إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ترجمة أمير المؤمنين عمر الفاروق -رضي الله عنه- ومناقبه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ترجمة أمير المؤمنين عمر الفاروق -رضي الله عنه- ومناقبه

    سيرة عمر الفاروق ، رضي الله عنه


    عمر الفاروق

    عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي ،

    أمير المؤمنين ، أبو حفص القرشي العدوي ، الفاروق رضي الله عنه .

    استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وأمه حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي

    جهل ، أسلم في السنة السادسة من النبوة وله سبع وعشرون سنة .

    روى عنه : علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعدة من الصحابة ، وعلقمة بن

    وقاص ، وقيس بن أبي حازم ، وطارق بن شهاب ، ومولاه أسلم ، وزر بن حبيش ، وخلق سواهم .

    وعن عبد الله بن عمر قال : كان أبي أبيض تعلوه حمرة ، طوالا ، أصلع ، أشيب .

    وقال غيره : كان أمهق ، طوالا ، أصلع ، آدم ، أعسر يسر .

    وقال أبو رجاء العطاردي : كان طويلا جسيما ، شديد الصلع ، شديد الحمرة ، في عارضيه خفة ،

    وسبلته كبيرة ، وفي أطرافها صهبة ، إذا حزبه أمر فتلها .


    وقال سماك بن حرب : كان عمر أروح ، كأنه راكب والناس يمشون ، كأنه من رجال بني سدوس .

    والأروح : الذي يتدانى قدماه إذا مشى .

    وقال أنس : كان يخضب بالحناء .

    وقال سماك : كان عمر يسرع في مشيته .

    ويروى عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : كان عمر يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ويثب على

    فرسه فكأنما خلق على ظهره .

    وعن ابن عمر وغيره من وجوه جيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم أعز الإسلام

    بعمر بن الخطاب "
    وقد ذكرنا إسلامه في " الترجمة النبوية " .

    وقال عكرمة : لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر .

    وقال سعيد بن جبير : وصالح المؤمنين [ التحريم ] نزلت في عمر خاصة .

    وقال ابن مسعود : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر .

    وقال شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أبو

    بكر وعمر :
    إن الناس يزيدهم حرصا على الإسلام أن يروا عليك زيا حسنا من الدنيا . فقال : "

    أفعل ، وايم الله لو أنكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدا " .

    وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه

    وسلم - :
    إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض ، فوزيراي من أهل السماء

    جبريل وميكائيل ، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر .
    وروي نحوه من وجهين عن أبي سعيد

    الخدري .

    قال الترمذي في حديث أبي سعيد : حديث حسن .

    قلت : وكذلك حديث ابن عباس حسن .

    وعن محمد بن ثابت البناني ، عن أبيه ، عن أنس نحوه .

    وفي" مسند أبي يعلى من حديث أبي ذر يرفعه :" إن لكل نبي وزيرين،ووزيراي أبو بكر
    وعمر".

    وعن أبي سلمة ، عن أبي أروى الدوسي ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع أبو

    بكر وعمر ، فقال :
    " الحمد لله الذي أيدني بكما " . تفرد به عاصم بن عمر ، وهو ضعيف .

    وقد مر في ترجمة الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى أبي بكر وعمر مقبلين ،فقال :

    " هذان سيدا كهول أهل الجنة "
    الحديث .

    وروى الترمذي من حديث ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم فدخل

    المسجد ، وأبو بكر وعمر معه وهو آخذ بأيديهما ، فقال : " هكذا نبعث يوم القيامة " . إسناده

    ضعيف .

    وقال زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله

    عليه وسلم :
    " اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر " .

    ورواه سالم أبو العلاء - وهو ضعيف - عن عمرو بن هرم ، عن ربعي . وحديث زائدة حسن .

    وروى عبد العزيز بن المطلب بن حنطب ، عن أبيه ، عن جده قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله

    عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر ، فقال :
    " هذان السمع والبصر " .

    ويروى نحوه من حديث ابن عمر وغيره .

    وقال يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : جاء جبريل إلى النبي

    صلى الله عليه وسلم فقال :
    " أقرئ عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز وجل ورضاه حكم " .

    المرسل أصح ، وبعضهم يصله عن ابن عباس .

    وقال محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إيها يا

    ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك " .


    وعن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الشيطان يفرق من عمر " . رواه مبارك بن

    فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم ، عن عائشة .

    وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زفن الحبشة لما أتى عمر : " إني لأنظر إلى شياطين

    الجن والإنس فقد فروا من عمر " .
    صححه الترمذي .

    وقال حسين بن واقد : حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله

    عليه وسلم
    وقد رجع من غزاة ، فقالت : إني نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف ، قال

    : "
    إن كنت نذرت فافعلي فضربت " فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل عمر فجعلت دفها خلفها

    وهي مقعية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان ليفرق منك يا عمر " .

    وقال يحيى بن يمان ، عن الثوري ، عن عمر بن محمد ، عن سالم بن عبد الله قال : أبطأ خبر عمر

    على أبي موسى الأشعري ، فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه ، فقالت : حتى يجيء شيطاني

    ، فجاء فسألته عنه ، فقال : تركته مؤتزرا ، وذاك رجل لا يراه شيطان إلا خر لمنخريه ، الملك بين

    عينيه ، وروح القدس ينطق بلسانه " .

    وقال زر : كان ابن مسعود يخطب ويقول : إني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثا

    فيرده ، وإني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقومه .


    وقالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي

    أحد فعمر بن الخطاب " .
    رواه مسلم .

    وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع الحق على لسان عمر

    وقلبه " .
    رواه جماعة عن نافع ، عنه . وروي نحوه عن جماعة من الصحابة .

    وقال الشعبي : قال علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر .

    وقال أنس : قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي قوله : عسى

    ربه إن طلقكن
    [ التحريم ] .

    وقال حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله

    صلى الله عليه وسلم :
    " لو كان بعدي نبي لكان عمر " .

    وجاء من وجهين مختلفين عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ؛

    صلى الله عليه وسلم :
    " إن الله باهى بأهل عرفة عامة ، وباهى بعمر خاصة " .

    ويروى مثله عن ابن عمر ، وعقبة بن عامر .

    وقال معن القزاز : حدثنا الحارث بن عبد الملك الليثي ، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط ،

    عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن أخيه الفضل ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه

    وسلم - :
    " الحق بعدي مع عمر حيث كان " .

    وقال ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بينا أنا نائم أتيت بقدح من لبن

    فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر " .
    قالوا : فما أولت

    ذلك ؟ قال : " العلم " .

    وقال أبو سعيد : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون

    علي وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، ومر علي عمر عليه قميص

    يجره " .
    قالوا : ما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : " الدين " .

    وقال أنس : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله

    عمر " .


    وقال أنس :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب فقلت :

    لمن هذا ؟
    فقيل : لشاب من قريش ، فظننت أني أنا هو ، فقيل : لعمر بن الخطاب " .

    وفي الصحيح أيضا من حديث جابر مثله .

    وقال أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " بينما أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة

    توضأ إلى جانب قصر ،
    فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر ، فذكرت غيرة عمر ، فوليت مدبرا

    " .
    قال : فبكى عمر ، وقال : بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار ؟

    وقال الشعبي وغيره : قال علي رضي الله عنه : بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ

    طلع أبو بكر وعمر ، فقال :
    " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين

    والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي " .


    هذا الحديث سمعه الشعبي من الحارث الأعور ، وله طرق حسنة عن علي منها : عاصم ، عن زر .

    وأبو إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة . قال الحافظ بن عساكر : والحديث محفوظ عن علي رضي الله

    عنه .

    قلت : وروي نحوه من حديث أبي هريرة ، وابن عمر ، وأنس ، وجابر .

    وقال مجالد ، عن أبي الوداك ، وقاله جماعة عن عطية كلاهما عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله

    عليه وسلم :
    " إن أهل الدرجات العلا ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء ،

    وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " .

    وعن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وعن

    يمينه أبو بكر وعن يساره عمر ، فقال :
    " هكذا نبعث يوم القيامة " . تفرد به سعيد بن مسلمة

    الأموي ، وهو ضعيف عن إسماعيل .

    وقال علي رضي الله عنه بالكوفة على منبرها في ملأ من الناس أيام خلافته : خير هذه الأمة بعد

    نبيها أبو بكر ، وخيرها بعد أبي بكر عمر ، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته .
    وهذا متواتر عن

    علي رضي الله عنه ، فقبح الله الرافضة .


    وقال الثوري ، عن أبي هاشم القاسم بن كثير ، عن قيس الخارفي ، قال : سمعت عليا يقول : سبق

    رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر ، وثلث عمر ، ثم خبطتنا فتنة فكان ما شاء الله .

    ورواه شريك ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن سفيان ، عن علي مثله .


    سير أعلام النبلاء مجلد ٢٨ صفحة٧١


    يتبع بإذن الله تعالى

  • #2
    وقال ابن عيينة ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول

    الله صلى الله عليه وسلم :
    " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " .

    وكذا رواه سفيان بن حسين الواسطي عن عبد الملك ، وكان سفيان ربما دلسه ، وأسقط منه زائدة ،

    ورواه سفيان الثوري ، عن عبد الملك ، عن هلال مولى ربعي ، عن ربعي .

    وقالت عائشة :قال أبو بكر : ما على ظهر الأرض رجل أحب إلي من عمر .

    وقالت عائشة : دخل ناس على أبي بكر في مرضه ، فقالوا : يسعك أن تولي علينا عمر وأنت ذاهب

    إلى ربك ، فماذا تقول له ؟
    قال : أقول : وليت عليهم خيرهم .

    وقال الزهري : أول من حيا عمر بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة .

    وقال القاسم بن محمد : قال عمر : ليعلم من ولي هذا الأمر من بعدي أن سيريده عنه القريب

    والبعيد ، إني لأقاتل الناس عن نفسي قتالا ، ولو علمت أن أحدا أقوى عليه مني لكنت أن أقدم

    فتضرب عنقي أحب إلى من أن أليه .


    وعن ابن عباس ، قال : لما ولي عمر قيل له : لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك ، قال

    :
    وما ذاك ؟ قال : يزعمون أنك فظ غليظ ، قال : الحمد لله الذي ملأ قلبي لهم رحما ، وملأ قلوبهم لي رعبا .

    وقال الأحنف بن قيس : سمعت عمر يقول : لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين : حلة للشتاء ،

    وحلة للصيف ، وما حج به واعتمر ، وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ، ثم أنا رجل من

    المسلمين .

    وقال عروة : حج عمر بالناس إمارته كلها .

    وقال ابن عمر : ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض أجد ولا أجود

    من عمر .


    وقال الزهري : فتح الله الشام كله على عمر ، والجزيرة ومصر والعراق كله ، ودون الدواوين قبل

    أن يموت بعام ، وقسم على الناس فيئهم .


    وقال عاصم بن أبي النجود ، عن رجل من الأنصار ، عن خزيمة بن ثابت : أن عمر كان إذا استعمل

    عاملا كتب له واشترط عليه أن لا يركب برذونا ، ولا يأكل نقيا ، ولا يلبس رقيقا ، ولا يغلق بابه

    دون ذوي الحاجات ، فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة .


    وقال طارق بن شهاب : إن كان الرجل ليحدث عمر بالحديث فيكذبه الكذبة ، فيقول : احبس هذه ،

    ثم يحدثه بالحديث
    فيقول : احبس هذه ، فيقول له : كل ما حدثتك حق إلا ما أمرتني أن أحبسه .

    وقال ابن مسعود : إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ، إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في

    دين
    الله .

    وقال ابن مسعود : لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح

    علم عمر بعلمهم .


    وقال شمر ، عن حذيفة ، قال : كأن علم الناس كان مدسوسا في جحر مع عمر .

    وقال ابن عمر : تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة ، فلما تعلمها
    نحر جزورا .


    وقال العوام بن حوشب : قال معاوية : أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده ، وأما عمر فأرادته الدنيا

    ولم يردها ، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن .

    وقال عكرمة بن خالد وغيره : إن حفصة ، وعبد الله ، وغيرهما كلموا عمر ، فقالوا : لو أكلت

    طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق . قال : أكلكم على هذا الرأي ؟ قالوا : نعم . قال : قد علمت

    نصحكم ، ولكني تركت صاحبي على جادة ، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل .

    قال : وأصاب الناس سنة فما أكل عامئذ سمنا ولا سمينا .

    وقال ابن أبي مليكة : كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه ، فقال : ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا

    وأستمتع بها ؟ .

    وقال مبارك ، عن الحسن : دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل لحما ، فقال : ما هذا ؟ قال :

    قرمنا إليه ، قال : أوكلما قرمت إلى شيء أكلته ؟ كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى .

    وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده ، قال عمر : لقد خطر على قلبي شهوة

    السمك الطري ، قال : ورحل يرفأ راحلته وسار أربعا مقبلا ومدبرا ، واشترى مكتلا فجاء به ، وعمد

    إلى راحلته فغسلها ، فأتى عمر ، فقال : انطلق حتى أنظر إلى الراحلة ، فنظر وقال : نسيت أن

    تغسل هذا العرق الذي تحت أذنها ، عذبت بهيمة في شهوة عمر ، لا والله لا يذوق عمر مكتلك .

    وقال قتادة : كان عمر يلبس ، وهو خليفة ، جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم ، ويطوف في

    الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب الناس بها ، ويمر بالنكث والنوى فيلقطه ويلقيه في منازل الناس

    لينتفعوا به .


    قال أنس : رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه .

    وقال أبو عثمان النهدي : رأيت على عمر إزارا مرقوعا بأدم .

    وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة : حججت مع عمر : فما ضرب فسطاطا ولا خباء ، كان يلقي

    الكساء والنطع على الشجرة ويستظل تحته .


    وقال عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن أبي الغادية الشامي ، قال : قدم عمر الجابية على جمل أورق

    تلوح صلعته بالشمس ، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة ، قد طبق رجليه بين شعبتي الرحل بلا ركاب ،

    ووطاؤه كساء أنبجاني من صوف ، وهو فراشه إذا نزل ، وحقيبته محشوة ليفا ، وهي إذا نزل

    وساده ، وعليه قميص من كرابيس قد دسم وتخرق جيبه ،
    فقال : ادعوا لي رأس

    القرية ، فدعوه له ،
    فقال : اغسلوا قميصي وخيطوه وأعيروني قميصا ، فأتي بقميص كتان ، فقال

    :
    ما هذا ؟ قيل : كتان ، قال : وما الكتان ؟ فأخبروه ، فنزع قميصه فغسلوه ورقعوه ولبسه ، فقال

    له رأس القرية :
    أنت ملك العرب ، وهذه بلاد لا تصلح فيها الإبل ، فأتي ببرذون فطرح عليه قطيفة

    بلا سرج ولا رحل ، فلما سار هنيهة
    قال : احبسوا ، ما كنت أظن الناس يركبون الشيطان ، هاتوا

    جملي .


    وقال المطلب بن زياد ، عن عبد الله بن عيسى : كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من

    البكاء .


    وعن الحسن قال : كان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما .

    وقال أنس : خرجت مع عمر فدخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار : عمر بن الخطاب أمير

    المؤمنين بخ ، والله لتتقين الله بني الخطاب أو ليعذبنك .


    وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة : رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض ، فقال : يا ليتني هذه التبنة ،

    ليتني لم أك شيئا ، ليت أمي لم تلدني .


    وقال عبيد الله بن عمر بن حفص : إن عمر بن الخطاب حمل قربة على عنقه ، فقيل له في ذلك ،

    فقال : إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها .

    وقال الصلت بن بهرام ، عن جميع بن عمير التيمي ، عن ابن عمر ، قال : شهدت جلولاء فابتعت

    من المغنم بأربعين ألفا ، فلما قدمت على عمر
    ، قال : أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك : افتده

    ، أكنت مفتدي به ؟
    قلت : والله ما من شيء يؤذيك إلا كنت مفتديك منه ، قال : كأني شاهد الناس

    حين تبايعوا
    فقالوا : عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين

    وأحب الناس إليه ، وأنت كذلك ، فكان أن يرخصوا عليك أحب إليهم من أن يغلوا عليك ، وإني قاسم

    مسئول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش ، لك ربح الدرهم درهم ،
    قال : ثم دعا التجار

    فابتاعوه منه بأربعمائة ألف درهم ، فدفع إلي ثمانين ألفا وبعث بالباقي إلى سعد بن أبي وقاص

    ليقسمه .


    وقال الحسن : رأى عمر جارية تطيش هزالا ، فقال : من هذه ؟ فقال عبد الله : هذه إحدى بناتك ،

    قال : وأي بناتي هذه ؟ قال : بنتي . قال : ما بلغ بها ما أرى ؟ قال : عملك ، لا تنفق عليها ، قال

    :
    إني والله ما أعول ولدك ، فاسع عليهم أيها الرجل .

    وقال محمد بن سيرين : قدم صهر لعمر عليه ، فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر ،

    وقال : أردت أن ألقى الله ملكا خائنا ؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم .

    قال حذيفة : والله ما أعرف رجلا لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر .

    وقال حذيفة : كنا جلوسا عند عمر فقال : أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة

    ؟ قلت : أنا ، قال : إنك لجريء ، قلت : فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصيام

    والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال : ليس عنها أسألك ، ولكن الفتنة التي تموج

    موج البحر ، قلت : ليس عليك منها بأس ، إن بينك وبينها بابا مغلقا . قال : أيكسر أم يفتح ؟ قلت

    :
    بل يكسر ، قال : إذا لا يغلق أبدا . قلنا لحذيفة : أكان عمر يعلم من الباب ؟ قال : نعم ؛ كما يعلم

    أن دون غد الليلة ، إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط . فسأله مسروق : من الباب ؟ قال : الباب

    عمر . أخرجه البخاري .

    وقال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : أتي عمر بكنوز كسرى ، فقال عبد الله بن الأرقم : أتجعلها

    في بيت المال حتى تقسمها ؟ فقال عمر : لا والله لا آويها إلى سقف حتى أمضيها ، فوضعها في

    وسط المسجد وباتوا يحرسونها ، فلما أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء ما يكاد يتلألأ ،

    فبكى ، فقال له أبي : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ فوالله إن هذا ليوم شكر ويوم سرور ، فقال :

    ويحك ، إن هذا لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغضاء .

    وقال أسلم مولى عمر : استعمل عمر مولى له على الحمى ، فقال : يا هني اضمم جناحك عن

    المسلمين ، واتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة ، وأدخل رب الصريمة والغنيمة ، وإياي ونعم ابن

    عوف ونعم ابن عفان ، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرع ونخل ، وإن رب الصريمة

    والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببنيه ،
    فيقول : يا أمير المؤمنين ، أفتاركهم أنا لا أبا لك ؟ فالماء

    والكلأ أيسر علي من الذهب والفضة ، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم ، إنها لبلادهم قاتلوا

    عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام ، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في

    سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا .
    أخرجه البخاري .

    وقال أبو هريرة : دون عمر الديوان ، وفرض للمهاجرين الأولين خمسة آلاف خمسة آلاف ،

    وللأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف ، ولأمهات المؤمنين اثني عشر ألفا اثني عشر ألفا .


    وقال إبراهيم النخعي : كان عمر يتجر وهو خليفة .

    وقال الأعمش : عن أبي صالح ، عن مالك الدار ، قال : أصاب الناس قحط في زمان عمر ، فجاء

    رجل إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا

    ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال : ائت عمر فأقره مني السلام وأخبره أنهم

    مسقون وقل له : عليك الكيس الكيس ، فأتى الرجل فأخبر عمر فبكى ، وقال : يا رب ما آلو ما

    عجزت عنه .

    وقال أنس : تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة كان قد حرم نفسه السمن قال : فنقر بطنه

    بإصبعه ، وقال : إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس .

    وقال الواقدي : حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : لما كان عام الرمادة

    جاءت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة ، فكان عمر قد أمر رجالا يقومون بمصالحهم ، فسمعته

    يقول ليلة : أحصوا من يتعشى عندنا ، فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل ، وأحصوا

    الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعين ألفا . ثم بعد أيام بلغ الرجال والعيال ستين ألفا ، فما برحوا

    حتى أرسل الله السماء ، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل بهم يخرجونهم إلى البادية ويعطونهم قوتا

    وحملانا إلى باديتهم ، وكان قد وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم ، وكانت قدور عمر يقوم إليها

    العمال من السحر يعملون الكركور ويعملون العصائد .


    وعن أسلم ، قال : كنا نقول : لو لم يرفع الله المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت .

    وقال سفيان الثوري : من زعم أن عليا كان أحق بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطأ أبا بكر وعمر

    والمهاجرين والأنصار .

    وقال شريك : ليس يقدم عليا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير .

    وقال أبو أسامة : تدرون من أبو بكر وعمر ؟ هما أبوا الإسلام وأمه .

    وقال الحسن بن صالح بن حي : سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول : أنا بريء ممن ذكر أبا بكر

    وعمر إلا بخير .


    يتبع بإذن الله تعالى

    تعليق


    • #3
      ذكر نسائه وأولاده

      ذكر نسائه وأولاده


      تزوج زينب بنت مظعون ، فولدت له عبد الله ، وحفصة ، وعبد الرحمن .

      وتزوج مليكة الخزاعية ، فولدت له عبيد الله ، وقيل : أمه وأم زيد الأصغر أم كلثوم بنت جرول .

      وتزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية ، فولدت له فاطمة .

      وتزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت فولدت له عاصما .

      وتزوج أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألفا ، فولدت له زيدا ورقية .

      وتزوج لهية امرأة من اليمن فولدت له عبد الرحمن الأصغر .

      وتزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل التي تزوجها بعد موته الزبير .

      ‎يتبع بإذن الله تعالى

      تعليق


      • #4
        [ الفتوح في عهده ]

        [ الفتوح في عهده ]



        وقال الليث بن سعد : استخلف عمر فكانفتح دمشق ، ثم كان اليرموك سنة خمس عشرة ، ثم كانت

        الجابية سنة ست عشرة ، ثم كانت إيلياء وسرغ لسنة سبع عشرة ، ثم كانت الرمادة وطاعون

        عمواس سنة ثماني عشرة ، ثم كانت جلولاء سنة تسع عشرة ، ثم كان فتح باب ليون وقيسارية

        بالشام
        ، وموت هرقل سنة عشرين ، وفيها فتحت مصر ، وسنة إحدى وعشرين فتحت نهاوند ،

        وفتحت الإسكندرية سنة اثنتين وعشرين ، وفيها فتحت إصطخر وهمذان ، ثم غزا عمرو بن العاص

        أطرابلس المغرب ، وغزوة عمورية ، وأمير مصر وهب بن عمير الجمحي ، وأمير أهل الشام أبو

        الأعور سنة ثلاث وعشرين . ثم قتل عمر مصدر الحاج في آخر السنة .

        قال خليفة : وقعة جلولاء سنة سبع عشرة .

        يتبع بإذن الله تعالى
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو حذيفة عبد الله عبيدة الوهراني; الساعة 27-11-2012, 07:20 PM.

        تعليق


        • #5
          ‎استشهاده

          ‎استشهاده



          وقال سعيد بن المسيب : إن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح ، ثم كوم كومة من بطحاء ،

          واستلقى ورفع يديه إلى السماء ، ثم قال : " اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي

          فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط "
          فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات .

          وقال أبو صالح السمان : قال كعب لعمر : أجدك في التوراة تقتل شهيدا ، قال : وأنى لي بالشهادة

          وأنا بجزيرة العرب ؟


          وقال أسلم ، عن عمر أنه قال : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك ، واجعل موتي في بلد رسولك .

          أخرجه البخاري .

          وقال معدان بن أبي طلحة اليعمري : خطب عمر يوم جمعة وذكر نبي الله وأبا بكر ، ثم قال : رأيت

          كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ، وإني لا أراه إلا لحضور أجلي ، وإن قوما يأمروني أن أستخلف ،

          وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته ، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين

          توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض .


          وقال الزهري : كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو

          على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخل المدينة ، ويقول : إن عنده أعمالا كثيرة

          فيها منافع للناس : إنه حداد نقاش نجار ، فأذن له أن يرسل به ، وضرب عليه المغيرة مائة درهم

          في الشهر ، فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج ،
          قال : ما خراجك بكثير ، فانصرف ساخطا يتذمر ،

          فلبث عمر ليالي ، ثم دعاه
          فقال : ألم أخبر أنك تقول : لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح ؟ فالتفت

          إلى عمر عابسا ،
          وقال : لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها ، فلما ولى قال عمر لأصحابه :

          أوعدني العبد آنفا . ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه ، فكمن في زاوية

          من زوايا المسجد في الغلس .


          وقال عمرو بن ميمون الأودي : إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان ، وطعن معه

          اثنا عشر رجلا ، مات منهم ستة ، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا ، فلما اغتم فيه قتل نفسه .

          وقال عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه قال : جئت من السوق وعمر يتوكأ علي ، فمر بنا أبو

          لؤلؤة ، فنظر إلى عمر نظرة ظننت أنه لولا مكاني بطش به ، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإني

          لبين النائم واليقظان ، إذ سمعت عمر يقول : قتلني الكلب ، فماج الناس ساعة ، ثم إذا قراءة عبد

          الرحمن بن عوف .

          وقال ثابت البناني ، عن أبي رافع : كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة يصنع الأرحاء

          ، وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم ، فلقي عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد

          أثقل علي فكلمه ، فقال : أحسن إلى مولاك ، ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه ، فغضب وقال :

          يسع الناس كلهم عدله غيري ، وأضمر قتله ، واتخذ خنجرا وشحذه وسمه ، وكان عمر يقول : "

          أقيموا صفوفكم "
          قبل أن يكبر ، فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته ، فسقط

          عمر ، وطعن ثلاثة عشر رجلا معه ، فمات منهم ستة ، وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس أن

          تطلع ، فصلى ابن عوف بالناس بأقصر سورتين ، وأتي عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم

          يتبين ، فسقوه لبنا فخرج من جرحه ، فقالوا : لا بأس عليك ، فقال : إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت

          ، فجعل الناس يثنون عليه ويقولون : كنت وكنت ، فقال : أما والله وددت أني خرجت منها كفافا لا

          علي ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي .

          ‎ وأثنى عليه ابن عباس ، فقال : لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع ، وقد

          جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد . وأمر صهيبا أن يصلي بالناس

          ، وأجل الستة ثلاثا .

          وعن عمرو بن ميمون أن عمر قال : " الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام " ثم

          قال لابن عباس : كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة . وكان العباس أكثرهم رقيقا .

          ثم قال : يا عبد الله ، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجوده ستة وثمانين ألفا أو نحوها ، فقال :

          إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم ، وإلا فاسأل في بني عدي ، فإن لم تف أموالهم فسل في

          قريش . اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل : يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه ، فذهب إليها فقالت

          :
          كنت أريده - تعني المكان - لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي . قال : فأتى عبد الله ، فقال : قد

          أذنت لك ، فحمد الله .

          ‎ثم جاءت أم المؤمنين حفصة والنساء يسترنها ، فلما رأيناها قمنا ، فمكثت عنده ساعة ، ثم استأذن

          الرجال فولجت داخلا ثم سمعنا بكاءها ، وقيل له : أوص يا أمير المؤمنين واستخلف . قال : ما

          أرى أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم

          راض ، فسمى الستة ، وقال : يشهد عبد الله بن عمر معهم وليس له من الأمر شيء - كهيئة

          التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله من

          عجز ولا خيانة ، ثم قال : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله ، وأوصيه بالمهاجرين والأنصار ،

          وأوصيه بأهل الأمصار خيرا ، في مثل ذلك من الوصية .

          فلما توفي خرجنا به نمشي ، فسلم عبد الله بن عمر ، وقال : عمر يستأذن ، فقالت عائشة : أدخلوه

          ، فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه .

          ‎فلما فرغ من دفنه ورجعوا ، اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن بن عوف : اجعلوا أمركم إلى

          ثلاثة منكم . فقال الزبير : قد جعلت أمري إلى علي ، وقال سعد : قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن

          ، وقال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان ، قال : فخلا هؤلاء الثلاثة ، فقال عبد الرحمن : أنا لا

          أريدها فأيكما يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه ، والله عليه والإسلام ، لينظرن أفضلهم في نفسه

          وليحرصن على صلاح الأمة ، فقال : فسكت الشيخان علي وعثمان ، فقال عبد الرحمن : اجعلوه

          إلي ، والله علي لا آلو عن أفضلكم ، قالا : نعم . فخلا بعلي وقال : لك من القدم في الإسلام

          والقرابة ما قد علمت ، الله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطيعن ، قال : ثم

          خلا بالآخر فقال له كذلك ، فلما أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه علي .

          وقال المسور بن مخرمة : لما أصبح عمر بالصلاة من الغد ، وهو مطعون ، فزعوه فقالوا : الصلاة

          ، ففزع وقال : نعم ؛ ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . فصلى وجرحه يثعب دما .

          وقال النضر بن شميل : حدثنا أبو عامر الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : لما

          طعن عمر جاء كعب فقال : والله لئن دعا أمير المؤمنين ليبعثنه الله وليرفعنه لهذه الأمة حتى يفعل

          كذا وكذا ، حتى ذكر المنافقين فيمن ذكر ، قال : قلت : أبلغه ما تقول ؟ قال : ما قلت إلا وأنا أريد

          أن تبلغه ، فقمت وتخطيت الناس حتى جلست عند رأسه فقلت : يا أمير المؤمنين ، فرفع رأسه فقلت

          :
          إن كعبا يحلف بالله لئن دعا أمير المؤمنين ليبقينه الله وليرفعنه لهذه الأمة ، قال : ادعوا كعبا

          فدعوه ، فقال : ما تقول ؟ قال : أقول كذا وكذا ، فقال : لا والله لا أدعو الله ، ولكن شقي عمر إن

          لم يغفر الله له . قال : وجاء صهيب ، فقال : واصفياه ، واخليلاه ، واعمراه ، فقال : مهلا يا

          صهيب ، أو ما بلغك أن المعول عليه يعذب ببعض بكاء أهله عليه .

          وعن ابن عباس قال : كان أبو لؤلؤة مجوسيا .

          وعن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : قال ابن عمر : يا أمير المؤمنين ما عليك لو أجهدت نفسك ،

          ثم أمرت عليهم رجلا ؟
          فقال عمر : أقعدوني ، قال عبد الله : فتمنيت أن بيني وبينه عرض المدينة

          فرقا منه حين
          قال : أقعدوني ، ثم قال : من أمرتم بأفواهكم ؟ قلت : فلانا ، قال : إن تؤمروه فإنه

          ذو شيبتكم ، ثم أقبل على عبد الله ،
          فقال : ثكلتك أمك أرأيت الوليد ينشأ مع الوليد وليدا وينشأ معه

          كهلا ، أتراه يعرف من خلقه ؟
          فقال : نعم ؛ يا أمير المؤمنين ، قال : فما أنا قائل لله إذا سألني

          عمن أمرت عليهم
          فقلت : فلانا ، وأنا أعلم منه ما أعلم ، فلا والذي نفسي بيده لأرددنها إلى الذي

          دفعها إلي أول مرة ، ولوددت أن عليها من هو خير مني لا ينقصني ذلك مما أعطاني الله شيئا .


          وقال سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : دخل على عمر عثمان ، وعلي ، والزبير ، وابن عوف ،

          وسعد وكان طلحة غائبا فنظر إليهم ثم قال : إني قد نظرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس

          شقاقا إلا أن يكون فيكم ، ثم قال : إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة ، فإن كنت على شيء

          من أمر الناس يا عثمان فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ، وإن كنت على شيء من أمر

          الناس يا علي فلا تحملن بني هاشم على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا وأمروا أحدكم ، فقاموا

          يتشاورون .


          قال ابن عمر : فدعاني عثمان مرة أو مرتين ليدخلني في الأمر ولم يسمني عمر ، ولا والله ما أحب

          أني كنت معهم علما منه بأنه سيكون من أمرهم ما قال أبي ، والله لقل ما سمعته حول شفتيه بشيء

          قط إلا كان حقا ، فلما أكثر عثمان دعائي قلت : ألا تعقلون ؟ تؤمرون وأمير المؤمنين حي ؟ فوالله

          لكأنما أيقظتهم ، فقال عمر : أمهلوا ، فإن حدث بي حدث فليصل للناس صهيب ثلاثا ثم اجمعوا في

          اليوم الثالث أشراف الناس وأمراء الأجناد فأمروا أحدكم ، فمن تأمر عن غير مشورة فاضربوا عنقه .
          وقال ابن عمر : كان رأس عمر في حجري ، فقال : ضع خدي على الأرض ، فوضعته ، فقال :

          ويل لي وويل أمي إن لم يرحمني ربي .

          وعن أبي الحويرث ، قال : لما مات عمر ووضع ليصلى عليه أقبل علي وعثمان أيهما يصلي عليه ،

          فقال عبد الرحمن : إن هذا لهو الحرص على الإمارة ، لقد علمتما ما هذا إليكما ولقد أمر به

          غيركما ، تقدم يا صهيب فصل عليه . فصلى عليه .

          وقال أبو معشر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : وضع عمر بين القبر والمنبر ، فجاء علي حتى

          قام بين الصفوف ،
          فقال : رحمة الله عليك ما من خلق أحب إلي من أن ألقى الله بصحيفته بعد

          صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه .
          وقد روي نحوه من عدة وجوه عن

          علي .

          وقال معدان بن أبي طلحة : أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة . وكذا قال زيد بن

          أسلم وغير واحد .

          وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص : إنه دفن يوم الأحد مستهل المحرم .

          وقال سعيد بن المسيب : توفي عمر وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة . كذا رواه الزهري عنه .
          وقال أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : مات عمر وهو ابن خمس وخمسين سنة

          . وكذا قال سالم بن عبد الله ، وأبو الأسود يتيم عروة ، وابن شهاب .

          وروى أبو عاصم ، عن حنظلة ، عن سالم ، عن أبيه : سمعت عمر قبل أن يموت بعامين أو

          نحوهما يقول : أنا ابن سبع أو ثمان وخمسين . تفرد به أبو عاصم .

          وقال الواقدي : أخبرنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : توفي عمر وله ستون سنة .

          قال الواقدي : هذا أثبت الأقاويل ، وكذا قال مالك .

          وقال قتادة : قتل عمر وهو ابن إحدى وستين سنة .

          وقال عامر بن سعد البجلي ، عن جرير بن عبد الله أنه سمع معاوية يخطب يقول : مات رسول الله

          صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وعمر وهما ابنا ثلاث وستين .

          وقال يحيى بن سعيد : سمعت سعيد بن المسيب ، قال : قبض عمر وقد استكمل ثلاثا وستين . قد

          تقدم لابن المسيب قول آخر .

          وقال الشعبي مثل قول معاوية .

          وأكثر ما قيل قول ابن جريج ، عن أبي الحويرث ، عن ابن عباس : قبض عمر وهو ابن ست

          وستين سنة ، والله أعلم .

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا أخانا عبدالله
            ورضي الله عن أبي حفص عمر
            فسيرته من أحسن السير

            تعليق


            • #7
              وأنت من أهل الجزاء يا أخانا فائز

              تعليق

              يعمل...
              X