بسم الله الرحمن الرحيم
المؤامرة الكبرى على مركز دماج
وعلى تاجها يحيى المحلى باللآلئ والديباج
لأبي بشار عبد الغني القعشمي اليريمي
قرأها وأذن بنشرها فضيلة شيخنا الناصح الأمين
أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله ورعاه
تم كتابتها بدار الحديث العامرة
[ بدماج ]
حرسها الله
مقدمة
المؤامرة الكبرى على مركز دماج
وعلى تاجها يحيى المحلى باللآلئ والديباج
لأبي بشار عبد الغني القعشمي اليريمي
قرأها وأذن بنشرها فضيلة شيخنا الناصح الأمين
أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله ورعاه
تم كتابتها بدار الحديث العامرة
[ بدماج ]
حرسها الله
مقدمة
الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }} [ آل عمران 102] .
{{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }} [ النساء 1] .
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }} [ الأحزاب 70^71] .
فيقول ربنا جل في علاه في كتابه العزيز : الذي {{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }} [فصلت:42] وقال جل ذكره :{{ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، إذ قالله ربه اسلم قال أسلمت لرب العالمين }}[البقرة:130،131] .
فإن الله عز وجل قد بين أن ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، هي الإسلام الذي جاء به سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، فهذا الإسلام ، هو دين الله الخالص الذي ارتضاه لنفسه سبحانه فقال : {{ إن الدين عند الله الإسلام }}[آل عمران:19] وقال تبارك وتعالى: {{ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }}[آل عمران:85] .
على هذا تركنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ولا يتبعها إلا كل منيب سالك .
على الكتاب والسنة سار الصحابة والآل الكرام ، وعلى السير سار التابعون ومن بعدهم من أهل الحديث والسنة بانتظام ، وإلى زماننا هذا وما شاء الله ، والسير هو السير ، فسبحان الذي بيده الخير .
فإن الله قد تكفل بحفظ دينه ، فقال سبحانه : {{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }}[الحجر:9] ، فكان من تكفله لدينه ، أن هيأ وأوجد في كل زمان حرسا لدينه ، يذبون عنه باللسان والبيان ، بالحجة والبرهان ، وبالسيف إن أمكن مع السلطان ، لدحر الكافرين والمارقين عن الإسلام في كل زمان .
{{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد...}}[غافر:15]{{ ولينصرن الله من ينصره...}}[الحج:40]{{ إن تنصروا الله ينصركم }}[محمد:7] فهو وعد من الله لمن أقام دين الله ونصره ، أن ينصره الله ، وأن من قام على دين الله وخذله ، خذله الله .
فإنه ليس زمان إلا وربنا سبحانه يبعث فيه من يجدد دينه ، ويبين للناس أحكامه وتنزيله ، قال نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم :(( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )) رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وصححه الألباني رحمه الله ، وأشار الإمام أحمد رحمه الله إلى تصحيحه كما في( السير ) للذهبي (10/46) قال أحمد بن حمبل من طرق عنه : إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن ، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب ، قال : فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وفي رأس المائتين الشافعي .
وإن مما تحقق في زماننا هذا هو ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ظهر أولئك الأئمة الأربعة الذين جدد الله بهم الدين ، فأحيا بهم السنن ، وأمات بهم البدع والفتن ، وهؤلاء الأعلام هم :
الإمام المجدد عبد اللعزيز بن عبد الله بن باز ، والإمام المجدد محمد ناصر الدين الألباني ، والإمام المجدد محمد بن صالح العثيمين ، والإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي ، رحم الله الجميع رحمة واسعة ، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .
وليس هناك أي مانع من أن يوجد أكثر من مجدد في زمن واحد ، والحديث واضح وبين في ذلك ولله الحمد .
وهذا ليس معناه أنه ليس في الأمة إلا هؤلاء العلماء ، فالعلماء ولله الحمد كثير ،
يقومون بما أوجب الله عليهم ، فمنهم المعلمون والمؤلفون ، ومنهم الفقهاء والمحدثون ، وكل في بابه وفي ما مكنه الله لحفظ دينه .
والذي نريد بيانه هو : أن المجدد من أظهر الله على يديه الخير والدين ، فأحيا الله به السنن والآثار ، وقمع به البدع والمحدثات ، فنصر الله به الدين نصرا مؤزرا .
وهنا ليس موطن الكلام عما يقوم به المجدد ، وبماذا يكون مجددا ، وشروط المجدد وغير ذلك ، فقد بين العلماء ذلك بما فيه الكفاية ولله الحمد ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى ما كتبه علمائنا وبينوا في ذلك رحم الله الجميع وحفظ أحيائهم .
وقد كان لشيخنا الإمام الوادعي عليه رحمة الله ، النصيب الأكبر في نشر دين الله ، والجهاد في سبيل الله بلسانه وقلمه ، فحقق الله على يديه أمرا عظيما لم يكن في الحسبان ، فأقام السنة خير قيام ، بعد أن كانت البلاد اليمنية في مستنقع البدع والضلال ، فنشر الدعوة السلفية ، التي هي دين الله الحق والإسلام الصحيح ، والتي من رغب عنها فقد سفه نفسه ، وهو في الآخرة من الخاسرين .
فهل تخفى هذه الدعوة المباركة ، التي ضربت بأطنابها شتى بقاع الدنيا ، على من يقول : إن الشيخ رحمه الله ليس بمجدد ، فإذا كانت أمريكا ومن ورائها من دول الكفر والإلحاد قد أقظّت هذه الدعوة مضاجعهم ، وارتجفت لها قلوبهم ، وهم يحسبون لها كما يقال ألف حساب ، فما خافوا من دعوة الإخوان المسلمين ، ولا الصوفية ، ولا الشيعة والرافضة ، وغير ذلك من الدعوات التي تنادي بالإسلام وتدعيه ، بل هؤلاء يمكنون في كثير من الأمور ، لعلمهم أنها دعوات هدم للإسلام ، نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا .
ويأتي لنا هذا المهمش ويقول : الشيخ مقبل عالم ليس بمجدد ... وغير ذلك من الكلام الذي لا يصدر إلا من أحد رجلين : إما شخص يجهل ما قام به هذا الإمام النحرير من الدعوة السلفية الصافية كما تقدم ، فهذا يصبر عليه ، ولا بأس أن تكون معه جلسة يبين له أن الشيخ مقبل الإمام المجدد قام بكذا ، وكان له من الأثر كذا ، ونفع الله به كذا ، وهكذا يبين له حتى ولو كان من أهل العلم والفضل ، فهو عبارة عن درس يأخذه الفاضل ممن هو في رتبته أوممن هو دونه .
أو أنه صاحب تهميش ، وهؤلاء المهمشون حالهم والله كالذي يريد أن يغطي على عين الشمس ، فيا أيها المهمش أترك التهميش ، وإلا لتهشمّن الأسود رأسك ، فإن لهذ الإمام ليوثا لاتصارع ، وإن شئت فجرب ، وإياك وباطشة الهزبر ، الذي بطش أحمد بن نصر الله الذي أراد أن يتعدى على ثروة الإمام الوادعي العلمية ، فقد بطشه الهزبر فهشم رأسه وأنفه ، فلله درك ولله أبوك يا يحيى .
واقرأ يا هذا كلام الشيخ ربيع حفظه الله ذلك العالم المجاهد المنصف ، وذلك في تعزيته لأهل السنة باليمن بموت هذا الإمام المجدد عليه رحمة الله ، وقد بين حفظه الله : أن الشيخ مجدد بحق وإمام نحرير ، لم يكن نشر للسنة ولهذه الدعوة السلفية من لدن عبد الرزاق الصنعاني ومن بعده إلى زمن الشيخ رحمه الله ، فهذ هو الإنصاف والحق ، وهي شهاد من عالم بصير حفظه الله .
هذا وقد تسابق طلاب الشيخ رحمه الله إلى بر والدهم ليردوا له شيئا من الجميل ، فقام عدد منهم وترجموا للشيخ رحمه الله ، وبينوا آثاره الحميدة ودعوته المجيدة ، وأفضل ما وقفت عليه من هذه التراجم (( الإبهاج )) لمؤلفها حميد العتمي هداه الله كان من طلاب الشيخ رحمه الله ، والآن هو مع أبي الحسن المصري رقيق الكفالة الشهرية ، (( والبيان الحسن بترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن )) لمؤلفها الأخ الفاضل عبد الحميد الحجوري حفظه الله .
فهذه مقدمة لرساتي التي هي جهد المقل مشاركة في نصر الحق وأهله ، وتبيين للباطل وذيله ، مع ما قام به الإخوة الفاضل ، من الردود النافعة ، والتصدي لهذه الشرذمة الماكرة ، وذلك نصرة وعونا لشيخنا ومربينا الناصح الأمين شيخنا أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ورعاه وسدد على الحق خطاه ، الذي دارت رحى المؤامرة الكبرى عليه وعلى مركزه ، مركز الإمام الوادعي عليه رحمة الله .
**************
ذكر بعض المؤامرات التي تعرض لها الشيخ عليه رحمة الله
لقد تعرض شيخنا مقبل عليه رحمة الله ذلك الإمام المجدد والمجاهد في دين الله تعالى ، لمؤامرات وحملات كثيرة ، منها ما بينه رحمه الله في تلك الترجمة التي كتبها بيده ، بعد طلب وإلحاح من محبيه .
ومع شدة وضراوة تلك المؤامرات ، فشلت بعون الله وتأييده ، ونصر الله ذلك الإمام وأيده ومكن له تمكينا عظيما ، وقد كانت مؤامرات من الداخل والخارج ، فمن تلك المؤامرات :
ما قام به الشيعة والرافضة ، من محاربة الشيخ رحمه الله محاربة شديدة ، إلى حد حاولوا مرات قتله ، وهكذا محاولات كثيرة من هؤلاء الصم البكم ، فمرة يسجن ، وأخرى يسلط عليه السفهاء من همج الناس وسقطهم ن وغير ذلك مما قام به الشيعة والرافضة أخزاهم الله ، بل وحتى المكارمة ، أرسلوا من يحاول قتل الشيخ عليه رحمة الله .
وأيضا الصوفية ، لاقى الشيخ منهم ما لاقى ، ولكنهم دون الشيعة والرافضة .
وهكذا المؤامرات من الأحزاب الكافرة مثل : الإشتراكية والناصرية والبعثية ومعها العلمانية ، وحملات ضارية من الجرائد والإعلام ، كل هؤلاء لاقى الشيخ رحمه الله منهم هجوما ضاريا ، وقد حاولوا قتله فنجاه الله منهم {{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }} [الأنفال 30 ].
وأما الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب الإخوان المسلمين ، فهؤلاء كم سنذكر من أمور ، وعوائق ، ومحن ، ومؤامرات ، تعرض لها الشيخ عليه رحمة الله ، وهو صامد كالجبل الأشم ، ولسان حاله يردد {{ لن يضروكم إلا أذى }} [آل عمران111] ، ولأن ثقته بالله أنسته كل هذه المصاعب .
فذاك أسامة بن لادن : يحاول ويرسل بالأموال ، ليحاول تغيير مسار الشيخ رحمه الله عن هذه الجادة ، والشيخ صامد .
وهؤلاء أفراخ الإخوان المسلمين كذلك ، يرسلون بالأموال الطائلة كي يثنوا الشيخ رحمه الله عن مراده في نشر هذه الدعوة السلفية المباركة ، فلا يبالي الشيخ رحمه الله في ذلك ، بل ويدوس الدنيا تحت قدمه ، ويعيش عزيزا كريما على ما يسره الله .
فيخرج عليه من طلابه مجموعة ممن رباهم وعلمهم وعطف عيهم ، وكان لهم كالأب الحنون .
يخرج عليه هؤلاء الذين لهثت أنفسهم وسال لعابهم وراء هذه الأموال التي مصدرها هؤلاء الأفراخ من أصحاب الجمعيات ، والتي هي منبع الشر والفتنة على الدعاة إلى الله من طلبة العلم ، فلطالما عانى الشيخ من هؤلاء الذين أفسدوا عليه بعض طلابه .
فالشيخ يتعب ويربي ، وهؤلاء يصطادونهم بتلك الأموال والعطايا ، ويصيرون بعد ذلك حربا على من رباهم وعلمهم ، فيتطاولون عليه ويرسلون ألسنتهم باطعونات والتخرصات ، حتى قال أحدهم وهو عبد المجيد الريمي : إما أن تلتحق بنا وإلا فالقافلة ماشية ، وصار عبد المجيد الريمي مثل أصنج الكلاب .
ولطالما صبر عليهم الشيخ عليه رحمة الله ، علهم يرجعون ويعودون إلى ما كانوا عليه ، ولكن رأى الشيخ رحمه الله أنه لا فائدة من ذلك ، وأن القوم أُشربت قلوبهم الدنيا ، وصاروا يجمعون الأموال باسم الدعوة ، حتى عرفوا بلصوص الدعوة .
فانقض عليهم انقضاض الصقر للأرنب ، فأعطى كل واحد منهم لطمة وقع على إثرها ، فذاك قال له : السفيه الكذاب ، ولآخر : مثل أصنج الكلاب ، وثالث : قطر الله دمه ، وهكذا واحدا واحدا ، فذهبوا شذر مذر ، وصاروا عبرة لمن اعتبر .
فرحمة الله على شيخنا كم واجه من تلك المؤامرات ، وكم صارع وناضل في سبيل هذه الدعوة السلفية الحقة ، {{ يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون }}[التوبة32] .
فشلت تلك المؤامرات الواحدة تلو الأخرى وبارت كلها بحمد الله تعالى ، {{ إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور }} [الحج38]
فهذه نبذة مختصرة لما حصل لشيختنا مقبل عليه رحمة الله من تلك المؤامرات ، وتكالب الأحزاب عليه من الداخل والخارج ، فكان النصر حليفه ، وأقبل الله بقلوب العباد عليه ، وعلى داره المباركة ، فكانت هذه هي ثمرت ذلك الصبر والجهاد في دين الله عز وجل {{ والعاقبة للتقوى }}[طه132] ، فهل من مدكر .
وبعد أن أرسى الإمام الوادعي عليه رحمة الله وأثبت هذه الدار المباركة بعون الله وتأييده ، وصارت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، رحل الإمام من هذه الدنيا إلى جوار ربه مشكورا مأجورا ، يدعى له ويترحم عليه في مشارق الأرض ومغاربها ، وقد أبلى بلاء حسنا ، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه سبحانه .
ولم يغادر الإمام هذه الدار حتى صدر وصيته تلك المشهورة والمعلومة ، فكانت خير وصية من أب حنون لأبنائه وإخوانه وقومه .
ولعلمه وإدراكه عليه رحمة الله : أن هذه الدعوة لن تنقطع عنها تلك المؤامرات الماكرة ، وبالأخص على مركزه وداره العظيمة ، والتي لا يجد لها نظير على سطح هذه المعمورة ، فكان ولا بد من وجود من يقوم بهذه المهمة كما قام هو على ذلك عليه رحمة الله ، فدارت فراسته هنا وهناك ، فعلم أن ليس لها إلا يحيى بعد الله ، والله ناصره .
فقال رحمه الله مخاطبا قومه وعشيرته : ( وأوصيهم بالشيخ الفاضل يحي بن علي الحجوري خيرا وألا يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين ) ، وأبان رحمه الله أن العز والتمكين حليف قومه وعشيرته ، ما حفظوا وحافظوا على هذه الدار بحول الله وقوته .
قلت : وعلى هذا فالحفاظ على شيخ الدار هو حفظ للدار ، فالدار هي يحيى ويحيى هو الدار ، أمر لا ينفك عن الآخر ، فهل علم هذا الطاعنون فعلى شيخنا يحيى يسمرون ، وعلى المؤامرة ينامون ، وفي النهار يمكرون مكرا كبارا .
******************
المؤامرة الليبية
إن هذه المؤامرة بدأ شررها والشيخ رحمه الله على فراش مرضه ، فقد كان أولئك المرضي الهلكى الذين دب في قلوبهم الحقد والحسد ، لا يدخرون جهدا في محاولة إسقاط هذ الشيخ الجليل والعالم النحرير شيخنا يحيى حفظه الله ورعاه ، فقد بدات المؤامرة الأولى يقودها بعض الليبيين الخونة من أمثال أبي عبيدة الزاوي وأبي عبيدة المصراتي ، فقد كان هؤلاء يراسلون الشيخ رحمه الله وهو في مرضه، فزادوه همّاً إلى هم ، وكانت تلك الرسائل تحتوي على الطعونات الماكرة والكلمات الفاجرة ، ولكن ثقة الأب بابنه والشيخ بتلميذه لم يزده ذلك إلا ثقة على ثقة وحبا وتثبيتا ، {{ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله }} [فاطر43] .
وهكذا تستمر هذه المؤامرات بعد رحيل الإمام الوادعي عليه رحمة الله ، فما إن مات الشيخ رحمه الله إلا واشتدت المؤامرة واجتمعت الأحزاب على شيخنا يحي أيده الله ونصره ، وحتى لا تكون لهذه المؤامرة نكسة وضربة واحدة ، عملوا على الترتيب والتدرج ، الواحد تلو الأخرى .
فكما قدمنا أن الليبيين على تلك المؤامرة بعد موت الشيخ رحمه الله ، وكانت المحاولة جارية والقلقلة مستمرة على هذه الدار وعلى شيخها المفضال يحي حفظه الله ونصره ، ولكن أبى الله إلا أن تنكس رؤس هؤلاء الخونة ، فأظهر الله أظغانهم ، واستبان لأهل السنة خيانتهم ومؤامراتهم ، بعد أن وقف الهزبر في وجوههم ، فأبان حالهم وكشف عوارهم ، فطردوا شر طردة ، وذهبوا شذر مذر ، بعد أن كان بعضهم تجتمع له الجموع في درسه ، فلا إله إلا الله أحكم الحاكمين .
************
المؤامرة الحسنية المصرية .
وما إن ولت المؤامرة الليبية أدبارها وبارت ، على أنها دون المؤامرة التي بعدها بكثير حتى ظهرت المؤامرة الحسنية المصرية ، بزعامة المنظر والمنظم لها أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المصري نزيل مأرب .
وهذا الرجل كان بداية أمره جهاديا تكفيريا ، وقد جاء إلى اليمن على ذلك الفكرالمنحرف ، وبدأ يزور شيخنا مقبل عليه رحمة الله في بعض العطل ، حتى أحسن الشيخ وأهل السنة به الظن ، وأهل السنة من أظهر لهم الخير شجعوه وساعدوه على ذلك ، وبدأ الرجل يتكلم ويدعو بدعوة أهل السنة سنينا ، حتى صار يشار إليه بالبنان ويقال الشيخ فلان ، ومع هذا فقد كان عنده بعض الأمور ، التي كان أهل السنة يغضون الطرف عنها ، ولأن الرجل كان يظهر السنة .
وكان الشيخ عليه رحمة الله قد تفرس لهذا الرجل ، وصدقت فراسته بعد ذلك عليه رحمة الله ، فكان يلمزه في بعض المجالس ، فمرة يقول : لو تمكن أبو الحسن من الدعوة لبطش بها ، وأخرى يقول : إني أخاف على دعوتنا من أبي الحسن ، ولو قوي ساعده لما بالى بأحد من أهل السنة ، ولكن اتركوه فلن يضر الدعوة شيئا ، ويقول عليه رحمة الله : في النفس منه شيئ ، ويقول أيضا : يميل إلى الفلوس .
فلم تخطئه فراسة الإمام عليه رحمة الله ، وكاد أن يخرجه من وصيته التي كتبها قبل موته رحمه الله ، إلا أن بعض من كان مع الشيخ حاول كثيرا حتى كتبه الشيخ رحمه الله ، والناظر في وصية الشيخ التي كتبها بيده يتبين له ذلك ، وكان أبو الحسن قد شعر أن الشيخ رحمه الله منكمش منه ، فلذلك أرسل أبا حاتم لهذه المهمة .
وما إن ارتحل الشيخ عليه رحمة الله إلى جوار ربه ، إلا وقام أبو الحسن المصري وانبرى لما قد كان يعد ويضمر في نفسه الأمارة بالسو ء وأطلق ذلك الانفجار الذي لطالما حشاه بأنواع المفجرات وكتمه ، فصرخ قائلا ذهب زمن الخوف ، أي بموت الشيخ عليه رحمة الله ، فأظهر ما كان يخفيه من الجمعيات التي كان الإمام الوادعي عليه رحمة الله يحاربها محاربة شديدة ، لما تنطوي عليه هذه الجمعيات من الفتنة والشر .
وهكذا بدأ أبو الحسن المصري الحرب والمؤامرة على مركز دماج وعلى تاجها يحيى المتلألئ بالعلم والفضل ، فوجه طعوناته الشديدة نحو هذا المكان وبأبشع الطعونات ، فتارة يقول : قواطي صلصلة ، وأخرى الأقزام ، وتحت الأقدام ، والأراذل ، والحدادية ، وتوالت طعوناته الآثمة والبشعة التي لم يطلقها من سبقه من أهل الأهواء والبدع .
واهتز لذلك أهل السنة ، وكانت فتنة ومؤامرة حالكة ، حيرت الكثير من أهل السنة ، وكان المصري قد أعد الأموال الطائلة لهذه المؤامرة ، فأعطى هذا وأشبع هذا وقرر كفالة شهرية لهذا ، حتى كون حزبا ماكرا يسمى بحزب (( براءة الذمة )) وهو الحزب الذي عرف بعد ذلك ب(( توريط الذمة )) ، وهذ الحزب أعده أبو الحسن المصري ليكون له درعا وعونا ، حتى يقوم بتنفيذ أغراضه ومؤامراته الخاسرة ، في التصدي لمركز دماج وتاجها يحيى المتلألئ بالعلم والفضل .
بل وحاول أن يكسب بعض مشايخ السنة ودعاتها إلى صفه وحزبه الماكر ، وقد سلمهم الله من ذلك وتصدوا له بعد ذلك وأخمدوه بفضل الله سبحانه ، وكان الرجل بذلك الطيشان والعنترة ، يظن أنه سينال بغيته وما سما له ، من التصدي لهذا المركز وصرف الناس عنه ، ولكن أبى الله إلا أن يدوم هذا الخير ويستمر .
فانبرى له يحيى وما أدراك ما يحيى ذلك الليث الشامخ والهزبر الباطش ، فضربه ضربة الليث الكاسر ، وكانت البطشة بطشة الهزبر ، فأرداه صريعا بعد أن كان منيعا والفضل لله كله جميعا .
وقد تبين لأهل السنة بعد ذلك مكره ومؤامراته ، فحملوا عليه جميعا حتى برد ، وكان من هؤلاء علماء السنة في اليمن ، وكذلك من خارج اليمن ، وعلى رأسهم الشيخ ربيع حفظه الله ورعاه ، فقد كان له الدور الكبير في مناصرة شيخنا يحيى حفظه الله ورعاه .
ولم يُرد على أحد من أهل الأهواء ، بمثل ما رُد على أبي الحسن المخذول في هذا الزمن ، لكثرة الردود عليه من الداخل والخارج ، بعد أن كسره الهزبر يحيى ثبته الله .
وإلا فقد كان أبو الحسن يرعد ويزبد لا يلقي لأحد بالا، حتى كان بعضهم إذا قدم له في محاضرة ، وصفه بقوله : عملاق أهل السنة ، وقدر الله وما شاء فعل ، انزلق عملاق أهل السنة ، حتى صار قزما ، بعد أن كان عملاقا على وصف بعضهم ، وما ذاك إلا أن الله سبحانه لا يصلح عمل المفسدين .
وقد كان أبو الحسن يريد أن يسير الدعوة على تلك التأصيلات الفاسدة التي اخترعها ، وحتى تكون واسعة تقبل أي أحد ، كالوادي الأفيح يقبل أي شيئ .
ولهذا لما قلت في القصيدة الشعبية :
إلى آخر ما قلنا في تلك القصيدة ، والتي تعمدت إلقائها على ما تقدم ، إهانة لأبي الحسن المصري الذي أهانه الله بالحزبية والبدعة ، أن كان يدعو إلى السنة ، وبعد أن قال في أهل السنة ما قال من الكلام المتقدم وغيره ، وقد قال الشيخ ربيع حفظه الله : إن هذا الكلام الذي قيل فيه ليس بشيئ بجانب ما قاله في أهل السنة وبالأخص في مركز دماج ، كما أخبرني بذلك شيخنا يحيى المبارك رعاه الله ، فأقاموا الدنيا ، وذهب أبو الحسن ينشر ذلك ويوزع هنا وهناك ، وصار ذلك وبالا عليه ، ورد كيده في نحره ، ولله الحمد والمنة .
***********
المؤامرة البكرية الشيبانية
وهكذا تستمر هذه المؤامرات بلا انقطاع على هذه القلعة الشامخة ، وعلى شيخها يحيى نصره الله ، ولما أن سقط أبو الحسن المصري وفشل في مؤامراته ، والتي هزت أهل السنة ، حتى ظهرت المؤامرة الكبرى يتزعمها صالح البكري اليافعي ، وكان في شقه وصفه أحمد الشيباني التعزي ، وهذان الرجلان ترأسا هذه المؤامرة التي قامت على الغلو في بداية الأمر ، ثم حصل التميع بعد ذلك والإنخراط مع أهل الأهواء كأسلافهم الذين مضوا .
وكانت مهمة هذه المؤامرة البكرية هذه المرة ، عبارة عن تجميع الأخطاء والزلقات زعموا ، وكان ذلك قائما على الكذب والبهتان والإلصاق والبتر ، وغير ذلك مما قامو به من الفجور والخيانة ، ولكن كما قال ربنا سبحانه : {{ ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }} .
وحاصل هذه المؤامرة البكرية الشيبانية كما تقدم : هو التحذير والطعن في مركز دماج وفي شيخنا يحيى المبارك رعاه الله ، ومن طعونات البكري الخبيثة ، أنه يقول : الحجوري أشر وأخبث من أبي الحسن .
فقام الليث يحيى وانبرى لهذه المؤامرة ، ففند ذلك البهت وتلك الأكاذيب والإرجافات ، وقمع الله صالح البكري ومن معه ، فصار منبوذا حقيرا ، {{ وأن الله لا يهدي كيد الخائنين }} . وهذه الأبيات من قصيدة كنت قد كتبتها ردا على ذلك الفاجر ، قلت فيها :
****************
مؤامرة أبي مالك الرياشي
أما هذه المؤامرة ، فحقيقة أنها لا تستحق الذكر ، ولكن ذكرتها من أجل أن يعلم أهل السنة ما يلاقيه شيخنا حفظه الله من هذه الحملات والهجمات والمؤامرات ، وأنها لا تنقطع ، وأن هذا المركز المبارك محارب ومقصود من قبل الأعداء ، وأنهم ينعشون الخونة والذين في قلوبهم مرض على هذه الدعوة المباركة وعلى القائمين عليها ، من أمثال أبي مالك الرياشي المفتون وغيره .
لقد حاول أبو مالك الرياشي المغرور أن يقوم بزوبعة ومؤامرة على شيخنا الهزبر يحيى حفظه الله ، ولكنها زوبعة ومؤامرة هزيلة ، فإن أبا مالك رجل هزيل ومبغوض عند أهل السنة وطلاب العلم ، لما يحمله من الغرور والتيه ، وعدم التواضع والين ، وكفران المعروف ، وغير ذلك من المخازي التي يترفع عنها طلاب العلم وحامل السنة .
من تلك الزوبعة : طعوناته الشديدة والفاجرة في شيخنا يحيى حماه الله من كيد الكائدين ومكر الماكرين ، بل وحاول أن يعمل له إنقلاب ، ويقول : أخرجو الحجوري من دماج ونأتي بواحد بدله ، وما أشبه سفاهة عائض مسمار عندما أراد أن يخرج الشيخ الإمام حفظه الله من معبر ، فأي سفه بعد هذا ، وما حالهم إلا كما قيل :
وليس الطعن مقتصرا في شيخنا رعاه الله وحسب ، بل يقول أبو مالك الرياشي أخزاه الله ، في شيخنا محمد بن عبد الله الإمام سدده الله : إن محاضراته تشبه محاضرات جماعةالتبليغ ، وتالله إنك لكذاب أشر يل أبا مالك ، تقول هذا في شيخنا الإمام الهمام الذي هو أسد المنابر ، وشيخ المحابر ، يشهد له القاصي والداني بطول باعه في هذ الفن ، حتى الأعداء من أهل البدع ، يحضرون محاضراته وخطبه ، لقوتها وفائدتها ، وأنه فارس الميدان بلا مدافعة .
وحتى لانعطي الرجل أكثر مما يستحق ، كان مآل أبي مالك الرياشي المخذول : هوالذل والإهانة ، فقد أخرج من دماج مذؤوما مدحورا .
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }} [ آل عمران 102] .
{{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }} [ النساء 1] .
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }} [ الأحزاب 70^71] .
فيقول ربنا جل في علاه في كتابه العزيز : الذي {{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }} [فصلت:42] وقال جل ذكره :{{ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، إذ قالله ربه اسلم قال أسلمت لرب العالمين }}[البقرة:130،131] .
فإن الله عز وجل قد بين أن ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، هي الإسلام الذي جاء به سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، فهذا الإسلام ، هو دين الله الخالص الذي ارتضاه لنفسه سبحانه فقال : {{ إن الدين عند الله الإسلام }}[آل عمران:19] وقال تبارك وتعالى: {{ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }}[آل عمران:85] .
على هذا تركنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ولا يتبعها إلا كل منيب سالك .
على الكتاب والسنة سار الصحابة والآل الكرام ، وعلى السير سار التابعون ومن بعدهم من أهل الحديث والسنة بانتظام ، وإلى زماننا هذا وما شاء الله ، والسير هو السير ، فسبحان الذي بيده الخير .
فإن الله قد تكفل بحفظ دينه ، فقال سبحانه : {{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }}[الحجر:9] ، فكان من تكفله لدينه ، أن هيأ وأوجد في كل زمان حرسا لدينه ، يذبون عنه باللسان والبيان ، بالحجة والبرهان ، وبالسيف إن أمكن مع السلطان ، لدحر الكافرين والمارقين عن الإسلام في كل زمان .
{{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد...}}[غافر:15]{{ ولينصرن الله من ينصره...}}[الحج:40]{{ إن تنصروا الله ينصركم }}[محمد:7] فهو وعد من الله لمن أقام دين الله ونصره ، أن ينصره الله ، وأن من قام على دين الله وخذله ، خذله الله .
فإنه ليس زمان إلا وربنا سبحانه يبعث فيه من يجدد دينه ، ويبين للناس أحكامه وتنزيله ، قال نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم :(( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )) رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وصححه الألباني رحمه الله ، وأشار الإمام أحمد رحمه الله إلى تصحيحه كما في( السير ) للذهبي (10/46) قال أحمد بن حمبل من طرق عنه : إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن ، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب ، قال : فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وفي رأس المائتين الشافعي .
وإن مما تحقق في زماننا هذا هو ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ظهر أولئك الأئمة الأربعة الذين جدد الله بهم الدين ، فأحيا بهم السنن ، وأمات بهم البدع والفتن ، وهؤلاء الأعلام هم :
الإمام المجدد عبد اللعزيز بن عبد الله بن باز ، والإمام المجدد محمد ناصر الدين الألباني ، والإمام المجدد محمد بن صالح العثيمين ، والإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي ، رحم الله الجميع رحمة واسعة ، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .
وليس هناك أي مانع من أن يوجد أكثر من مجدد في زمن واحد ، والحديث واضح وبين في ذلك ولله الحمد .
وهذا ليس معناه أنه ليس في الأمة إلا هؤلاء العلماء ، فالعلماء ولله الحمد كثير ،
يقومون بما أوجب الله عليهم ، فمنهم المعلمون والمؤلفون ، ومنهم الفقهاء والمحدثون ، وكل في بابه وفي ما مكنه الله لحفظ دينه .
والذي نريد بيانه هو : أن المجدد من أظهر الله على يديه الخير والدين ، فأحيا الله به السنن والآثار ، وقمع به البدع والمحدثات ، فنصر الله به الدين نصرا مؤزرا .
وهنا ليس موطن الكلام عما يقوم به المجدد ، وبماذا يكون مجددا ، وشروط المجدد وغير ذلك ، فقد بين العلماء ذلك بما فيه الكفاية ولله الحمد ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى ما كتبه علمائنا وبينوا في ذلك رحم الله الجميع وحفظ أحيائهم .
وقد كان لشيخنا الإمام الوادعي عليه رحمة الله ، النصيب الأكبر في نشر دين الله ، والجهاد في سبيل الله بلسانه وقلمه ، فحقق الله على يديه أمرا عظيما لم يكن في الحسبان ، فأقام السنة خير قيام ، بعد أن كانت البلاد اليمنية في مستنقع البدع والضلال ، فنشر الدعوة السلفية ، التي هي دين الله الحق والإسلام الصحيح ، والتي من رغب عنها فقد سفه نفسه ، وهو في الآخرة من الخاسرين .
فهل تخفى هذه الدعوة المباركة ، التي ضربت بأطنابها شتى بقاع الدنيا ، على من يقول : إن الشيخ رحمه الله ليس بمجدد ، فإذا كانت أمريكا ومن ورائها من دول الكفر والإلحاد قد أقظّت هذه الدعوة مضاجعهم ، وارتجفت لها قلوبهم ، وهم يحسبون لها كما يقال ألف حساب ، فما خافوا من دعوة الإخوان المسلمين ، ولا الصوفية ، ولا الشيعة والرافضة ، وغير ذلك من الدعوات التي تنادي بالإسلام وتدعيه ، بل هؤلاء يمكنون في كثير من الأمور ، لعلمهم أنها دعوات هدم للإسلام ، نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا .
ويأتي لنا هذا المهمش ويقول : الشيخ مقبل عالم ليس بمجدد ... وغير ذلك من الكلام الذي لا يصدر إلا من أحد رجلين : إما شخص يجهل ما قام به هذا الإمام النحرير من الدعوة السلفية الصافية كما تقدم ، فهذا يصبر عليه ، ولا بأس أن تكون معه جلسة يبين له أن الشيخ مقبل الإمام المجدد قام بكذا ، وكان له من الأثر كذا ، ونفع الله به كذا ، وهكذا يبين له حتى ولو كان من أهل العلم والفضل ، فهو عبارة عن درس يأخذه الفاضل ممن هو في رتبته أوممن هو دونه .
أو أنه صاحب تهميش ، وهؤلاء المهمشون حالهم والله كالذي يريد أن يغطي على عين الشمس ، فيا أيها المهمش أترك التهميش ، وإلا لتهشمّن الأسود رأسك ، فإن لهذ الإمام ليوثا لاتصارع ، وإن شئت فجرب ، وإياك وباطشة الهزبر ، الذي بطش أحمد بن نصر الله الذي أراد أن يتعدى على ثروة الإمام الوادعي العلمية ، فقد بطشه الهزبر فهشم رأسه وأنفه ، فلله درك ولله أبوك يا يحيى .
واقرأ يا هذا كلام الشيخ ربيع حفظه الله ذلك العالم المجاهد المنصف ، وذلك في تعزيته لأهل السنة باليمن بموت هذا الإمام المجدد عليه رحمة الله ، وقد بين حفظه الله : أن الشيخ مجدد بحق وإمام نحرير ، لم يكن نشر للسنة ولهذه الدعوة السلفية من لدن عبد الرزاق الصنعاني ومن بعده إلى زمن الشيخ رحمه الله ، فهذ هو الإنصاف والحق ، وهي شهاد من عالم بصير حفظه الله .
هذا وقد تسابق طلاب الشيخ رحمه الله إلى بر والدهم ليردوا له شيئا من الجميل ، فقام عدد منهم وترجموا للشيخ رحمه الله ، وبينوا آثاره الحميدة ودعوته المجيدة ، وأفضل ما وقفت عليه من هذه التراجم (( الإبهاج )) لمؤلفها حميد العتمي هداه الله كان من طلاب الشيخ رحمه الله ، والآن هو مع أبي الحسن المصري رقيق الكفالة الشهرية ، (( والبيان الحسن بترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن )) لمؤلفها الأخ الفاضل عبد الحميد الحجوري حفظه الله .
فهذه مقدمة لرساتي التي هي جهد المقل مشاركة في نصر الحق وأهله ، وتبيين للباطل وذيله ، مع ما قام به الإخوة الفاضل ، من الردود النافعة ، والتصدي لهذه الشرذمة الماكرة ، وذلك نصرة وعونا لشيخنا ومربينا الناصح الأمين شيخنا أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ورعاه وسدد على الحق خطاه ، الذي دارت رحى المؤامرة الكبرى عليه وعلى مركزه ، مركز الإمام الوادعي عليه رحمة الله .
**************
ذكر بعض المؤامرات التي تعرض لها الشيخ عليه رحمة الله
لقد تعرض شيخنا مقبل عليه رحمة الله ذلك الإمام المجدد والمجاهد في دين الله تعالى ، لمؤامرات وحملات كثيرة ، منها ما بينه رحمه الله في تلك الترجمة التي كتبها بيده ، بعد طلب وإلحاح من محبيه .
ومع شدة وضراوة تلك المؤامرات ، فشلت بعون الله وتأييده ، ونصر الله ذلك الإمام وأيده ومكن له تمكينا عظيما ، وقد كانت مؤامرات من الداخل والخارج ، فمن تلك المؤامرات :
ما قام به الشيعة والرافضة ، من محاربة الشيخ رحمه الله محاربة شديدة ، إلى حد حاولوا مرات قتله ، وهكذا محاولات كثيرة من هؤلاء الصم البكم ، فمرة يسجن ، وأخرى يسلط عليه السفهاء من همج الناس وسقطهم ن وغير ذلك مما قام به الشيعة والرافضة أخزاهم الله ، بل وحتى المكارمة ، أرسلوا من يحاول قتل الشيخ عليه رحمة الله .
وأيضا الصوفية ، لاقى الشيخ منهم ما لاقى ، ولكنهم دون الشيعة والرافضة .
وهكذا المؤامرات من الأحزاب الكافرة مثل : الإشتراكية والناصرية والبعثية ومعها العلمانية ، وحملات ضارية من الجرائد والإعلام ، كل هؤلاء لاقى الشيخ رحمه الله منهم هجوما ضاريا ، وقد حاولوا قتله فنجاه الله منهم {{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }} [الأنفال 30 ].
وأما الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب الإخوان المسلمين ، فهؤلاء كم سنذكر من أمور ، وعوائق ، ومحن ، ومؤامرات ، تعرض لها الشيخ عليه رحمة الله ، وهو صامد كالجبل الأشم ، ولسان حاله يردد {{ لن يضروكم إلا أذى }} [آل عمران111] ، ولأن ثقته بالله أنسته كل هذه المصاعب .
فذاك أسامة بن لادن : يحاول ويرسل بالأموال ، ليحاول تغيير مسار الشيخ رحمه الله عن هذه الجادة ، والشيخ صامد .
وهؤلاء أفراخ الإخوان المسلمين كذلك ، يرسلون بالأموال الطائلة كي يثنوا الشيخ رحمه الله عن مراده في نشر هذه الدعوة السلفية المباركة ، فلا يبالي الشيخ رحمه الله في ذلك ، بل ويدوس الدنيا تحت قدمه ، ويعيش عزيزا كريما على ما يسره الله .
فيخرج عليه من طلابه مجموعة ممن رباهم وعلمهم وعطف عيهم ، وكان لهم كالأب الحنون .
يخرج عليه هؤلاء الذين لهثت أنفسهم وسال لعابهم وراء هذه الأموال التي مصدرها هؤلاء الأفراخ من أصحاب الجمعيات ، والتي هي منبع الشر والفتنة على الدعاة إلى الله من طلبة العلم ، فلطالما عانى الشيخ من هؤلاء الذين أفسدوا عليه بعض طلابه .
فالشيخ يتعب ويربي ، وهؤلاء يصطادونهم بتلك الأموال والعطايا ، ويصيرون بعد ذلك حربا على من رباهم وعلمهم ، فيتطاولون عليه ويرسلون ألسنتهم باطعونات والتخرصات ، حتى قال أحدهم وهو عبد المجيد الريمي : إما أن تلتحق بنا وإلا فالقافلة ماشية ، وصار عبد المجيد الريمي مثل أصنج الكلاب .
ولطالما صبر عليهم الشيخ عليه رحمة الله ، علهم يرجعون ويعودون إلى ما كانوا عليه ، ولكن رأى الشيخ رحمه الله أنه لا فائدة من ذلك ، وأن القوم أُشربت قلوبهم الدنيا ، وصاروا يجمعون الأموال باسم الدعوة ، حتى عرفوا بلصوص الدعوة .
فانقض عليهم انقضاض الصقر للأرنب ، فأعطى كل واحد منهم لطمة وقع على إثرها ، فذاك قال له : السفيه الكذاب ، ولآخر : مثل أصنج الكلاب ، وثالث : قطر الله دمه ، وهكذا واحدا واحدا ، فذهبوا شذر مذر ، وصاروا عبرة لمن اعتبر .
فرحمة الله على شيخنا كم واجه من تلك المؤامرات ، وكم صارع وناضل في سبيل هذه الدعوة السلفية الحقة ، {{ يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون }}[التوبة32] .
فشلت تلك المؤامرات الواحدة تلو الأخرى وبارت كلها بحمد الله تعالى ، {{ إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور }} [الحج38]
فهذه نبذة مختصرة لما حصل لشيختنا مقبل عليه رحمة الله من تلك المؤامرات ، وتكالب الأحزاب عليه من الداخل والخارج ، فكان النصر حليفه ، وأقبل الله بقلوب العباد عليه ، وعلى داره المباركة ، فكانت هذه هي ثمرت ذلك الصبر والجهاد في دين الله عز وجل {{ والعاقبة للتقوى }}[طه132] ، فهل من مدكر .
وبعد أن أرسى الإمام الوادعي عليه رحمة الله وأثبت هذه الدار المباركة بعون الله وتأييده ، وصارت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، رحل الإمام من هذه الدنيا إلى جوار ربه مشكورا مأجورا ، يدعى له ويترحم عليه في مشارق الأرض ومغاربها ، وقد أبلى بلاء حسنا ، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه سبحانه .
ولم يغادر الإمام هذه الدار حتى صدر وصيته تلك المشهورة والمعلومة ، فكانت خير وصية من أب حنون لأبنائه وإخوانه وقومه .
ولعلمه وإدراكه عليه رحمة الله : أن هذه الدعوة لن تنقطع عنها تلك المؤامرات الماكرة ، وبالأخص على مركزه وداره العظيمة ، والتي لا يجد لها نظير على سطح هذه المعمورة ، فكان ولا بد من وجود من يقوم بهذه المهمة كما قام هو على ذلك عليه رحمة الله ، فدارت فراسته هنا وهناك ، فعلم أن ليس لها إلا يحيى بعد الله ، والله ناصره .
فقال رحمه الله مخاطبا قومه وعشيرته : ( وأوصيهم بالشيخ الفاضل يحي بن علي الحجوري خيرا وألا يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين ) ، وأبان رحمه الله أن العز والتمكين حليف قومه وعشيرته ، ما حفظوا وحافظوا على هذه الدار بحول الله وقوته .
قلت : وعلى هذا فالحفاظ على شيخ الدار هو حفظ للدار ، فالدار هي يحيى ويحيى هو الدار ، أمر لا ينفك عن الآخر ، فهل علم هذا الطاعنون فعلى شيخنا يحيى يسمرون ، وعلى المؤامرة ينامون ، وفي النهار يمكرون مكرا كبارا .
******************
المؤامرة الليبية
إن هذه المؤامرة بدأ شررها والشيخ رحمه الله على فراش مرضه ، فقد كان أولئك المرضي الهلكى الذين دب في قلوبهم الحقد والحسد ، لا يدخرون جهدا في محاولة إسقاط هذ الشيخ الجليل والعالم النحرير شيخنا يحيى حفظه الله ورعاه ، فقد بدات المؤامرة الأولى يقودها بعض الليبيين الخونة من أمثال أبي عبيدة الزاوي وأبي عبيدة المصراتي ، فقد كان هؤلاء يراسلون الشيخ رحمه الله وهو في مرضه، فزادوه همّاً إلى هم ، وكانت تلك الرسائل تحتوي على الطعونات الماكرة والكلمات الفاجرة ، ولكن ثقة الأب بابنه والشيخ بتلميذه لم يزده ذلك إلا ثقة على ثقة وحبا وتثبيتا ، {{ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله }} [فاطر43] .
وهكذا تستمر هذه المؤامرات بعد رحيل الإمام الوادعي عليه رحمة الله ، فما إن مات الشيخ رحمه الله إلا واشتدت المؤامرة واجتمعت الأحزاب على شيخنا يحي أيده الله ونصره ، وحتى لا تكون لهذه المؤامرة نكسة وضربة واحدة ، عملوا على الترتيب والتدرج ، الواحد تلو الأخرى .
فكما قدمنا أن الليبيين على تلك المؤامرة بعد موت الشيخ رحمه الله ، وكانت المحاولة جارية والقلقلة مستمرة على هذه الدار وعلى شيخها المفضال يحي حفظه الله ونصره ، ولكن أبى الله إلا أن تنكس رؤس هؤلاء الخونة ، فأظهر الله أظغانهم ، واستبان لأهل السنة خيانتهم ومؤامراتهم ، بعد أن وقف الهزبر في وجوههم ، فأبان حالهم وكشف عوارهم ، فطردوا شر طردة ، وذهبوا شذر مذر ، بعد أن كان بعضهم تجتمع له الجموع في درسه ، فلا إله إلا الله أحكم الحاكمين .
************
المؤامرة الحسنية المصرية .
وما إن ولت المؤامرة الليبية أدبارها وبارت ، على أنها دون المؤامرة التي بعدها بكثير حتى ظهرت المؤامرة الحسنية المصرية ، بزعامة المنظر والمنظم لها أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المصري نزيل مأرب .
وهذا الرجل كان بداية أمره جهاديا تكفيريا ، وقد جاء إلى اليمن على ذلك الفكرالمنحرف ، وبدأ يزور شيخنا مقبل عليه رحمة الله في بعض العطل ، حتى أحسن الشيخ وأهل السنة به الظن ، وأهل السنة من أظهر لهم الخير شجعوه وساعدوه على ذلك ، وبدأ الرجل يتكلم ويدعو بدعوة أهل السنة سنينا ، حتى صار يشار إليه بالبنان ويقال الشيخ فلان ، ومع هذا فقد كان عنده بعض الأمور ، التي كان أهل السنة يغضون الطرف عنها ، ولأن الرجل كان يظهر السنة .
وكان الشيخ عليه رحمة الله قد تفرس لهذا الرجل ، وصدقت فراسته بعد ذلك عليه رحمة الله ، فكان يلمزه في بعض المجالس ، فمرة يقول : لو تمكن أبو الحسن من الدعوة لبطش بها ، وأخرى يقول : إني أخاف على دعوتنا من أبي الحسن ، ولو قوي ساعده لما بالى بأحد من أهل السنة ، ولكن اتركوه فلن يضر الدعوة شيئا ، ويقول عليه رحمة الله : في النفس منه شيئ ، ويقول أيضا : يميل إلى الفلوس .
فلم تخطئه فراسة الإمام عليه رحمة الله ، وكاد أن يخرجه من وصيته التي كتبها قبل موته رحمه الله ، إلا أن بعض من كان مع الشيخ حاول كثيرا حتى كتبه الشيخ رحمه الله ، والناظر في وصية الشيخ التي كتبها بيده يتبين له ذلك ، وكان أبو الحسن قد شعر أن الشيخ رحمه الله منكمش منه ، فلذلك أرسل أبا حاتم لهذه المهمة .
وما إن ارتحل الشيخ عليه رحمة الله إلى جوار ربه ، إلا وقام أبو الحسن المصري وانبرى لما قد كان يعد ويضمر في نفسه الأمارة بالسو ء وأطلق ذلك الانفجار الذي لطالما حشاه بأنواع المفجرات وكتمه ، فصرخ قائلا ذهب زمن الخوف ، أي بموت الشيخ عليه رحمة الله ، فأظهر ما كان يخفيه من الجمعيات التي كان الإمام الوادعي عليه رحمة الله يحاربها محاربة شديدة ، لما تنطوي عليه هذه الجمعيات من الفتنة والشر .
وهكذا بدأ أبو الحسن المصري الحرب والمؤامرة على مركز دماج وعلى تاجها يحيى المتلألئ بالعلم والفضل ، فوجه طعوناته الشديدة نحو هذا المكان وبأبشع الطعونات ، فتارة يقول : قواطي صلصلة ، وأخرى الأقزام ، وتحت الأقدام ، والأراذل ، والحدادية ، وتوالت طعوناته الآثمة والبشعة التي لم يطلقها من سبقه من أهل الأهواء والبدع .
واهتز لذلك أهل السنة ، وكانت فتنة ومؤامرة حالكة ، حيرت الكثير من أهل السنة ، وكان المصري قد أعد الأموال الطائلة لهذه المؤامرة ، فأعطى هذا وأشبع هذا وقرر كفالة شهرية لهذا ، حتى كون حزبا ماكرا يسمى بحزب (( براءة الذمة )) وهو الحزب الذي عرف بعد ذلك ب(( توريط الذمة )) ، وهذ الحزب أعده أبو الحسن المصري ليكون له درعا وعونا ، حتى يقوم بتنفيذ أغراضه ومؤامراته الخاسرة ، في التصدي لمركز دماج وتاجها يحيى المتلألئ بالعلم والفضل .
بل وحاول أن يكسب بعض مشايخ السنة ودعاتها إلى صفه وحزبه الماكر ، وقد سلمهم الله من ذلك وتصدوا له بعد ذلك وأخمدوه بفضل الله سبحانه ، وكان الرجل بذلك الطيشان والعنترة ، يظن أنه سينال بغيته وما سما له ، من التصدي لهذا المركز وصرف الناس عنه ، ولكن أبى الله إلا أن يدوم هذا الخير ويستمر .
فانبرى له يحيى وما أدراك ما يحيى ذلك الليث الشامخ والهزبر الباطش ، فضربه ضربة الليث الكاسر ، وكانت البطشة بطشة الهزبر ، فأرداه صريعا بعد أن كان منيعا والفضل لله كله جميعا .
وقد تبين لأهل السنة بعد ذلك مكره ومؤامراته ، فحملوا عليه جميعا حتى برد ، وكان من هؤلاء علماء السنة في اليمن ، وكذلك من خارج اليمن ، وعلى رأسهم الشيخ ربيع حفظه الله ورعاه ، فقد كان له الدور الكبير في مناصرة شيخنا يحيى حفظه الله ورعاه .
ولم يُرد على أحد من أهل الأهواء ، بمثل ما رُد على أبي الحسن المخذول في هذا الزمن ، لكثرة الردود عليه من الداخل والخارج ، بعد أن كسره الهزبر يحيى ثبته الله .
وإلا فقد كان أبو الحسن يرعد ويزبد لا يلقي لأحد بالا، حتى كان بعضهم إذا قدم له في محاضرة ، وصفه بقوله : عملاق أهل السنة ، وقدر الله وما شاء فعل ، انزلق عملاق أهل السنة ، حتى صار قزما ، بعد أن كان عملاقا على وصف بعضهم ، وما ذاك إلا أن الله سبحانه لا يصلح عمل المفسدين .
وقد كان أبو الحسن يريد أن يسير الدعوة على تلك التأصيلات الفاسدة التي اخترعها ، وحتى تكون واسعة تقبل أي أحد ، كالوادي الأفيح يقبل أي شيئ .
ولهذا لما قلت في القصيدة الشعبية :
حدادية والله تنسبنا لها **** بالزور والبهتان وانته خالها
اعصد لك احصد حمرا كلها **** اعجن لك سبط غيرها
ليش ما ظهر ذيلك بطوله يا بطل **** في يوم كان الشيخ مقبل في العمل
هل كان با يكفيك درة واحدة **** يل صاحب التأصيل لعبه باردة
تأصيل تأصيل زيدت الجنان **** ارقد لك ارقد إلا يا فلان
ابشر بملطام من يحي يرن **** ملطام والا اثنين يعرس لك بهن
لا بد هذا العرس يسمع له حنين **** واصبر ولا تزعل ولا نسمع أنين
اعصد لك احصد حمرا كلها **** اعجن لك سبط غيرها
ليش ما ظهر ذيلك بطوله يا بطل **** في يوم كان الشيخ مقبل في العمل
هل كان با يكفيك درة واحدة **** يل صاحب التأصيل لعبه باردة
تأصيل تأصيل زيدت الجنان **** ارقد لك ارقد إلا يا فلان
ابشر بملطام من يحي يرن **** ملطام والا اثنين يعرس لك بهن
لا بد هذا العرس يسمع له حنين **** واصبر ولا تزعل ولا نسمع أنين
إلى آخر ما قلنا في تلك القصيدة ، والتي تعمدت إلقائها على ما تقدم ، إهانة لأبي الحسن المصري الذي أهانه الله بالحزبية والبدعة ، أن كان يدعو إلى السنة ، وبعد أن قال في أهل السنة ما قال من الكلام المتقدم وغيره ، وقد قال الشيخ ربيع حفظه الله : إن هذا الكلام الذي قيل فيه ليس بشيئ بجانب ما قاله في أهل السنة وبالأخص في مركز دماج ، كما أخبرني بذلك شيخنا يحيى المبارك رعاه الله ، فأقاموا الدنيا ، وذهب أبو الحسن ينشر ذلك ويوزع هنا وهناك ، وصار ذلك وبالا عليه ، ورد كيده في نحره ، ولله الحمد والمنة .
***********
المؤامرة البكرية الشيبانية
وهكذا تستمر هذه المؤامرات بلا انقطاع على هذه القلعة الشامخة ، وعلى شيخها يحيى نصره الله ، ولما أن سقط أبو الحسن المصري وفشل في مؤامراته ، والتي هزت أهل السنة ، حتى ظهرت المؤامرة الكبرى يتزعمها صالح البكري اليافعي ، وكان في شقه وصفه أحمد الشيباني التعزي ، وهذان الرجلان ترأسا هذه المؤامرة التي قامت على الغلو في بداية الأمر ، ثم حصل التميع بعد ذلك والإنخراط مع أهل الأهواء كأسلافهم الذين مضوا .
وكانت مهمة هذه المؤامرة البكرية هذه المرة ، عبارة عن تجميع الأخطاء والزلقات زعموا ، وكان ذلك قائما على الكذب والبهتان والإلصاق والبتر ، وغير ذلك مما قامو به من الفجور والخيانة ، ولكن كما قال ربنا سبحانه : {{ ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }} .
وحاصل هذه المؤامرة البكرية الشيبانية كما تقدم : هو التحذير والطعن في مركز دماج وفي شيخنا يحيى المبارك رعاه الله ، ومن طعونات البكري الخبيثة ، أنه يقول : الحجوري أشر وأخبث من أبي الحسن .
فقام الليث يحيى وانبرى لهذه المؤامرة ، ففند ذلك البهت وتلك الأكاذيب والإرجافات ، وقمع الله صالح البكري ومن معه ، فصار منبوذا حقيرا ، {{ وأن الله لا يهدي كيد الخائنين }} . وهذه الأبيات من قصيدة كنت قد كتبتها ردا على ذلك الفاجر ، قلت فيها :
أتطعن في المشايخ يا صويلح **** فلا نامت عيون الفاجرينا
أتطعن في المشايخ أهل العلم **** وفضل يا إمام الماكرينا
تقول الشيخ يحيى ذلك شرا **** من المصري فقت الآثمينا
ألا تعلم صويلح أن شيخي **** كمثل البدر يهدي السالكينا
فإن الله ربي قد حباه **** مقاما ناله حقا أمينا
فحقدك يا صويلح سوف يبلى **** وينعم شيخنا دنيا ودينا
وتبقى يا صويلح في انتكاس **** تذوق المر عارا في الجبين
أتطعن في المشايخ أهل العلم **** وفضل يا إمام الماكرينا
تقول الشيخ يحيى ذلك شرا **** من المصري فقت الآثمينا
ألا تعلم صويلح أن شيخي **** كمثل البدر يهدي السالكينا
فإن الله ربي قد حباه **** مقاما ناله حقا أمينا
فحقدك يا صويلح سوف يبلى **** وينعم شيخنا دنيا ودينا
وتبقى يا صويلح في انتكاس **** تذوق المر عارا في الجبين
****************
مؤامرة أبي مالك الرياشي
أما هذه المؤامرة ، فحقيقة أنها لا تستحق الذكر ، ولكن ذكرتها من أجل أن يعلم أهل السنة ما يلاقيه شيخنا حفظه الله من هذه الحملات والهجمات والمؤامرات ، وأنها لا تنقطع ، وأن هذا المركز المبارك محارب ومقصود من قبل الأعداء ، وأنهم ينعشون الخونة والذين في قلوبهم مرض على هذه الدعوة المباركة وعلى القائمين عليها ، من أمثال أبي مالك الرياشي المفتون وغيره .
لقد حاول أبو مالك الرياشي المغرور أن يقوم بزوبعة ومؤامرة على شيخنا الهزبر يحيى حفظه الله ، ولكنها زوبعة ومؤامرة هزيلة ، فإن أبا مالك رجل هزيل ومبغوض عند أهل السنة وطلاب العلم ، لما يحمله من الغرور والتيه ، وعدم التواضع والين ، وكفران المعروف ، وغير ذلك من المخازي التي يترفع عنها طلاب العلم وحامل السنة .
من تلك الزوبعة : طعوناته الشديدة والفاجرة في شيخنا يحيى حماه الله من كيد الكائدين ومكر الماكرين ، بل وحاول أن يعمل له إنقلاب ، ويقول : أخرجو الحجوري من دماج ونأتي بواحد بدله ، وما أشبه سفاهة عائض مسمار عندما أراد أن يخرج الشيخ الإمام حفظه الله من معبر ، فأي سفه بعد هذا ، وما حالهم إلا كما قيل :
يا ناطح الجبل العلي يوما ليمهنه **** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
وليس الطعن مقتصرا في شيخنا رعاه الله وحسب ، بل يقول أبو مالك الرياشي أخزاه الله ، في شيخنا محمد بن عبد الله الإمام سدده الله : إن محاضراته تشبه محاضرات جماعةالتبليغ ، وتالله إنك لكذاب أشر يل أبا مالك ، تقول هذا في شيخنا الإمام الهمام الذي هو أسد المنابر ، وشيخ المحابر ، يشهد له القاصي والداني بطول باعه في هذ الفن ، حتى الأعداء من أهل البدع ، يحضرون محاضراته وخطبه ، لقوتها وفائدتها ، وأنه فارس الميدان بلا مدافعة .
وحتى لانعطي الرجل أكثر مما يستحق ، كان مآل أبي مالك الرياشي المخذول : هوالذل والإهانة ، فقد أخرج من دماج مذؤوما مدحورا .
وسيأتيكم دور مؤامرة عبد الرحمن العدني وأخيه عبد الله العدني ..............................
تعليق