْكن لأحد أن يزيد في الدين، أو أن يدخل فيه ما ليس منه، وإن زعم أنه من الدين، وإن زعم أنه مذهب السلف، فليس كل دعوى مقبولة، وإن الدعاوى إن لم يقم عليها أصحابها البينات فأصحابها أدعياء، يقول الله -عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
وقد قال الله -عز وجل-:
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
ويقول الله عز وجل-:
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
وقد هيأ الله -عز وجل- لهذا الدين علماء أجلاء ذبوا عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وردوا الناس من البدعة إلى السنة، وحَفِظ الله -عز وجل- بهم الدين، وأعلى بهم كلمته، ونصر بهم دينه، وخذل بهم البدعة وأهلها، والشرك وأهله، والكفر وأهله، والإلحاد وأهله، والفسق وأهله، وأعلى الله -عز وجل- ذكرهم، ورفعه، وجعلهم ظاهرين على العباد، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن العبرة بالحق والدليل والبرهان، وليست بكثرة الأتباع والصخب والصياح، يقول الله -عز وجل-: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
فلسنا أكثريين، ولسنا جمهوريين، وإنما نحن أثريون دليليون برهانيون، أعني بذلك أننا متبعون للدليل وللحجة وللبرهان من كتاب ربنا ومن سنة نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بفهم سلف هذه الأمة، وقد أثنى الله -عز وجل- على القلة، ومدحها في غير موضع من كتابه، فقال: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
وقال -عز وجل- عن داوود -صلى الله عليه وسلم-:
{وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}
قال أبو بكر:
وإلى من ينتسب إلى مذهب السلف في الظاهر، وليس هو كذلك في الباطن ولا في حقيقة الأمر، إليه أسوق قول الله -عز وجل-:
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} وأسوق إليه قول الله –عز وجل- في سورة الحجر:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ}.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الأهواء والبدع من أكبر الكبائر وأنها من جنس الشرك بالله -تعالى- قال الله -عز وجل-:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
واعلم أن العلماء قدَروا البدعة حق قدرها، وأدركوا خطرها وجرمها، ولذلك نبهوا على خطر أمرها وعلى خطر أمر المبتدعة، وحذَّروا من البدعة والمبتدعة وحذِروا من البدعة والمبتدعة، بخلاف أهل الجهل والهوى الذين يهوِّنون من أمر البدعة والمبتدعة ومن أمر المخالفة والمخالفين.
أما العلماء فهم على عكس ذلك، يقول الله -عز وجل-:
{وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}
وقال -عز وجل-: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}
قال أبو بكر:
ونعتقد أن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، وأن البدعة لا يتاب منها بخلاف المعصية فإنه يتاب منها، وأن البدعة غلو في الدين وزيادة فيه، وإلحاق ما ليس من الدين بالدين، وأنها من جنس الشرك، وأن صاحبها يعتقد أنه على الحق والصواب، فلذلك لا يتوب منها كما أنه لا يُرجى له أن يتوب منها إلا أن يشاء الله -عز وجل- ذلك، قال الله -عز وجل-:
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
وقال الله -عز وجل-: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
وقال الله –عز وجل-: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ}
وقال -تعالى-:
{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
أما العاصي فإنه يعلم أنه يقترف المعصية وهو يعتقد أنها معصية ولا يعتقد أنها من الدين، فلذلك يُرجى له أن يتوب من تلك المعصية، وهذا حال كثير من العصاة، فإن كثير من العصاة يتوبون إلى الله -عز وجل- بخلاف المبتدعة، فإن الغالب على حالهم عدم التوبة إلى الله -عز وجل- من بدعتهم -عافانا الله عز وجل وإياكم من البدع والضلالات والمعاصي-.
قال أبو بكر:
ونعتقد مجانبة أهل البدع وبدعهم، قال الله -تعالى-: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}
وقال -تعالى-: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا}
وقال: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} إلى غير ذلك من الآيات القرآنية.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن زمن ومدة وأمد هجر المبتدع قد يزيد فوق ثلاث ليال، فليس زمن هجر المبتدع وليس زمن وأمد ومدة هجر المبتدع محدودة بثلاثة أيام أو بثلاث ليال، وليست مقصورة ولا محدودة بهذا التأقيت الزمني –أعني ثلاث ليال أو ثلاثة أيام- فقد يزيد الهجر أكثر من ذلك، بل قد يتمادى الهجر حتى موت المبتدع، فما دام المبتدع قائمًا على بدعته فإنه يُهجر، أما إذا رجع عن بدعته يوصل له ما للسلفي وعليه ما على السلفي، أما تحديد الهجر بثلاث ليال فإن هذا متعلق بالتقصير في حقوق الأخوة وفي حقوق العِشرة وفي حقوق الصحبة ونحو ذلك مما لا يترتب عليه الحكم بتفسيق أو تبديع، أما باب هجر المبتدع فباب آخر كما علمت لدلالة الأدلة على هجر المبتدع أو هجر الفاسق المجاهر بفسقه لدلالة الأدلة على هجر هؤلاء أكثر من ثلاث ليال، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- أن يهجروا كعب بن مالك وصاحبيه، فلم يكلموهم قرابة خمسين ليلة، فأُخِذ من هذا الحديث ما سبق من الحكم الذي ذكرته آنفًا، ثم إن عمل السلف قائم على هذا أيضًا، فلم يجعلوا الحديث الناطق بأنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، لم يجعلوا هذا الحديث ضابطًا وحدًا ومعيارًا لمدة هجر المبتدع، فباب هجر المبتدع باب آخر، والله تعالى أعلى وأعلم.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن جرح المبتدعة، والحذر منهم، والتحذير منهم، والتنفير عنهم، والذب عن الشريعة من أفضل الأعمال والقربات التي يعملها المسلم ويتقرب بها إلى الله -عز وجل- وقد صرح بعض الأئمة -رحمهم الله تعالى- صرحوا بأن الذب عن الشرع أفضل من الجهاد في سبيل الله.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
إن الكفار يفسدون القلوب تبعًا، أما المبتدعة فإنهم يفسدون القلوب ابتداءً.
هذا معنى كلامه -رحمه الله-.
إذا عرفت وعلمت ما سبق، قدَرت قدر أهل العلم المجتهدين المجاهدين الذين يردون على المبتدعة ويحذرون منهم، فكن على ذُكر من ذلك، قال الله -عز وجل-: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}
فإن الجهاد بالقرآن وبالسنة جهاد كبير، والله تعالى أعلى وأجل وأعلم.
قال أبو بكر:
نصيحة:أنصح إخواني الذين يريدون معرفة الحق، أنصحهم بالاطلاع على ما كتبه أهل العلم والمجاهدون بالقرآن وبالسنة الذين يردون على المبتدعة في هذا العصر وفي غابر العصور.
قال أبو بكر:
تحذير:أحذر إخواني من القراءة في كتب المبتدعة، فإنهم يوردون شُبَهًا، وقد تنقدح الشبهة في القلب، فإن القلوب ضعيفة والشُبه خطّافة، ومتى اعترضتك شبهة فعليك باللجأ إلى أهل العلم السلفيين، سؤالاً لهم، واطلاعًا على كتبهم، وسماعًا لهم.
قال أبو بكر:
وصية:أوصي إخواني بمعرفة أهل العلم السلفيين في هذه البلاد أو في خارجها، وبالاطلاع على كتبهم والسماع لأشرطتهم والاستفادة منهم سواءً كانوا أحياءً أم أمواتًا، فمن هؤلاء العلماء الأجلاء الأفاضل السلفيين:
الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- والشيخ العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -حفظه الله تعالى-
ننصح بالاستفادة من كتب هؤلاء العلماء الأجلاء السلفيين ومن ردودهم على أهل البدع، فإنهم يتتبعون ما أمكنهم من البدع ويردون عليها وعلى أصحابها حتى يُصَيِّرُوها كأمس الذاهب، أو كالدخان في الهواء إذ لا قرار له ولا بقاء، أو كالملح في الماء إذ سرعان ما يذوب، أو كالزجاج المكسور المنثور، هؤلاء هم العلماء المشهورون بالعلم الراسخون فيه، المعروفون بالعلم وبالثبات على مذهب السلف الصالح، وبجهاد أهل البدع، وبالرد على أهل البدع، ورد الشبهات، هؤلاء العلماء هم الذين يُركن إلى منهجهم وإلى مذهبهم وطريقتهم، إذ إن طريقتهم ومنهجهم هو منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، وهم مشهورون ولله الحمد، ودعك من الحاسد الحاقد الذي نقول له:
ليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ؟!
ونقول له -أيضًا-: قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن الحق فوق كل أحد، وأن الحق أجل من كل أحد، وأن الحق أعلى من كل أحد، فاعرف الحق تعرف أهله، اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
قال أبو بكر:
اعلم أن من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل، فمن وصفهم بوصف سوء أو نبزهم بلقب سوء، أو طعن فيهم بأي وجه من وجوه الطعن، فإنه مبتدع أثيم خبيث فاسق ظالم، قال -تعالى- عن بعض المنافقين: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وقال -عز وجل-: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}
وقال -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}
فمن قال عن أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل إنهم رافضة سبابة، فإنه هو الرافضي السباب الأثيم الخبيث على الحقيقة، وأقول:
إن كان أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل رافضة سبابة؛ لاشتغالهم بهذه العلوم النافعة ولجرحهم وذمهم وطعنهم في المبتدعة، إن كان أهل الحديث والسنة والأثر والجرح والتعديل رافضة سبابة لاشتغالهم بهذه العلوم، فإني أشهد الله تعالى أني -والشأن ما ذُكر- رافضي، فأقول:
إن كان رفضًا ذم كل مُبَدّعٍ فليشهد الثقلان أني رافضي
فالحقيقة أن هؤلاء وأمثالهم يقال فيهم: رمتني بدائها وانسلت.
ومن قال فيهم إنهم نابتة السوء، فإنه هو وأمثاله نابتة السوء على الحقيقة.
قال أبو بكر:
واعلم أن السلفيين وعلماء السلفيين حينما يتكلمون في المبتدعة فإنهم يتكلمون بالدليل والبرهان الجلي والحجة النيّرة الساطعة، أما إن تكلم المبتدعة في أهل الحديث والسنة والأثر فإنهم يتكلمون بالباطل والزور والبهتان، كقول قائلهم مثلاً عن أهل السنة والجماعة والحديث والأثر والجرح والتعديل:
إنهم لا يفقهون الواقع، أو إنهم لا يفقهون، أو إنهم علماء حيض ونفاس -يقصد بذلك ذمهم- أو إنهم مشتغلون بالقشور عن اللباب، إلى غير ذلك من الطعون والفرى والأكاذيب.
قال أبو بكر:
ونعتقد أن بيان سبيل المجرمين من المبتدعين وغيرهم يكون على سبيل التفصيل حتى يتميز سبيل المؤمنين عن سبيل المبتدعين والمجرمين، قال –تعالى-: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}
فلا يُكتفى بالإجمال مع الحاجة إلى التفصيل والبيان، وما أشد الحاجة في هذه الأزمان وفي هذه الأعصار إلى ذلك التفصيل وذلكم البيان!! ذلك لمعرفة سبيل المجرمين للحذر منه والتحذير منه والتنفير عنه، ولقد صدق من قال:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ... ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
قال أبو بكر:
ونعتقد أنه لا يجوز التهوين ولا التقليل من أمر البدعة ولا المبتدعة ولا من خطر البدعة ولا المبتدعة بأي عبارة من عبارات التهوين والتقليل، كأن يقول الشخص عن المبتدع الذي خالف أصلاً أو أصولاً أهل السنة والجماعة، أو خالف منهج أهل السنة والجماعة، كأن يقول هذا المتكلم عن من هذا حاله:
إن فلانًا له أخطاء، وليس هناك أحد معصوم إلا الأنبياء، ولا يبين هذا المتكلم نوع هذه الأخطاء هل هي أخطاء في العقيدة أو في المنهج تخرج الرجل عن دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة البدعة والضلالة؟!
فإن الرجل قد يكفر بكلمة، قال الله -عز وجل- عن قوم: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ}
وقال -عز وجل-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}
وقال الله -عز وجل-: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}
وقال الله -عز وجل-: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}
وقد يكفر ويضلضلالاً مبينًا بكلمة -أيضًا- كأن يقول: إن الله في كل مكان، أو أن يقول: القرآن مخلوق، أو أن ينفي عن الله أسماءه أو صفاته أو كليهما، أم هي أخطاء تتعلق بمسائل وأمور يسوغ في مثلها الاجتهاد، ولا يعنف بسببها المجتهد، ويكون للمجتهد أجر على اجتهاده مع رد خطئه عليه؟!
فمثل هذا الصنيع، ومثل هذا الإجمال، ومثل ذاك الإبهام من هذا المتكلم، مثله يسبب فسادًا كبيرًا؛ لأن في ذلك تهوينًا لأمر المخالفة ولأمر البدعة والمبتدعة؛ ولأن في ذلك تغريرًا بالمستمع أو بالقارئ، وخداعًا له، وغشًا له، وتلبيسًا عليه، وإدخالاً للبدعة عليه، وإضعافًا للبراءة من البدعة والمبتدعة، وإضعافًا لبغض البدعة والمبتدعة، وتقريبًا للسني إلى البدعة والمبتدعة قلبًا وقالبًا، روحًا وبدنًا، وإيهامًا للسامع أو القارئ أن أمر المخالفة للحق وأن أمر البدعة أمر هين، وأن المبتدع ليس ذا خطر، إلى غير ذلك من أنواع الإيهامات الباطلة المضلة، ثم إن ذلك -أيضًا- خيانة للأمانة التي أُمر بأدائها، ويعتبر قعودًا عن واجب النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولا يخفى ما في كل ذلك وغيره من الفساد والإفساد العريضين، والله المستعان.
قال أبو بكر:
بهذا نختم هذا الشريط الأول المبارك –إن شاء الله تعالى- ويليه الشريط الثاني وأوله خمسة أبيات أرسلتُ بها إلى اليمن في حياة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى-.
1- الفِئام: الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه.
2- الأنام: الخَلْق.
3- الحُطام: ما تكسر من اليبس.
4- الحُسام: السيف القاطع أو طرفه الذي يضرب به.
5- الزمجرة: كثرة الصياح والصخب والصوت.
6 ، 7- أي للوم اللائمين أوغاد الناس، والوغد: هو الأحمق الضعيف الرَّذْل الدنيء.
8- إِخالكم: بكسر أوله أي: أظنكم .
9- كرائم: جمع كريمة .
10- رَقِيَ: بفتح الراء وكسر القاف وفتح الياء المثناة التحتية ، أي: صَعِدَ.
* أقول: إن شاء الله تعالى، عملاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ...}
11- الجراب: المِزْوَدُ أو الوعاء، والمزود: وعاء الزاد.
12- السُّخام: الفحمُ وَسَوَادُ القِدْر.
13- الجَنَان: القلب.
14- الصِّمام: السِّداد.
15- بلا انصرام: بلا انقطاع.
16- مُنَبِّئِيهِ: أنبياءَه.
17- حَيَّ: هَلُمَّ وأَقْبِل.
18- الذُّرَى: جمع ذُرِوة، وذُرِوة الشيء بالضم والكسر أعلاه.
19- سَنَام البعير: أعلاه، والمقصود هنا: معالي الأشياء والأمور.
20- الرَّغَام: التراب أو التراب الليِّن أو الرمل المختلط بالتراب.
21-البواتر: القواطع .
22- تلوح: تظهر وتلمع.
23- أي: السِّمة والعلامة المميزة.
24- الجِسام: العِظام.
25- الغيهب: الظُّلْمَة والشديد السَّواد من الخيل والليل، والغياهب جمع غَيْهَب.
26- الهُمَام: الملك العظيم الهمَّة، والسيد الشجاع السَّخيُّ، خاص بالرجال.
** أعني الحائدين عن مذهب السلف، وبعبارة أخرى أقول:
باستثناء السلفيين فإنهم أهل الحق، ولله الحمد.
27- المُتَهَوِّك: المُتَحَيِّر.
28- قالٌ: أي قولٌ، والمراد هنا القول السيئ.
29- السَّقَام: المرض والعلة.
30- كُلُوم: جمع كَلْم ، وهو الجرح.
31- صالية الحِمَام: أي داخلة ومقتحمة وواردة حياض الموت.
32- القِفَار: جمع قَفْر، وهو الخلاء من الأرض.
33- المَرَام: الطَلَب.
34-وِئَام: وِفَاق.
# وقد استعنت بالقاموس في ترجمة ألفاظ هذه القصيدة. انتهى
يتبع إن شاء الله
تعليق