بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين :
قال الإمام ابن العربي رحمه الله :
" فما زال السلف يزكون بعضهم بعضا و يتوارثون التزكيات خلفا عن سلف ، و كان علماؤنا لا يأخذون العلم إلا ممن زكي وأخذ الإجازة من أشياخه " .
وقال الإمام النووي رحمه الله :
" و لايتعلم إلا ممن تكملت أهليته و ظهرت ديانته و تحققت معرفته و اشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين و مالك بن أنس و غيرهما من السلف (هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم )
وأورد السيوطي رحمه الله في [ صفة من يؤخذ عنه العلم ] فقال :
" من اشتهرت عدالته بين أهل العلم و شاع الثناء عليه - ثم أورد أثر سعيد بن ابراهيم - : ( لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الثقات ) وأثر ابن سيرين : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخدون دينكم)
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله في [ الإعتصام] :
" والعالم إذا لم يشهد له العلماء ، فهو في الحكم باقٍ على الأصل من عدم العلم ، حتى يشهد فيه غيره ويعلم هو من نفسه ما شهد له به ، وإلا فهو على يقين من عدم العلم أو على شك ، فاختيار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام لا يكون إلا باتباع الهوى ، إذ كان ينبغى له أن يستفى في نفسه غيره ولم يفعل ، وكل من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره ولم يفعل ".
وقال العلامة الألباني رحمه الله معلقا على هذا الكلام الإمام الشاطبي الذي ذكر آنفاً في [ الصحيحة ] :
" هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى العالم الذي بإمكانه أن يتقدم إلى الناس بشيء من العلم بنصحه بأن لايتقدم حتى يشهد له العلماء خشية أن يكون من أهل الأهواء ، فماذا كان ينصح يا ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم في زماننا هذا ؟لاشك أنه سيقول له : ( ليس هذا عشك فادرجي ) فهل من معتبر ؟!!
و إني و الله لأخشى على هذا البعض أن يشملهم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ينزع عقول أهل هذا الزمان ، و يخلف لها هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء ) و الله المستعان " .اهـوقال رحمه الله كلاما نفيساً أيضا في التزكية ، كما ورد في [ شريط المتجرؤون على الفتيا ] كذلك الشريط الأول من [ أشرطة دعوتنا ] :
" عندنا مثلا الآن مشكلة تتعلق بالعقيدة ، عندنا الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله و عندنا هذا الرجل الذي ابتلي به الشعب الأردني في هذا الزمان بجهله و بقلة أدبه مع علماء السلف فضلا من الخلف يقول مثلا عن الشيخ عبد العزيز ابن باز : ( بأنه لا علم عنده بالتوحيد !!
فأنا أتعجب من هؤلاء الشباب الذين التفوا حوله متى عرف هذا الرجل بالعلم حتى يعتمد عليه ؟؟الشيخ ابن باز مثلا ملئ علمه العالم الإسلامي ، إذًا هنا أحد شيئين إما الجهل ، أو اتباع الهوى .
فهؤلاء الذين يلتفون حول هذا الرجل ، هذا الرجل ابن اليوم في العلم ما أحد عرفه و لا أحد شهد له لا من المهتدين من العلماء و لامن العلماء الضالين ما أحد شهد له بأنه رجل عالم فلماذا يلتف حول هؤلاء الشباب ؟ ".اهـقلت : لعله يعني حسن السقاف الجهمي الضال ..
وقال العلامة الشيخ الفوزان حفظه الله
"والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدَّعوة يجب أن يُنظر فيهم : أين دَرَسوا ؟ ومِن أين أخذوا العلم ؟ وأين نشؤوا ؟ وما هي عقيدتهم ؟ وتُنظرُ أعمالُهم وآثارهُم في الناس ، وماذا أنتجوا من الخير ؟ وماذا ترتَّب على أعمالهم من الإصلاح ؟يجب أن تُدرس أحوالهم قبل أن يُغتَرَّ بأقوالهم ومظاهرهم ، هذا أمر لا بدَّ منه ، خصوصًا في هذا الزَّمان ، الذي كثر فيه دعاة الفتنة ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعاة الفتنة بأنهم قومٌ من جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سُئِلَ عن الفتن ؛ قال : (دُعاةٌ على أبواب جهنَّمَ ، من أطاعَهُم قذفوه فيها) [رواه البخاري في [ صحيحه ( 8/92-93 ) ] من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه] ، سمَّاهم دُعاةً !
فعلينا أن ننتبه لهذا ، ولا نحشُدَ في الدَّعوة كلَّ من هبَّ ودبَّ ، وكل من قال : ( أنا أدعو إلى الله ، وهذه جماعة تدعو إلى الله ) ! لا بدَّ من النَّظر في واقع الأمر ، ولا بدَّ من النَّظر في واقع الأفراد والجماعات ؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى قيَّد الدَّعوة إلى الله بالدَّعوة إلى سبيل الله ؛ قال تعالى : { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ...} [يوسف: 108]؛ دلَّ على أنَّ هناك أناسًا يدعون لغير الله ، والله تعالى أخبر أنَّ الكفَّار يدعون إلى النار ، فقال : { وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221] ؛ فالدُّعاة يجب أن يُنظَرَ في أمرهم " .
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله عن هذه الآية { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ } : ( فيه الإخلاصُ ؛ فإنَّ كثيرًا من الناس إنَّما يدعو إلى نفسه ، ولا يدعو إلى الله عز وجل ) ".
و قال العلامة محمد بن صالح العثيمين في [ شرح كشف الشبهات ] :
" فلابد من معرفة من هم العلماء حقاً ، هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم ، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال ، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة الحق ، فخيار ما عنده أن يلبس الحق بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بل هو البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون .
هذا معنى كلام المؤلف - رحمه الله- وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلين الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا الناس عن الأخذ منهم ، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم وكذبوا الرسل كما قال الله تعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون }[ سورة الذاريات، الآية : 52] .
وقال الله تعالى:{ أتواصوا به بل هم قوم طاغون } [ سورة الذاريات، الآية : 53] "
قال الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله في درس بعنوان [ من هم العلماء]
وأقولها بكل صراحة - قليل جداًًََََّ، ولا نبالغ إن قلنا نادر ، وذلك أنّ للعالم صفات قد لا ينطبق كثيرٌ منها على أكثر من ينتسب إلى العلم اليوم .
فليس العالم من كان فصيحا بليغا ، بليغا في خطبه ، بليغا في محاضراته ، ونحو ذلك ، وليس العالم من ألف كتابا ، أو نشر مؤلفا ، أو حقق مخطوطة أو أخرجها ؛ لأن وزْن العالم بهذه الأمور فحسب هو المترسب وللأسف في كثير من أذهان العامة ، وبذلك انخدع العامة بالكثير من الفصحاء والكتاب غير العلماء ، فأصبحوا محل إعجابهم ، فتري العامّي إذا أسمع المتعالم من هؤلاء يُجيش بتعالمه الكذّاب يضرب بيمينه على شماله تعجبا من علمه وطَرَبَه ، بينما العالمون يضربون بأيمانهم على شمائلهم حُزنا وأسفا لانفتاح قبح الفتنة.
فالعالم حقا من تَوَلَّعَ بالعلم الشرعي ، وألَمَّ بمجمل أحكام الكتاب والسنة ، عارفا بالناسخ والمنسوخ ، بالمطلق والمقيد ، بالمجمل والمفسر ، واطلع أيضا على أقاويل السلف فيما أجمعوا عليه واختلفوا فيه ، فقد عقد ابن عبد البر رحمه الله تعالى في [ جامع بيان العلم وفضله ] بابا ( فيمن يستحق أن يسمى فقيها أو عالما ) ، فليرجع إليه في الجزء (2) ص (43 ) .
ولا ريب أن تحصيلهم لهذه الأحكام الشرعية قد استغرق وقتا طويلا ، واستفرغ جهدا كبيرا ، وأضافوا إلى ذلك أيضا عدم الانقطاع عن التعلم ، وقد ورد في بعض الآثار أن موسى سأل ربه : ( أي عبادك أعلم ) ؟
قال : ( الذي لا يشبع من العلم ) .
فمن كان هذا حاله فهو العالم الذي يستحق هذا اللفظ الجليل ، إذْ هو المبلغ لشرع الله تعالى ، المُوَقِّع عنه سبحانه وتعالى ، القائم لله عز وجل بالحجة على خلقه ولو قَلَّ كلامه ونَدُر ، أو عُدِم تأليفه .
فهنا فائدة مهمة ، تبين أن جذور الاغترار بمن كثر كلامه قديمة جدا ، وليس حادثة جديدة ، وليست وليدة الساعة ، هذه الفائدة هي ما سطّره الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه القيم النافع [ فضل علم السلف على علم الخلف ] ، راداً به على من اغتر بكثرة الكلام ، واعتبره معيارا للعالم ، يقول رحمه الله تعالى كما في كتابه الآنف الذكر : ( وقد ابتلينا بجهلة من الناس ، يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم ، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كلِّ من تقدم من الصحابة ومن بعدهم ؛ لكثرة بيانه ومقاله ، ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين ) .
ثم ذكر الثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وقال : ( فإنّ هؤلاء كلهم أقل كلاما ممن جاء بعدهم ، وهذا -أي هذا التفصيل- تَنَقُّص عظيم بالسلف الصالح ، وإساءة ظن بهم ، ونسبتهم إلى الجهل وقصور العلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
ثم ذكر أثر ابن مسعود وفيه أنه قال : ( إنّكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه ، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه ، فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح ، ومن كان بالعكس فهو مذموم ) .انتهى كلامه رحمه الله . منقول يتبع للفائدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين :
قال الإمام ابن العربي رحمه الله :
" فما زال السلف يزكون بعضهم بعضا و يتوارثون التزكيات خلفا عن سلف ، و كان علماؤنا لا يأخذون العلم إلا ممن زكي وأخذ الإجازة من أشياخه " .
وقال الإمام النووي رحمه الله :
" و لايتعلم إلا ممن تكملت أهليته و ظهرت ديانته و تحققت معرفته و اشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين و مالك بن أنس و غيرهما من السلف (هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم )
وأورد السيوطي رحمه الله في [ صفة من يؤخذ عنه العلم ] فقال :
" من اشتهرت عدالته بين أهل العلم و شاع الثناء عليه - ثم أورد أثر سعيد بن ابراهيم - : ( لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الثقات ) وأثر ابن سيرين : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخدون دينكم)
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله في [ الإعتصام] :
" والعالم إذا لم يشهد له العلماء ، فهو في الحكم باقٍ على الأصل من عدم العلم ، حتى يشهد فيه غيره ويعلم هو من نفسه ما شهد له به ، وإلا فهو على يقين من عدم العلم أو على شك ، فاختيار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام لا يكون إلا باتباع الهوى ، إذ كان ينبغى له أن يستفى في نفسه غيره ولم يفعل ، وكل من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره ولم يفعل ".
وقال العلامة الألباني رحمه الله معلقا على هذا الكلام الإمام الشاطبي الذي ذكر آنفاً في [ الصحيحة ] :
" هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى العالم الذي بإمكانه أن يتقدم إلى الناس بشيء من العلم بنصحه بأن لايتقدم حتى يشهد له العلماء خشية أن يكون من أهل الأهواء ، فماذا كان ينصح يا ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم في زماننا هذا ؟لاشك أنه سيقول له : ( ليس هذا عشك فادرجي ) فهل من معتبر ؟!!
و إني و الله لأخشى على هذا البعض أن يشملهم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ينزع عقول أهل هذا الزمان ، و يخلف لها هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء ) و الله المستعان " .اهـوقال رحمه الله كلاما نفيساً أيضا في التزكية ، كما ورد في [ شريط المتجرؤون على الفتيا ] كذلك الشريط الأول من [ أشرطة دعوتنا ] :
" عندنا مثلا الآن مشكلة تتعلق بالعقيدة ، عندنا الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله و عندنا هذا الرجل الذي ابتلي به الشعب الأردني في هذا الزمان بجهله و بقلة أدبه مع علماء السلف فضلا من الخلف يقول مثلا عن الشيخ عبد العزيز ابن باز : ( بأنه لا علم عنده بالتوحيد !!
فأنا أتعجب من هؤلاء الشباب الذين التفوا حوله متى عرف هذا الرجل بالعلم حتى يعتمد عليه ؟؟الشيخ ابن باز مثلا ملئ علمه العالم الإسلامي ، إذًا هنا أحد شيئين إما الجهل ، أو اتباع الهوى .
فهؤلاء الذين يلتفون حول هذا الرجل ، هذا الرجل ابن اليوم في العلم ما أحد عرفه و لا أحد شهد له لا من المهتدين من العلماء و لامن العلماء الضالين ما أحد شهد له بأنه رجل عالم فلماذا يلتف حول هؤلاء الشباب ؟ ".اهـقلت : لعله يعني حسن السقاف الجهمي الضال ..
وقال العلامة الشيخ الفوزان حفظه الله
"والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدَّعوة يجب أن يُنظر فيهم : أين دَرَسوا ؟ ومِن أين أخذوا العلم ؟ وأين نشؤوا ؟ وما هي عقيدتهم ؟ وتُنظرُ أعمالُهم وآثارهُم في الناس ، وماذا أنتجوا من الخير ؟ وماذا ترتَّب على أعمالهم من الإصلاح ؟يجب أن تُدرس أحوالهم قبل أن يُغتَرَّ بأقوالهم ومظاهرهم ، هذا أمر لا بدَّ منه ، خصوصًا في هذا الزَّمان ، الذي كثر فيه دعاة الفتنة ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعاة الفتنة بأنهم قومٌ من جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سُئِلَ عن الفتن ؛ قال : (دُعاةٌ على أبواب جهنَّمَ ، من أطاعَهُم قذفوه فيها) [رواه البخاري في [ صحيحه ( 8/92-93 ) ] من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه] ، سمَّاهم دُعاةً !
فعلينا أن ننتبه لهذا ، ولا نحشُدَ في الدَّعوة كلَّ من هبَّ ودبَّ ، وكل من قال : ( أنا أدعو إلى الله ، وهذه جماعة تدعو إلى الله ) ! لا بدَّ من النَّظر في واقع الأمر ، ولا بدَّ من النَّظر في واقع الأفراد والجماعات ؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى قيَّد الدَّعوة إلى الله بالدَّعوة إلى سبيل الله ؛ قال تعالى : { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ...} [يوسف: 108]؛ دلَّ على أنَّ هناك أناسًا يدعون لغير الله ، والله تعالى أخبر أنَّ الكفَّار يدعون إلى النار ، فقال : { وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221] ؛ فالدُّعاة يجب أن يُنظَرَ في أمرهم " .
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله عن هذه الآية { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ } : ( فيه الإخلاصُ ؛ فإنَّ كثيرًا من الناس إنَّما يدعو إلى نفسه ، ولا يدعو إلى الله عز وجل ) ".
و قال العلامة محمد بن صالح العثيمين في [ شرح كشف الشبهات ] :
" فلابد من معرفة من هم العلماء حقاً ، هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم ، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال ، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة الحق ، فخيار ما عنده أن يلبس الحق بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بل هو البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون .
هذا معنى كلام المؤلف - رحمه الله- وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلين الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا الناس عن الأخذ منهم ، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم وكذبوا الرسل كما قال الله تعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون }[ سورة الذاريات، الآية : 52] .
وقال الله تعالى:{ أتواصوا به بل هم قوم طاغون } [ سورة الذاريات، الآية : 53] "
قال الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله في درس بعنوان [ من هم العلماء]
وأقولها بكل صراحة - قليل جداًًََََّ، ولا نبالغ إن قلنا نادر ، وذلك أنّ للعالم صفات قد لا ينطبق كثيرٌ منها على أكثر من ينتسب إلى العلم اليوم .
فليس العالم من كان فصيحا بليغا ، بليغا في خطبه ، بليغا في محاضراته ، ونحو ذلك ، وليس العالم من ألف كتابا ، أو نشر مؤلفا ، أو حقق مخطوطة أو أخرجها ؛ لأن وزْن العالم بهذه الأمور فحسب هو المترسب وللأسف في كثير من أذهان العامة ، وبذلك انخدع العامة بالكثير من الفصحاء والكتاب غير العلماء ، فأصبحوا محل إعجابهم ، فتري العامّي إذا أسمع المتعالم من هؤلاء يُجيش بتعالمه الكذّاب يضرب بيمينه على شماله تعجبا من علمه وطَرَبَه ، بينما العالمون يضربون بأيمانهم على شمائلهم حُزنا وأسفا لانفتاح قبح الفتنة.
فالعالم حقا من تَوَلَّعَ بالعلم الشرعي ، وألَمَّ بمجمل أحكام الكتاب والسنة ، عارفا بالناسخ والمنسوخ ، بالمطلق والمقيد ، بالمجمل والمفسر ، واطلع أيضا على أقاويل السلف فيما أجمعوا عليه واختلفوا فيه ، فقد عقد ابن عبد البر رحمه الله تعالى في [ جامع بيان العلم وفضله ] بابا ( فيمن يستحق أن يسمى فقيها أو عالما ) ، فليرجع إليه في الجزء (2) ص (43 ) .
ولا ريب أن تحصيلهم لهذه الأحكام الشرعية قد استغرق وقتا طويلا ، واستفرغ جهدا كبيرا ، وأضافوا إلى ذلك أيضا عدم الانقطاع عن التعلم ، وقد ورد في بعض الآثار أن موسى سأل ربه : ( أي عبادك أعلم ) ؟
قال : ( الذي لا يشبع من العلم ) .
فمن كان هذا حاله فهو العالم الذي يستحق هذا اللفظ الجليل ، إذْ هو المبلغ لشرع الله تعالى ، المُوَقِّع عنه سبحانه وتعالى ، القائم لله عز وجل بالحجة على خلقه ولو قَلَّ كلامه ونَدُر ، أو عُدِم تأليفه .
فهنا فائدة مهمة ، تبين أن جذور الاغترار بمن كثر كلامه قديمة جدا ، وليس حادثة جديدة ، وليست وليدة الساعة ، هذه الفائدة هي ما سطّره الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه القيم النافع [ فضل علم السلف على علم الخلف ] ، راداً به على من اغتر بكثرة الكلام ، واعتبره معيارا للعالم ، يقول رحمه الله تعالى كما في كتابه الآنف الذكر : ( وقد ابتلينا بجهلة من الناس ، يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم ، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كلِّ من تقدم من الصحابة ومن بعدهم ؛ لكثرة بيانه ومقاله ، ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين ) .
ثم ذكر الثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وقال : ( فإنّ هؤلاء كلهم أقل كلاما ممن جاء بعدهم ، وهذا -أي هذا التفصيل- تَنَقُّص عظيم بالسلف الصالح ، وإساءة ظن بهم ، ونسبتهم إلى الجهل وقصور العلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
ثم ذكر أثر ابن مسعود وفيه أنه قال : ( إنّكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه ، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه ، فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح ، ومن كان بالعكس فهو مذموم ) .انتهى كلامه رحمه الله . منقول يتبع للفائدة.
تعليق