سئل شيخ الإسلام عن رجل سمع كتب الحديث والتفسير وإذا قرئ عليه [ كتاب الحلية ] لم يسمعه ، فقيل له : لِمَ لا تسمع أخبار السلف؟ فقال : لا أسمع من كتاب أبي نعيم شيئًا . فقيل : هو إمام ثقة ، شيخ المحدثين في وقته ، فلِمَ لا تسمع ولا تثق بنقله؟ فقيل له : بيننا وبينك عالم الزمان وشيخ الإسلام ابن تيمية في حال أبي نعيم؟ فقال : أنا أسمع ما يقول شيخ الإسلام وأرجع إليه . فأرسل هذا السؤال من دمشق .
فأجاب فيه الشيخ :
الحمد لله رب العالمين ، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني صاحب كتاب [ حلية الأولياء ] ، و [ تاريخ أصبهان ] و [ المستخرج على البخاري ومسلم ] ، و [ كتاب الطب ] و [ عمل اليوم والليلة ] ، و [ فضائل الصحابة ] ، و [ دلائل النبوة ] ، و [ صفة الجنة ] ، و [ محجة الواثقين ] وغير ذلك من المصنفات من أكبر حفاظ الحديث ، ومن أكثرهم تصنيفات ، وممن انتفع الناس بتصانيفه ، وهو أجل من أن يقال له : ثقة ؛ فإن درجته فوق ذلك وكتابه [ كتاب الحلية ] من أجودالكتب المصنفة في أخبار الزهاد ، والمنقول فيه أصح من المنقول في رسالة القشَيْري ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي شيخه ، ومناقب الأبرار لابن خميس وغير ذلك ، فإن أبا نعيم أعلم بالحديث وأكثر حديثًا وأثبت رواية ونقلًا من هؤلاء ، ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد ، والزهد لابن المبارك ، وأمثالهما أصح نقلًا من الحلية .
وهذه الكتب وغيرها لابد فيها من أحاديث ضعيفة وحكايات ضعيفة ، بل باطلة ، وفي الحلية من ذلك قطع ، ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها ؛ فإن في مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي ، ورسالة القشيري ، ومناقب الأبرار ، ونحو ذلك من الحكايات الباطلة ، بل ومن الأحاديث الباطلة ما لا يوجد مثله في مصنفات أبي نعيم ، ولكن [ صفوة الصفوة ] الأبي الفرج ابن الجوزي نقلها من جنس نقل الحلية ، والغالب على الكتابين الصحة ، ومع هذا ففيهما أحاديث وحكايات باطلة ، وأما الزهد للإمام أحمد ، ونحوه فليس فيه من الأحاديث والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه ؛ فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع ، بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله ، وكذلك الأحاديث المرفوعة ليس فيها ما يعرف أنه موضوع قصد الكذب فيه ، كما ليس ذلك في مسنده . لكن فيه ما يعرف أنه غلط . غلط فيه رواته ، ومثل هذا يوجد في غالب كتب الإسلام ، فلا يسلم كتاب من الغلط إلا القرآن .
وأجل ما يوجد في الصحة [ كتاب البخاري ] وما فيه متن يعرف أنه غلط على الصاحب ، لكن في بعض ألفاظ الحديث ما هو غلط ، وقد بين البخاري في نفس صحيحه ما بين غلط ذلك الراوي ، كما بين اختلاف الرواة في ثمن بعير جابر ، وفيه عن بعض الصحابة ما يقال : إنه غلط ، كما فيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم . والمشهور عند أكثر الناس أنه تزوجها حلالًا . وفيه عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت . وفيه عن بلال : أنه صلى فيه ، وهذا أصح عند العلماء .
وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط ، كما فيه : ( خلق الله التربة يوم السبت ) . وقد بَيَّنَ البخاري أن هذا غلط ، وأن هذا من كلام كعب ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة ، والصواب : أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة ، وفيه أن أبا سفيان سأله التزوج بأم حبيبة ، وهذا غلط .
وهذا من أجل فنون العلم بالحديث ، يسمي : علم [ علل الحديث ] وأما كتاب [ حلية الأولياء ] فمن أجود مصنفات المتأخرين في أخبار الزهاد ، وفيه من الحكايات ما لم يكن به حاجة إليه ، والأحاديث المروية في أوائلها أحاديث كثيرة ضعيفة ، بل موضوعة .
فأجاب فيه الشيخ :
الحمد لله رب العالمين ، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني صاحب كتاب [ حلية الأولياء ] ، و [ تاريخ أصبهان ] و [ المستخرج على البخاري ومسلم ] ، و [ كتاب الطب ] و [ عمل اليوم والليلة ] ، و [ فضائل الصحابة ] ، و [ دلائل النبوة ] ، و [ صفة الجنة ] ، و [ محجة الواثقين ] وغير ذلك من المصنفات من أكبر حفاظ الحديث ، ومن أكثرهم تصنيفات ، وممن انتفع الناس بتصانيفه ، وهو أجل من أن يقال له : ثقة ؛ فإن درجته فوق ذلك وكتابه [ كتاب الحلية ] من أجودالكتب المصنفة في أخبار الزهاد ، والمنقول فيه أصح من المنقول في رسالة القشَيْري ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي شيخه ، ومناقب الأبرار لابن خميس وغير ذلك ، فإن أبا نعيم أعلم بالحديث وأكثر حديثًا وأثبت رواية ونقلًا من هؤلاء ، ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد ، والزهد لابن المبارك ، وأمثالهما أصح نقلًا من الحلية .
وهذه الكتب وغيرها لابد فيها من أحاديث ضعيفة وحكايات ضعيفة ، بل باطلة ، وفي الحلية من ذلك قطع ، ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها ؛ فإن في مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي ، ورسالة القشيري ، ومناقب الأبرار ، ونحو ذلك من الحكايات الباطلة ، بل ومن الأحاديث الباطلة ما لا يوجد مثله في مصنفات أبي نعيم ، ولكن [ صفوة الصفوة ] الأبي الفرج ابن الجوزي نقلها من جنس نقل الحلية ، والغالب على الكتابين الصحة ، ومع هذا ففيهما أحاديث وحكايات باطلة ، وأما الزهد للإمام أحمد ، ونحوه فليس فيه من الأحاديث والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه ؛ فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع ، بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله ، وكذلك الأحاديث المرفوعة ليس فيها ما يعرف أنه موضوع قصد الكذب فيه ، كما ليس ذلك في مسنده . لكن فيه ما يعرف أنه غلط . غلط فيه رواته ، ومثل هذا يوجد في غالب كتب الإسلام ، فلا يسلم كتاب من الغلط إلا القرآن .
وأجل ما يوجد في الصحة [ كتاب البخاري ] وما فيه متن يعرف أنه غلط على الصاحب ، لكن في بعض ألفاظ الحديث ما هو غلط ، وقد بين البخاري في نفس صحيحه ما بين غلط ذلك الراوي ، كما بين اختلاف الرواة في ثمن بعير جابر ، وفيه عن بعض الصحابة ما يقال : إنه غلط ، كما فيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم . والمشهور عند أكثر الناس أنه تزوجها حلالًا . وفيه عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت . وفيه عن بلال : أنه صلى فيه ، وهذا أصح عند العلماء .
وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط ، كما فيه : ( خلق الله التربة يوم السبت ) . وقد بَيَّنَ البخاري أن هذا غلط ، وأن هذا من كلام كعب ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة ، والصواب : أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة ، وفيه أن أبا سفيان سأله التزوج بأم حبيبة ، وهذا غلط .
وهذا من أجل فنون العلم بالحديث ، يسمي : علم [ علل الحديث ] وأما كتاب [ حلية الأولياء ] فمن أجود مصنفات المتأخرين في أخبار الزهاد ، وفيه من الحكايات ما لم يكن به حاجة إليه ، والأحاديث المروية في أوائلها أحاديث كثيرة ضعيفة ، بل موضوعة .
مجلد ٩ من مجموع فتاويه رحمه الله
تعليق