• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تهدئة النفوس في نقد منهج الطيباوي صاحب الحرب الضروس(الجزء الأول)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تهدئة النفوس في نقد منهج الطيباوي صاحب الحرب الضروس(الجزء الأول)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
    فإن بعض الناس من أصحاب -الجهل المركب-، الذين لا علم لهم ولا يعلمون أنه لا علم لهم قد سولت لهم أنفسهم فأدخلوها فيما لا قبل لها به، وشنوا حربا ضروسا على أهل السنة بالجهل والتلبيس، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
    وشأن أهل البدع منذ زمن ليس بالقريب أنهم يتربصون بأهل السنة فمتى رأوا بين بعضهم جفوة سعوا إلى توسيعها،إدعاء منهم أنهم يدافعون عن أحد الطرفين من أهل السنة،وسلفهم في ذلك عبد الله بن سبأ ومن تبعه إذ استغلوا ما شجر بين الصحابة واتخذوا حب علي حجة لهم ليشوهوا جمال الإسلام ورونقه.
    ولقد كتب مؤخرا، مقال بعنوان (الحرب الضروس على الطاعن في الشيخ فركوس)، وكاتبه رجل يسمى (مختار الطيباوي) يزعم في هذا المقال أنه يدافع عن الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله، لكن العنوان غير المضمون،فإن كان ظاهر المقال حربا ضروسا على من طعن في الشيخ فركوس، فإن باطنه وحقيقته حرب ضروس لا هوادة فيها على أهل السنة وأصولهم وقواعدهم وركائز منهجهم.
    ولقد رأيت هذا المقال مشتملا على عدة مخالفات منهجية وهادما لعدة قواعد منهجية، وإذا كان هذا الرجل يدعي الدفاع عن الشيخ فركوس،فإن الحق أن مقاله هذا من شأنه أن يضر بالشيخ فركوس أكثر من أن يضر بمن يزعم الطيباوي أنه يرد عليه،إذ أن الكاتب من أتباع أبي الحسن المدافعين عنه، ويتضح هذا من خلال قوله بعد أن نقل قول أخينا يوسف بن العيد:التي عهدناهامن أبي الحسن المصري وعبدالرحمن العدني وأتباعهماوغيرهم من الحزبيين والحاسدين.أهـ
    فقال الطيباوي معلقا: وصف هؤلاء بالحزبيين كذب سمج تمجه الأسماع، وهذه بدعتكم التي أفسدتم بها السنة تسمون الناس بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان وأنتم أحق بالوصف بها لأنكم قسمتم أهل السنة إلى أحزاب، وهو عين ما نهى الله عنه.أهـ
    وهنا نطرح سؤالا : إذا كان هذا الرجل من أتباع أبي الحسن فما الذي حمله على تبرئة العدني من الحزبية ؟؟؟؟
    وفي هذا الكلام تقرير لقاعدة مبتدعة ألا وهي القول بأن الفرق الضالة يقتصر في تسميتها على ما ورد في القرون المفضلة، وذلك من خلال قوله (تسمون الناس بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان) وواضح من هذا الكلام أنه ينكر التسمية بـ (حزبي)، مع أن هذه اللفظة يستعملها كبار العلماء، وقد أفتى الإمام ابن باز بدخول الإخوان والتبليغ في الفرق الهالكة ومعنى هذا أنه توجد فرقة إسمها الإخوان وأخرى إسمها التبليغ ، مع أن هذين الإسمين لم يردا في القرون المفضلة، والرد على هذا يطول سيما إذا أضفنا إليه غيره من ضلالات هذا المقال، وهذه وحدها كافية لإسقاط الكاتب وما كتب، إلا أني سأورد هنا بعض ما جاء في مقاله مع تعليق مختصر.
    ولقد سائني جدا أن يقوم بعض إخواننا ممن لا نزال نحسن الظن بهم بالإشادة بهذا المقال والعمل على نشره ،عامين أو متعامين عما فيه من المخالفات الصريحة للمنهج السلفي، فهذا لا يهم عندهم طالما أن الكاتب قد وافقهم في بعض ما يذهبون إليه، والله يقول "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
    وإلى المقصود بإذن الله:
    1/التحاكم إلى العقل:
    قال الطيباوي:
    فليس لهؤلاء الناس عقل يقيسون به الأمور، إنما هو رادار، أو جهاز استشعار عن بعد ، مستورد من طائفة يأكل فيها الناس بعضهم بعضا ، يدور في جهة واحدة: جهة العلماء و الدعاة، يتصنت عليهم، فإن تلقف شيئا يحتمل التعليق، و إلا صنعه و اخترعه.أهـ
    فأقول: يا هذا إن الأمور الشرعية تقاس بالعلم لا بالعقل، وإن كان العقل محمودا، إلا أنه لا بد أن يكون تابعا للنقل،إذ التحليل والتحريم لا يكون إلا له، لا كما تقول المعتزلة أن العقل يدرك الحسن والقبح استقلالا والشرع لا يرد إلا مؤيدا له، فانتبه يا طيباوي لما تقول وزن كلامك بميزان الشرع ، وإلا ازددت ضلالا إلى ضلالك.
    مع ما في هذا الكلام من الطعن في علم الجرح والتعديل، ومنهج النقد الشرعي والرد على المخالف إن كان من أهل البدع أو الرد على القول المخالف إن كان قائله من أهل السنة.
    وقال: ومن يتكلم بالمعقول يفرق بين الوجود الذهني و الوجود العيني.
    وقال:يخاطب أناس أصحاب عقول سوية، ونفوس سليمة.أهـ
    ماذا عن (وعقيدة قويمة) أليس قوله هذا من تحكيم العقل؟؟ فتنبه أيها السلفي لتلبيسات أمثال هذا الإنسان، واعلم أن أتباع أبي الحسن من الخبث بمكان، وما هذا إلا نموذج ومثال.
    2/ذمه للردود العلمية:
    قال الطيباوي: إنما هو رادار، أو جهاز استشعار عن بعد ، مستورد من طائفة يأكل فيها الناس بعضهم بعضا ، يدور في جهة واحدة: جهة العلماء و الدعاة، يتصنت عليهم، فإن تلقف شيئا يحتمل التعليق، و إلا صنعه و اخترعه.
    على من تريد هؤلاء أن يردوا إن لم يردوا على العلماء والدعاة؟؟ هل يردون على العوام والغوغاء ؟؟ أو يبطلون الردود ويتركونها تأسيا بالإخوان المفلسين ومن انشق عنهم؟؟
    وقال:
    فهذه الفئة النابتة من رحم المناهج الجديدة المبتدعة، لا تعرف إلا الطّعن في الناس، و تقويلهم ما لم يقولوه، فإن نقلوا العبارة حرفوا المعنى أهـ
    كذبت فهذه الطائفة لا تعرف غير العلم والعمل والدعوة والصبر ومن الدعوة الرد على الأقوال المخالفة، ومن الدعوة الدفاع عن العلم وعن الدور والمراكز التي تعلم العلم وتخرج الطلبة.
    3/ تقريره أن طالب العلم لا يرد على العالم:
    قال الطيباوي: وبعضهم قد يكون نكرة منكرة، ورغم ذلك، و لأنه فقدَ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ، أو قتلها تحت أطنان من الظلمات و الظنون المنطلقة في كل اتجاه،يسمح لنفسه بتعقب شيخ أعلم منه،و أكبر منه في كل شيء، له الكفاءة العلمية ،ومخول شرعا أن ينتقد ما يبدوله خطئا، ولو أخطأ فيرد عليه بالعلم، و العلم وحده، ولا يُحَقّرُ أمره، أو يستهان بعلمه، كما يفعل هؤلاء القوم، و ليس للجهلة التَّعَقُّبُ عليه إن عدموا الحجج، بل التسليم و الركون إلى السكوت، فهو اسلم لهم أهـ
    قلت: قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (28/15 وما بعدها) (فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك نُظر فيه: فإن كان قد فعل ذنباً شرعيًّا عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعيًّا لم يجز أن يُعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره................... وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل.أهـ
    فتأمل قول شيخ الإسلام "أو معلم وتلميذ" تدرك أن التلميذ أيضا مخول شرعا بأن ينتقد ما يبدو له خطأ ، وتدرك أيضا أن هذا التلميذ إذا كان محقا فيما قال وجب علينا أن نكون معه وأن ننصره، أما التسليم والركون إلى السكوت فهو من التقليد الذي عد الشيخ فركوس حفظه الله من أشد المحاربين له في الجزائر، فكيف سمح الطيباوي لنفسه أن يقرر قاعدة باطلة كهذه في معرض الدفاع عن الشيخ فركوس وفقه الله ؟؟؟
    4/تقريره لقاعدة(نصحح ولا نهدم):
    قرر الطيباوي هذه القاعدة تقريرا صريحا جدا ، لكن بلفظ آخر تماما كما فعل سيده أبو الحسن المأربي بقواعد الإخوان، إذ كان يعمد إليها ويغيير لفظها – مع بقاء المعنى – ثم يدافع عنها وكأنها من أصول الدعوة السلفية، والطيباوي هنا يسير بحذوه إذ يقول:
    التفريط،و يبقى الأمل في عودة منهج ـ معرفة الحق ورحمة الخلق ـ قائما.أهـ
    قلت: (معرفة الحق) هوالتصحيح، و(رحمة الخلق) هو عدم التجريح، هذه القاعدة جعلها الطيباوي منهجا يأمل أن يعود، لكن من أين يعود ؟؟ ومن قال به قبلك من أهل العلم المعتبرين، ومن هم العلماء الذين دعوا إلى هذا المنهج، وما هي الأدلة عليه؟؟ وأحيانا يكون مجرد نقل بعض الأقوال يكفي في الرد عليها وبيان فسادها – وهذا منها-
    5/تناقضه:
    ففي الحين الذي يذم فيه الكلام المجمل نجد له في هذا المقال بالذات، الكثير من الكلام المجمل ، خذ على سبيل المثال لا الحصر:
    (فهذه الطائفة الشاردة ـ بظنونها السيئة في أهل العلم ـ عن الجادة، قد مقتها العلم ونفر منها،......إلخ)
    (كما يجب القيام على هذه الفئة المنحرفة عن الطريقة الشرعية بالتأديب و التعليم أولا، كما فعل فضيلة الشيخ فركوس، أو بالسحق و المحق العلمي، كما سيفعل آخرون.........إلخ)
    فمن هي هذه الطائفة يا ترى؟؟ وما هي أصولها التي خالفت فيها أهل السنة؟؟
    ومن تناقضه أيضا قوله: قلت: فالشيخ الحجوري و الصومالي عند أبي بكر بن العربي طائفة خبيثة، كادت الإسلام، وهما يستشهدان به على ذم المبتدعة، أليست هذه مصيبة القرن؟أهـ
    وفي الوقت نفسه نجده ينقل في مقاله هذا عن الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله الذي قام على أبي الحسن بشدة وبدعه وبدع أتباعه ، ولما كان الطيباوي من أتباع أبي الحسن المدافعين عنه كما مر في بداية المقال، فهو عند الشيخ ربيع وعندنا يعد مبتدعا،ومع هذا فهو يستشهد بكلامه أليست هذه مصيبة القرن؟
    ومعلوم أن كل أتباع أبي الحسن لا بد أن يدافعوا عن العيد شريفي لأنه رأسهم في الجزائر، والطيباوي جزائري ومن أتباع أبي الحسن ومن أعضاء (كل السلفيين) فموقفه من العيد شريفي واضح ، ومع هذا نراه ينقل عن الشيخ الجابري الذي قال عن العيد شريفي (شيطان) ، فإن كانت الأولى مصيبة القرن فهذه مصيبة الزمان .
    ملاحظة:لما قال الشيخ عبيد هذه الكلمة في العيد شريفي، قام عليه هؤلاء القوم وتكلموا فيه بكلام شنيع،ووصفوه بأبشع الأوصاف وأخبثها، ونسبوا إليه أنه كفر العيد شريفي،ولما صدر منه التحذير دماج والطعن في الناصح الأمين ، صاروا يلقبونه بالشيخ العلامة ، وينزلون عليه أفخم الألقاب وأعظمها، مع أنه لم يتراجع عن وصف شيخهم بالشيطان، فسبحان مقلب القلوب، اللهم إني أعوذ بك أن ألقاك وأنا ذو وجهين، وأعوذ بك من الكلام بالهوى والإنقلاب والتذبذب في النمهج.
    6/قوله أن ما نزل في الكفار لا ينزل على المسلمين:
    قال: قلت: هذه الآية نزلت في اليهود يا مسلم، وفيها إخبار بمكرهم إلى يوم القيامة، وهذه حال المتخرجين من دار الحديث بدماج، يوردون آيات نزلت في الكفار في المسلمين، ثم إذا سمّاهم الناس حدادية زمجروا و اكفهروا، ثم لم ينزل المطر.أهـ

    قلت: إذا كنت تقصد بالمطر العلم ، فقد نزل من دماج علم كثير، أما إذا كان قصدك مطر السوء ، فهو عقاب من الله ينزله على من يشاء من عباده.
    وقال: فالحجوري ينزل آيات نزلت في الكفار في(كذا والصواب:على) المسلمين.أهـ
    وما انتقاده لتنزيل آيات الكفار على المسلمين إلا دليل واضح صريح، على جهله القبيح، إذ أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    قال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان (2/487): فما الدليل في ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟ فالجواب - أن النَّبي صلى الله عليه وسلم سئل عما معناه : هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ فأجاب بما معناه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال البخاري في صحيحه: : حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه { وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ذلك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ }[ هود : 114 ] قال الرجل:ألي هذه؟ قال : « لمن عمل بها من أمتي » هذا لفظ البخاري في"التفسير"في« سورة هود » وفي رواية في الصحيح قال « لجميع أمَّتي كلهم » فهذا أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ ، فقال للنَّبي صلى الله عليه وسلم: ألي هذه؟ ومعنى ذلك : هل النص خاص بي لأني سبب وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟ وقول النَّبي صلى الله عليه وسلم له : « لجميع أمتي » معناه أن العبرة بعموم لفظ { إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات } لا بخصوص السبب)اهـ
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى"(13/338-339): (وَقَد يَجِيءُ كَثِيرًا مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي كَذَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَذْكُورُ شَخْصًا ؛ كأسباب النزول المذكورة في التفسير كقولهم إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصَّامِتِ...وَأَنَّ قَوْلَهُ : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ...وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرٌ مِمَّا يَذْكُرُونَ أَنَّهُ نَزَلَ فِي قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ أَوْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى . أَوْ فِي قَوْمٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ . فَاَلَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ لَمْ يَقْصِدُوا أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ مُخْتَصٌّ بِأُولَئِكَ الْأَعْيَانِ دُونَ غَيْرِهِمْ ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا عَاقِلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ.أهـ

    قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في "القواعد الحسان"(18): (وهذه القاعدة نافعة جداً، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك الخطير، وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم.)أهـ
    قلت: هذا هو حال الطيباوي ، جاهل بأصول الفقه ويدعي أنه يدافع عن أصول الفقه ،وهذا من التناقض بمكان، فنعوذ بالله من صنيع هؤلاء القوم، الذين حرموا العلم والحلم والحكمة ، فصاروا يهرفون بما لا يعرفون ويقولون بما لا يعلمون، ويفترون على الناس ما هم فيه واقعون.
    7/إنكاره للتسمية بالسلفية:
    قال: ودعوة الله هي الإسلام بهذا الاسم في الكتاب و السنة، و امتحان الأمة باسم السلفية بدعة لم يعرفها السلف ولا الخلف.أهـ
    قلت:إن كانت بدعة فقد عرفها الخلف، أم أن الطيباوي لا يدري ما يقول؟؟؟؟؟؟
    ثم إن المسلمين ليسوا إلا سلفيا أو مبتدعا فتخير أي الطائفتين تريد.
    وإن كان أهل السنة قد امتحنوا الناس بأئمة السنة كالإمام أحمد وابن تيمية والألباني والمدخلي، فمن أحبهمرجونا خيره ومن لا فلا ، مع أنهم آحاد وأشخاص ، فما بالك بالإمتحان بالسلفية؟؟
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى" (4/149): "لاعيب على من أظهرمذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه،بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق،فإن مذهب السلف لايكون إلاحقاً."أهـ
    إذا التسمية بالسلفية محل إجماع.
    إذ أن الإنتساب يكون بياء النسبة، فمن انتسب إلى السلف فهو سلفي، ويجب قبول هذه التسمية بالإتفاق.
    وقال أيضا في درء التعارض" (5/356)":فكل من أعرض عن الطريقةالسلفيةالنبويةالشرعيةالإلهيةفإنه لابدأن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أوالبسيط"
    وقال العلامة صالح الفوزان : ماخالف الجماعةالسلفيةفإنه مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم؛مخالف لماكان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه .الأجوبة المفيدة" (ص256).
    ونظير هذا كثير جدا في كلام العلماء.
    ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب (إرشاد البرية إلى التسمية بالسلفية)للشيخ حسن بن قاسم الريمي،تقديم:الإمام الوادعي.
    8/تقريره لمنهج الموازنات
    قال:قال أمية بن خالد: سمعت شعبة يقول: ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث يريد به الله إلا هشام صاحب الدستوائي ـ قلت :رمي بالقدر فهذا يعني أن شعبة يوازن! أهـ
    قلت : هذه من الشبه التي يوردها أصحاب الموازنات ، ولو لم يكن الطيباوي يقول به لما أوردها، أو على الأقل لرد عليها، فلما لم يفعل علمنا أنه من أصحاب الموازنات.
    والرد على هذه الشبهة أن نقول بأن شعبة لم يوازن لأنه هنا ليس في مقام التحذير والتجريح ، إذ الموازنة تكون بأن يذكر الحسنات عند التحذير، وليس هذا من ذاك.
    وأليك بعضا من أقوال العلماء في هذا المنهج الخبيث:
    قول سماحة الشيخ العلامة /عبد العزيز بن باز رحمه الله

    سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله السؤال التالى :
    بالنسبة لمنهج أهل السنة فى نقد أهل البدع وكتبهم .هل من الواجب ذكر محاسنهم ومساوئهم أم فقط مساوئهم ؟

    فأجاب رحمه الله :
    كلام أهل العلم نقد المساوىء للتحذير وبيان الأخطاء التى أخطؤوا فيها للتحذير منها
    أما الطيب معروف ,مقبول الطيب ,لكن المقصود التحذير من أخطائهم ,الجهمية ..
    المعتزلة الرافضة...وما أشبه ذلك .فإذا دعت الحاجة إلى بيان ما عندهم من حق .يبين
    وإذا سأل السائل :ما عندهم من الحق؟ماذا وافقوا فيه أهل السنة؟ والمسؤول يعلم ذلك .
    يبين ,لكن المقصود الأعظم والمهم بيان ما عندهم من الباطل ,
    ليحذره السائل ولئلا يميل إليهم

    فسأله اَخر : فيه أناس يوجبون الموازنة :أنك إذا انتقدت مبتدعا ببدعته لتحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه ؟

    فأجاب الشيخ رحمه الله :لا .ما هو بلازم .ما هو بلازم

    ولهذا إذا قرأت كتب أهل السنة .وجدت المراد التحذير ,اقرأ فى كتب البخارى ((خلق أفعال العباد))
    ,
    فى كتاب الأدب فى ((الصحيح )) ,كتاب ((السنة))لعبد الله ابن أحمد ,كتاب ((التوحيد ))لابن خزيمة
    ((رد عثمان بن سعيد الدارمى على أهل البدع ))..الى غير ذلك يوردونه للتحذير من باطلهم ,ما هو المقصود تعديد

    محاسنهم ..المقصود التحذير من باطلهم , ومحاسنهم لاقيمة لها بالنسبة لمن كفر ,

    إذا كانت بدعته تكفره .بطلت حسناته ,وإذا كانت لا تكفره فهو على خطر .فالمقصود هو بيان الأخطاء

    والأغلاط التى يجب الحذر منها ,انتهى

    وكلام الشيخ رحمه الله هذا مسجل من دروس الشيخ رحمه الله التى القاها

    فى صيف عام 1413هجريه فى الطائف

    قول فضيلة الشيخ العلامة /محمد ناصر الدين الألبانى

    سئل الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألبانى .رحمه الله فى شريط رقم (850 ) من سلسلة الهدى والنور.السؤال التالى :
    السائل :الحقيقة يا شيخنا إخواننا هؤلاء أو الشباب هؤلاء جمعوا أشياء كثيرة .من ذلك قولهم :

    لابد لمن أراد أن يتكلم فى رجل مبتدع قد بان ابتداعه وحربه للسنة أو لم يكن كذلك لكنه أخطأ فى مسائل تتصل بمنهج أهل السنة والجماعة لا يتكلم فى ذلك أحد إلا من ذكر بقية حسناته ,وما يسمونه بالقاعدة فى الموازنة بين الحسنات والسيئات ,وألفت كتب فى هذا الباب ورسائل من بعض الذين يرون هذا الرأى,بأنه لابد من منهج الأولين فى النقد ولابد من ذكر الحسنات وذكر السيئات ,هل هذه القاعدة على إطلاقها أو هناك مواضع لا يطلق فيها هذا الأمر ؟
    نريد منكم بارك الله فيكم التفصيل فى هذا الأمر

    فأجاب الشيخ الألبانى :التفصيل هو :وكل خير فى اتباع من سلف هل كان السلف يفعلون ذلك؟

    فقال السائل :هم يستدلون حفظك الله شيخنا ببعض المواضع .

    مثل كلام الائمة فى الشيعة مثلا .فلان ثقة فى الحديث ,رافضى خبيث ,يستدلون ببعض هذه المواضع ,ويريدون أن يقيموا عليها القاعدة بكاملها دون النظرإلى الاف النصوص التى فيها كذاب ,متروك,خبيث؟

    فقال الشيخ الألبانى :هذه طريقة المبتدعة ,حينما يتكلم العالم بالحديث برجل صالح أو عالم أو فقيه,فيقول عنه سىء الحفظ ,هل يقول أنه مسلم ,وانه صالح ,وإنه فقيه وإنه يرجع إليه فى استنباط الأحكام الشرعية ...الله اكبر ,الحقيقة القاعدة السابقة مهمة جدا ,
    تشمل فرعيات عدية خاصة فى هذا الزمان.

    من أين لهم أن الإنسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ مسلم ,إن كان داعية أو غير داعية :لازم ما يعمل محاضرة ويذكر محاسنه من أولها الى اَخرها ,الله اكبر ,شىء عجيب والله ,شىء عجيب.

    فقال السائل :وبعض المواضع يستدلون بها مثلا :من كلام الذهبى فى ((سير أعلام النبلاء))أو فى غيرها ,تُحمل شيخنا على قوائد أن يكون عند الرجل فوائد يحتاج إليها المسلمون ,مثل الحديث؟
    فقال الشيخ الألبانى :هذا تأديب يا استاذ مش قضية إنكار منكر ,أو أمر بمعروف يعنى الرسول عندما يقول :(من رأى منكم منكرا فليغيره ))هل تنكر المنكر على المنكر هذا ,وتحكى إيش محاسنه؟
    فقال السائل :أو عندما قال :بئس الخطيب أنت ولكنك تفعل وتفعل ,ومن العجائب فى هذا قالوا :ربنا عز وجل عندما ذكر الخمرذكر فوائدها ؟

    فقال الشيخ الألبانى :الله أكبر .هؤلاء يتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.سبحان الله ,أنا شايف فى عندهم أشياء ما عندنا نحن .أنتهى


    وقال أيضا الشيخ الالبانى فى شريط ((مَن حامل راية الجرح والتعديل فى العصر الحاضر ):ما يطرح اليوم فى ساحات المناقشات بين كثير من الأفراد حول مايسمى أو حول هذه
    البدعة الجديدة
    المسماة (الموازنة ) فى نقد الرجال
    أنا أقول النقد إما ان يكون فى ترجمة الشخص المنتقد ترجمتة تاريخية فهنا لابد من ذكر مايحسن وما يقبح بما يتعلق بالمترجم من خيره وشره ,اما إذا كان المقصود بترجمتة الرجل هو تحذير المسلمين وبخاصة عامتهم الذين لا علم عندهم بأحوال الرجال ومناقب الرجال ومثالب الرجال .بل قد يكون له سمعة حسنة وجيدة ومقبولة عند العامة لايعرفون شيئا من ذلك عن هذا الرجل ..حين ذاك لا تأتى بهذه البدعة التى سميت اليوم ب(الموازنة ) ذلك لان المقصود حين ذاك النصيحة وليس هو الترجمة الوافية الكاملة .

    ومن درس السنة والسيرة النبوية لايشك ببطلان إطلاق هذا المبدا المحدث اليوم وهو (الموازنة)لأننا نجد عشرات النصوص من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام يذكر السيئة المتعلقة بالشخص للمناسبة التى تستلزم النصيحة ولا تستلزم تقديم ترجمة كاملة للشخص الذى يراد نصح الناس منه والأحاديث فى ذلك أكثر من أن تستحضر فى هذه العُجالة ,ولكن لا بأس من أن نذكر مثالا أو أكثر إن تيسر ذلك ثم ذكر الشيخ الألبانى _قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((بئس أخو العشيرة أنت)) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((أما معاوية فصعلوك وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقة ))
    وأنهما دليلان على عدم وجوب الموازنات ,ثم من قال :ولكن المهم فيما يتعلق بهذا السؤال أن أقول فى ختام الجواب :إن هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة الموازنات هم بلا شك يخالفون الكتاب ويخالفون السنة ,السنة القولية والسنة العملية ,ويخالفون منهج السلف الصالح ,من أجل هذا رأينا أن ننتمى فى فقهنا وفهمنا لكتاب ربنا ولسنة نبينا صلى الله عليه وسلم إى السلف الصالح .لم؟ لا خلاف بين مسلمين فيما أعتقد أنهم اتقى واورع وأعلم و...الخ ممن جاؤوا من بعدهم .
    الله عز وجل ذكر فى القران الكريم وهى من أدلة خصال الأولى يقصد فى الأمثلة التى ذكرها (متظلم)
    لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }النساء148 فأذا قال المظلوم فلان ظلمنى ,أفيقال له:اذكر محاسنه يا أخى ؟

    والله هذه الضلالة الحديثة من أعجب ما يطرح فى الساحة فى هذا الزمان,وأنا فى اعتقادى أن الذى حمل هؤلاء الشباب على إحداث هذه المحدثة واتباع هذه البدعة هو حب الظهور وقديما قيل (حب الظهور يقصم الظهور) وإلا من كان دارسا للكتاب ودارسا للسنة ولسيرة السلف الصالح ,هذه كتب أئمة الجرح والتعديل ,حينما يترجم للشخص يقول فيه ضعيف يقول فيه كذاب وضاع سىء الحفظ ,لكن لو رجعت إلى ترجمته التى ألمحت إليها ابتداء جوابى لوجدت الرجل متعبدا زاهدا صالحا وربما تجده فقيها من الفقهاء السبعة ,لكن الموضوع الان ليس موضوع ترجمة هذا الإنسان ,ترجمة تحيط بكل ما كان عليه من مناقب أو من مثالب كما ذكرنا أولا .لذلك باختصار أنا أقول ولعل هذا القول هو القول الوسط فى هذه المناقشات التى تجرى بين الطائفتين :هو التفريق بين ما إذا أردنا أن نترجم للرجل فنذكر محاسنه و مساويه ,أما إذا أردنا النصح للأمة أو إذا كان المقام يقتضى الإيجاز والإختصار فنذكر ما يقتضيه المقام من تحذير من تبديع من تضليل وربما من تكفير أيضا إذا كان شروط التكفير متحققة فى ذاك الإنسان هذا ما أعتقد أنه الحق الذى يختلف فيه اليوم هؤلاء الشباب .
    وباختصار أقول :إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم فى العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع والذين يردون عليه لايردون عليه بعلم أبدا والعلم معه .
    هذا هو جواب السؤال .وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .


    قول فضيلة الشيخ العلامة /محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

    قال الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فى ( لقاء الباب المفتوح )(61.70)(ص153) :(( عندما نريد أن نقوم الشخص فيجب أن نذكر المحاسن والمساوىء لأن هذا هو الميزان العدل وعندما نحذر من خطأ شخص فنذكر الخطأ فقط لأن المقام مقام تحذير ومقام التحذير ليس من الحكمة فيه أن نذكر المحاسن ,لأنك إذا ذكرت المحاسن فإن السامع سيبقى متذبذباًً فلكل مقام مقال ))
    أرأيت يا من اغتر بالطيباوي هذه ثمان مخالفات في مقال واحد، وأنا أعلم أني لو تمعنت في المقال أكثر لوجدت من الطوام أكثر ، فاللهم اعصمنا من البدع والتحزب.
    هذا ما أردت التنبيه عليه في هذه العجالة، والبقية تأتي في الجزء الثاني من هذا المقال، وسأخصصه إن شاء الله للتعليق على بعض عباراته، والحمد لله رب العالمين.




    التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن هيثم الشبوي; الساعة 26-06-2009, 08:53 PM.

  • #2
    بارك الله فيك أخي ياسر على هذالرد المفحم ووقانا الله شر الشرفيين وأتباع أبي الحسن الضائعين

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخانا ياسراً ونفع بك وزادك من فضله

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيراً وبارك الله فيك

        تعليق


        • #5
          وهذا هو موضوع المفتون الطيباوي عامله الله مبما يستحق
          الحرب الضروس على الطاعن في الشيخ فركوس للشيخ مختار طيباوي بسم الله الرحمان الرحيم

          الحرب الضروس على الطاعن في الشيخ فركوس

          الحلقة الأولى
          عندما تسطع الشموس لا ينفع شعاع الفانوس

          الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده،وبعد.....
          فإن بعض الناس ـ أحسن الله إلينا و إليهم ـ يطلقون الأراجيف و الإشاعات، ثم يتّبعونها بأحكام العقوبة ـ المبنية عليها ـ من الذم و التحذير و التبديع، كالخفافيش التي تطلق الأصوات ثم تتبعها لعمى بصيرتها، مع قوة سمعها.
          فهذه الفئة من الناس شديدة اللهفان إلى تلقف الأخبار، ثم توليدها رغم أنها عقيمة، بل لا رحم لها،ومع ذلك تُلَقَّح بالأوهام و الخيالات المحالة، الممتنعة عقلا وعرفا.
          فليس لهؤلاء الناس عقل يقيسون به الأمور، إنما هو رادار، أو جهاز استشعار عن بعد ، مستورد من طائفة يأكل فيها الناس بعضهم بعضا ، يدور في جهة واحدة: جهة العلماء و الدعاة، يتصنت عليهم، فإن تلقف شيئا يحتمل التعليق، و إلا صنعه و اخترعه.
          فهذه الفئة النابتة من رحم المناهج الجديدة المبتدعة، لا تعرف إلا الطّعن في الناس، و تقويلهم ما لم يقولوه، فإن نقلوا العبارة حرفوا المعنى، وما قام به احدهم من التعقب على الشيخ فركوس ـ بمقدمات لم ينزلها العلماء في الغزالي، و الرازي، و الآمدي، ممّن عُرفوا بانحرافهم في العقيدة ، و إنزال آيات وردت في اليهود على الشيخ فركوس، ثم الاستشهاد بكلام أمثال ابن القيم، وهو منهم بريء، بل في منهجهم غريب ـ هو عين ما يُحَذِّرُ منه أهل العلم و العدل، من أهل السنة و الجماعة قديما و حديثا .
          فهذه الطائفة الشاردة ـ بظنونها السيئة في أهل العلم ـ عن الجادة، قد مقتها العلم ونفر منها، فاستعاضت عنه بالشبه تلقيها هنا وهناك، وبعضهم قد يكون نكرة منكرة، ورغم ذلك، و لأنه فقدَ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ، أو قتلها تحت أطنان من الظلمات و الظنون المنطلقة في كل اتجاه،يسمح لنفسه بتعقب شيخ أعلم منه،و أكبر منه في كل شيء، له الكفاءة العلمية ،ومخول شرعا أن ينتقد ما يبدو له خطئا، ولو أخطأ فيرد عليه بالعلم، و العلم وحده، ولا يُحَقّرُ أمره، أو يستهان بعلمه، كما يفعل هؤلاء القوم، و ليس للجهلة التَّعَقُّبُ عليه إن عدموا الحجج، بل التسليم و الركون إلى السكوت، فهو اسلم لهم.
          ومسألة ـ دار الحديث بدماج ـ التي أصبحت توصف بأوصاف لو جمعت، ووضعت على جدرانها لوقعت طوبة طوبة، من ثقل هذه الأوصاف، فقد تجرأ هذا الناقم ـ على الشيخ فركوس ـ فصرح أنها مما عظم الله، فمثلها ببيت الله الحرام .
          فإن سكت بعضهم خوفا من أن تنبش أحوالهم،أو يُزَجَّ بهم في مشكلات و إشكالات فالواجب شرعا صيانة من عرفوا بالاعتدال، حفاظا على توازن الساحة العلمية،فإن بعض الناس يجب أن ندافع عنهم، ولو لم يجمعنا بهم رابط خاص،أو مصلحة شخصية خاصّة،لأن ببقاء مكانتهم العلمية، لا تميل كفة الدعوة الإسلامية في جهة الإفراط أو التفريط،و يبقى الأمل في عودة منهج ـ معرفة الحق ورحمة الخلق ـ قائما.
          كما يجب القيام على هذه الفئة المنحرفة عن الطريقة الشرعية بالتأديب و التعليم أولا، كما فعل فضيلة الشيخ فركوس، أو بالسحق و المحق العلمي، كما سيفعل آخرون ، فإن شرور هذه الفئة قد تجاوزت كل حد محتمل، ولم يسلم منها كبير أو صغير، و الدعوة الإسلامية تشتكي منها إلى الخالق، مما أصابها من ضربات هذه الفئة المنحرفة ، فجهادها بالعلم أعظم الجهاد في هذا العصر، و التعالي عن ترهاتها و مجازفتها لن يخدم الحق، بل يُضَيِّعُ الحق ، فإنه متى غاب النور حل الظلام.
          وفي هذا المقال سأرد على هذا الذي تطاول على من هو اعلم منه حتى انحنى ولمس رأسه قدميه، من باب إحقاق الحق، وزهق الباطل ،و العدل مع الناس قربوا أو بعدوا.
          كتب أحدهم:أبو حاتم يوسف بن العيد بن صالح الجزائري؟ ،فقال:
          فقد اطلعتُ على ما نشر في موقع الشيخ فركوس -هداه الله تعالى-قلت: سواء اطلعت أم أُطلِعت فمن جحر طلعت، و الأولى أن تسأل الشيخ فركوس أن يدعو لك الله بالهداية ،لا أن تدعو له أنت في محل الغمز، وسياق الطعن،فالضال عن سبيل الحق المبرهن عليه بالعلم، هو الأحوج إلى الدعاء بالهداية الخاصة، و إلا فإن كلّ المسلمين بحاجة إلى الهداية، في كل حين ووقت.
          ومثلك يصدق عليهم قول الشيخ أحمد حماني ـ رحمه الله ـ لأحدهم: لا فرق عند أهل العلم بين قولك :قلت أو بُلت،فهما في العلم على حد سواء!
          من الجناية والطعن والبغي على أهل السنة وحماتها وحملة رايتها في هذا الوقت بدار الحديث بدماج قلعة أهل السنة والجماعة، ومحاولة تشويه صورتهم على طريقة أهل التحزب من أصحاب أبي الحسن المصري وعبد الرحمن العدنيقلت:عجيب أمر هؤلاء القوم ـ بغض النظر عن الموضوع ـ كل انتقاد لهم ولسلوكياتهم، وممارستهم يعتبرونه طعنا وبغيا على أهل السنة، هكذا بالمعرف،كأنهم هم أهل السنة، كل أهل السنة، وعندهم ختم بذلك ،أو كأنهم الممثلون الرسميون لأهل السنة، خولتهم جهة ما، أو أنفسهم! ليكونوا هم أهل السنة وحدهم، و الممثلين لها في أصقاع المعمورة .
          وقد رد قديما السلف على بعضهم البعض، بل وكذب بعضهم البعض، وحاربوا بعضهم البعض ،مما هو متواتر مشهور من أخبارهم، ولم يخرجوا بعضهم البعض لا من السنة، و لا من الإسلام و الإيمان ، فهذه إحدى علامات البدعة التي يشع بها هذا الفانوس!
          وقد قرأت بيان موقع الشيخ فركوس فلم أجد فيه تجنيا على أحد، بل وجدته بيانا معتدلا، يخاطب أناس أصحاب عقول سوية، ونفوس سليمة، قد أبدى وجهة نظر أصحاب الموقع،مع سرد تاريخي لهذه التهم الموجهة إليهم.
          ولولا أن أصحاب هذه الأكاذيب والأراجيف كثروا وانتشروا، لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد ترّهاتهم، وإيضاح بهتانهم،
          قلت:ربما العكس هو الصحيح ،على كل حال من لم يأت ببينة مقبولة شرعا فهو صاحب الأكاذيب و الأراجيف.
          ولكن يعلم أن الضلال لا حدّ له، وأن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول، والقول الباطل الكذب هو من باب ما لا ينقض الوضوء ليس له ضابط، وإنما المطلوب معرفة الحق والعمل به..
          قلت: هذا يقوله الصديق ويقوله الزنديق ، وقد قتلتم الأمة بالكلام المجمل الذي يصلح عليكم أكثر من غيركم، و إذا كان المطلوب معرفة الحق و العمل به،كيف عرفت أن ما يخالف عقلك هو باطل إلا إن كنت حصَّلت الحق كله، فهنيئا لك دعوى العصمة،وقم و النجف تنتظرانك!
          ومن لم يعرف الباطل يعجز عن رده،ثم يعجز عن الدفاع عن الحق، وهؤلاء هم من يدافع عن الحق بباطل، إذ لا يعرفون الباطل المعارض للحق،بل في كثير من الأحيان يدافعون عن حق مشوب بباطل بباطل.
          وخطورة الإشاعة التي يروجون لها لإسقاط العلماء هو انه متى ذموا شيخا و تقولوا عليه امتنع عن الناس التلقي عنه ولو حرصوا،لأنه إذا علقت الإشاعة بالذهن صار الرد عليها شرطا في قبول الحق،لأن عقل الإنسان إما يحمل الحق أو يحمل ما يضاده،فإن علق به الباطل لم يندفع إلا بأدلة تزيله ليحل محله الحق.
          ولذلك تجد الشيعة يروجون للإشاعات، وتجد أهل السنة ينهون العوام عن مجالسة أهل البدع ،لأنه إذا علق بذهنهم شبهة ،كطعن في أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مثلا، لم يمكنهم دفعها بكلام مجمل، حتى يردوا عليها كلمة كلمة،ولما كان العوام عاجزين عن ذلك امتنع عليهم الحق،فهذا هو خطر الإشاعة تعقِد تلقي الحق.
          وكثير من الناس إذا سمع الإشاعة لا يتثبت منها بنفسه من المحكي عنه ، بل يجعلها في موضع التعليق لا يصدق ولا يكذب،فإن صادفت هوى في نفسه أو شبهة عنده صدقها،و إذا قدر انه كَذَّبَهَا، فسيكذبها تكذيبا مجملا، لا يدفعها عن العقل كالتكذيب المفصل،وهذا زمان لا يسأل فيه الظالم عن ظلمه، بل يلام المظلوم.
          وقد بيّن أهل السنة كذب هذه الدعاوى في كثير من الأشرطة والكتابات بما يكفي ويشفي.قلت: إن قصدت أئمة السنة فقد تبين في كلامهم و نقولهم أنكم لست منهم، و إن قصدت طائفتك، فهم من أهل السنة في ذهنك فقط، ومن يتكلم بالمعقول يفرق بين الوجود الذهني و الوجود العيني، أما عند باقي المسلمين فهم: كن كما تريد إنما يدل على الحقائق الأدلة، و ليس الدعاوي.
          فإن كانوا من أهل السنة فهو ذاك، أمّا كل أهل السنة، فهذه مجازفة خطيرة عليك.
          غير أنه بين الحين والآخر تبرز قرون تنعشها، وتحمل راية من سبقها، كما هو دأب أهل الباطل في تكاثفهم على أهل الحق والهدى، لكن الله عز وجل وعد ووعده الحق فقال <كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ >[المائدة: 64] .
          قلت: هذه الآية نزلت في اليهود يا مسلم، وفيها إخبار بمكرهم إلى يوم القيامة، وهذه حال المتخرجين من دار الحديث بدماج، يوردون آيات نزلت في الكفار في المسلمين، ثم إذا سمّاهم الناس حدادية زمجروا و اكفهروا، ثم لم ينزل المطر.
          وأهل السنة في القلعة السلفية الشامخة بدماج- وعلى رأسهم شيخنا المحدث العلامة الناصح الأمين يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى- في ذلك كله؛ يردّون بغي المعتدين بالحجة والبرهان، غير مبالين بإرجاف المرجفين وحسد الحاسدين، سائرين على منهج السلف رضي الله عنهم أجمعين
          قلت: من مثلكم في مدح بعضكم البعض، فلا يشبهكم إلا الرافضة في أئمتهم، وحتى تعرف نوع الحجج و البراهين التي يرد بها الشيخ يحي الحجوري و طلبته على من خالفهم، فهذا مختصر مفيد يضعك في الصورة:
          نبذة من أخطاء الشيخ يحي الحجوري وصاحبه الصومالي:
          إن من المصائب العظيمة: ما لحق أهل السنة و الجماعة، من تطاول بعض من لم يحقق مذهبهم و طريقتهم في العلم للكتابة في مسائل المنهج، بحيث أخرجوا هذه اللفظة عن مدلولها الشرعي، و تجاوزوا بها معناها الشرعي إلى معنى آخرمبتدع ، حتى صارت بدعة مدمرة لعمل أهل السنة و الجماعة و أصولهم ، منفرة للناس عنهم، مشتتة لجهودهم و صفوفهم.
          لقد تجرا من هب ودب للكتابة في مسائل المنهج : في مسائل الجرح و التعديل، و أحكام المبتدع ، وهو لا يعرف استقراء ، و لا الفرق بين التام منه و الناقص ،و لا استثناء، و لا إجماعا، و لا سدا للذريعة ، و لا تعارض المصالح مع المفاسد، ولا أنواع الأدلة، و لا مراتبها ، ولا يفرق بين حكم مطلق و آخر مقيد، ولا بين عموم وواقعة عين، فتغلظت بدعتهم المنهجية إلى ما تراه من منهاج القعيدية النفسية و السلوكية ألبس ألفاظ أهل السنة و الجماعة ، تماما كما فعل الغزالي و ابن حزم رحمهما الله أخذوا بدع الفلاسفة و الجهمية و ألبسوها قوالب الألفاظ السنية ، فاللفظ لفظ أهل السنة ،و المعنى معنى المبتدعة.
          لقد وقع بيدي منذ مدة كتاب بعنوان " تنبيه أولي الألباب على تحريم الدراسة عند أهل البدع و الارتياب" كتبه أحدهم يدعى : أبو غالب عبد الله بن محمد الصومالي قدم له أبو عبد الرحمان يحي الحجوري ، فوجدته قد عج بالتناقض الشديد، و بالتقول على الشريعة ،فانزل حكما عاما مطلقا على مسألة فصّلها أهل السنة و الجماعة تفصيلا ، فبينوا الأصل في المسألة، وهو معاقبة المبتدع بعدم تشييخه و خمد ذكره، و متى يجوز طلب العلم عليه .
          ومما زاد عجبي أن أدلة الكاتب غير متناسقة ولا متسلسلة، ومعلوم لدى طلبة العلم أنه يجب التفريق بين مواد الدليل و نظم الدليل،ثم التلازم بين الدليل و المدلول،فقد تكون مواد الدليل شرعية صحيحة أي نصوص صحيحة، ولكن نظمها غير صحيح، فتفقد التلازم بينها وبين المدلول،وفي أحيان كثيرة النقول جيدة و المصيبة في الإنزال.
          فطول قراءتي لهذا الكتاب كنت أ بحث عن الصلة بين التحليل و الأدلة المستعملة في هذا التحليل، و بين النتيجة أي الحكم، فوجدت أن الأدلة في واد و الحكم في واد آخر، فلا يخفى عليكم أن الحكم قد يكون صحيحا و الأدلة عليه باطلة ، مما يعني أن الرجل يأخذ حكما صحيحا، ولكن بالتقليد، بحيث لا يعرف الأدلة التي تستلزم هذا الحكم ، فتحريم الدراسة عند أهل البدع حكم صحيح على إطلاقه، تدل عليه مجموعة أدلة ، ولكن هناك حالة الاستثناء التي تدل عليها أدلة أخرى ، و بطبيعة الحال فإن استصحاب حكم المطلق على المقيد، و حكم العام على المستثنى منه خطا فاحش، هو من جنس أخطاء الخوارج، فإنهم اخذوا نصوص الوعيد و تركوا نصوص الوعد، و أخذ آخرون نصوص الوعد و تركوا نصوص الوعيد،ولم يجمعوا بينها.
          فالأدلة على تحريم الدراسة و التعلم عند المبتدعة أدلة عامة،و الأدلة المبيحة للدراسة عندهم أدلة خاصة ،و تحكيم الأدلة العامة على الحالات الخاصة خطا كبير عن لم يكن من الجهل،فالعلم في الاختلاف و ليس في حال الوفاق و الاتفاق،بمعنى أن معرفة القسم المشترك و القدر المميز هو العلم.
          هذا من جهة أي أن الحكم بتحريم الدراسة عند المبتدع ليس حكما عاما و لا مطلقا لا استثناء فيه، فهذا أول الأخطاء .
          الخطأ الثاني: من هو المبتدع الذي يقصده الكاتب، فهنا ليس مربط الفرس بل مقتل الفرس وقبره ،فمن ينقل عنهم الأخ من الأئمة يقصدون أصنافا من المبتدعة غير التي يقصدها هو، فهذا نوع تلبيس على الناس يجب كشفه.
          الخطأ الثالث: التناقض، يحكم على المبتدع بهذا الحكم وهو تحريم الدراسة عنده ثم ينقل عنه أحكاما في المبتدعة ، فعادت الدعوة عليه.
          فالمقدمة الأولى : تحريم الدراسة عند المبتدع مطلقا خطأ ، المقدمة الثانية : تعيين من هو المبتدع لم ينقل الأدلة التي تعين المبتدع، وتفرق بين أنواع البدعة،وهذا خطا ، المقدمة الثالثة: نقل أحكام المبتدع في المبتدع، فهذا تناقض من هذه الجهة ، ومن جهة أخرى هو نوع دراسة لكتب و علم المبتدع.
          الخطأ الرابع: تقديم الحجوري له دون الإشارة إلى أخطاء الكاتب، و هذا يعني أن القوم يستكثرون في العلم، لا يحققون ولا يتحققون ، المهم من كتب على منوالهم و انتصر لهم قدموا له،ومعلوم أن التقديم لكتاب له شروطه، من أهمها:
          التحقق من مقدمات الكاتب، و ليس مجرد النظر في أحكامه إن كانت موافقة لي أم لا؟، فإن مراعاة صحة الأدلة، و تلازمها مع الحكم الغرض منه إحقاق الحق، و عدم الظلم، و عدم التزوير في العلم، و إحكام الاستدلال ، لأننا بهذا نعرف المتماثل و المختلف، المشترك بين الأدلة المختلف في الحكم ، المميز بين الأحكام المتشابهة.
          وبعض المشائخ ،من صغار طلبة العلم، ممن ليس لهم إنجازات كثيرة في التأليف يقدمون لأي كتاب بغرض الظهور،و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
          و إذا عدنا إلى موضوع ـ دار الحديث بدماج ـ وسبب انتقادها من بعض أهل العلم ،الذين انتقدوها بعلم ،من خلال ما يفد عليهم من طلبتها و ما يكتبون،فالأولى أن نتكلم عن شيخها قليلا،فإن جاز القنطرة ألحق اللوم بالطلبة، الأمر الذي لست مقتنعا به،بل المنهج المنحرف الذي روج له طلبة هذه المدرسة منبعه الشيخ يحي الحجوري.
          فالحجوري ينزل آيات نزلت في الكفار في المسلمين ، فيقول في مقدمته :"فكان التحذير منهم واجبا و البعد عنهم وعن مجالستهم و مدارستهم لازما ولا يستقيم حال أهل الحق إلا بذلك"
          قلت: كل هذه الأحكام التي ذكرها استثنى فيها أهل السنة، فأحيانا يحذرون من البدعة، ولا يحذرون من قائلها، لأنه ليس مبتدعا، إنما وقع في بدعة، فهذه حالة لم يشر إليها الحجوري، وكان عليه التحذير من كثير من العلماء الذين وقعوا في بدعة، وهو يعرفهم خاصة القرطبي و ابن العربي الذين ينقل الصومالي عنهما في كتابه.
          كذلك ترك مجالستهم استثنى فيها السلف،فيوجد من كبار أئمة السنة من جالس المبتدعة ، فالمسألة ليست مطلقة ، و إطلاق الأحكام التي تَبين أنها مقيدة بدعة ، و تلبيس.
          قال الحجوري:" قال تعالى:{ فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا} و قال تعالى:{و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هو اه وكان أمره فرطا}.."
          قلت: ما علاقة هذه الآيات بموضوع الدراسة عند المبتدع، إلا إذا كان الحجوري يكفر جميع المبتدعة، لا يفرق بين بدعة مكفرة و أخرى غير مكفرة، ولا بين بدعة غليظة و بين بدعة خفيفة، ولا بين بدعة ذات شبه و بدعة غير ذات شبه، وحتى لو كان المبتدع الذي يقصده الحجوري كافرا ببدعته فلا تتنزل عليه هذه الآيات، فالآية تتحدث عمن اعرض عن الذكر، وهو القرآن، و أخلد إلى الأرض، و بعض المبتدعة لم يعرضوا عن القرآن، بل هم اشد الناس قراءة له كالخوارج بنص الحديث:" يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم"،و إنما بدعتهم عدم فهمه،أو إعراضهم عن السنة ، ومنهم من كتب في علومه كالزمخشري و غيره ، و منهم من لم يرد الحياة الدنيا، بل كان أكثر زهدا من كثير من أهل السنة ،كعمروابن عبيد، و أبي الحسين البصري، و أبي حامد الغزالي و غيرهم كثير.
          فما هذا الاستدلال؟ و إنزال القرآن على الوقائع و الأشخاص بالهوى، و عدم الرجوع إلى تفسيره المعتمد عند السلف، وهذه مصيبة من جعلوا من مسألة المنهج الغير منضبطة عندهم بضوابط واضحة بدعة كبيرة ، من جنس رد بدعة ببدعة.
          فالآية الأولى يبين معناها السياق ، قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) }.
          قال الطبري: يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يصدّقون بالبعث في الدار الآخرة، وذلك يوم القيامة ليسمون ملائكة الله تسمية الإناث، وذلك أنهم كانوا يقولون: هم بنات الله.
          قلت: فهل يمكن أن ننزل هذه الآيات على طلق بن حبيب لقوله بالإرجاء هو وذر و حماد بن أبي سليمان و أبي حنيفة و إبراهيم بن طهمان؟
          وهل يمكن أن ننزلها على سعيد بن جبير و الشعبي، وكل من خرج على الحجاج بمباشرة القتال أو بالفتوى فيه؟
          وهل يمكن أن ننزلها على سفيان الثوري و الأعمش و النسائي و ابن عبد البر و الطبري، ممن فيهم تشيع يسير؟
          و هل يمكن أن ننزلها على محمد بن نصر المروزي لأنه قال الإيمان مخلوق، ؟
          وهل يمكن أن ننزلها على أبي يعلى و ابن عقيل و ابن الجوزي فبدعهم معروفة؟
          وهل يمكن أن ننزلها على البخاري لأنه من اللفظية وقد بدعهم الإمام أحمد؟
          وهل يمكن أن ننزلها على الترمذي لأنه ينكر عقيدة إقعاد النبي صلى الله عليه و سلم على العرش؟
          وهل يمكن أن ننزلها على ابن خزيمة لأنه ينكر حديث الصورة هو و الترمذي و الألباني؟
          وهل يمكن أن ننزلها على النووي، و على ابن حجر فبدعهم معروفة، وفي العقيدة أخطئوا؟
          أم بدع هؤلاء ـ و قد تجنبت ذكر آخرين حتى يكون الوقع أَخَفَّ على العقول ـ مغفورة لهم، و بدع غيرهم غير مغفورة ، فما موجب التفريق و ما دليله؟مع العلم أنكم تبدعون أناسا لم يبتدعوا إلا مخالفة تشددكم و غلوكم ، هذه بدعتهم الوحيدة!
          و الحقيقة تقال: المنهج الذي يشع من الفانوس الحجوري لن يقف عند الشيخ فركوس، بل سيتناول بعض علماء الحجاز، ثم يجر على الجميع،لأنه منهج ليس له ضابط علمي بل هو منهج نفسي سلوكي، سيجمع كل متأزم النفس، متشدد، غلبت قوته الغضبية على قوته العلمية.
          إن مسألة تحريم الدراسة عند المبتدع هي من مسائل سد الذرائع أي من قواعد الاحتياط، المقصود منها معاقبة المبتدع على بدعته بهجره، إما لرجاء توبته أو لعدم تشييخه حتى لا يكون داعية إلى بدعته، و إما لحماية العوام من سمومه ،مع لزوم وضرورة رعاية من المقصود بالمبتدع؟: المبتدع في عرف السلف الصالح أم المبتدع في عرف الحجوري، الذي يبدع من هو أكثر تسننا منه لمجرد أنه خالفه .
          و مما يدل على أن الشيخ الحجوري يقصد بعض من يخالفه، و لا يقصد من اتفق السلف على تسميته مبتدعا، انه قال بعد هذه الآيات التي أنزلها على هواه :"وفي هذه الآونة قام من يشيد بالدراسة عند القوم على ضلالهم و يحثّ على احترامهم و إجلالهم".
          قلت :كما تحترم أنت و الكاتب الذي قدمت له القرطبي الأشعري، الذي نقلتم أقواله في المبتدعة، و أبا بكر بن العربي الذي يعتبركم ممن يكيد الإسلام، مجسمة ضالين، في مستوى ضلال الرافضة .
          وفي الأخير أقول: أهل السنة عندما يتكلمون عن كتاب ما مدحا و تزكية لكاتبه، لا يفعلون ذلك لأنه يناصرهم على فلان و علان، و لكن يفعلون ذلك لأنه أصاب و أجاد، وهذا الشرط مفقود و ضائع في كتاب الأخ الصومالي ، و بهذا يتبين أن القوم يبحثون عن الاستكثار، لا إحقاق الحق و إبطال الباطل، فأين السنة، و أين منهج أهل السنة؟؟
          لقد جال الأخ الصومالي يمينا و شمالا، وجمع ما يظن أنه يخدم موضوعه حتى وصل موضوع عنوان كتابه " تحريم الدراسة عند أهل البدع" فتكلم فيه في صفحتين {ص:58 و 59} فقط وفقط.
          فهذا الرجل يطلق ـ في صفحتين ـ حكما له ما بعده ، إما ظلما للعلماء الذين ليسوا مبتدعة إلا عنده و عند الحجوري ،و إما ظلما للشباب الذي سيُمنع من الاستفادة من علم من هو خير من الكاتب و الحجوري تسننا و معرفة .
          أما بقية الكتاب فشيء آخر، و ليته أجاد في الصفحتين، بل نقل شيئا لا يدل على موضوعه، لا من قريب ومن بعيد.
          وقبل أن نصل إلى هذه المسألة فهذه بعض الملاحظات تعرف بها مستوى الكاتب ومستوى من قدم له:
          1 ـ قال{ص:7} :" قال تعالى :{ و إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره و إما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}:الأنعام"
          قال القرطبي في تفسير هذه الآية :" في هذه الآية رد من كتاب الله عز وجل على من زعم أن الأئمة الذين هم حجج و أتباعهم لهم أن يخالطوا الفاسقين و يصوبوا آراءهم تقية، وذكر الطبري عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه انه قال:" لا تجالسوا أهل الخصومات، فغنهم الذين يخوضون في آيات الله ".
          قلت: و معنى ذلك:الذين يخوضون في آيات الصفات بالتأويل و التحريف و المخاصمة لمن يثبتها، قال محمد بن جرير الطبري:" وفي هده الآية [ و إدا رأيت الدين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم]الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة و الفسقة عند خوضهم في باطلهم"
          1 ـ القرطبي أشعري ، هو في عرفك مبتدع، لا يجوز لك ـ وفق تاصيلاتك ـ الاحتجاج به، و لا النظر في كتابه، ففيه كثير من التأويل المبتدع، فالقرطبي له أقوال في الاعتقاد مبتدعة، قال ابن تيمية في"الفتاوى الكبرى"{292/5}:" قال المعظم لأبي المعالي الناقل لكلامه أبو عبد الله القرطبي وهو من كبار علماء الأشعرية".
          2 ـ نقل القرطبي في تفسيره ما يوضح قصده حينما قال:" وقال طلحة بن عمر قلت لعطاء:" إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة و أنا رجل في حدة فأقول لهم بعض القول الغليظ، فقال: لا تفعل، يقول الله تعالى:" وقولوا للناس حسنا" فدخل في هذه الآية اليهود و النصارى فكيف بالحنيفي؟" القرطبي في" تفسيره"{16/2}".
          فهذا النقل الذي نقله القرطبي مستشهدا به،فيه مجالسة أهل الأهواء، ومخاطبتهم بالرفق و اللين.
          3 ـ أهل الخصومات المقصود بهم المبتدعة في الصفات و علم الكلام فهم من يخوض في آيات الله قال البغوي{188/1}:"و اتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال و الخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام و تعلمه".
          وقال:" قال مالك بن انس:إياكم و البدع، قيل يا أبا عبد الله و ما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله و صفاته و كلامه و علمه و قدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة و التابعون لهم بإحسان".
          وقال البغوي ـ أيضا ـ:" وهذا الهجران و التبري و المعاداة في أهل البدع و المخالفين في الأصول، أما الاختلاف في الفروع بين العلماء، فاختلاف رحمة أراد الله أن لا يكون على المؤمنين حرج في الدين، فذلك لا يوجب الهجران و القطيعة...".
          قلت: و القرطبي كان أشعريا مائلا إلى الحديث و السنة, معظما لهما، لزم انه حينما تكلم عن الفاسقين و أهل الخصومات كان يقصد من هم في عرفه كذلك، وهم الجهمية و المعتزلة و القدرية و الرافضة، لم يقصد أصحابه الأشاعرة ،فضلا عمن هو خير منهم؟
          فإذا قصد القرطبي قوما، وقصدتم قوما غيرهم لا يدخلون عند القرطبي في حد المبتدعة، لم يجز لكم الاستشهاد بكلامه، فإن فعلتم فهو: إما تلبيس على الناس، أو جهل منكم.
          وكذلك البيهقي، و الخطابي، و القاضي عياض، وابن حجر، و النووي، و السيوطي، و الصفدي، و السخاوي، وغيرهم، حينما يتكلمون عن المبتدع إنما يقصدون ما قصد القرطبي، فإنزال كلامهم على طائفتهم، أو على من لم يقصدوه تلبيس و تحريف و تناقض.
          ومن خلال نقل البغوي تعرف من المقصود بالمبتدعة عند الأئمة، و أنهم من يخوض في آيات الصفات أي المبتدع في أصول الدين.
          4 ـ السني قد يتعلم عند المبتدع من باب الضرورة، كأن لا يوجد غيره،أو يكون أفضل من غيره في فنه كاللغة أو الحديث أو أصول الفقه مثلا، فيحتاج إلى علمه، فمن شيوخ مالك قدرية ، وكذلك سفيان الثوري ،و أكثر أئمة السنة في شيوخهم مبتدعة،وفي زمن السلف لم يكن يوجد إلا القرآن و الحديث و ربما العربية،وجل ائمة السنة رووا عن المبتدعة وفي عرف زمانهم درسوا عندهم،فإن كان هذا دليلا على الاستثناء وجب على الكاتب و المقدم له الشيخ يحي الحجوري الإشارة إليه من باب أداء الأمانة، و التعريف بمنهج السلف الصالح.
          قال شيخ الإسلام في " المجموع"{119/28}:" وهذا الجواب منه مع قوله في القدرية لو تركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ومع ما كان يعاملهم به في المحنة من الدفع بالتي هي أحسن ومخاطبتهم بالحجج يفسر ما في كلامه و أفعاله من هجرهم و النهي عن مجالستهم و مكالمتهم"
          قال من قدم له الحجوري:"قال ابن العربي : هذا دليل على أن مجالسة أهل الكبائر لا تحل".
          قلت: الرجل يتحدث عن أهل الكبائر، فإن جاز إلحاق المبتدع بهم فهو قياس بعيد لأن السلف يفرقون بين حكم الفاسق وحكم المبتدع.
          ومع ذلك لا يجوز الاحتجاج بكلامه ـ وفق تاصيلات الحجوري و طائفته ـ لأنه يذمهم.
          قال ابن العربي في "آرائه الكلامية"{281/1}:"وقد بينا في غير موضع أن الكائدين للإسلام كثير، و المقصرون فيه كثير،و أولياؤه المشتغلون به قليل، فممن كاده الباطنية، وقد بينا جملة أحوالهم ،وممن كاده الظاهرية ،وهم طائفتان:إحداهما : المتبعون للظاهر في العقائد و الأصول، و الثانية: المتبعون للظاهر في الأصول، وكلا الطائفتين في الأصل خبيثة، وما تفرع عنهما خبيث مثلهما،فالولد من غير نكاح لغية، و الحية لا تلد إلا حية، و هذه الطائفة الآخذة بالظاهر في العقائد هي في طرف التشبيه كالأولى في التعطيل".
          قلت: فالشيخ الحجوري و الصومالي عند أبي بكر بن العربي طائفة خبيثة، كادت الإسلام، وهما يستشهدان به على ذم المبتدعة، أليست هذه مصيبة القرن؟!
          وسبب هذا الباطل في هذه الطائفة المنتسبة للسلف أنهم تركوا كلام السلف و أصولهم في تعيين المبتدعة أولا، ثم ذمهم و الرد عليهم ، و ابتدعوا مبتدعة جددا، هم في عرف السلف و أصولهم من أهل السنة و الجماعة ،و سموهم مبتدعة في المنهج، ثم أنزلوا عليهم هذه الأحكام ـ تحريم الدراسة عندهم ـ التي هي من جنس المهاتر السخيفة.
          على كل حال لابن العربي كلام كثير يصلح للاحتجاج به، وفيه رد عليه، و على طائفته كقوله في ( العواصم ) : " ... و على كل حال، فالذي أراه لكم على الإطلاق أن تقتصروا على كتب علمائنا الأشعرية، وعلى العبارات الإسلامية و الأدلة القرآنية، و أنتم في غنى عن ذلك كله ، و خذوا مني في ذلك نصيحة مشحونة بنكت من الأدلة ، و هي أن الله سبحانه ردّ على الكفار على اختلاف أصنافهم من ملحدة ، و عبدة أوثان ، و أهل كتاب ، طبيعية ، و صابئة و شركية و يهودية بكلامه ، و ساق أفضل سياق أدلته ، و جاء بها في أحكم نظام ، و أبدع ترتيب ، فعلى ذلك فعوّلوا ".( ص : 109 ).
          قال ـ من قدم له الحجوري ـ في باب " الدراسة عند أهل البدع تعاون على الإثم و العدوان" شيئا من عجائب هذا الزمان {ص:58} ساق آية التعاون من سورة المائدة، ثم قوله تعالى:{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}"النحل"،ثم قول النبي صلى الله عليه و سلم :" انصر أخاك ظالما أو مظلوما" ثم قوله:" من دعا إلى هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه .." الحديث.
          ثم قال:" ومن هذا الباب الأحاديث التي وردت في النهي عن مدح الإنسان في حضرته إذا خشي عليه الفتنة".
          فذكر مثل حديث أبي موسى:" أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل" ثم قال:" ففي هذه الأدلة تحريم التعاون على الإثم و العدوان ووجوب التعاون على البر و التقوى، ومن مفاسد الدراسة عند أهل البدع أنها من التعاون على الإثم و العدوان، من حيث أن فيها اغترارا لذلك المبتدع المدرس و التمادي فيما هو عليه من البدع و الضلال".
          ثم ذكر حديث :" من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" و حديث:" لان يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم".
          قلت: لم أجد الصلة و الرابط إلا أن الدراسة عند المبتدع مثل تزكيته في وجهه، فيغتر المسكين وهذا من التعاون على الإثم و العدوان ، فقلت كيف يكون ذلك؟: رجل يذهب عند اشعري اعلم أهل بلده مثلا في أصول الفقه أو اللغة أو علم الحديث يتعلم عنده أفيكون هذا من التعاون على الإثم و العدوان أم من التعاون على البر و التقوى؟
          فهل تعلُم العلوم الشرعية ـ ليس علم الكلام و الفلسفة و التنجيم التي ذمها السلف ـ من التعاون على الإثم و العدوان؟
          و إن كان تكثير سواد العالم المبتدع فيه تزكية له، هل ينهى عن هذا من قبيل عدم تزكية المسلم المبتدع ومدحه في وجهه؟!
          نعم، تشييخه حيث يوجد مثله أو من هو خير منه من أهل السنة فيه من التعاون على الإثم و العدوان، ولكن ليست هذه الحالة موضوع الاختلاف.
          ثم أني بحثت في القديم و الجديد فلم أجد مبتدعا ترك بدعته إلا بالمجالسة و المناظرة، كما في مثال أبي ثور مع الشافعي ، و الخوارج مع ابن عباس ، وكثير ممن جالس ابن تيمية ، ولكن لم أجد من رجع بعد الهجر و المقاطعة، و لنترك من عرفوا ببدعة غليظة جانبا ، و لننظر فيمن هجره أهل عصره من أهل السنة و الجماعة و لم يرجع .
          قال فضيلة الشيخ ربيع المدخلي في شريط" الحث على المودة والتآلف والتحذير من الفرقة والاختلاف":
          كيف يجالسهم ؟ بارك الله فيك ، هل السلفيون الآن يجالسون أهل البدع !؟ الآن السلفيون قسمان :ـ سلفي قوي ، يستطيع أن يبلغ دعوة الله في أهل البدع وفي الأحزاب ـ بارك الله فيك ـ بالحجة والبرهان ، ويؤثر فيهم ولا يؤثرون فيه ، فهذا واجبه أن يختلط بهؤلاء ويدعوهم ، لا لأجل أكل ولأجل شرب ولا مداهنة ولا شيء ولا إقرارعلى باطل ، إنما يحصلهم في المساجد يدعوهم ، يحصلهم في الأسواق يدعوهم ، يركب معاه في سيارة يدعوه ، يركب معاه في طائرة يدعوه ، يركب في قطار يدعوه ، بارك الله فيك ـ يدعو لأنه لابد من الإختلاط بهؤلاء ـ ما له فكة منهم ـ لأن أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة وأن السلفيين كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ـ بارك الله فيكم ـ فرغم أنفه يختلط بهؤلاء ، لكن أيش واجبه ـ واجبه ـ تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة ،
          إنسان جاهل ضعيف الشخصية إذا سمع أدنى شبهة أخذته ، أو شُبه ، هذا ينبغي أن ينجو منهم ويبتعد عنهم لا يجالسهم ، لكن إذا امتحنك إنسان وسلم عليك قل وعليك السلام ، بارك الله فيك ، لكن تجالسهم وتُآكلهم تضاحكهم تجلس إليهم أنت مخالف للمنهج السلفي ومخالف للسنة ".
          قال العلامة الألباني في " سؤالات أبي العينين" {ص:140}:"نهي بعض علماء السلف عن مجالسة المبتدع و الإصغاء لكلامه وعن معاشرته ونحو ذلك هذا مشروع من باب السياسة الشرعية، ومن باب المحافظة على سلامة عقيدة عامة الناس الذين لا يتمكنون من تمييز الخطأ من الصواب أو الباطل من الحق فهذا لا يعني أكثر من باب تطبيق قاعدة "سد الذريعة" يعني أيها الناس لا تصلوا وراء هذا المبتدع، هذا من باب ردعه، من باب مقاطعته تأديبا له من جهة، وخوفا على من يعاشرونه من جهة أخرى"
          ثم السؤال للشيخ الحجوري: كيف تهدي رجلا قد يكون أعلم منك، أو يراك مبتدعا، ثم إن هجرته لم تضره، فإن طائفته فيها من العلماء و الأتباع أضعاف أضعاف ما في طائفتك؟
          فإن كان المقصود عدم تشييخه و إخماد ذكره ، ففي الناس سواكم كثير، ممن يشيخه، و يعلي ذكره!
          هذه كانت إشارة سريعة إلى هذه الطامة التي كثرت في هذه الأيام: إنزال كلام الأئمة في الجهمية و المعتزلة و الرافضة و أشباههم في أهل السنة المخطئين في نظر الحجوري و طائفته.
          ومن يريد تفصيل هذه المسألة فلينظر بحث الرواية عن المبتدع في كتب الحديث، فإن فيها كفاية عن لغو هذه الطائفة المنتسبة للسلفيين.
          أما بقية مواضيع هذا الكتاب فقد أجبت عليها منذ سنوات في بحوث أخرى، لا داعي لتكرارها، وقد وضحت الحجة .
          فهذا ملخص منهج الشيخ يحي الحجوري ومنهج دار الحديث بدماج:
          إذا وافقتهم في شيء من قولهم حتى إن كان لا علاقة له بالعقيدة مدحوك و عظموك، و اثنوا عليك خيرا، ولو كنت مخطئا، و إذا خالفتهم في شيء يسير قاموا عليك عن بكرة أبيهم بالذم و الثلب و التنقص، ولو كنت موافقا للسلف الصالح في عقيدتهم و طريقتهم في العلم،فهذا من ذاك.
          قال صاحب الفانوس:
          قال الله تعالى<وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا>[الفرقان:33].
          وقال تعالى< بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ >[الأنبياء: 18قلت:بمثل هذه الطريقة في الاستدلال لا تمنع نفسك، يمكنك أن تسوق ما شئت ما آيات الكتاب الحكيم، فقد سبقك إلى هذا الخوارج،ومع ذلك كانوا خوارج و بقوا خوارج ،من قال لك أن هذه الآيات تنطبق عليك أو على طائفتك،و ليس عندكم حق ـ في هذه المسائل ـ بله أن يكون مفسرا، فضلا أن تكونوا من أهل القياس،فإن المثل في القرآن المقصود منه القياس.
          وكلما زاد هؤلاء من التشويه لهذا الصرح الشامخ ازداد الناس إقبالا عليه!! وكأنهم يدفعون الناس إليه دفعا!

          وإذا أراد الله نشر فـضيلة *** طويت أتاح لها لسـان حسود

          لولا اشتعال النار في جزل الغضا *** ما كان يُعرف طيب نشر العود

          فإن الناس إذا أتوا ورأوا الخير سبوهم وذموهم ومقتوهم وقالوا: قاتلهم الله!! كم صدونا عن الخير ونحن نريد طلب العلم!! هؤلاء كذبة خراصون!!
          قلت:إن كان لطالب العلم خيار بين دار الحديث بدماج و الجامعة الإسلامية في المدينة أو مكة فيجب نهيه عن دار الحديث بدماج، إذ كانت لا تصدر إلا أمثال الكاتب صاحب الفانونس،و إن كان يوجد ما هو أسوأ منها فقد يضطر العبد إلى أكل الميتة.
          أما تستحيون من فضيحة الدنيا ويخشى عليكم من فضيحة الآخرة يوم القيامة؟!
          قلت: بل من لم يأمر أمثالكم و يزجرهم و يعلمهم هو من إن لم يستح في الدنيا سيندم في الآخرة،و الحياء خير كله إلا إذا أفضى إلى ترك نصيحة واجبة أو سكوت عن باطل وجهل له عواقب وخيمة على الأمة.
          ﴿وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل:94].
          قلت:لا حول ولا قوة إلا بالله، القوم إذا استفزوا ظهرت حقيقتهم: عدم التورع من إقحام القرآن فيما لا يدل عليه ، كالخوارج،فمعلوم أن من أمر بالكتاب و السنة و الإجماع و اتباع طريقة السلف ، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و يعلم الناس الخير ليس ممن يصد عن سبيل الله عند الله ورسوله و المؤمنين، و عن كان كذلك عند هذا الكاتب ، و إذا قُدر أنه طعن في عالم مثله أو أكثر تسننا منه لم يلزم منه أنه يصد عن سبيل الله ،فلا يصد عن سبيل الله إلا الكفرة و المبتدعة البدع الغليظة .
          أو لم يعلموا أن كلَّمن فتن إنسانا أو أبعده عن الخير فإنه يحمل وزره يوم القيامة﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْأَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل:25].
          قلت: عندما تقول: الخير، بالمعرف فهو كل الخير، و إذا سلمنا جدلا أن في هذه المدرسة خيرا كثيرا، معه بعض الشر القليل من جهة الكم، الخطير من جهة النوع،فنهى عن هذا الشر لم يلزم انه ينهي عن الخير،فلا يجوز لك تعميم النهي وقد صدر خاصا على مواضيع مخصوصة،فعندما نذم كتب الرافضة أو غيرهم نعلم أن فيها آيات من القرآن أو أحاديث نبوية صحيحة، لم نقصدها بذمنا لهذا الكتاب أو ذاك.
          فإذا انتقد بعض الأفاضل مدرسة دماج ،أو بعض طلابها، أو شيخها في مسائل مخصوصة، لم يلزم منه ذم كل شيء فيها، كأنما اجتمع فيها الشر المحض المطلق!
          وكان على فركوس وإدارته هداهم الله أن يحسبوا قبل كلامهم في الشيخ المحدث العلامة يحيى بن علي الحجوري وداره قلعة أهل السنة وطلابه ألف حساب،
          قلت: تكلم الناس في أئمة أعلام و انتقدوا أخطاءهم ولم يحسبوا حسابا واحدا،فكيف يحسب لهذه المدرسة وشيخها ألف حساب، هل يقطع الرؤوس مثلا؟!
          حيث إنهم يعلمون أن الدعوة التي يقوم بها الشيخ يحيى حفظه الله؛ دعوة لا يُعرف لها مثيل في عصرنا الحاضر، ولا يُعلم عالمٌ في هذا الوقت يُرحل إليه من جميع أصقاع الأرض كما رحل إلى فضيلته-بعد الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله-، ولا نعلم حلقة علم فيها نحو سبعة آلاف طالب سلفي خالص مِن درن الحزبية البغيضة-فيما نحسبهم والله حسيبهم- مع الاستمرار في طلب العلم ليلا ونهارا ليس لهم عطل عن طلب العلم حتى في الأعياد و الجمعات!! كحلقته حفظه الله، بما لم تره عين فركوس الجزائري، ولا شلّةِ إدارتِه السّافهين على الخير وأهله.
          قلت: من حسنها فر العقلاء، ومن ثمرتها الشيخ نفسه وتلامذته أمثال الصومالي و المولعين بالكلمات المختومة بحرف السين .
          يحشر اليوم القيامة النبي ومعه الرهط ، و النبي ومعه الرجل ..... كما جاء في الحديث الصحيح،فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الحق ليس بالعدد.
          لقد مات شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ولم يترك من طلبة العلم إلا عددا يسيرا جدا أمثال : ابن القيم، وابن المحب، وابن مفلح،وابن عبد الهادي، و الذهبي، وابن كثير ملئوا الدنيا علما و حلما وخيرا و حكمة .
          وقد كان يحضر حلقات ابن الجوزي وغيره عشرات الآلاف لم يتركوا خلفهم طلبة علم مثل الذين تركهم ابن تيمية.
          وهذا ابن حجر، كان لا يزيد عدد الحضور عنده على الثلاثين، ومع ذلك ترك فتح الباري،أضخم عمل في السنة النبوية.
          كما يقال:يروج لبؤر الفساد المنهجي و العلمي من ينقصه العقل، حيث يمتدحون الشيء بما هو مدحة لجميع الخلق، فلا يفرقون بين ما كان موجبا للمدح المخصوص، وبين ما يصلح للمدح العام،فكون الناس يقصدون بالآلاف هذه المدرسة من كل فج كثر فيه الجهل، فهذا لا يعني أنها المدرسة النظامية!
          فأكثر منهم بكثير رحلوا إلى موريتانيا وقم و سوريا، فبسبب الظروف العسيرة في الجزائر، و أهل الإنصاف يعلمون حال العلماء و الدعاة في الجزائر، خاصة المعتدلين منهم، و العراقيل التي يجدونها في طريقهم، حتى إن بعضهم يستفتى على الأرصفة وقارعة الطريق،و الشباب الجزائري لما لم يجد أين يعلم بالطريقة اليمانية، خاصة بعد غلق طريق موريتانيا أمامهم بسبب الفتنة، توجهوا إلى حيث يستقبلون، ولو استقبلتهم المملكة لما رحل منهم نفر إلى اليمن.
          وكونهم يرحلون لا يعني شيء، فما العلم بكثرة العدد، ولا هو الرحالة بعينها، ليعود بعد ذلك لا يعرف شيئا لا يوجد في غير دار الحديث بدماج، ولا يحسن علما من العلوم ،همه الكلام في الناس، قد حفّظوه مجموعة مصطلحات استئصالية أو تخدم الاستئصالين يضرب بها كل من صادف.
          فهذه العينة من الشباب الجزائري، و نتيجة لتكبره و تعاليه ـ بسبب عقدة النقص التي يعاني منها ـ على المشايخ مثل فضيلة الشيخ فركوس فلا يعير نصائحهم اهتمامه، يذهب بعضهم إلى سوريا فيعود أشعريا حنفيا بشهادة يضعها في قاعة الضيوف، قد اسودت بكثرة الأسماء المذكورة فيه،ا ثم تجده لا يحسن شيء من السنة، ولا يقيم دليلا على وجهه الصحيح.
          و البعض الآخر كان ينتقل إلى موريتانيا قبل أن تغلق في وجوههم، فيعود وقد جعل الشعر من العلوم الشرعية .
          ومنهم طائفة كبيرة اليوم في قم الإيرانية، يرحلون بتذاكر مدفوعة الأجر ذهابا و إيابا، بل ويأتون بالمال يتزوجون به ،ومنهم من يذهب إلى باكستان وغيرها من الدول، فحيث يمكنهم الدخول والاستقرار يذهبون ، فيقعون في بدع خطيرة بسبب التغافل عن نصيحة مثل الشيخ فركوس.
          ولما كانت الدراسة في جامعات المملكة مأمونة من هذا الجانب ، دافع الشيخ فركوس عن هذه الجامعات.
          وفي هذا المقال ذكرت لك بعض ما تستشف به فهم شيخ دار الحديث بدماج، و ما ينقصهم من علم، و إحاطة، و شتان بينه و بين الشيخ فركوس، و ليس أدل من تخلفه عن ركب العلماء الحقيقيين من ذمه لعلم شرعي هو من أهم علوم الشريعة وبدونه يكون عاميا في ساحة العلماء مثل علم أصول الفقه.
          ومن المعلوم عندهم أيضا! أنّ ذلك لا يأتي سدًى وصدفة! وإنما يأتي من جرّاء ثقة الناس بحامل هذه الدعوة، ولما علموا من أمانته وتضلُّعه في العلم، ويشهد لذلك تلك الجهود العلمية التي يقوم بها، حتى قاربت تواليفه المائة في كثير من الفنون، وبلغت أشرطته من شروح ومحاضرات وخطب وفتاوى نحو الألف شريط، وأصبح مرجعا من مراجع الأمة في التدريس والفتوى بشهادة أهل العلم له بذلك، وشهادة الواقع...
          قلت: إن كان الواقع شاهدا يزكي فهو يشهد لمدارس الرافضة في قم وغيرها،والأمة كثر الجهل فيها، و اشتاق الناس إلى العلم، و رحلتهم إلى هذه المدرسة من باب مرغم أخوك لا بطل، فقد أقفلت في وجوههم كثير من الأماكن وبعض المشايخ الذين هم مشايخ بحق و جدارة لم تتاح لهم الظروف المتاحة في اليمن، لا أنهم اقل علما من الحجوري أو غير ذلك.
          قال الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في تقديمه لتحقيق شيخنا لكتاب"إصلاح المجتمع": (والأخ الشيخ يحيىبن علي الحجوري بحمد الله قد أصبح مرجعًا في التدريس والفتاوى، أسأل الله أن يجزيه خيرًا..) .
          * وسئل رحمه الله تعالى : إلى من يرجع إليه الإخوة في اليمن؟ ومن هو أعلم واحد في اليمن؟ فقال:الشيخ يحيى.قلت: تريد أن تحكم على الأمة بقول رجل واحد، هو مجرد قول، فقد قال من هو أحسن منه، بل لا مجال للمقارنة بينهما أقوالا في أشخاص وعلماء ردت عليه، فوثق رجالا كذبهم الأئمة، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، فهذا من ذاك، وهذا كله منهج الرافضة في توثيق علمائهم، إذا جاؤا إلى الخلاف قالوا: أئمتنا معصومون.
          قلت: لقد مدح من هو خير من الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ رجالا، ووثقوهم، فتبين بعد ذلك أنهم من الكذابين و الوضاعين، كما في مثال سفيان الثوري مع جابر الجعفي
          و الأمثلة كثيرة جدا.
          فإن اخطأ أئمة الإسلام، وفقهاء الملة في بعض الرجال، فما الشيخ مقبل بمعزل عن الخطأ في هذا الباب،و الحجة هي علم الحجوري المضطرب، وجرأته على الكلام في العلماء ، لا ما قاله فيه الشيخ مقبل،ومدح الشخص لا يعني انه لا يخطئ.

          ولقد ساءنا أن يندمج الشيخ فركوس الجزائري-هداه الله – في سلك المحقِّرين لما عظّم الله،
          قلت: قف ـ هداك الله ولم يأخذك بجريرة لسانك ـ ما هذا التقول على الله و الكذب عليه في وضح النهار، أين عظم الله دماج أو دمار، و أين عظم الله الحجوري ؟
          هل أخرج احدهم في اليمن قرآنا غير الذي عند المسلمين، أو هل بعث العنسي من القبور؟
          لو أقفلت على نفسك، وحرصت على التعلم، وتركت النزاعات جانبا لم تدخل فيها رجي لك الخير..
          وهو الذي كنا نأمل فيه أن يكون من رافعي لواء السنة في بلادنا الجزائر الجريحة، التي هي بحاجة ماسة إلى دعاة سنة يقودونها وشعبها إلى برّ الأمان مِن الفتن التي تعصف بها بين الحين والآخر، ويرشدون هذه الأمة إلى ما فيه الصلاح والرشاد.قلت:أخوف ما يخاف على الجزائر و غيرها أمثالكم الذين يصدون عن سبيل الله بالصد عن جميع علماء السنة إلا من طائفتهم ،ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا في أعراض العلماء و الدعاة.
          و الفتنة التي عصفت بالجزائر لم يسع في خمدها الحجوري، بل من تذمونهم وتحذرون منهم، فلا تقطف ثمار غيرك، ولا تدعي ما ليس فيك.
          وقد كان كثير من أهل السنة بالجزائر يخافون منه على الدعوة السلفية بالجزائر؛ لِـمَا له من بعض المواقف المؤلمة في الدعوة فيها! إلا أننا كنّا نخشى عليه لا منه، إذ إن الدعوة السلفية هي دعوة الله عزوجل وهو حاميها.قلت: الدعوة السلفية إن كان المقصود بها الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه و سلم فانتم اغرب طوائف أهل السنة عنها،فهذه الدعوة التي يمثلها النص ثم الإجماع وفهم السلف الصالح المتفق عليه، لا المختلف فيه، و كبار أئمة السنة لم نعلم أنها تبدع بما تبدعون به، ولا تمتحن بما تمتحنون به،فقد أدخلتم في المطالب الدينية ما ليس منها، وحملتم الأمة عليها، وهذه بدعة كبيرة وخطيرة .
          ودعوة الله هي الإسلام بهذا الاسم في الكتاب و السنة، و امتحان الأمة باسم السلفية بدعة لم يعرفها السلف ولا الخلف.
          وأنت شديد التناقض فمرة تخافون منه، ومرة تخشون عليه لا منه،و أنا أصحح لك العبارة: تخافون أن يخالفكم بعلمه، وتخشون عليه أن يصدع بالحق بصورة أقوى مما يظهر لحد الآن .
          ولقد ارتقى الشيخ فركوس الجزائري مرتقا صعبا،
          قلت: لم يركب فوق رأس سلطان ،و إن كنت لا أشبهكم بأبي جهل صاحب هذا القول،فإني أرجوا للشيخ فركوس أن يشبه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ولا يرتقي مرتقا صعبا إلا قلة من الرجال يصدعون بالحق، ولا يمالئون الجهلة.
          حتى وصل به الأمر إلى مصادمة أسود السنة وحملة لوائها بدار الحديث وقلعة أهل السنة بدماج،
          قلت:ليس للسنة اسود بدماج، ولواء السنة بيد الدليل، ولا اعلم انه يقطن في دماج أو دمار،و إن وصفنا بعض المشايخ بأسد السنة وحامل لواء السنة لمكانته في العلم و الدعوة، فإننا لا نحصرها فيه وحده.،وكل من دعا إلى السنة فهو حامل للوائها ومن أسدها.
          والتحذير منها والطعن في شيخها بمنطق إدارته، بما يجعله ينظم إلى صف قطاع الطريق عن الخير والعلم والصّدّ عن سبيل الله، وضرر هذا الصنف على الدعوة السلفية كبير.
          قلت: بيان موقع الشيخ فركوس يتحدث عن نوع من الطلبة، ولا أظنه قصد جنسهم كما انه يتحدث عن فئة استئصالية تكيد الدين بشعور أم بغير شعور، وقد كان حريصا على مخاطبتهم بعلم، ولكني أظنه قد أضاعه عندكم، حيث أنزله فيمن لا يستحقه، وليس أهلا له، ممن تسلطوا على دعوة أهل السنة.
          فإن تكن فائدة مرجوة فهو في غيركم.
          قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه النفيس «مفتاح دارالسعادة» (1/160) وهو يتكلم عن أصناف الناس الذين يكون ذهاب الإسلام على أيديهم:
          (... والصنف الرابع: نوّاب إبليس في الأرض، وهم الذين يثبّطون الناس عن طلب العلم والتفقه في الدين، فهؤلاء أضر عليهم من شياطين الجن، فإنهم يحولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه ... وهؤلاء كلهم على شفا جرف هار، وعلى
          سبيل الهلكة، وما يلقى العالم الداعي إلى الله ورسوله ما يلقاه من الأذى والمحاربة إلا على أيديهم، والله يستعمل من يشاء في سخطه، كما يستعمل من يحب في مرضاته إنه بعباده خبير بصير) .
          قلت:كلام الإمام ابن القيم فيكم ولكنك لا تدري، و أنا أعطيك إشارتين اثنتين كافيتين:
          ابن القيم ـ رحمه الله ـ كان على طريقة شيخه ابن تيمية من الانتصار للسنة بالأدلة العقلية، و اعتبارها، وعدم تحقيرها ،سواء كانت في العقيدة أم الفقه .
          و علم أصول الفقه الذي تذمونه ، و انتم ألد أعدائه، و ألد أعداء الأدلة العقلية الصحيحة، خطأ كبير،فإن علم أصول الفقه لا يستغني عنه عالم فقيه، نعم نفرق بين مواده المحدثة، ولكنه يبقى علما شرعيا هاما.
          وعندما ينتقد الشيخ الحجوري الشيخ فركوس بأصول الفقه يكون قد أبان عن تحجر كبير، وعدم دراية بالمقاصد الشرعية،فالسنة ليست صناعة الأسانيد فقط، بل فهم المتون هو الغاية، و السند وسيلة لذلك،وبدون فهم متون الأحاديث باستعمال قواعد أصول الفقه يبقى المحدث مجرد مسند من عوام المحدثين.
          على كل حال سأفصل هذه المسألة في الحلقة الثانية إن شاء الله .
          كما أن ابن القيم يميز بين الصوفية البدعية و الصوفية السنيةـ بغض النظر عن الاسم ـ وكلامه في علم السلوك كثير جدا، و انتم تذمون هذا العلم، بل لا حظ له عندكم، فأين تلتقوا مع ابن القيم وهو يخالفكم في طريقته في العلم وفي منهجه؟
          وقال في «مدارج السالكين» (2/464): (.. ولم ينه عن العلم إلا قطاع الطريق منهم، ونواب إبليس وشرطه) .قلت: أين نهى الشيخ فركوس عن العلم و طلبه، وبمنطقكم هذا عندما تنهون عن طلب العلم عند من تصفونهم بالمبتدعة تكونون نوابا لإبليس ومن شرطته؟
          فإذا قدر أن الشيخ فركوس نهى عن إتيان هذه المدرسة لأنه رأى من يعود منها شديدا في الغلو، معاديا للعلوم الشرعية الأخرى، متجنيا على العلماء و الدعاة متلبسا بثوب زور،و هو غارق في الجهل، لم يتعلم إلا الطعن في الناس، و يتسلط على من أهم اعلم منه، فحينئذ نهي الشيخ فركوس في محله شرعا وعرفا و إن لم يعجب بعضهم.
          ثم إن كلام العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ذم الصوفية الذين لم يشترطوا متابعة النبي صلى الله عليه و سلما ـ ضمنا ـ عندما لم يهتموا بعلم الآثار خصوصا و العلم عموما،قال في الفقرة التي نقل منها الأخ:" فصل ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة العلم
          وهذه المنزلة إن لم تصحب السالك من أول قدم يضعه في الطريق إلى آخر قدم ينتهي إليه: فسلوكه على غير طريق وهو مقطوع عليه طريق الوصول مسدود عليه سبل الهدى والفلاح مغلقة عنه أبوابها وهذا إجماع من الشيوخ العارفين ولم ينه عن العلم إلا قطاع الطريق منهم ونواب إبليس وشرطه".
          ومن قال إن ابن القيم يذم من ينهى عن التعلم في دار الحديث بدمار فقد افترى،فعند الاستدلال بكلام الأئمة يجب إنزاله حيث أنزلوه.
          وقد سُئل العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى: هناك إخوة جزائريون في المدينة، يأتي الأخ من الجزائر وغيرها، وقد جمع أمره على الرحلة إلى دماج لطلب العلم، فيثبطونه حتى يبقى، وهناك إخوة لهم سنتان في المملكة، فنرجو منكم نصيحة لهؤلاء الذين أصبحوا قطاع طرق عن الخير؟
          فأجاب حفظه الله تعالى: (هؤلاء كما قال السائل قطاع طرق، لماذا يحذرون من الدراسة في دماج، دارٌ تدرس كل العلوم، والله ما يحذر منها إلا رجل يريد الصد عن سبيل الله، وكذلك أخواتها دور الحديث الأخرى).قلت: يفهم من كلام الشيخ ربيع عدم حصر العلم في دماج،وهو خلاف قولك في هذا الفانوس: بأنها صارت جامعة أهل السنة في هذا العصر.!
          ثانيا: يتكلم العالم بحسب علمه، والشيخ ربيع يرى أنها تدرس كل العلوم، وغيره يرى المتخرج منها لا يفقه شيئا، وقد ضربت لكم مثلا بالصومالي وشيخه الذي قدم له رسالته، وفي هذا كفاية،ففاقد الشيء لا يعطيه، وكل إناء بما فيه يرشح.
          وهذا بعض ما جاء في تعقيب الشيخ فركوس وإدارته من الحملة الشرسة على دار الحديث وشيخها بنفس العبارات التي عهدناها من أبي الحسن المصري وعبد الرحمن العدني وأتباعهما وغيرهم من الحزبيين والحاسدين!!، قالوا قلت: وصف هؤلاء بالحزبيين كذب سمج تمجه الأسماع، وهذه بدعتكم التي أفسدتم بها السنة، تُسمّون الناس بأسماء ما انزل الله بها من سلطان، وأنتم أحق بالوصف بها، لأنكم قسمتم أهل السنة إلى أحزاب، وهو عين ما نهى الله عنه.
          (ولقد كان ذلك[أي التحذير والتزهيد من دار الحديث] في ابتداء الأمر محض افتراء([1])، غير أنَّ الشيخ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- قد لاحظ في الآونة الأخيرة من مركز الدّماج(!) من بعض رُوَّاده الطعن الحادَّ في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وتحريم الدراسة فيها(!!)، والتنقيص من أساتذتها بعبارات نكرة شنيعة، والتعرضَ إلى بعض مشايخ دعوة الحقّ من أهل السنة، وكلَّ من خالف وجهة مركز الدماج في موارد الاجتهاد ومواضع الاستنباط بالتشنيع والمقت والإساءة بالقول(!!)، ولم يتوان خليفة الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله- في وصف بعض الدعاة المخالفين له في الرأي والاستنباط بالمفتونين والمتحزِّبين والمميّعين وغيرها من العبارات المنكرة(!!).
          قلت:هذا الكلام ثابت عنهم في المواقع الإسلامية، خاصة في موقعهم،بل زادوا عليه أشياء كثيرة، فقد أدخلوا مؤخرا في أغراض رميهم الشيخ عبيد الجابري و القائمة مفتوحة.
          كما لاحظ حفظه الله[أي فركوس] في زمن خلافة يحيى الحجوري بالتحديد -هدانا الله وإياه- استفحال داء التعالم في المتمدرسين بمركز الدماج على وجه التميّز(!!)، واستشراء «حبّ الشهرة» -إلاّ من رحم ربك-، وخاصة من الوافدين إلى ديارنا من هذا المركز المتشبِّعين بما لم يُعطوا نتيجة ضعف الإمداد السليم(!!)، وهمُّهم - بعد رجوعهم- التشتيت والوقيعة في أهل السنة ودعاتها في الجزائر وفي غيرها(!!)، يستثمرون الجهد في محاولة إدراك سقطات الدعاة وأخطائهم إن وجدت (!!)، أو يلوون نصوصهم ومقالاتهم على نحو تتوافق مع غرضهم من النيل منهم ليصلوا بواسطة الطعن إلى الشهرة المنشودة وتكوين الأنصار والأتباع(!!)، ولا تحلو لهم دراسة العلوم الشرعية والتمكن فيها كما يحلو لهم الإغارة على أعراضهم بالتدليس والتلفيق والتعمية ليجدوا متعهم في ضحايا التجريح ويطيروا بها في الآفاق(!!).
          إنَّ حقيقة المنهج الاستئصالي(!!) الذي يدعو إليه كلّ محروم الحلم والحكمة(!!)، المجانب للصواب هو الذي دفع بالشيخ محمد علي فركوس - حفظه الله- إلى التحذير(!) بعدها من خطر تمزق صفّ أهل السنة والجماعة في بلادنا وسائر بلاد المسلمين بسبب المنهج الاستقصائي المخالف لمنهج دعوة الحق بالحكمة والبصيرة والمجادلة بالتي هي أحسن(!!)..)!!!قلت: هذا كلام مطابق للواقع، وهو من الشهادة بالحق على واقع أفسده مثل هذا الكاتب،ومتى قدّر الشيخ فركوس أو غيره من أهل العلم أن طلبة العلم ينتقلون إلى بلد ما ليعودوا ببدع منهجية، يشقون بها الصفوف، و يثيرون الفتن و البلابل و القلاقل،و ينشرون منهجا باطلا وغريبا عن أهل السنة ، وجب عليه شرعاـ بحكم منصبه العلم، ومكانته في الدعوة ـ نصيحة هؤلاء الشباب، و محاورتهم بالتي هي أحسن، فإن استفحل الأمر، وخرج عن الحد المقبول وجب التحذير و النهي عن الانتقال إلى هذه المدرسة، التي أصبحت تخرج الطاعنين و الضعفاء في العلم ،ومصدر قلق و تشغيب على المصلحة العلمية الدعوية لأهل السنة.
          إلى غير ذلك من العبارات الشنيعة في حق أهل السنة وحملتها!!!قلت: الشناعة وصف نسبي متى رجعت لأهواء الناس، ومتى رجعت إلى الضوابط الشرعية فإن التشنيع عليكم مقصد شرعي كبير، وواجب محقق تخلف عنه بعض أهل العلم.
          ولو أتينا على هذه العبارات بالرّدّ والبيان لطال بنا المقام، وقد كتب أهل السنة في الرّدّ على هذه الأكاذيب والافتراءات عداد الرّدود القاصمة لظهور أمثال هؤلاء من الكذابين والحاسدين، ويكفي أن نقول لقطاع الطريق هؤلاء:
          <قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ>.
          قال العلامة السعديرحمه الله عند تفسير الآية: (..لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان، فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص، الذي لا يغني من الحق شيئا، فإنها باطلة، ولهذا قال< قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا > فلو كان لهم علم -وهم خصوم ألداء- لأخرجوه، فلما لم يخرجوه علم أنه لا علم عندهم< إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ > ومَنْ بنى حججه على الخرص والظن، فهو مبطل خاسر، فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟).قلت: الرجل يتكلم مع نفسه،فيصف كلام غيره بالظن وكلامه بالعلم، و مع ذلك فإن الظن الراجح من العلم!وظن بعض الناس خير من يقين بعضهم الآخر.
          إلى هنا انتهت هذه الحلقة، الحلقة القادمة سنخصصها بإذن الله تعالى كلية لموضوع أصول الفقه،و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين.
          أرزيو/ الجزائر في 24/05/2009
          مختار الأخضر طيباوي


          وهذا رابط منتديات دار الحديث بمأرب الحزبية نشرت مقاله http://mareb.org/showthread.php?t=4437
          التعديل الأخير تم بواسطة الحاج ابن عبد القادر الخديم; الساعة 30-06-2009, 02:54 AM.

          تعليق

          يعمل...
          X