إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة / النكت على مختصر علوم الحديث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    تعريف الترمذي للحديث الحسن

    قول المصنف ـ رحمه الله ـ (قال ابن الصلاح: وروينا[1] عن الترمذي أنه يريد بالحسن: أن لا يكون في إسناده من يهتم بالكذب، ولا يكون حديثاً شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك.)
    فالحسن عند الترمذي ـ رحمه الله ـ ما توفرت فيه ثلاثة أمور :ـ
    1ـ أن لا يكون فيهم متهماً بالكذب .
    2ـ انتفاء الشذوذ متناً وسنداً
    3ـ أن يروى مثل ذلك الحديث , أو نحوه من وجه آخر فصاعداً وليس كلها في المرتبة على حد سواء بل بعضها أقوى من بعض بتوفر هذه الشروط يكون عنده حسناً [النكت للحافظ 1/230]
    ذكر مؤاخذات الأئمة على تعريف الترمذي ـ رحمه الله ـ مع الجواب عن بعضها
    قال ابن الملقن في المقنع (1/84) ( وفيه نظر أيضاً لأن الصحيح شرطه : أن لا يكون شاذاً وأن لا يكون في رجاله من يتهم بالكذب نعم؛ فيه من لا يعرف إلا من وجه واحد , خلافاً لما ادعاه الحاكم . ويشكل على هذا أيضاً ما يقال فيه : إنه حديث حسن مع أنه ليس له مخرج إلا من وجه واحد)
    ملخص اعتراضات ابن الملقن ـ رحمه الله ـ

    1ـ هذه الشروط هي الشروط المعتبرة في الحديث الصحيح بعينها فانتفاء الشذوذ معتبر وانتفاء التهمة ـ تهمة الكذب ـ معتبرة
    2ـ كونه يقول ـ أو يطلق ـ الحسن على ما ليس له إلا مخرجاً واحداً مع اشتراطه فيما يطلق عليه الحسن أن يأتي من وجه آخر .
    وممن اعترض بما تقدم عن ابن الملقن ـ رحمه الله ـ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن المواق ـ رحمه الله ـ قال فى كتابه بغية النقاد (لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح فلا يكون صحيحا إلا وهو غير شاذ ولا يكون صحيحا حتى تكون رواته غير متهمين بل ثقات قال فظهر من هذا أن الحسن عند أبى عيسى صفة لا تخص هذا القسم بل قد يشركه فيها الصحيح قال كل صحيح عنده حسن وليس كل حسن صحيحا انتهى كلامه .)
    وقال ابن جماعة ـ رحمه الله ـ (..قلت وفي كل هذه التعريفات نظر أما الأول والثاني فلأن الصحيح أو أكثره كذلك أيضا فيدخل الصحيح في حد الحسن ويرد على الأول الفرد من الحسن فإنه لم يرو من وجه آخر) [ المنهل الروي / 6]


    [1] قال ابن الأمير الصنعاني ـ رحمه الله ـ (..في المصباح ما لفظه روى البعير الماء يرويه من باب رمى حمله فهو راوية والهاء للمبالغة ثم أطلقت الراوية على كل دابة يستقي عليها ومنه قيل رويت الحديث إذا حملته ونقلته وتعدى بالتضعيف فيقال رويت زيدا الحديث انتهى) [ توضيح الأفكار 1/ 197]

    تعليق


    • #32
      الجواب عن الاعتراضات المتقدمة
      الجواب عن قولهم (لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح)
      لا يلزم من حد الترمذي للحسن اتحاد الصحيح والحسن لأنه يشترط في رجال الصحيح من قوة العدالة والحفظ والإتقان مالا يشترط في رجال الحسن
      يشترط فيه مجيئه من غير وجه حتى ينجبر ضعفه ولو قلنا إن هذا يدخل فيه الصحيح لقلنا إن الحسن أقوى من الصحيح لكون روي من وجه آخر وفي ذلك ما لا يخفى ! [ توضيح الأفكار وبتصرف 1/160ـ 161]
      وقال الحافظ ـ رحمه الله ـ (... وأما الترمذي : فلم يقصد التعريف بالأنواع المذكورة عند أهل الحديث بدليل أنه لم يعرف بالصحيح ولا بالضعيف بل ولا بالحسن المتفق على كونه حسناً بل المعرف به عنده وهو حديث المستور على ما فهمه المصنف ـ لا يعده كثير من أهل الحديث من قبيل الحسن وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصوراً على رواية المستور ، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ والموصوف بالغلط والخطأ وحديث المختلط بعد اختلاطه والمدلس إذا عنعن وما في إسناده انقطاع خفيف . فكل ذلك عنده من قبيل الحسن بالشروط الثلاثة وهي :
      1- أن يكون فيهم من يتهم بالكذب .
      2- ولا يكون الإسناد شاذاً .
      3- وأن يروى مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعداً وليس كلها في المرتبة على حد سواء بل بعضها أقوى من بعض .
      ومما يقوي هذا ويعضده أنه لم يتعرض لمشروطية اتصال الإسناد أصلاً ، بل أطلق ذلك ، فلهذا وصف كثيراً من الأحاديث المنقطعة بكونها حساناً .) [النكت 1/230]



      خلاصة كلام الحافظ ـ رحمه الله ـ

      1ـ أن تعريف الترمذي ليس للحسن المعروف وإنما هو للضعيف المنجبر بمجيئه من طريق نحوه فالحسن عند الترمذي ـ رحمه الله ـ هو عبارة عن حديث الضعيف بسبب سوء الحفظ والموصوف بالغلط والخطأ وحديث المختلط بعد اختلاطه والمدلس إذا عنعن وما في إسناده انقطاع خفيف . فكل ذلك عنده من قبيل الحسن بالشروط الثلاثة وهي :
      1- أن لايكون فيهم من يتهم بالكذب .
      2- ولا يكون الإسناد شاذاً .
      3- وأن يروى مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعداً وليس كلها في المرتبة على حد سواء بل بعضها أقوى من بعض .
      أقول : فكيف يكون ما هذا حاله شروطه كشروط الحديث الصحيح حتى يقال (لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح) فالترمذي بصدد تعريف الضعيف المنجبر وفرق بين الضعيف المنجبر والصحيح.
      وسيأتي إن شاء الله مزيد إيضاح لهذا عند الرد على من لا يرى الفرق بين تعريف الترمذي والخطابي فلا تكن على عجل ؟!.
      2ـ أن الترمذي لم يقصد تعريف أنواع الحديث حتى يقال إنه لم يعرف الحسن بما يباينه من الصحيح فلم يعرف الصحيح ولا الضعيف بل ولا الحسن المتفق على كونه حسناً ولكن المعرف عنده الضعيف المنجبر والله أعلم .
      والجواب عن قول ابن المواق (قال كل صحيح عنده حسن وليس كل حسن صحيحاً)
      أقول : يلزم هذا الترمذيّ فيما إذا كان تعريفه يتنزل على الحسن لذاته أما وقد علمت بأن الترمذي عنى الحسن لغيره ـ فيما مضى وسنتعرض له أيضاً فيما بعد إن شاء الله ـ وليس بين الصحيح والحسن لغيره عموم وخصوص وستأتي هذه المسألة عند الكلام على الحديث الضعيف إن شاء الله وهي وإن كانت مسألةً أصوليةً إلا أن لها تعلقاً بما نحن بصدده إذ أن الأئمة ذكروها ولم يهملوها و الحسن على اصطلاح الترمذي في الحقيقة حديث ضعيف ارتقى بمجيئه من طريق آخر فكيف يكون بينه وبين الصحيح عموم وخصوص والله أعلم . وانظر للتوضيح [ 1/165ـ166]
      فالخلاصة أن ادعاء ابن المواق أن الترمذي لم يميز بين الصحيح والحسن ممنوع فإنه ميزه بشيئين :
      1ـ أن يكون راويه قاصراً عن درجة راوي الصحيح بل عن درجة راوي الحسن لذاته .
      2ـ أن يروى من غير وجه نحوه . [بتصرف من النكت الوفية 1/224]
      والجواب عن قول ابن جُماعة ـ رحمه الله ـ (ويرد على الأول الفرد من الحسن فإنه لم يرو من وجه آخر)
      ومثله قول المصنف ـ رحمه الله ـ في صدد الاعتراض على من عزى هذا الكلام إلى الترمذي ـ رحمه الله ـ (..وإن كان قد فُهم من اصطلاحه في كتابه " الجامع " فليس ذلك بصحيح، فإنه يقول في كثير من الأحاديث: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.)
      والجواب عنه قال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ (وقول الترمذي رحمه الله : (( يروى من غير وجه نحو ذلك )) [ و ] لم يقل : عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيحتمل أن يكون مراده عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره وهو أن يكون معناه يروى من غير وجه ولو موقوفاً ، ليستدل بذلك على أن هذا المرفوع له أصل يعتضد به . وهذا كما قال الشافعي في الحديث المرسل : (( إنه إذا عضده قول صحابي ، أو عمل عامة أهل الفتوى به ، كان صحيحاً .) [ شرح العلل 2/607]
      وقال أيضاً ـ رحمه الله ـ (الحديث الذي يرويه الثقة العدل ، ومن كثر غلطه ، ومن يغلب على حديثه الوهم ، إذا لم يكن أحد منهم متهماً كله حسن بشرط أن لا يكون شاذاً للأحاديث الصحيحة ، وبشرط أن يكون معناه قد روي من وجوه متعددة فإن كان مع ذلك من رواية الثقات العدول الحفاظ فالحديث حينئذ حسن صحيح ، وإن كان مع ذلك من رواية غيرهم من أهل الصدق الذين في حديثهم وهو غلط - إما كثيراً أو غالب عليهم - فهو حسن ، ولم لم يرو لفظه إلا من ذلك الوجه ، لأن المعتبر أن يروي معناه من غير وجه ، لا نفس لفظه . وعلى هذا : فلا يشكل قوله : (( حديث حسن غريب )) ، ولا قوله : (( صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه )) ، لأن مراده أن هذا اللفظ لا يعرف إلا من هذا الوجه ، لكن لمعناه شواهد من غير هذا الوجه ، وإن كانت شواهده بغير لفظه .) [شرح العلل 2/606ـ 607]
      أقول : وما ينبئك مثل خبير فالحافظ ابن رجب هو حذام سنن الترمذي ومن أعرف الناس باصطلاحه والله أعلم
      إذا قالت حذام فصدقوها*** فإن القول ما قالت حذام .
      وهناك أجوبة أخرى ستأتي في موضعها إن شاء الله ومنها جواب الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ
      وهو أقوى جواب ـ رأيته ـ قال ـ رحمه الله ـ (فإِنْ قيلَ : قدْ صَرَّحَ التِّرمِذيُّ بأَنَّ شَرْطَ الحَسَنِ أَنْ يُرْوى مِن (40) غيرِ وجْهٍ ، فكيفَ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ : حسنٌ غَريبٌ لا نعرِفُه إِلاَّ مِن هذا الوجهِ ؟!
      فالجوابُ : أَنَّ التِّرمذيَّ لم يُعَرِّفِ الحَسَنَ المُطْلَقَ ، وإِنَّما عَرَّفَ بنوع خاصٍّ منهُ وقعَ في كتابِه ، وهُو ما يقولُ فيهِ : (( حسن )) ؛ من غيرِ صفةٍ أُخرى ، وذلك أَنَّهُ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ : (( حسنٌ )) ، وفي بعضِها : (( صحيحٌ )) ، وفي بعضِها : (( غريبٌ )) ، وفي بعضِها : (( حسنٌ صحيحٌ )) ، وفي بعضِها : (( حسنٌ غَريبٌ )) ، وفي بعضِها : (( صحيحٌ غريبٌ )) ، [ وفي بعضِها : [ (( حسنٌ صحيحٌ غريبٌ )) ]
      وتعريفُه إِنَّما (( هو )) وقعَ على الأوَّلِ فقطْ ، وعبارتُه تُرشِدُ إِلى ذلك ، حيثُ قال في آخِرِ كتابِه : وما قُلْنا في كتابِنا : (( حديثٌ حسنٌ )) ؛ فإِنَّما أَرَدْنا بهِ حَسَنٌ إِسنادِهِ عندَنا ، إِذْ كُلُّ حديثٍ يُرْوي لا يكونُ راويهِ مُتَّهَماً بكَذِبٍ ، ويُروي } مِن غيرِ وجْهٍ نحو ذلك ، ولا يكونُ شاذّاً ؛ فهو عندَنا حديثٌ حسنٌ .
      فعُرِف بهذا أَنَّهُ إِنَّما عَرَّفَ الَّذي يقولُ فيه : (( حَسنٌ )) فقطْ ، أَمَّا ما يقولُ فيهِ : (( حسنٌ صحيحٌ )) ، أو : (( حسنٌ غريبٌ )) ، أو : (( حسنٌ صحيحٌ غريبٌ )) ؛ فلم يُعَرِّجْ على تعريفِه ؛كما لم يُعَرِّجْ على تعريفِ ما يقولُ فيهِ : (( صحيحٌ )) فقط ، أو : (( غريبٌ )) فقط . وكأنَّهُ تَرَكَ ذلك اسْتِغناءً بشُهرَتِه عندَ أَهلِ الفنِّ ، واقْتصرَ على تعريفِ ما يقولُ فيهِ في كتابهِ : (( حسنٌ )) فقط ؛ إِمَّا لغُموضِهِ ، وإِمَّا لأنَّهُ اصطِلاحٌ جديدٌ ، ولذلك قيَّدَهُ بقولِه : (( عندنا )) ، ولم ينْسِبْهُ إِلى أَهلِ الحديثِ كما فعل الخَطَّابيُّ . وبهذا التَّقريرِ يندفعُ كثيرٌ مِن الإِيراداتِ التي طالَ البحثُ فيها ولمْ يُسْفِرْ وجْهُ توجيهِها ، فللهِ الحمدُ على ما أَلهَم وعَلَّمَ . [نُزْهَةِ النَّظَر في تَوْضِيحِ نُخْبَةِ الفِكَر في مُصْطَلحِ أَهلِ الأثَر 33ـ34]
      خلاصة هذا الكلام (أن تعريف الترمذي إنما هو لما يقول فيه حسن فقط أما إذا أشرك معه صفة أخرى كأن يقول حسن غريب أو حسن صحيح وما إلى ذلك فليس في
      تعريف الترمذي ما يدل عليه بل لم يعرج على اصطلاحه فيما هذا حاله فافهم هذا يجل عنك كثير من الإيرادات على تعريف الترمذي والله ولي التوفيق .

      تعليق


      • #33
        قول المصنف ـ رحمه الله ـ (..وهذا إذا كان قد روي عن الترمذي أنه قاله ففي أي كتاب له قاله وأين إسناده عنه[1])
        الجواب عن هذا الاعتراض
        قال العراقي ـ رحمه الله ـ بعد ما أورد هذا الكلام عن المصنف ـ رحمه الله ـ :ـ
        (وهذا الإنكار عجيب فإنه في آخر العلل التي في آخر الجامع وهى داخلة في سماعنا وسماع المنكر لذلك وسماع الناس نعم ليست في رواية كثير من المغاربة فإنه وقعت لهم رواية المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وليست في روايته عن أبى يعلى أحمد ابن عبد الواحد وليست في رواية أبى يعلى عن أبى على السنجي وليست في رواية أبى على السنجي عن أبى العباس المحبوبي صاحب الترمذي ولكنها في رواية عبد الجبار ابن محمد الجراحي عن المحبوبي ثم اتصلت عنه بالسماع إلى زماننا بمصر والشام وغيرهما من البلاد الإسلامية ) [ التقييد والإيضاح 1/295ـ296 طـ دار الحديث بدماج ]
        استشكال أبي الفتح اليعمري نسبة اصطلاح الترمذي إلى أهل المحدثين
        قال العراقي ـ رحمه الله ـ (..ولكن استشكل أبو الفتح اليعمري كون هذا الحد الذي ذكره الترمذي اصطلاحا عاما لأهل الحديث ..)
        قال العراقي ـ رحمه الله ـ (فنورد لفظ الترمذي أولا :
        قال أبو عيسى (الترمذي): وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن إنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذاً ويروى من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حديث حسن انتهى كلامه [التقييد 1/296]
        ثم قال ـ رحمه الله ـ (فقيد الترمذي تفسير الحسن بما ذكره في كتابه الجامع فلذلك قال أبو الفتح اليعمري في شرح الترمذي إنه لو قال قائل إن هذا إنما اصطلح عليه الترمذي في كتابه هذا ولم ينقله اصطلاحا عاماً كان له ذلك فعلى هذا لا ينقل عن الترمذي حد الحديث الحسن بذلك مطلقا في الاصطلاح العام والله أعلم )
        وقال الحافظ ـ رحمه الله ـ بعد أن أورد جملة من الأحاديث التي يحسنها الترمذي يشواهدها ومتابعاتها قال : (وذلك مصير منهم إلى أن الصورة الاجتماعية لها تأثر في التقوية . وإذا تقرر ذلك كان من رأيه أي الترمذي أن جميع ذلك إذا اعتضد لمجيئه من وجه آخر أو أكثر نزل منزلة الحسن احتمل أن لا يوافقه غيره على هذا الرأي أو يبادر للإنكار عليه إذا وصف حديث الراوي الضعيف أو ما إسناده منقطع بكونه حسناً فاحتاج إلى التنبيه على اجتهاده في ذلك وأفصح عن مقصده فيه ولهذا أطلق الحسن لما عرف به فلم يقيده بغرابة ولا غيرها ونسبه إلى نفسه وإلى من يرى رأيه قال : (( عندنا كل حديث إلى آخر كلامه الذي ساقه شيخنا بلفظه .) [ النكت 1/230]
        خلاصة ما تقدم في هذه المسألة
        1ـ أن أبا الفتح اليعمري ـ رحمه الله ـ استشكل عزو اصطلاح الترمذي لعموم المحدثين لأن الترمذي أفصح عن مراده بالحسن في كتابه الجامع ولم ينقله عازياً إلى المحدثين .
        2ـ عضد العراقي كلام اليعمري بنقل كلام الترمذي المؤيد لليعمري وكأنه يرى رأيه في هذه المسألة وذلك ظاهر من قوله (فقيد الترمذي تفسير الحسن بما ذكره في كتابه الجامع).
        3ـ وفي كلام الحافظ ـ رحمه الله ـ أن تعريف الترمذي لم يسقه كاصطلاح للمحدثين وإنما هو اصطلاحه في كتابه الجامع ومن يرى رأيه .
        قال أبو عيسى ـ وفقه الله ـ : ولكن مما لا شك فيه أن مما استقر عليه الحال أن تعريف الترمذي للحسن هو المصدر في معرفة الحديث الحسن لغيره بل هو العمدة لمن بعده والله أعلم .


        1 وقوله بعد هذا الكلام (وإن كان قد فُهم من اصطلاحه في كتابه " الجامع " فليس ذلك بصحيح، فإنه يقول في كثير من الأحاديث: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.)لأن اصطلاحات الأئمة إما أن تؤخذ من التنصيص أو من استقراء العالم العارف والله أعلم

        تعليق


        • #34
          تعريف ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ

          قول المصنف ـ رحمه الله ـ (قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: وقال بعض المتأخرين: الحديث الذي فيه ضعف قريب مُحتمل، هو الحديث الحسن، ويصلح للعمل به.)
          قال العراقي ـ رحمه الله ـ (وأراد المصنف ببعض المتأخرين هنا أبا الفرج ابن الجوزي فإنه قال هكذا في كتابيه الموضوعات والعلل المتناهية )
          ونص كلامه ـ رحمه الله ـ قال ـ رحمه الله ـ وهو يتكلم على الحديث من حيث القبول والرد وقد قسمه إلى ستة أقسام فقال : (القسم الرابع: ما فيه ضعف قريب محتمل وهذا هو الحسن ويصلح البناء عليه والعمل به، وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس. ) [ الموضوعات 1/14] وأما في العلل المتناهية فلم أجد فلينظر ـ إن شاء الله ـ
          ذكر الاعتراضات على تعريف ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ
          قال ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ في الاقتراح (قوله : فيه ضعف قريب محتمل ليس مضبوطاً بضابط يتميز به القدر المحتمل من غيره . وإذا اضطرب هذا الوصف لم يحصل التعريف المميز للحقيقة .) [ الاقتراح ]
          وقال ابن جٌماعة ـ رحمه الله ـ (وأما الثالث فيتوقف على معرفة الضعف القريب المحتمل وهو أمر مجهول وأيضا فيه دور لأنه عرفه بصلاحيته للعمل به وذلك يتوقف على معرفة كونه حسنا) [ المنهل الروي / ] [ انظر البحر الذي زخر 3/957]
          وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ وهو يعترض على توجيه العلائي لكلام الخطابي في أنه أراد بقوله ما عرف مخرجه واشتهرت رجاله ما لم يبلغ درجة الصحيح قال ـ رحمه الله ـ معترضاً (..قلت : وعلى تقدير تسليم هذا الجواب فهذا القدر غير منضبط فيصح القرب الذي في كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى غير منضبط فيصح ما قال القشيري أنه على غير صناعة الحدود والتعريفات)
          خلاصة ما تقدم من الاعتراضات
          المسألة الأولى:ـ لا يعرف مقدار هذا الضعف المحتمل وإذا لم يعرف المقدار المشار إليه ــ إذ هو مجهول غير منضبط ــ لا يحصل التعريف المميز للحقيقة .
          المسألة الثانية :ــ تعريفه فيه يلزم منه دورٌ[1] إذ أنه عرفه بصلاحية العمل به وذلك شيٌ يتوقف على معرفة الحسن وهو لم يحصل بعد فكيف يعرفه بالعمل به ونحن لم نعرفه.
          الجواب عن الاعتراضات المتقدمة
          قال الطيبي ـ رحمه الله ـ وهو يجيب عن اعتراض ابن جماعة وكذلك يشمل الإجابة عن اعتراض ابن دقيق العيد والحافظ ابن حجر ـ رحم الله الجميع ـ قال: (هذا مبني على أن معرفة الحسن موقوفة على معرفة الصحيح لأن الحسن وسط بينهما فقوله ( قريب ) أي قريب مخرجه إلى الصحيح (محتمل ) لكون رجاله مستورين )[ الخلاصة 45]
          وقال الإمام الصنعاني ـ رحمه الله ـ ملزماً للحافظ ابن حجر ما ألزم هو ـ الحافظ ـ ابن الجوزي (قلت ويقال للحافظ وكذلك تعريفك الحسن في النخبة وشرحها بقولك فإن خف الضبط أي قل مع بقية الشروط المتقدمة في حد الصحيح فحسن لذاته غير منضبط أيضا فإن خفة الضبط أمر مجهول ومثله تعريف المصنف له في مختصره) [ التوضيح 1/155]
          ثم قال الصنعاني ـ رحمه الله ـ فيا لو اعترض عليه بأن هذه أمور عرفية قال: (والجواب بأنه مبني على العرف أو على المشهور غير نافع إذ لا عرف في مقدار خفة الضبط ) [ نفس المصدر ]
          أقول : في هذا الكلام نظر لأن الضبط إنما يعرف بأمور نسبية اصطلاحية يتعارف عليها أهل الفن وقد تكلمنا على هذا فيما مضى من الكلام على النوع الأول الذي هو الصحيح فارجع إليه تزدد علماً ـ إن شاء الله ـ .
          خلاصة الكلام على تعريف ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ
          1: أنه حد مدخول ليس جامعاً مانعاً قال الإمام ابن دقيق ـ رحمه الله ـ (وإذا اضطرب هذا الوصف لم يحصل التعريف المميز للحقيقة )
          2: أما الاعتراض عليه بأن الضعف القريب شيءٌ نسبي لا يمكن ضبطه انتقاد لا يتم إذ أن ضبط في مثل هذه الأمور يرجع إلى ضبطه لأحاديثه التي يرويها كثيرةً كانت أو قليلةً فيحتمل للمكثر ما لا يحتمل للمقل وهكذا والله أعلم
          ثم بعد كتابة ما تقدم بأيام وقفت على كلام للعلامة النظار ابن الوزير ـ رحمه الله ـ يقرر فيه ما تقدم فقال ـ في كلام طويل (.. وأمّا المحدّثون: فهم أكثر النّاس تشديداً في القدح بالوهم؛ لأنّهم يقدحون به متى كثر, وإن لم يكن أكثر من الصّواب, ولهذا تجد كثيراً من أئمة الجرح والتّعديل يتردّدون في الرّاوي فيوثّقونه مرّة ويضعّفونه أخرى, وذلك لأنّ دخول وهمه حيّز الكثرة مما لا يوزن بميزان معلوم, وإنّما يُظنّ(2) ويرجح فيه التّحرّي والاجتهاد, فصار النّظر فيه كنظر الفقهاء في الحوادث الظّنيّة, فلذا يكون لابن معين في الرّاوي قولان: التّوثيق والتّضعيف ونحو ذلك.) [الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم 1/162]
          3: والاعتراض عليه في قوله (ويصلح البناء عليه والعمل به) بأنه يلزم منه الدور قد أجاب عنه الطيبي ـ رحمه الله ـ في الخلاصة حيث قال (أما قوله يصلح للعمل به فكالخارج عن الحد بياناً لما يلزم من الحد أي إذا كان معنى الحسن ذلك صلح العمل به وعلى هذا يندفع الدور ) [ الخلاصة 46 ط السامرائي ]
          وفي هذه الخلاصة أسوق كلام الحافظ المدره ابن حجر ـ رحمه الله ـ لنفاسته وعلو كعب صاحبه في تحقيق هذا العلم
          قال ـ رحمه الله ـ (... فقول ابن الجوزي ومن تبعه : الحديث الحسن ما كان فيه ضعف كلام صحيح في نفسه لكنه ليس على طريقة التعاريف فإن هذه صفة الحديث الحسن الذي يوصف بالحسن إذا اعتضد بغيره حتى لو انفرد لكان ضعيفاً واستمر عدم الاحتجاج به حتى إذا عضده عاضد ارتقى فحسن ؛ بل يمكن هنا أن يقول هو صفة الحسن مطلقاً أعم من أن يكون وصف بالحسن لذاته أو لغيره فالحسن لذاته إذا عارض الصحيح كان مرجوحاً والصحيح راجحاً فضعفه بالنسبة لما هو أرجح منه والحسن لغيره أصله ضعيف وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده فاحتمل لوجود العاضد ولولا العاضد لاستمرت صفة الضعف فيه والله تعالى أعلم ) [ الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر 2/913ـ915 في كلام حول هذه المسألة ]


          1 قاله ابن جماعة في منهله والدور هو : توقف الشيء على ما يتوقف عليه ومنه قول الفقهاء دارت المسألة الدون يقال للقاصر عن الشيء

          تعليق


          • #35

            قول المصنف ـ رحمه الله ـ (ثم قال الشيخ: وكل هذا مستبهم لا يشفي الغليل، وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن عن الصحيح)
            قوله (مستبهم) قال في اللسان (ويقال أُبْهِم عن الكلام وطريقٌ مُبْهَمٌ إذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين .. واستَبْهَم عليهم الأَمرُ لم يدْرُوا كيف يأْتون له واسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق ) [ اللسان مادة يهم ]
            أقول : وإنما وقع الاستبهام في تعريف الحسن لما قدمنا من اختلاف الناس في ضبط نسبة خفة الضبط الذي هو محور هذه المسألة فربما قد يختلف وصف الحافظ الواحد للحديث الواحد فتارةً يصفه بالحسن وأخرى بالصحة وربما ضعفه ولهذا قال الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ (ثم لا تَطمَعْ بأنَّ للحسَنَ قاعدةً تندرجُ كلُ الأحاديثِ الحِسانِ فيها ، فأَنَا على إِياسٍ من ذلك ، فكم من حديث تردَّدَ فيه الحُفَّاظُ ، هل هو حسَنُ أو ضعيفُ أو صحيح ؟ بل الحافظُ الواحدُ يتغيَّرُ اجتهادُه في الحديث الواحد ، فيوماً يَصِفُه بالصحة ، ويوماً يَصِفُه بالحُسْن ، ولربما استَضعَفَه.
            وهذا حقٌّ ، فإنَّ الحديثَ الحَسَنَ يَستضعفه الحافظُ عن أن يُرَقِّيَه إلى مرتبة الصحيح ، فبهذا الاعتبارِ فيه ضَعْفٌ مَّا ، إذْ الحَسَنُ لا ينفك عن ضَعْفٍ مَّا ، ولو انفَكَّ عن ذلك لصَحَّ باتفاق .) [ الموقظة ]

            وقال المصنف ـ رحمه الله ـ مقرراً ما تقدم (وهذا النوع لما كان وسطاً بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر، لا في نفس الأمر. عسر التعبير عنه وضبطه على كثير من أهل هذه الصناعة. وذلك لأنه أمر نسبي، شيء ينقدح عنه الحافظ، ربما تقصر عبارته عنه.)
            وقوله ـ رحمه الله (وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن عن الصحيح)
            قال البقاعي ـ رحمه الله ـ (بل فيه ما يميز لأن الحسن نوعان وكل واحد منهما عرف نوعاّ) [ النكت الوفية 1/231]
            أقول: ولم يتبين لي وجه اعتراضه ؛ نعم كلامه يشبه أن يكون جواباً لمن زعم أن تعريف الترمذي والخطابي لأحد نوعي الحسن فأجاب بأن كلاً منهما أراد بإطلاقه ما لم يرد الآخر والله أعلم
            وأما كلام ابن الصلاح يحمل على ما قبل إمعانه النظر أما بعد إمعانه النظر قد تبين وظهر مباينته للصحيح بل قد تبين الفرق بين مراد الترمذي والخطابي

            تعليق


            • #36
              جزاك الله خيراً أخانا أبا عيسى على هذه الفوائد والدرر
              وبارك فيك وزادك حرصاً ونفع بك الإسلام والمسلمين
              التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد سعيد السعدي; الساعة 28-04-2012, 04:43 PM.

              تعليق


              • #37
                المشاركة الأصلية بواسطة ابو محمد سعيد بن حسن السعدي مشاهدة المشاركة
                جزاك الله خيراً أخانا أبا عيسى على هذه الفوائد والدرر
                وبارك فيك وزادك حرصاً ونفع بك الإسلام والمسلمين
                وأنت بارك الله فيك وجزاك خيراً وزادك حرصاً وعلماً
                وقوله ـ رحمه الله ـ (وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث،... )

                قال العراقي ـ رحمه الله ـ (قوله ـ أي ابن الصلاح ـ وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ملاحظا مواقع استعمالهم فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان إلى آخر كلامه وقد أنكر بعض العلماء المتأخرين لفظ الإمعان وقال إنه ليس عربيا وكذلك قول الفقهاء فى التيمم أمعن في الطلب ونحو ذلك ) [ التقييد والإيضاح 1/47 ]
                ثم قال العراقي ـ رحمه الله ـ (وقد نظرت في ذلك فوجدته مأخوذاً من "أمعن الفرس في عدوه" أو من "أمعن الماء" إذا استنبطه وأخرجه .
                وقد حكى الأزهري في "تهذيب اللغة" عن الليث بن المظفر: "أمعن الفرس وغيره إذا تباعد في عدوه" .
                وكذا قال الجوهري في الصحاح .
                وحكاه الأزهري أيضا أمعن الماء إذا أجراه ويحتمل أنه من : أمعن إذا أكثر وهو من الأضداد .
                قال أبو عمرو: ((المعن : القليل، والمعن: الكثير، والمعن: الطويل، والمعن : القصير، والمعن : الإقرار بالحق، والمعن : الجحود والكفر للنعم، والمعن: الماء الطاهر ] [ التقييد والإيضاح 1/47 ]
                قال البقاعي ـ رحمه الله ـ (قلت : وأقرب مما ذكر أن يكون من الإطالة والإكثار قال: في القاموس المعن الطويل والكثير فمعنى أمعنت النظر أطلته وأكثرته أي : استقصيت فيه وبالغت جداً والله أعلم ) [ النكت الوفية 1/234ـ 235 ]
                قال أبو عيسى : وعبارة القاموس (المَعْنُ الطَّويلُ، والقصيرُ، والقَليلُ، والكثيرُ، والهَيِّنُ اليَسيرُ...الخ ) ثم قال : (وأَمْعَنَ في الأمْرِ: أَبْعَدَ) [القاموس المحيط / ]
                ملحوظة : رأيت في تعليق بعض الأفاضل أن المراد بقول العراقي بعض العلماء المتأخرين ...الخ هو الزركشي
                ولكن في هذا نظر فإنه قال الزركشي ـ رحمه الله ـ في نكته على ابن الصلاح (.. قلت المعروف في اللغة أنعمت - بتقديم النون - بمعنى بالغت يقال أنعم في الشيء إذا بالغ فيه وأنشد صاحب المحكم
                ( سمين الضواحي لم تؤرقه ليلة ... وأنعم أبكار الهموم وعونها )
                وأما أمعنت فقال ابن الأنباري في الزاهر " يقال قد أمعن لي بحقي أي اعترف به وأظهره " وقال أبو العباس " هو مأخوذ من الماء المعين وهو الجاري الظاهر ")
                وقال ابن فارس في المقاييس " معن مادته تدل على سهولة في جريان أو جري يقال معن الماء إذا جرى وأمعن الفرس في عدوه وأمعن بحقي ذهب به وأمعنت الأرض رويت " انتهى وعليه يتخرج كلام المصنف [النكت على مقدمة ابن الصلاح 1/312 ـ 313]
                فليس في كلام الزركشي ـ رحمه الله ـ ما يدل على إنكار معنى أمعن وإنما غاية ما يستفاد من كلامه ـ رحمه الله ـ أن الإمعان ليس بمعنى المبالغة في الشيئ وإنما الذي يؤدي ذلك المعنى هو أنعم بتقديم النون وأما أمعن فمادته السهولة والإسراع ثم خرج مراد ابن الصلاح على هذا المعني والله أعلم ثم ما الفرق بين كلام العراقي وكلام الزركشي ؟!!.

                تعليق


                • #38
                  وقوله ـ رحمه الله ـ (وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان : " أحدهما " : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ، ولا هو متهم بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي مثله أو نحوه من وجه آخر، فيخرج بذلك عن كونه شاذاً أو منكراً. ثم قال: وكلام الترمذي على هذا القسم يُتنزل.
                  " قلت " : لا يمكن تنزيله لما ذكرناه عنه. والله أعلم.
                  قال: " القسم الثاني " : أن يكون رواته من المشهورين بالصدق والأمانة. ولم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان، ولا يُعد ما ينفرد به منكراً، ولا يكون المتن شاذاً ولا معللاً. قال: وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي، قال: والذي ذكرناه يجمع بين كلاميهما.)
                  ذكر الاعتراضات عليه
                  قال ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ (وهذا كلام فيه مباحثات ومناقشات على بعض الألفاظ ) [الاقتراح 9 ]
                  وهذا اعتارض بالجملة يحتاج إلى تفصيل كان على الإمام ابن دقيق العيد أن يفصلها أو يكون الحافظ ابن دقيق العيد قد ترك تفصيل ذلك تنشيطاً للطالب في استخراجها والله أعلم
                  وأشار إلى إجمالية اعتراض ابن دقيق العيد الحافظ العراقي فقال ـ رحمه الله ـ (وما ذكره المصنف من كون الحديث الحسن على قسمين إلى آخر كلامه قد أخذ عليه فيه الشيخ تقي الدين في الاقتراح إجمالا فقال بعد أن حكى كلامه وعليه فيه مؤاحذات ومناقشات .) [التقييد والإيضاح 1/300]
                  هذا من حيث الإجمال أما من حيث التفصيل فـ قوله ـ رحمه الله ـ " أحدهما " : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ، ولا هو متهم بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي مثله أو نحوه من وجه آخر، فيخرج بذلك عن كونه شاذاً أو منكراً. ثم قال: وكلام الترمذي على هذا القسم يُتنزل.
                  اعترض عليه البقاعي ـ رحمه الله ـ في تقديمه تعريف الترمذي على تعريف الخطابي فقال : واعلم أنه كان ينبغي له أن يقدم الكلام على حد الخطابي من وجوه
                  1: أنه قدم ذكره في المقولة التي قبلها
                  2: ومنها أنه هو الحسن لذاته
                  3: ومنها أن بعض أهل الحديث يسميه[1] صحيحاً ) [ النكت الوفية 1/234]

                  أقول : وهذا اعتراض وجيه والله أعلم وقد يجاب عنه بأن ابن الصلاح لما كان في مقام الإمعان في مراد الترمذي والخطابي في تعريفهما للحسن نظر في مراد الترمذي قبل مراد الخطابي لسبق الإمام الترمذي ولأنه أول من أشهره فلما تبين له مراد الترمذي ذكره أولاً ثم أعقبه بذكر مراد الخطابي بعد ظهور مراده له والله أعلى وأعلم .


                  [1] أي الحسن لذاته وممن يطلق الصحة على الحسن لذاته ابن خزيمة وتلميذه ابن حبان وتلميذ ابن حبان الحاكم ـ رحم الله الجميع ـ

                  تعليق


                  • #39
                    ومما اعترض به عليه
                    قال ابن جماعة ـ رحمه الله ـ (وأما الأول من القسمين فيرد عليه الضعيف والمنقطع والمرسل الذي في رجاله مستور وروي مثله أو نحوه من وجه آخر) [ انظر الخلاصة للطيبي 45]
                    قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ (هذا الإيراد صحيح ، ويمكن الانفصال منه بتقييد الوجه الآخر بأن يكون متصلاً مسنداً .) [ من تعليقه على الباعث تحقيق الحلبي 1/133]
                    أقول : ومعنى كلام العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ هذا الإيراد إيراد صحيح ويمكن الخروج منه باشتراط أن يكون ما يروى من وجه آخر سالماً من الانقطاع
                    جواب البقاعي ـ رحمه الله ـ
                    أجاب ـ رحمه الله ـ بجواب آخر فقال (وعندي أنه لا يرد عليه شيء لأنه لم يسلك بما ذكر مسلك التعريف وإنما بين القدر الذي نزل به الحسن عن درجة الصحيح ، وجعله شرحاً لكلام الترمذي والخطابي ؛ والترمذي قد حكم على ما عرف به بأنه لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، وهذا فرع معرفة الاتصال فالساقط في المنقطع والمرسل لا يسوغ الحكم عليه بتهمة بكذب ولا عدمها لأن الحكم على الشيء فرع تصوره ..) [ النكت الوفية 1/233] ولكلامه ـ رحمه الله ـ بقية ستأتي عند الكلام على القسم الثاني .
                    أقول : ومعنى كلامه ـ رحمه الله ـ أنه لا يرد على ابن الصلاح هذا الإيراد لأمور :ـ
                    1: لم يسق ابن الصلاح كلامه مساق التعريف الذي يشترط فيه أن يكون جامعاً مانعاً حتى يتعقب كلامه بأنه ليس بمانع أو جامع وإنما ساقه مساق الشرح لحد الترمذي والخطابي ـ رحم الله الجميع ـ فعليه إذا كان التعقب والاعتراض صحيحاً فإنما هو على الترمذي والخطابي الذين ساقا كلامهما مساق التعريف .
                    2: إذا وضحت النقطة الأولى ؛ فلا يصلح الاعتراض على الترمذي أيضاً ؛ لأنه : اشترط ـ في حده للحسن ـ بأن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب وهذا فرع معرفة الاتصال أي لا يعرف وجود المتهم بالكذب في الحديث إلا إذا كان متصلاً أما وهو منقطع أو مرسل فلا يصلح أن يحكم عليه بتهمة بكذب أو عدمها لأن الحكم على الشيء فرع تصوره فلا يتصور هنا الكذب أو عدمه لعدم الاتصال فجواب البقاعي متين ـ إن شاء الله ـ والله أعلم
                    ذكر كلام الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ
                    قال ـ رحمه الله ـ ( .. بل المعرف به عنده وهو حديث المستور على ما فهمه المصنف ـ لا يعده كثير من أهل الحديث من قبيل الحسن وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصوراً على رواية المستور[1] ، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ والموصوف بالغلط والخطأ وحديث المختلط بعد اختلاطه والمدلس إذا عنعن وما في إسناده انقطاع خفيف . فكل ذلك عنده من قبيل الحسن بالشروط الثلاثة وهي :
                    1- أن يكون فيهم من يتهم بالكذب .
                    2- ولا يكون الإسناد شاذاً .
                    3- وأن يروى مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعداً وليس كلها في المرتبة على حد سواء بل بعضها أقوى من بعض .
                    ومما يقوي هذا ويعضده أنه لم يتعرض لمشروطية اتصال الإسناد أصلاً ، بل أطلق ذلك) [ النكت 1/230]
                    كلامه ـ رحمه الله ـ وإن لم يكن رداً على اعتراض ابن جماعة إلا أنه يتضمن ذلك فتبصر ؟!
                    فإن قلت فما وجه ذلك : الجواب : أن الترمذي لم يشترط الاتصال في الحديث الحسن وإنما اشترط ثلاثة شروط ليس منها الاتصال وفي إيراد ابن جماعة ـ رحمه الله ـ ما يشعر باشتراط الاتصال
                    جواب الطيبي ـ رحمه الله ـ
                    قال الطيبي ـ رحمه الله ـ في معرض جوابه عن اعتراض ابن جماعة على التعريفات التي ساقها ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ ((..قلت وفي كل هذه التعريفات نظر أما الأول والثاني فلأن الصحيح أو أكثره كذلك أيضا فيدخل الصحيح في حد الحسن ويرد على الأول الفرد من الحسن فإنه لم يرو من وجه آخر) [ المنهل الروي / ]
                    وجواب الطيبي على قوله : ( ويرد على الأول الفرد من الحسن فإنه لم يرو من وجه آخر)
                    قال ـ رحمه الله ـ ( وأما قوله : فيرد على الأول الفرد من الحسن فإنه لم يرو من وجه آخر، فجوابه أن نقول : .. فأجاب بجواب ثم أردفه بجواب ثان ـ وهو مرادنا ـ وهو قوله :ـ من هنا وجه آخر : أن يكون الحديث مشهوراً عن صحابي فيرويه تابعي عن صحابي آخر ويكون له في هذا الطريق رواة أفراد في جميع المراتب فظهر من هذا أن الغرض من التقييد بقوله يروى من غير وجه واحد اعتضاد الحديث المروي بما ينجبر به ضعفه وإزالة ما به من الوهم السابق والإرسال والانقطاع وغيرهما فلا يؤتى بالرواية من غير وجه إلا على وجه يرفع به ذلك الضعف وإلا كان عبثاً وفي كلام ابن الصلاح إشعار بذلك على أن حد المعترض يفتقر إلى هذا التأويل كما سنقرره وهذا هو الجواب أيضاً عن اعتراضه على أول القسمين لابن الصلاح وهو قوله : فيرد عليه الضعيف والمنقطع والمرسل ) [ الخلاصة في أصول الحديث 45]
                    تنبيــه !! : عند قول الحافظ ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ (غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ )
                    قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ (وهذا لا يدل عليه كلام الترمذي ، لأنه إنما اعتبر أن لا يكون راويه متـهمًا فقط . لكن قد يؤخذ مما ذكره الترمذي قبل هذا : (( أن من كان مغفلاً كثير الخطأ لا يحتج بحديثه ، ولا يشتغل بالرواية عنه عند الأكثرين )) . ) [شرح علل الترمذي 2/607]
                    أقول : فيستفاد من كلام ابن رجب ـ رحمه الله ـ أن الحديث إذا كان قوي الضعف لا ينجبر بمجيئه من طريق آخر وقد مر لك أن ابن رجب هو حذام سنن الترمذي وأن القول ما قالت حذام ولا يلزم من هذا تقليده في كل شيء قاله فتنبه !.
                    فيؤخذ من كلامه ـ رحمه الله ـ أنه لا يرد على الحافظ الترمذي في تعريفه من هو شديد الضعف وإن كان في قوله "غير متهم بالكذب " شيء من التوسع إلا أنه كما قلنا لا يدخل من هو شديد الضعف لأن الأئمة لا يشتغلون بأحاديث من هو شديد الضعف أصلاً فافهم هذا ونزيد المسألة وضوحاً فنقول : قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ " هذا تعريف الحديث الحسن لغيره عند الترمذي كما يدل على ذلك قوله : "لا يكون في إسناده من يتهم " يعني ليس فيه راو شديد الضعف وقوله : "ويروى من غير وجه " يعني من عدة طرق .
                    وهذا هو تعريف الحديث الحسن لغيره عند غيره من المحدثين ولا سيما المتأخرين منهم إلا أن هؤلاء لا يطلقون فيه : " حديث حسن " كما يفعل الترمذي بل يقيدونه على الغالب بقولهم " حديث حسن لغيره "
                    قال: فإذا قال الترمذي في حديث ما " حديث حسن " فمعنى ذلك أن في إسناده ضعفاً ولكنه قد جاء من وجه آخر وقد يذكره وقد لا يذكره فاحفظ هذا فإنه مهم . [ نقله الشيخ سليم الهلالي ـ حفظه الله ورعاه ـ في كفاية الحفظة شرح الموقظة 70]
                    أقول : كلام العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ نفيس وهو موضح لكلام الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ والله أعلم .


                    1 هناك عدة تعاريف للمستور أسوق هنا بعضها قال الحافظ ـ رحمه الله ـ - وهو يتكلم على نهجه في كتابه التقريب - : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثقه قال : وإليه الإشارة بلفظ : مستور أو مجهول الحال " مقدمة التقريب "
                    وقال الصنعاني ـ رحمه الله ـ : وفي شرح ملا علي قاري للنخبة وشرحها لابن حجر أن المستور : الذي لم يتحقق عدالته ولا جرحه
                    وقال السخاوي : المستور الذي لم ينقل فيه جرح ولا تعديل وكذا إذا نقلا ولم يترجح أحدهما .
                    وفي حاشية تلميذه أن الراوي إذا لم يسم كرجل سُمى مبهماً وإن ذكر مع عدم التمييز فهو المهمل وإن لم يتميز ولم يرو عنه إلا واحد فمجهول وإلا مستور انتهى " توضيح الأفكار 1/162ـ163"
                    فملخص ما تقدم أن المستور يطلق على كل من :ـ
                    1ـ من روى عنه أكثر من راو ولم يوثق
                    2ـ الذي لم يتحقق جرحه ولا عدالته
                    3ـ الذي يترجح فيه جرح ولا تعديل
                    4ـ كلام ابن قطلوبغا يحتمل معنيين المعنى الأول قوله وإلا فمستور أي : إذا تميز وروى عنه راو فأكثر والمعنى الثاني : إذا تميز وروى عنه وروى عنه أكثر من راو وهذا موافق للأول ـ والله أعلم ـ

                    تعليق


                    • #40
                      قوله ـ رحمه الله ـ بعد تنزيل ابن الصلاح تعريف الترمذي على القسم الأول (" قلت " : لا يمكن تنزيله لما ذكرناه عنه. والله أعلم.)
                      قال الشيخ سليم الهلالي ـ حفظه الله ـ بعدما نقل كلام العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ المتقدم قال : قلت : فكلام ابن الصلاح صحيح صريح[1] ومع ذلك فقد تعقبه ابن كثير في اختصار "علوم الحديث" (1/133) قلت : لا يمكن تنزيله لما ذكرناه عنه والله أعلم ) [ شرح الموقظة 71]
                      أقول: كان على الشيخ سليم أن يبين وجه اعتراض الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ ثم يجيب عن اعتراضه لاسيما والحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ قد أحال سبب عدم إمكان ذلك على كلام له قد سبق وعلى كل ؛ الجواب عن اعتراض الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ هنا هو عين الجواب عن اعتراضه هناك فارجع إليه تزدد علماً والله ولي التوفيق.
                      إلا أننا نضيف هنا بعض الفوائد والأجوبة لعظيم فائدتها :ــ
                      فنقول : اعلم أن الغريب يأتي عند الإمام الترمذي ـ رحمه الله ـ لمعان ثلاث ذكرها هو في علله الصغرى وهي كالتالي :ـ
                      أحدها : أن يكون الحديث لا يروى إلا من وجه واحد
                      النوع الثاني : أن يكون الإسناد مشهوراً يروى به أحاديث كثيرة ، لكن هذا المتن لم تصح روايته إلا بهذا الإسناد .
                      النوع الثالث : ورب حديث إنما استغرب لزيادة تكون في الحديث ،وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه .
                      قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ (هذا أيضاً نوع من الغريب ، وهو أن يكون الحديث في نفسه مشهوراً لكن يزيد بعض الرواة في متنه زيادة تستغرب . ) [ ملخصاً من علل الترمذي الصغرى انظر شرحها للحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ 1/ ]
                      وفي شمس المعارف شرح سنن الترمذي ـ وهو بصدد الجواب عن هذا الاعتراض ـ
                      قال: الجواب على رأي شيخنا[2] أن للغريب عند الترمذي ثلاث معان :ـ
                      الأول: هو الذي لا يروي إلا من طريق واحد كما هو عند الجمهور
                      الثاني : ما يستغرب لزيادة تكون في الحديث ولا تكون هي في المشهور
                      الثالث : ما يستغرب لحال الإسناد وإن كان يروى من أوجه كثيرة
                      والغريب بالمعنى الثاني والثالث يجتمع مع الحسن من غير ما شك وأما المنافاة بينهما فهو باعتبار المعنى الأول فقط .
                      قال الراقم[3] : ـ وهو صاحب شمس المعارف شرح سنن الترمذي ـ كلام الترمذي صريح في هذه المعاني للغريب في "العلل الصغرى" وقد راجعته عند تحرير هذا الموضوع ؛ وجواب حضرة الشيخ يطمئن به القلب وقد ظهر له ما خفي على القوم ...) [شمس المعارف شرح سنن الترمذي 1/86 ـ 87]
                      قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : قوله ـ رحمه الله ـ (والغريب بالمعنى الثاني والثالث يجتمع مع الحسن من غير ما شك وأما المنافاة بينهما فهو باعتبار المعنى الأول فقط .) أما المعنى الثالث فنعم
                      وأما المعنى الثاني فليس على إطلاقه فإن الترمذي ـ رحمه الله ـ اشترط في حد الحسن أن لا يكون شاذاً فإن الزيادة في المتن قد تكون شاذة فلهذا قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ عند قول الترمذي ـ رحمه الله ـ (ورب حديث إنما استغرب لزيادة تكون في الحديث ،وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه . )
                      قال ـ رحمه الله ـ (هذا أيضاً نوع من الغريب ، وهو أن يكون الحديث في نفسه مشهوراً لكن يزيد بعض الرواة في متنه زيادة تستغرب . وقد ذكر الترمذي : أن الزيادة إن كانت من حافظ يعتمد على حفظه فإنها تقبل ، يعني وإن كان الذي زاد ثقة لا يعتمد على حفظه لا تقبل زيادته . ) [ شرح علل الترمذي 1/ ]
                      فعلى هذا لا نطلق القول في عدم المنافاة بين الحسن والقسم الثاني من أقسام الغريب والله أعلم .
                      أقول : ظاهر قوله (وجواب حضرة الشيخ يطمئن به القلب وقد ظهر له ما خفي على القوم ) أن جواب شيخه أحسن الأجوبة عن هذا الاعتراض وهذا فيه نظر فإن التبريزي ـ رحمه الله ـ أجاب بأتم وأوضح من هذا فقال ـ رحمه الله ـ (فإن قيل : قول الترمذي : "هذا حديث حسن غريب " أو "من حديث فلان " فيه إشكال ؛ لأن شرط الحسن أن يكون مروياً من غير وجه ، والغريب ما انفرد واحد من رواته بالرواية ، فبينهما تناقض؟!
                      فالجواب : أن الغريب على أقسام ـ كما سنبين إن شاء الله تعالى ـ :
                      1: غريب من جهة الإسناد والمتن
                      2: وغريب من جهة المتن دون الإسناد
                      3: وغريب من جهة الإسناد دون المتن
                      4:و غريب في بعض السند فحسب أو في بعض المتن
                      فالذي يمكن أن نجمع يجمع من هذه مع الحسن هو الغريب من جهة الإسناد دون المتن لأن هذا الغريب معروف عن جماعة من الصحابة ، لكن تفرد بعضهم بروايته عن صحابي ، فبحسب المتن حسن لأنه عرف مخرجه واشتهر رجاله في الصدر الأول ، ووجد شروط الحسن في سائر الطبقات ، وبحسب الإسناد غريب لأنه لم يرو عن تلك الجماعة إلا واحد، فلا منافاة بين الغريب بهذا المعنى وبين الحسن ، بخلاف سائر الغرائب ؛ فإنها تتنافى . [ الكافي في علوم الحديث 184]
                      قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : حاصل كلامه ـ رحمه الله ـ أن الغرابة في مثل قول الترمذي "حسن غريب" " أو حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه " غرابة نسبية والغرابة النسبية لا تنافي اشتراط مجيء الحديث من وجهين فأكثر ولهذا قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ معلقاً على اعتراض الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ ( بلى قد يكون مع ذلك غريباً لأن الغرابة حينئذ نسبية) [ تعليقه على الباعث الحثيث 1/ 133]والله أعلم .
                      و التبريزي مسبوق إلى هذا التقسيم بابن سيد الناس انظر "النفح الشذي في شرح جامع الترمذي 1/304ـ306" ونقل عن الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي كلاماً نفيساً حول أنواع الغريب وسيأتي نقل ذلك في باب الكلام على الغريب ـ إن شاء الله تعالى ـ


                      1 أقول : أما أنه صحيح فبالكاد وأما أنه صريح فلا يكاد ولهذا تعقبه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ومر ذلك وسيأتي شيء منه ـ والله أعلم ـ .
                      1شيخه هو محمد أنور شاه الكشميري .
                      [3] وهو الشيخ محمد يوسف الحسيني البنوري المتوفى 1397

                      تعليق


                      • #41
                        جزاك الله خيراً أخانا أبا عيسى على هذه النكث البديعة .

                        تعليق


                        • #42
                          المشاركة الأصلية بواسطة علي بن رشيد العفري مشاهدة المشاركة
                          ب
                          وممن نقل الإجماع على أن الحسن كالصحيح في الاحتجاج البارزي فيما نقله السيوطي

                          و هكذا الهيتمي كما في "توضح الأفكار"(187/1) قال: ((اتفق الفقهاء كلهم على الاحتجاج بالحسن و عليه جمهور المحدثين و الأصوليين.)اهـ .

                          تعليق


                          • #43
                            جزاك الله خيراً

                            تعليق


                            • #44
                              المشاركة الأصلية بواسطة حسين بن مسعود الجيجلي مشاهدة المشاركة
                              جزاك الله خيراً أخانا أبا عيسى على هذه النكث البديعة .
                              جزاك الله خيراً وبارك الله فيك ورزقنا الله الإخلاص في القول والعمل
                              المشاركة الأصلية بواسطة حسين بن مسعود الجيجلي مشاهدة المشاركة
                              و هكذا الهيتمي كما في "توضح الأفكار"(187/1) قال: ((اتفق الفقهاء كلهم على الاحتجاج بالحسن و عليه جمهور المحدثين و الأصوليين.)اهـ .
                              بارك الله فيك وجزاك خيراً على الفائدة ويحمل كلامه على الحديث الحسن لغيره أما الحسن لذاته فبالإجماع لا فرق بين الأصوليين والفقهاء بخلاف الحسن لغيره فهو يعمل به باتفاق الفقهاء وعليه جمهور المحدثين والأصوليين يعني أن بعضهم لا يرى العمل به وقد قدمت بعض من لا يرى العمل بالحديث الحسن

                              المشاركة الأصلية بواسطة فريد أبو عبد الرحمن العياشي مشاهدة المشاركة
                              جزاك الله خيراً
                              وأنت جزاك الله خيراً أخي فريد

                              تعليق


                              • #45
                                وقال الشيخ سليم أيضاً ـ حفظه الله ـ (... وقال ابن الملقن في "المقنع " (1/85) متعقباً كلام أبي عمرو ابن الصلاح في القسم الأول : فيه نظر لأن الأصح أن الرواية المستور الذي لم تتحقق أهليته مردود فكيف يجعل ما يرويه من قسم الحسن وينزل عليه كلام الترمذي , وليس في كلامه ما يدل عليه لكون الاحتجاج لم يقع به وحده ..) [ شرح الموقظة 71]
                                وبمثل هذا الاعتراض اعترض صاحب معارف السنن حيث قال ( .. وبالجملة ما قال ابن الصلاح غير صالح حيث يضطر إلى أن يدخل في الحسن عند الترمذي ما كان في إسناده مستور الحال ومنشأ ما زعمه عدم ذكر الترمذي في الحسن شرط إتقان الرواة وغيره وهذا الزعم غير صحيح ؛ لأن ذلك مراد عند الكل ؛ ولكون معرفة هذا الشرط واشتهاره لم يصرح به الترمذي ، لا أنه صرح بعدم هذا .
                                وحقيقة الأمر أن الترمذي اشترط التعدد في الحسن إذا كان هناك تفرد مضر مثل أن يتفرد راو بزيادة لم يروها سائر من اشترك وهو في الرواية عن شيخ واحد، وأما إذا كان تفرد غير مضر مثل أن يتفرد راو برواية حديث بتمامه من غير أن يرويه غيره فلا يشترط لحسنه تعدد الطرق ، والتفرد في القسم الأول إذا كان راويه ثقة بعضهم يقبلونه مطلقاً وبعضهم يقبلونه حيناً ولا يقبلونه حيناً آخر وينجبر التفرد بوجود متابع أو شاهد . " معارف السنن شرح سنن الترمذي 1/87 ـ88 "
                                خلاصة اعتراضه :
                                أن ما فهمه ابن الصلاح من مراد الترمذي بالحسن غير صالح لأنه يدخل فيه ما كان في إسناده مستور الحال وأن الذي أوقعه في هذا هو عدم تنصيص الترمذي على ثقة الرواة وأن ذلك مراد عند الكل ؛ هذا خلاصة ما يفهم من اعتراضه .
                                قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : وفي الحقيقة كلام ابن الصلاح أوضح من أن يعترض عليه بمثل هذه الاعتراضات ؛ ويمكن الجواب عن هذا الاعتراض بأن الذي يشترط فيه إتقان الرواة الحسن لذاته . والحسن لغيره يشترط فيه تلك الشروط التي نص عليها ابن الصلاح وأوضحها ابن حجر ونقلناها مراراً وقد صرح المعترض بذلك .وبالله التوفيق انظر " الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين للدكتور نور الدين عتر صفحة 152"

                                تعليق

                                يعمل...
                                X