بسم الله الرحمن الرحيم
اقتطفت هذه الفوائد من رسالة الأخ حمزة بن عون السوفي وفقه الله بتقديم الشيخ العلامة المحدث الفقيه الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله .
--------------------------------------------------------------------
فتوى الشيخ العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
ـ رحمه الله ورفع درجته في عليين ـ
سئل كما في شريط رقم (792) من سلسلة الهدى والنور:هل الخلاف بين المسلمين وبالخاصة بين السلفيين ناشئ من إنشاء الجمعيات الإسلامية أم من عدم فهم النصوص الشرعية ؟.
فأجاب – عليه رحمة الله – بقوله : لا ليس علاقة الإنشاء في الموضوع , الخلاف جذري عقدي ثم هذا الخلاف ينشأ منه خلاف عملي , والآن بالنسبة إلى الجمعيات أظن أن من المتفق عليه بيننا أن الجمعية الخيرية لا بد أن تكون قائمة على الأحكام الشرعية ,ونحن نسأل الآن وأرجوا أن يكون الجواب واضحاً , هل كل جمعية خيرية في العالم الإسلامي تعتقدون أنها قائمة على الأحكام الشرعية ؟. السائل : يمكن يكون بعضها قائم على الأحكام الشرعية , وبعضها غير قائم !!.
الشيخ : طيب , إذا الجواب أسهل قل : لا وانتهى الأمر , ليس كل .. وإنما هكذا وهكذا ..الآن أليس من الضروري – بالنسبة للقائمين على الجمعيات – أن يكونوا علماء وفقهاء .
السائل : بلى !!. الشيخ : طيب , هل كذلك الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي ؟. السائل : قد يكون بعضها يأخذ بالفتاوى الشرعية ...!!؟. الشيخ : لا , لا , لا !! اسمح لي ؟! قولك : تأخذ بالفتاوى الشرعية هو ليس بجواب لسؤالي.. أنا أريد أن أقول – هذا يذكرني بكلام لابن رشد الأندلسي , قال كلمة في منتهى اللطف والحكمة , قال : مثل المجتهد ومثل المقلد , كمثل الخفَّاف وبائع الخفَاف , الخفَّاف يأتي إليه رجل بقياس رجل غير عادية غير طبيعية ، قصيرة عريضة , فيفصل الخف الذي يناسب هذا القدم . وأما بائع الخفَاف , يذهب هذا الرجل الغريب القدم إلى بائع الخفاف فينظر إلى المعلقات هذه , فيعتذر لا يجد له هذا القياس , أنا أريد من النوع الأول – أعني أنه أي مشكلة تعرض لهذه الجمعية ينبع الجواب والفتوى منها , وليس لترسل إلى دار استفتاء في البلد الفلاني أو المفتي الفلاني فتأخذ كما قلت – بارك الله فيك – بالفتاوى الشرعية , لا أريد تماما كالصراف , الصراف يجب أن يكون عالما بأحكام الصراف و إلا وقع في الربا – صح – هو قد يأخذ بالفتاوى الشرعية , ولكن أين كثرة الأعمال التي تعرض سبيله لا تساعده أن يسأل وأن ينتظر الجواب , لا بد أن ينظر الجواب من نفسه تماما , فالغرض بارك الله فيك في كل من هذا الكلام هو أن الجمعيات الخيرية يجب أن تقوم على الأحكام الشرعية أي من بعض القائمين على هذه الجمعيات , وهذا مع الأسف عزيز جداً اليوم في العالم الإسلامي .
أنا أضرب لكم مثلاً , بعض الجمعيات تخلط أموال الزكاة بأموال الصدقات , وهذا لا بد أنكم تعرفون شيئًا من هذا فتوضع أموال الزكاة في المشاريع العامة مثلًا , كأموال الصدقات بينما الزكوات لها مصاريفها المنصوص عليها في الكتاب والسنة , ولماذا ؟ لأن القائمين عليها من رئيس ومرؤوس هم طلاب خير ـ صح ـ لكن كما قيل :
أوردها سعد وسعد مشتمل ......... ما هكذا يا سعد تورد الإبل
.. وهؤلاء لا بد أن يكونوا علماء , وهذا نحن بحاجة إلى علماء في المسائل التي تعم المسلمين كافة , ولا نجد هؤلاء العلماء إلا القلة مع الأسف الشديد .
الخلاصة هذا البحث طويل ومهم ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما اختلف فيه الناس من الحق وأن يعرفنا به إن شاء الله .
قال أبو مالك (1): شيخنا السؤال الذي سألتموه عن الجمعيات في العالم الإسلامي كلها مقيدة بالأحكام الشرعية .
الشيخ : الله أكبر .
أبو مالك : السؤال الحقيقة , يعني أنا أقول : ليس هناك جمعية في العالم الإسلامي مقيدة بالأحكام الشرعية لسببين اثنين ؛السبب الأول : جهل السواد الأعظم من القائمين عليها بطبيعة الأحكام الشرعية .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : والسبب الثاني : الأهم وهو أن الجمعيات الشرعية لا بد أن تتعامل مع الدولة التي تنشأ في ظلها .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : ولا شك أن هذه الجمعيات بالتعامل مع أنظمة الدولة لا بد أن تزل قدمها , ولا أقول في بعض الأحيان , ولكن في كثير من الأحيان ولذلك رأينا أيضا ـ وهذا السؤال الذي أريد أن أقول : أن يوجه لإخواننا اليمنيين فقط , فنحن قد أبتلينا وأعني نحن السلفيين بأن
(1)هو أبو مالك محمد بن إبراهيم شقرة الأردني , تغير وانحرف بعد وفاة الشيخ الألباني ـ عليه رحمة الله ـ , وكلام العلماء فيه والتحذير منه مشهور , انظره في مظانه , نسأل الله الثبات حتى نلقاه .
بعضًا من إخواننا في بعض البلاد أنشئوا هذه الجمعيات , وللأسف الشديد ـ أنه ربما تنشأ جمعيتان في بلد واحد ولا يكون الوفاق بينهما , لماذا ؟ لا أقول لأنهم اختلفوا في المنهج في فهم الشريعة الإسلامية , فكل منهم يقول أنا على الكتاب والسنة ـ كما تفضل شيخنا ـ وعلى منهج السلف الصالح , ولكن كما قلنا في بداية الأمر , وندندن حوله كما ذكر شيخنا وأشار إلى دندنتي , يجب أن تؤخذ الأمور لا بالاعتبار في البداية وإنما يجب أن تقدر تقديرا دقيقا في البدايات والنهايات .
فأنا عندما أضع قدمي على أرض صلبة , يجب أن أقدر أيضًا أن أصل إلى نهاية المشوار إلى الأرض صلبة تمنعني من السقوط , لأصل إلى الغاية التي أريد , ولكن لا تكاد هذه الجمعية أو تلك تنشأ حتى يدب الخلاف , وتنشأ المنازعات بين الإخوان في الجمعيتين معًا , فهذه جمعية وهذه جمعية فلماذا هذا الاختلاف ؟! , هذا رأيناه واقعًا واضحًا في عملنا الإسلامي بين إخواننا الذين هم على منهج الكتاب والسنة , وما هذين السببين إلا للذي ذكرنا , أنه لا يمكن أن يكون هناك في ظل الأنظمة الحاضرة , أن تنشأ جمعية تتحقق المشروعية الكاملة التي تتقيد فيها الجمعية بالأحكام الشرعية .
الشيخ : أنا أريد إذا سمحت أن أضيف ملاحظة أو إضافة حول كلام الأستاذ : هل تتصورون جمعية إسلامية سلفية خيرية يكون لها صندوق لحفظ المال المتوفر لديها , لا يوضع هذا المال في بنك من البنوك ,وهل هذا موجود ؟ أنبئوني بعلم ؟.
السائل : يا شيخ بالنسبة إلى هذا الموضوع لا بد أن يكون موجودًا ... يعني الحكومة تشترط أن يكون رأس المال , أو لها رأس مال في البنك !! بس أقول إن هذا أشار إليه أبو مالك , يسري في بقية الأعمال الخيرية مثلًا , فممكن أن يسري هذا إلى العدل , القضاء , إمامة المساجد , الخطابة , الوعظ , الحج , كل هذه الأمور لا بد أن يتعامل فيها مع الدولة .
الشيخ : ما أظن أن تقول هذه الأمور كلها سواء .
السائل : يعني أن المسألة تكون للقائمين يقدرون المصالح والمفاسد في هذا الموضوع وإلا فينبغي تعميم جميع الأعمال أن لا يتعامل فيها مع الدولة .
الشيخ : لنقف عند كلمتك «القائمين» هؤلاء القائمون هم من أهل العلم والفضل والصلاح والتقوى , نفترض الأمر أنهم كذلك !!. أليس كذلك ... وهم يرون أن إيداع المال الخيري في البنك الذي يتعامل بالربا يجوز ؟!.
السائل : نعم يرون ذلك !!.
الشيخ : وكيف يتأولون قوله عليه السلام ـ حين ذلك ـ :« لعن الله آكل الربا وموكله » (1).
السائل : لا يأكلون الربا !!.
الشيخ : موكله , موكله , موكله : « لعن الله أكل الربا وموكله » , فهم يُؤكلون الربا , وإلا ما تفرق بين الأمرين ؟.
السائل : لا هناك فرق !!.
الشيخ :إذًا ما جوابك فيما تعلم ؟.
السائل : الله أعلم !!!.
الشيخ : هذه المشكلة !!... لذلك نحن بحاجة إلى ما ذكرناه آنفًا , ومن ضرورة إقامة الأحكام الشرعية في كل معاملاتها ومنها الجمعيات
(1) رواه مسلم (1597) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه , بلفظ :« لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله » .
الخيرية , على أننا نعود ونذكر بأننا لا ننصح إخواننا طلاب العلم أن يشغلوا أنفسهم بهذا العمل الخيري , لأن لهذا العمل ناسا آخرين , ممن لم يطبعوا على حب العلم , والرغبة في طلب العلم , إذًا لكل مجاله , وما أشار إليه الأستاذ آنفًا من أن الجمعيات تترتب من وراءها بغضاء وشحناء وتعالي ...إلخ . هذا مع الأسف أمر واقع , لكن أنا في اعتقادي أنه لا بد مما ليس منه بد , لابد من تحقيق مخالفة التحذير المضمون في قوله تعالى :﴿ ولا تحاضون على طعام المسكين ﴾ . فيجب أن نتحاضض على طعام المسكين , ومن ذلك هذا التعاون الخيري , ولكن لا يكون خيريا إلا بربط هذا المشروع بالأحكام الشرعية , وأن يقوم به غير طلاب العلم ...إهـ المقصود .
- وسئل – رحمه الله - ( وكان خارجًا من المسجد , وذاهبًا إلى سيارته ) :
قال السائل : ما قولكم في الجمعيات ؟!.
قال الشيخ : أين تضع أموالها ؟؟.
السائل : في البنك !!.
فقال – عليه رحمة الله - : ما بني على باطل فهو باطل .( ثم ركب سيارته) .
* راجع : شريط أسئلة السيارة .
اقتطفت هذه الفوائد من رسالة الأخ حمزة بن عون السوفي وفقه الله بتقديم الشيخ العلامة المحدث الفقيه الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله .
--------------------------------------------------------------------
فتوى الشيخ العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
ـ رحمه الله ورفع درجته في عليين ـ
سئل كما في شريط رقم (792) من سلسلة الهدى والنور:هل الخلاف بين المسلمين وبالخاصة بين السلفيين ناشئ من إنشاء الجمعيات الإسلامية أم من عدم فهم النصوص الشرعية ؟.
فأجاب – عليه رحمة الله – بقوله : لا ليس علاقة الإنشاء في الموضوع , الخلاف جذري عقدي ثم هذا الخلاف ينشأ منه خلاف عملي , والآن بالنسبة إلى الجمعيات أظن أن من المتفق عليه بيننا أن الجمعية الخيرية لا بد أن تكون قائمة على الأحكام الشرعية ,ونحن نسأل الآن وأرجوا أن يكون الجواب واضحاً , هل كل جمعية خيرية في العالم الإسلامي تعتقدون أنها قائمة على الأحكام الشرعية ؟. السائل : يمكن يكون بعضها قائم على الأحكام الشرعية , وبعضها غير قائم !!.
الشيخ : طيب , إذا الجواب أسهل قل : لا وانتهى الأمر , ليس كل .. وإنما هكذا وهكذا ..الآن أليس من الضروري – بالنسبة للقائمين على الجمعيات – أن يكونوا علماء وفقهاء .
السائل : بلى !!. الشيخ : طيب , هل كذلك الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي ؟. السائل : قد يكون بعضها يأخذ بالفتاوى الشرعية ...!!؟. الشيخ : لا , لا , لا !! اسمح لي ؟! قولك : تأخذ بالفتاوى الشرعية هو ليس بجواب لسؤالي.. أنا أريد أن أقول – هذا يذكرني بكلام لابن رشد الأندلسي , قال كلمة في منتهى اللطف والحكمة , قال : مثل المجتهد ومثل المقلد , كمثل الخفَّاف وبائع الخفَاف , الخفَّاف يأتي إليه رجل بقياس رجل غير عادية غير طبيعية ، قصيرة عريضة , فيفصل الخف الذي يناسب هذا القدم . وأما بائع الخفَاف , يذهب هذا الرجل الغريب القدم إلى بائع الخفاف فينظر إلى المعلقات هذه , فيعتذر لا يجد له هذا القياس , أنا أريد من النوع الأول – أعني أنه أي مشكلة تعرض لهذه الجمعية ينبع الجواب والفتوى منها , وليس لترسل إلى دار استفتاء في البلد الفلاني أو المفتي الفلاني فتأخذ كما قلت – بارك الله فيك – بالفتاوى الشرعية , لا أريد تماما كالصراف , الصراف يجب أن يكون عالما بأحكام الصراف و إلا وقع في الربا – صح – هو قد يأخذ بالفتاوى الشرعية , ولكن أين كثرة الأعمال التي تعرض سبيله لا تساعده أن يسأل وأن ينتظر الجواب , لا بد أن ينظر الجواب من نفسه تماما , فالغرض بارك الله فيك في كل من هذا الكلام هو أن الجمعيات الخيرية يجب أن تقوم على الأحكام الشرعية أي من بعض القائمين على هذه الجمعيات , وهذا مع الأسف عزيز جداً اليوم في العالم الإسلامي .
أنا أضرب لكم مثلاً , بعض الجمعيات تخلط أموال الزكاة بأموال الصدقات , وهذا لا بد أنكم تعرفون شيئًا من هذا فتوضع أموال الزكاة في المشاريع العامة مثلًا , كأموال الصدقات بينما الزكوات لها مصاريفها المنصوص عليها في الكتاب والسنة , ولماذا ؟ لأن القائمين عليها من رئيس ومرؤوس هم طلاب خير ـ صح ـ لكن كما قيل :
أوردها سعد وسعد مشتمل ......... ما هكذا يا سعد تورد الإبل
.. وهؤلاء لا بد أن يكونوا علماء , وهذا نحن بحاجة إلى علماء في المسائل التي تعم المسلمين كافة , ولا نجد هؤلاء العلماء إلا القلة مع الأسف الشديد .
الخلاصة هذا البحث طويل ومهم ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما اختلف فيه الناس من الحق وأن يعرفنا به إن شاء الله .
قال أبو مالك (1): شيخنا السؤال الذي سألتموه عن الجمعيات في العالم الإسلامي كلها مقيدة بالأحكام الشرعية .
الشيخ : الله أكبر .
أبو مالك : السؤال الحقيقة , يعني أنا أقول : ليس هناك جمعية في العالم الإسلامي مقيدة بالأحكام الشرعية لسببين اثنين ؛السبب الأول : جهل السواد الأعظم من القائمين عليها بطبيعة الأحكام الشرعية .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : والسبب الثاني : الأهم وهو أن الجمعيات الشرعية لا بد أن تتعامل مع الدولة التي تنشأ في ظلها .
الشيخ : أي نعم .
أبو مالك : ولا شك أن هذه الجمعيات بالتعامل مع أنظمة الدولة لا بد أن تزل قدمها , ولا أقول في بعض الأحيان , ولكن في كثير من الأحيان ولذلك رأينا أيضا ـ وهذا السؤال الذي أريد أن أقول : أن يوجه لإخواننا اليمنيين فقط , فنحن قد أبتلينا وأعني نحن السلفيين بأن
(1)هو أبو مالك محمد بن إبراهيم شقرة الأردني , تغير وانحرف بعد وفاة الشيخ الألباني ـ عليه رحمة الله ـ , وكلام العلماء فيه والتحذير منه مشهور , انظره في مظانه , نسأل الله الثبات حتى نلقاه .
بعضًا من إخواننا في بعض البلاد أنشئوا هذه الجمعيات , وللأسف الشديد ـ أنه ربما تنشأ جمعيتان في بلد واحد ولا يكون الوفاق بينهما , لماذا ؟ لا أقول لأنهم اختلفوا في المنهج في فهم الشريعة الإسلامية , فكل منهم يقول أنا على الكتاب والسنة ـ كما تفضل شيخنا ـ وعلى منهج السلف الصالح , ولكن كما قلنا في بداية الأمر , وندندن حوله كما ذكر شيخنا وأشار إلى دندنتي , يجب أن تؤخذ الأمور لا بالاعتبار في البداية وإنما يجب أن تقدر تقديرا دقيقا في البدايات والنهايات .
فأنا عندما أضع قدمي على أرض صلبة , يجب أن أقدر أيضًا أن أصل إلى نهاية المشوار إلى الأرض صلبة تمنعني من السقوط , لأصل إلى الغاية التي أريد , ولكن لا تكاد هذه الجمعية أو تلك تنشأ حتى يدب الخلاف , وتنشأ المنازعات بين الإخوان في الجمعيتين معًا , فهذه جمعية وهذه جمعية فلماذا هذا الاختلاف ؟! , هذا رأيناه واقعًا واضحًا في عملنا الإسلامي بين إخواننا الذين هم على منهج الكتاب والسنة , وما هذين السببين إلا للذي ذكرنا , أنه لا يمكن أن يكون هناك في ظل الأنظمة الحاضرة , أن تنشأ جمعية تتحقق المشروعية الكاملة التي تتقيد فيها الجمعية بالأحكام الشرعية .
الشيخ : أنا أريد إذا سمحت أن أضيف ملاحظة أو إضافة حول كلام الأستاذ : هل تتصورون جمعية إسلامية سلفية خيرية يكون لها صندوق لحفظ المال المتوفر لديها , لا يوضع هذا المال في بنك من البنوك ,وهل هذا موجود ؟ أنبئوني بعلم ؟.
السائل : يا شيخ بالنسبة إلى هذا الموضوع لا بد أن يكون موجودًا ... يعني الحكومة تشترط أن يكون رأس المال , أو لها رأس مال في البنك !! بس أقول إن هذا أشار إليه أبو مالك , يسري في بقية الأعمال الخيرية مثلًا , فممكن أن يسري هذا إلى العدل , القضاء , إمامة المساجد , الخطابة , الوعظ , الحج , كل هذه الأمور لا بد أن يتعامل فيها مع الدولة .
الشيخ : ما أظن أن تقول هذه الأمور كلها سواء .
السائل : يعني أن المسألة تكون للقائمين يقدرون المصالح والمفاسد في هذا الموضوع وإلا فينبغي تعميم جميع الأعمال أن لا يتعامل فيها مع الدولة .
الشيخ : لنقف عند كلمتك «القائمين» هؤلاء القائمون هم من أهل العلم والفضل والصلاح والتقوى , نفترض الأمر أنهم كذلك !!. أليس كذلك ... وهم يرون أن إيداع المال الخيري في البنك الذي يتعامل بالربا يجوز ؟!.
السائل : نعم يرون ذلك !!.
الشيخ : وكيف يتأولون قوله عليه السلام ـ حين ذلك ـ :« لعن الله آكل الربا وموكله » (1).
السائل : لا يأكلون الربا !!.
الشيخ : موكله , موكله , موكله : « لعن الله أكل الربا وموكله » , فهم يُؤكلون الربا , وإلا ما تفرق بين الأمرين ؟.
السائل : لا هناك فرق !!.
الشيخ :إذًا ما جوابك فيما تعلم ؟.
السائل : الله أعلم !!!.
الشيخ : هذه المشكلة !!... لذلك نحن بحاجة إلى ما ذكرناه آنفًا , ومن ضرورة إقامة الأحكام الشرعية في كل معاملاتها ومنها الجمعيات
(1) رواه مسلم (1597) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه , بلفظ :« لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله » .
الخيرية , على أننا نعود ونذكر بأننا لا ننصح إخواننا طلاب العلم أن يشغلوا أنفسهم بهذا العمل الخيري , لأن لهذا العمل ناسا آخرين , ممن لم يطبعوا على حب العلم , والرغبة في طلب العلم , إذًا لكل مجاله , وما أشار إليه الأستاذ آنفًا من أن الجمعيات تترتب من وراءها بغضاء وشحناء وتعالي ...إلخ . هذا مع الأسف أمر واقع , لكن أنا في اعتقادي أنه لا بد مما ليس منه بد , لابد من تحقيق مخالفة التحذير المضمون في قوله تعالى :﴿ ولا تحاضون على طعام المسكين ﴾ . فيجب أن نتحاضض على طعام المسكين , ومن ذلك هذا التعاون الخيري , ولكن لا يكون خيريا إلا بربط هذا المشروع بالأحكام الشرعية , وأن يقوم به غير طلاب العلم ...إهـ المقصود .
- وسئل – رحمه الله - ( وكان خارجًا من المسجد , وذاهبًا إلى سيارته ) :
قال السائل : ما قولكم في الجمعيات ؟!.
قال الشيخ : أين تضع أموالها ؟؟.
السائل : في البنك !!.
فقال – عليه رحمة الله - : ما بني على باطل فهو باطل .( ثم ركب سيارته) .
* راجع : شريط أسئلة السيارة .
يُتبع إن شاء الله
تعليق