بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ؛ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛من يهده الله فلا مضل له ؛ومن يضلل فلا هادي له ؛وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ؛وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فيسرني أن أتقدم بهذا الجمع المتواضع من أقوال سلفنا رحمة الله عليهم في التميّز عن أهل الأهواء والبدع و تمسكهم بالسنة والذَّب عنها فقد كانوا رحمهم الله أشداء على أهل الباطل قوالين بالحق لا يخافون في الله لومة لائم فما أحوجنا لمثل هؤلاء الأبطال في زمننا هذا فنحن نرى الكثير من الإخوة قد ميَّزوا بين الحق والباطل في بعض المسائل ولكن للأسف لا يستطيعون الصدع بالحق فلعل هذا الجمع من أقوال أئمة السلف يبيِّن لهم ما كان عليه السلف من مواقف مشرِّفة أمام أهل الأهواء.
وكذلك مما نعاني منه سواء في بلادنا الجزائر أو في غيرها إلا من رحم الله عدم التميز عن أهل الباطل فنسأل الله أن يبَّصرنا وإياهم بالحق ولا ننسى كلمة الشيخ مقبل رحمه الله التي كان كثيرا ما يرددها :ما نتصرت دعوتنا إلاَّ بالتميز؛ فنسأل الله الإخلاص في القول والعمل وبالله التوفيق:
قال خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه :" لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلاَّ عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ"{صحيح مسلم :1759}
وقال أحمد بن أبي الحواري :" من عمل بلا اتباعِ سنة فعمله باطل " {سير أعلام النبلاء} [12/88]
قال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله : "إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " {مقدمة صحيح مسلم}
وقال أيضا :" لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فيُنظر أهل السنة فيؤخذ حديثهم ويُنظر إلى أهل البدع فلا يُؤخذ حديثهم". {مقدمة صحيح مسلم}
وقال أبو الزناد عبد الله بن ذكوان : "ما كان الرجل يُعد رجلاً حتى يَعرف السنة " {سير أعلام النبلاء} [56/5]
قال الإمام مالك رحمه الله : "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول : [ اليَومَ أَكمَلتُ لكُم دِينَكُم ...]؛ فما لم يكن يومئذ دينا؛ فلا يكون اليوم دينا " { الإعتصام للشاطبي } [ص:65]
وقال أبو قلابة الجرمي رحمه الله : " إذا حدَّثت الرجل بالسنة؛ فقال دعنا من هذا؛ وهات كتاب الله؛ فاعلم أنه ضال." ؛ وقال أيضا :" لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم فإني لا آمن ان يغمروكم في ضلالتهم؛ أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون ." {سير أعلام النبلاء} [4/472]
وقال الإمام الزهري رحمه الله :" كان من مضى من علمائنا يقولون الإعتصام بالسنة نجاة ." {مقدمة سنن الدارمي}
وقال عبيد بن شريك البزار : كان أبو معمر القطيعي من شدة إدلاله بالسنة يقول :" لو تكلمت بغلتي لقالت: إنها سُنِّية" {سير أعلام النبلاء } [11/70]
وقال سفيان الثوري رحمه الله : " من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه." ؛ وعنه :" من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه؛ لا يُلقها في قلوبهم." ؛
قال الذهبي معلقا على قول سفيان : " أكثر أئمة السلف على هذا التحذير؛ يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة." {سير أعلام النبلاء} [7/261]
قال يحي بن أبي كثير رحمه الله : " إذا رأيت المبتدع في طريق؛ فخذ في غيره " {سير أعلام النبلاء} [6/29]
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : " لا يُرفع لصاحب بدعة إلى الله عمل "
وقال إبراهيم بن ميسرة رحمه الله :" من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام "
وقال عبد الله بن عمر السرخسي رحمه الله :" أكلت عند صاحب بدعة أكلة؛ فبلغ ذلك ابن المبارك فقال : " لا كلَّمته ثلاثين يوما"
وقال الحسن البصري رحمه الله : " ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة "
وقال عطاء الخرساني رحمه الله : " ما يكاد يأذن الله لصاحب بدعة بتوبة "
قال رجل لأيوب السختياني رحمه الله: "يا أبا بكر إن عمرو بن عبيد قد رجع عن رأيه" ؛قال : "إنه لم يرجع" ؛قال: "بلى يا أبا بكر إنه قد رجع" ؛قال أيوب: "إنه لم يرجع" ثلاث مرات؛ "أما إنه لم يرجع؛ أما سمعت إلى قوله : "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون حتى يرجع السهم إلى فوقه"
وقال رجل من أهل الأهواء لأيوب : "أسألك عن كلمة "فولى أيوب وهو يقول:" لا؛ ولا نصف كلمة " مرتين يُشير بأصبعه. {شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة} [157-162]
ودخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء فقالا : "يا أبا بكر نحدِّثك بحديث"؟ قال: "لا"؛ قالا " نقرأ عليك آية من كتاب الله " ؟ قال:" لا"؛ قال :" تقومان عني وإلاَّ قمت ". فقام الرجلان فخرجا؛ فقال بعض القوم : "ما كان عليك أن يقرأ آية؟ قال:" إني كرهت أن يقرأ آية فيُحرفاها فيقر ذلك في قلبي " {شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة } [ص150]
تعليق