إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ترجمة الإمام طاوس بن كيسان اليماني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ترجمة الإمام طاوس بن كيسان اليماني

    طاوس بن كيسان اليماني


    من أكبر أصحاب ابن عباس .



    فأما طاوس فهو : أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني ، فهو أول طبقة أهل اليمن من التابعين ، وهو من أبناء الفرس الذين أرسلهم كسرى إلى اليمن .

    أدرك طاوس جماعة من الصحابة وروى عنهم ، وكان أحد الأئمة الأعلام ، قد جمع العبادة والزهادة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، وقد أدرك خمسين من الصحابة ، وأكثر روايته عن ابن عباس ، وروى عنه خلق من التابعين وأعلامهم ، منهم : مجاهد وعطاء وعمرو بن دينار ، وإبراهيم بن ميسرة ، وأبو الزبير ومحمد بن المنكدر ، والزهري وحبيب بن أبي ثابت ، وليث بن أبي سليم والضحاك بن مزاحم ، وعبد الملك بن ميسرة ، وعبد الكريم بن المخارق ، ووهب بن منبه ، والمغيرة بن حكيم الصنعاني ، وعبد الله بن طاوس ، وغير هؤلاء .

    توفي طاوس بمكة حاجا ، وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك ، ودفن بها رحمه الله تعالى .

    قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، قال : قال أبي : مات طاوس بمكة ، فلم يصلوا عليه حتى بعث هشام ابنه بالحرس ، قال : فلقد رأيت عبد الله بن الحسن واضعا السرير على كاهله ، قال : ولقد سقطت قلنسوة كانت عليه ومزق رداؤه من خلفه - يعني من كثرة الزحام - فكيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الإيمان يمان » ، وقد خرج من اليمن خلق من هؤلاء المشار إليهم في هذا وغيره ، منهم : أبو مسلم ، وأبو إدريس ، ووهب وكعب وطاوس وغير هؤلاء كثير .

    وروى ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : شهدت جنازة طاوس بمكة سنة خمس ومائة ، فجعلوا يقولون : رحم الله أبا عبد الرحمن ، حج أربعين حجة .

    وقال عبد الرزاق : حدثنا أبي ، قال : توفي طاوس بالمزدلفة - أو بمنى - حاجا ، فلما حمل أخذ عبد الله بن الحسن بن علي بقائمة سريره ، فما زايله حتى بلغ القبر .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، قال : قدم طاوس بمكة ، فقدم أمير المؤمنين ، فقيل لطاوس : إن من فضله ومن ، ومن فلو أتيته قال : مالي إليه حاجة ، فقالوا : إنا نخاف عليك ، قال : فما هو إذا كما تقولون .

    وقال ابن جرير : قال لي عطاء : جاءني طاوس فقال لي : يا عطاء إياك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونه حجابه ، وعليك بطلب من بابه لك مفتوح إلى يوم القيامة ، طلب منك أن تدعوه ووعدك الإجابة .

    وقال ابن جريج : عن مجاهد ، عن طاوس ، { أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [125] قال : بعيد من قلوبهم .
    وروى الأحجري ، عن سفيان ، عن ليث ، قال : قال لي طاوس : ما تعلمت من العلم فتعلمه لنفسك ، فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس .
    وقال عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن زيد ، عن الصلت بن راشد . قال : كنا عند طاوس ، فجاءه مسلم بن قتيبة بن مسلم ، صاحب خراسان ، فسأله عن شيء فانتهره طاوس ، فقلت : هذا مسلم بن قتيبة بن مسلم صاحب خراسان ، قال : ذاك أهون له علي . وقال لطاوس : إن منزلك قد استرم ، فقال : أمسينا .
    وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، في قوله تعالى : { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفا } [126] قال : في أمور النساء ، ليس يكون في شيء أضعف منه في النساء .
    وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : لقي عيسى بن مريم عليه السلام إبليس ، فقال إبليس لعيسى : أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك ؟
    قال : نعم ، قال إبليس : فأوف بذروة هذا الجبل فترد منه ، فانظر أتعيش أم لا ؟
    قال عيسى : أما علمت أن الله تعالى قال : لا يجربني عبدي ، فإني أفعل ما شئت .
    وفي رواية : عن الزهري ، عنه ، قال : قال عيسى : إن العبد لا يختبر ربه ، ولكن الرب يختبر عبده .
    وفي رواية أخرى : إن العبد لا يبتلي ربه ، ولكن الرب يبتلي عبده . قال : فخصمه عيسى عليه السلام .
    وقال فضيل بن عياض ، عن ليث ، عن طاوس ، قال : حج الأبرار على الرحال ، رواه عبد الله بن أحمد ، عنه .
    وقال الإمام أحمد ، حدثنا أبو ثميلة ، عن ابن أبي داود . قال : رأيت طاوسا وأصحابا له إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة ولم يكلموا أحدا ، وابتهلوا إلى الله تعالى في الدعاء .
    وقال : من لم يبخل ولم يل مال يتيم لم ينله جهد البلاء . روى عنه أبو داود الطيالسي .
    وقد رواه الطبراني ، عن محمد بن يحيى بن المنذر ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبي داود ، فذكره . وقال لابنه : يا بني صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم ، ولا تصاحب الجهال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم ، واعلم أن لكل شيء غاية وغاية المرء حسن عقله .
    وسأله رجل عن مسألة فانتهره ، فقال : يا أبا عبد الرحمن إني أخوك ، قال : أخي من دون الناس ؟
    وفي رواية : أن رجلا من الخوارج سأله فانتهره ، فقال : إني أخوك ، قال : أمن بين المسلمين كلهم ؟
    وقال عفان ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : سأل رجل طاوسا عن شيء فانتهره ، ثم قال : تريد أن تجعل في عنقي حبلا ثم يطاف بي ؟
    ورأى طاوس رجلا مسكينا في عينه عمش وفي ثوبه وسخ ، فقال له : عد ! إن الفقر من الله ، فأين أنت من الماء ؟

    وروى الطبراني ، عنه ، قال : إقرار ببعض الظلم خير من القيام فيه .
    وعن عبد الرزاق ، عن داود ، عن ابن إبراهيم : أن الأسد حبس الناس ليلة في طريق الحج ، فدق الناس بعضهم بعضا ، فلما كان السحر ذهب عنهم الأسد ، فنزل الناس يمينا وشمالا فألقوا أنفسهم ، وقام طاوس يصلي ، فقال له رجل - وفي رواية فقال ابنه - : ألا تنام فإنك قد سهرت ونصبت هذه الليلة ؟ فقال : وهل ينام السحر أحد ؟ وفي رواية : ما كنت أظن أحدا ينام السحر .
    وروى الطبراني ، من طريق عبد الرزاق ، عن أبي جريج وابن عيينة . قالا : حدثنا ابن طاوس . قال : قلت لأبي : ما أفضل ما يقال على الميت ؟ قال : الاستغفار .
    وقال الطبراني : حدثنا عبد الرزاق ، قال : سمعت النعمان بن الزبير الصنعاني يحدث أن محمد بن يوسف - أو أيوب بن يحيى - بعث إلى طاوس بسبعمائة دينار ، وقال للرسول : إن أخذها منك فإن الأمير سيكسوك ويحسن إليك .
    قال : فخرج بها حتى قدم على طاوس الجند ، فقال : يا أبا عبد الرحمن نفقة بعث بها الأمير إليك ، فقال : مالي بها من حاجة ، فأراده على أخذها بكل طريق فأبى أن يقبلها ، فغفل طاوس فرمى بها الرجل من كوة في البيت ، ثم ذهب راجعا إلى الأمير ، وقال : قد أخذها ، فمكثوا حينا ثم بلغهم عن طاوس ما يكرهون - أو شيء يكرهونه - فقالوا : ابعثوا إليه فليبعث إلينا بمالنا ، فجاءه الرسول فقال : المال الذي بعثه إليك الأمير رده إلينا ، فقال : ما قبضت منه شيئا ، فرجع الرسول إليهم فأخبرهم ، فعرفوا أنه صادق ، فقالوا : انظروا الذي ذهب بها إليه ، فأرسلوه إليه .
    فجاءه فقال : المال الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن ، قال : هل قبضت منك شيئا ؟ قال : لا ! قال : فقام إلى المكان الذي رمى به فيه فوجدها كما هي ، وقد بنت عليها العنكبوت ، فأخذها فذهب بها إليهم .

    ولما حج سليمان بن عبد الملك قال : انظروا إلى فقيها أسأله عن بعض المناسك ، قال : فخرج الحاجب يلتمس له ، فمر طاوس فقالوا : هذا طاوس اليماني ، فأخذه الحاجب ، فقال : أجب أمير المؤمنين ، فقال : اعفني ، فأبى ، فأدخله عليه ، قال طاوس : فلما وقفت بين يديه ، قلت : إن هذا المقام يسألني الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين إن صخرة كانت على شفير جهنم هوت فيها سبعين خريفا حتى استقرت في قرارها ، أتدري لمن أعدها الله ؟ قال : لا !! ويلك لمن أعدها الله ؟ قال : لمن أعدها الله ؟ قال : لا !! ويلك لمن أعدها الله ؟ قال : لمن أشركه الله في حكمه فجار .

    يتبع بإذن الله


  • #2
    واصل يا أخانا أبا حذيفه وصلك الله بهداه وأعانك.

    تعليق


    • #3
      آمين وبارك الله في أخانا عبدالناصر وحفظه الله

      تعليق


      • #4
        وفي رواية ذكرها الزهري : أن سليمان رأى رجلا يطوف بالبيت ، له جمال وكمال ، فقال : من هذا يا زهري ؟ فقلت : هذا طاوس ، وقد أدرك عدة من الصحابة ، فأرسل إليه سليمان فأتاه فقال : لو ما حدثتنا ؟ فقال : حدثني أبو موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهون الخلق على الله عز وجل من ولى من أمور المسلمين شيئا فلم يعدل فيهم » . فتغير وجه سليمان فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه فقال : لو ما حدثتنا ؟ فقال : حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قال ابن شهاب : ظننت أنه أراد عليا - قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام في مجلس من مجالس قريش ، ثم قال : « إن لكم على قريش حقا ، ولهم على الناس حق ، ما إذا استرحموا رحموا ، وإذا حكموا عدلوا ، وإذا ائتمنوا أدوا ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا » ، قال : فتغير وجه سليمان وأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه وقال : لوما حدثتنا ؟ فقال : حدثني ابن عباس أن آخر آية نزلت من كتاب الله : { وَاتَّقُوا يَوْما تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [127] .

        وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أبو معمر ، عن ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، قال : قال عمر بن عبد العزيز لطاوس : ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين - يعني سليمان - فقال طاوس : مالي إليه من حاجة ، فكأنه عجب من ذلك ، قال سفيان وحلف لنا إبراهيم وهو مستقبل الكعبة : ورب هذا البيت ما رأيت أحدا الشريف والوضيع عنده بمنزلة واحدة إلا طاوس .
        قال وجاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاوس فلم يلتفت إليه ، فقيل له : جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه ؟ قال : أردت أن يعلم هو وأبوه أن لله عبادا يزهدون فيهم وفيما في أيديهم .
        وقد روى عبد الله بن أحمد ، عن ابن طاوس ، قال : خرجنا حجاجا فنزلنا في بعض القرى ، وكنت أخاف أبي من الحكام لشدته وغلظه عليهم ، قال : وكان في تلك القرية عامل لمحمد بن يوسف - أخي الحجاج بن يوسف - يقال له : أيوب بن يحيى ، وقيل : يقال له : ابن نجيح ، وكان من أخبث عمالهم كبرا وتجبرا .
        قال : فشهدنا صلاة الصبح في المسجد ، فإذا ابن نجيح قد أخبر بطاوس ، فجاء فقد بين يدي طاوس ، فسلم عليه فلم يجبه ، ثم كلمه فأعرض عنه ، ثم عدل إلى الشق الآخر فأعرض عنه ، فلما رأيت ما به قمت إليه وأخذت بيده ، ثم قلت له : إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك ، فقال طاوس : بلى ! إني به لعارف ، فقال الأمير : إنه بي لعارف ، ومعرفته بي فعلت بي ما رأيت . ثم مضى وهو ساكت لا يقول شيئا ، فلما دخلت المنزل قال لي أبي : يا لكع ، بينما أنت تقول : أريد أخرج عليهم بالسيف لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك .
        وقال أبو عبد الله الشامي : أتيت طاوسا فاستأذنت عليه فخرج إلى ابنه شيخٌ كبيرٌ ، فقلت : أنت طاوس ؟ فقال : لا ! أنا ابنه ، فقلت : إن كنت أنت ابنه فإن الشيخ قد خرف ، فقال : إن العالم لا يخرف ، فدخلت عليه فقال طاوس : سل فأوجز ، فقلت : إن أوجزت أوجزت لك ، فقال : تريد أن أجمع لك في مجلسي هذا التوراة والإنجيل والفرقان ؟ قال : قلت : نعم ! قال : خف الله مخافة لا يكون عندك شيء أخوف منه ، وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه ، وأحب للناس ما تحب لنفسك .
        وقال الطبراني : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه . قال : يجاء يوم القيامة بالمال وصاحبه فيتحاجان ، فيقول صاحب المال للمال : جمعتك في يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا ، فيقول المال : ألم أقض لك الحوائج ؟ أنا الذي حلت بينك وبين أن تصنع فيما أمرك الله عز وجل من حبك إياي ، فيقول صاحب المال : إن هذا الذي نفد على حبال أوثق بها وأقيد .
        وقال عثمان بن أبي شيبة : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن الضريس ، عن أبي سنان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : اجتمع عندي خمسة لا يجتمع عندي مثلهم قط : عطاء وطاووس ، ومجاهد وسعيد بن جبير ، وعكرمة .
        وقال سفيان : قلت لعبيد الله بن أبي يزيد : مع من كنت تدخل على ابن عباس ؟ قال : مع عطاء والعامة ، وكان طاوس يدخل مع الخاصة .
        وقال حبيب : قال لي طاوس : إذا حدثتك حديثا قد أثبته فلا تسأل عنه أحدا - وفي رواية : فلا تسأل عنه غيري -
        وقال أبو أسامة : حدثنا الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس ، قال : أدركت خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
        وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، أخبرني ابن طاوس ، قال : قلت لأبي : أريد أن أتزوج فلانة ، قال : اذهب فانظر إليها ، قال : فذهبت فلبست من صالح ثيابي ، وغسلت رأسي ، وأدهنت ، فلما رآني في تلك الحال ،قال : اجلس فلا تذهب .
        وقال عبد الله بن طاوس : كان أبي إذا سار إلى مكة سار شهرا ، وإذا رجع رجع في شهر ، فقلت له في ذلك ، فقال : بلغني أن الرجل إذا خرج في طاعة لا يزال في سبيل الله حتى يرجع إلى أهله .
        وقال حمزة : عن هلال بن كعب ، قال : كان طاوس إذا خرج من اليمن لم يشرب إلا من تلك المياه القديمة الجاهلية .
        وقال له رجل : ادع الله لي ، فقال : ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه .
        وقال الطبراني : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : كان رجل فيما خلا من الزمان ، وكان عاقلا لبيبا ، فكبر فقعد في البيت ، فقال لابنه يوما : إني قد اغتممت في البيت ، فلو أدخلت علي رجالا يكلموني ؟ فذهب ابنه فجمع نفرا فقال : ادخلوا على أبي فحدثوه ، فإن سمعتم منه منكرا فاعذروه فإنه قد كبر ، وإن سمعتم منه خيرا فاقبلوه . قال : فدخلوا عليه ، فكان أول ما تكلم به أن قال : إن أكيس الكيس التقى ، وأعجز العجز الفجور ، وإذا تزوج الرجل فليتزوج من معدن صالح ، فإذا اطلعتم على فجرة رجل فاحذروه فإن لها أخوات .
        وقال سلمة بن شبيب : حدثنا أحمد بن نصر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن عمر بن مسلم الجيري ، عن أبيه ، قال : قال طاوس لابنه : إذا قبرتني فانظر في قبري ، فإن لم تجدني فاحمد الله تعالى ، وإن وجدتني فإنا لله وإنا إليه راجعون . قال عبد الله : فأخبرني بعض ولده أنه نظر فلم يره ولم يجد في قبره شيئا ، ورؤي في وجهه السرور .
        وقال قبيصة : حدثنا سفيان ، عن سعيد بن محمد ، قال : كان من دعاء طاوس : يدعو اللهم احرمني كثرة المال والولد ، وارزقني الإيمان والعمل .
        وقال سفيان : عن معمر ، حدثنا الزهري ، قال : لو رأيت طاوس بن كيسان علمت أنه لا يكذب .
        وقال عون بن سلام : حدثنا جابر بن منصور - أخو إسحاق بن منصور - السلولي ، عن عمران بن خالد الخزاعي . قال : كنت جالسا عند عطاء ، فجاء رجل فقال : أبا محمد إن طاوسا يزعم أن من صلى العشاء ثم صلى بعدها ركعتين يقرأ في الأولى : ألم تنزيل السجدة ، وفي الثانية : تبارك الذي بيده الملك كتب له مثل وقوف عرفة وليلة القدر . فقال عطاء : صدق طاوس ما تركتهما .
        وقال ابن أبي السري : حدثنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه . قال : كان رجل من بني إسرائيل ، وكان ربما داوى المجانين ، وكانت امرأة جميلة ، فأخذها الجنون ، فجيء بها إليه ، فنزلت عنده فأعجبته ، فوقع عليها فحملت ، فجاءه الشيطان فقال : إن علم بها افتضحت ، فاقتلها وادفنها في بيتك ، فقتلها ودفنها ، فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه عنها ، قال : ماتت ، فلم يتهموه لصلاحه ومنزلته ، فجاءهم الشيطان فقال : إنها لم تمت ، ولكن قد وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها في بيته ، في مكان كذا و كذا ، فجاء أهلها فقالوا : ما نتهمك ولكن أخبرنا أين دفنتها ، ومن كان معك ؟ فنبشوا بيته فوجدوها حيث دفنها ، فأخذوه فحبسوه وسجنوه ، فجاءه الشيطان فقال : أنا صاحبك ، فإن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فاكفر بالله ، فأطاع الشيطان ، فكفر بالله عز وجل ، فقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ .
        وقال طاوس : ولا أعلم أن هذه الآية نزلت إلا فيه وفي مثله : { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [128] .
        وقال الطبراني : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : كان رجل من بني إسرائيل له أربعة بنين ، فمرض ، فقال أحدهم : إما أن تمرضوا أبانا ، وليس لكم من ميراثه شيء ، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء ، فمرضه حتى مات ودفنه ولم يأخذ من ميراثه شيئا .
        وكان فقيرا وله عيال ، فأتي في النوم فقيل له : إيتِ مكان كذا وكذا فاحفره تجد فيه مائة دينار فخذها ، فقال للآتي في المنام : ببركة أو بلا بركة ؟ فقال : بلا بركة ، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته فقالت : اذهب فخذها فإن من بركتها أن تكسوني منها ونعيش منها . فأبى وقال : لا آخذ شيئا ليس فيه بركة . فلما أمسى أتي في منامه فقيل له : إيت مكان كذا و كذا فخذ منه عشرة دنانير ، فقال : ببركة أو بلا بركة ؟ قال : بلا بركة ، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته ، فقالت له مثل ذلك ، فأبى أن يأخذها ، ثم أتي في الليلة الثالثة فقيل له : إيت مكان كذا وكذا فخذ منه دينارا ، فقال : ببركة أو بلا بركة ؟ قال : ببركة ، قال : نعم إذا .
        فلما أصبح ذهب إلى ذلك المكان الذي أشير إليه في المنام فوجد الدينار فأخذه ، فوجد صيادا يحمل حوتين فقال : بكم هما ؟ قال : بدينار ، فأخذهما منه بذلك الدينار ، ثم انطلق بهما إلى امرأته فقامت تصلحهما ، فشقت بطن أحدهما فوجدت فيه درة لا يقوم بها شيء ، ولم ير الناس مثلها ، ثم شقت بطن الآخر فإذا فيه درة مثلها .
        قال : فاحتاج ملك ذلك الزمان درة فبعث يطلبها حيث كانت ليشتريها ، فلم توجد إلا عنده ، فقال الملك : إيت بها ، فأتاه بها ، فلما رآها حلاها الله عز وجل في عينيه ، فقال : بعنيها ، فقال : لا أنقصها عن وقر ثلاثين بغلا ذهبا ، فقال الملك : ارضوه ، فخرجوا به فوقروا له ثلاثين بغلا ذهبا .
        ثم نظر إليها الملك فأعجبته إعجابا عظيما ، فقال : ما تصلح هذه إلا بأختها ، اطلبوا لي أختها . قال : فأتوه ، فقالوا له : هل عندك أختها ونعطيك ضعف ما أعطيناك ؟ قال : وتفعلون ؟ قالوا : نعم . فأتي الملك بها ، فلما رآها أخذت بقلبه ، فقال : أرضوه ، فأضعفوا له ضعف أختها ، والله أعلم .
        وقال عبد الله بن المبارك : حدثنا وهيب بن الورد ، حدثنا عبد الجبار بن الورد ، قال : حدثني داود بن سابور ، قال : قلنا لطاوس : أدع بدعوات ، فقال : لا أجد لذلك حسبة .
        وقال ابن جرير : عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : البخل أن يبخل الإنسان بما في يده ، والشح أن يحب أن له ما في أيدي الناس بالحرام لا يقنع .
        وقيل : الشح هو ترك القناعة .
        وقيل : هو أن يشح بما في يد غيره ، وهو مرض من أمراض القلب ينبغي للعبد أن يعزله عن نفسه ، وينفيه ما استطاع ، وهو يأمرنا بالبخل .
        كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا ، وبالقطيعة فقطعوا ، وهذا هو الحرص على الدنيا وحبها » .
        وقال ابن أبي شيبة : حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن طاوس ، قال : ألا رجل يقوم بعشر آيات من الليل فيصبح قد كتب له مائة حسنة أو أكثر من ذلك ، ومن زاد زيد في ثوابه .
        وقال قتيبة بن سعيد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن هشام بن حجير ، عن طاوس ، قال : لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج .
        وعن سفيان ، عن إبراهيم بن ميسرة ، قال : قال لي طاوس : لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد : ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور .
        وقال طاوس : لا يحرز دين المؤمن إلا حفرته .
        وقال عبد الرزاق : عن معمر بن طاوس ، وغيره : أن رجلا كان يسير مع طاوس ، فسمع الرجل غرابا ينعب ، فقال : خير ، فقال طاوس : أي خير عند هذا أو شر لا تصحبني ولا تمش معي .
        وقال بشر بن موسى : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : إذا غدا الإنسان اتبعه الشيطان ، فإذا أتى المنزل فسلم نكص الشيطان . وقال : لا مقيل ، فإذا أتى بغدائه فذكر اسم الله ، قال : ولا غداء ولا مقيل ، فإذا دخل ولم يسلم قال الشيطان : أدركنا المقيل ، فإذا أتى بغذائه ولم يذكر اسم الله عليه قال الشيطان : مقيل وغداء ، وفي العشاء مثل ذلك .
        وقال : إن الملائكة ليكتبون صلاة بني آدم : فلان زاد فيها كذا وكذا ، وفلان نقص فيها كذا وكذا ، وذلك في الركوع والخشوع والسجود .
        وقال : لما خلقت النار طارت أفئدة الملائكة ، فلما خلق آدم سكنت ، وكان إذا سمع صوت الرعد يقول : سبحان من سبحت له .
        وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، قال : قال مجاهد لطاوس : يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصلي في الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك : اكشف قناعك ، وبيِّن قراءتك . فقال له : اسكت لا يسمع هذا منك أحد . ثم تخيل إلى أن انبسط في الحديث .
        وقال أحمد أيضا بهذا الإسناد : إن طاوسا قال لأبي نجيح : يا أبا نجيح !! من قال : واتقي الله خير ممن صمت واتقى .
        وقال مسعر ، عن رجل : إن طاوسا أتى رجلا في السحر فقالوا : هو نائم ، فقال : ما كنت أرى أن أحدا ينام في السحر .


        وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا ابن يمان ، عن مسعود ، فذكره .
        قال الثوري : كان طاوس يجلس في بيته ، فقيل له في ذلك ، فقال : حيف الأئمة وفساد الناس .
        وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني أبي ، قال : كان طاوس يصلي في غداة باردة معتمة ، فمر به محمد بن يوسف صاحب اليمن وحاجبها - وهو أخو الحجاج بن يوسف - وطاوس ساجد ، والأمير راكب في مركبه ، فأمر بساج أو طيلسان مرتفع القيمة فطرح على طاوس وهو ساجد ، فلم يرفع رأسه حتى فرغ من حاجته ، فلما سلم نظر فإذا الساج عليه فانتفض فألقاه عنه ، ولم ينظر إليه ومضى إلى منزله وتركه ملقى على الأرض .
        وقال نعيم بن حماد : حدثنا حماد بن عيينة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن طاوس ، عن ابن عباس : ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا كتب عليه حتى أنينه في مرضه ، فلما مرض الإمام أحمد أنَّ فقيل له : إن طاوسا كان يكره أنين المرض فتركه .
        وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا الفضل بن دُكَين ، حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن داود بن شابور ، قال : قال رجل لطاوس : ادع الله لنا ، فقال : ما أجد بقلبي خشية فأدعو لك .
        وقال ابن طالوت : حدثنا عبد السلام بن هاشم ، عن الحسن بن أبي الحصين العنبري ، قال : مر طاوس برواس قد أخرج رؤوسا فغشي عليه .


        وفي رواية : كان إذا رأى الرؤوس المشوية لم يتعش تلك الليلة .
        وقال الإمام أحمد : حدثنا هشام بن القاسم ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، قال : قال طاوس : إن الموتى يفتنون في قبورهم سغبا ، وكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام .
        وقال ابن إدريس : سمعت ليثا ، يذكر عن طاوس وذكر النساء فقال : فيهنَّ كفر من مضى وكفر من بقي .
        وقال أبو عاصم : عن بقية ، عن سلمة بن وهرام ، عن طاوس ، قال : كان يقال اسجد للقرد في زمانه ، أي : أطعه في المعروف .
        وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أسامة ، حدثنا نافع بن عمر ، عن بشر بن عاصم ، قال : قال طاوس : ما رأيت مثل أحد أمن على نفسه ، ولقد رأيت رجلا لو قيل لي : من أفضل من تعرف ؟ لقلت : فلان ذلك الرجل ، فمكثت على ذلك حينا ، ثم أخذه وجع في بطنه ، فأصاب منه شيئا استنضح بطنه عليه ، فاشتهاه ، فرأيته في نطع ما أدري أي طرفيه أسرع حتى مات عرقا .
        وروى أحمد ، حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن طاوس : أنه رأى فتية من قريش يرفلون في مشيتهم ، فقال : إنكم لتلبسون لبسة ما كانت آباؤكم تلبسها ، وتمشون مشية ما يحسن الزفافون أن يمشوها .
        وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر : أن طاوسا قام على رفيق له مرض حتى فاته الحج - لعله هو الرجل المتقدم قبل هذا استنضح بطنه - .
        وقال مسعر بن كدام : عن عبد الكبير المعلم ، قال طاوس : قال ابن عباس : سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن قراءة ؟ قال : « من إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله عز وجل » .
        وقد روى هذا أيضا من طريق ابن لهيعة ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، قال : قال ابن عباس : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزن به » .
        وعنه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوبان معصفران فقال : « أمك أمرتك بهذا » ؟ قلت : أغسلهما ؟ قال : « بل أحدهما » . رواه مسلم في صحيحه ، عن داود بن راشد ، عن عمر بن أيوب ، عن إبراهيم بن نافع ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، به .
        وروى محمد بن مسلمة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن طاوس ، عن ابن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الجلاوذة والشرط وأعوان الظلمة كلاب النار » . انفرد به محمد بن مسلم الطالقي .
        وقال الطبراني : حدثنا محمد بن الحسن الأنماطي البغدادي ، حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، حدثنا أبي ، عن وهب بن منبه ، عن طاوس ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب : « يا علي استكثر من المعارف من المؤمنين فكم من معرفة في الدنيا بركة في الآخرة » .
        فمضى علي فأقام حينا لا يلقى أحدا إلا اتخذه للآخرة ، ثم جاء من بعد ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما فعلت فيما أمرتك به » ؟ قال : قد فعلت يا رسول الله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « اذهب فاِبلُ أخبارهم » .
        فذهب ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو منكس رأسه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « اذهب فاِبلُ أخبارهم » .
        فذهب ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم تبسم فقال : « ما أحسب يا علي ثبت معك إلا أبناء الآخرة » ؟ فقال له علي : لا والذي بعثك بالحق ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
        « { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ } [129] يا علي ! أقبل على شأنك ، وأملك لسانك ، وأغفل من تعاشر من أهل زمانك تكن سالما غانما » .
        لم يرو إلا من هذا الوجه فيما نعلم ، والله أعلم .

        تعليق

        يعمل...
        X