بسم الله الرحمن الرحيم
قد هالني ما وجدت من دفاع مستميت من أسامة العتيبي عن قصة (الغرانيق العلى) والتي يقتضى القول بصحتها الطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم من أنه زاد في الوحي جملة باطلة تمدح أصنام المشركين وهي "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى" وأن الشيطان تكلم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الجملة الباطلة، وهذا لا شك أنه مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة والقول بإثباته طعن في مقام النبوة والرسالة.
وقد ألف العلامة الألباني رسالة مستقلة قيمة في نسف هذه القصة الباطلة سماها رحمه الله: (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق).
وكان مما قال فيها رحمه الله:
[فهذه طامّات يجب تنزيه الرسول منها لا سيّما هذا الأخير منها فإنه لو كان صحيحًا لصدق فيه، عليه السلام، -وحاشاه- قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 44-46] ، فثبت مما تقدم بطلان هذه القصة سندًا ومتنًا. والحمد لله على توفيقه وهدايته] اهــــ
وقال الشوكاني رحمه الله في تفسيره في إبطال هذه القصة:
(ولم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه قال الله ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعن منه الوتين ) وقوله ( وما ينطق عن الهوى ) وقوله ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم ) فنفى المقاربة للركون فضلا عن الركون قال البزار هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد متصل وقال البيهقي هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ثم أخذ يتكلم أن رواة هذه القصة مطعون فيهم وقال إمام الأئمة ابن خزيمة إن هذه القصة من وضع الزنادقة)اهــــ
وكلام العلماء في إبطال هذه القصة كثير جداً ولست الآن في مقام الإطالة بنقل شيء منه.
وإليك الآن كلام هذا العتيبي-في تعليق له في شبكة ملتقى أهل الحديث- والتي فيها من الحزبيين والتكفريين ما فيها ولكن العتيبي لا يتنزه أن يكتب فيها:
فقال إجابة عن سؤال من استغرب كلامه في (تحقيقه)! لكتاب تيسير العزيز الحميد في تصحيح هذه القصة: -وذلك في موضوع بعنوان (إيهام محقق تيسير العزيز صحة قصة الغرانيق).
[الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فأرجو من الله أن يسامحك على مقالك هذا ..
فليس كلامي موهماً لصحتها بل هو مثبت لصحتها وتلقي الأمة لها بالقبول.
-ثم قال بعد كلام طويل لا أريد الإطالة في نقله، ولأنه يحتاج إلى الرد عليه-:
.......رابعاً: أن قصة الغرانيق ليست بأعجب من قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم ،والمعتزلة قد أنكروا القصتين والمبدأ عندهم واحد وهو أن كلا القصتين يقدح في مقام النبوة وتبليغ الرسالة
والواقع أن كلا الحديثين ليس فيه مخالفة لمقام النبوة والجواب عن قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم من حيث المعنى هو جوابنا عن قصة الغرانيق ..
والذي قال : [إنهن لهن الغرانيق العلى ..] هو الشيطان، وقد سمع المشركون هذه الكلمة من الشيطان {ألقى الشيطان في أمنيته} أي تلاوته ، فظنوا أنه داهنهم، وأنه عظم آلهتهم فسجدوا حينئذ لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم ..
فأزال الله ما ألقاه الشيطان، وتبين للمسركين-كذا- أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يقل ما ظنوه قاله فاستمروا في كفرهم وعداوتهم بل زادت عداوتهم بعد ذلك..
فالقصة صحيحة، وقد صححها أئمة كبار، وتلقتها الأمة بالقبول، وقد فسرها السلف بذلك وهم أعلم بالرسول والرسالة ولا يظن عاقل أن سعيد بن جبير يفسر الآية بما فيه طعن في النبوة ، وكذلك غيره من أئمة التابعين وطلبة الصحابة رضي الله عنهم ..
وهذا هو الذي أعتقد أنه قول السلف وتفسيرهم للآية، وأعتقد عدم جواز مخالفة تفسير السلف، وأنكر على من ينكر قصة الغرانيق سواء شيخنا الإمام المحدث الألباني رحمه الله أو غيره ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد] اهـــــــ كلام العتيبي.
والجواب عن هذا الهراء باختصار:
أن قصة سحر النبي ثابتة في الصحاح مشهورة لا مطعن فيها بوجه من الوجوه وليس فيها ما ينكر من جهة المتن لأن سحر النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤثر عليه فيما يتعلق بالوحي ،وأما قصة الغرانيق ففيها أن الشيطان تكلم على لسان النبي بكلام باطل فيه مدح لأصنام المشركين وحاشا النبي عن ذلك، وهذا الذي جاء في القرآن إنكاره، فشتان الفرق بين قصة الغرانيق الباطلة وقصة سحر النبي الصحيحة الثابتة.
وأنا لا أريد الآن الرد على كلامه الباطل هذا ولكن هذه إشارة ومن أراد المزيد فليرجع إلى رسالة الشيخ الألباني (نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق)، ورسالة الشيخ مقبل (ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر).
ولكن الذي أريده الآن الإجابة عن هذا الأسئلة من الصادقين.
لماذا السكوت عن العتيبي مع أنه على منهجكم يطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم...؟!
ولماذا فتح المجال له في شبكاتكم يتعقب ويرد على من (زعمتم) أنه يتنقص الخليفة الراشد عثمان بن عفان..؟!
فهل مقام عثمان بن عفان رضي الله عنه عندكم أعظم من مقام النبي..؟!
أليس هذا تطبيق عملي لقاعدة (نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) ..؟!
أريد الإجابة من المنصفين لا من السفهاء ولا من المجعجعين المقلدين.
والحمد لله رب العالمين
تعليق