• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحقائق المفصلة لما عند الشيخ محمد الوصابي من التناقضات والعجائب المذهلة - كتبه/ ياسر الحديدي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحقائق المفصلة لما عند الشيخ محمد الوصابي من التناقضات والعجائب المذهلة - كتبه/ ياسر الحديدي

    الحقائق المفصّلة
    لما عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الوصابي) من التناقضات والعجائب المذهلة


    كتبه
    أبو عمار ياسر بن علي الشريف الحديدي




    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة

    الحمد لله الذي أنزل كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فأحكم آياته وأخبر بالحق، وشابه بينها في الإعجاز والصدق، فلا يعتريه النقص، ولا يدخله النقض.

    قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)_.

    قال الشيخ السعدي: ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين، والعلم بأنه كلام الله؛ لأنه يراه يصدق بعضه بعضًا؟ ويوافق بعضه بعضًا!! فترى الحكم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع كلها متوافقة لا ينقض بعضها بعضًا، فبذلك يعلم كمال القرآن، وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور؛ فلذلك قال تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)_ أي: فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلًا. اهـ

    والصلاة والسلام على نبينا محمد – من أكد حكم القرآن، وبينه، وزاد عليه.

    القائل كما عند الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمرو بسند حسن (6702): مهلاً يا قوم: بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه.

    فهما الأصلان اللذان عليهما ركائز الدين، وإليهما ترجع أصول المسلمين.

    قال الإمام الشافعي في "الرسالة" (ص182): ....، لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين أصلهما في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه بفرضه في كتابه اتباعها.

    وقال ابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/33): وأما أصول العلم فالكتاب والسنة.
    وقال أبو القاسم الجنيد كما في "الاعتصام" (1/161): ومذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.

    وقال أبو سعيد الخراز كما في "الاعتصام" (1/162): كل باطل يخالفه ظاهر فهو باطل.

    قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (19/5): وذلك أن الحق الذي لا باطل فيه هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا، ويعرف بالكتاب والسنة والإجماع.

    قال ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (2/275): وأما طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث كالشافعي والإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة وأبي يوسف والبخاري وإسحاق فعكس هذه الطريق، وهي أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويأخذون من المحكم ما يفسر لهم المتشابه ويبينه لهم، فتتفق دلالتهم مع دلالة المحكم وتوافق النصوص بعضها بعضًا ويصدق بعضها بعضًا، فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره. اهـ

    وقال ابن أبي العز في "شرح الطحاوية": ...، أي: سلم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك، والشبه، والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل، فالعقل أصل النقل، فإذا عارضه قدمنا العقل، وهذا لا يكون قط. اهـ

    فإن الذي لا يضبط أقواله بنصوص الشريعة، ولا يزن أفعاله بالكتاب والسنة، فليتهم خواطره، ولينكس معالمه، فإنه لا يعد في ديوان الرجال، لأن آفته التناقض في أقواله وأفعاله، والتخبط في أحكامه وآرائه، فلن يستقيم له نهج صحيح، بل إن دينه جعله عرضة للتحسين والتقبيح، فالناس في ذلك طرفان ووسط، فالطرفان بين التفريط والشطط والوسط، لا وكس فيها ولا شطط، فغالت المعتزلة وشطحت في جعل العقل أصلًا كليًّا أوليًّا يستغني بنفسه عن الشرع، وجمدت الأشاعرة العقل وفرطت في تجميده وذمه والقدح فيه، وتوسط أهل السنة فيه فلا يخلو عندهم من أمرين إما أن يثبته السمع ويدل عليه، وإما أن يأذن فيه ويسكت عنه، وبذلك يعلم أن السمع والعقل لا يتعارضان أبدًا.

    قال ابن القيم في "الصواعق المرسلة" (3/955): إن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتى على قواعد المسلمين المؤمنين، حقًّا، ولا على أصول أحد من أهل الملل المصدقين بحقيقة النبوة وليست هذه المعارضة بالنبوة في شيء وإنما تتأتى هذه المعارضة ممن يقر بالنبوة على قواعد الفلسفة.

    وقال أيضًا (2/457): الحجج السمعية مطابقة للمعقول، والسمع الصحيح لا ينفك عن العقل الصريح، بل هما أخوان نصيران، وصل الله بينهما وقرن أحدهما بصاحبه، واستدل بآيات كثيرة ثم قال: فالكتاب المنزل والعقل المدرك حجة على خلقه.

    وقال الشاطبي في "الاعتصام" : ... العقل إذا لم يكن متبعًا للشرع لم يبق إلا الهوى والشهوى وأنت تعلم ما في اتباع الهوى وأنه ضلال مبين. اهـ

    ولأجل ذلك ضل أهل الأهواء، وتناقضوا في الأقوال والآراء، فردوا النصوص، وعطلوا الأحكام، بشبهة التناقض والاضطراب.

    وهذا الذي دفع الإمام أحمد في الرد عليهم، وتوضيح تناقضهم في رسمه ووسمه الرد على الجهمية والزنادقة، وكان من جملة، ما وصف به المتناقضين الذين في الكتاب كانوا مضطربين.

    قال -رحمه الله- (ص170 -171): هم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويلبسون على جهال الناس، بما يتكلمون به من المتشابه.

    والنقض: عند أهله يدور على نكت الشيء. قاله ابن فارس.

    والنقيضان: هما في اللذان لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا كوجود زيد وعدمه فيستدل بوجود أحدهما على عدم الآخر وبعدمه على وجوده. [انظر تنقيح الفصول (ص97) و"القاموس المبين" (194)].

    والتناقض: هو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب، اختلافًا يلزم منه لذاته كون إحداهما صادقة، والأخرى كاذبة كقولنا: زيد إنسان، زيد ليس بإنسان. ["التعريفات" (68) و"الكليات" (305)].

    وقد ذم الله هذا الصنف وذم أصحابه لما تنطوي به سريرتهم، وتكمن حقدًا قلوبهم على الإسلام وأهله، فمن صفات هذا الصنف:

    1- الكذب والجبن: قال الله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾ فلما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبره استدعاه – أي: ابن سلول – فاجتهد يمينه أنه لم يقل ذلك وناقض مقولته.

    2- محاولة الزعزعة في صفوف المسلمين: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) ﴾.

    3- الحسد والحقد والكبر والغطرسة: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) ﴾.

    4- التلون والنفاق: ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

    وهذا من أعظم أسبابها، لأن صاحبه يقصد بذلك الخلاص بنفسه، والانتقام لشخصه في ذلك الوقت والحين، حين يتحدّر عرقه من الجبين، ولو برد الحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، فإن انعكس عليه الخبر، وتفاقم عليه الخطر، وكان من الخلاص، إثبات المنفي ونفي المثبت، لم يجد في ذلك من مناص فيعيش دهره وهو شاك في أمره، متحير في نهجه.

    قال شيخ الإسلام في (الصفدية) (1/294): ... ثم من جمع منهم بين هذه الحجج أداه الأمر إلى تكافؤ الأدلة، فيبقى في الحيرة والوقف، أو إلى التناقض وهو: أن يقول هنا قولًا ويقول هنا قولًا يناقضه.

    وقال أيضًا: بل تجد أحدهم يجمع بين النقيضين أو بين رفع النقيضين والنقيضان اللذان هم الإثبات والنفي لا يجتمعان ولا يرتفعان بل هذا يفيد صاحبه الشك والوقف فيتردد بين الاعتقادين المتناقضين وهما الإثبات والنفي، كما يتردد بين الإرادتين المتناقضتين.

    وقال في (ص295): وسبب ذلك جعل ما ليس بمعقول معقولًا، لاشتباه الأمر، ودقة المسائل وإلا فالمعقولات الصريحة لا تتناقض، والمنقولات الصحيحة لا تتناقض. اهـ

    وإنه قد ظهر في الآونة المؤخرة قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يأخذون من قول خير البرية، مما يلبسون به على الأمة المحمدية، فتعصبت لهم زمرة الأحقاد، ونشبت في قلوبهم نار الحساد، فأخضعوا أصول الشريعة لأهوائهم، وعطلوا الأحكام لنشر آرائهم، فأعقبهم الله ذلًا في الحياة الدنيا، ويخشى عليهم النكال في الدار الأخرى.

    وكان من جملة من وصفته، وحددته ورسمته:الحزبي المنحرف/ عبد الرحمن بن مرعي العدني.

    فثار بآرائه وأفكاره، بحشد جنده وأحزابه، على شيخ الدعوة السلفية، وشيخ دماج الأبية، بأصوله الفاسدة، وقواعده الكاسدة، ليفرح الحاسدين، ويناله حظًا من الكنز الثمين، لكن الله يغار على دينه وحرماته، ويفضحه بجنده وأوليائه، فكشفوا ستره، وأظهروا عورته، وأبادوا سيرته.

    ولكن كانت سنة في خلقه، جارية إلى فناء دهره أن لكل ناعقٍ روادًا ولكل مبطل أفرادًا.

    وكان من خيرة خلانه بل من صفوته وغلمانه: الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي العبدلي، نزيل الحديدة هداه الله.

    فسخر كلامه وأقواله وملازمه وطلابه في نصرة الباطل وحزبه، وخذل الحق وأهله، بدون انضباط بالنصوص الشرعية، والأصول السلفية، فتناقضت أقواله واضطربت عباراته، وصار لا يعدو كلامه أحد ثلاث أمور: إما أن يقول:

    1- إن بين المتناقضين إجمالًا وتفصيلًا مع أنهما في الحقيقة ظواهر لا تحتمل التأويل، فإن سلك هذا المسلك سلك سبيل أهل البدع.

    2- إن أحدهما يحمل على أهل البدع والآخر على أهل السنة، فإذا كان في أحدهما حرمة وفي الأخرى حل فهو لطائفة دون أخرى، فنصبت نفسك مشرعًا في دين الله.

    3- إن كلامي ليس منضبطًا بنصوص الشريعة، فتناقض.


    وكان من أعظم ما أوقعه في الاضطراب والتناقض ما يدندن به على مسامع العامة والخاصة بشكه الباطل، وقوله العاطل: اتهم نفسك أن كلامك غير صحيح وما أشبه الليلة بالبارحة، بقاعدة أهل التصوف والتضليل: كلامك خطأ يحتمل الصواب، وكلامي صواب يحتمل الخطأ.

    قال شيخ الإسلام في "درء تعارض العقل والنقل" (1/181): ... فإنه ما من خبر أخبروا به ولم يعلم هو ثبوته بعقله إلا وهو يجوز أن يكون في نفس الأمر دليل يناقضه فلا يعلم شيئًا مما أخبروا به بخبرهم.

    وقال أيضًا: فبين أن تجويزهم في نفس الأمر دليل يناقض السمع ويوجب أن لا يكون في نفس الأمر دليل سمعي يعلم به مخبره، وهذا مما تبين به تناقضهم حيث أثبتوا الأدلة السمعية ثم قالوا ما يوجب إبطالها، وحيث أثبتوا الأدلة العقلية ثم قالوا: ما يوجب تناقضها. اهـ

    وإليك هذه التناقضات: وهي على الإجمال إحدى عشرة، وإلا فإن بعض التناقضات أو أغلبها إن لم تكن كلها فإنها تحوي في طياتها تناقضات أخر، وإنما جمعت بينها لاتصال الكلام وتقاربه، وبينت ذلك كما ستراه – بإذن الله – في سبرك للرسالة..............

    فإلى الرسالة............

    حمل الرسالة من الخزانة العلمية

    ...................................
    التعديل الأخير تم بواسطة خالد بن محمد الغرباني; الساعة 23-09-2010, 11:18 AM.

  • #2
    لله درك أيها الحديدي (ياسر)
    رد موفق فجزاك الله خيرا وبارك فيك

    تعليق


    • #3
      لا فوض فوك ,والله كم نتمنى أن تعرض مثل هذه الكتابات على العلماء ليروا ما فيها من بيان حق ودحض باطل كأمثال العلامه ربيع حفظه الله ومشايخ المدينه والشيخ محمد الامام والبرعي وغيرهم ,جزاك الله خيرا أخانا أباعمار وجعلك الله ناصرا للاسلام والمسلمين

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة خالد بن محمد الغرباني مشاهدة المشاركة
        لله درك أيها الحديدي (ياسر)
        رد موفق فجزاك الله خيرا وبارك فيك
        جزاك الله خيرآ أخانا علي على النقل الطيب
        نسأل الله أن يبارك في أخينا الفاضل ياسر الحديدي
        التعديل الأخير تم بواسطة خالد بن محمد الغرباني; الساعة 06-03-2009, 09:54 PM.

        تعليق


        • #5
          لله درك يا أخانا ياسر .
          جزاك الله خيرا و بارك فيك .
          و جزى الله خيرا أخانا علي خيرا .

          تعليق


          • #6
            جزا الله خيرا الأخ ياسر الحديدي

            جزا الله خيرا الأخ ياسر الحديدي ومزيداً مزيداً يا أسود السنة , فإن الله جعل لهذا الدعوة رجالاً ينصرونها , و يكشفوا شبه الخائنين بالحجة والبيان في كل زمان ومكان
            ومشاركة مع أخونا الفاضل علي مثنى جزا الله خيرا وضعت الموضوع في ورد مرة أخرى
            الملفات المرفقة
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو إبراهيم علي مثنى; الساعة 18-03-2009, 07:25 PM.

            تعليق


            • #7
              الحقائق المفصلة
              لما عند الشيخ
              محمد بن عبد الوهاب
              من التناقضات
              والعجائب المذهلة
              كتبه
              أبو عمار ياسر بن علي الشريف الحديدي
              دار الحديث بدماج حرسها الله وحفظ الله القائمين عليها

              بسم الله الرحمن الرحيم
              مقدمة
              الحمد لله الذي أنزل كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فأحكم آياته وأخبر بالحق، وشابه بينها في الإعجاز والصدق، فلا يعتريه النقص، ولا يدخله النقض.
              قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )(النساء:82). قال الشيخ السعدي: ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين، والعلم بأنه كلام الله؛ لأنه يراه يصدق بعضه بعضًا؟ ويوافق بعضه بعضًا!! فترى الحكم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع كلها متوافقة لا ينقض بعضها بعضًا، فبذلك يعلم كمال القرآن، وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور؛ فلذلك قال تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )(النساء:82). أي: فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلًا. اهـ
              والصلاة والسلام على نبينا محمد – من أكد حكم القرآن، وبينه، وزاد عليه.
              القائل كما عند الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما بسند حسن (6702): مهلاً يا قوم: بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه.
              فهما الأصلان اللذان عليهما ركائز الدين، وإليهما ترجع أصول المسلمين.
              قال الإمام الشافعي في "الرسالة" (ص182): ....، لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين أصلهما في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه بفرضه في كتابه اتباعها.
              وقال ابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/33): وأما أصول العلم فالكتاب والسنة.
              وقال أبو القاسم الجنيد كما في "الاعتصام" (1/161): ومذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.
              وقال أبو سعيد الخراز كما في "الاعتصام" (1/162): كل باطل يخالفه ظاهر فهو باطل.
              قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (19/5): وذلك أن الحق الذي لا باطل فيه هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا، ويعرف بالكتاب والسنة والإجماع.
              قال ابن القيم –رحمه الله- في (إعلام الموقعين) (2/275): وأما طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث كالشافعي والإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة وأبي يوسف والبخاري وإسحاق فعكس هذه الطريق، وهي أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويأخذون من المحكم ما يفسر لهم المتشابه ويبينه لهم، فتتفق دلالتهم مع دلالة المحكم وتوافق النصوص بعضها بعضًا ويصدق بعضها بعضًا، فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره. اهـ
              وقال ابن أبي العز في "شرح الطحاوية": ...، أي: سلم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك، والشبه، والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل، فالعقل أصل النقل، فإذا عارضه قدمنا العقل، وهذا لا يكون قط. اهـ
              فإن الذي لا يضبط أقواله بنصوص الشريعة، ولا يزن أفعاله بالكتاب والسنة، فليتهم خواطره، ولينكس معالمه، فإنه لا يعد في ديوان الرجال، لأن آفته التناقض في أقواله وأفعاله، والتخبط في أحكامه وآرائه، فلن يستقيم له نهج صحيح، بل إن دينه جعله عرضة للتحسين والتقبيح، فالناس في ذلك طرفان ووسط، فالطرفان بين التفريط والشطط والوسط، لا وكس فيها ولا شطط، فغالت المعتزلة وشطحت في جعل العقل أصلًا كليًّا أوليًّا يستغني بنفسه عن الشرع، وجمدت الأشاعرة العقل وفرطت في تجميده وذمه والقدح فيه، وتوسط أهل السنة فيه فلا يخلو عندهم من أمرين إما أن يثبته السمع ويدل عليه، وإما أن يأذن فيه ويسكت عنه، وبذلك يعلم أن السمع والعقل لا يتعارضان أبدًا.
              قال ابن القيم في "الصواعق المرسلة" (3/955): إن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتى على قواعد المسلمين المؤمنين، حقًّا، ولا على أصول أحد من أهل الملل المصدقين بحقيقة النبوة وليست هذه المعارضة بالنبوة في شيء وإنما تتأتى هذه المعارضة ممن يقر بالنبوة على قواعد الفلسفة.
              وقال أيضًا (2/457): الحجج السمعية مطابقة للمعقول، والسمع الصحيح لا ينفك عن العقل الصريح، بل هما أخوان نصيران، وصل الله بينهما وقرن أحدهما بصاحبه، واستدل بآيات كثيرة ثم قال: فالكتاب المنزل والعقل المدرك حجة على خلقه.
              وقال الشاطبي في "الاعتصام" : ... العقل إذا لم يكن متبعًا للشرع لم يبق إلا الهوى والشهوى وأنت تعلم ما في اتباع الهوى وأنه ضلال مبين. اهـ
              ولأجل ذلك ضل أهل الأهواء، وتناقضوا في الأقوال والآراء، فردوا النصوص، وعطلوا الأحكام، بشبهة التناقض والاضطراب.
              وهذا الذي دفع الإمام أحمد في الرد عليهم، وتوضيح تناقضهم في رسمه ووسمه الرد على الجهمية والزنادقة، وكان من جملة، ما وصف به المتناقضين الذين في الكتاب كانوا مضطربين.
              قال –رحمه الله- (ص170 -171): هم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويلبسون على جهال الناس، بما يتكلمون به من المتشابه.
              والنقض: عند أهله يدور على نكت الشيء. قاله ابن فارس.
              والنقيضان: هما في اللذان لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا كوجود زيد وعدمه فيستدل بوجود أحدهما على عدم الآخر وبعدمه على وجوده. [انظر تنقيح الفصول (ص97) و"القاموس المبين" (194)].
              والتناقض: هو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب، اختلافًا يلزم منه لذاته كون إحداهما صادقة، والأخرى كاذبة كقولنا: زيد إنسان، زيد ليس بإنسان. ["التعريفات" (68) و"الكليات" (305)].
              وقد ذم الله هذا الصنف وذم أصحابه لما تنطوي به سريرتهم، وتكمن حقدًا قلوبهم على الإسلام وأهله، فمن صفات هذا الصنف:
              1- الكذب والجبن: قال الله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾ (المنافقون : 8 ) فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبره استدعاه – أي: ابن سلول – فاجتهد يمينه أنه لم يقل ذلك وناقض مقولته.
              2- محاولة الزعزعة في صفوف المسلمين: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. ﴾ (آل عمران : 72 ).
              3- الحسد والحقد والكبر والغطرسة: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ )(البقرة : 89 ) .
              4- التلون والنفاق: ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(النساء : 141 ).
              وهذا من أعظم أسبابها، لأن صاحبه يقصد بذلك الخلاص بنفسه، والانتقام لشخصه في ذلك الوقت والحين، حين يتحدّر عرقه من الجبين، ولو برد الحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، فإن انعكس عليه الخبر، وتفاقم عليه الخطر، وكان من الخلاص، إثبات المنفي ونفي المثبت، لم يجد في ذلك من مناص فيعيش دهره وهو شاك في أمره، متحير في نهجه.
              قال شيخ الإسلام في (الصفدية) (1/294): ... ثم من جمع منهم بين هذه الحجج أداه الأمر إلى تكافؤ الأدلة، فيبقى في الحيرة والوقف، أو إلى التناقض وهو: أن يقول هنا قولًا ويقول هنا قولًا يناقضه.
              وقال أيضًا : بل تجد أحدهم يجمع بين النقيضين أو بين رفع النقيضين والنقيضان اللذان هم الإثبات والنفي لا يجتمعان ولا يرتفعان بل هذا يفيد صاحبه الشك والوقف فيتردد بين الاعتقادين المتناقضين وهما الإثبات والنفي، كما يتردد بين الإرادتين المتناقضتين.
              وقال في (ص295): وسبب ذلك جعل ما ليس بمعقول معقولًا، لاشتباه الأمر، ودقة المسائل وإلا فالمعقولات الصريحة لا تتناقض، والمنقولات الصحيحة لا تتناقض. اهـ
              وإنه قد ظهر في الآونة المؤخرة قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يأخذون من قول خير البرية، مما يلبسون به على الأمة المحمدية، فتعصبت لهم زمرة الأحقاد، ونشبت في قلوبهم نار الحساد، فأخضعوا أصول الشريعة لأهوائهم، وعطلوا الأحكام لنشر آرائهم، فأعقبهم الله ذلًا في الحياة الدنيا، ويخشى عليهم النكال في الدار الأخرى.
              وكان من جملة من وصفته، وحددته ورسمته: الحزبي المنحرف/ عبد الرحمن بن مرعي العدني.
              فثار بآرائه وأفكاره، بحشد جنده وأحزابه، على شيخ الدعوة السلفية، وشيخ دماج الأبية، بأصوله الفاسدة، وقواعده الكاسدة، ليفرح الحاسدين، ويناله حظًا من الكنز الثمين، لكن الله يغار على دينه وحرماته، ويفضحه بجنده وأوليائه، فكشفوا ستره، وأظهروا عورته، وأبادوا سيرته.
              ولكن كانت سنة في خلقه، جارية إلى فناء دهره أن لكل ناعقٍ روادًا ولكل مبطل أفرادًا.
              وكان من خيرة خلانه بل من صفوته وغلمانه: الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي العبدلي، نزيل الحديدة هداه الله.
              فسخر كلامه وأقواله وملازمه وطلابه في نصرة الباطل وحزبه، وخذل الحق وأهله، بدون انضباط بالنصوص الشرعية، والأصول السلفية، فتناقضت أقواله واضطربت عباراته، وصار لا يعدو كلامه أحد ثلاث أمور: إما أن يقول:
              1- إن بين المتناقضين إجمالًا وتفصيلًا مع أنهما في الحقيقة ظواهر لا تحتمل التأويل، فإن سلك هذا المسلك سلك سبيل أهل البدع.
              2- إن أحدهما يحمل على أهل البدع والآخر على أهل السنة، فإذا كان في أحدهما حرمة وفي الأخرى حل فهو لطائفة دون أخرى، فنصبت نفسك مشرعًا في دين الله.
              3- إن كلامي ليس منضبطًا بنصوص الشريعة، فتناقض.
              وكان من أعظم ما أوقعه في الاضطراب والتناقض ما يدندن به على مسامع العامة والخاصة بشكه الباطل، وقوله العاطل: اتهم نفسك أن كلامك غير صحيح وما أشبه الليلة بالبارحة، بقاعدة أهل التصوف والتضليل: كلامك خطأ يحتمل الصواب، وكلامي صواب يحتمل الخطأ.
              قال شيخ الإسلام في "درء تعارض العقل والنقل" (1/181): ... فإنه ما من خبر أخبروا به ولم يعلم هو ثبوته بعقله إلا وهو يجوز أن يكون في نفس الأمر دليل يناقضه فلا يعلم شيئًا مما أخبروا به بخبرهم.
              وقال أيضًا: فبين أن تجويزهم في نفس الأمر دليل يناقض السمع ويوجب أن لا يكون في نفس الأمر دليل سمعي يعلم به مخبره، وهذا مما تبين به تناقضهم حيث أثبتوا الأدلة السمعية ثم قالوا ما يوجب إبطالها، وحيث أثبتوا الأدلة العقلية ثم قالوا: ما يوجب تناقضها. اهـ
              وإليك هذه التناقضات: وهي على الإجمال إحدى عشرة، وإلا فإن بعض التناقضات أو أغلبها إن لم تكن كلها فإنها تحوي في طياتها تناقضات أخر، وإنما جمعت بينها لاتصال الكلام وتقاربه، وبينت ذلك كما ستراه – بإذن الله – في سبرك للرسالة.
              التناقض الأول: قال هداه الله في شريطه الموسوم بـ (أهمية الالتفاف حول العلماء) في (13/12/1428): وهذا الحديث يذكرني أيضًا بالفتنة القائمة فيما يتعلق بالكلام والقيل والقال بين الحجوري والعدني، وانتشار تلك الكلمات والدعايات، وهي من هتك الأعراض التي يتفوه بها اليوم كثير من الناس من الرجال والنساء والشباب إلا من رحم الله بنشر الأشرطة والملازم التي فيها كما سمعتم هتك لأعراض المسلمين.
              وقال أيضًا في نفس الشريط: فيخشى على الذين يتهورون في الأعراض فينتهكونها ولا يراقبون الله في حرمتها يخشى عليهم أن يكون هذا نذير بعذاب والعياذ بالله: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾(الإسراء : 16 ) وهذا القيل والقال، والغيبة والنميمة، والطعن والسب والشتم، ونشر الملازم، وهكذا الأشرطة والطعن في أعراضهم هذا من الفسوق والعياذ بالله، قال الله: ﴿فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) (الإسراء : 16 ) الآية.
              وقال أيضًا في نفس الشريط: وأيضًا أنصح الطلاب والأتباع سواء كان أتباع هذا أو ذاك بتقوى الله سبحانه وتعالى وعدم الخوض في هذه الأمور، أنصح الطلاب والعامة بعدم الخوض في هذه المسائل بأن يحفظوا دينهم... فلا ملزمة تنشر ولا شريط ينشر لا ضد هذا السني ولا ضد ذاك السني.
              أقول: وكلماته في هذا الموضوع كثيرة، وقبل ذكري لنقيض قوله من قوله: إليك كشف بعض تلبيساته:
              قال الشيخ مقبل –رحمه الله- في "الجامع الصحيح": [1]... فإني أنصح إخواني في الله أن يستعينوا بالله في كشف أحوال هؤلاء المارقين، وأولئك المنافقين وأولئك الجاهلين في مؤلفات نافعة لزمننا هذا وللأجيال القادمة. اهـ
              قال هو نفسه في هذا الشريط: ما كل واحد يطعن في الآخر ثم لا تكون عنده بينة، وليس معنى هذا أنه ممنوع الجرح والتعديل، إذا كان بحق، فالجرح إذا كان بحق وعليه بينة هذا حق.
              أقول: هذه منك حيدة ما قصدت ذكرها إلا تبعًا حتى لا يظن فيك أنك تعطل أحكام الجرح وتهدره. وإلا فإن كلامك المتقدم تضمن أصولًا فاسدة:
              الأول: اتهامك أن الملازم المنشورة، إنما هي عبارة عن دعايات وقيل وقال وغيبة ونميمة... إلخ.
              فما أدري كيف تقام البينة عندك؟!!!
              قال الإمام الشافعي في "الرسالة"فقرة[1058]: قلت: فكم أقل ما تقبل على الزنا؟ قال: أربعة. اهـ
              فبالله يا شيخ هداك الله أي حرمة أعظم، وأي ذنب أجرم؟!!!، ومع ذلك قبل في هذا الحد أربع شهود بل قال بعد ذلك:فقرة[1061-1062]
              قلت : فكم تقبل على القتل والكفر وقطع الطريق الذي تقتل به كله؟!!
              قال: شاهدين .أهـ
              فقد أوجب على ولي الأمر في إقامة الحد على أعظم ذنب عصي الله به، وهو الكفر ثم القتل بثبوت شاهدين يشهدان على ذلك. وأنت لا تقبل في رجل شهدت عليه أمة من الصالحين بإحداث فتنة في الدعوة ثم تجعل ذلك من الدعايات والأقاويل، فإن هذا يعد من تعطيل حكم شرعه الله...
              وهذا الأصل الثاني الذي وقعت فيه.
              وليس لي في هذا المقام مناقشة هذا الأصل الفاسد وإنما هي التفاتة للقارئ والسامع. وإلا فإن كلامك تضمن أيضًا أصولًا فاسدة.
              ثالثًا: رد خبر الثقات. رابعًا: تعطيل الجرح المفسر. خامسًا: البقاء على الأصل مع وجود الناقل. سادسًا: رد حجة من علم على من لم يعلم.
              إلى غير ذلك من الأصول الفاسدة المثبت عليها بصوتك وخطك، غير ما ذكر وأما نقيض قولك أو أقوالك السابقة.
              أولا: توزيعك لكلام عبيد وفيه الطعن في شعبة.
              ثانيًا : توزيعك لكلام المجهولين كالبرمكي والسلفي وغيرهما.
              ثالثًا: توزيعك لكلام عبدالرحمن العدني الذي فيه السب الشنيع والزور المهين على الشيخ، وهذا كله بعد درس العشاء في مسجد السنة.
              رابعًا: إشادتك بملازم هؤلاء –وسيأتي إن شاء الله- وقد أخبرك الأخ مطهر بذلك فقلت له: لماذا لا تمنعون أهل دماج.
              خامسًا: قال في نفس الشريط:
              وكما رأيتم حين تنكر أبو الحسن لهذه الدعوة وصار يميل إلى أصحاب البدع كيف قام عليه علماء السنة وبينوا أخطاءه، وبينوا ما وقع فيه من مخالفات، وخرجت الملازم في محلها والأشرطة في محلها بل وخرجت المجلدات.
              عجبًا لك: أملازم القوم في محلها بعيدة عن الفسوق والدعايات، وملازمنا في غير محلها متوقة بالفسوق والدعايات؟!! أهو هوى النفس أو تلذذ الانتقام.
              سادسًا: قال في محاضرته في الفيوش السبت /10/11/1429هـ: ... ودعوة أهل السنة دعوة علم إذا كتبت ملزمة لا يكون فيها تسمية فلان ولا تسمية فلان، ولا دقدقة لفلان ولا لفلان...
              وقال أيضًا: ... إلا إذا كان هذا المردود عليه من أصحاب البدع، ورأى أن من المصلحة أن يذكر اسمه أو يذكر كتابه فلا بأس، أما إذا كان المردود عليه من أهل السنة، فاحترامًا لبعضنا البعض أنه لا يذكر اسمه ولا يذكر كتابه ولا شريطه، إنما تذكر المسألة العلمية إلا إذا كان هناك مصلحة من ذكر اسمه يقدرها العالم المشرف على البحث فيذكر بالاحترام.
              وله كلام أيضًا في آخر كلمته من هذه الدندنة.
              أقول: خشي على نفسه من مطب فوقع في هاوية، في كلامه السابق منع الملازم عمومًا بدون تقييد، ولما أراد هواه أن يفتح المجال لأعداء الدعوة جعل قيودًا ظانًا من نفسه أنها لا تناقض كلامه.
              وقد تكفل برد هذه الشبه أخونا الفاضل محمد العمودي في رسالته "طليعة الردود السديدة".
              وأحب أن ألفت نظرًا آخر وهو: أن الردود على العالم السلفي في أخطائه التي انتشرت أمر متحتم في الشريعة فضلًا عن غيره، وليس هذا المقام مقامه، لكني أحيلك إلى:
              رد الشيخ ربيع على العلامة الألباني في حكم من سب الله.
              رد الشيخ ربيع على الشيخ بكر أبو زيد.
              رد العلماء خصوصًا الشيخ مقبل على العلامة الألباني في الانتخابات.
              رد الألباني على أئمة نجد وغيرهم في صلاة التراويح.
              رد حماد الأنصاري على الألباني في الذهب المحلق.
              وغير ذلك، وانظر كلامًا للشيخ ربيع في كتابيه: إزهاق أباطيل عبداللطيف باشميل، والحد الفاصل.
              وانظر إلى الذين ردوا على الإمام الشافعي، كالسمعاني وغيره، عند قوله: إن السنة لا تنسخ القرآن.
              أعجوبتان:
              سبق أن الشيخ محمداً قال: أنصح الطلاب والأتباع سواءً كان أتباع هذا أو ذاك ... عدم الخوض في هذه الأمور ... فلا ملزمة تنشر ولا شريط ينشر، لا ضدّ هذا السني ولا ضدّ ذاك السني.
              الأعجوبة الأولى:
              أخبرني معافى الحديدي حفظه الله: أن الأخ محمداً الحجري عندما زار الشيخ الوصابي، قال له الوصابي: الحجوري كذاب عنده كذبات كثيرة، فقال ذنبه محمد العزّي مؤكدًا: انظر إلى كلام عبد الله بن ربيع السلفي فقد ذكر ثلاثين كذبة، فقال الشيخ محمد: نعم نعم، اقرأ ملزمة عبد الله بن ربيع السلفي.
              قلت: عجبًا لك؟!!! تقول: إن الأتباع لا يتدخلون، ثم تشيد بملزمة هذا المجهول، وتقول أيضًا: لا ينشر شيء ضد ذاك السني، ثم أنت تنشر له ضدّ عالم من علمائها، وتقول أيضًا: إن الطالب لا يحكم ولا يرجح –كما في محاضرة الفيوش- ثم أنت تشيد بحكم هذاالمجهول، وتقول أيضًا: إن الملازم فيها فسوق ودعايات، ثم أنت تشيد بهما، وتقول أيضًا: إن المدعي لا يحكم، وهذا ادعى ثلاثين كذبة على الشيخ وحكم عليه، ثم أنت تشيد بذلك.
              الأعجوبة الثانية:
              أنك طلبت من عبيد الجابري مزيدًا من الملازم والأشرطة في نصح الشيخ يحيى –وحقيقتها طعن وسبٌّ بنحو من سبع وعشرين مطعنًا- وأنت القائل: فلا ملزمة تنشر ولا شريط ينشر لا ضدّ هذا السني ولا ضدّ ذلك السني.
              التناقض الثاني: قال في نفس الشريط : أنصح الطلاب والعامة بعدم الخوض... فليتقوا الله في مشايخ أهل السنة والجماعة، فليتقوا الله فيهم، وليعينوهم على الخير لا على الشر.
              وقال في جمعه النصائح (ص19): فيا أهل السنة علينا أن ننزل الناس منازلهم، فالعالم له مكانته، وطالب العلم له مكانته واختصاصه، والعامي له مكانته واختصاصه، والجميع نتعاون على البر والتقوى، وعلى نشر الدعوة السلفية.
              وقلت قبله: ... وربما تطاول على أهل العلم، وأنتم صامتون، وكنتم له مناصرين، فهذا أمر لا يبشر بخير أبدًا.
              أقول: قال الله تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(الحج : 46 )
              فالعجب كل العجب!!! أنه سطر هذه الكلمات في آخر المحاضرة من أول الملزمة، ثم أردفها مباشرة بمحاضرة له، وكان فيها التناقض الواضح، والزور الفاضح!!!
              قال في ( ص53) وكان في الديس الشرقية ليلة السبت /5/10/1429هـ:
              يا أخي، العالم إذا قال قولًا، وكان مصيبًا في ذلك فما هو محتاج للطالب أو العامي يعينه، إذا كان العالم يعرف صحة ما هو عليه، فما هو محتاج للطالب أن يعينه. اهـ
              ففي هذا المقال هدٌّ لأصل من أصول الشريعة، وركائزها العظام، الذي أسسه النبي – صلى الله عليه وسلم - من أول يوم بايع فيه الأنصار، فكان له الدور الأسمى والمركز الأعلى، في رفع راية الجهاد، ودحض الكفر والفساد.
              ألا وهو: التعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
              لكن الذي زاد تعجبي واندهاشي، ولا حيرة في ذلك لمن لا يضبط أقواله بنصوص الشريعة.
              أنك تفوهت بملئ فيك بنقيض ما سطرت يداك، في محاضرة شبوة، فقلت:
              وطالب العلم إذا لم يكن معينًا لشيخه على الخير يخشى أن يعاقبك الله، حتى ولو في أولادك، حتى لو كنت ما أنت متزوج يوم تتزوج، ويصير لك أولاد، تكون أنت في جهة، وأولادك في جهة، عقوبة لك، لأنك ما
              كنت ناصحًا لشيخك وإخوانك. اهـ

              تناقض ما لنا إلا الاندهاش له ونستجير بمولانا من النار

              وقلت في تاسوعا: لا خير فينا إذا لم نقبل النصيحة، ولا خير فيكم إذا لم تنصحونا، ولا خير فينا إذا لم نقبل الحق، وإذا لم نقبل النصح، ولا خير فيكم إذا لم تبذلوا النصح.
              وقلت أيضًا في شريط شبوة: ولأن تهدي للعالم السني نصيحة في موضعها أفضل عنده من جلن عسل، جلن عسل، من أجود أنواع العسل، لأن جلن عسل سيأكله وراح له مع الحمام، لكن هذه النصيحة التي قد أحبوا العلم، وأحبوا الخير، وأحبوا السنة، يقول: هذه النصيحة أنفع لي من جلن عسل حتى ولو كانت النصيحة ورقة صغيرة سطر سطر .
              أقول: لنا في كل يوم أحرفٌ ونقيض.
              وإليك نصان لعالمين ضبطا اقوالهما بنصوص الكتاب والسنة:
              قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (28/62): وكل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، إلا بالاجتماع، والتعاون، والتناصر، فالتعاون والتناصر على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم؛ ولهذا يقال: الإنسان مدني بالطبع، فإذا اجتمعوا فلابد لهم من أمور... اهـ
              وقال شيخك العلامة الوادعي رحمه الله في "إجابة السائل" (535) بعد كلام له نفيس: والنبي ن يقول: «من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار». والواجب على المسلمين جميعًا أن يتعاونوا على إزالة هذا المنكر، رب العزة يقول في كتابه الكريم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة : 2 )ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ ) (الصف : 14 ). اهـ
              التناقض الثالث: وهو أكثر ما يدندن به الشيخ محمد هداه الله، ويكثر من تكرارها في ملازمه وأشرطته، حتى حصل في كلامه خبط وتناقض، وهو أنه لا ينبغى لطالب العلم أن يتدخل ولا أن يكتب ولا أن يبين بما رآه أو علمه أو سمعه من المنكرات، بل عليه أن يسكت ويحني رأسه لمن هو فوقه.
              قال في شريطه الذي كذب فيه الشيخ يحيى حفظه الله : وأيضًا لا أنسى أوجه نصيحتي للجميع... فنصيحتي لطلاب العلم أقول لهم أنتم طلاب علم اشتغلوا بالعلم، سواء كنتم في دماج...
              اشتغلوا بالعلم يا طلاب العلم ... فنقول مسألة الدعوة ليست على كواهلكم يا طلاب العلم، ويا أيها العامة المحبون للسنة، وإنما هي على كواهل العلماء... ورحمة الله على شيخنا مقبل رحمه الله حين كان يقيم الدعوة ويقيم الدروس.
              فإن شاء الله تكون دماج كما كانت من حيث العلم والقراءة والحفظ والفهم والحفظ لا ينشغلون بالزوابع، سواء كان كمال العدني، الطالب كمال أو الطالب العمودي فمن كان، الكل يقال له قف عند حدك، أنت طالب، اعرف قدر نفسك، لست محملًا مسؤلية الدعوة والدعوة ليست على كاهلك.
              وقال في نصائح الأمة (ص52) وكان في الديس الشرقية: يا أخي هذه المسائل ليست عليك هذه المسائل على العلماء، أما أنت فأنت طالب أو عامي فاعرف قدر نفسك، تفقه في الدين وتعلم، ومن جاء يجرجرك فقل له: اتق الله.
              وقال في (ص16): فيا طلبة العلم: الجرح والتعديل من ديننا ليس لكل من هبَّ ودبَّ، إن الجرح والتعديل له رجاله وهم العلماء الأتقياء...
              وقال أيضًا (16-17): وأما الفتنة إذا كانت بين عالمين من علماء أهل السنة فلا يخوض فيها إلا علماء أهل السنة، فهم أعلم وأعرف بالمصالح والمفاسد وبمن يستحق أن يعدل أو يجرح، أما العامي وطالب العلم فلا يجوز لهم الخوض في مثل هذه الفتن فضلاً عن أن يجرحوا أو يعدلوا.
              وقال أيضًا (ص208) وكان في مسجد الخير يوم الجمعة /2/11/1429هـ: يا هؤلاء فكروا في فتنة أبي الحسن كم رجع من أناس ضاربين على رؤوسهم، عاضين على أصابعهم من الندم؟ والسبب في ذلك التعجل، والتقدم بين يدي أهل العلم... ظاهرة التقدم بين يدي أهل العلم والتجرؤ على الفتوى أعني بالفتوى قول العامي فلان على الحق، وفلان على الباطل، هذه فتوى فلان محق، وفلان مبطل، فلان كذا أو فلان كذا، هذه فتوى، التجرؤ على الفتوى ما يبشر بخير.
              وقال (ص212) في نفس المحاضرة: احفظ لسانك من قولك الشيخ فلان قال في فلان كذا وكذا، هذا راجع إلى العلماء... أما أنت فطالب أو عامي وهذا شيء لا يعنيك.
              وقال: إذا قال قائل: فلان عالم تقول: فلان عالم. قال: في فلان كذا، وفلان الثاني عالم.
              فكلامك هذا - يا شيخ محمد - وما سيأتي متضمن لقواعد فاسدة، وضوابط كاسدة:
              1- التمييع في المنهج السلفي بإطلاق العبارات في حفظ اللسان، وتحريم الغيبة والنميمة بلا تقييد ولا ضابط.!!!
              2- الدعوة إلى التقليد، ونسأل الله تيسيرًا في بيانها.
              3- الموازنة والمضادة بين قول فلان، وفلان، بدعوى أن كلاهما عالم.
              4- عدم تغيير المنكر لمن علمه، أو سمعه، أو شاهده، حتى يأذن من أشار إليهم الشيخ محمد لسائر الناس، أن ينطقوا به، فبعد ذلك لهم أن ينطقوا.
              5- انحصار التغيير على الكبار دون الصغار، وأن الجرح والتعديل خاص بالعلماء دون غيرهم،و لو كان في حدود ما يعلم.
              6- التفريق بين الإنكار لأخطاء أهل السنة، وأهل البدعة، بأن الأول إنكاره خاص بالعلماء دون غيرهم.
              وهذا النهج المحدث، والأصل المبتدع جديد على الدعوة السلفية، لم يكن معروفًا من قبل ولا من بعد، وما عرف هذا إلا عند المتصوفة، الذين يعظمون مشايخهم فوق قدرهم، ويحنون لهم رءوسهم، ويطبطبون على أكتافهم، ويغمِّزون أيديهم وأرجلهم.
              وأما دعوة أهل السنة والجماعة، فإنها قائمة على التكاتف والتعاون، والتآخي والتناصر، كما سبق من كلام ابن تيمية والوادعي رحمهما الله.
              بل ومن أعظم ما أصله أيضًا في هذه المسألة، ما ذكره في شريط تاسوعا: قال: ما نحب الشوشرة ولا نحب الطعون في الأعراض، وفلان وفلان و فلان، لأن الإنسان ما يسلم، كل واحد له عيوب، وما يسلم، فإذا طعنت في عرض أخيك لا تأمن أن يطعن في عرضك فما نحب أن نطعن في أحد من إخواننا أهل السنة والجماعة حتى لو كان عنده شيء من التقصير... ما نحب أن نكون دائمًا مدقدقين وراء الناس.
              سبحان الله!! قاعدة إخوانية بنَّائية!!
              (اسكت عني أسكت عنك) (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه) فإن هذا فيه تعطيل إنكار المنكر الذي عند الآخرين، على حساب ستر عيوبنا، فنذبح شريعة الله في ستر عيوبنا، والتمالؤ بيننا على عدم الإنكار ولو بعد النصح.
              ثم وقفت بعد ذلك بفضل الله على كلام للعلامة النجمي في "الفتاوى الجلية" (ص20):
              قال السائل: ما رأيكم فيمن يقول لا ينبغي للعلماء أن يرد بعضهم على بعض في هذا الوقت، لأن هذا يقوي شوكة الأعداء ويشق الصف؟
              الجواب: هذا قول باطل، وادعاء ممقوت، يقصد به تعطيل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ويقصد به إلغاء بيان الحق، والأصل في هذا أن حسن البنا غفر الله لنا وله، قال: إن المسلمين جميعًا كلهم مسلمون ملتهم واحدة وقرآنهم واحد، ونبيهم واحد، إذا فلا تفريق ومن أجل ذلك كان يجمع بين السلفي والصوفي... ويقول: (كلهم مسلمون) وهذا بناءًا منه القاعدة التي قعدها حيث يقول: نتعاون فيما اتفقنا، قاعدة باطلة، قد رد عليها العلماء وبينوا ما فيها من خلل.
              وإليك بعض ما يناقض أقوالك السابقة:
              1- سبق قولك: يا هؤلاء فكّروا في فتنة أبي الحسن... حيث قلت: ظاهرة التقدم بين يدي أهل العلم، والتجرؤ على الفتوى، أعني بالفتوى: قول العامي فلان على الحق، وفلان على الباطل...
              وقلت فيما سبق: احفظ لسانك من قولك: الشيخ فلان قال في فلان: كذا.
              فهذا مناقض لقولك في نفس الملزمة (ص16): أما الكلام في أهل البدع والأهواء فهذا مسلم به بين أهل السنة والجماعة، فالعامي المستبصر يحذر، وكذا طالب العلم يحذر، فهم ينقلون كلام أهل العلم في أهل الأهواء بدون زيادة ولا مجازفة...
              سبحان الملهم للصواب. ما أسرع نقضك للفتوى والأحكام.
              قلت في شريط تاسوعا أيضًا: الذين يقلدون من وقع في الطعون، هل تقليدك لمن وقع الطعون ينفعك عند الله؟! تقول: أنا طعنت في أعراض الناس، لأن فلان كان يطعن في أعراضهم. هل هذا ينفعك عند الله؟! اهـ
              2- وقد سبق أيضًا: أن الدعوة ليست على كواهل الطلاب... إلخ. وقلت أيضًا: ومسؤولية الدعوة ليست على كواهلكم، وقلت: فإن شاء الله تكون دماج كما كانت. اهـ
              وقبل إخبارك أن دماج ما زالت كما كانت من كلام مؤسسها، سأورد تناقضك:
              قلت في شريط شبوة وجوب التمسك بالكتاب والسنة: في نصحك للطلاب:
              لأن تهدي للعالم السني نصيحة في موضعها أفضل عنده من جلن عسل... ثم قلت: حتى لو كانت النصيحة ورقة سطر سطر، لكن ما شاء الله في محله بآية أو حديث... إنسان يحمل الدليل يبرز أمام العالم وأمام العلماء وأمام الشيوخ وأمام طلبة العلم... فتحاول أن تفضح المنافق وتعين المؤمن...
              وقلت أيضًا: إن شاء الله تكونوا حراس العقيدة، أفضحوا المنافقين، الصحابة رضي الله عنهم، فضحوا المنافقين، فأنتم كونوا على نهج الصحابة، المنافق الذي يبث الخلاف والنزاعات والشقاقات، والخصومات... ثم قلت: قصدي أنتم يا طلبة العلم، كونوا أقوياء في دين الله، لا تجبنوا، أنصحوا هزوا الشخص حتى يعرف أن كلامه هذا ممجوج ما أحد يقبله إلا السذج... كونوا أقوياء جزاكم الله خيرًا حتى يعرف هؤلاء أن أمامهم رجال من طلبة العلم، ما سيسكتون على باطلهم...
              والله إن هذه كافية في نقض تناقضك الثاني والثالث، بل والأول أيضًا بل ونقض قولك هنا، وهو أن الجرح والتعديل له رجاله وهم العلماء.
              وقولك أيضًا: أن الفتنة إذا كانت بين عالمين من علماء أهل السنة فلا يخوض فيها إلا علماء أهل السنة ... أما العامي وطالب العلم فلا يجوز لهم الخوض ... فضلاً أن يجرحوا أو يعدلوا.
              فقولك: أن لطالب العلم الرد على المبطل والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتحمل الدعوة السلفية، والتحذير من المخالفين من أهل البدع وغيرهم.
              وكذلك قولك في "جمع النصائح": أما إنكم تنقادون خلف كل ناعق بأدنى الأفكار والحيل، وربما تطاول على أهل العلم وأنتم صامتون وكنتم له مناصرين، فهذا أمر لا يبشر بخير.
              أقول: فهذه كافية في نقض أقوالك السابقة واللاحقة.
              وانظر إلى كلام من أردت منا أن نسير على سيره، فتلك شكاة ظاهر عنك عارها.
              فدماج هي هي في طلب العلم والإقبال عليه،والرد على أهل الأهواء من الطلابوغيرهم
              قال الشيخ مقبل –رحمه الله- في "إجابة السائل" (ص396): اكتبوا يا طلبة العلم، وبينوا ضرر هذه القوانين وأنها غزت بلاد المسلمين.
              وقال أيضًا (ص397): وأنا أناشد طلبة العلم أن يبينوا المفاسد الموجودة في المجتمع، فإن استطاعوا أن يبينوها بأنفسهم، ويبرزوا أنفسهم على صفحات الكتاب حتى ولو هرب إلى أمريكا ، وإن كان يمكن أن يلحقوه، ويغتالوه، فأنت شهيد يا أخي:(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
              وقال أيضًا في "قمع المعاند" (ص590): ... العاطل عن العمل هو الذي لا يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعمل، أما طالب العلم فهو بحمد الله في خدمة الدين والإسلام. اهـ
              ومن تناقضك أيضًا – يا شيخ محمد - في هذه المسألة التي قلت فيها: - إن الدعوة ليست على كواهل الطلاب وليست مسؤوليتهم، وأن الجرح للعلماء الأتقياء، وهم رجاله- .
              تقريضك لشعر أبي رواحة الملئ بالجرح والتعديل!! وهو طالب كما عرفت، حيث قلت: لقد قرأ علي الأخ الفاضل، والمدافع عن الحق وأهله، وعن السنة وعن أهلها، الأخ السلفي أبو رواحة عبدالله بن عيسى بن أبكر الموري من ديوانه القيم: النهر العريض في الذب عن أهل السنة بالقريض، فألفيته ديوانًا قيمًا يستحق أن يطبع وأن ينشر بين المسلمين. اهـ
              وتقريظك - أيضًا – لكتاب "إعلام الأجيال بكلام الإمام الوادعي في الفرق والكتب والرجال" لأخينا سليم الخوخي وإخواننا بالخوخة، وهم طلبة علم نقلوا كلام إمام فيما تضمنه الكتاب المذكور من الجرح.
              وقلت أيضًا في جمع النصائح (ص27) وكانت في الديس: ... إذا كان خيرًا فقله تكلم به لا تسكت، لأنك إذا سكت عن الخير أحرمت نفسك من خير عظيم، فمن ذلك... والأمر بالمعروف والنهي، والدعوة إلى الله.اهـ
              سبحان الله على اضطراب وتعارض.
              قال الشيخ ربيع حفظه الله في "أئمة الجرح والتعديل" (9):
              فإن الرد على أهل البدع، وجرحهم، والتحذير منهم، أصل الإسلام، إذ هو من أهم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أهم أبواب النصيحة للإسلام والمسلمين.
              وقال ابن عبدالبر في "التمهيد" (23/150) بعد ذكره لهذا الحديث: إن عبدالله بن عباس، وأبا سلمة اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليالٍ، فقال أبو سلمة: إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت. وقال ابن عباس: آخر الأجلين. فجاء أبو هريرة فقال: أنا مع ابن أخي. - يعني: أبا سلمة - فبعثوا كريبًا مولى عبدالله بن عباس إلى أم سلمة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم - يسألها عن ذلك، فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليالٍ، فذكرت ذلك لرسول الله ن فقال: «قد حللت فانكحي من شئت».
              في هذا الحديث دليل على جلالة أبي سلمة وأنه كان يفتي مع الصحابة.
              وفيه دليل على أن العلماء لم يزالوا يتناظرون، ولم يزل منهم الكبير لا يرتفع على الصغير، ولا يمنعون الصغير إذا علم ان ينطق بما علم ورب صغير في السن كبير في علمه، والله يمن على من يشاء بحكمته ورحمته.اهـ
              التناقض الرابع: قال الشيخ محمد هداه الله: لما تقول: نحن أعلم شابهت المبتدعة في إدخال البدع، فإذا نصحوا قالوا: بأن فلان ما يفهم أو ما يعرف، أو ردوا نصيحة العلماء بأي أسلوب، يا أخي في الوقت هذا من كان في دماج أو في عدن أو في مكة أو في البيضاء أو في بعدان، أصبح الآن المجتمع كقرية واحدة، أمور الأخبار طارت شرقًا وغربًا، وهواتف عند بايعي البصل جوالات عند بايعي البصل، المسألة ما صارت صعبة، وهذا له أصحاب وهذا له أصحاب وهذا يأتيه بالأخبار، وهذا يأتيه بالأخبار، فهذه الشبهة ما تنطلي على العلماء، أن تقول: نحن أعلم، كيف العلماء ما يفهمون، يعني الأخبار تصل إليهم إلى حد التواتر، تأتيهم لا من شخص ولا من اثنين، ولا من ثلاثة، ولا من أربعة، ولا من خمسة ولا من ستة، ولكن إلى حد التواتر، فصار كأنه في موضع الفتنة معايش لها فما أصبحت غريبة عليه لا من قريب ولا من بعيد، بس هو كيف ترد النصائح، يقال: نحن أخبر هذا ما هو ما هي حجة. اهـ
              تضمن هذا التأصيل الفاسد هدًا لبعض أصول الشريعة الموقن ثبوتها عند أهل السنة والجماعة.
              وقد تكفل بالرد على هذه الشبهة أخونا سعيد دعاس حفظه الله في رسالته النافعة الموسومة بـ (ثبوت قاعدة من علم حجة على من لم يعلم في كل زمان ومكان، وبيان تمويه الشيخ محمد بن عبدالوهاب هداه الله) تحت رعاية فضيلة الوالد العلامة يحيى الحجوري، وإليك بعض كلامه:
              قال في (ص1): فإن من الثوابت الشرعية والأصول السلفية أن من علم حجة على من لم يعلم وهي قاعدة ينطوي تحتها من القواعد أن الجرح المفسر مقدم على التعديل، وأن المثبت مقدم على النافي، وأن أهل البلد أدرى بما فيه وأهل مكة أدرى بشعابها، وأن بلدي الرجل مقدم على غيره، ونحو ذلك من القواعد. اهـ
              وقال أيضًا بعد نقله لكلام الشيخ محمد المسبوق آنفًا: فتضمن هذا الكلام أن القائل بأن من علم مقدم على من لم يعلم شبهة، والشبهة: ما يشبه الحق في الظاهر وليس هو في الواقع حقًّا كما قال مضمون ذلك الطوفي.
              وهذا من الغرائب وتقليب الحقائق أن يصير الحق الواضح شبهة والشبهة حقًّا... إلخ كلامه وبين فساد كلامه من أوجه متعددة.
              قلت: وياليت شعري أن حصل الاعتبار، والعفو والاستغفار، وتراجع وأناب وأصلح وتاب، لكن هواه سيطر عليه، فأغواه فنقض كلامه السابق بأصل فاسد لاحق.
              فقال: في (ص56) محاضرة الديس: ... فانصرف عنها لأنها لا تعنيك مثلًا: فلان حزبي وإلا ما هو حزبي، يا أخي فلان هذا ما هو عندك، ولا هو شيخك، ولا أنت في بلاده، ولا هو في بلادك، مثل هذا انصرف عنه، وانصرف عن هذه القضية إلى غيرها، لأنك ما أنت فيها، هذه القضية لا بأس أن يسأل عنها شخص هو من بلاد فلان هذا أما إنسان لا أنت في بلاده، ولا هو في بلادك ما لك منه، حزبي ما هو حزبي هذا شيء ما يخصك، لست أنت من أهله، بعض الناس يحشر نفسه في أمور ولو كان ما هو من أهلها، فهذا النوع من الناس في جهل في عمى في تخبط. اهـ
              فيا عجبًا لك يا شيخ محمد...!!! تنشئ أصولًا فاسدة لتفسد بها أصولًا ثابتة فما هي إلا فترة وجيزة إلا وتنشئ أصولًا فاسدة أخرى مناقضة للأولى.
              فإني أقولها لك وبكل صراحة: لعلك ما تدري ماذا يخرج من رأسك.
              فإن الناظر في أحوالك، والمتأمل في عباراتك، والجامع بين أقوالك، يرى تناقضًا ظاهرًا وتحايلًا ماكرًا، واضطرابًا حائرًا.
              تقرر الأصل اليوم ثم تنقضه غدًا وكأني بك في حال فتواك، تنظر إلى حال من زعمت أنهم متعصبون فتنقض أقوالهم وتهد أركانهم، وإن كنت بذلك تخالف الأصل الشرعي، والحكم السلفي، فإذا طال بك الأمد وانقضى عهد بعد عهد، ورأيت أن تنقض إثبات السابق وتثبت نقيضه في اللاحق اتبعت الهوى فأرداك الغوى.
              فعطلت حكمًا في الدين، لنصرة شخص مهين أو شفاء حقد دفين أو لترفع قومًا ساقطين، وتضع زمرة صالحين، لكن الله يأبى إلا أن يفضح المبطلين ويظهر تناقض الكاذبين.
              ولقد دحض الشبهة وكشف الفرية، في رد تأصيلاتك الجديدة أخونا أبو حمزة محمد العمودي حفظه الله، فكان من ضمن ما قاله أنه قال: وهذه من قواعد الشيخ محمد هداه الله وتأصيلاته الجديدة....
              فمن الأدلة على إبطال هذه الأدلة ما يلي.... اهـ
              وليست هذه الوريقات محلًا لرد التأصيلات ولكن لمحات و نظرات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
              أضحوكة:
              قال الشيخ محمد (52) محاضرة الديس: قال: حدد موقفك، قل له: الله المستعان، إذا أنت عامي فقل له: موقفي عامي، إذا أنت طالب فقل له: أنا طالب هذا موقفي، قال: لا، حدد موقفك من الأمر الفلاني، فقل له: هذا على أهل العلم.
              وقال أيضًا: هذا الكلام حدد موقفك، ما يقوله إلا إنسان مهزوز شاك في أمره ... فلان حزيي والا ما هو حزبي ... هذا شيء ما يخصك لست من أهله، بعض الناس يحشر نفسه في أمور ولوكان ما هو من أهلها ... يا أخي اشتغل في ما ينفعك ... أنت طالب أو عامي اشتغل في ما ينفعك.
              وقال (ص211- 212): شيء ما يعنيك من حسن إسلامك ومن حسن إيمانك أنك تتركه، شيء للعلماء دعه للعلماء، شيء للتجار دعه للتجار.
              أقول: استمع إلى كلامك المسجل بصوتك، في "شريط السنة رحمة والحزبية نقمة" لتنظر أي الكلامين أصوب؟
              قلت: ... وانظر بفضل الله حتى العوام حتى العوام صاروا متبصرين، يقولون: إيش حصلنا من هذه الأحزاب، عامي يقول: ما حصلنا منها، ما عمرت لنا، أيش جابت لنا... والعامي لا تظنون أنه خلاص ما يفهم شيء، العامي عنده إحساس ماهو بسيط ... فالعامي لما يتفطن ويعرف الجماعات، هذا سني وهذا حزبي وهذا كذا وهذا كذا، وهذا يدعوا الناس لا يدعوهم إلى حزبية ولا إلى دنيا، يدعوهم قال الله قال الرسول.
              التناقض الخامس:
              دعوته لأهل السنة والجماعة إلى التحاكم عند أهل الرفض والتصوف تحت شعار أننا في دولة إسلامية، وحقيقة الأمر ما هو أخفى من ذلك، وهو نصر ابني مرعي، والبغي والعدوان على يحيي الحجوري.
              قال الشيخ محمد هداه الله في شريط خطبة جمعة وسماه: "نصيحة للمسؤلين" قال في آخرها: نصيحة أخيرة للمسؤولين، نقول: الظلم ظلمات يوم القيامة، ولا شك أن هؤلاء قد ظلمونا لكن نخشى أن يكون عقوبة من الله لنا.
              فتشوا المحاكم، فتشوا الدوائر، وفتشوا الأعمال والمرافق العامة، انظروا!! هل هناك مظالم؟ هل هناك من يشكو من سنين من خصمه؟! لم ينصف له، لم يجد من ينصره، لم يجد من يحكم بالحق، الرشاوي فعلت أفاعيل!! فلا بد على المسؤولين أن يتفطنوا لمثل هذه المسائل، أن الأمور إذا سيبت وتركت بدون انتباه تجمعت الفتن هنا وهناك، فلابد من مراقبة على جميع المكاتب، والوظائف، والمحاكم، والدوائر، لا رشوة: «لعن الله الراشي والمرتشي» لعنه، واللعن معناه: الطرد من رحمة الله.
              انظر إلى كلامك: ما أعذبه؟!!! وما أحلاه؟!!!
              لما كان قصدك نصرة الدين، لا الدفاع عن نفسك وعن المختانين، كنت من الصادقين الناصحين.
              قال الشيخ ربيع في "التنكيل" (ص44): فالذب عن الدين مقدم على الدفاع عن النفس عند الصادقين.
              وانظر إلى كلام شيخك العلامة، وخلقه ونهجه، قال رحمه الله في "رياض الجنة" (ص44): أما المخرفون فلا تسأل عن غيظهم، وما أكثر الدعايات التي بثوها بين القبائل عند خروج الكتاب، فتارة يقولون: يسب علي بن أبي طالب، وأخرى يسب أهل البيت، وتبلغني تلك الدعايات الكاذبة، وأقول: سيزول إن شاء الله بعد شهر أو شهرين، لأني والله يعلم ما ألفت هذه الرسائل للمراء والجدل، ولكن ألفتها لبيان الحق، وما يضرني بعد هذا أن يقولوا: إنني كذاب: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ) (القمر : 26 ) ولا يضرني أن يقولوا: إنني مدفوع من قبل الوهابية... إلى أن قال:
              وقد رد المخرفون على هذه الرسائل:
              الرد الأول: يتكون من سبع صفحات سباب وشتام، وعند أن قرأتها أقسمت بالله ألا أرد عليها، لأنها تتعلق بشخصيتي، وأنا بحمد الله لا أدافع إلا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. اهـ
              لكن؛ أيها الشيخ - هداك الله- لما امتلأ قلبك حقدًا على خليفة الشيخ مقبل رحمه الله، وأردت نصر الأعداء عليه، نقضت قولك الحق بكلام هزيل باطل.
              فقلت في شريط أهمية الالتفاف حول العلماء، المؤرخ في (13/12/1428هـ):
              وقبل أن أسوق نصك:
              تأكيد: أردت بذلك ذكر واقعتين وقعتا في تلك السنة، تأكد كلامك الأول وتنقض هذا الآخر:
              الواقعة الأولى: وكانت في شهر محرم من سنة (1428هـ) حيث جرى بيننا وبين قوم خصومة فذهب والدي وكنت معه إلى الشيخ محمد يستشيره في الذهاب إلى النيابة.
              فقال له الشيخ: وأنا أسمع، لا يا أبا ياسر أهل السنة لا يذهبون إلى المحاكم، تصبر وننظر في الأمر إن شاء الله.
              الواقعة الثانية: وكانت في شهر محرم أو صفر من نفس السنة، حيث كسف القمر في إحدى الليالي فصليت عند الشيخ في مسجده، وكان من الذين حضروا الوالد محمد المهدلي، وبعد نهاية الصلاة... جلس الشيخ محمد على الكرسي، وتذاكر معنا أسباب إهلاك العباد والبلاد، وكان من ضمن كلامه أنه حذر من الظلم، وقال الظالم عليه أن يتقي الله فالله يمهل ولا يهمل.
              والمظلوم عليه أن يصبر ولا ننصحه أن يذهب إلى المحاكم لأن المحاكم فيه رشوات وفيها...
              فأنت تضيع مالك، وتحرق نفسك، وذلك أنك إذا أدخلته السجن دفع مالاً وخرج أمامك يمشي فننصحك...
              وأما الآن فإليك نقيض قولك في المصدر المذكور آنفًا:
              قلت: ... أهل السنة ليسوا بخوارج ما هم خارجين عن الدولة، والدولة تعتبر أب للجميع، وأم للجميع، فإذا لم تنحل المسألة على أيدي أهل العلم، فتعتبر الدولة والمحكمة الشرعية أم للجميع وأب للجميع.
              وقلت: فالذي لا يحتكم إلى أهل العلم إلى الكتاب والسنة سواء كان شيخ أو كان طالب، أو داعي أو كان عامي، الذي لا يحتكم إلى أهل السنة فالدولة أم للجميع وأب للجميع.
              وقال: والحمد لله الذي لا يحتكم للعلماء فيه محاكم... نحن في بلد شرعي، في بلد إسلامي...
              الذي ما يحتكم للعلماء من الطلاب، من العوام، ولو كان حتى من العلماء أيضًا ومن الدعاة ومن...
              الذي ما يحتكم للعلماء فهناك الحمد لله دولة، هناك محاكم شرعية، يأتي بالبينة، فإن أتى بها وإلا يصدر الحكم من المحكمة الشرعية ببراءة المتهم، فإن عاد المدعي إلى الإدعاء يوضع في السجن...اهـ
              سبحان الله!! اللهم سلم! اللهم سلم!!.
              أين كلامك هذا من ذاك، بل أين كلامك هذا من قولك العظيم في تكفير رجل من عصاة المسلمين بغير حق كما أثبته تراجعك، فأيهما أعظم جرمًا، وأكثر إثمًا، وأحق سجنًا، وجلدًا، ومع ذلك كنت فيها مدعيًا وحاكمًا، كما سيأتي بيانه في التناقض العاشر إن شاء الله.
              ولم تكتف بذلك حتى اتهمت علماء الملة، ورجال الدعوة بالجاسوسية والخيانة.
              وحسبي في هذا المقام أن أفضح تلبيسه، وأهد تزويره في ترويج سلعته الفاسدة، وبضاعته الكاسدة، بكلام الإمام العلامة المجدد مقبل بن هادي الوادعي.
              الذي ادعى زورًا وتلبيسًا في شريط المحاكمة أنه لو كان حيًا لآزره وأقره.
              حيث قال:
              فهذا الكلام أنا أقوله وأنا متأكد أنه قول جميع علماء أهل السنة والجماعة، ولو كان الشيخ مقبل رحمة الله عليه حيًّا لما وسعه إلا أن يقول كما أقول نفس الكلام، لو كان حيًّا - لو كان الشيخ مقبل حيًّا- لو سمع كلامي هذا ما وسعه إلا أن يقول كما قلت، والحمد لله كم من مواقف أتكلم وهو موجود وإذا به يوافق رحمة الله عليه، وجزاه الله خيرًا، وهذا من حسن ظني بالمشايخ ومن حسن ظن المشايخ بنا. اهـ
              فإليك حسن ظن شيخك بك ومؤازرته وموافقته – حتى لا تلبس على الآخرين - :

              قال الشيخ مقبل رحمه الله في "السيوف الباترة" (ص288):
              ... إن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )(البقرة : 188 ).
              وفي الحقيقة القضاة لا خير فيهم، قطع قلوبهم الطمع، وأصبحوا مستحلين أموال القبائل، وأنتم معشر القبائل لا خير فيكم، كثير منكم يفتح الشجار مع صاحبه، من أجل أن يخسره، ولا ترضون بحكم الله، فابتلاكم الله بالقضاة الذين لا يبالون بكم ولا بالإسلام.
              وقال (ص289): أولئك القضاة الذين لا خير فيهم ولا يهتمون بأمر المسلمين.
              هل أباح لك الشرع أيها القاضي الجاني على الإسلام أن تأخذ من الخصمين عشرة آلاف أو خمسة آلاف... أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه». ويقول: «إن دماءكم وأموالكم...» إلخ ما استدل به.

              وقال (ص290): أما أنتم أيها القضاة فتوسعون القضية التي هي أضيق من ثقب الإبرة وربما لقنتم الخصم كيف يقول.

              وكان يقال: لو أنصف الناس لاستراح القاضي، والآن نقول: لو أنصف الناس ما استراح القاضي، لأنه ما يستريح إلا بكثرة المتخاصمين عنده وبكثرة القضايا حتى يصير له في اليوم طيافة أو طيافتان، ولقد أحسن العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رحمه الله إذ يقول:

              وعرج على حكام شرع أحمــــد وقل لهم حتَّم بالشرع تسخروا
              تحايلتم أكل الرشا فكأنكـــم يدار عليكم في المواقف سكــــر
              وساجلتم عمالكم في ضلالهــم وقلتم: لنا رزق لديهم مقـــــرر
              إذا لم نساعدهم على هفواتهــم جفونا وأقصرنا وللرزق قــتروا
              وإن خضتم في قصة كان همكم تطاف محلات الشجار وتنظــــر
              وتأخذ منكم أجرة ثم بعـــدها نواعدكم حتى تملوا وتضجــروا
              وقال آخر:
              أقول لعصبة بالفقه صالــــت وقالت: ما خلا ذا العلم باطل
              أجل لا علم يوصلكم ســـواء إلى مال اليتيم والأرامـــــــل
              أراكم تقلبون الحكم قلــــــبًا إذا صب زيت في القـــــنادل
              (صب الزيت في القناديل كناية عن الرشوة)

              وقال أيضًا رحمه الله: إن هؤلاء القضاة أصبحوا عارًا على الشريعة وخزيًا على العلم... إننا كنا نرى أفعالهم قبيحة ونسكت خشية أن يبدلوا بمن هو شر منهم... إما بضابط يحكمون بالقوانين الوضعية، وأما قضاة آخرون لا يهمهم أمر المسلمين... والآن نقول لهم النجدة برجال صالحين يزجرون القبائل المتخاصمين على خصومات ليست بشيء، أو يزجرون المبطل منهم، وعزل هؤلاء القضاة حتى تسير العباد والبلاد والله المستعان.
              وأختم هذا الجواب بقول من قال:
              قضاة زماننا أضحوا لصوصًا عمومًا في البرية لا خصوصًـــا
              أباحوا أكل أموال اليتامـــى كأنهم رأوا في ذا نصـــــــوصًا
              ولو أمروا بقسمة ألف ثـوب لما أعطوا لعريان قميصـــــــا
              ولو عند التحية صافحـــونا لسلوا من أصابعنا الفصوصــا
              فدعني يا أخــــي من أناس يبيعوا دينهم بيعًا رخيصًـــــــا

              وله كلام آخر نفيس في نفس المرجع (ص35-39).
              وقد ألف شيخنا العلامة يحيى الجحوري كتابًا ماتعًا، وسفرًا جامعًا، وسمه بـ(النصيحة المحتومة لقضاة السوء وعلماء الحكومة).
              وذكر الأضرار الناتجة عن ذلك، وما يؤول إليه الأمر، الذي لا يحمد عقباه، إذا حصلت الممالأة والتطويل، وذكر أيضًا التحذير من التحاكم بالقوانين الوضعية الطاغوتية، إلى غير ذلك من النفائس، وكان من جملة نصائحه
              أنه قال (ص168): اتقوا الله أيها القضاة من الممالأة مع شهود الزور وبايعي الذمم الذين يقفون لأصحاب القضايا عند المحاكم فمن عرفوه صاحب قضية قالوا: هل تريد شاهدًا؟ هل تريد شاهدًا؟! يجب عليكم أن تنكروا هذا المنكر. اهـ
              التناقض السادس: قال الشيخ محمد في محاضرة للديس الشرقية (5/10/1429هـ) وهو في جمعه النصائح (ص53): ... الله معك الله الأجل الكبير الأكبر العظيم الأعظم الحق الذي قلته، إذا أنت صادق مع الله، ومحق ومخلص...، كان النبي من الأنبياء يقف أمام أمة وحده، ويتحداهم من أولهم إلى آخرهم عن بكرة أبيهم بالحق، والله معه، والله ناصره.
              قال الشيخ محمد في شريط (دعوة أهل السنة رحمة، والحزبية نقمة)، بعد كلام له نفيس في ذم الحزبية وأهلها والحذر منهم ومن الدنيا، - وسأذكره إن شاء الله في التناقض التالي- قال:
              ... فيا معشر أهل السنة، أنا بفضل الله ما أبالي ولو أبقى وحدي، لا أبالي لو أتغدى بالخبز الناشف، المهم أنا على السنة، والله نعمة عظيمة أن من الله علينا بالسنة، السنة لذة، السنة أحلى من العسل، السنة أبرد من الثلج، السنة مباركة، السنة فوز وفلاح، تروح الدنيا لا ردها الله وتبقى معي سنة حبيبي محمد عليه الصلاة والسلام... فلا تبالي بهذه الدنيا أثبت على الحق... إلخ كلامه ذلك الجميل.
              أقول: والذي نفسي بيده ما إن سمعت كلامك هذا – بذاك الصوت الجهوري – إلا ودمعت عيناي على ما أراه الآن من حالك، فما سرعان ما هدمت سنة بعد شدة، ركنًا بعد قوة، فأسأل الله بعزته وجلاله أن يهديك ويلهمك رشدك، ويعيدك إلى الحق.
              انظر إلى كلامك اللاحق كيف نقضت به الأول، ونسخت به السابق على حساب من!!! لا حول ولا قوة إلا بالله.
              فقد قلت في شريط "وجوب التمسك" ... محاضرة لأهل شبوة: والذي يقول: لو أبقى وحدي كلامه هذا ليس بصحيح كلام ما هو صحيح!!! مع وجود أهل الحق ( ) كلامه كلام من لا يبالي بالاجتماع ولا يعبأ به.
              هذا الكلام يقال إذا لم يوجد، إذا لم يوجد أهل السنة وأهل التوحيد وأهل عقيدة صافية، صح تقول: لو أبقى وحدي ولا أجتمع مع أهل الضلالات والأهواء لكن وجود من يدعو إلى الكتاب والسنة، ويدعو إلى العقيدة الصافية النقية هذا الكلام في غير محله، هذا كلام من لا يهتم بجمع كلمة المسلمين، ومن لا يبالي بالنصوص الآمرة بالاجتماع لا، لا تقول هذا ولكن قولوا: لا أرض أن أكون وحدي مع أنه يوجد في الأرض من هو على التوحيد وعلى الكتاب وعلى السنة، فوحدك أنت معنى فريسة للشيطان، فريسة لأهل الباطل....
              قف معي يا أبا إبرهيم هنيأة!!
              لنقارن بين كلامك السابق واللاحق، والأول والآخر، لننظر هل كان زمانهما واحدًا؟!أم مختلفا؟!
              وهل الدواعي متوفرة، والموانع منفية في كلامك الأول دون الآخر؟!! أم هو تحكم وهوى؟!
              أولا: أقول لك: إن الزمان واحد بين الكلامين، والجيل واحد، والعهد واحد، لأن المتكلم واحد، فشتان أن يفترق الزمانان.
              ثانيًا: ذكرت في كلامك اللاحق أن هذه الكلمة لا ينبغي أن تقال إلا بانتفاء أمور :
              1- عدم وجود أهل السنة والجماعة.
              أليس هذا لازمًا لك أيضًا، بل إن كلامك الأول كان في ذروة علماء الملة وحماة الدين: كالألباني وابن باز والوادعي وابن عثيمين وغيرهم، فأيهما كان أحق بالمنع أنت أم غيرك؟!!
              2- ذكرت أن هذه المقولة سببٌ في عدم اهتمام قائلها، بجمع كلمة المسلمين، مع وجود أهل الحق.
              هذا وإن كان مندرجًا في الأول، لكن ذكرته لأنه لازم لك من باب أولى، لأنه كلما كثرت الفتن ازدادت الغربة، واشتد البلاء وكثر الشر، فكان حري بك أن تقول هذه المقولة عند ذلك.
              3- ذكرت أن صاحب هذ المقولة – مع وجود أهل الحق – أنه فريسة للشيطان ولأهل الباطل.
              عجبًا لك: تأمن على نفسك مالا تأمنه على غيرك، ألا ذكرت نفسك بهذا في كلامك الأول، أم أنت معصوم وغيرك لا، بل إن الناظر في حالك، يرى أن التمييع في دعوتك دخل عليك عند كلمتك(( )).
              4- ذكرت أن هذه المقولة لا تكون إلا عند انتفاء أهل الحق ووجود أهل الباطل.
              وإليك ما يؤيد كلامك السابق ويدعمه؟! وينقض كلامك اللاحق ويهدمه؟! من الكتاب والسنة ونهج سلف الأمة، وهي عبارة عن لفتة وإلماحة:
              قال الله سبحانه: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)_ قال ابن كثير: الأمة: الإمام الذي يقتدى به.
              وهكذا السنة، فكم من نبي يكون وحده ولا يتبعه أحد، وبعضهم لا يتبعه إلا القليل، كما في حديث ابن عباس في "الصحيحين"، ومع ذلك هم يسيرون الدعوة فكيف تقول: إن الدعوة لا يسيرها واحد.
              وانظر إلى أبي بكر الصديق، فقد خالفته الأمة في مسائل عدة، وهم خيرة الناس وعلماء الأمة، ولم يثنه ذلك في الرجوع بل رجعوا إلى قوله، وآل الأمر إلى فهمه، فكيف تقول: (لو أبقى وحدي... كلام ما هو صحيح مع وجود أهل الحق، كلامه كلام من لا يبالي بالاجتماع ولا يعبأ به... هذا الكلام في غير محله، هذا كلام من لا يهتم بجمع كلمة المسلمين، ومن لا يبالي بالنصوص الآمرة بالاجتماع...)
              سبحان الله!!! انظر إلى مخالفة الأمة لأبي بكر رضي الله عنه وهو وحده، وهم جماعة وهو أعلم الناس، بوجوب الاجتماع ونبذ الفرقة، وهذه بعضها:
              المسألة الأولى: في قتال أهل الردة.
              قال ابن حزم في أحكام الأحكام (5/86): ... وقد خالف جميع الصحابة رضي الله عنهم أبا بكر في حرب الردة، فكانوا في حين خلافهم مخطئين كلهم، فكان هو وحده المصيب. اهـ
              المسألة الثانية: في قتال مانعي الزكاة.
              قال أبو الطاهر في الفرق بين الفرق (ص21): ثم اختلفوا بعد ذلك في مانعي وجوب الزكاة، ثم اتفقوا على رأي أبي بكر في وجوب قتالهم. اهـ
              وما أحسن كلمته الصادعة بالحق، المنبئة عن الثبات بعد أن قال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله...». قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. وقال: والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ن لقاتلتهم على منعها وقد قال ابن المديني كما في "السير" (11/96): أعز الله الدين بالصديق يوم الردة وبأحمد يوم المحنة.
              أليس أبوبكر انفرد بهذا الرأي وحده مع وجود أكابر الصحابة ن.
              فكيف تقول: لو أبقى وحدي ... يقال: إذا لم يوجد أهل السنة وأهل التوحيد... صح تقول: لو أبقى وحدي، ولا أجتمع مع أهل الضلالات. اهـ
              إن هذا الكلام دعوة إلى التقليد، واتباع الأكثرية في حق أو باطل وهذا ليس مأخوذًا من دين رب العالمين، بل هو شبيه بتصويتات الغربيين.
              قال ابن حزم في إحكام الأحكام (5/86): وذلك أن الواحد إذا خالف الجمهور إلى حق فهو محمود ممدوح، والشذوذ مذموم بإجماع.اهـ
              وبقيت بعض المسائل انظرها في المصادر المذكورة.
              وهكذا الإمام أحمد ألم يكن أمة وحده؟!! خذله جميع من في الأرض، - في رده على من قال: القرآن مخلوق- مع وجود كبار علماء أهل السنة والجماعة، كابن المديني وابن معين، والذهلي، وأبي حاتم وغيرهم، فكيف تقيد أن الرجل لا يتفرد عن الجماعة إلى إذا وجد أهل الضلالات فقط، بل الصواب أنه لا ينفرد عن الجماعة وإلا باطل، لا إلى حق، سواء وجد أهل السنة، أو لم يوجدوا لأن الجماعة هي اتباع الحق لا اتباع الكثرة.
              قال ابن القيم في "الفروسية" (ص ): إن القول الشاذ هو الذي ليس مع قائله، دليل كتاب ولا سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فهذا هو القول الشاذ، ولو كان عليه جمهور أهل الأرض، وأما قول ما دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فليس بشاذ ولو ذهب إليه الواحد من الأمة، فإن كثرة القائلين وقلتهم ليس بمعيار وميزان للحق يعتبر به ويوزن به...
              وانظر إلى ما قيل في الإمام أحمد.
              قال ابن راهويه كما في "السير" (17/196): ولولا أحمد وبدل نفسه لذهب الإسلام يريد المحنة.
              وقيل لأبي مسهر الغساني: تعرف من يحفظ على الأمة أمر دينها؟! قال: شاب في ناحية المشرق، يعني: أحمد. انظر (السير) (17/ 195).
              قلت: قال شاب، ولم يقل جماعة، هذا مع وجودهم لا انعدامهم فالعبرة متى وجد الحق، وأين وجد فالزمه.
              قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" (8/488): ولو انفرد الرجل في بعض الأمصار والأعصار بحق جاء به الرسول، ولم تنصره الناس عليه، فإن الله معه وله نصيب من قوله:(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة : 40 ). فإن نصر الرسول هو نصر دينه الذي جاء حيث كان، ومتى كان، ومن وافقه فهو صاحبه عليه في المعنى، فإذا قام به ذلك الصاحب كما أمر الله، فإن الله مع ما

              جاء به الرسول، ومع ذلك القائم به، وهذا المتبع له حسبه الله، وهو حسب الرسول كما قال تعالى: (حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (الأنفال : 64 ). اهـ
              قال الشيخ ربيع حفظه الله: ... والحجة هي المقدمة، وأحيانًا تقدم الحجة ولو خالفها أهل الأرض، ملئ الأرض خالفه، والحجة معه، فالحق معه، والجماعة من كان على الحق ولو كان وحده...
              إيقاظ: هذا الإيقاظ هو تناقض أيضًا لكنه تناقض مشترك أي: قول وفعل.
              قال في شريط السنة رحمة والحزبية نقمة: انظروا إلى الشيخ مقبل – جزاه الله خيرًا – لو كان دخل في الحزبيات كانوا أغدقوا عليه بالأموال لكن ثابت ما بالا بأموالهم ، حتى لو بقي في بيت من طين، ينصر سنة رسول الله، نصره الله، كذلك عندنا مسجد السنة في الحديدة، لو كنا في الحزبيات حوالي الآن قريب من عشرين سنة، لو دخلنا في الحزبيات كانوا بلطوه مرمر من داخل ومن خارج بالمرمر، لكن لما نحن ندعو إلى الكتاب والسنة شكله تقول: كأنه أجرب لكن ما نبالي إذا كان الرسول وهو الرسول يقول على مسجده: ابنوه عريشًا كعريش موسى ثمامة وخشيبات والأمر أعجل من ذلك، لو كنا تحزبنا كانوا بنوه من الخارج بالحجر المنجور ومن داخل بالمرمر لكن الحمد لله، نحن والله مرتاحون بالسنة والله وإن لم نأكل، وإن جعنا وإن عطشنا، ونحن على السنة، يا رب لك الحمد طريقة النبي. اهـ
              اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
              أتدري أيها القارئ! لماذا ذكرت هذا الدعاء؟!!
              لأن الشيخ محمد حكم على نفسه بنفسه!!! فإن مسجده الآن مبلط بالمرمر والسراميك الفاخر، بل حتى الحمامات والطريق المؤدي إليها، ليس فحسب بل إن أبواب المسجد وشبابيكه كلها من الألمنيوم، ليس فحسب بل إن مسجده مكيف بالمكيفات المركزية، بل وصل الزهد به أنه جيء إليه بفرش خاص للمسجد يوضع فوق السراميك فحبسه أشهرًا مغلفًا في قراطيسه يبحث عن خبير في التفريش؟ فجيء برجل حليق مبنطل فأذن له في ذلك.
              أقول: يا عباد الله، أهل السنة لا ينتقدون هذه الأمور على إطلاقها ويحزبون بها.
              لكني ذكرت هذا الكلام لأنه هو الذي حكم به على نفسه!!
              التناقض السابع:
              إن الله عز وجل عندما بعث محمدًا – صلى الله عليه وسلم - ميز دعوته ونهجه عن سائر الدعوات والمناهج وأمر الأمة أن يسيروا على ذلك، قال سبحانه: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (يوسف : 108 ) وقال الله عز وجل : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام : 68 )
              وعلى هذا درج السلف الصالح رضوان الله عليهم في تمييز دعوتهم، عن دعوة الآخرين واجتنابهم، والبعد عنهم، والتحذير ممن خالفهم.
              فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول في القدرية كما رواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان من "صحيحه": ... إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء وإنهم براء مني...
              وابن عباس رضي الله عنهما يقول: لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة.
              وهذا أبو قلابة يقول كما في "الإبانة" (1/135):
              لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما تعرفون.
              وقال ابن عون: من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع. "الإبانة" (1/157).
              وقال يحيى بن أبي كثير: إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر. "الإبانة" (1/157).
              إلى غير ذلك من الأقوال المتواترة، والأدلة المتكاثرة في نهج سلف الأمة، وطريقة معاملتهم مع أهل الأهواء.
              وقد بسط ذلك الإمام ابن بطة في "الإبانة"، والشاطبي في "الاعتصام"، والآجري في "الشريعة" وغيرهم رحمهم الله تعالى.
              وهكذا استمرت دعوة أهل السنة والجماعة في التميز والصفاء والنقاء، حتى جاء زمن الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، فأحيا هذه السنة، وميز هذه الدعوة بأفعاله وأقواله.
              قالت أم عبدالله الوادعية في "نبذة مختصرة" (ص61):
              يحذر من الحزبية المقيتة والبدع النتنة ومجالسة أهلها، فيقول رحمه الله:
              إن التعاون مع أهل البدع هو الذي ميع الدعوة، وهو الذي جعل أفغانستان مجزرة المسلمين بسبب أنهم كانوا خليطًا، فهذا حزبي وهذا صوفي، وهذا إخواني، فلابد من تمييز، وابتعاد عن كل مبتدع، فالذي ننصح به هو الابتعاد عنهم، فهم من ذوي الزيغ، كما قال أبوقلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما تعرفون.
              ثم قال: وقد رأيت أن الذي يقصم ظهور المبتدعة أمرين: الأمر الأول: الجرح والتعديل. الأمر الثاني: التميز. أي: الانفصال عنهم فلا يجالسون، ولا يحضر محاضراتهم. اهـ
              وكان تسجيل هذه الفائدة والنصيحة يوم الجمعة (5/3/1420هـ).
              وقد أخبرني الأخ شكيب عن الشيخ ربيع - حفظه الله - لما زاره في رمضان سنة (1423هـ) أنه قال: - وكانوا في بيته – قال لهم: سئل الشيخ مقبل رحمه الله وهو على هذا الكرسي فقيل له: كيف انتشرت دعوتكم؟ قال: بالتميز. وهكذا أخبرني الأخ أحمد السامدي.
              وهكذا سار طلابه من بعده، ينافحون عن الدين، ويجانبون المبتدعة والحزبيين، وكان ممن يسير على هذا السير في حياته تلميذه وطالبه الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي حيث قال: في شريط "دعوة أهل السنة رحمة والحزبية نقمة":
              دعوة أهل السنة... دعوة مباركة، دعوة من رأوه معرضًا تركوه، ونصحوه، أبى تركوه، من رأوه متكبرًا عن الحق تركوه: ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ) (الذاريات : 54 ) ، وقال سبحانه: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) النجم : 29-30 ) وقال سبحانه: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام : 68 ).
              مجلس وفيه سخرية بالسنة... ما قال: لا، اجلس وخليك شوكة في حلوقهم، ما قال هذا خليك قذا في أعينهم لا، الدين ما هو بالرأي قال: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا)... أي: طعنًا وغمزًا... فأعرض عنه اتركه: (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى _بعد أن تَذْكر وتَذَّكر أنك غلطان: ( فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )(الأنعام : 68 )
              انصرف حتى ولو قالوا: انسحب فشل خاف خواف ذليل، ما تبالي أنت يجب عليك أن تتبع الكتاب والسنة.
              أذكر شخصًا من أهل العلم ومن أهل السنة – جزاه الله خيرًا – كان ينصح آخر عن بعض الحزبيات والمخالفات، وإذا بذاك كأنه مقتنع على الحزبية، هذا الشيخ السني قام، قام ساكت ولا كلام، ما طوَّل النقاش، ولا طول الجدال لا، ولا طوال قام، أنا موجود والله سبب لذاك ارتباك وفشل، - لذاك صاحب البدعة – ومع أنه ما تكلم رآه مقتنع انسحب طوال، وكأنه يطبق هذه الآية، رآه مقتنع بالحزبية فانسحب ما كان من ذلك إلا أن اضطرب وارتبك وفشل وارتبش، اجلس اجلس يا شيخ... سكته ولا كلمة...
              وقال: انتبهوا، لا قبل ألف، لا قبل، أبى قبول الحق لا رده الله، عاند يعاند نفسه، ما عاندك أنت، هو ما ضرك أنت.
              من رحمة الله بنا أنه لم يكلفنا هداية الناس، وإنما كلفنا ابلاغهم ودعوتهم...
              وقال: أوصي إخواني في الله من أهل السنة والجماعة أن يشتغلوا في طلب العلم والدعوة إلى الله، وأن يتركوا الحزبية جانبًا، لا يلقون لهم بالًا، سيأتي في الوقت الذي إما أن يعودوا إلى صوابهم، وإما أن يعرفوا للعامة أنهم ليسوا على شيء وأنهم أهل مصالح... اهـ
              يا له من كلام!! يخرج من منبع السلفية، ومنهجها الصافي – آه آه – ما الذي جعل الشيخ محمد ينقض مثل هذا الكلام النفيس والمنهج الصافي؟!!!
              ويا ليته كان على الدوام، حتى يأتيك على ذاك الختام.
              لكنك نقضت غزلك أنكاثًا من بعد قوة، بأقوالك وأفعالك، وميعت دعوتك السلفية في أرضك وبين طلابك.
              فإنك في الآونة الأخيرة أصبحت تجالس الحزبيين، وتحاضر في مساجدهم وتتردد من الزيارة عليهم حينًا بعد حين، ولست في موضع سرد لذلك، ولكني أشير إلى شيء من ذلك.
              فمن ذلك أقوال وأفعال:
              أما الأقوال: ففي محاضرة الفيوش المؤرخة في (10/11/1429هـ) قلت: دعوة أهل السنة... دعوة كريمة، دعوة محترمة... وفيها التحذير من البدع برفق، والتحذير من المعاصي برفق، والتحذير من التحزبات برفق.اهـ
              عجبًا لهذا التأصيل الباطل، البدع التي تعتبر شرعًا في الدين، والمعاصي التي تنتهك بها حرمات رب العالمين، والحزبيات التي تعتبر من طواغيت هذا الزمان، تحذر الناس منها برفق، يا ليتك قلت: نحن ننصح المبتدع أو العاصي أو...، برفق مع أن الإطلاق فيه نظر، النبي ص يقول: (إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله) ويقول الله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ _وعائشة رضي الله عنها تقول: ما كان النبي ص ينتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها. أليس من المعاصي اللواط والزنا وشرب الخمر... وقتل النفس، وعقوق الوالدين، فتحذر الناس منها برفق، أليس من البدع الموالد وشد الرحال للقبور، والصوفية والخوارج والجهمية، نحذر منها برفق، أليس من الحزبيات الديمقراطية والانتخابات، والبرلمانات، والناصرية والشيوعية، والاشتراكية، نحذر منها برفق.
              أعد أعد نظرًا في منهجك وطريقتك؟!!
              وأما الأفعال: فإنك حاضرت في سنتك هذه والتي قبلها عند الجهاديين، وكبار الإخوان المسلمين، الطاعنين في الدعوة السلفية، أمثال:
              1- حسن بن صغير يغنم خطيب مسجد أسامة، وهو من كبار رجال الإصلاح ومدرائهم، وهو رجل كبير في السن، شاعر مخزن.
              2- حسن بن صالح المحويتي، رجل حزبي إخواني أيضًا كبير في السن مخزن، صاحب شيشة ومداعة، نصحه أبي على تركهما، فقال: إني قد ابتليت به، ولا أستطيع تركهما. فقال له: كيف تنصح الناس بترك المعاصي؟ ! فسكت!!
              3- ماجد كنباش، شاب جهادي مادي ذو فكر إخواني.... إلى غير ذلك مما هو كثير جدًّا.
              وقد أبان العوار، وكشف الستار في ذلك، أخونا الفاضل معافى الحديدي حفظه الله في رسالة مستقلة، أعانه الله على إكمالها.
              فما هذا التناقض والاضطراب، والتغيير والتبديل(( ))، فنعوذ بالله من فجاءة نقمته، وتحول عافيته، وجميع سخطه.
              أتدري ما هو الداء الذي أصابك حتى أخرجك عن الجادة التي كنت عليها قبل؟!!!
              أولا: الذي أهلكت بسببه الأمم السابقة، وأردىالأمم اللاحقة، فدب في الفؤاد فنخره، حتى استقر في القلب فقبره، فنقضت منهجك من أجل أشخاص، فنسألك يا رب الخلاص والإخلاص.
              ثانيًا: ما سطره الشيخ مقبل رحمه الله في كتابه "تحفة المجيب" (ص151): لا تشغلوا أنفسكم بمناظرة الحزبيين، فهم لا يريدون إلا إدخال الشبهات عليكم، فعليكم بالابتعاد عنهم ولا تجادلوهم.
              وقال أيضًا: إن التعاون مع أهل البدع هو الذي ميع الدعوة... كما سبق، وقد سبق أيضًا من أقوال السلف في هذا الأمر!!.
              التناقض الثامن: التلبيس والكذب: يقول الله سبحانه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (التوبة : 119 ) . ويقول: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (آل عمران : 71 ) ويقول سبحانه: (فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (آل عمران : 61 ).
              والنبي – صلى الله عليه وسلم - يقول: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة... وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابًا). أخرجاه في "الصحيحين" عن ابن مسعود - رضي الله عنه- ومعلوم أن التلبيس والكذب من صفات الكافرين والمنافقين وأهل الأهواء والبدع كما ذكر الله ذلك عنهم في غير ما آية من كتابه، سواء في المائدة أو المنافقون، أو التوبة... والأصل في ذلك حديث عمران عند أبي داود بسند صحيح، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من سمع بالدجال فلينأ عنه ما استطاع؛ فإن الرجل يأتي إليه، فوالله إنه ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات).
              وقد حذر سلف الأمة من هاتين الصفتين وجعلوهما من صفات أهل البدع.
              قال ابن عون عن إبرهيم – "الإبانة" (1/143) قال: لا تجالس بني فلان، فإنهم كذابون.
              وقال عبدالله الرومي – "الإبانة" (1/142): جاء رجل إلى أنس بن مالك، وأنا عنده فقال: يا أبا حمزة، لقيت قومًا يكذبون بالشفاعة، وبعذاب القبر فقال: أولئك الكذابون فلا تجالسوهم.
              وقال الإمام أحمد – رحمه الله - "الإبانة" (1/155): عندما كتب إليه رجل يستأذنه فيه أن يضع كتابًا يشرح فيه الرد على أهل البدع، وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم، ويحتج عليهم فكتب إليه أبو عبدالله، بسم الله الرحمن الرحيم... الذي كنا نسمع وأدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون، فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم.
              وقال العلامة الوادعي –رحمه الله- في "غارة الأشرطة" (1/15): هذه الحزبيات مبنية على الكذب والخداع والتلبيس، وقلب الحقائق فالواجب على أهل العلم أن يكشفوا عوارها.
              وقال في "قمع المعاند" (ص20): دعوا الكذب للحزبيين، فإن الحزبية مبنية على الكذب، وعلى الغش فلا أظن حزبيًّا تتحقق فيه الحزبية إلا وهو يكذب.
              وقد ذكر المعلمي في كتابه "التنكيل" (1/27-29): بعض الموانع التي تمنع الشخص من الكذب منها – بمعناه -:
              التدين والخوف من رب العالمين الذي بيده ملكوت الدنيا والآخرة، قال سبحانه: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) _
              وقال أبوبكر الصديق –رضي الله عنه-: (الكذب مجانب الإيمان) صححه الألباني.
              قال المعلمي: فأما قولهم حل الكذب في مصلحة الدين، فلا يكون إلا من أجهل الناس وأشدهم غفلة؛ لأن خطر الكذب مطلقًا هو من أظهر الأحكام الشرعية. اهـ
              ومنها: خوف الضرر الدنيوي: فكم من صاحب تجارة أو صناعة يخشى أن يلبس أو يغش أو يكذب في حرفته فلا يثق الناس به.
              ومنها: الخوف على الشرف: وذلك ظاهر في قصة أبي سفيان مع هرقل، عندما قال هرقل لأصحاب أبي سفيان: لو كذبني كذبوه. فقال: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت.
              قال المعلمي في "التنكيل" (1/30): فمن تدبر أحوال القوم بان له أنه ليس العجب ممن تحرز عن الكذب منهم طول عمره وإنما العجب ممن اجترأ على الكذب. اهـ
              قلت: والأسباب الداعية إلى الكذب والموانع المانعة منه كثيرة لكن العجب فيمن ينقض كلامه بإنكار أو تناسي أو نفي المقولة عنه.
              وأعظم أسباب ذلك:
              1- خوف العار والفضيحة في الدنيا والسقوط من أعين الناس فيزداد في عناده وكبريائه، وما قصة المتلاعنين عنا ببعيدة.
              2- النفاق وهو من أبرز علاماتهم، كما أخبر بذلك النبي ن في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه : «علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب...».
              3- الكبرة والغطرسة، وعدم الاعتراف، والرجوع إلى الحق، والتوبة والإنابة، وهذا شاهد في اليهود الذين كانوا يستفتحون على المؤمنين بالنبي ص فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به كبرًا وغطرسة.
              وكذلك الذين دعاهم النبي ص للمباهلة، وأيضًا قصة اليهود مع ابن سلام .
              والعجب كل العجب بمن ينسب نفسه إلى الصلاح والدين، فإذا وقع في هذه الأمور واستبانت له الحقيقة، وشهد عليه العدول، سول له الشيطان أن ينقض قوله بتكذيب الآخرين، بحجة ما سولت له نفسه، أن ذلك من التورية، والرجوع عن ذلك الكلام، والعدول عنه، كما كان يدندن به بعض الناس أصلحهم الله.
              قال المعلمي في "التنكيل" (1/29): وكان المهلب بن أبي صفرة في محاربته الأزارقة يعمل بما رخص فيه للمحارب من التورية الموهمة، فعاب الناس عليه ذلك حتى قيل فيه:

              أنت الفتــــى كل الفتى لو كنت تصدق ما قول

              وياليت أهل زماننا انحصروا على هذا فحسب، وإن كان لا ينبغي، لكنهم تجرؤوا على العصيان والكذب والبهتان.
              فتجد الواحد منهم يتوارى عن الناس بكلامه ويستخفي بسره عن علانيته مع بعض الأصحاب، والخلان والأحباب، فإذا أظهروا خطابه ونقلوا الكلام وجوابه قام يحتال بذكائه، المفصول عن زكائه، إما بإنكار أو اندهاش أو تكذيب الصادقين، وأغفل قلبه عن قول رب العالمين: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب : 58 )
              وأعظم من هذا الصنف فرية وأشد منه إثمًا من جمع بين كبيرتين وحمل نفسه فريتين:
              فترى الواحد منهم يُسِرُّ لخلانه برمي الصالحين بالفجور والإفك والزور، فإذا نقلت عنه هذه الأمور رماهم بالكذب والزور والبهتان والفجور، فافترى على الأولين، وكذب الآخرين، ونال حظه من قول رب العالمين: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )(النساء : 112 ).
              قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" [28/14):
              وليس لأحد من المعلمين أن يعتدي على الآخر، ولا يؤذيه بقول ولا فعل بغير حق، فإن الله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب : 58 ) وليس لأحد أن يعاقب أحدًا على غير ظلم ولا تعدي ولا تضييع حق؛ بل لأجل هواه، فإن هذا من الظلم الذي حرمه الله ورسوله. اهـ
              وقد اتصف بهذه الخصال وجميع هذه الخلال، ما سأسطره على من نحن في صدده، لنقف على بعض خبره، وإليك بعض الأمثال لا على سبيل الحصر وإنما على سبيل الاعتبار، وهي على قسمين:
              قسم فيه الانكار والتكذيب وقسم فيه الافتراء والتكذيب.
              أما القسم الأول فهذه بعض أموره:
              الأولى: في فتنة أبي الحسن قال الشيخ محمد هداه الله لشيخنا يحيى حفظه الله – ما معناه -: أنا واقف معك، وقال: لو أن المصلحة على رأس كلب، للعقها أبو الحسن. فلما نقل ذلك شيخنا يحيى، قال الشيخ محمد: أنا ما أذكر.
              وليس من المحظور أن ينسى العبد فإنها نقيصة لا تنفك عن أحد من البشر. لكن المحظورات أن تستند إلى هذه الكلمة التكذيب، من نقل عنك ولو كان من أتقى الناس، كما ستراه إن شاء الله، وكأنك غفلت عن منهج السلف في ذلك، وأقرب مرجع في ذلك: " تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي".
              الثانية: في حين اجتماعك مع المشايخ في معبر في سنة (1428هـ) اتصلت بالشيخ يحيى حفظه الله وكان من الكلام الذي دار بينكم أنك قلت له: ... أنا ضدك والمشايخ.
              فلما اجتمعتم في دماج في نفس السنة، قال الشيخ يحيى للمشايخ: أأنتم ضدي؟!! قالوا: لا. قال الشيخ يحيى: إن الشيخ محمد أخبرني بهذا. فقال الشيخ محمد كعادته!! ما أذكر. فسبحان الله؟!
              الثالثة، وهي أهمها: وفي ذلك الاجتماع الذي كان في دماج سنة (1428هـ) وكان بحضور المشايخ وكان معهم الشيخ جميل الصلوي حفظه الله.
              فقال الشيخ محمد: إذا حاضر الدويش عندي فلا تستغربوا...
              فنقل ذلك شيخنا في درسه العام، فلما وصل الخبر إلى الوصابي قام بحيلتين:
              الحيلة الأولى: أخرج شريطًا في (13/12/1428هـ) يخبر فيه أن الدعوة متميزة وذكر فيه الدويش تعمدًا، فلماذا خصصته بالذكر!! ولم لم ترد مباشرة على الشيخ يحيى حفظه الله وقد سبق كلامك في (ص22) الحاشية، فانظره لزامًا.
              الحيلة الثانية: أنك تحينت فرصة، فما إن أتيحت لك الفرصة إلا رميته بأنه كذاب وغفلت عن وقفة بين يدي الله يوم القيامة، لأن همك كان رفع الذنب عن نفسك ولو ألصقته بالآخرين( ).
              أما كان يجدر بك أن تقبل خبر الثقة وإن كنت ناسيًا كما كنت تزعم في غيرها فكيف إذا كان المخبر عالمًا وسانده شيخ آخر، وهو الشيخ جميل كما نقل نصه في الشريط الذي بين فيه الشيخ يحيى حفظه الله كذبك وتحريشك، فرددت خبر شيخين تقيين فيما نحسبهما والله حسيبهما.
              وقد سئل العلامة النجمي كما في "الفتاوى الجلية" الجزء الثاني (ص32):
              س5: فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله... ما رأيكم في قول بعض الشباب أنا لا أقبل قول أي أحد أن فلانًا من الناس مبتدع أو حزبي إلا إذا كنت سمعت منه شخصيًّا( ).
              ج5: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
              وبعد: يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيْبُوْا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِيْنَ﴾ (الحجرات:6). ومقتضى هذا الأمر، أنه يجب التبين في خبر الفاسق. أما خبر العدل فإنه يؤخذ به، فكيف إذا كان المخبرون جماعة، ومن خيرة المجتمع، وأعلاه وأفضله، علمًا وعدالة، فإنه يجب ويتحتم الأخذ به، ومن رده فإنما يرده لهوى في نفسه، لذلك فهو مدان ويعتبر حزبيًا بهذا الرد، فهو يلحق بهم، ويعد منهم، وبالله التوفيق.
              الرابعة: قصة الأخ أسامة الحديدي وأخبرني بها معافى عنه، وكان قد حصل بينه وبين عمه الأول خصومة، فقال له الشيخ محمد، لأنصرنك على عمك فلما حضر عمه قال الشيخ محمد للأخ أسامة: ألا تتأدب مع عمك ألا تحترم عمك.
              فقال أسامة للشيخ: أما قلت لي أنك ستنصرني؟!! فقال الشيخ: ما أذكر.
              فقال له أسامة: ستذكر يوم القيامة.
              الخامسة: ولي معه من ذلك أمور سأذكرمنها واحدة لأنها تخص الدعوة وهي معلومة لدى المشايخ.
              عندما اجتمع المشايخ في دماج مع عبد الرحمن العدني، وكان قد طُلِبَ منه أن يتكلم بعد صلاة الظهر ويعتذر مما حصل منه، فبينما نحن ننتظر ذلك، إذ صعد الشيخ محمد الوصابي بدلًا عنه.
              فلما أُخرج عبدالرحمن من هنا، ذهبت إلى الشيخ الوصابي فأخبرته فقال: لمه؟ فقلت: لأنه قد حصل بينكم اتفاق على أن يعتذر عبد الرحمن مما حصل منه، فلم يعتذر، قال: أنا ما أدري هم أدرى، فعدت عليه المقولة. فعاد عليَّ مقولته الأولى.
              وأما القسم الثاني: فكان مما ابتلى به الشيخ محمد هداه الله سوء الظن بعلماء السنة، ودعاتها وطلابها، فكان بين الفينة والأخرى، يرميهم باتهامات فاجرة، ومصائب جائرة، وكان من أعظم ما رماهم به، أنهم جواسيس، ويا ليته تاب وأناب وأقر واستغفر، بل اتخذ التلبيس له شعارًا، والتورية دثارًا.
              وكان من جملة الذين رماهم:
              1- إمام الجرح والتعديل، وحامل راية فضح المبطلين الوالد ربيع بن هادي المدخلي نقل شيخنا يحيى حفظه الله، في نصحه للشيخ محمد، قائلًا: أنت أحق بالمحاكمة يا شيخ محمد فقد رميت الشيخ ربيع والشيخ الفوزان أنهم جواسيس مداسيس...
              هل أنكر الشيخ محمد ذلك أم أقره؟!!
              اتخذ طريقة ملتوية في ذلك وهو ثناءه عليهم، وطلب النصح منهم، وتكذيب الشيخ يحيى في أمور أخر، والحق فيها مع الشيخ حفظه الله، لينتزع ثقة الناس به - في نقله هذا وفي غيره -، ولكن هيهات له هيهات.
              فانظر معي إلى نفيه ونكرانه، ثم إقراره واعترافه، ليظهر التناقض والاضطراب وينجلي الحق والصواب.
              أخبرني الأخ الفاضل أبو بلال مرتضى العدني حفظه الله، قال: كنت عند الشيخ محمد في بداية الفتنة، فقلت له: يا شيخ، هؤلاء ينقلون عنك أنك قلت في الشيخ ربيع: أنه جاسوس وفي بعض المشايخ!!
              فقال: قل لهم، تثبتوا تثبتوا.
              فقلت له: لكن منهم من هو مستعد أن يباهلك يا شيخ...؟!
              فقال: هذا غير صحيح، هذا غير صحيح. اهـ
              انظر!! كيف نقض كلامه!!
              افترى على رجل من علماء الدين، بأنه من الجواسيس الخائنين، فلما شاع الخبر، وتفاقم الخطر، قام بتكذيب الناقلين، لكن الله يأبى إلا فضيحة الكاذبين.
              ومما يؤكد لك أخي القاري ذلك.
              أنه في سنة (1428 هـ) دخل معتمرًا، فمر على الشيخ ربيع واعتذر منه على ما تفوه به لسانه، حتى الشيخ ربيع استعظم هذه الكلمة، وقال: كبيرة كبيرة يقول عني: جاسوس وقد أخبرني بذلك الأخوة الذين كانوا عنده.
              2- رميه للشيخ السلفيِ، والداعية السني أبي عبدالسلام حسن بن قاسم الريمي بالجاسوسية أيضًا.
              قال الشيخ يحيى لأبي عبد السلام حفظهما الله: بعد أن ذكر له رمي الشيخ محمد لعدد من المشايخ بالجاسوسية، قال له: وأنت كذلك والمشايخ يعلمون ذلك. أخبرني بذلك محمد السوري حفظه الله.
              لكن ماذا كان من الشيخ؟!!
              ذلك الإزورار، والخديعة والانجرار.
              ذهب إليه الشيخ أبوعبدالسلام بعد صلاة الفجر - كما أخبرني هو بنفسه - فقال له: هناك كلام يا شيخ محمد أخشى أنه يزعجك؟!
              يذكرون أنك قلت عني: أني جاسوس.
              فقال له: من قال لك هذا؟ قال له: الغرباني ينقل عن إخوة في دماج.
              فقال: يا أخانا أبا عبد السلام تعلم أنه في زمن الفتن يكثر الكذب والأقاويل... وأنت أرفع من ذلك.
              فاعجب يا أخي إلى هذا الرجل!! كيف ينتقل من معصية إلى أخرى؟!! فيعيش بين التلبيس والكذب والتكذيب، فمعلوم يا شيخ محمد أنه ما من رجل عندكم يرفع الله ذكره و يظهر خيره إلا وحاولتم في إسقاطه ومحو آثاره، وكان ممن ابتلى بكم، وشددتم عليه وطأتكم أنت واتباعك الفرغ، الشيخ الفاضل الذي ما استطعت أن تكتب ككتابته، ولا ترد كردوده، أبو عبدالسلام حسن بن قاسم الريمي.
              الذي قال فيه العلامة الوادعي رحمه الله كما في مقدمته لكتاب الشيخ حسن بعنوان (الأدلة الشرعية...)
              قال: حقًّا لقد نصرت أيها الباحث السنة، وكشفت عوار الحزبيين الملبسين على المجتمع الإسلامي، فحق لنا أن نتمثل بقول الشاعر:
              ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ويأتيك بالأخبار من لم تزود

              أنا متأكد أن عند الإخوان المسلمين من البلاء أكثر مما قد ظهر، فحسبنا الله ونعم الوكيل، ونسأل الله أن يبارك لنا في أخينا الفاضل الشيخ حسن بن قاسم، وأن يجزيه عن هذه الصراحة خيرًا، ويعيذنا وإياه من كيد الإخوان المسلمين الحاقدين، على أهل السنة، إنه جواد كريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اهـ
              وهذه بعض الأمثلة ذكرتها للاعتبار وليس على سبيل الحصر والاقتصار، وإلا فإنه قد رمى بهذه الفرية أناسًا آخرين من العلماء، والطلاب وسائر المسلمين، بغير برهان ولا ورع. فنسأل الله أن يستر عوراتنا وأن يحفظ ألسنتنا.
              التناقض التاسع: قد علم من النصوص القرآنية، والشريعة النبوية، أصل أصيل لا يترك من أجل صغير أو كبير وهو إنكار المنكر وتغييره لمن علمه أو رآه أو سمعه، مع تحقق أنه منكر، أو غلب على ظنه ذلك، ويشترط أن لا يؤدي إلى منكر أنكر أو مساو.
              ومن أزال منكرًا بأنكرا كغاسل الحيض ببول أغبرا
              وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد عند الإمام أحمد: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق لمنكر رآه أوسمعه».
              ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: «ومن أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس».
              وعند الإمام مسلم من حديث أبي سعيد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده...».
              فهذه نكرة في سياق الموصول أو الشرط تقتضي العموم، في المغيِّر والمغيَّر، والأدلة في ذلك كثيرة جدًّا.
              وعلى هذا درج الأئمة، وأقيمت الدعوة، وحفظ الدين، وفضح الله المبطلين.
              ثم إنها خلفت خلوف قعدوا قواعد فاسدة، وأصلوا أصولًا كاسدة، فدعوا الناس إليها، وجدوا في دعوتهم إليها، وكان لهم النصيب الأكبر في النهي عن المعروف والأمر بالمنكر.
              وكان إمامهم الأعظم، ورئيسهم المبجل هو حسن البنا، غفر الله له حيث أسس بنيانه على شفا جرف هار، فقال:
              نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه...
              وذروة من قام ببيان باطلها، وتصحيح مسارها شيخ مشايخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي /، حيث قال في "قمع المعاند" (ص334-335): فالواقع أن دعوة الإخوان المسلمين لفيف، ففيها الصوفي، وفيها الشيعي، وفيها الفويسق، وفيها المادي، وفيها الجاسوس، من كل حدب، وزاد الطين بله دخول مشايخ القبائل فيها، فيها الحاكمون بالأسلاف والأعراف الطاغوتية، وكم نعدد من البلايا، فنقول: يجب علينا وعليهم ألا نجادل عن مبطل؛ فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ( وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ) النساء : 107 ) وأما كون دعوتهم تجمع ولا تفرق، فهذا أكبر برهان على أنها لفيف لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا فرق بين الناس» ويقول: «محمد فَرْق بين الناس» ويقول أيضًا في رواية في هذا الحديث نفسه: «محمد فَرَّق بين الناس». يعني: أن من الناس من يكون مسلمًا وأبوه يكون كافرًا، أوامرأة تكون مسلمة وزوجها يكون كافرًا أو على العكس، فالأخ يكون مسلمًا وأخوه يكون كافرًا، فتحصل الفرقة، (محمد فرق بين الناس)، ولا أدري أهؤلاء يفهمون ما يقولون أم لا يفهمون ما يقولون.
              وأقبح جملة في هذا: نتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.
              من زمان قلنا لكم: تعدل العبارة، ويقال فيها: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ونتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر فيما اختلفنا فيه، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ونتناصح فيما اختلفنا أما إن كنت معنا فارتكب ما شئت من البدع، وأنت أخونا، وهذا شأن الحزبيين وإن كنت لست معنا، فأنت مخرب فاسد مفسد خطر على المجتمع، لا، من زمان ونحن نقول للإخوان المسلمين: لابد أن يعيدوا النظر في مناهجهم، وقد خرجوا في الشوارع كالأنعام السائبة يظاهرون لصدام... اهـ
              وقد وقع في هذا المنزلق الشيخ محمد هداه الله. وخذ بيانًا موجزًا في بعض ما نرصده من الأمور:
              أولا: إذا نوصح الشيخ محمد هداه الله في بعض جلسائه الذين قربهم منه في مسجده، أو في غيره من المساجد لا يلتفت إلى كلامك ولا يبالي به، ما داموا معه.
              ثانيًا: إنه يشيد ببعض الذين عندهم أخطاء سواء من المعاصي أو غيرها، فإن أنكرت على هؤلاء الطلاب شنع عليك ووبخك.
              ثالثًا: عدم فصله في أمور النزاع، وحل القضايا، ونصر المظلوم، وردع الظالم، مما يؤدي إلى التشاجر والتهاجر في أوساط طلبة العلم.
              رابعًا: وهو الأهم أنه إن حصل بينه وبين الذي في صفه مما كان ينصح نزاع شخصي أو قام بعض الطلبة لنصح الشيخ والانكار عليه حمل عليه حملة شديدة، ثم يامر الطلاب بجمع ما عنده من الأخطاء بحجة المناصحة، وما هذا على أهل الحديدة ببعيد، من قصة بعض الأخوة.
              ووالله الذي لا إله إلا هو ما وضعت حبرًا على هذا الورق، ونقطة على هذه الحروف فيما أقوله، إلا وإن لي على ذلك شواهد وبراهين شاهدناه وعايناه، بل وكان لنا أي أنا و بعض الإخوة في دماج وغيرها النصح والتوجيه في بعض هذه الأمور، والله على ما أقول شهيد( ).
              وكان من ضمن هذا التناقض والاضطراب - ما حصل في فتنة عبدالرحمن -: وقوف الشيخ محمد مع عبيد الجابري بعد أن كان منكرًا عليه أمورًا في ذلك الوقت، وما كانت واضحة فأبى أن يستقبله، وأن يستضيفه، فلما تجلى عبيد بالمصائب العظام والأمور الجسام كالقول بالانتخابات وجواز التصوير، وجواز التسول في المساجد، والتحذير من دماج، قلب ظهر المجن على أعدائه ورفع ذكره وأعلى منزلته، لأنه توافق معه على نصرة ابني مرعي، والبغي على الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله.
              وقال له: مزيدًا مزيدًا يا شيخ عبيد وإليك نص كلامه:
              نقول للشيخ عبيد مزيدًا من هذا الخير وجزاك الله خيرًا، ولا تبخل علينا أيضًا بالنصح، لا تكون النصائح قاصرة على ولدكم يحيى الحجوري...
              قال الشيخ يحيى حفظه الله في شريط الملحمة الشعرية عند قول القائل:
              فأعجب منكم أن طلبت زيارة وكنت بأمس هاتكًا متحاشيًا
              قال الشيخ: بالأمس ما أراده أنه يزوره، ولما رأى أنه يناصر ابناء مرعي واتفقوا في هذا، اتفقت القلوب، قال: شغلوا سياراتكم، تناقض مفضوح يعرفه الناس كلهم، أمس ما كان هناك شيء واضح على عبيد ما قبله، إنما يعني: بعض الذي عنده كان أخبرنا به...
              والآن لما كان الشيء الواضح من التحذير من دماج كما سمعتم بالأمس ومن كذلك الطعون.. بنحو سبع وعشرين مطعنًا ومنها: التحذير من دماج، ويقول – أي: عبيد -: والله وبالله وتالله، إنه لا يجوز الدراسة عند فلان بن فلان، يعنيني، يحلف ثلاث أيمان فاجرة وبعد ذلك هذا يقول له – أي الشيخ محمد – مزيدًا مزيدًا؟! يا الله، ياالله فضايح!! والله الإنسان لما يذكرها يكاد ينكس رأسه لاسيما تصدر من علماء وأكبر منها وأكبر منها... اهـ
              ولم يقتصر الشيخ محمد على هذا فحسب بل إنه أصبح يتنكر لما كان يعرف إذا كان في ذلك نصر لشخصه وانتقام لنفسه.
              فإنه في شريطه الذي كذَّب فيه الشيخ يحيى حفظه الله، لم يكتف بذلك بل حاول تهييج الناس عليه من بعض المشايخ وغيرهم، ونصب نفسه محاميًا عن الجامعة الإسلامية، واتهم الشيخ بأنه افترى عليها وكذب عليها ونسي ما كان يقول فيها.
              فقد أخبرني الأخ أبو جعفر خالد بن علي، قال: أراد أخي صادق أن يلتحق بالجامعة الإسلامية فذهب إلى الشيخ محمد لأجل ان يزكيه إليها، فقال له الشيخ: لا الجامعة الإسلامية تُزَحْلِقْ، ولم يعطه تزكية، وهذا من تناقضه هداه الله.
              وله في ذلك مواقف كثيرة، يعرفها من عرفه وخبره فنسأل الله ان يعافينا من الانتقام لأنفسنا على حساب اهدار الشرع، أو ظلم الآخرين.
              التناقض العاشر:
              قال الشيخ محمد في شريط أهمية الالتفات حول العلماء المؤرخ في (13/12/1428هـ):
              فأريد من العدني وفقه الله وأيضًا من الحجوري وفقه الله أن يكونوا منتبهين لهذه الأمور، فلا يفرحوا العدو وإنما ينصتون ويستمعون لكلام العلماء ماذا سيقولون، ومن كان عنده دعوى لا بأس يقدمها لأهل العلم، والعلماء ينظرون فيها، بنظر الإنصاف، ويقولون: الذي يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى بهذا تنحل، أما إنسان يدعي ثم يحكم، مثلًا العدني ادعى على الحجوري ثم أصدر حكمه، يعني: معناه مدعي وحاكم، أو الحجوري مثلًا ادعى ثم أصدر حكمه، معناه أنك أنت المدعي وأنت حاكم، هذا خطأ، أنت مدعي فقط، والحكم ما هو لك، الحكم للعلماء، علينا أن نعلم الناس كيف يتعلمون الكتاب والسنة؟ وكيف يطبقونها في حياتهم؟ لا يكون الخطأ منا ندعو ثم نحن نختلف، لا نظلمهم بأقوالنا وبأيضًا بأعمالنا، كيف يقضون بين الناس؟ كيف يحكمون بين الناس. اهـ
              أقول: أنت أحد رجلين: إما أن عندك هزلًا علميًّا، وإما أنك لم تفقه هذه المسألة فتحتاج أنت إلى تعليم في الفرق بين حكم المدعي وبين قبول حكمه، لأنه ما من مدعي إلا وهو يحكم بدعواه إما ضمنًا أو تصريحًا وحكمه قد يكون حقًّا وقد يكون باطلًا، كما سأبينه لك - إن شاء الله -.
              والعجيب أن هذه الشبهة انطلت على بعض المشايخ الأفاضل، كما سيأتي بيانه.
              فأقول: هداك الله ما من مدعي يدعي على شخص بأمر إلا وهو يحكم عليه، كما ذكرت، وسواء ادعى عليه، لأن بينهما نزاعًا وخلافًا، أو ادعى عليه لعلمه عليه بشيء يوجب ذلك، أو بوصول خبر إليه عن ذلك المدعى عليه.
              الأمر الأول: وهو إذا كان بينهم نزاع وخلاف.
              ما كان يحصل بين الأنبياء وأقوامهم، فما من نبي إلا وادعى قومه عليه أنه غير دين آبائهم وأنه سفه آلهتهم، إلى غير ذلك فيحكمون عليه بأنه مجنون أو ساحر أو شاعر... ويتوعدونه بالضرب أو القتل. فهؤلاء ادعوا وحكموا، لكن بالباطل.
              ومن ذلك أيضًا حديث وائل عند الإمام مسلم:
              قال: جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة، إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن هذا غلبني على أرض لي، كانت لأبي. فقال الكندي: هي ارضي في يدي، أزرعها ليس له فيها حق. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: (ألك بينة)؟ قال: لا. قال: (فلك يمينه)، قال: يا رسول الله، إن الرجل فاجر، لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء، فقال: (ليس لك منه إلا ذلك).
              قال الإمام النووي (2/33): وفيه أن أحد الخصمين إذا قال لصاحبه إنه ظالم أو فاجر أو نحوه، حال الخصومة يحتمل ذلك منه. اهـ
              لكن!! أهل زماننا خلطوا بين الأمور وقلبوا بين مسمياتها!!! فجعلوا جرح الأهواء والبدع أنه من باب الدعاوي ولابد من حاكم بينهما فضلًا على أن ينزلوا ذلك الأمر منزلة هذا الأمر في جواز جرح الخصمين لأخيه من باب التظلم وغيره، فيا شيخ هداك الله لماذا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي لا تحكم أنت مدعي فقط، والحكم ليس إليك؟!!
              وأقرب مرجع إليك في ذلك ما ذكره النووي في "رياض الصالحين"، وأنه يجوز للرجل أن يتكلم في عرض أخيه لغرض صحيح شرعي.
              وانتبه: إنه فرق بين تحذير الناس من الشر بجرح أهل الشر وبين الشكوى إلى الحاكم ورفع الأمر إليه، فلا تلبس؟!!
              وقال شيخ الإسلام كما في "الطرق الحكمية" (114):
              ففي هذا الحديث - أي: المتقدم - أنه لم يوجب على المطلوب إلا اليمين مع ذكر المدعي لفجوره، وقال: ليس لك منه إلا ذلك. اهـ
              فافهم أن هناك فرقًا بين حكم المدعي وبين قبول حكمه.
              وأما قبول حكمه فقد ذكر منها ابن تيمية أمورًا كثيرة منها: قال: وتارة تكون علامات يصفها المدعي يعلم بها صدقه.اهـ [الطرق الحكمية (115)]. فانظر أصبح المدعي حاكمًا وقبل حكمه.
              فعلم أن الشيخ يدور في حلبة ليس فيها نزاع، وليست هي محل الصراع.
              الأمر الثاني: وهو أن الرجل يدعي على أخيه أو على غيره بشيء ويحكم عليه، وليس هو الحاكم، وحكمه بين القبول والرد، بلا تعنيف، ولا تعطيل بخلاف الحال عندكم.

              وأذكر من ذلك على الإيجاز:
              1- قصة حاطب التي أخرجها صاحبا الصحيح، وفيها:
              قال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حاكم المسلمين وأميرهم: دعني أضرب عنق هذا المنافق.
              فعمر ادعى عليه أنه منافق وأطلق حكمه عليه بالقتل لما كان في عمر القوة في الدين، وبغض المنافقين، كما قاله ابن حجر (8/807).
              فلم يخطأه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقال له: لا يحل قتله وليس لك أن تحكم عليه وإنما عذره ودافع عنه بما هو مذكور في الحديث.
              وانظر إلى كلام ابن القيم في "زاد المعاد" (3/422) حيث قال: ... ولم يقل رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لا يحل قتله إنه مسلم، بل قال: «وما يدريك...» فأجاب بأن فيه مانعًا من قتله، وهو شهوده بدرًا، وفي الجواب كالتنبيه على جواز قتل جاسوس ليس له مثل هذا المانع. اهـ
              ولكن أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمر آخر وهو: «وما يدريك لعل الله اطلع...».
              قال ابن حجر (8/808): إشارة على علة الترك بأنه شهد بدرًا.
              2- قصة مالك بن الدخشن - رضي الله عنه- وهي في "الصحيحين".
              ادعوا عليه أنه يجالس المنافقين فحكموا عليه بالنفاق. لكن النبي ن برأه بتبرئة الوحي له، ولم يعنفهم أنهم ادعوا وحكموا.
              3- قول عمر - رضي الله عنه- لابن سلول كما في "الصحيحين" عندما قال: ابن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل: قال عمر - رضي الله عنه- : يا رسول الله، دعني اضرب عنق هذا المنافق.
              فعمر -رضي الله عنه- قد ادعى عليه بأنه منافق وحكم عليه بالقتل، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو حاكم المسلمين، لم يعنفه على ذلك بل وافق عمر - رضي الله عنه- ، لكنه أشار إلى علة الترك بقوله: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه.
              فيا شيخ محمد كفاك تلبيساً وتعمية، وأن تضرب الشريعة بعضها ببعض، لأنه ما من مدعي إلا وهو يحكم، ثم ينظر في حكمه، بعد ذلك، ما الحامل والموجب للحكم؟ هل هي أمور دنيوية شخصية؟!! أم دينية شرعية؟!! الذي حاولت أن تلبس به على العامة والخاصة... وقبل بيان ذلك : سأسرد عليك ثلاثة أمور من كلامك وأفعالك تبين تناقضك فيما تفوهت به من القاعدة الفاسدة، أن المدعي لا يحكم، لتعلم أن الأمر دين وتقى لا غي وهوى.
              النقض الأول: ألست أنت الذي ادعيت على محمد بن سرور أمورًا توصلت بها إلى الحكم بردته - بغض النظر عن تراجعك - فإنه سيكون تراجعًا إلى الفسق، فيبقى النقض، كما هو أنك مدعي وحاكم، وإليك نص كلامك الذي عليه ختمك. المؤرخ (9/جمادى الأولى/1419هـ) التي أرسلتها إلى الشيخ مقبل وفيها:
              ... إنه لا يخفى عليكم يا شيخنا الكريم ما تكلم به هذا الزائغ وطعن في السنة والعقيدة، وعلماء السنة، وها نحن سنذكر لكم بعض أقواله التي قد يحكم عليه بها بأنه مرتد عن دين الإسلام...، وإليك بعض أقواله. اهـ
              قلت: ذكر ثلاث أمور ادعاها عليه، كما هو موجود بنصها من كتبه، ثم حكم عليه كما رأيت وسترى، والعجيب هو القول الثاني الذي استنبطه الشيخ محمد من كلامه، وقد ابتلي به في هذا الزمان –وعاد السهم إلى النزعة- وإليك هو:
              [2- قال في مجلته السنة العدد... عن علماء نجد والحجاز: هذا الصنف من الناس يكذبون... يتجسسون..] قال الشيخ محمد:
              فانظر حفظك الله كيف يلمز الشيخ الفاضل ابن باز بأنه جاسوس ومهمته كمهمة رجل الأمن والله المستعان وكذا يلمز غيره من أهل السنة].
              وقال في آخر رسالته:
              [تيقنا كفر وزندقة وردة ونفاق محمد سرور عليه من الله ما يستحق].
              النقض الثاني: ما جرى بينك وبين الشيخ يحيى حفظه الله ورعاه، فإنه ادعى عليك - كما تزعم - كذبًا أنك قلت: لا تستغربوا إذا حاضر عندي الدويش؟!! فكان عليك لزامًا على ضوء قاعدتك أن تحكّم شخصًا بينكما.
              لكن لما كان في الأمر اتباع الهوى، آثرته على اتباع التقى.
              كيف وقد أقام الشيخ يحيى بينته عليك من وجهين:
              الوجه الأول: أمارات يصفها المدعي يعلم بها صدقه.
              قال شيخ الإسلام كما في "الطرق الحكمية" (115): وتارة تكون الحجة علامات يصفها المدعي يعلم بها صدقه.
              الوجه الثاني: شهادة الثقة المؤيدة لكلام الشيخ حفظه الله.
              قال ابن القيم في "الطرق الحكمية" (ص97):
              وقد ذهب طائفة من قضاة السلف العادلين إلى الحكم بشهادة الشاهد الواحد إذا علم صدقه من غير يمين قال أبو عبيد: روينا عن عظيمين من قضاة أهل العراق شريح وزرارة بن أبي أوفى رحمهما الله أنهما قضيا بشهادة شاهد واحد، ولا ذكر لليمين في حديثهما.
              وقال أبو داود في "سننه": باب: إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوزله أن يحكم به، ثم ساق حديث خزيمة بن ثابت...
              قال ابن القيم في "الطرق الحكمية" (ص98): وفي هذا الحديث عدة فوائد:
              الاكتفاء بالشاهد الواحد إذا علم صدقه، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- ما قال لخزيمة: أحتاج معك إلى شاهد آخر...
              وقال أيضًا: وقد قبل النبي –صلى الله عليه وسلم- شهادة الأعرابي وحده على رؤية هلال رمضان... وأجاز شهادة الشاهد الواحد في قضية السلب، ولم يطالب القاتل بشاهد آخر ولا استحلفه، وهذه القصة صريحة في ذلك... إلخ كلامه النفيس.
              النقض الثالث:
              عندما نقل إليك أيها الحاكم – أي: الشيخ محمد – إن الشيخ يحيى نقل عن الشيخ ربيع كلامًا في الذين أخرجوا من دماج وقع في نفسك كما زعمت أنه كذب، فلما وصل إليك خبر عن الشيخ ربيع - الله أعلم بصحته -، ما وقفت موقف المنصف كما زعمت في كلامك السابق، واستثبت من الناقل والنافي، لكنك آثرت ما وقع في نفسك لإشباع الغرض النفسي والانتقام الشخصي، فأخرجت حكمك بالتكذيب، وهكذا يكون الإنصاف!!
              مع أنك تقول: «من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه» فالذي ليس في بلدك لا يعنيك، والقضية التي ليس لك فيها دخل لا تعنيك.
              فهل هذا من ذلك أم أنه ذاك الأمر!!
              وأزيدك أمرًا آخرًا وليس هو الأخير:
              أن هذا الكلام لازم لك أيضًا فيما كذبت فيه الشيخ يحيى حفظه الله، في شأن الجامعة الإسلامية، وأصدرت حكمك أيها العادل دون أن تنظر بنظر الإنصاف والحق وخصوصًا أن الشيخ يحيى قد بين أن في كلامه بترًا.
              لكن قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (28-14): وليس لأحد من المعلمين أن يعتدي على الآخر، ولا يؤذيه بقول ولا فعل بغير حق، فإن الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)﴾ وليس لأحد أن يعاقب أحدًا على غير ظلم، ولا تعدى حد، ولا تضييع حق، بل لأجل هواه، فإن هذا من الظلم الذي حرمه الله ورسوله. اهـ
              وقال أيضًا كما في "مجموع الفتاوى" (28/17): ومن مال مع صاحبه سواء كان الحق له أو عليه، فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله، والواجب على جميعهم أن يكونوا يدًا واحدة مع المحق على المبطل...
              بيان هذه الشبه بإيجاز:
              وكان ممن انطلت عليه هذه الشبه وهذا التأصيل العصري المخترع الشيخ الفاضل: محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله.
              قال الشيخ محمد الإمام حفظه الله:
              وإني لأنصح كل الأخوة الذين عندهم شيء من التحيز إما إلى هذا الشيخ أو إلى هذا الشيخ أو إلى هذا الشيخ أنصح لهم على أنهم لا يضيقوا واسعًا ولا يسابقوا أهل العلم فإذا تعجلوا اليوم في هذا الأمر وما هو حاصل، فهنالك ستحدث قضايا في المستقبل ما نسلم منها، فهل سنسلك نفس المسلك؟ ونكون متحيزين، وتصير حياتنا تحيزات ضد مشايخ أهل السنة، وفي الغد ممكن يختلف فلان العالم مع فلان العالم فهل ستكون نفس الخبر متحيزين أم أننا سنقول هذه قضايا بين علماء قد عرفوا السنة، فلا نتحيز إلى جهة ولا نقبل الحكم بالهجر أو بالتحزيب أو بالتبديع إلا إذا جاء ذلك عن طريق العلماء الذين يرجع إليهم، والذين يعتمد عليهم، فإنه متى اختلف فلان مع فلان فلابد من حاكم لابد من صنف ثالث يعني: بين كمية الأخطاء ومن هو المصيب ومن هو المخطئ، وكذلك أيضًا الخطأ هذا أين يبلغ بصاحبه أهو خطأ يدل على حزبيته، أم لا يدل على ذلك من الأخطاء التي لا يسلم منها أحد من الأفراد...
              أولا: علم من أصول الشريعة وقواعدها أمور:
              الأول: أن أهل السنة لا يختلفون أبدًا في منهج ولا عقيدة ولا طريقة، ولا يجتمعون على ضلالة.
              قال الله تعالى:﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )(يوسف : 108).
              وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )( النساء :115).
              فإذا كان اتباع غير سبيل المؤمنين حرامًا فاتباع سبيل المؤمنين واجب إذ ليس هناك قسم ثالث بينهما [انظر أحكام القرن للشافعي].
              وقال شيخ الإسلام "مجموع الفتاوى" (19/76-77): وأما إجماع الأمة فهو في نفسه حق لا تجتمع الأمة ولله الحمد على ضلالة، كما وصفها الله بذلك في الكتاب والسنة، فقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران : 110 ) فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ولم تنه عن المنكر.
              وقال الشافعي: في "الرسالة" فقرة (1312): ... ونعلم أنهم إذا كانت سنن الرسول لا تعزب عن عامتهم وقد تعزب عن بعضهم، ونعلم أن عامتهم لا تجتمع على خلاف لسنة رسول الله، ولا على خطأ -إن شاء الله-. وانظر أيضًا فقرة (1320).
              الثاني: إذا حصل بين أهل السنة وهم الجماعة خلاف فهو محصور في الأمور التي يسع للمجتهد فيها على ضوء الدليل لا على الرأي والهوى.
              ومع ذلك فالحق منوط بأحدهم فلا يتعدد ولا يخرج عنهم، ولا يرتفع لما فيه نسبة الأمة إلى الضياع.
              قال الشافعي في "الرسالة" فقرة (1805-1806):
              فقال: قد سمعت قولك في الإجماع والقياس بعد قولك في حكم كتاب الله وسنة رسوله أرأيت أقاويل أصحاب رسول الله إذا تفرقوا فيها؟
              فقلت: نصير منها إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الإجماع أو كان أصح في القياس.
              وقال شيخ الإسلام "الفتاوى" (13/24-27): ... وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصومًا إذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم، فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم ولا يحكم بخطإ قول من أقوالهم حتى يعرف دلالة الكتاب والسنة على خلافه...، فلم يبق مسألة في الدين إلا وقد تكلم عليها السلف.
              وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/143):
              وقوله: اللهم بلى لن تخلو الأرض من مجتهد قائم لله، ويدل عليه الحديث الصحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك...
              وقال: فلو لم يكن في أواخر الأمة قائم لله مجتهد لم يكونوا موصوفين بهذه الخيرية وأيضًا فإن هذه الأمة أكمل الأمم وخير أمة أخرجت للناس، وفيها خاتم النبيين، لا نبي بعده فجعل الله العلماء فيها كلما هلك عالم خلفه عالم لئلا تطمس معالم الدين، وتخفى أعلامه، إلى أن قال: والعلماء في هذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل.
              وقال شيخ الإسلام "الفتاوى" (19/201): وذلك لأن الإجماع إذا خالف نصاً فلابد أن يكون مع الإجماع نص معروف به، أن ذلك منسوخ فأما أن يكون النص المحكم قد ضيعته الأمة وحفظت النص المنسوخ فهذا لا يوجد قط، وهو نسبة الأمة إلى حفظ ما نهيت عن اتباع ما أمرت باتباعه وهي معصومة عن ذلك. اهـ
              الثالث: أن يحصل بينهم خلاف في أمر لا يسوغ فيه الخلاف فيجب على المخالف وإن كانوا أكثرين أن يرجعوا إلى الجماعة، ولو كان واحدًا، أو يحصل تخاذل فيجب على من حصل منه أن ينصر الجماعة ولو كان الجماعة واحدًا، ويوضح لك ذلك أمران:
              الأمر الأول: خلاف أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر في قتال أهل الردة وقد كانوا كلهم مخطئين، كما سبق كلام ابن حزم، فلما تبين لهم ذلك وجب عليهم الرجوع حتى قال عمر رضي الله عنه: فو الله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبي بكر فعلمت أنه هو الحق.
              فانظر إلى كلام عمر رضي الله عنه أتى بثلاث مؤكدات وهي: (القسم وضمير الفصل وأنَّ) تُبين أن ما كان عليه أبوبكر هو الحق، فمفهومه أن غيره هو الباطل.
              الأمر الثاني: ما وقع للإمام أحمد فقد خُذل من علماء زمنه حتى لم يبق معه إلا نفر يسير، وكان هو الجماعة وحده.
              قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/410):
              ... إن الشاذ ما خالف الحق، وإن كان الناس كلهم إلا واحدًا منهم فهم الشاذون وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد إلا نفرًا يسيرًا فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة حينئذ المفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذون، وكان أحمد وحده هو الجماعة.
              الرابع: حصول الخلاف بين جميع الفرق والحق مع واحدة منهم، ولو كان واحدًا وبيان ذلك:
              1- إما أن يكونوا كلهم على الحق. 2- أو يكونوا كلهم على الباطل.
              3- أو يرتفعا كلاهما. ولكن ذلك كله باطل قطعًا، لأنه محال وذلك من أوجه:
              أ- أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان في عين واحدة، من جهة واحدة، بل لابد من وجود أحدهما دون الآخر في تلك الفرقة.
              ب- أن الحق لا يتعدد، فلا يكونون كلهم على الحق.
              ج- لا يكونون كلهم على الباطل لأن في ذلك نسبة الأمة إلى الضياع والخطأ والضلال وعدم القيام بحجة الله.
              إذًا بقي أنه لابد أن تكون واحدة منهم فقط على الحق، لأنه لا يتعدد والباقي على الباطل، والحاكم في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
              قال الله:( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )(يوسف : 108 ).
              فمن سلك سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم كان هوالمحق.
              ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».
              وبين هذه الطائفة والسبيل بقوله صلى الله عليه وسلم: تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «الجماعة» وفي رواية: «ما أنا عليه وأصحابي».
              فهذه هي الجماعة التي لا يتطرق إليها الخطأ في عقيدتها ومنهجها وطريقتها، واجتماعها بغض النظر عن أفرادها.
              ثانيًا: إذا علم ما تقدم فإن في قول الشيخ محمد الإمام حفظه الله:
              وإني لأنصح لكل الإخوة الذين عندهم شيء من التحيز إما إلى هذا الشيخ أو إلى هذا الشيخ أنصح لهم على أنهم لا يضيقوا واسعًا...اهـ
              إطلاقه على من ناصر عالمًا على أمر أنه متحيز وأنه ضيق واسعًا، فيه نظر، لأنه إن كان على الحق، وجب أن يناصره، وليس هذا من تضييق الواسع، بل هو من نصر المحق على المبطل، وإلا فيخشى علينا من قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده».
              قال شيخ الإسلام "مجموع الفتاوى" (28/18):
              والواجب على جميعهم أن يكونوا يدًا واحدة مع المحق على المبطل، فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله، والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله، والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله، بحسب ما يرضي الله ورسوله، لا بحسب الأهواء. اهـ
              وإن كان هذا الذي تحيز إلى العالم على الباطل، فلا ينصر وينصح بعدم تحيزه وإلا فهو ملحوق به، ونكون عليه يدًا واحدة، كما قال شيخ الإسلام.
              ثالثًا: قول الشيخ الوصابي:
              وأما الفتنة إذا كانت بين عالمين من علماء أهل السنة، فلا يخوض فيها إلا علماء السنة، فهم أعلم وأعرف بالمصالح والمفاسد، وممن يستحق أنه يعدل أو يجرح أما العامي وطالب العلم فلا يجوز لهم الخوض في مثل هذه الفتن فضلًا أن يجرحوا أو يعدلوا.
              وقولكم حفظكم الله: وفي الغد ممكن يختلف فلان العالم مع فلان العالم... هذه قضايا بين علماء قد عرفوا السنة فلا نتحيز إلى جهة، ولا نقبل الحكم بالهجر أو بالتحزيب أو بالتبديع إلا إذا جاء ذلك عن طريق العلماء الذين يرجع إليهم ويعتمد... اهـ
              قولكم عليه إيرادات ومآخذ:
              1- إيرادك رد عليك، فأنت الآن تدعو إلى التحيز من غيرما تشعر، لأنك قلت:
              ولا نقبل الحكم بالهجر أو بالتحزيب أو بالتبديع إلا إذا جاء ذلك عن طريق العلماء الذين يرجع إليهم....
              فقبول الصنف الثالث على الإطلاق يعتبر تحيزًا، وإن كانوا كثيرين، فإن الجماعة منوطة بالحق، وليس العبرة هي القلة أو الكثرة...
              2- إن الحاكم الذي يحكم ليس هو أحق بالحق من غيره، وبيان ذلك:
              أ- أن يكون الحاكم حكم بالجور أو بالباطل متعمدًا لذلك فهو آثم وحكمه مردود وهو داخل تحت حديث: «قاضي في الجنة وقاضيان في النار».
              وقوله سبحانه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (المائدة : 50 )
              ب- أن يكن الحاكم حكم بالجور أو بالباطل وليس متعمدًا ذلك فليس بآثم وحكمه مردود، قال البخاري في "صحيحه" رقم (7189): باب: إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد.
              قال: وساق سنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا، صبأنا. فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، فذكرنا ذلك للنبي ن فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد».
              قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/225):
              والذي يظهر أن التبرؤ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامة، فإن إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود. اهـ
              ج- أن يحكم بالحق فيما ظهر من الأدلة أو لعدم وجود البراهين وإن لم يكن هو الحق في نفسه، ومنه حديث أم سلمة ك في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : «لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأحسب أنه صدق، فأقضي له، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها».
              وحديث الرجل الحضرمي مع خصمه، عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم : «ألك بينة» قال: لا. قال: «فلك يمينه» قال: يا رسول الله، إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء،؟ فقال: «ليس لك منه إلا ذلك» فانطلق يحلف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر: «أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلمًا ليلقين الله وهو عنه معرض».
              وهنا أمر يجدر التنبيه عليه، نبه عليه النووي فقال: إن حكم الحاكم لا يستبيح للإنسان ما لم يكن له.
              د- أن يكون حكم الحاكم وافق الحق في الظاهر والباطن.
              ومن ذلك حديث زيد بن خالد الجهني الذي في الصحيحين في قصة الرجل الذي كان ولده عسيفًا عند آخر فزنى بامرأته فقضى النبي ص بينهما...
              فكيف تلزمون الآخرين بقبول حكم الصنف الثالث على الإطلاق!!!!
              رابعًا: قول الوصابي هداه الله في شريطه "أهمية الالتفاف حول العلماء: أما إنسان يدعي ثم يحكم... معناه أنك أنت المدعي وأنت الحاكم، هذا خطأ، أنت مدعي فقط والحكم ما هو لك، الحكم للعلماء
              وقولكم حفظكم الله( ): إنه لابد من حاكم ثالث بين كمية ...، لأنه لا ينبغي أن يدعي ويحكم.
              أقول: هذا الكلام فيه إجمال وتلبيس وهو:
              1- أنه لابد أن نفرق بين الأحكام الشخصية الدنيوية وبين الأحكام الدينية. قال المعلمي في "التنكيل" (1/41):
              فأما الشهادة على العدو فالقائلون أنها لا تقبل، يخصون ذلك بالعداوة الدنيوية، التي تبلغ أن يحزن لفرحه، ويفرح لحزنه، فأما العداوة الدينية، والدنيوية التي لم تبلغ ذاك المبلغ فلا تمنع من القبول عندهم. اهـ
              2- أن قولكم هذا فيه هدٌّ لكتب الجرح والتعديل، وجرح الأقران بعضهم لبعض، فإن غالبها من هذا القبيل.
              قال العلامة الوادعي في "المقترح" (87): فائدة حول رواية الأقران:
              جرح الأقران أثبت من غيرهم، لأنهم أعرف بقرنائهم، فهي مقبولة إلا إذا علم أن بينهما تنافسًا وعداوة، سواء لأجل دنيا أو مناصب أوخطأ في فهم، ويريد أن يلزم الآخر بخطإ فهمه فينبغي أن تعلم هذا ولا تصغ لقول المبتدعة والحزبيين والديمقراطيين، أن كلام الأقران ليس مقبولًا على الإطلاق. اهـ
              وسئل أيضًا كما في "إقامة البرهان" (ص43-44):
              قد يقول قائل في رد العلماء على الطحان أنه من قبيل جرح الأقران، فهل يسلم له في ذلك؟ وما ضابط جرح الأقران كما عند أهل المصطلح؟
              جواب: سؤال حسن، جرح الأقران الذي هو مردود إذا علم أن هناك هوى أو تنافسًا على دنيا وإلا فأكثر الجرح والتعديل يكون من جرح الأقران، وهو أدل على التثبت، وعلى الثبوت، فيحيى بن معين إذا جرح قرينًا له تطمئن النفس من أن يجرح رجلًا تابعيًّا، لأنه لم يدرك ذلك التابعي، وإنما ينظر إلى حديثه فيجده يخالف الثقات فيحكم عليه بالجرح، فما كل جرح الأقران مردود، بل الأصل في جرح الأقران أنه مقبول إلا إذا علم أن هناك تنافسًا دنيويًّا أو تنافسًا في العلم إلى غير ذلك أو عداوة بينهما فينبغي أن يتأنى...
              3- قولكم: إنه إذا حصل خلاف بين عالمين، فليس لكل منهم أن يحكم على الآخر وليس للطالب حق في التدخل فضلًا أن يجرح أو يعدل كما سبق من كلام الوصابي:
              ويكفيكم جوابًا على ذلك ما ساذكره:
              قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (28/17):
              وإذا وقع بين معلم ومعلم أوتلميذ وتلميذ، أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق، فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر، فإذا تبين له الحق، أعان المحق منهما على المبطل، سواءً كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره، فيكون المقصود عبادة الله وحده، وطاعة رسوله، واتباع الحق والقيام بالقسط، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) (النساء : 135 ) يقال: لوى يلوي لسانه: فيخبر بالكذب، والإعراض: أن يكتم الحق فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس. اهـ
              قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى في التوحيد أولاً (ص30): الجرح والتعديل، لابد منهما لطالب العلم. اهـ
              قال العلامة الوالد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى: «إذا جرح عالم معتبر يعلم أسباب الجرح والتعديل، والخلاف في هذه الأمور ولم يعارضه أحد في هذا الجرح فإنه يقبل - بارك الله فيكم - أما إذا عارضه عالم معتبر مثله بتزكية فحينئذ يطلب من المجرح أن يقوم بالأدلة وأن يقدم الأدلة على ثبوت جرحه وأسبابه، فإذا قدم الأدلة فإذا عارضه مائة عالم من كبار العلماء وأبرزهم، لا قيمة لمعارضتهم لأنهم يعارضون الحجة والبرهان، وهم يعارضون بغير حجة، ولا برهان، والله يقول: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (البقرة : 111 ) فالبرهان يسكت الألوف من الذين خلت أيديهم من الحجج ولو كان علماء، فهذه قواعد يجب أن تعرف، وعليكم بمراجعة كتب علوم الحديث، ولا سيما الموسعة منها مثل: تدريب الراوي، ومثل فتح المغيث للسخاوي شرح ألفية العراقي، وهذه أمور بديهية، عند أهل العلم، المنازعة فيها والكلام فيها بالباطل لا يجوز لأننا نصد العلوم الإسلامية ونخرب القواعد...و ...و.... إلى آخره بمثل هذه الأساليب، فلا يجوز لمسلم أن يطرح للناس إلا الحق، إلا الحق، ويبتعد عن التلبيس والحيل، بارك الله فيكم...
              وسئل: هل يشترط في جرح أهل البدع إجماع أهل العصر، أم يكفي عالم واحد؟
              فأجاب: هذه من القواعد المميعة الخبيثة، بارك الله فيكم، أي عصر اشترط هذا الإجماع؟ وما الدليل علي هذا الشرط؟!! كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان هناك مائة شرط، فإذا جرح أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين مبتدعًا، أقول لابد أن يجمع أئمة السنة في العالم كلهم أنه مبتدع؟!! فإذا قال أحمد: هذا مبتدع، انتهى كل شيء ولهذا كان إذا قال أحمد فلان مبتدع سلّم الناس له كلهم، ما ركبوا آراءهم.
              إذا قال مبتدع: هذا مبتدع ما أحد ينازعه... يشترط الإجماع؟!! هذا مستحيل في كل الأحكام الشرعية يجب على الحاكم انه يحكم بشرع الله إما الدية إما القصاص.
              هل يشترط الإجماع في مثل هذه القضية وهي أخطر من تبديع المبتدع، هؤلاء مميعون هؤلاء المميعون وأهل الباطل، ودعاة الشر، وأهل الصيد في الماء العكر، كما يقال، فلا تسمعوا لهذه الترهات. اهـ
              فاستبان من كلام الأئمة أن المجرح صاحب الدين والتقى والورع الذي جرح من يستحق الجرح هو الحاكم في المسألة وما علينا إلا أحد أمرين:
              1- أن يقبل كلامه مطلقًا إذا لم ينازع في ذلك.
              2- أنه إذا نوزع في ذلك وجب على العلماء أن ينظروا في أدلته وبراهينه التي حكم بها على من رآه يستحق الجرح، فإذا رآوه حقًا وجب عليهم أن يأخذوا به، سواء كان على صاحب أو عدو.
              لا كما يزعم دعاة زماننا أن عليه الأدلة وعلينا الحكم.
              ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ) (الحشر : 2 ).
              التناقض الحادي عشر:
              قال الشيخ محمد هداه الله في شريط أهمية الالتفاف حول العلماء المؤرخ في (13/12/1428هـ):
              هذه الدعوة قائمة، والحمد لله ليس على الدشات، ولا على قناة المجد، ولا على غيرها من القنوات، وإنما قائمة على كتاب الله...
              يا شيخ محمد هداك الله كفاك تلبيسًا وتدليسًا، كن واضحًا في السر والعلانية، في جلساتك الخاصة والعامة، لتكن فتواك العامة موافقة لفتواك الخاصة، وإياك إياك أن تظهر ما لا تبطن، راقب الله فيما تقول وتذر، وفيما تنهى وتأمر.
              فما من شيء كتمته وسترته إلا وسيظهره الله على صفحات وجهك وفلتات لسانك في الدنيا وفضائح يوم القيامة أشد.

              وإليك نقيض فتواك في التلفاز، وأنه من نعم الله، سمعية ومنقولة:
              أما السمعية:
              فقد قلت في شريط (نصيحة للمسؤلين) خطبة جمعة:
              ... اتق الله يا مسلم في نفسك فلابد من الوازع الديني في قلوب المسلمين، ولابد أيضًا من المراقبة، فأين الاستقامة.
              ثم أيضًا هذه الأجهزة التلفاز هل استخدمت استخدامًا سليمًا؟!! أليس من العيب علينا أن نجهل شعبًا كذا كذا مليون بالطنطنة والأغاني والأفلام الخليعة والمسرحيات، شعب مسلم!! [يجب أن يعرف عدوه من صديقه، ويجب أن يعرف ما يكاد به، وما يحاك حوله]( ) ، وهذه الأجهزة تضيع في الطنطنة وفي فلم كرتون، وكأننا مع الشرق والغرب حبائب من أين حبائب. لو استطاعوا أن يبلعونا بلعونا في لقمة فمتى نوعي المسلمين ليكونوا حرسًا على دينهم وعلى بلادهم، فحفظ بلاد المسلمين من الدين، وحفظ الإسلام جزء من الدين، يجب أن نكون أذكياء.
              قد من الله بهذه النعم تصرفها( ) في أغاني تبقى المغنية كذا كذا من الزمن والبقية يتفرجون عليها ويطنبلون...
              وقال في شريط (عز المسلمين تمسكهم بالدين):
              جواب السؤال الحادي عشر: فإذا صار التلفاز بعيدًا عن الشر وصار بأيدي أهل السنة، وقدَّر الله، وكان باقي في زمن المهدي وزمن عيسى عليه السلام ستكون برامجه على الكتاب والسنة، هذا إذا كان باقي له أثر في زمن المهدي وزمن عيسى !!!
              وأما المنقولة فمن جهتين متباينتين:
              الأولى: سألت الشيخ محمد ذات يوم بعد درس العشاء وقبل صلاة العشاء فقلت له: يا شيخ فلان من الناس معه تلفاز ويريد أن يصرفه فطلب مني أن أسألك كيف يفعل؟
              قال لي: يبيعه لمن يحسن استخدامه.
              الثانية: أخبرني الشيخ أبوبدر محمد بن هبة قال: كنت عند الشيخ قديمًا في درسه فتكلم في التلفاز قال: لو أنهم يحسنون استخدامه في الدعوة ونشر العلم ويعلم الناس، وقال: وكان معنى كلامه إظهار العلماء في التلفاز لنشر الخير.
              وحسبي مرة أخرى يا شيخ محمد أن أنقل نهج شيخك ووالدك مقبل الوادعي / الذي ادعيت أنك تسير على نهجه، وأنه لو كان حيًّا لأقرك على ما أنت فيه.
              سئل العلامة الوادعي "تحفة المجيب" (270) : ما حكم اقتناء التلفاز والنظر إليه لأجل معرفة الأخبار؟
              لا يجوز من أجل الصورة، ومن أجل ما يحصل فيه من الفجور والفسوق وتعليم السرقة، والنبي ص يقول: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة). وأراد أن يدخل حجرة عائشة فوجدها قد سترت سهوة لها بقرام فيه تصاوير، فقال: (إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور) وشققها. وفي الصحيحين عن أبي هريرة ا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله سبحانه وتعالى: ومن أظلم ممن يذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرَّة وليخلقوا حبَّة أو شعيرة).
              وكذا نظر الرجل إلى المرأة إذا كانت هي تلقي الأخبار، والله عز وجل يقول: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ) أو إذا كان المذيع رجلًا وكانت المرأة تنظر إليه، يقول الله عز وجل: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (النور : 30- 31 ) .
              ومن الممكن أن يشتري الشخص مذياعًا ويسمع منه الأخبار والحمد لله. اهـ
              وقال الشيخ ابن حميد في كتابه "الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتلفزيون" نقلاً من كتاب:
              ولا شك أن المؤيدين لهذه الآلة (التلفزيون) من هذا القبيل، قذف الشيطان بزبده في تلك القلوب المظلمة، فرأوا أن التلفزيون أداة تعليم وتثقيف، وبها تتسع مدارك الإنسان، ويتسع أفقه، وأن التلفزيون بمنزلة النافذة التي يطل معها الإنسان إلى... فيعرف ما كانوا عليه لما يعرض على شاشته، مما يضعه مخططو برامجه هؤلاء وأمثالهم فارقوا الدليل، واتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل، فلا عبرة بزخرفة القول الباطل، والخيالات الفارغة، والهتافات الساقطة... إلى إن قال: ولا عبرة بمن استحسنه واستعمله في بيته واتبع هواه وأعرض عن الحق وتولى عنه، ذلك مبلغهم من العلم. اهـ
              وسئل العلامة الوادعي "تحفة المجيب" (ص248):
              السؤال: وقال أيضًا في دخول الداعية في التلفاز وهذا شبيه بالسؤال الذي ذكرته في الانتخابات، أرى أن يدخل أهل الخير فيه، ولابد أن يدخل أهل الخير وتكون لهم برامج معينة، والداعية الذي يظهر في المسلسلات سيقول يومًا من الأيام إن المسلسلات حرام، فما هو الضابط في دخول الداعية في التلفاز أم هو حرام مطلقًا؟
              الجواب: هل يستطيع الشخص أنه يقول ما يريد في التلفزيون، أم لو قلت كلامًا يخالف أهواء أصحاب السياسة لما أذاعوا به، ولا نشروه، فالمسألة ليست مسألة استحسان ولا رأي، فالتلفزيون فيه الصور، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة).
              والتلفزيون فيه النظر إلى النساء، والنساء إلى الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا...).
              والبركة من الله عز وجل، فرب كلمة تقال في مجلس صغير، ينفع الله بها العباد والبلاد، فما تنتشر حتى تصل إلى أمريكا، وإلى بريطانيا وغيرها، ورب كلمة ترددها وسائل الإعلام مرارًا، وفي النهاية تصبح (فسوة سوق) ليست لها ثمرة ولا يستفاد منها، فنحن مأمورون بالاستقامة، وألا نرتكب المفاسد من أجل إصلاح غيرنا: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (آل عمران : 104 )
              فلماذا لا يمكنونه من الإذاعة، ويتكلم بالذي يتكلم به في التلفزيون وآسف على بعض العلماء الذي يجارون المجتمع بعده، فالحلال ما أحله المجتمع، والحرام ما حرمه المجتمع، فيجب على العلماء ألا يتركوا العلم للجهل والسنة بالبدعة. اهـ
              فإن قال قائل: لماذا ما أخرجتم هذا الكلام إلا في هذه الأزمنة؟
              قيل له ما قيل في ذلك المثل: قيل للحق أين كنت يوم انتبش الباطل؟ قال: في جذوره أقتلعه؟!!
              فافهم يا أخي هدانا الله وإياك: أن الشيخ محمداً كان يناصح في هذا الأمر من قديم وقد سمعت شيخنا يحيى حفظه الله وهو يناصحه من غير أن يسميه من فوق الكرسي، بل وقال: لبعضنا ناصحوه.
              فلا يلبس علينا الشيخ الوصابي بإخراج أشرطة أو ملازم في مفاسد التلفاز، فهذا موضوع لا نزاع فيه، ولكن النزاع فيما يراه هو في المحاضرات والفتاوى والبرامج الدينية، وإنما يتذكر أولوا الألباب.

              وهذه نُبَذٌ مختصرة في ذكر بعض تناقضات الشيخ محمد هداه الله، سطرتها للاتعاظ والاعتبار، فيمن خالف الكتاب والسنة وجرى بعد الآراء والأهواء فنسأل الله أن يثبتنا على دينه قولًا وعملًا وخلقًا، حتى نلقاه.
              والحمد لله رب العالمين.

              كتبه أبو عمار ياسر بن علي بن محمد الشريف الحديدي
              ستر الله عيبه وغفر له ذنبه
              تم الفراغ منها يوم الخميس 9 ربيع الأول 1430هـ
              بدار الحديث بدماج حرسها الله وحفظ الله القائمين عليها






              جنا على نفسه المسكين حين بدا **** منه على الدين تبديل وتغيير
              وشذَّ عن دعوة عظمى وحاربها **** بغيا وعدوا وذاك الحرب مشهور
              وظن حمقاً بأن الدعوة إنهزمت **** من حربه ونما في الصف تشطير
              وأن دار الإمام الوادعي نسفت **** نسفا وحل بها من بعد تدمير
              وأن دماج لا يبـقى بهـا أحـد **** من طالبي العلم إلا الطوب والسور
              وقام يبني على الأوهام معركة **** وما درى أنـه غـر ومغـرور
              يا أيها الغر لا تطلب مواجهة **** فإن مثلك في الهيجـاء مـأسـور
              فلست كفو ليحيى في مواجهة **** وهل يصارع ليث الغاب صرصور ؟
              وطعن مثلك في يحيى ودعوته **** وداره ماله في الناس تأثير
              وليس يهتز ممـا قلته أبـدا **** إلا إذا اهتز من ريح الصبا الطور !
              كم حاول الناس والأعداء من زمن **** أن ينسف الدار أو أن يوقف السير
              واستعمل المكر في تنفيذ مأربهم **** والدجل والكيد والبهتان والزور
              وربما اقتلعوا الأدوار دائمة **** إن خاب دور تلاه الدور والدور
              بل نسفوا خطط ا للإنقلاب على **** يحيى الحجوري تغذيها الدنانير
              لعلهم أن ينالوا بعض بغيتهم **** أو أن يخالط صفو الدار تكدير
              لكنهم فشلوا في كل معركة **** ونالهم حينها خزي وتعيير
              وقام يحيى كمثل الليث منتصبا **** وحوله فتـية أسـد مغاويـر
              ففر من بطشه أهل الهوى فرقا **** كما تفر من الصقر العصافير
              وأتبعوا بنبال الحق ترشقهم **** وأغمدت فيهم البيض البواتير
              وخيب الله آمال البغاة ولم **** يحل بالدر من أعدائها ضير
              وسال للعلم أنهار وأودية **** وزاد فيها الهدى والعلم والخير
              بل أصبحت معقلا للعلم والعلماء **** للعلم فيها وللأشياخ تصدير
              وكلما حاول الأعداء زعزعة **** للدار زادت وأمتها الجماهير
              والشيخ يحيى بنص الوحي منطقه **** إذا تفوه شع العلم والنور
              من فيه يخرج نور العلم منبثقا **** وللتلاميذ تقييد وتسطير
              كمالك الأصبحي للناس هيبته **** وفي القلوب له حب وتوقير
              ما ضره شتمة بن مرعي وشلته **** فالليث ماضره أن ينهق العير
              وإن تعد عدت واجعلها مصارعة **** وصاحب الحق في الميدان منصور

              *** قيل للأوزاعي : إن رجلا يقول: أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع
              فقال الأوزاعي: هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل
              *** قال ابن رجب رحمه اله : خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس".
              التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن هيثم الشبوي; الساعة 16-03-2009, 11:22 AM.

              تعليق


              • #8
                تفضّلوا بتحميل النسخة المصححّة من الرسالة

                حمّل من هنا
                الملفات المرفقة

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرا ياأخانا علي مثنى

                  تعليق


                  • #10
                    يرفع للفائده وليعلم الناس بعض ماعند الوصابي أصلح الله حاله

                    تعليق


                    • #11
                      هل يوجد ردّ على الوصابي في مسألة الحاكمية؟
                      أرجو من الإخوة الإفادة.

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة ياسر بن مسعود الجيجلي مشاهدة المشاركة
                        هل يوجد ردّ على الوصابي في مسألة الحاكمية؟
                        أرجو من الإخوة الإفادة.
                        انظر هنا

                        وهنا

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله بن ناصر المري مشاهدة المشاركة
                          يرفع للفائده وليعلم الناس بعض ماعند الوصابي أصلح الله حاله
                          جزاك الله خيرا

                          تعليق


                          • #14
                            ترفع في وجه الباطل وحزبه!!!!!!!!!

                            الحقائق المفصّلة

                            لما عند ...... محمد بن عبد الوهاب (الوصابي)

                            من التناقضات والعجائب المذهلة

                            كتبه

                            أبو عمار ياسر بن علي الشريف الحديدي

                            تعليق

                            يعمل...
                            X