الأدلة والبراهين على أن عبد الرحمن عبد الخالق وجمعية إحياء التراث وجهان لعملة واحدة
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد سبق لي أن بيَّنت –في الحلقة الماضية- بالأدلة والبراهين مخالفة جمعية إحياء التراث لما عليه أهل السنة في مسألة النصح للولاة.
وسأزيد –بإذن الله تعالى- الأمر بيانًا في هذه الحلقة التي بين يديك قارئي الكريم؛ فأجعلها مكمِّلة لما قبلها، لتعلم إلى أي درجة بلغ الانحراف برموز وقادة جمعية إحياء التراث.
وهذه الحلقة بعنوان:
المظاهرات والاعتصامات والمسيرات وسيلة من وسائل الدعوة في جمعية إحياء التراث
إن الدعوة لإقامة المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات والمشاركة فيها منهجٌ متَّبع في جمعية إحياء التراث، كما هو حال سائر الجماعات الإسلامية السياسية اليوم، ودليل ذلك:
سئل عبد الله السبت(1) عن وجود بعض المنكرات، وعن طريق تغييرها؟.
فأجاب: "نتَّصل؛ نجتهد لتغييرها، نتَّصل، نحاول، نحرِّك العامَّة، نقوم بتحريك الناس بالوصول، مثل الآن في المملكة؛ بعد جهد وصل قرار الإعدام لمروجي المخدرات، فنجتهد لإيصال الناس والمسؤولين إلى هذا القرار.
فقال له السائل: إذا كان المسؤولين؛ هم الذين يصنعون ذلك؟.
فأجاب: ماشي؛ نحن نهيئ الناس لين يصل الأمر، عند ذلك يخافون، لأن مروجي المخدرات؛ فيهم المسؤولين، وفيهم غير المسؤولين؛ جمعتهم المصلحة، فلا بد من تحريك الناس"(2).
وقال: "إذا وجد من المسلمين كما هو حاصل الآن؛ مَن لا يحكم بكتاب الله عز وجل، فالواجب أولاً: أن المسلمين يكونوا مسلمين، فيقاطعوا هذه الأشياء، فإذا وزِّعت بنوك رِبا؛ نمتنع، ما نروح نشتغل فيها، ولا نساهم فيها؛ فتقف، وقِس عليها مثلها، ثم ننصح، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، هذا الذي علينا، أو أن نجتهد لتجميع الأمة على تغيير هذا، ولكن التغيير ما يكون لا بالانقلاب، ولا بالاغتيال؛ لأن هذا ممنوع شرعًا، وإنما أن نذهب في إطار أهل الحل والعقد، وأعيان البلاد فيما يُسميه الفقهاء بعزل الخليفة، هذا هو الدرس، ولكن يعزله أهل الحل والعقد، وأعيان البلاد؛ حتى لا تصير فوضى، ويصير قتل وإيذاء في المسلمين، كما حاصل الآن في الانقلابات الجمهورية، الفساد فيها أكثر من الإصلاح"(3).
وهنا يأتي السؤال:
ما ظنك قارئي الكريم بهذه الأفعال التي ذكرها شيخ التراث:
• نحرِّك العامَّة، نقوم بتحريك الناس بالوصول.
• نحن نهيئ الناس لين يصل الأمر، عند ذلك يخافون.
• نجتهد لتجميع الأمة على تغيير هذا.
هل هي موافقة لهدي السلف ومنهجهم؟.
وهل من هدي السلف ومنهجهم تجميع الأمة وتحريك الناس ضد الحكام في حال وجود المنكرات في البلدان الإسلامية؟.
سئل الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-:
بعد الإضراب يقدم الذين أضربوا مطالبهم وفي حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب، هل يجوز مواجهة النظام بتفجير ثورة شعبية؟
فأجاب: "لا أرى أن تقام ثورة شعبية في هذه الحال؛ لأن القوة المادية بيد الحكومة كما هو معروف، والثورة الشعبية ليس بيدها إلا سكين المطبخ وعصا الراعي، وهذا لا يقاوم الدبابات والأسلحة، لكن يمكن أن يتوصل إلى هذا من طريق آخر إذا تمت الشروط السابقة، ولا ينبغي أن نستعجل الأمر؛ لأن أي بلد عاش سنين طويلة من الاستعمار؛ لا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى بلد إسلامي، بل لا بد أن نتخذ طول النفس لنيل المآرب.
والإنسان إذا بنى قصرًا فقد أسس؛ سواء سكنه، أو فارق الدنيا قبل أن يسكنه، فالمهم أن يبني الصرح الإسلامي؛ وإن لم يتحقق المراد إلا بعد سنوات، فالذي أرى ألا نتعجل في مثل هذه الأمور، ولا أن نثير أو نفجر ثورة شعبية غالبها غوغائية لا تثبت على شيء، لو تأتي القوات إلى حي من الأحياء وتقضي على بعضه لكان كل الآخرين يتراجعون عما هم عليه"(4).
ومشاركة جمعية إحياء التراث في المظاهرات والاعتصامات، وحث الناس عليها؛ ثابتٌ بالدليل والبرهان.
قال نائب رئيس جمعية إحياء التراث وائل الحساوي(5): "نحترم رأي الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع في مُظاهرات تُندِّد بالحرب القادمة في العراق، وهي تمثل رأيًا شعبيًّا قويًّا يُشكل ضغطًا على حكوماتها، وهي وإن لم تكن قادرة على إيقاف إطار الحرب الذي بدأ بالمسير؛ لكنها على الأقل ستؤدي إلى تشكيل رأي عام وجبهة قوية مُضادة للتدخل في العالم، يحسب لها مُتخذي القرار ألف حساب"(6).
وقال ناظم سلطان(7): "... الدليل على ذلك: من يستطيع أن يصل إلى إسرائيل الآن، يعملَّه عملية فدائية إلا بالتي وَاللُّتَيَّة، إحنا أعراضنا مكشوفة، لو في ناس وفي شعوب؛ قبل ما يسبُّون إسرائيل؛ يروحون للسفارة في تونس؛ مظاهرة؛ رايحين السفارة الأمريكية؛ غلطانِين والله إخواني، اذهبوا إلى قصور الحكام، تعالوا: أعراضنا مكشوفة؛ بلادنا مكشوفة؛ أوصلتونا إلى الذل والهوان، وفي ناس حيِّين! لكن مساكين، نمرة غَلَط يا أهل تونس ومن يسير على خطهم، لا تذهبوا إلى السفارة الأمريكية، اذهبوا إلى القصور هذه اللي فيها القادة والرؤساء"(8).
وجاء في مجلة الفرقان(9): "إن المظاهرات في الدول الأخرى تساهم في تغيير الرأي العام، والحكومات تحترم رأي شعوبها، بخلاف مظاهرات عالمنا العربي الذي لا صوت فوق صوت الطاغية، ويا ويل من يخالف رأي وتوجهات القائد..."(10).
وجاء فيها أيضًا: "لكن للأسف حتى حق الاستنكار وحق التظاهر خُنق في أراضينا العربية..."(11).
وتحت عنوان: (سلفيو التراث ينتفضون دفاعًا عن غزة المحاصرة)؛ قال ناظم سلطان:
"المظاهرات النسائية في قطاع غزة التي نشاهدها عبر وسائل الإعلام توضح مدى حرص هذه القيادة(12) على الشعب ومدى تمسكه بدينه، والدليل على ذلك أننا لم نر امرأة واحدة متبرجة وسط هذا الكم الهائل من النساء"(13).
وقال: "على أهل العلم أن يقفوا ويحركوا الشارع العربي"(14).
وتحت عنوان: (تجمع للإسلاميين في مجلس الأمة غدًا يعلن 17 يناير اليوم العالمي للحجاب)؛ جاء في جريدة الرأي العام:
"فإن موجة الاحتجاج في بعض الدول الإسلامية ضد التوجه الفرنسي راحت تمتد تباعًا وتدريجًا إلى الكويت؛ التي تفاعلت الساحة الإسلامية فيها كلاميًّا إلى الآن مع هذه الموجة، لكن يبدو أنها ستترجم هذا التفاعل على الأرض غدًا في مجلس الأمة، حيث تنظم القوى الإسلامية تجمعًا ولقاءً في قاعة المجلس ظهرًا دفاعًا عن الحجاب، تعلن خلاله يوم 17 يناير من كل عام (يوم الحجاب العالمي)"(15).
وقد شاركهم في هذه التظاهرة جمعية إحياء التراث والتجمع الإسلامي السلفي التابع والممثل لها سياسيًّا.
وجاء في جريدة الرأي العام أيضًا:
"كانت الكويت أمس مسرحًا لتحرك برلماني شعبي نظَّمته القوى الإسلامية احتجاجًا على منع فرنسا الحجاب الإسلامي في مدارسها الرسمية ومؤسساتها العامة، وتجاوزت المواقف الرافضة لهذا التوجه الفرنسي الطابع الكلامي الصِّرف إلى المطالبة التي عبَّر عنها بعض النواب بـِ: (الوقوف ضد المصالح التجارية) الفرنسية(16)، و (التدخل في أي اتفاقية بين الكويت وفرنسا)"(17).
وكان من ضمن المشاركين في هذا التجمع من أتباع جمعية إحياء التراث فهد الخنة(18)، وجاسم الكندري(19)، كما شاركهم فيه من أتباع المنهج الخميني: (حسن جوهر).
وذكرت جريدة القبس تحت عنوان: (الفزعة الشعبية الكويتية لنصرة الانتفاضة) مهرجانًا خطابيًّا أقيم في نادي كاظمة؛ احتشدت له القوى الشعبية والسياسية والبرلمانية في الكويت، ألقى فيه فهد الخنة(20) كلمةً نيابةً عن التجمع الإسلامي السلفي(21)، وألقى عبد النبي العطار كلمة نيابة عن التحالف الإسلامي الوطني(22)، ورُفعت في هذا المهرجان صُوَر حسن نصر الله(23).
وجاء في جريدة الوطن تحت عنوان: (في تظاهرة شعبية في ساحة الإرادة بحضور نواب وأكاديميين والسفارة اللبنانية).
رُفعت في هذه المظاهرة صور حسن نصر الله، وأعلام حزب الله.
وكان من ضمن المشاركين في هذه التظاهرة النائب التراثي: (علي العمير(24))(25).
وجاء في جريدة السياسة تحت عنوان: (نواب ومشايخ ودعاة شاركوا في مهرجان تضامني مع الشيشان):
"استجاب أكثر من أربعة آلاف شخص، من بينهم نواب ودعاة وممثلو الجمعيات والحركات الإسلامية مساء أمس لدعوة المؤتمر الكويتي للتضامن مع شعب الشيشان للمشاركة في المهرجان الخطابي التضامني والذي أقيم في الساحة المقابلة لمباني الصحف اليومية"(26).
وذكرت جريدة القبس التظاهرة نفسها؛ حيث جاء فيها:
"نظَّمت اللجنة الكويتية الشعبية للتضامن مع الشعب الشيشاني أمس مهرجانًا خطابيًّا في الساحة المقابلة لشارع الصحافة بحضور (11) نائبًا وممثلي بعض الجمعيات الإسلامية وعدد من المواطنين، وأطلق المشاركون في المهرجان بعض الشعارات، واستنكار لما يحدث في الشيشان، وانتقدوا بعض الشعوب العربية والحكومات الإسلامية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الذين لم يحركوا ساكنًا تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الشيشاني..."(27).
وحول هذه المظاهرة: نقلت جريدة القبس عن مصدر أمني قوله: (أن التجمع أقيم من دون تصريح من الجهات الأمنية المعنية مما يشكل مخالفة للقانون).
وكان من ضمن المشاركين في هذا الحشد الجماهيري (التظاهرة) جمعية إحياء التراث، وبثلاثة أشخاص من قادتها وساستها؛ وهم:
• عادل الدمخي(28)، وكانت مشاركته نيابة عن جمعية إحياء التراث.
• أحمد باقر، وهو من كبار مؤسسي جمعية إحياء التراث.
• أحمد الدعيج، وهو من أتباع جمعية إحياء التراث وممثليها في البرلمان الكويتي.
وتحت عنوان: (إذا كنت من محبي القدس والمسجد الأقصى فلتشارك في التجمع والاعتصام الشعبي العام)، أعلنت مجموعة من الصحف الكويتية عن إقامة التجمع والاعتصام الشعبي الذي سيقام في نادي كاظمة الرياضي بتاريخ 20/10/2000م، وبمشاركة جمعية إحياء التراث(29).
وتحت عنوان: (الإسلاميون يخوضون معركة الفضاء ويهددون بـِ: الشارع)؛ جاء في جريد الرأي العام:
"فتح إسلاميو الكويت نيرانهم على جبهة البرنامج... ولوحوا بالتصعيد إلى حد مواجهة تحت قبة مجلس الأمة أو في الشارع في حال الترخيص للمشاركين... بإقامة حفلة في الكويت"(30).
وكان من ضمن هؤلاء النائب التراثي: (جاسم الكندري(31)).
وتحت عنوان: (سنقدم قانونًا برلمانيًّا لحماية المجتمع والذوق العام)؛ نظمت لجنة الكلمة الطيبة التابعة لجمعية إحياء التراث ندوة عامة بعنوان: (فبراير في الميزان)، تناولوا فيها:
• أثر الحفلات الغنائية على الأخلاق.
• مدى ارتباط التنشيط الاقتصادي بالفساد الأخلاقي.
• دور مجلس الأمة تجاه هذه التجاوزات اللاأخلاقية(32).
وتحت عنوان: (مهرجان خطابي للإسلاميين ضد تعديل المناهج)؛ جاء في جريدة الرأي العام أيضًا:
"تقيم القوى الإسلامية (الحركة الدستورية(33) والحركة السلفية(34) والتجمع السلفي(35)) مع عدد من النواب المستقلين وأساتذة في كلية الشريعة بجامعة الكويت خطابًا جماهيريًّا في ديوان محمد هايف المطيري لتصعيد الموقف من التوجه الحكومي الهادف إلى تعديل المناهج الدراسية... متهمين جهات محلية وعالمية بالضغط على الحكومة لتعديلها"(36).
ثم اعلم قارئي الكريم أن انخراط جمعية إحياء التراث في المظاهرات، ودعوتهم إليها، وحث الناس عليها؛ ليس بغريبٍ عليهم، وهُم ممن تربى على منهج عبد الرحمن عبد الخالق المنحرف الذي وافق أهل الأهواء والبدع في كثيرٍ من الأمور.
فشيخهم عبد الرحمن عبد الخالق يجعل هذه المظاهرات من الدِّين، ويعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم إمام المتظاهرين:
قال عبد الرحمن عبد الخالق موضِّحًا للإمام العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- موقفه من المظاهرات؛ وقد ردَّ عليه العلامة ابن باز باطله؛ الذي قرر فيه من ضمن ما قرر: أن المظاهرات من الوسائل التي اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل:
قال عبد الرحمن: "لقد ذكرت المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الإسلام، والدعوة إليه؛ لما رُوي أن المسلمين خرجوا بعد إسلام عمر رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفين (إظهارًا للقوة)، على أحدهما حمزة رضي الله عنه، وعلى الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولهم كديد ككديد الطحين حتى دخلوا المسجد(37)"(38).
هكذا جعل بفهمه السقيم حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب –رضي الله عنهما– من قادة المتظاهرين.
وقد ردَّ عليه العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله– قائلاً:
"ذكرتم في كتابكم: (فصول من السياسة الشرعية- ص: 31، 32): أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة).
ولا أعلم نصًّا في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتابٍ وجدتم ذلك؟.
فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك؛ لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص؛ فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحًا كاملاً؛ حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة"(39).
وردَّ عليه أيضًا شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله– قائلاً: "فإن عبد الرحمن ينعى بالباطل على السلفيين؛ إنهم مقلدون لعلماء الإسلام، وهو يقلد أعداء الإسلام تقليدًا أعمى في المظاهرات، والانتخابات، والدعوة إلى المشاركة في البرلمانات، ويقلد في جواز تعدد الحزبيات"(40).
ولنقف معًا قارئي الكريم على ما عليه علماء السنة في مسألة المظاهرات:
قال الإمام العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل، وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعًا، لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره، ولاسيما الأمراء والرؤساء والأعيان، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن، لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه على ما سواه، وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية، ومضى عليه فيها السنون؛ يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة وحتى تزال بالأدلة، وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة، فيقبل منك الحق ويدع المعصية.
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات.
ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرًّا عظيمًا على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم.
ولا شك أن هذا الأسلوب يضر الدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها، ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها ومضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب لكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله"(41).
وقال: "كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات؛ التي تضر الدعوة ولا تنفعها، وتسبب الفرقة بين المسلمين، والفتنة بين الحكام والمحكومين"(42).
وسئل –رحمه الله-: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة؛ تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدًا؟.
فأجاب: "لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكني أرى أنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق.
ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة، والنصيحة، والدعوة إلى الخير بالطرق السليمة؛ الطرق التي سلكها أهل العلم، وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان، والاتصال به، ومناصحته، والمكاتبة له؛ دون التشهير في المنابر وغيرها؛ بأنه فعل كذا، وصار منه كذا، والله المستعان"(43).
وقال الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله–: "المظاهرات ليست وسيلة إسلامية"(44).
وسئل الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟.
فأجاب: "الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم.
ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرًا ممنوعًا، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها، ويحصل فيه أيضًا اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات.
وأما مسألة الضغط على الحكومة: فهي إن كانت مُسلِمة؛ فيكفيها واعظًا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا خير ما يعرض على المسلم.
وإن كانت كافرة؛ فإنها لا تبالي بهؤلاء (المتظاهرين) وسوف تجاملهم ظاهرًا، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر.
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر، أو في أول مرة، ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف؛ فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان"(45).
وسئل: ما مدى شرعية ما يُسمونه بالاعتصام في المساجد، وهم -كما يزعمون- يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقًا؛ أنها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟.
فأجاب: "أما أنا، فما أكثر ما يُكْذَب علي! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاَّ يعود لمثلها.
والعجب من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئًا؟.
بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفًا! أربعون ألفًا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!.
والنار -كما تعلمون- أوَّلها شرارة ثم تكون جحيمًا؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضًا، وكرهوا ولاة أمورهم؛ حملوا السلاح، ما الذي يمنعهم؟ فيحصل الشر والفوضى، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من رأى من أميره شيئًا يكرهه أن يصبر، وقال: (من مات على غير إمام؛ مات ميتة جاهلية).
الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَنًا؛ فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتُّ إلى الشريعة بصلة، ولا إلى الإصلاح بصلة.
ما هي إلا مضرَّة...، الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قَتل جمعًا من العلماء، وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدًا منهم اعتصم في أي مسجدٍ أبدًا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية...
ولا نُؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نُؤيِّدها إطلاقًا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لابد أن هناك أصابع خَفِيَّة داخلية أو خارجية تحاول بث مثل هذه الأمور"(46).
وسئل: ما حكم الإضراب عن العمل في بلدٍ مسلمٍ للمطالبة بإسقاط النظام العلماني؟...
فأجاب: "هذا السؤال لا شك أن له خطورته بالنسبة لتوجيه الشباب المسلم، وذلك أن قضية الإضراب عن العمل؛ سواء كان هذا العمل خاصًّا، أو بالمجال الحكومي؛ لا أعلم له أصلاً من الشريعة ينبني عليه، ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة؛ حسب حجم هذا الإضراب شمولاً، وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة، ولا شك أيضًا أنه من أساليب الضغط على الحكومات، والذي جاء في السؤال أن المقصود به إسقاط النظام العلماني؛ وهنا يجب علينا إثبات أن النظام علماني أولاً، ثم إذا كان الأمر كذلك؛ فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط.."(47).
وقال العلامة صالح بن غصون –رحمه الله– في جوابٍ له على سائلٍ يسأل عن حكم المظاهرات والمسيرات وغيرها من الأمور التي ابتدعها المبتدعون:
"فالداعي إلى الله عز وجل، والآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر؛ عليه أن يتحلى بالصبر، وعليه أن يحتسب الأجر والثواب، وعليه أيضًا أن يتحمل ما قد يسمع أو ما قد يناله في سبيل دعوته، وأما أن الإنسان يسلك مسلك العنف، أو أن يسلك مسلك والعياذ بالله أذى الناس، أو مسلك التشويش، أو مسلك الخلافات والنزاعات وتفريق الكلمة، فهذه أمور شيطانية، وهي أصل دعوة الخوارج، هم الذين ينكرون المنكر بالسلاح، وينكرون الأمور التي لا يرونها وتخالف معتقداتهم بالقتال، وبسفك الدماء، وبتكفير الناس، وما إلى ذلك من أمور، فَفَرْقٌ بين دعوة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح وبين دعوة الخوارج ومن نهج منهجهم وجرى مجراهم، دعوة الصحابة بالحكمة، وبالموعظة، وببيان الحق، وبالصبر، وبالتحلي واحتساب الأجر والثواب، ودعوة الخوارج بقتال الناس، وسفك دمائهم، وتكفيرهم، وتفريق الكلمة، وتمزيق صفوف المسلمين، هذه أعمال خبيثة وأعمال محدثة.
والأَوْلى: الذين يدعون إلى هذه الأمور يُجانبونَ، ويُبعد عنهم، ويُساء بهم الظن، هؤلاء فرقوا كلمة المسلمين، الجماعة رحمة والفرقة نقمة وعذاب والعياذ بالله، ولو اجتمع أهل بلد واحد على الخير واجتمعوا على كلمة واحدة لكان لهم مكانة وكانت لهم هيبة.
لكن أهل البلد الآن أحزاب وشيع، تمزقوا، واختلفوا، ودخل عليهم الأعداء من أنفسهم، ومن بعضهم على بعض، هذا مسلكٌ بدعي، ومسلك خبيث، ومسلك مثلما تقدم؛ أنه جاء عن طريق الذين شقوا العصا، والذين قاتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وأهل بيعة الرضوان، قاتلوه يريدون الإصلاح؛ وهم رأس الفساد، ورأس البدعة، ورأس الشقاق؛ فهم الذين فرقوا كلمة المسلمين، وأضعفوا جانب المسلمين، وهكذا أيضًا حتى الذي يقول بها، ويتبناها، ويحسنها؛ فهذا سيئ المعتقد، ويجب أن يُبتعد عنه(48).
واعلم والعياذ بالله أن شخصًا ضارًّا لأمته ولجلسائه ولمن هو من بينهم، والكلمة الحق أن يكون المسلم عامل بناء، وداعي للخير، وملتمس للخير تمامًا، ويقول الحق، ويدعو بالتي هي أحسن، وباللين، ويحسن الظن بإخوانه، ويعلم أن الكمال منالٌ صعب، وأن المعصوم هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأن لو ذهب هؤلاء؛ لم يأتِ أحسن منهم، فلو ذهب هؤلاء الناس الموجودون؛ سواء منهم الحكام، أو المسؤولين، أو طلبة العلم، أو الشعب، لو ذهب هذا كله، شعب أي بلد؛ لجاء أسوأ منه، فإنه لا يأتي عامٌ؛ إلا والذي بعده شرٌ منه، فالذي يريد من الناس أن يصلوا إلى درجة الكمال، أو أن يكونوا معصومين من الأخطاء والسيئات، هذا إنسان ضال، هؤلاء هم الخوارج، هؤلاء هم الذين فرقوا كلمة الناس وآذوهم، هذه مقاصد المناوئين لأهل السنة والجماعة بالبدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة وسائر ألوان أهل الشر والبدع"(49).
وسئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟.
فأجاب: "ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، ودين نظام وهدوء وسكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة ودين انضباط؛ لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام، والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية، والمظاهرات تحدِث سفك دماء، وتحدِث تخريب أموال، فلا تجوز هذه الأمور"(50).
فهل تخرج –أخي القارئ- جمعية إحياء التراث من كونها جماعة فوضى وتشويش وإثارة فتن!!.
وصدق العلامة حماد الأنصاري –رحمه الله-؛ إذ يقول: "إن الدولة كالأسد، فإن الأسد إذا لم تتحرش به لا يُؤذيك، وإذا تحرَّشت به آذاك"(51).
بل أقول: ما الذي سيصنعه هؤلاء لو مُنعوا من الدروس والمحاضرات، وضُيِّق عليهم؟.
لا شك أنهم سيُقيمون الدنيا ولا يُقعِدونها، وسيُثيرون الناس على الولاة!!.
أما علماء السنة؛ فلهم –في هذا الشأن- كلامٌ نفيسٌ؛ لا تدركه هذه الجماعات الفوضوية الخارجية، ولا ترفع به رأسًا، وهو كالآتي:
قال العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "ولا يجوز لولاة الأمور، ولا غيرهم؛ أن يحولوا بين الناس وبين هذه المنابر، إلا من عُلِم أنه يدعو إلى باطل، أو أنه ليس أهلاً للدعوة، فإنه يمنع أينما كان"(52).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: "إذا كان الذي يأكل الثوم والبصل يُمنع من دخول المسجد، فكيف بمن يفسد على الناس دينهم، أفلا يكون أحق بالمنع؟.
بلى والله، ولكن كثيرًا من الناس غافلون"(53).
وقال العلامة حماد الأنصاري –رحمه الله-: "إذا كان ولاة الأمر منعوا بعض الناس من الدعوة ونحوها، فعليهم أن يَلزَموا بيوتهم؛ لأنهم لا يستطيعون أن يُغيِّروا الواقع بالقوة.
ثم قال: سمعًا وطاعةً للسلطان"(54).
بل وزاد العلامة ابن عثيمين –رحمه الله– الأمر وضوحًا حين قال:
" إذا رأوا(55)مثلاً: إسكات واحد منا، قال: لا تتكلم، فهذا عذر عند الله، لا أتكلم كما أمرني؛ لأن بيان الحق فرض كفاية، لا يقتصر على زيد وعمر، ولو علقنا الحق بأشخاص؛ مات الحق بموته، الحق لا يُعلَّق بأشخاص، افرض أنهم منعوني أنا؛ قالوا: لا تتكلم، لا تخطب، لا تشرح، لا تُدرِّس.
سمعًا وطاعةً، أذهب أصلي، إن أذنوا لي أكون إمامًا؛ صرت إمامًا، وإن قالوا: لا تؤم الناس؛ ما أممت الناس، صرت مأمومًا؛ لأن الحق يقوم بالغير، ولا يعني أنهم إذا منعوني قد منعوا الناس كلهم، ولنا في ذلك أسوة، فإن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه كان يحدث عن الرسول –عليه الصلاة والسلام- أنه يأمر الجُنب أن يتيمم، وكان عمر بن الخطاب لا يرى ذلك، فدعاه ذات يوم؛ فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث الناس به؟ يعني: يتيمم الحُنب إذا عدم الماء.
فقال: أما تذكر حين بعثني النبي عليه الصلاة والسلام وإياك في حاجة فأجْنَبْت وتمرَّغت بالصعيد، وأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته، وقال: يكفيك أن تقول بيديك هكذا، وذكر له التيمم.
ولكن يا أمير المؤمنين، إني بما جعل الله لك عليَّ من الطاعة؛ إن شئت أن لا أُحدِّث به فعلت.
الله أكبر؛ صحابي جليل يمسك عن الحديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأمر الخليفة الذي له الطاعة، فقال له: لا أنا لا أمنعك، لكن أوليك ما توليت، يعني: أن العهدة عليك، فإذا رأى ولي الأمر أن يمنع أشرطة ابن عثيمين، أو أشرطة ابن باز، أو أشرطة فلان؛ نمتنع.
وأما أن نتخذ مثل هذه الإجراءات سبيلاً إلى إثارة الناس ولاسيما الشباب، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور؛ فهذا والله يا إخواني عين المعصية، وهذا أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس"(56).
فقد سبق لي أن بيَّنت –في الحلقة الماضية- بالأدلة والبراهين مخالفة جمعية إحياء التراث لما عليه أهل السنة في مسألة النصح للولاة.
وسأزيد –بإذن الله تعالى- الأمر بيانًا في هذه الحلقة التي بين يديك قارئي الكريم؛ فأجعلها مكمِّلة لما قبلها، لتعلم إلى أي درجة بلغ الانحراف برموز وقادة جمعية إحياء التراث.
وهذه الحلقة بعنوان:
المظاهرات والاعتصامات والمسيرات وسيلة من وسائل الدعوة في جمعية إحياء التراث
إن الدعوة لإقامة المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات والمشاركة فيها منهجٌ متَّبع في جمعية إحياء التراث، كما هو حال سائر الجماعات الإسلامية السياسية اليوم، ودليل ذلك:
سئل عبد الله السبت(1) عن وجود بعض المنكرات، وعن طريق تغييرها؟.
فأجاب: "نتَّصل؛ نجتهد لتغييرها، نتَّصل، نحاول، نحرِّك العامَّة، نقوم بتحريك الناس بالوصول، مثل الآن في المملكة؛ بعد جهد وصل قرار الإعدام لمروجي المخدرات، فنجتهد لإيصال الناس والمسؤولين إلى هذا القرار.
فقال له السائل: إذا كان المسؤولين؛ هم الذين يصنعون ذلك؟.
فأجاب: ماشي؛ نحن نهيئ الناس لين يصل الأمر، عند ذلك يخافون، لأن مروجي المخدرات؛ فيهم المسؤولين، وفيهم غير المسؤولين؛ جمعتهم المصلحة، فلا بد من تحريك الناس"(2).
وقال: "إذا وجد من المسلمين كما هو حاصل الآن؛ مَن لا يحكم بكتاب الله عز وجل، فالواجب أولاً: أن المسلمين يكونوا مسلمين، فيقاطعوا هذه الأشياء، فإذا وزِّعت بنوك رِبا؛ نمتنع، ما نروح نشتغل فيها، ولا نساهم فيها؛ فتقف، وقِس عليها مثلها، ثم ننصح، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، هذا الذي علينا، أو أن نجتهد لتجميع الأمة على تغيير هذا، ولكن التغيير ما يكون لا بالانقلاب، ولا بالاغتيال؛ لأن هذا ممنوع شرعًا، وإنما أن نذهب في إطار أهل الحل والعقد، وأعيان البلاد فيما يُسميه الفقهاء بعزل الخليفة، هذا هو الدرس، ولكن يعزله أهل الحل والعقد، وأعيان البلاد؛ حتى لا تصير فوضى، ويصير قتل وإيذاء في المسلمين، كما حاصل الآن في الانقلابات الجمهورية، الفساد فيها أكثر من الإصلاح"(3).
وهنا يأتي السؤال:
ما ظنك قارئي الكريم بهذه الأفعال التي ذكرها شيخ التراث:
• نحرِّك العامَّة، نقوم بتحريك الناس بالوصول.
• نحن نهيئ الناس لين يصل الأمر، عند ذلك يخافون.
• نجتهد لتجميع الأمة على تغيير هذا.
هل هي موافقة لهدي السلف ومنهجهم؟.
وهل من هدي السلف ومنهجهم تجميع الأمة وتحريك الناس ضد الحكام في حال وجود المنكرات في البلدان الإسلامية؟.
سئل الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-:
بعد الإضراب يقدم الذين أضربوا مطالبهم وفي حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب، هل يجوز مواجهة النظام بتفجير ثورة شعبية؟
فأجاب: "لا أرى أن تقام ثورة شعبية في هذه الحال؛ لأن القوة المادية بيد الحكومة كما هو معروف، والثورة الشعبية ليس بيدها إلا سكين المطبخ وعصا الراعي، وهذا لا يقاوم الدبابات والأسلحة، لكن يمكن أن يتوصل إلى هذا من طريق آخر إذا تمت الشروط السابقة، ولا ينبغي أن نستعجل الأمر؛ لأن أي بلد عاش سنين طويلة من الاستعمار؛ لا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى بلد إسلامي، بل لا بد أن نتخذ طول النفس لنيل المآرب.
والإنسان إذا بنى قصرًا فقد أسس؛ سواء سكنه، أو فارق الدنيا قبل أن يسكنه، فالمهم أن يبني الصرح الإسلامي؛ وإن لم يتحقق المراد إلا بعد سنوات، فالذي أرى ألا نتعجل في مثل هذه الأمور، ولا أن نثير أو نفجر ثورة شعبية غالبها غوغائية لا تثبت على شيء، لو تأتي القوات إلى حي من الأحياء وتقضي على بعضه لكان كل الآخرين يتراجعون عما هم عليه"(4).
ومشاركة جمعية إحياء التراث في المظاهرات والاعتصامات، وحث الناس عليها؛ ثابتٌ بالدليل والبرهان.
قال نائب رئيس جمعية إحياء التراث وائل الحساوي(5): "نحترم رأي الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع في مُظاهرات تُندِّد بالحرب القادمة في العراق، وهي تمثل رأيًا شعبيًّا قويًّا يُشكل ضغطًا على حكوماتها، وهي وإن لم تكن قادرة على إيقاف إطار الحرب الذي بدأ بالمسير؛ لكنها على الأقل ستؤدي إلى تشكيل رأي عام وجبهة قوية مُضادة للتدخل في العالم، يحسب لها مُتخذي القرار ألف حساب"(6).
وقال ناظم سلطان(7): "... الدليل على ذلك: من يستطيع أن يصل إلى إسرائيل الآن، يعملَّه عملية فدائية إلا بالتي وَاللُّتَيَّة، إحنا أعراضنا مكشوفة، لو في ناس وفي شعوب؛ قبل ما يسبُّون إسرائيل؛ يروحون للسفارة في تونس؛ مظاهرة؛ رايحين السفارة الأمريكية؛ غلطانِين والله إخواني، اذهبوا إلى قصور الحكام، تعالوا: أعراضنا مكشوفة؛ بلادنا مكشوفة؛ أوصلتونا إلى الذل والهوان، وفي ناس حيِّين! لكن مساكين، نمرة غَلَط يا أهل تونس ومن يسير على خطهم، لا تذهبوا إلى السفارة الأمريكية، اذهبوا إلى القصور هذه اللي فيها القادة والرؤساء"(8).
وجاء في مجلة الفرقان(9): "إن المظاهرات في الدول الأخرى تساهم في تغيير الرأي العام، والحكومات تحترم رأي شعوبها، بخلاف مظاهرات عالمنا العربي الذي لا صوت فوق صوت الطاغية، ويا ويل من يخالف رأي وتوجهات القائد..."(10).
وجاء فيها أيضًا: "لكن للأسف حتى حق الاستنكار وحق التظاهر خُنق في أراضينا العربية..."(11).
وتحت عنوان: (سلفيو التراث ينتفضون دفاعًا عن غزة المحاصرة)؛ قال ناظم سلطان:
"المظاهرات النسائية في قطاع غزة التي نشاهدها عبر وسائل الإعلام توضح مدى حرص هذه القيادة(12) على الشعب ومدى تمسكه بدينه، والدليل على ذلك أننا لم نر امرأة واحدة متبرجة وسط هذا الكم الهائل من النساء"(13).
وقال: "على أهل العلم أن يقفوا ويحركوا الشارع العربي"(14).
وتحت عنوان: (تجمع للإسلاميين في مجلس الأمة غدًا يعلن 17 يناير اليوم العالمي للحجاب)؛ جاء في جريدة الرأي العام:
"فإن موجة الاحتجاج في بعض الدول الإسلامية ضد التوجه الفرنسي راحت تمتد تباعًا وتدريجًا إلى الكويت؛ التي تفاعلت الساحة الإسلامية فيها كلاميًّا إلى الآن مع هذه الموجة، لكن يبدو أنها ستترجم هذا التفاعل على الأرض غدًا في مجلس الأمة، حيث تنظم القوى الإسلامية تجمعًا ولقاءً في قاعة المجلس ظهرًا دفاعًا عن الحجاب، تعلن خلاله يوم 17 يناير من كل عام (يوم الحجاب العالمي)"(15).
وقد شاركهم في هذه التظاهرة جمعية إحياء التراث والتجمع الإسلامي السلفي التابع والممثل لها سياسيًّا.
وجاء في جريدة الرأي العام أيضًا:
"كانت الكويت أمس مسرحًا لتحرك برلماني شعبي نظَّمته القوى الإسلامية احتجاجًا على منع فرنسا الحجاب الإسلامي في مدارسها الرسمية ومؤسساتها العامة، وتجاوزت المواقف الرافضة لهذا التوجه الفرنسي الطابع الكلامي الصِّرف إلى المطالبة التي عبَّر عنها بعض النواب بـِ: (الوقوف ضد المصالح التجارية) الفرنسية(16)، و (التدخل في أي اتفاقية بين الكويت وفرنسا)"(17).
وكان من ضمن المشاركين في هذا التجمع من أتباع جمعية إحياء التراث فهد الخنة(18)، وجاسم الكندري(19)، كما شاركهم فيه من أتباع المنهج الخميني: (حسن جوهر).
وذكرت جريدة القبس تحت عنوان: (الفزعة الشعبية الكويتية لنصرة الانتفاضة) مهرجانًا خطابيًّا أقيم في نادي كاظمة؛ احتشدت له القوى الشعبية والسياسية والبرلمانية في الكويت، ألقى فيه فهد الخنة(20) كلمةً نيابةً عن التجمع الإسلامي السلفي(21)، وألقى عبد النبي العطار كلمة نيابة عن التحالف الإسلامي الوطني(22)، ورُفعت في هذا المهرجان صُوَر حسن نصر الله(23).
وجاء في جريدة الوطن تحت عنوان: (في تظاهرة شعبية في ساحة الإرادة بحضور نواب وأكاديميين والسفارة اللبنانية).
رُفعت في هذه المظاهرة صور حسن نصر الله، وأعلام حزب الله.
وكان من ضمن المشاركين في هذه التظاهرة النائب التراثي: (علي العمير(24))(25).
وجاء في جريدة السياسة تحت عنوان: (نواب ومشايخ ودعاة شاركوا في مهرجان تضامني مع الشيشان):
"استجاب أكثر من أربعة آلاف شخص، من بينهم نواب ودعاة وممثلو الجمعيات والحركات الإسلامية مساء أمس لدعوة المؤتمر الكويتي للتضامن مع شعب الشيشان للمشاركة في المهرجان الخطابي التضامني والذي أقيم في الساحة المقابلة لمباني الصحف اليومية"(26).
وذكرت جريدة القبس التظاهرة نفسها؛ حيث جاء فيها:
"نظَّمت اللجنة الكويتية الشعبية للتضامن مع الشعب الشيشاني أمس مهرجانًا خطابيًّا في الساحة المقابلة لشارع الصحافة بحضور (11) نائبًا وممثلي بعض الجمعيات الإسلامية وعدد من المواطنين، وأطلق المشاركون في المهرجان بعض الشعارات، واستنكار لما يحدث في الشيشان، وانتقدوا بعض الشعوب العربية والحكومات الإسلامية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الذين لم يحركوا ساكنًا تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الشيشاني..."(27).
وحول هذه المظاهرة: نقلت جريدة القبس عن مصدر أمني قوله: (أن التجمع أقيم من دون تصريح من الجهات الأمنية المعنية مما يشكل مخالفة للقانون).
وكان من ضمن المشاركين في هذا الحشد الجماهيري (التظاهرة) جمعية إحياء التراث، وبثلاثة أشخاص من قادتها وساستها؛ وهم:
• عادل الدمخي(28)، وكانت مشاركته نيابة عن جمعية إحياء التراث.
• أحمد باقر، وهو من كبار مؤسسي جمعية إحياء التراث.
• أحمد الدعيج، وهو من أتباع جمعية إحياء التراث وممثليها في البرلمان الكويتي.
وتحت عنوان: (إذا كنت من محبي القدس والمسجد الأقصى فلتشارك في التجمع والاعتصام الشعبي العام)، أعلنت مجموعة من الصحف الكويتية عن إقامة التجمع والاعتصام الشعبي الذي سيقام في نادي كاظمة الرياضي بتاريخ 20/10/2000م، وبمشاركة جمعية إحياء التراث(29).
وتحت عنوان: (الإسلاميون يخوضون معركة الفضاء ويهددون بـِ: الشارع)؛ جاء في جريد الرأي العام:
"فتح إسلاميو الكويت نيرانهم على جبهة البرنامج... ولوحوا بالتصعيد إلى حد مواجهة تحت قبة مجلس الأمة أو في الشارع في حال الترخيص للمشاركين... بإقامة حفلة في الكويت"(30).
وكان من ضمن هؤلاء النائب التراثي: (جاسم الكندري(31)).
وتحت عنوان: (سنقدم قانونًا برلمانيًّا لحماية المجتمع والذوق العام)؛ نظمت لجنة الكلمة الطيبة التابعة لجمعية إحياء التراث ندوة عامة بعنوان: (فبراير في الميزان)، تناولوا فيها:
• أثر الحفلات الغنائية على الأخلاق.
• مدى ارتباط التنشيط الاقتصادي بالفساد الأخلاقي.
• دور مجلس الأمة تجاه هذه التجاوزات اللاأخلاقية(32).
وتحت عنوان: (مهرجان خطابي للإسلاميين ضد تعديل المناهج)؛ جاء في جريدة الرأي العام أيضًا:
"تقيم القوى الإسلامية (الحركة الدستورية(33) والحركة السلفية(34) والتجمع السلفي(35)) مع عدد من النواب المستقلين وأساتذة في كلية الشريعة بجامعة الكويت خطابًا جماهيريًّا في ديوان محمد هايف المطيري لتصعيد الموقف من التوجه الحكومي الهادف إلى تعديل المناهج الدراسية... متهمين جهات محلية وعالمية بالضغط على الحكومة لتعديلها"(36).
ثم اعلم قارئي الكريم أن انخراط جمعية إحياء التراث في المظاهرات، ودعوتهم إليها، وحث الناس عليها؛ ليس بغريبٍ عليهم، وهُم ممن تربى على منهج عبد الرحمن عبد الخالق المنحرف الذي وافق أهل الأهواء والبدع في كثيرٍ من الأمور.
فشيخهم عبد الرحمن عبد الخالق يجعل هذه المظاهرات من الدِّين، ويعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم إمام المتظاهرين:
قال عبد الرحمن عبد الخالق موضِّحًا للإمام العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- موقفه من المظاهرات؛ وقد ردَّ عليه العلامة ابن باز باطله؛ الذي قرر فيه من ضمن ما قرر: أن المظاهرات من الوسائل التي اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل:
قال عبد الرحمن: "لقد ذكرت المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الإسلام، والدعوة إليه؛ لما رُوي أن المسلمين خرجوا بعد إسلام عمر رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفين (إظهارًا للقوة)، على أحدهما حمزة رضي الله عنه، وعلى الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولهم كديد ككديد الطحين حتى دخلوا المسجد(37)"(38).
هكذا جعل بفهمه السقيم حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب –رضي الله عنهما– من قادة المتظاهرين.
وقد ردَّ عليه العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله– قائلاً:
"ذكرتم في كتابكم: (فصول من السياسة الشرعية- ص: 31، 32): أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة).
ولا أعلم نصًّا في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتابٍ وجدتم ذلك؟.
فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك؛ لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص؛ فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحًا كاملاً؛ حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة"(39).
وردَّ عليه أيضًا شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله– قائلاً: "فإن عبد الرحمن ينعى بالباطل على السلفيين؛ إنهم مقلدون لعلماء الإسلام، وهو يقلد أعداء الإسلام تقليدًا أعمى في المظاهرات، والانتخابات، والدعوة إلى المشاركة في البرلمانات، ويقلد في جواز تعدد الحزبيات"(40).
ولنقف معًا قارئي الكريم على ما عليه علماء السنة في مسألة المظاهرات:
قال الإمام العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل، وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعًا، لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره، ولاسيما الأمراء والرؤساء والأعيان، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن، لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه على ما سواه، وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية، ومضى عليه فيها السنون؛ يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة وحتى تزال بالأدلة، وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة، فيقبل منك الحق ويدع المعصية.
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات.
ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرًّا عظيمًا على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم.
ولا شك أن هذا الأسلوب يضر الدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها، ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها ومضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب لكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله"(41).
وقال: "كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات؛ التي تضر الدعوة ولا تنفعها، وتسبب الفرقة بين المسلمين، والفتنة بين الحكام والمحكومين"(42).
وسئل –رحمه الله-: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة؛ تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدًا؟.
فأجاب: "لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكني أرى أنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق.
ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة، والنصيحة، والدعوة إلى الخير بالطرق السليمة؛ الطرق التي سلكها أهل العلم، وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان، والاتصال به، ومناصحته، والمكاتبة له؛ دون التشهير في المنابر وغيرها؛ بأنه فعل كذا، وصار منه كذا، والله المستعان"(43).
وقال الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله–: "المظاهرات ليست وسيلة إسلامية"(44).
وسئل الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟.
فأجاب: "الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم.
ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرًا ممنوعًا، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها، ويحصل فيه أيضًا اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات.
وأما مسألة الضغط على الحكومة: فهي إن كانت مُسلِمة؛ فيكفيها واعظًا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا خير ما يعرض على المسلم.
وإن كانت كافرة؛ فإنها لا تبالي بهؤلاء (المتظاهرين) وسوف تجاملهم ظاهرًا، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر.
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر، أو في أول مرة، ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف؛ فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان"(45).
وسئل: ما مدى شرعية ما يُسمونه بالاعتصام في المساجد، وهم -كما يزعمون- يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقًا؛ أنها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟.
فأجاب: "أما أنا، فما أكثر ما يُكْذَب علي! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاَّ يعود لمثلها.
والعجب من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئًا؟.
بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفًا! أربعون ألفًا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!.
والنار -كما تعلمون- أوَّلها شرارة ثم تكون جحيمًا؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضًا، وكرهوا ولاة أمورهم؛ حملوا السلاح، ما الذي يمنعهم؟ فيحصل الشر والفوضى، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من رأى من أميره شيئًا يكرهه أن يصبر، وقال: (من مات على غير إمام؛ مات ميتة جاهلية).
الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَنًا؛ فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتُّ إلى الشريعة بصلة، ولا إلى الإصلاح بصلة.
ما هي إلا مضرَّة...، الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قَتل جمعًا من العلماء، وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدًا منهم اعتصم في أي مسجدٍ أبدًا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية...
ولا نُؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نُؤيِّدها إطلاقًا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لابد أن هناك أصابع خَفِيَّة داخلية أو خارجية تحاول بث مثل هذه الأمور"(46).
وسئل: ما حكم الإضراب عن العمل في بلدٍ مسلمٍ للمطالبة بإسقاط النظام العلماني؟...
فأجاب: "هذا السؤال لا شك أن له خطورته بالنسبة لتوجيه الشباب المسلم، وذلك أن قضية الإضراب عن العمل؛ سواء كان هذا العمل خاصًّا، أو بالمجال الحكومي؛ لا أعلم له أصلاً من الشريعة ينبني عليه، ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة؛ حسب حجم هذا الإضراب شمولاً، وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة، ولا شك أيضًا أنه من أساليب الضغط على الحكومات، والذي جاء في السؤال أن المقصود به إسقاط النظام العلماني؛ وهنا يجب علينا إثبات أن النظام علماني أولاً، ثم إذا كان الأمر كذلك؛ فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط.."(47).
وقال العلامة صالح بن غصون –رحمه الله– في جوابٍ له على سائلٍ يسأل عن حكم المظاهرات والمسيرات وغيرها من الأمور التي ابتدعها المبتدعون:
"فالداعي إلى الله عز وجل، والآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر؛ عليه أن يتحلى بالصبر، وعليه أن يحتسب الأجر والثواب، وعليه أيضًا أن يتحمل ما قد يسمع أو ما قد يناله في سبيل دعوته، وأما أن الإنسان يسلك مسلك العنف، أو أن يسلك مسلك والعياذ بالله أذى الناس، أو مسلك التشويش، أو مسلك الخلافات والنزاعات وتفريق الكلمة، فهذه أمور شيطانية، وهي أصل دعوة الخوارج، هم الذين ينكرون المنكر بالسلاح، وينكرون الأمور التي لا يرونها وتخالف معتقداتهم بالقتال، وبسفك الدماء، وبتكفير الناس، وما إلى ذلك من أمور، فَفَرْقٌ بين دعوة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح وبين دعوة الخوارج ومن نهج منهجهم وجرى مجراهم، دعوة الصحابة بالحكمة، وبالموعظة، وببيان الحق، وبالصبر، وبالتحلي واحتساب الأجر والثواب، ودعوة الخوارج بقتال الناس، وسفك دمائهم، وتكفيرهم، وتفريق الكلمة، وتمزيق صفوف المسلمين، هذه أعمال خبيثة وأعمال محدثة.
والأَوْلى: الذين يدعون إلى هذه الأمور يُجانبونَ، ويُبعد عنهم، ويُساء بهم الظن، هؤلاء فرقوا كلمة المسلمين، الجماعة رحمة والفرقة نقمة وعذاب والعياذ بالله، ولو اجتمع أهل بلد واحد على الخير واجتمعوا على كلمة واحدة لكان لهم مكانة وكانت لهم هيبة.
لكن أهل البلد الآن أحزاب وشيع، تمزقوا، واختلفوا، ودخل عليهم الأعداء من أنفسهم، ومن بعضهم على بعض، هذا مسلكٌ بدعي، ومسلك خبيث، ومسلك مثلما تقدم؛ أنه جاء عن طريق الذين شقوا العصا، والذين قاتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وأهل بيعة الرضوان، قاتلوه يريدون الإصلاح؛ وهم رأس الفساد، ورأس البدعة، ورأس الشقاق؛ فهم الذين فرقوا كلمة المسلمين، وأضعفوا جانب المسلمين، وهكذا أيضًا حتى الذي يقول بها، ويتبناها، ويحسنها؛ فهذا سيئ المعتقد، ويجب أن يُبتعد عنه(48).
واعلم والعياذ بالله أن شخصًا ضارًّا لأمته ولجلسائه ولمن هو من بينهم، والكلمة الحق أن يكون المسلم عامل بناء، وداعي للخير، وملتمس للخير تمامًا، ويقول الحق، ويدعو بالتي هي أحسن، وباللين، ويحسن الظن بإخوانه، ويعلم أن الكمال منالٌ صعب، وأن المعصوم هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأن لو ذهب هؤلاء؛ لم يأتِ أحسن منهم، فلو ذهب هؤلاء الناس الموجودون؛ سواء منهم الحكام، أو المسؤولين، أو طلبة العلم، أو الشعب، لو ذهب هذا كله، شعب أي بلد؛ لجاء أسوأ منه، فإنه لا يأتي عامٌ؛ إلا والذي بعده شرٌ منه، فالذي يريد من الناس أن يصلوا إلى درجة الكمال، أو أن يكونوا معصومين من الأخطاء والسيئات، هذا إنسان ضال، هؤلاء هم الخوارج، هؤلاء هم الذين فرقوا كلمة الناس وآذوهم، هذه مقاصد المناوئين لأهل السنة والجماعة بالبدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة وسائر ألوان أهل الشر والبدع"(49).
وسئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟.
فأجاب: "ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، ودين نظام وهدوء وسكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة ودين انضباط؛ لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام، والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية، والمظاهرات تحدِث سفك دماء، وتحدِث تخريب أموال، فلا تجوز هذه الأمور"(50).
فهل تخرج –أخي القارئ- جمعية إحياء التراث من كونها جماعة فوضى وتشويش وإثارة فتن!!.
وصدق العلامة حماد الأنصاري –رحمه الله-؛ إذ يقول: "إن الدولة كالأسد، فإن الأسد إذا لم تتحرش به لا يُؤذيك، وإذا تحرَّشت به آذاك"(51).
بل أقول: ما الذي سيصنعه هؤلاء لو مُنعوا من الدروس والمحاضرات، وضُيِّق عليهم؟.
لا شك أنهم سيُقيمون الدنيا ولا يُقعِدونها، وسيُثيرون الناس على الولاة!!.
أما علماء السنة؛ فلهم –في هذا الشأن- كلامٌ نفيسٌ؛ لا تدركه هذه الجماعات الفوضوية الخارجية، ولا ترفع به رأسًا، وهو كالآتي:
قال العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "ولا يجوز لولاة الأمور، ولا غيرهم؛ أن يحولوا بين الناس وبين هذه المنابر، إلا من عُلِم أنه يدعو إلى باطل، أو أنه ليس أهلاً للدعوة، فإنه يمنع أينما كان"(52).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: "إذا كان الذي يأكل الثوم والبصل يُمنع من دخول المسجد، فكيف بمن يفسد على الناس دينهم، أفلا يكون أحق بالمنع؟.
بلى والله، ولكن كثيرًا من الناس غافلون"(53).
وقال العلامة حماد الأنصاري –رحمه الله-: "إذا كان ولاة الأمر منعوا بعض الناس من الدعوة ونحوها، فعليهم أن يَلزَموا بيوتهم؛ لأنهم لا يستطيعون أن يُغيِّروا الواقع بالقوة.
ثم قال: سمعًا وطاعةً للسلطان"(54).
بل وزاد العلامة ابن عثيمين –رحمه الله– الأمر وضوحًا حين قال:
" إذا رأوا(55)مثلاً: إسكات واحد منا، قال: لا تتكلم، فهذا عذر عند الله، لا أتكلم كما أمرني؛ لأن بيان الحق فرض كفاية، لا يقتصر على زيد وعمر، ولو علقنا الحق بأشخاص؛ مات الحق بموته، الحق لا يُعلَّق بأشخاص، افرض أنهم منعوني أنا؛ قالوا: لا تتكلم، لا تخطب، لا تشرح، لا تُدرِّس.
سمعًا وطاعةً، أذهب أصلي، إن أذنوا لي أكون إمامًا؛ صرت إمامًا، وإن قالوا: لا تؤم الناس؛ ما أممت الناس، صرت مأمومًا؛ لأن الحق يقوم بالغير، ولا يعني أنهم إذا منعوني قد منعوا الناس كلهم، ولنا في ذلك أسوة، فإن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه كان يحدث عن الرسول –عليه الصلاة والسلام- أنه يأمر الجُنب أن يتيمم، وكان عمر بن الخطاب لا يرى ذلك، فدعاه ذات يوم؛ فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث الناس به؟ يعني: يتيمم الحُنب إذا عدم الماء.
فقال: أما تذكر حين بعثني النبي عليه الصلاة والسلام وإياك في حاجة فأجْنَبْت وتمرَّغت بالصعيد، وأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته، وقال: يكفيك أن تقول بيديك هكذا، وذكر له التيمم.
ولكن يا أمير المؤمنين، إني بما جعل الله لك عليَّ من الطاعة؛ إن شئت أن لا أُحدِّث به فعلت.
الله أكبر؛ صحابي جليل يمسك عن الحديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأمر الخليفة الذي له الطاعة، فقال له: لا أنا لا أمنعك، لكن أوليك ما توليت، يعني: أن العهدة عليك، فإذا رأى ولي الأمر أن يمنع أشرطة ابن عثيمين، أو أشرطة ابن باز، أو أشرطة فلان؛ نمتنع.
وأما أن نتخذ مثل هذه الإجراءات سبيلاً إلى إثارة الناس ولاسيما الشباب، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور؛ فهذا والله يا إخواني عين المعصية، وهذا أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس"(56).
هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
علي بن حسين الفيلكاوي
كتبه
علي بن حسين الفيلكاوي
الحواشي:
(1)
وهو من كبار شيوخ جمعية إحياء التراث وقادتها ومؤسسيها.
(2) بصوته من شريط له بعنوان: حسن الظن بالمسلم.
(3) بصوته من شريط له بعنوان: حسن الظن بالمسلم.
(4) الصحوة الإسلامية– ص: 286.
(5) وهو رئيس تحرير مجلة الفرقان منذ صدورها إلى قبل ثلاث سنوات تقريبًا؛ وهو حاليًّا ينتصب منصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث.
(6) جريدة الرأي العام الكويتية- العدد: 13031– بتاريخ: 23/2/2003م.
(7) وهو من كبار شيوخ جمعية إحياء التراث وقيادييها، فهو ينتصب منصب رئيس فرع الجمعية لمنطقتي بيان ومشرف.
(8) بصوته من شريط: نصيحة إلى إخواننا في التراث للشيخ أحمد السبيعي.
(9) المنبر الأوحد لجمعية إحياء التراث.
(10) مجلة الفرقان– العدد: 238– ص: 38– بتاريخ: 14/4/2003م.
(11) مجلة الفرقان– العدد: 127– ص: 49– عام: 2000م.
(12) يبين لنا ناظم سلطان في المقال نفسه مراده بهذه القيادة فيقول: "إن هذه الثلة التي نجحت في الانتخابات وأبت أن تتنازل عن حقوقها، تدفع الآن ثمن موقفها المشرف الصلب"، ويظهر بهذا أن مراده أتباع حركة حماس.
(13) مجلة الفرقان– العدد: 476- بتاريخ: 28/1/2008م.
(14) مجلة الفرقان– العدد: 476- بتاريخ: 28/1/2008م.
(15) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 16/1/2004م.
(16) وهذا بلا شك منهجٌ تنتهجه جمعية إحياء التراث؛ وليست الدعوة لمقاطعة المنتجات الدانمركية عنا ببعيدة، فقد ملأت جمعية إحياء التراث شوارع الكويت بإعلاناتها وبوستراتها المطالبة بمقاطعة الدانمرك، وها هو شيخهم ناظم سلطان يؤكِّد لنا هذه الحقيقة فيقول: "مقاطعة المنتجات الدانمركية التزام ديني" (جريدة القبس الكويتية- العدد: 11749- بتاريخ: 19/2/2006م).
وفي الجريدة نفسها: "وحول ما قاله بعض الدعاة أخيرًا عن المقاطعة للمنتجات الدانمركية، وأنها ليست من الدين، وأن على المسلمين أخذ الإذن من ولي الأمر؛ علَّق المسباح (ناظم سلطان) قائلاً: بل هي من الدين، ونوع من النهي عن المنكر، ويجب ألا يكبت الدعاة مشاعر الغضب التي تفجرت نصرة للرسول صلى الله عليه وسلم، ويخذلوا الأمة ويوهنوها" (جريدة القبس الكويتية- العدد: 11749- بتاريخ: 19/2/2006م).
ولا غرابة في ذلك، فالقوم غير منضبطين بالسنة، وبالتالي لا تكون تصرفاتهم إلا ناتجة عن ردات الفعل والحماسة الغير منضبطة، وهذا ما أكَّده ناظم سلطان نفسه حين سألته مجلة الفرقان: لماذا توقفت عن الخطابة؟.
فأجاب: "في الحقيقة أنني عندما أعتلي المنبر وأرى ما يحل بأمتنا الإسلامية من مآسٍ وأهوال وأحوال المسلمين؛ فإنني أنفعل شأني في ذلك شأن الآخرين، وبسبب هذا الانفعال قد تخرج كلمة لا ينظر المرء في عواقبها، أو لا يزنها حق وزنها، وبالتالي يتوقف... وكذلك أحيانًا كنت أتفوه بعبارات غير مقبولة لدى المسئولين، وبالتالي يتم توقيفي عن الخطابة..." (مجلة الفرقان– العدد رقم: 90– ص: 17– بتاريخ: 1997م).
وهذا النهج بلا شك نهجٌ مخالفٌ لمنهج أهل الحق السلفيين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- متحدثًا عن بعض حماقات سابِّي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: "وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدًّا: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار. وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه كانوا يأكلون مما يُجلب من بلاد الكفار من الجبن ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار.. إلخ" (منهاج السنة 1/38).
وسئل –رحمه الله- عن معاملة التتار هل هي مباحة لمن يعاملونه؟ (ولا يخفى عليك -أخي القارئ- ما فعله التتار بالمسلمين):
فأجاب: "أما معاملة التتار فيجوز فيها ما يجوز في أمثالهم، ويحرم فيها ما يحرم من معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم، وخيلهم، ونحو ذلك، كما يبتاع من مواشي التركمان، والأعراب، والأكراد، وخيلهم. ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك، ما يبيعه لأمثالهم" (مجموع الفتاوى 29/275).
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: يتردد الآن دعوات لمقاطعة المنتجات الأمريكية مثل بيترا هت وماكدونالدز… إلخ، فهل نستجيب لهذه الدعوات؟ وهل معاملات البيع والشراء مع الكفار في دار الحرب جائزة؟ أم أنها جائزة مع المعاهدين والذميين والمستأمنين في بلادنا فقط؟
الجواب: "يجوز شراء البضائع المباحة أيًّا كان مصدرها مالم يأمر ولي الأمر بمقاطعة شيء منها لمصلحة الإسلام والمسلمين؛ لأن الأصل في البيع والشراء الحل كما قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود" (فتوى رقم: 21776- بتاريخ: 25/12/1421هـ).
وقال العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "الشراء من الكفرة جائز، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود، اشترى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله" (المرجع: شريط فتاوى العلماء في الجهاد والعمليات الانتحارية- نقلاً من شبكة سحاب السلفية).
وسئل العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: فضيلة الشيخ يوجد مشروب يسمى الكولا تنتجه شركة يهودية، فما حكم شراب هذا المشروب؟ وما حكم بيعه؟ وهل هو من التعاون على الإثم والعدوان أم لا؟
فأجاب: "ألم يبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا لأهله؟ ومات ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي. ألم يبلغك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهدية من اليهود؟ ولو أننا قلنا: لا نستعمل ما صنعه اليهود، أو لا نأكل ما صنعه اليهود مما لا يشترط فيه الذكاة لفات علينا شيء كبير، من استعمال سيارات ما يصنعها إلا اليهود. وأشياء نافعة أخرى لا يصنعها إلا اليهود" (لقاءات الباب المفتوح 3/404- المسألة رقم: 1457).
وسئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-: فضيلة الشيخ وفقكم الله، يكتب في الصحف هذه الأيام الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية وعدم شرائها وعدم بيعها، ومن ذلك ما كتب في هذا اليوم في إحدى الصحف من أن علماء المسلمين يدعون إلى المقاطعة، وأن هذا العمل فرض عين على كل مسلم، وأن الشراء لواحدة من هذه البضائع حرام، وأن فاعلها فاعلٌ لكبيرة ومعين لهؤلاء ولليهود على قتال المسلمين. فأرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة للحاجة إليها وهل يثاب الشخص على هذا الفعل؟
فأجاب:
أولاً: أطلب صورة أو قصاصة من هذه الجريدة ومن هذا الكلام الذي ذكره السائل.
ثانيًا: هذا غير صحيح. فالعلماء ما أفتوا بتحريم الشراء من السلع الأمريكية، والسلع الأمريكية مازالت تورد وتباع في أسواق المسلمين، وليس بضار أمريكا إذا أنت ما اشتريت منها ومن سلعها، ليس بضارها هذا، ما تقاطع السلع إلا إذا أصدر ولي الأمر، إذا أصدر ولي الأمر منعًا ومقاطعة لدولة من الدول فيجب المقاطعة، أما مجرد الأفراد يريدون عمل هذا ويفتون؛ فهذا تحريم ما أحل الله لا يجوز" (الإجابات المهمة في المشاكل الملمة- ص:228).
(17) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 18/1/2004م.
(18) وهو من كبار أتباع جمعية إحياء التراث وقادتها.
(19) وهو من أعضاء مجلس الأمة الذين تدعمهم جمعية إحياء التراث لتمثيلها في البرلمان الكويتي.
(20) وهو من كبار أتباع جمعية إحياء التراث وقادتها.
(21) جمعية إحياء التراث.
(22) أتباع المنهج الخميني.
(23) انظر: جريدة القبس الكويتية– العدد: 10122- بتاريخ: 22/8/2001م.
(24) وهو من أتباع جمعية إحياء التراث وممثليها في البرلمان الكويتي، وكان إمامًا وخطيبًا بوزارة الأوقاف.
(25) جريدة الوطن الكويتية- العدد: 10943/5389- بتاريخ: 15/7/2006م.
(26) جريدة السياسة الكويتية- العدد: 11255- بتاريخ: 1/4/2000م.
(27) جريدة القبس الكويتية- العدد: 9618- ص: 6- بتاريخ: 1/4/2000م.
(28) وهو من كبار شيوخ جمعية إحياء التراث وقادتها، وهو دكتور في كلية الشريعة.
(29) نشر هذا الإعلان في جريدة القبس الكويتية، وجريدة الوطن الكويتية، وجريدة الأنباء الكويتية؛ كلها بتاريخ: 20/10/2000م.
(30) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 18/2/2004م.
(31) وهو من أعضاء مجلس الأمة الذين تدعمهم جمعية إحياء التراث لتمثيلها في البرلمان الكويتي.
(32) انظر: جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 27/2/2004م.
(33) جماعة حسن البنا؛ أصحاب مجلة المجتمع.
(34) ويمثل فكرهم كتابهم الذي ألفه حاكم عبيسان: (الحرية أو الطوفان)، وهو فكرٌ خارجي معاصر بين دفتي كتاب.
(35) جمعية إحياء التراث.
(36) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 11/1/2003م.
(37) ذكر هذه القصة أبو نعيم في الحلية 1/40، وفي دلائل النبوة– ص: 241– أثر رقم: 192، وهي ضعيفة لا تصح؛ لأن مدارها على إسحاق بن أبي فروة، كما ذكر ذلك العلامة المحدث عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في رده على عبد الرحمن عبد الخالق الذي استدل بهذه الرواية على جواز المظاهرات، فكان مما قال: "وما ذكرتم حول المظاهرة فقد فهمته وعلمت ضعف سند الرواية بذلك كما ذكرتم؛ لأن مدارها على إسحاق بن أبي فروة، وهو لا يحتج به، ولو صَحَّت الرواية؛ فإن هذا في أول الإسلام قبل الهجرة، وقبل كمال الشريعة. ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة" (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/246).
ثم؛ لو سلَّمنا جدلاً بصحة هذه الرواية، فمَن مِن الأئمة المعتبرين فهمها بهذا الفهم السقيم؛ الذي فهمها به عبد الرحمن عبد الخالق؟!!.
بل أقول: إن حال عبد الرحمن عبد الخالق كحال أهل البدع أجمعين؛ الذين يعتقدون ثم يذهبون يبحثون في الأدلة ما يُقوُّون به اعتقادهم؛ فهم ينطلقون من منطلق: (اعتقد ثم استدل)، فهو اعتقد بالمظاهرات، وأقام دعوته عليها؛ ثم ذهب يبحث عما يُقوي به رأيه واعتقاده، أما أهل السنة والجماعة فلا قيام للدين عندهم إلا بالاستدلال، فهم يستدلون ثم يعتقدون؛ وذلك من منطلق القاعدة المشهورة عندهم: (استدل ثم اعتقد).
(38) من رسالة له بعنوان: تنبيهات وتعقيبات- سلسلة كتب ورسائل عبد الرحمن عبد الخالق 6/40.
(39) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/245.
(40) جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات– ص: 28.
(41) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/417.
(42) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 7/344.
(43) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 137.
(44) سلسلة الهدى والنور- شريط رقم: 210.
(45) الجواب الأبهر لفؤاد سراج– ص: 75، وذلك نقلاً من مقالٍ تحت عنوان: (أربعة شواهد تؤكد مخالفة المظاهرات للكتاب والسنة، تثير الفتن وتحدث الشغب وتسفك فيها الدماء)– بتاريخ: 24/12/2004 للشيخ محمد بن أحمد الفيفي.
(46) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 138.
(47) الصحوة الإسلامية– ص: 284.
(48) فلا يقول بالمظاهرات ويتبناها ويُحسِّنها إلا صاحب عقيدة فاسدة.
(49) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 140.
(50) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 139.
(51) المجموع في ترجمة العلامة حماد الأنصاري 2/571.
(52) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 5/81.
(53) شرح الأربعين النووية– ص: 48.
(54) المجموع في ترجمة العلامة حماد الأنصاري 2/574.
(55) يعني: ولاة الأمور.
(56) الإجابات المهمة في المشاكل الملمة– انظر الحاشية– ص: 28.
(2) بصوته من شريط له بعنوان: حسن الظن بالمسلم.
(3) بصوته من شريط له بعنوان: حسن الظن بالمسلم.
(4) الصحوة الإسلامية– ص: 286.
(5) وهو رئيس تحرير مجلة الفرقان منذ صدورها إلى قبل ثلاث سنوات تقريبًا؛ وهو حاليًّا ينتصب منصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث.
(6) جريدة الرأي العام الكويتية- العدد: 13031– بتاريخ: 23/2/2003م.
(7) وهو من كبار شيوخ جمعية إحياء التراث وقيادييها، فهو ينتصب منصب رئيس فرع الجمعية لمنطقتي بيان ومشرف.
(8) بصوته من شريط: نصيحة إلى إخواننا في التراث للشيخ أحمد السبيعي.
(9) المنبر الأوحد لجمعية إحياء التراث.
(10) مجلة الفرقان– العدد: 238– ص: 38– بتاريخ: 14/4/2003م.
(11) مجلة الفرقان– العدد: 127– ص: 49– عام: 2000م.
(12) يبين لنا ناظم سلطان في المقال نفسه مراده بهذه القيادة فيقول: "إن هذه الثلة التي نجحت في الانتخابات وأبت أن تتنازل عن حقوقها، تدفع الآن ثمن موقفها المشرف الصلب"، ويظهر بهذا أن مراده أتباع حركة حماس.
(13) مجلة الفرقان– العدد: 476- بتاريخ: 28/1/2008م.
(14) مجلة الفرقان– العدد: 476- بتاريخ: 28/1/2008م.
(15) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 16/1/2004م.
(16) وهذا بلا شك منهجٌ تنتهجه جمعية إحياء التراث؛ وليست الدعوة لمقاطعة المنتجات الدانمركية عنا ببعيدة، فقد ملأت جمعية إحياء التراث شوارع الكويت بإعلاناتها وبوستراتها المطالبة بمقاطعة الدانمرك، وها هو شيخهم ناظم سلطان يؤكِّد لنا هذه الحقيقة فيقول: "مقاطعة المنتجات الدانمركية التزام ديني" (جريدة القبس الكويتية- العدد: 11749- بتاريخ: 19/2/2006م).
وفي الجريدة نفسها: "وحول ما قاله بعض الدعاة أخيرًا عن المقاطعة للمنتجات الدانمركية، وأنها ليست من الدين، وأن على المسلمين أخذ الإذن من ولي الأمر؛ علَّق المسباح (ناظم سلطان) قائلاً: بل هي من الدين، ونوع من النهي عن المنكر، ويجب ألا يكبت الدعاة مشاعر الغضب التي تفجرت نصرة للرسول صلى الله عليه وسلم، ويخذلوا الأمة ويوهنوها" (جريدة القبس الكويتية- العدد: 11749- بتاريخ: 19/2/2006م).
ولا غرابة في ذلك، فالقوم غير منضبطين بالسنة، وبالتالي لا تكون تصرفاتهم إلا ناتجة عن ردات الفعل والحماسة الغير منضبطة، وهذا ما أكَّده ناظم سلطان نفسه حين سألته مجلة الفرقان: لماذا توقفت عن الخطابة؟.
فأجاب: "في الحقيقة أنني عندما أعتلي المنبر وأرى ما يحل بأمتنا الإسلامية من مآسٍ وأهوال وأحوال المسلمين؛ فإنني أنفعل شأني في ذلك شأن الآخرين، وبسبب هذا الانفعال قد تخرج كلمة لا ينظر المرء في عواقبها، أو لا يزنها حق وزنها، وبالتالي يتوقف... وكذلك أحيانًا كنت أتفوه بعبارات غير مقبولة لدى المسئولين، وبالتالي يتم توقيفي عن الخطابة..." (مجلة الفرقان– العدد رقم: 90– ص: 17– بتاريخ: 1997م).
وهذا النهج بلا شك نهجٌ مخالفٌ لمنهج أهل الحق السلفيين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- متحدثًا عن بعض حماقات سابِّي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: "وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدًّا: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار. وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه كانوا يأكلون مما يُجلب من بلاد الكفار من الجبن ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار.. إلخ" (منهاج السنة 1/38).
وسئل –رحمه الله- عن معاملة التتار هل هي مباحة لمن يعاملونه؟ (ولا يخفى عليك -أخي القارئ- ما فعله التتار بالمسلمين):
فأجاب: "أما معاملة التتار فيجوز فيها ما يجوز في أمثالهم، ويحرم فيها ما يحرم من معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم، وخيلهم، ونحو ذلك، كما يبتاع من مواشي التركمان، والأعراب، والأكراد، وخيلهم. ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك، ما يبيعه لأمثالهم" (مجموع الفتاوى 29/275).
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: يتردد الآن دعوات لمقاطعة المنتجات الأمريكية مثل بيترا هت وماكدونالدز… إلخ، فهل نستجيب لهذه الدعوات؟ وهل معاملات البيع والشراء مع الكفار في دار الحرب جائزة؟ أم أنها جائزة مع المعاهدين والذميين والمستأمنين في بلادنا فقط؟
الجواب: "يجوز شراء البضائع المباحة أيًّا كان مصدرها مالم يأمر ولي الأمر بمقاطعة شيء منها لمصلحة الإسلام والمسلمين؛ لأن الأصل في البيع والشراء الحل كما قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود" (فتوى رقم: 21776- بتاريخ: 25/12/1421هـ).
وقال العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: "الشراء من الكفرة جائز، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود، اشترى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله" (المرجع: شريط فتاوى العلماء في الجهاد والعمليات الانتحارية- نقلاً من شبكة سحاب السلفية).
وسئل العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: فضيلة الشيخ يوجد مشروب يسمى الكولا تنتجه شركة يهودية، فما حكم شراب هذا المشروب؟ وما حكم بيعه؟ وهل هو من التعاون على الإثم والعدوان أم لا؟
فأجاب: "ألم يبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا لأهله؟ ومات ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي. ألم يبلغك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهدية من اليهود؟ ولو أننا قلنا: لا نستعمل ما صنعه اليهود، أو لا نأكل ما صنعه اليهود مما لا يشترط فيه الذكاة لفات علينا شيء كبير، من استعمال سيارات ما يصنعها إلا اليهود. وأشياء نافعة أخرى لا يصنعها إلا اليهود" (لقاءات الباب المفتوح 3/404- المسألة رقم: 1457).
وسئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-: فضيلة الشيخ وفقكم الله، يكتب في الصحف هذه الأيام الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية وعدم شرائها وعدم بيعها، ومن ذلك ما كتب في هذا اليوم في إحدى الصحف من أن علماء المسلمين يدعون إلى المقاطعة، وأن هذا العمل فرض عين على كل مسلم، وأن الشراء لواحدة من هذه البضائع حرام، وأن فاعلها فاعلٌ لكبيرة ومعين لهؤلاء ولليهود على قتال المسلمين. فأرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة للحاجة إليها وهل يثاب الشخص على هذا الفعل؟
فأجاب:
أولاً: أطلب صورة أو قصاصة من هذه الجريدة ومن هذا الكلام الذي ذكره السائل.
ثانيًا: هذا غير صحيح. فالعلماء ما أفتوا بتحريم الشراء من السلع الأمريكية، والسلع الأمريكية مازالت تورد وتباع في أسواق المسلمين، وليس بضار أمريكا إذا أنت ما اشتريت منها ومن سلعها، ليس بضارها هذا، ما تقاطع السلع إلا إذا أصدر ولي الأمر، إذا أصدر ولي الأمر منعًا ومقاطعة لدولة من الدول فيجب المقاطعة، أما مجرد الأفراد يريدون عمل هذا ويفتون؛ فهذا تحريم ما أحل الله لا يجوز" (الإجابات المهمة في المشاكل الملمة- ص:228).
(17) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 18/1/2004م.
(18) وهو من كبار أتباع جمعية إحياء التراث وقادتها.
(19) وهو من أعضاء مجلس الأمة الذين تدعمهم جمعية إحياء التراث لتمثيلها في البرلمان الكويتي.
(20) وهو من كبار أتباع جمعية إحياء التراث وقادتها.
(21) جمعية إحياء التراث.
(22) أتباع المنهج الخميني.
(23) انظر: جريدة القبس الكويتية– العدد: 10122- بتاريخ: 22/8/2001م.
(24) وهو من أتباع جمعية إحياء التراث وممثليها في البرلمان الكويتي، وكان إمامًا وخطيبًا بوزارة الأوقاف.
(25) جريدة الوطن الكويتية- العدد: 10943/5389- بتاريخ: 15/7/2006م.
(26) جريدة السياسة الكويتية- العدد: 11255- بتاريخ: 1/4/2000م.
(27) جريدة القبس الكويتية- العدد: 9618- ص: 6- بتاريخ: 1/4/2000م.
(28) وهو من كبار شيوخ جمعية إحياء التراث وقادتها، وهو دكتور في كلية الشريعة.
(29) نشر هذا الإعلان في جريدة القبس الكويتية، وجريدة الوطن الكويتية، وجريدة الأنباء الكويتية؛ كلها بتاريخ: 20/10/2000م.
(30) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 18/2/2004م.
(31) وهو من أعضاء مجلس الأمة الذين تدعمهم جمعية إحياء التراث لتمثيلها في البرلمان الكويتي.
(32) انظر: جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 27/2/2004م.
(33) جماعة حسن البنا؛ أصحاب مجلة المجتمع.
(34) ويمثل فكرهم كتابهم الذي ألفه حاكم عبيسان: (الحرية أو الطوفان)، وهو فكرٌ خارجي معاصر بين دفتي كتاب.
(35) جمعية إحياء التراث.
(36) جريدة الرأي العام الكويتية- بتاريخ: 11/1/2003م.
(37) ذكر هذه القصة أبو نعيم في الحلية 1/40، وفي دلائل النبوة– ص: 241– أثر رقم: 192، وهي ضعيفة لا تصح؛ لأن مدارها على إسحاق بن أبي فروة، كما ذكر ذلك العلامة المحدث عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في رده على عبد الرحمن عبد الخالق الذي استدل بهذه الرواية على جواز المظاهرات، فكان مما قال: "وما ذكرتم حول المظاهرة فقد فهمته وعلمت ضعف سند الرواية بذلك كما ذكرتم؛ لأن مدارها على إسحاق بن أبي فروة، وهو لا يحتج به، ولو صَحَّت الرواية؛ فإن هذا في أول الإسلام قبل الهجرة، وقبل كمال الشريعة. ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة" (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/246).
ثم؛ لو سلَّمنا جدلاً بصحة هذه الرواية، فمَن مِن الأئمة المعتبرين فهمها بهذا الفهم السقيم؛ الذي فهمها به عبد الرحمن عبد الخالق؟!!.
بل أقول: إن حال عبد الرحمن عبد الخالق كحال أهل البدع أجمعين؛ الذين يعتقدون ثم يذهبون يبحثون في الأدلة ما يُقوُّون به اعتقادهم؛ فهم ينطلقون من منطلق: (اعتقد ثم استدل)، فهو اعتقد بالمظاهرات، وأقام دعوته عليها؛ ثم ذهب يبحث عما يُقوي به رأيه واعتقاده، أما أهل السنة والجماعة فلا قيام للدين عندهم إلا بالاستدلال، فهم يستدلون ثم يعتقدون؛ وذلك من منطلق القاعدة المشهورة عندهم: (استدل ثم اعتقد).
(38) من رسالة له بعنوان: تنبيهات وتعقيبات- سلسلة كتب ورسائل عبد الرحمن عبد الخالق 6/40.
(39) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/245.
(40) جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات– ص: 28.
(41) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/417.
(42) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 7/344.
(43) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 137.
(44) سلسلة الهدى والنور- شريط رقم: 210.
(45) الجواب الأبهر لفؤاد سراج– ص: 75، وذلك نقلاً من مقالٍ تحت عنوان: (أربعة شواهد تؤكد مخالفة المظاهرات للكتاب والسنة، تثير الفتن وتحدث الشغب وتسفك فيها الدماء)– بتاريخ: 24/12/2004 للشيخ محمد بن أحمد الفيفي.
(46) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 138.
(47) الصحوة الإسلامية– ص: 284.
(48) فلا يقول بالمظاهرات ويتبناها ويُحسِّنها إلا صاحب عقيدة فاسدة.
(49) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 140.
(50) الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية– ص: 139.
(51) المجموع في ترجمة العلامة حماد الأنصاري 2/571.
(52) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 5/81.
(53) شرح الأربعين النووية– ص: 48.
(54) المجموع في ترجمة العلامة حماد الأنصاري 2/574.
(55) يعني: ولاة الأمور.
(56) الإجابات المهمة في المشاكل الملمة– انظر الحاشية– ص: 28.
تعليق