الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _
أما بعد :
لقد جعل سبحانه علماء هذه الأمة أفضل علماء الأمم قسماً وأوفرهم من الخيرات حظاً أعد لهم الكرامات وقسم لهم المنازل والدرجات مع ابتلائه سبحانه لمؤمنيهم بالمنافقين ولصادقيهم بالمكذبين ولخيارهم بالأشرار ولصالحيهم بالفجار وللأماثل الرفعاء بأوضع السفهاء فلم يكن يثني العلماء ما يلقونه من الأذى عن القيام بحقوق الله تعالى في عباده وإظهار الحق في بلاده.
وممن ابتُلي بصنوف أهل الريب والأهواء شيخنا ووالدنا الإمام المحدث الصابر المحتسب الناصح الأمين الذي لا يألو جهداً في تبصير المسلمين وإرشاد الحائرين والذب عن دين رب العالمين ذلك العلامة المتفنن أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري ولقد تأملت ما رمي به هذا الإمام من التهم الجائر والأحكام الفاجرة والدعاوي الخاسرة فكان أكثرها مطابقاً لما رمي به شيخ الإسلام وعلم الأمة ابن تيمية _ رحمه الله _ فمن تلك التهم
رمي شيخنا بأنه يطعن في الصحابة وأنه ذكر أخطائهم مع أنه _ حفظه الله _ ذكر تلك الأخطاء في سياق تقرير مسألة عظيمة وهي أن آحاد الصحابة ليسوا معصومين من الخطأ فقد يجتهدون ويخطئون
ورمي شيخ الإسلام بهذه التهمة وومن رماه بهذا ابن حجر الهيتمي الشافعي كما في فتاويه الحديثية وأنه طعن في عمر وعلي _ رضي الله عنهما _ وغالب الظن أنه لما ذكر _ رحمه الله _ في رسالته الماتعة رفع الملام عن الأئمة الأعلام من بعض اجتهاداتهما التي أخطئوا فيها
ورمي _ حفظه الله _ بأنه يطعن في النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وذلك لأنه قرر مسألة هل النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _ يجتهد فإن اجتهد هل يخطيء ورجح كونه _ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _ يجتهد فإن أخطأ لا يقر على خطأه
ورمي شيخ الإسلام _ رحمه الله _ بأنه يطعن في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكلامه في مسائل التوسل والاستغاثة كما في رده على الأخنائي ورد عن نفسه هذه التهمة ونقل كلام العلماء لا سيما كلام القاضي عياض وهو كلام طويل وتقرير متين ومن رامه فليراجع أواخر الكتاب المذكور
رمي شيخنا _ حفظه الله _ بأنه مدسوس كما تفوه بذلك الباغي الفاجر عبيد غلمان الحزبية
ورمي شيخ الإسلام بأنه مدسوس وقد مر علي هذا في بعض كتب التاريخ ونسيته فالله المستعان
رمي شيخنا بأن عنده حدة وزعارة وشدة وأنه لا يبني على الرفق
ورمي شيخ الإسلام بأن عنده حدة وعدم الرفق حتى من أحد طلابه وهو مؤرخ الإسلام الذهبي _ رحمه الله _ حيث قال كما في الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة - (ج 1 / ص 48)
تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم تذرع له عداوة في النفوس وإلا لو لاطف خصومه لكان كلمة إجماع فإن كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بشنوفه مقرون بنذور خطائه وأنه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له ولكن ينقمون عليه إخلافاً وأفعالاً وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك اهـ
ولقد رد شيخ الإسلام عن نفسه هذه التهمة بكلام جميل متين ضاع علي نصه وصفحته وهو في المجلد الثالث عشر ومضمونه بأنه من أرفق الناس وأحلم الناس ومن أحرصهم على اجتماع كلمة المسلمين فالله المستعان
رمي شيخنا بأنه يحب الزعامة والرئاسة والمرجعية
ورمي شيخ الإسلام بهذا كما في الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة - (ج 1 / ص 50) قال :
ونسبه قوم إلى أنه يسعى في الإمامة الكبرى .. اهـ
واتهم شيخنا _ حفظه الله _ بأنه يتكلم في الأعراض من دون تثبت ولا روية وأنه يصدق كل أحد ..
ورمي شيخ الإسلام _ رحمه الله _ بهذا ففي الفتاوي الحديثية لابن حجر المكي نقلا عن بعضهم : وما رأينا آل أمرك إلى هتك الأستار والأعراض باتباع من لا يوثق بقوله من أهل الأهواء والأغراض اهـ
وتههم أهل الأهواء لأهل السنة ليس لها نهاية وليست هي وليدة اليوم لا سيما العالم الناصح فهم لما تأكدوا أنه لا سبيل الى سلب علمه عمدوا الى جحده وانكاره ليزيلوا من القلوب محبته وتقديمه والثناء عليه فإن بهر علمه وامتنع عن مكابرة الجحود والانكار رموه بالعظائم ونسبوه الى كل قبيح ليزيلوا من القلوب محبته ويسكنوا موضعها النفرة عنه وبغضه وهذا شغل السحرة بعينه فهؤلاء سحرة بألسنتهم فإن عجزوا له عن شيء من القبائح الظاهرة رموه بالتلبيس والتدليس والدوكرة والرياء وحب الترفع وطلب الجاه وهذا القدر من معاداة أهل الجهل والظلم للعلماء مثل الحر والبرد لا بد منه فلا ينبغي لمن له مسكة عقل أن يتأذى به إذ لا سبيل له الى دفعه بحال فليوطن نفسه عليه كما يوطنها على برد الشتاء وحر الصيف اهـ [مفتاح دار السعادة 132]
فلا ينزعجنّ أحد من أساليب هؤلاء الفجرة السحرة المردة فإن دعوة يهددها بغي الجابري وتحزب العدني وافتئات البرمكي وهلوسة البخاري ليست دعوة !!
ونبشركم بأن قافلة السنة سائرة لا يضرها من خالفها أو تخاذل عنها مع العواصف الجارفة والأمواج الهائلة إلى بر الأمان في الدنيا والآخرة
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً
وكتب
أبو عيسى علي بن رشيد العفري _ وفقه الله _
أبو عيسى علي بن رشيد العفري _ وفقه الله _
تعليق