دَليلُ واقعٍ ومشَاهدَةٍ على الفِكر العَقائدي في
جمَاهير الحوثيِّين
بسم الله الرحمن الرحيم
جمَاهير الحوثيِّين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العاَلمينَ وصَلى الله وسلمَ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهِ وسلمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدينِ, أما بعد:
فقَد يسَّرَ اللهُ زيَارةَ بلاد عِذَر من بِلادِ حاشد, التِي تشهَد في هَذهِ الأيَّامِ موجهاتٍ ومعاركَ ضاريةً بينَ الرَّافِضةِ الحوثيِّين وقبائلَ بلاد عذر من أهلِ السُّنةِ, وكَانَ سببُ اندلاعِ هَذهِ المَواجهاتِ مَا أرادَه الحوثيُّونَ مِن أهلِ تلكَ البِلادِ من الانخراطِ في الفكرِ الحوثيِّ الرَّافِضيِّ البَاطنيِّ المُنابذِ لملةِ التوحيدِ الحَنيفيَّةِ, وشَريعةِ الإسلامِ المطهَّرةِ, والمُفارقِ لجماعةِ المُسلِمين, فأرادوا أخذ أبناءِهم إلى مراكِزهم الصَّيفيةِ لتَلقِّي هَذَا الفِكرِ الرَّافضيِّ البَاطني, فأبَتْ فطرَةُ الإسلامِ والتَّوحيدِ في قلوبِ أولئك القبائلِ الأباةِ الشُّرفاءِ الخُضوعَ والاستِسلامَ لتلقِّي هَذا الفكرِ الشِّركيِّ الإلحاَديِّ الذِي يُريدُ الحُوثيُّونَ البَاطنيَّةِ أَن يفسِدُوا بهِ دينَ المُسلمينَ وتوحيدَهم وعقيدتَهم الحَنيفية, ويستَبدلوا بَها الشِّركَ وعقَائد الرِّدَّةِ والزَّندقةِ.
فأدرَك هؤلاءِ القَبائلِ الأبَاةِ أَن دونَ الخُضوعِ والاستِسلامِ لمقاصدِ الحُوثيِّينَ الباطنيَّةِ فَسادُ الدِّين وفواتُ عزِّ الإسلامِ, وذلَّ وهوان الدُّنيا والآخرة, لأنَّهُ ما خضعَ واستَسلمَ عَزيزٌ لفكرِ الحوثيِّ البَاطنيِّ إلا استَعبدَه وأذلَّهُ واسترقَّهُ وصيَّرهُ عبداً لهُ لا يَملكُ شَيئاً مِن أمرِهِ في مَاله ولا دَارِه ولا أهلِه, يَفعلُ فِيه الحُوثيُّ ما شاءَ, فإِن أبَى واعتَرضَ كَانَ مصيرُه الحُكمِ بالنِّفاقِ والقتلِ والاستئصالِ, أو التَّشريدِ في أقلِّ حَالٍ, فإنْ رَضيَ وانقَادَ وسلَّمَ زمامَ أمرَه ودينِه وعقيدتِه لسيِّدهِ جرَّهُ إلى خسارةِ الآخرةِ إِنْ مات على ذلك –عيَاذاً بالله-.
ولسَان حَالِهم وقَد أبَوا الخضوعَ والاستسلامَ لزندقةِ الحوثيِّين البَاطنيَّة وتقلَّدُوا أسلَحتِهِم ومتاعَ الحَربِ, لسانُ حالَهم يقولُ:
ولستُ أُبالِي حِينَ أُقتلُ مُسلِمَا ....على أيِّ جَنبٍ كَان لله مصرَعِي
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإن يَشأ .... يُبارك عَلى أوصالِ شِلوٍ مُمزَّعِ
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإن يَشأ .... يُبارك عَلى أوصالِ شِلوٍ مُمزَّعِ
وإنَّمَا أرَدتُ في هَذهِ العُجالةِ أَن أبيَّنَ بحَقيقةٍ واقعيَّةٍ لِمَن يُحسنُ الظنَّ بالحَوثيِّين ويُبرئُهم من الكُفرِ والزَّندقةِ بحُججٍ واهيةٍ, كقولِهِم: إنَّ عوامَّهُم لَيسُوا عَلى عَقيدةٍ وإنَّما لَهم أغراضُ أَخرَى غيرِ الاعتِقادِ والفِكر, كَما ذكرَ هَذا محمد بنُ عبدالله المُلقَّبِ بالإمامِ في كتَاب "النُّصرةِ اليَمَانيَّة".
حَيثُ لَقينا في هذهِ الزيارةِ غلاماً من الرَّافِضةِ لا يَتجاوزُ عمرَه سنَّ الثالثةَ عشرَ ودارَ الكلامُ مِنَّا معَه, فإذا بالفِكرِ الحُوثيِّ يَنضحُ عَلى لِسانِهِ, وإذَا بِعقيدةِ الرَّفضِ راسخُةُ الجذُورِ في فُؤَادهِ, وهوَ لا يزالَ في أولِ المراحلِ التَّعليمية, فَكيفَ بِمَن تجاوزَها وبَلغَ ما فَوقَها من المَراحلَ, وصَارَ في متارسِ المواجهاتِ والمعاركِ الِتي تَزهقُ فِيهَا النُّفوسُ, وتتمزَّقُ في الأجسادُ, ولا يستَبسلُ فِيها إلا راسخٌ الفكر, ولا يثبتُ فيهَا إلا أهلُ القَنَاعَاتُ العقائديَّة, لأنَّ النَّفسَ عَزيزةٌ فلا يَبذلُها الإنسَان إلا لشيءٍ يَراهُ أعزَّ, ولا أعزُّ في نفسِ الإنسانَ من دِينهِ وعقِيدتِه, وأمَا المَصالحُ الدُّنيويَّةُ فإنَّها تتلاشَى من نفوسِ أَهلِهَا عِند مثلِ هَذهِ المَخاطرِ, فيحرصُ عَلى سلامةَ النَّفسِ من الموت والقتلِ والتَّمزقِ بالفِرار أو البُعد عَن مواقعِ النِّزالِ, لا بالإقدامِ والاستبسالِ, وهَذا أمرٌ يُدركُه كلُّ عاقلٍ بَصيرٍ, ولكِن {فإنَّها لَا تَعمَى الأَبصَارُ ولَكِن تَعمَى القُلوبُ التِي في الصُّدُور} .
وخُلاصَةُ مَا ذكرَه من عقَائدَ الفِكرِ الحُوثيِّ البَاطنيِّ: بأنَّ أَبَا بكرٍ الصدِّيق رَضيَ اللهُ عَنهُ وأرضَاهُ أشركَ باللهِ, وأنَّ عُثمَانَ بنَ عفانَ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضَاهُ كانَ مؤمِناً ثُمَّ أشركَ, فقتَلهُ عليُّ بنُ أَبي طالبٍ رضيَ الله عَنه.
وهَذا مِن عَقائد الرَّافِضةِ الكُفريَّةِ كَما هوَ مَعلومٌ عِند أهلِ الإسلامِ قاطبةً, ونقلَ عليهِ الأئمَّةُ كالإمامِ السمعاني, والقارِي الإجماعَ.
وممَّا ذكرَهُ من عَقائدَ الإلحادِ: نَفيِ صفَاتِ الله التِي أثبتَها لنفسِه في كتَابهِ وعَلى لسانِ رسولِه صَلى الله عليه وعلى آله وسلمَ قائلاً: الله ما هوَ دمٌ ولحمٌ وجسمٌ, وأنَّ اللهَ ليسَ في السَّماءِ فوقَ عَرشهِ, وأنَّهُ لا فَوق ولا تَحتَ, بَل هوَ فِي كُلِّ مَكانَ, وهَذا مشتَملٌ عَلى إلحَادِ أهلِ التَّجهُّمِ الذِي حَقيقتُه الحُكمِ عَلى اللهِ بالعَدمِ لأن ذاتٍ ليسَ لَها صفاتٌ لا تُتَصوَّرُ إلا في الأَذهانِ, وليسَ لَها وجودٌ فِي الخَارجِ, وهوَ ما يسمِّيهِ نُفاةُ الصِّفات من الجهميَّةِ الوجودُ المُطلقُ.
ومُشتَملٌ عَلى الحُكم عَلى وجودِ اللهِ تَعالَى بحُكم المُستَحيلِ المُمتَنعِ الذي لا يَقبلُ الوجودَ في الخَارج, وإنَّما يُفرضُ في الأَذهانِ, لأنَّ الحُكمَ بأنَّ الله لا فَوق ولا تحتَ إثباتُ وصفينَ متضَادَّينِ في وقتٍ واحدٍ وهَذا ليسَ لهُ وجودٌ, وإنَّمَا يَفرِضُه الذهنُ فَرضَاً.
كَما أنَّهُ كلامٌ مُشتَملٌ عَلى عَقيدةِ الحُلولِيةِ, وهوَ أنَّ اللهَ حالُّ في كُلِّ مَخلوقٍ, وهَذا مِن أقبحِ العَقائد الكُفريَّة التِي اتَّفقَ المُسلمونَ قاطبةً عَلى خروجِهَا عَن دينِ المُسلمِين وعَقيدِتِهِم وإنَّما هيَ مأخُوذةٌ من عقائد النَّصَارَى في زعمهِم حُلول اللاهوت –يَعنونَ: الله- في النَّاسوتِ –يَعنونَ: عيسَى- واتحادِهما, غيرَ أنَّ أهلَها فَاقُوا النَّصارى بِهذا الإلحادِ لأنَّ النَّصَارى ادعَوه في عيسَى, وهؤلاءِ يدَّعونَه في كلِّ مَخلوقٍ.
فَهذهِ بعضُ عقائد زنَادقةِ الرَّافضَةِ التِي يَرجفُ فؤادُ المُسلمِ ويَقشعرُّ جلدُه عندَ سماعِهَا لشَناعتِها وشدَّةِ قُبحَها بلغَها هَذا الغلامُ وهوَ في مرحلةٍ مُبكِّرةٍ في تَلقِّي الفِكر والاعتِقادِ الحوثيِّ البَاطنيِّ, فَكيفَ بأصحَابِ المراحلِ المُتوسِّطةِ والأَخيرةِ ممَّنَ قَد صَارَ مُشبعَاً بعقائد الرَّفضِ المتَلاطمةِ بإلحَاديَّاتِ وكفرياتٍ عَظيمة, وصَارَ يبذلُ نفسَهُ في سبيلِ نصرةِ هَذا الفِكر والاعتِقادِ.
فكيفَ يَجرؤُ معَ هَذا كلِّهَ مَن ينفِي عَن الحوثيِّين الرَّافضَةِ حُكمَ اللهِ فِيهم, ويزعمُ أنَّ أفرادَهم المُقاتِلينَ لَيسُوا عَلى عَقيدةٍ وفِكرٍ كما يقولهُ محمدُ بنُ عبدالله المُلقَّبِ بالإمامِ, وعظُمَت جُرأتهُ عَلى ذلكَ حتَى صَارَ يَزعمُ أنَّ موقفَه هَذا وموقفِ مَن معَه محمودٌ, وأنَهَم سيُحمدونَ عَلى هَذا, فإنَّا للهِ وإنا إليهِ راجعونَ.
والحمدُ للهِ أولاً وآخرَا عَلى عَظيمِ فضلِه وتوفيقِه, وصلى اللهُ وسلمَ عَلى نبيِّنا محمد وعَلى آله وأصحَابهِ وسلمَ تَسلِيماً كثيراً.
كتَبه
أبو حاتم سعيد بن دعاس المشوشيِّ اليَافعيِّ
أبو حاتم سعيد بن دعاس المشوشيِّ اليَافعيِّ
تعليق