موقف البرعي من الفتن
وتجنّيه على العلماء والمشايخ الذين تكلموا في أبي الحسن
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمينوتجنّيه على العلماء والمشايخ الذين تكلموا في أبي الحسن
أما بعد
فمن تأمل حال البرعي عند الفتن يجد أنه تارةً يشرّق وتارة يغرّب، ولا ينقاد إلى الحق إلا إذا وجد نفسه عاجزاً عن الرد أو وحيداً، أما إن وجد مجالاً للأخذ والرد، فتراه يأخذ ويرد ويحرّض وينافح وإن كان على باطل، وقد كان شيخنا مقبل بن هادي -رحمه الله- يبدّع أصحابَ جمعية الحكمة ويقول هم مبتدعة، وكان البرعي متوقفاً في تبديعهم حتى جعلني أسأل الشيخ -رحمه الله- فقلت يا شيخ أنت عند أن تقول: أهل البدع والحزبيون، هل يقتضي المغايرة بين المبتدع والحزبي، فقال: لا وإنما هو من باب عطف الخاص على العام، وقد قال الله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) البقرة: 98.
وقال رحمه الله: قد قال أيوب ابن أبي تميمة: (أهل البدع كلهم خوارج اختلفوا في المسمى واتفقوا على استحلال السيف ) رواه الآجري وسنده صحيح.
فأخبرت البرعي آنذاك وأنا في دماج، فقلت له: الشيخ يقول: الحزبيون مبتدعة، وكذلك محمد المهدي، فقال البرعي: محمد المهدي حزبي وليس بمبتدع.
ولم يبدعه في غالب علمي إلا بعد موت الشيخ مقبل رحمه الله.
ثم جاءت فتنة أبي الحسن فكان البرعي في الباطن مع أبي الحسن، وفي الظاهر من المصلحين, وممن يريدون لمّ شمل أهل السنة والجماعة, مع أنه كان يقول: المخالفون لأبي الحسن لا يستطيعون أن يدّرسوا كتبه.
وقد أخبرني محمد بن راجح عند أن كتب أصحابُ براءةِ الذمة براءةَ الذمة، أن هذا الفعل كان بمشورة ورضا البرعي وبعلمه، ومعلوم أن براءة الذمة كانت الخطوة الأولى للمفاصلة بين أهل السنة وبين أبي الحسن .
وبعد أن خرجت براءةُ الذمة أخرج البرعي النصيحة والبيان التي قال فيها البرعي ولن أكون متحيزاً فيها لأحد، لكن هذا القول في وادي وكلام البرعي في وادٍ آخر.
وتأمل فيما سطّره البرعي حيث قال في كتابه النصيحة والبيان (ص 4): الانتقادات على أبي الحسن ليست نصيحة ولا رغبة في هدايته أو رجوعه إلى الحق، ولكنها كانت لإحراق سمعة أبي الحسن بل لإخراجه عن أهل السنة كما صرح بذلك البكري قبل رمضان ونحن جالسون معه في مأرب.
وقال: لا تستريح الدعوة حتى تخرجوا منها أبا الحسن وسمعت هذا منه أنا والشيخ الإمام والصوملي وعبد الله بن عثمان وعائض مسمار وليس هذا رأي صالح وحده ولكن تشجع وجبن غيره عن التصريح.
وقال في (ص 6): تتميماً لما مضى في بيان عدم الإنصاف وأن نصح أبي الحسن ليس مراداً لذاته وما رأيناه ولا نزال إلى الآن من أن طريقة النصح ليست شرعية لأنها تسلك مسلك التشهير والحرص على إحراق سمعة المنصوح لا أن يتوب إلى الله أو يرجع إليه ويزداد الأمر سوءا ً إعجاب بعض المشايخ بهذا الأسلوب.
وفي (ص 12) قال: حتى أننا نسأل هل الشيخ ربيع يريد نصح أبي الحسن حقا أم يريد إحراق شخصيته.
فيا ترى كيف عرف البرعي أن المتكلمين في أبي الحسن لا يريدون نصحه، وليس عندهم رغبة في هدايته أو رجوعه إلى الحق، وكيف عرف أنهم ظلمه وأن تلك الردود ليست شرعية، ولماذا لم يجرد قلمه ولسانه ويبين وجه الصواب فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما).
وهناك أمر آخر وهو أن البرعي قد حذر من أبي الحسن في آخر الأمر لكنه لم يخرج إلى الآن تراجعاً عما سطّره في كتاب النصيحة والبيان في العلماء والمشايخ الذين يصل عددهم فوق المائة من داخل اليمن ومن خارجها كلهم كانوا ينتقدون أبا الحسن.
ولا يخفى أخي الكريم أن البرعي في كل فتنة يهرف بما لا يعرف، وينافح ويحرض ولا يستسلم ولا ينقاد إلى الحق إلا إذا شعر بالعجز، وليس هذا بغريب عنه، وانظر إلى حاله الآن مع عبدالرحمن العدني كيف ينافح وكيف يدافع وكيف يتقفّز في بعض المحافظات نصرةً للباطل ودفاعاً عن المبطل، وتأمل أيضاً إلى موقفه المخزي في نصرة إخواننا أصحاب جبهة كتاف، فقد سألة أحمد بن حجر في الهاتف فقال لا تسألوني لا تسألوني، وبعد أيام يخرج كلمة بعنوان كلمة إنصاف، وهي بمثابة بيان، وإن كان إنصاف فالبرعي يحتاج إلى إنصاف، فأين الإنصاف من مواقفه ومن أقواله ومن أفعاله التي أعيت دعاة أهل السنة والجماعة، ورحم الله من قال: (العالم يعرف الفتنة وهي مقبلة والعامة لا تعرفها إلا وهي مدبرة).
ثم ليعلم القاصي والداني أن كلام أهل السنة في المجروحين إنما هو من باب النصيحة، وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من علماءنا المتقدمين.
كتبه
أبو مالك فيصل بن يحي بن مرشد الغولي البعداني
مركز التوحيد – المعاين - إب
أبو مالك فيصل بن يحي بن مرشد الغولي البعداني
مركز التوحيد – المعاين - إب
تعليق