إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة كتاب (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للعلامة الشنقيطي رحمه الله )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة كتاب (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للعلامة الشنقيطي رحمه الله )

    بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فمن أجمل ما صنف العلماء في الجمع بين الآيات التي يظن بها التعارض في الكتاب العزيز ما كتبه العلامه الحافظ محمد الا مين الشنقيطي رحمه الله تعالى فمن باب نشر الخير والعلم في شبكة العلوم أحببنا نقل فوائد ذلك الكتاب لعل الله أن ينفع بها الناقل ومن نقلت له فنقول وبالله نستعين قال العلامه الشنقيطي يرحمه الله :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    سورة البقرة
    قوله تعالى (الم ذلك الكتاب )أشار الله تعالى الى القرآن في هذه الآية إشارة البعيد . وقد أشار له في آيات أخر إشارة القريب كقوله تعالى (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )وكقوله (إن هذا القرأن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون )وكقوله (وهذا كتاب أنزلناه مبارك )وكقوله(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن )إلى غير ذلك من الآيات
    وللجمع بين هذه الآيات أوجه :
    الوجه الاول : ما حرره بعض علماء البلاغة من أن أوجه الإشارة اليه بإشارة الحاضر القريب أن هذا القرآن قريب حاضر في الاسماع والأسنة والقلوب ووجه الإشارة اليه بإشارة البعيد هو بعد مكانته ومنزلته من مشابهة كلام الخلق , وعما يزعمه الكفار من أنه سحر ـو شعر أو كهانة أو أساطير الاولين .
    الوجه الثاني : هو ما اختاره إبن جرير الطبري في تفسيره من أن ذلك إشارة الى ما تضمنه قوله (ألم )وأنه أشار اليه إشارة البعيد لأن الكلام المشار اليه منقض , ومعناه في الحقيقة القريب لقرب إنقضائه , وضرب له مثلا بالرجل يحدث الرجل فيقول له مرة : والله إن ذلك لكما قلت , ومرة يقول : والله إن هذا لكما قلت . فإشارة البعيد نظرا إلى أن الكلام مضى وانقضى وإشارة القريب نظرا إلى قرب إنقضائه .
    الوجه الثالث :أن العرب ربما أشارت الى القريب إشارة البعيد فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية , ونظيره قول خفاف بن ندبة السلمي , لما قتل مالك بن حرملة الفزاري :
    فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ****فعمدا على عيني تيممي مالكا
    أقول له والرمح يأطر متنه ******** تأمل خفافا إنني أنا ذلكا
    يعيني أنا هذا . وهذا القول الأخير حكاه البخاري عن معمر بن المثنى أبي عبيدة . قاله إبن كثير , وعلى كل حال فعامة المفسرين على أن (ذلك الكتاب ) بمعنى : هذا الكتاب .

  • #2
    قال العلامة محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
    قوله تعالى (لا ريب فيه ) هذه نكرة في سياق النفي ركبت مع ( لا ) فبنيت على الفتح , والنكرة اذا كانت كذلك فهي نص في العموم , كما تقرر في علم الاصول ,و( لا ) هذه التي هي نص في العموم هي المعروفة عند النحويين : ( لا ) التي لنفي الجنس , أما ( لا ) العاملة عمل ( ليس ) فهي ظاهرة في العموم لا نص فيه وعليه , فالآية نص في نفي كل فرد من أفراد الريب عن هذا القرآن العظيم وقد جاء في آيات آخر ما يدل على وجود الريب فيه لبعض من الناس , كالكفار الشاكين , كقوله تعالى (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا )وكقوله ( وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ) , وكقوله ( بل هم في شك يلعبون )
    ووجه الجمع في ذلك : أن القرآن بالغ من وضوح الأدلة وظهور المعجزة ما ينفي تطرق أي ريب إليه , وريب الكفار فيه إنما هو لعمى بصائرهم , كما بينه بقوله تعالى ( أفمن يعلم أنما أنزل اليك من ربك كمن هو أعمى ) فصرح بأن من لايعلم أنه الحق , أن ذلك إنما جاءه من قبل عماه . ومعلوم أن عدم رؤية الاعمى للشمس لا ينافي كونها لا ريب فيها ظهورها :
    إذا لم يكن للمرء عين صحيحة ×××××فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر
    وأجاب بعض العلماء , بأن قوله ( لا ريب فيه ) خبر وأريد به الإنشاء , أي لا ترتابوا فيه وعليه فلا إشكال .

    تعليق


    • #3
      قوله تعالى: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}. خصص في هدى هذا الكتاب بالمتقين, وقد جاء في آية أخرى ما يدل على أن هداه عام لجميع الناس, و هي قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ} الآية. ووجه الجمع بينهما أن الهدى يستعمل في القرآن استعمالين أحدهما عام والثاني خاص. أما الهدى العام فمعناه إبانة طريق الحق وإيضاح المحجة سواء سلكها المبين له أم لا ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي بينا لهم طريق الحق على لسان نبينا صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع أنهم لم يسلكوها بدليل قوله عز وجل: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}, ومنه أيضا قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}, أي بينا له طريق الخير والشر بدليل قوله: {إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}. وأما الهدى الخاص فهو تفضل الله بالتوفيق على العبد ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} الآية. وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}, فإذا علمت ذلك فاعلم أن الهدى الخاص بالمتقين هو الهدى الخاص وهو التفضل بالتوفيق عليهم والهدى العام للناس هو الهدى العام, وهو إبانة الطريق وإيضاح المحجة, وبهذا يرتفع الإشكال أيضا بين قوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} مع قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}, لأن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه وسلم هو الهدى الخاص لأن التوفيق بيد الله وحده ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا, والهدى المثبت له هو الهدى العام الذي هو إبانة الطريق وقد بينها صلى الله عليه وسلم حتى تركها محجة بيضاء ليلها كنهارها,( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)

      تعليق


      • #4
        قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)
        هذه الآية تدل بظاهرها على عدم إيمان الكفار , وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن بعض الكفار يؤمن بالله ورسوله , كقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف .....) الآية , وكقوله (كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فمن الله عليكم ) وكقوله تعالى (وَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ) .
        ووجه الجمع ظاهر , وهو أن الآية من العام المخصوص , لأنها في خصوص الأشقياء الذين سبقت لهم في علم الله الشقاوة ,المشار إليهم بقوله (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) ويدل لهذا التخصيص قوله تعالى (ختم الله على قلوبهم ..........) الآية
        وأجاب البعض بأن المعنى لا يؤمنون مادام الطبع على قلوبهم وأسماعهم والغشاوة على أبصارهم فإن أزال الله عنهم ذلك بفضله آمنوا
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى عبد الله بن ناصر المري; الساعة 28-07-2011, 07:09 PM.

        تعليق


        • #5
          رحم الله العلامة الشنقيطي
          وجزاك الله خيرا أخانا عبد الله

          وللفائدة يا أخانا عبد الله
          إن كنت تكتب تلك الفوائد كتابة ففيها مشقة عليك لأن الكتاب منشور في الشبكات
          حمل من هنا الكتاب ملف وورد

          وحمله من هنا ملف بي دي إف


          تعليق


          • #6
            قوله تعالى ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)
            هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن القادر على صوم رمضان مخير بين الصوم والإطعام وقد جاء في آية أخرى ما يدل على تعيُّن وجوب الصوم وهي قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية.

            والجواب عن هذا بأمرين:

            أحدهما: وهو الحق, أن قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} منسوخ بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه )

            الثاني: أنّ معنى ( يطيقونه) : لا يطيقونه, بتقدير (لا) النافية, وعليه فتكون الآية محكمة, ويكون وجوب الإطعام على العاجز على الصوم كالهرم والزمن, واستدل لهذا القول بقراءة بعض الصحابة يطوقونه (بفتح الياء وتشديد الطاء والواو المفتوحتين , بمعنى: يتكلفونه مع عجزهم عنه, وعلى هذا القول فيجب على الهرم ونحوه الفدية, وهو اختيار البخاري مستدلا بفعل أنس بن مالك رضي الله عنه .

            ملاحظة : قدمت الجمع في مسألة الصوم لقرب أيامه فلعلها تنفع جاهلا بمعنى بالآية
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى عبد الله بن ناصر المري; الساعة 29-07-2011, 06:45 AM.

            تعليق


            • #7
              قوله تعالى : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} الآية. هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون لأن من ختم على قلبه وجعلت الغشاوة على بصره سلبت منه القدرة على الإيمان. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع بمشيئتهم وإرادتهم كقوله تعالى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}, وكقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ}, وكقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} الآية, وكقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُم} الآية, وكقوله: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُم} الآية.

              والجواب:أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم, كل ذلك عقاب من الله لهم على مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم, فعاقبهم الله بعدم التوفيق جزاء وفاقا. كما بينه تعالى بقوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وبقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وقوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} الآية وقوله: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}, إلى غير ذلك من الآيات

              تعليق


              • #8
                إكمالا لما قد بدأناه .قال العلامة الحافظ الشنقيطي :

                . قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} الآية. أفرد في هذه الآية الضمير في قوله استوقد وفي قوله ما حوله وجمع الضمير في قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ}, مع أن مرجع كل هذه الضمائر شيء واحد وهو لفظة الذي من قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي}, والجواب : عن هذا أن لفظة الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها, وقد تقرر في علم الأصول أن الأسماء الموصولة كلها من صيغ العموم, فإذا حققت ذلك فاعلم أن إفراد الضمير باعتبار لفظة الذي وجمعه باعتبار معناها, ولهذا المعنى جرى على ألسنة العلماء أن الذي تأتي بمعنى الذين ومن أمثلة ذلك في القرآن هذه الآية الكريمة, فقوله كمثل الذي استوقد أي كمثل الذين استوقدوا بدليل قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ} الآية. وقوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وقوله: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} أي كالذين ينفقون بدليل قوله: {لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} وقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} بناء على الصحيح من أن الذي فيها موصولة لا مصدرية ونظير هذا من كلام العرب قول الراجز:
                في قائم منهم ولا في من قعد
                يا رب عبس لا تبارك في أحد


                إلا الذي قاموا بأطراف المسد



                وقول الشاعر وهو أشهب بن رميلة وأنشده سيبويه لإطلاق الذي وإرادة الذين:
                هم القوم كل القوم يا أم خالد
                وأن الذي حانت بفلج دماؤهم
                وزعم ابن الأنبارى أن لفظة الذي في بيت أشهب جمع الذ بالسكون وأن الذي في الآية مفرد أريد به الجمع وكلام سيبويه يرد عليه وقول هديل بن الفرخ العجلى:

                وبت أساقى القوم إخوتي الذي
                غوايتهم غيي ورشدهم رشدي
                وقال بعضهم المستوقد واحد لجماعة معه ولا يخفى ضعفه.
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى عبد الله بن ناصر المري; الساعة 18-08-2011, 06:21 PM.

                تعليق


                • #9
                  قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} الآية هذه الآية يدل ظاهرها على أن المنافقين لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يبصرون, وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك كقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} وكقوله: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِم} الآية, أي لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم, وقوله: {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد} إلى غير ذلك من الآيات, ووجه الجمع ظاهر, وهو أنهم بكم عن النطق بالحق وإن رأوا غيره, وقد بين تعالى هذا الجمع بقوله: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً} الآية, لأن مالا يغني شيئا فهو كالمعدوم والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي لا أثر له ومنه قول قعنب بن أم صاحب:
                  وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
                  صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به


                  وقول الشاعر: أصم عن الأمر الذي لا أريده *****وأسمع خلق الله حين أريد





                  فأصممت عمرا وأعميته******* عن الجود والفخر يوم الفخار




                  وكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم.


                  قال هبيرة بن أبي وهب المخزومى:
                  وإن كلام المرء في غير كنهه


                  لكالنبل تهوي ليس فيها نصالها


                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى عبد الله بن ناصر المري; الساعة 30-08-2011, 07:49 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    أعتذر إخواني الفضلاء عن الإنقطاع عن الكتابه في هذه السلسلة في الفترة الماضيه بسبب إنقطاع الإنترنت والحمد لله على عودته قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى :

                    قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} الآية. هذه الآية تدل على إن هذه النار كانت معروفة عندهم, بدليل أل العهدية, وقد قال تعالى في سورة التحريم: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}, فتنكير النار هنا يدل على أنها لم تكن معروفة عندهم بهذه الصفات. ووجه الجمع أنهم لم يكونوا يعلمون أن من صفاتها كون الناس والحجارة وقودا لها فنزلت آية التحريم فعرفوا منها ذلك من صفات النار, ثم لما كانت معروفة عندهم نزلت آية البقرة, فعرفت فيها النار بأل العهدية لأنها معهودة عندهم في آية التحريم, ذكر هذا الجمع البيضاوى والخطيب في تفسيريهما وزعما أن آية التحريم نزلت بمكة وظاهر القرآن يدل على هذا الجمع لأن تعريف النار هنا بأل العهدية يدل على عهد سابق والموصول وصلته دليل على العهد وعدم قصد الجنس ولا ينافي ذلك أن سورة التحريم مدنية وأن الظاهرنزولها بعد البقرة, كما روي عن ابن عباس لجواز كون الآية مكية في سورة مدنية كالعكس.

                    تعليق


                    • #11
                      قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية. هذه الآية تدل على أن خلق الأرض قبل خلق السماء بدليل لفظة ثم التي هي للترتيب والانفصال وكذلك آية حم السجدة تدل أيضا على خلق الأرض قبل خلق السماء لأنه قال فيها : {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى أن قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} الآية. مع آية النازعات تدل على أن دحو الأرض بعد خلق السماء لأنه قال فيها: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا}. قال: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} واعلم أولا أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية السجدة وآية النازعات فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولا قبل السماء غير مدحوة ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك بعد خلق السماء, ويدل لهذا أنه قال: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} ولم يقل خلقها, ثم فسر دحوه إياها بقوله: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} الآية. وهذا الجمع الذي جمع به ابن عباس بين هاتين الآيتين واضح لا إشكال فيه مفهوم من ظاهر القرآن العظيم إلا أنه يَرِد عليه إشكال من آية البقرة هذه وإيضاحه أن ابن عباس جمع بأن خلق الأرض قبل خلق السماء ودحوها بما فيها بعد خلق السماء وفي هذه الآية التصريح بأن جميع ما في الأرض مخلوق قبل خلق السماء لأنه قال فيها: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية. وقد مكثت زمنا طويلا أفكر في حل هذا الإشكال حتى هداني الله إليه ذات يوم ففهمته من القرآن العظيم, وإيضاحه أن هذا الإشكال مرفوع من وجهين كل منهما تدل عليه آية من القرآن:
                      الأول-إن المراد بخلق ما في الأرض جميعا قبل خلق السماء الخلق اللغوي الذي هو التقدير لا الخلق بالفعل الذي هو الإبراز من العدم إلى الوجود والعرب تسمي التقدير خلقا ومنه قول زهير:
                      ض القوم يخلق ثم لا يفرى
                      ولانت تفري ما خلقت وبعـ

                      والدليل على أن المراد بهذا الخلق التقدير أنه تعالى نصّ على ذلك في سورة فصلت حيث قال: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ثم قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} الآية.
                      الوجه الثاني: أنه لما خلق الأرض غير مدحوه وهي أصل لكل ما فيها كأنه خلق بالفعل لوجود أصله فعلا والدليل من القرآن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع وإن لم يكن موجودا بالفعل . قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَة} الآية. فقوله خلقناكم ثم صورناكم أي بخلقنا وتصويرنا لأبيكم آدم هو أصلكم. وجمع بعض العلماء بأن معنى قوله والأرض بعد ذلك دحاها, أي مع ذلك فلفظة بعد بمعنى مع ونظيره قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} وعليه فلا إشكال في الآية, ويستأنس لهذا القول بالقراءة الشاذة وبها قرأ مجاهد: الأرض مع ذلك دحاها, وجمع بعضهم بأوجه ضعيفة لأنها مبنية على أن خلق السماء قبل الأرض وهو خلاف التحقيق منها: أن (ثم) بمعنى الواو. منها: أنها للترتيب الذكري كقوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية.

                      تعليق


                      • #12
                        قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} الآية. أفرد هنا تعالى لفظ {السَّمَاءِ} ورد عليه الضمير بصيغة الجمع في قوله {فَسَوَّاهُنَّ} وللجمع بين ضمير الجمع ومفسره المفرد وجهان:
                        الأول: إن المراد بالسماء جنسها الصادق بسبع سموات وعليه فأل جنسية.
                        الثاني: أنه لا خلاف بين أهل اللسان العربي في وقوع إطلاق المفرد وإرادة الجمع مع تعريف المفرد وتنكيره وإضافته, وهو كثير في القرآن العظيم وفي كلام العرب. فمن أمثلته في القرآن واللفظ معرف قوله تعالى: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} أي بالكتاب كلها بدليل قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِه} , وقوله: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} وقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}يعني الأدبار, كما هو ظاهر, وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} يعني الغرفات بدليل قوله تعالى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} وقوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} أي الملائكة بدليل قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} وقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} الآية, يعني الأطفال الذين لم يظهروا, وقوله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} الآية يعني الأعداء.
                        ومن أمثلته واللفظ منكر قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} يعني وأنهار بدليل قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية, وقوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} يعني أئمة, وقوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} يعني سامرين, وقوله: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} يعني أطفالا, وقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي بينهم, وقوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} أي رفقاء, وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}, أي جنبين أو أجنابا وقوله: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي ظاهرون لدلالة السياق فيها كلها على الجمع. واستدل سيبويه لهذا بقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً}أي أنفسا.
                        ومن أمثلته واللفظ مضاف قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي} الآية, يعني أضيافي, وقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية أي أوامره وأنشد سيبويه لإطلاق المفرد وإرادة الجمع قول الشاعر, و هو علقمة بن عبدة التميمى:
                        فبيض وأما جلدها فصليب
                        بها جيف الحسرى فأما عظامها
                        يعني وأما جلودها فصليبة. وأنشد له أيضا قول الآخر:
                        فإن زمانكم زمن خميص

                        كلوا في بعض بطنكم تعفوا



                        يعنى في بعض بطونكم.



                        ومن شواهده قول عقيل بن علفة المرى:

                        وكنت لهم كشر بني الأخينا

                        وكان بنو فزاره شر عم

                        يعنى شر أعمام. وقول العباس بن مرداس السلمي:
                        وقد سلمت من الإحن الصدور

                        فقلنا أسلموا أنا أخوكم



                        يعني أنا إخوانكم. وقول الآخر:

                        إن العواذل ليس لي بأمير

                        يا عاذلاتي لا تردن ملامة



                        يعني لسن لي بأمراء.



                        وهذا في النعت بالمصدر مطرد كقول زهير:

                        هم بيننا هم رضى وهم عدل

                        متى يشتجر قوم يقل سرواتهم

                        ولأجل مراعاة هذا لم يجمع في القرآن السمع والطرف والضيف لأن أصلها مصادر كقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} وقوله: {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ} وقوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} وقوله: {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي}

                        تعليق

                        يعمل...
                        X