البيان لما في بيان البرعي من سوء وبهتان
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد استوقفني كلام منشور في الشبكة بعنوان: بيان وتوضيح، لعبد العزيز البرعي، يتطاول فيه على فضيلة شيخنا العلامة المحدث أبي عبد الرحمن يحيى حفظه الله، أردت أن أنبه على بعض ما فيه من زلقات، وإن كان قد سبقني في ذلك فضيلته حفظه الله.
وأبدأ بقوله: (إننا قد اعتبرنا ما حصل من الحصار في دماج مصيبة لا نظير لها في حينها على وجه الأرض فيما نعلم إذ أن نحو عشرة آلاف من طلبة العلم وغيرهم رجالاً ونساءً وأطفالاً يحاصرون حتى كادوا أن يموتوا):
قلتُ: هذه مبالغة منك يا برعي لا داعي لها، فنحن صحيح قد تضرّننا بهذا الحصار، لكن أن يصل إلى درجة أن جميع المحاصرين كادوا أن يموتوا، فهذه مبالغة منك، فإن ما رأيناه من تكافل وتضامن إخواننا بعضهم مع بعض، وعلى رأسهم شيخنا حفظه الله أنسانا جميع ما نحن فيه، ولله الحمد والمنة.
قولك: (صبرًا لا نظير له):
صحيح أن صبر إخواننا في دماج كان كبيرًا، لكن أن يطلق القول بأنه لا نظير له، ففي هذا نظر، فلو قيدت كلامك كأن قلتَ: في وقتنا، لكان هذا أولى، فصبر النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعاب مكة، لما لقوه من أذى وحصار من كفار قريش أعظم بلا شك ولا ريب.
قولك: (عن طريق الشيخ أحمد الوصابي الذي هو موضع الثقة عند الجميع من حياة الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ ولا تزال أموال الدعوة كلها أو جلها في يديه ويشتري مصاريف الطلاب من ذلك الآن إلى الآن):
هل الشيخ لا يعرف الشيخ أحمد ولا يعرف مصداقيته !، حتى تأتي أنت لتبين له حاله!.
هذا جهل منك بحال الدار، وحال من فيها.
وليس في الكلام ما يشكك في مصداقيته، وإنما هذا من حق شيخنا، باعتباره مسئول هذه الدار، فله أن يرفض أن تكون المساعدات الموجهة إلى المركز من طريق غيره، خاصة وقد استخلفه مؤسس هذه الدار، ووصفه بالأمانة، وهو بالفعل أهل لها.
قولك (وقد قام الشيخ أحمد الوصابي بإخبار الشيخ الحجوري بما نرسل من أموال قبل أن يتكلم الحجوري بهذا الكلام بنحو عشرين يوماً أو أكثر ، ثم إن لدي أسانيد الإرسال سنبرزها إذا احتيج إلى ذلك، وفي كل إرسالية أتصل بالشيخ أحمد الوصابي للتأكد من وصول المال):
أظن أن فهمك قاصر عن استيعاب كلام شيخنا، ودليل ذلك أنك توهمت أن الشيخ سينكر أن الشيخ أحمد أخبره بأنك أرسلت المال، حتى تأتي أنت وتهدده بإبراز الأسانيد، والعجيب أنك بعد هذا الكلام ستذكر بتكهناتك المعتادة أن الشيخ يحيى يقصد الشيخ أحمد عند قوله: (وقد أخبرت أنهم أرسلوا عن طريق بعض الطلاب)، ففي بداية الكلام توهم أن الشيخ سينكر، وفي آخر الكلام تظهر أن الشيخ قد ذكر ذلك في كلامه، فما هذا التناقض!!
ولو كنت ذكيًا قليلًا لظهر لك من كلام الشيخ مقصوده، وهي أن المسألة ليست في إخبار الشيخ أحمد للشيخ يحيى حفظه الله، التي كانت قبل عشرين يومًا من كلام الشيخ كما تقول.
والذي كان ينبغي أن يخبره بمجرد وصول المال، وإنما المسألة أن المال المُرسَل كان ينبغي أن يتم إرساله عن طريق الشيخ يحيى، وهو المسئول عن المركز وطلابه، فلا حاجة لأي اعتراض على هذا، لا شرعًا ولا عقلًا ولا عرفًا، عند من قصده إيصال الخير.
قولك (إننا نعيش في دور الحديث بثقة تامة):
وهذا ولله الحمد تعتبر دماج الذروة فيه.
قولك (فربما وصلت بعض المساعدات إلى بعض إخواننا من قبل بعض فاعلي الخير):
هذا الذي تتكلم عليه يختلف تمامًا عما تكلم عليه شيخنا حفظه الله، فأنت تتكلم عن إرسال المال إلى بعض الإخوة بشكل شخصي، يستعملونه في أمور معينة خاصة بهم، وأما ما تكلم عليه شيخنا فالمقصود به، أن يكون المال موجه للدعوة ولجميع الطلاب، باسم الدعوة، وبغير توجيهه، فهذا الذي قصده شيخنا، وهذا من حقه لأنه هو المسئول عن المركز.
وأكثر الطلبة عندنا تأتيهم مساعدات من أهاليهم، فلم نسمع أحدًا ينكر عليهم.
قولك (فما نعتبر ذلك مغازلة ولا حرشة):
إذا كان مقصودك المساعدة الخاصة لبعض الطلاب، فقد سبق الجواب عليه.
وأما إن كان مقصودك إرساله مال خاص بالدعوة والمركز، بدون توجيه المسئول فهذا عين الفوضى والعنجهية التي لا يرضى بها بقال في بقالته، ولا نقبله عندنا، أما عندك فهذا أمر يخصك، وكل شاة معلقة بعرقوبها.
وليس لك أن تفرض رأيك على أحد، ولست مندوبًا ولا وصيًّا علينا.
قولك (هذا الذي وصل إلى بعض طلابك وإخوانك المقصود الشيخ أحمد الوصابي الذي أخبرك بوصولها وقد صرفت في النفقة على الطلاب فما هو الخطأ في ذلك والحال واحد فالشيخ أحمد الوصابي رجل أمين وقائم على الطلاب في حياة الشيخ مقبل وبعد مماته -رحمه الله- والمرسلون هم إخوانك مشايخ أهل السنة):
هذا تناقض منك أيها المسكين كما بينا في أول الكلام، فأنت في بداية الكلام أوهمت أن الشيخ سينكر أن الشيخ أحمد أخبره، بتهديدك إظهار الأسانيد الذي قد يظن الظان أن في إبرازها شيء عظيم، لو كشف لانطبقت السماء على الأرض، والآن تقول أن مقصود الشيخ يحيى بمن أخبره هو الشيخ أحمد، فأربع على نفسك أيها المسكين، ولا تتحامل على شيخنا، وأحسن الظن به، ولا تدع الحسد يعمي عينيك.
قولك (هذه كلمة لا تليق بنا ولا بالشيخ أحمد الوصابي ، فلا يليق بنا أن نُغازِلَ ، ولا يليق بالشيخ أحمد
الوصابي أن يُغازَلَ):
فأما الشيخ أحمد حفظه الله فأخونا على الرأس والعين، كما يقولون، لكن الوقاية خير من العلاج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «... ولكن أخشى عليكم الدنيا...»، وقال: «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال». والنفس مجبولة على حب من أحسن إليها:
قال الشاعر:
ولطالما استعبد الناسَ إحسانُ
وإصراركم على أنه لا يصل المال إلا إليه إصرار مريب.
أما تنزيهك لنفسك عن المغازلة، فيه نظر، فالذي يرتمي إلى بلاد الناس، ولو بصفة سائق سيارة أو خياط تحت كفالة امرأة، فلا يبعد عنه أن يغازِل أو يغازَل.
قولك (لا جزى الله فاعلها خيراً فالمقصود المشايخ):
الشيخ في عبارة هنا قصد من يغازل طلابه (أي: يميلهم عنه إلى غيره)، وأنتم قد قلتم أنكم لستم من هذا الصنف، فالكلام لا يعنيكم، والكلام يعني كل من تغزل بطلاب شيخنا.
قولك (والمشايخ هم المقصودون):
فكيف دعا لهم في آخر الجواب؟ هذا والله عين الغباء فيك، إن لم نقل أن الحسد أعماك، فلو كنت من الذي يفقهون لظهر لك كلام الشيخ واضحًا، وهذا الكلام من شيخنا لا يقصد به المشايخ بحد ذاتهم، وإنما قصد كل من انطبق عليه وصف المغازلة، سواء منهم أو من غيرهم، فالحق فوق الجميع، فهاهو عن ذكره للمشايخ يدعو لهم، ويدعو على كل من يريد التحريش بينه وبين طلابه، فأين الضير في هذا، وجزمك بأن المشايخ هم المقصودون بدون بينة، أو برهان أمر خطير، يذكرنا بما قلته للأخ أحمد حجر، بأن القافلة لا تدخل ولو بعد ثلاث سنوات، (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) [النمل: ٦٥].
أما قولك (إنها حرشة . فهذه والله آلمتنا جداً وما كان يخطر لي ببال أن يظن بنا هذا الظن ولا واحد في المائة ولا عشر معشار ذلك ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، لا سيما والسؤال عن أيام الحصار):
فهذا الكلام فاسد؛ لأنه مبني على فاسد، فقول الشيخ: حرشة فاشلة، تتعلق بمن أراد مغازلة طلابه، وأنتم قد نزهتم أنفسكم من هذا، فالحمد لله الكلام لا علاقة له إلا بمن أراد مغازلة الطلبة، وإن كنتم لا تريدون ذلك، لا يعنيكم.
قولك (لقد كنا نعيش في حالة توتر مستمرة تألماً لما هو حاصل في دماج ، فإن ذكرنا وضع إخواننا في دماج ونحن نأكل كرهنا الأكل وتمنينا أنه بين أيدي إخواننا المحاصرين ، وإن ذكرناهم أمام أولادنا أصابنا الغم لتذكر أولئك الأطفال المحاصرين ، بل نكون في بيوتنا فنذكرهم فنضجر ونتمنى لو خرجنا من بيوتنا من شدة الضجر):
وهذا واضح جدًّا!، خاصة لمن استمع المكالمة التي دارت بينك وبين الأخ الفاضل أحمد حجر، وما ظهر فيه من حرصك على عدم وصول القافلة إلى المركز، وتثبيط إخواننا المناصرين لنا بأنفسهم، وأموالهم ودمائهم، وتصفهم أنهم ذاهبون إلى عرس، وأهاليهم حزينون عليهم، لكن في سبيل الله هان عليهم ذلك.
قولك (لقد قسمنا لهم جزءاً من صلاتنا فرضها ونافلتها ، فندعو لهم ليلاً ونهاراً في صلاتنا وخارج صلاتنا نحن ونساؤنا وأطفالنا وطلابنا ومن يعيش معنا):
هذا واضح جدًا في فتوى بعضكم عدم جواز القنوت لدماج في هذه النازلة، فبعضكم يحتج بأنه لم يقنت لغزة، فكيف يقنت لدماج، وآخر يخاف من فتنة تحصل عند العوام، وهكذا.
قولك (لقد كنا متواصلين معهم هاتفياً طوال أيام الحصار ، وكنت أتصل نيابة عن المشايخ ونحن في الحج يومياً تقريباً منها مع الحجوري نفسه ، ومنها مع الشيخ أحمد الوصابي وعبد الرزاق النهمي وغيرهم):
قلت: لقد تواصل وتألم كثير من الناس، جزى الله الجميع خيرًا، لكن هذا لا ينفي رد الخطأ، والتوجيه بالصواب إلى نصابه.
قولك: (وهكذا بعد رجوعنا من الحج ، فقد كنت أتواصل مع مجموعة في الدار في اليوم عدة مرات، وعندما اجتمعنا في معبر وصنعاء):
هذا واضح جدًا خاصة في بيانكم الذي اعتبرتم فيه أن الذين يحاصرون دماج هم ممن ينتسب لأهل البيت، فالحمد لله، أنكم لم تصفوا المحاصَرين بأنهم نواصب.
وفي الأخير أنصح نفسي وإياك بطلب العلم والاجتهاد فيه، وعدم تضييع الأوقات خاصة في تصفح مواقع الإنترنت.
كتبه: أبو عبد الله رشيد المسيلي الجزائري
مكتبة دار الحديث بدماج
24/ربيع الثاني/1433هـ
حمّل الرسالة (بصيغة pdf ) من هنا
مكتبة دار الحديث بدماج
24/ربيع الثاني/1433هـ
حمّل الرسالة (بصيغة pdf ) من هنا
تعليق