قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء :
43 - أَبُو العَتَاهِيَةِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَاسمِ بنِ سُوَيْدٍ العَنَزِيُّ
رَأْسُ الشُّعرَاءِ، الأَدِيْبُ، الصَّالِحُ الأَوْحَدُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَاسمِ بنِ سُوَيْدِ بنِ كَيْسَانَ العَنَزِيُّ مَوْلاَهُمُ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
لُقِّبَ: بِأَبِي العتَاهيَةِ؛ لاضْطِرَابٍ فِيْهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُحِبُّ الخَلاعَةَ، فَيَكُوْنُ مَأْخُوْذاً مِنَ العُتُوِّ.
سَارَ شِعْرُهُ لِجُوْدَتِهِ، وَحُسْنِهِ، وَعَدَمِ تَقَعُّرِهِ.
وَقَدْ جَمَعَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ شِعْرَهُ وَأَخْبَارَهُ، تَنَسَّكَ بِأَخَرَةٍ.
وَقَالَ فِي المَوَاعِظِ وَالزُّهْدِ، فَأَجَادَ.
وَكَانَ أَبُو نُوَاسٍ يُعَظِّمُهُ، وَيَتَأَدَّبُ مَعَهُ لِدِيْنِهِ، وَيَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُهُ إِلاَّ تَوَهَّمْتُ أَنَّهُ سَمَاوِيٌّ، وَأَنِّي أَرْضِيٌّ.
مَدَحَ أَبُو العَتَاهِيَةِ المَهْدِيَّ، وَالخُلَفَاءَ بَعْدَهُ، وَالوُزَرَاءَ، وَمَا أَصْدَقَ قَوْلَهُ:
إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغَ وَالجِدَه *** مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَه
حَسْبُكَ مِمَّا تَبْتَغِيهِ القُوْتُ *** مَا أَكْثَرَ القُوْتَ لِمَنْ يَمُوْتُ
هِيَ المَقَادِيرُ فَلُمْنِي أَوْ فَذَرْ *** إِنْ كُنْتُ أَخْطَأْتُ فَمَا أَخْطَا القَدَرْ
حَسْبُكَ مِمَّا تَبْتَغِيهِ القُوْتُ *** مَا أَكْثَرَ القُوْتَ لِمَنْ يَمُوْتُ
هِيَ المَقَادِيرُ فَلُمْنِي أَوْ فَذَرْ *** إِنْ كُنْتُ أَخْطَأْتُ فَمَا أَخْطَا القَدَرْ
وَهُوَ القَائِلُ:
حَسْنَاءُ لاَ تَبْتَغِي حَلْياً إِذَا بَرَزَتْ *** لأَنَّ خَالِقَهَا بِالحُسْنِ حَلاَّهَا
قَامَتْ تَمَشَّى، فَلَيْتَ اللهُ صَيَّرنِي *** ذَاكَ التُّرَابَ الَّذِي مَسَّتْهُ رِجْلاَهَا
قَامَتْ تَمَشَّى، فَلَيْتَ اللهُ صَيَّرنِي *** ذَاكَ التُّرَابَ الَّذِي مَسَّتْهُ رِجْلاَهَا
وَقَالَ:
النَّاسُ فِي غَفَلاَتِهِم *** وَرَحَى المَنِيَّةِ تَطْحَنُ
وَقَالَ:
إِذَا مَا بَدَتْ وَالبَدْرُ لَيْلَةَ تِمِّهِ *** رَأَيْتَ لَهَا وَجْهاً يَدُلُّ عَلَى عُذْرِي
وَتَهْتَزُّ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ كَأَنَّهَا *** قَضِيْبٌ مِنَ الرَّيْحَانِ فِي وَرَقٍ خُضْرِ
أَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ أَمُوْتَ صَبَابَةً *** بِسَاحِرَةِ العَيْنَينِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ
وَتَهْتَزُّ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ كَأَنَّهَا *** قَضِيْبٌ مِنَ الرَّيْحَانِ فِي وَرَقٍ خُضْرِ
أَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ أَمُوْتَ صَبَابَةً *** بِسَاحِرَةِ العَيْنَينِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ
تُوُفِّيَ أَبُو العَتَاهِيَةِ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، أَوْ نَحْوَهَا، بِبَغْدَادَ.
وَاشْتُهِرَ بِمَحَبَّةِ عُتْبَةَ؛ فَتَاةِ المَهْدِيِّ، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ هَذَينِ البَيْتَيْنِ:
نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مُعَلَّقَةٌ *** اللهُ وَالقَائِمُ المَهْدِيُّ يَكفِيْهَا
إِنِّيْ لأَيْأَسُ مِنْهَا ثُمَّ يُطْمِعُنِي *** فِيْهَا احتِقَارُكَ لِلدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا
إِنِّيْ لأَيْأَسُ مِنْهَا ثُمَّ يُطْمِعُنِي *** فِيْهَا احتِقَارُكَ لِلدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا
فَهَمَّ بِدَفْعِهَا إِلَيْهِ، فَجَزِعَتْ، وَاسْتَعْفَتْ، وَقَالَتْ:أَتَدْفَعُنِي إِلَى سُوْقَةٍ، قَبِيْحِ المَنْظَرِ؟
فَعَوَّضَهُ بِذَهَبٍ.
وَلهُ فِي عُمَرَ بنِ العَلاَءِ:
إِنِّيْ أَمِنْتُ مِنَ الزَّمَانِ وَصَرْفِهِ *** لَمَّا عَلِقْتُ مِنَ الأَمِيْرِ حِبَالاَ
لَوْ يَسْتَطيعُ النَّاسُ مِنْ إِجْلاَلِهِ *** تَخِذُوا لَهُ حُرَّ الخُدُوْدِ نِعَالاَ
إِنَّ المطَايَا تَشْتَكِيكَ لأَنَّهَا *** قَطَعَتْ إِلَيْكَ سَبَاسِباً وَرِمَالاَ
فَإِذَا وَرَدْنَ بِنَا، وَرَدْنَ خَفَائِفاً *** وَإِذَا صَدَرْنَ بِنَا، صَدَرْنَ ثِقَالاَ
لَوْ يَسْتَطيعُ النَّاسُ مِنْ إِجْلاَلِهِ *** تَخِذُوا لَهُ حُرَّ الخُدُوْدِ نِعَالاَ
إِنَّ المطَايَا تَشْتَكِيكَ لأَنَّهَا *** قَطَعَتْ إِلَيْكَ سَبَاسِباً وَرِمَالاَ
فَإِذَا وَرَدْنَ بِنَا، وَرَدْنَ خَفَائِفاً *** وَإِذَا صَدَرْنَ بِنَا، صَدَرْنَ ثِقَالاَ
فَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ سَبْعِيْنَ أَلْفاً.
وَتَحْتَمِلُ سِيْرَةُ أَبِي العتَاهيَةِ أَنْ تُعْمَلَ فِي كَرَارِيْسَ .
تعليق