إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كلام شيخ الإسلام على كتاب حلية الأولياء‏ لأبي نعيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كلام شيخ الإسلام على كتاب حلية الأولياء‏ لأبي نعيم

    سئل شيخ الإسلام عن رجل سمع كتب الحديث والتفسير وإذا قرئ عليه ‏ [ ‏كتاب الحلية‏ ] ‏ لم يسمعه ، فقيل له‏ : ‏ لِمَ لا تسمع أخبار السلف‏؟‏ فقال‏ : ‏ لا أسمع من كتاب أبي نعيم شيئًا‏ . ‏ فقيل‏ : ‏ هو إمام ثقة ، شيخ المحدثين في وقته ، فلِمَ لا تسمع ولا تثق بنقله‏؟‏ فقيل له‏ : ‏ بيننا وبينك عالم الزمان وشيخ الإسلام ابن تيمية في حال أبي نعيم‏؟‏ فقال‏ : ‏ أنا أسمع ما يقول شيخ الإسلام وأرجع إليه‏ . ‏ فأرسل هذا السؤال من دمشق‏ . ‏


    فأجاب فيه الشيخ‏ :



    الحمد لله رب العالمين ، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني صاحب كتاب ‏ [ ‏حلية الأولياء‏ ]‏ ، و ‏ [ ‏تاريخ أصبهان‏ ] ‏ و‏ [ ‏المستخرج على البخاري ومسلم‏ ] ‏ ، و‏ [ ‏كتاب الطب‏ ] ‏ و‏ [ ‏عمل اليوم والليلة‏ ] ‏ ، و‏ [ ‏فضائل الصحابة‏ ] ‏ ، و ‏ [ ‏دلائل النبوة‏ ] ‏ ، و ‏ [ ‏صفة الجنة‏ ] ‏ ، و‏ [ ‏محجة الواثقين‏ ] ‏ وغير ذلك من المصنفات من أكبر حفاظ الحديث ، ومن أكثرهم تصنيفات ، وممن انتفع الناس بتصانيفه ، وهو أجل من أن يقال له‏ : ‏ ثقة ؛ فإن درجته فوق ذلك وكتابه ‏ [ ‏كتاب الحلية‏ ] ‏ من أجودالكتب المصنفة في أخبار الزهاد ، والمنقول فيه أصح من المنقول في رسالة القشَيْري ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي شيخه ، ومناقب الأبرار لابن خميس وغير ذلك ، فإن أبا نعيم أعلم بالحديث وأكثر حديثًا وأثبت رواية ونقلًا من هؤلاء ، ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد ، والزهد لابن المبارك ، وأمثالهما أصح نقلًا من الحلية‏ . ‏

    وهذه الكتب وغيرها لابد فيها من أحاديث ضعيفة وحكايات ضعيفة ، بل باطلة ، وفي الحلية من ذلك قطع ، ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها ؛ فإن في مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي ، ورسالة القشيري ، ومناقب الأبرار ، ونحو ذلك من الحكايات الباطلة ، بل ومن الأحاديث الباطلة ما لا يوجد مثله في مصنفات أبي نعيم ، ولكن ‏ [ ‏صفوة الصفوة‏ ] ‏ الأبي الفرج ابن الجوزي نقلها من جنس نقل الحلية ، والغالب على الكتابين الصحة ، ومع هذا ففيهما أحاديث وحكايات باطلة ، وأما الزهد للإمام أحمد ، ونحوه فليس فيه من الأحاديث والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه ؛ فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع ، بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله ، وكذلك الأحاديث المرفوعة ليس فيها ما يعرف أنه موضوع قصد الكذب فيه ، كما ليس ذلك في مسنده‏ . ‏ لكن فيه ما يعرف أنه غلط‏ . ‏ غلط فيه رواته ، ومثل هذا يوجد في غالب كتب الإسلام ، فلا يسلم كتاب من الغلط إلا القرآن‏ . ‏

    وأجل ما يوجد في الصحة ‏ [ ‏كتاب البخاري‏ ] ‏ وما فيه متن يعرف أنه غلط على الصاحب ، لكن في بعض ألفاظ الحديث ما هو غلط ، وقد بين البخاري في نفس صحيحه ما بين غلط ذلك الراوي ، كما بين اختلاف الرواة في ثمن بعير جابر ، وفيه عن بعض الصحابة ما يقال‏ : ‏ إنه غلط ، كما فيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم‏ . ‏ والمشهور عند أكثر الناس أنه تزوجها حلالًا‏ . ‏ وفيه عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت‏ . ‏ وفيه عن بلال‏ : ‏ أنه صلى فيه ، وهذا أصح عند العلماء‏ .

    وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط ، كما فيه‏ : ‏‏ ( ‏خلق الله التربة يوم السبت‏ ) ‏‏ . ‏ وقد بَيَّنَ البخاري أن هذا غلط ، وأن هذا من كلام كعب ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة ، والصواب‏ : ‏ أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة ، وفيه أن أبا سفيان سأله التزوج بأم حبيبة ، وهذا غلط‏ .

    وهذا من أجل فنون العلم بالحديث ، يسمي‏ : ‏ علم ‏ [ ‏علل الحديث‏ ] ‏ وأما كتاب ‏ [ ‏حلية الأولياء‏ ] ‏ فمن أجود مصنفات المتأخرين في أخبار الزهاد ، وفيه من الحكايات ما لم يكن به حاجة إليه ، والأحاديث المروية في أوائلها أحاديث كثيرة ضعيفة ، بل موضوعة‏ .





    مجلد ٩ من مجموع فتاويه رحمه الله


  • #2
    بارك الله فيك على هذه الفوائد

    تعليق


    • #3
      وفيك بارك الله أخانا أبا زكريا
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 28-09-2012, 02:15 PM.

      تعليق


      • #4
        إتماماً للفائدة

        إتماماً للفائدة
        أنقل كلاماً لابن الجوزي في مقدمة كتابه "صفة الصفوة" ينتقد فيه كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم من عشرة أوجه فقال رحمه الله:
        (أعلم أن كتاب الحلية قد حوى من الأحاديث والحكايات جملة حسنة إلا أنه تكدّر بأشياء وفاتته أشياء.
        فالأشياء التي تكدر بها عشرة:
        [ثم ذكر عشرة مآخذ على الكتاب أهمّها أربعة وهي]
        الخامس: أنه ذكر في كتابه أحاديث كثيرةً باطلة وموضوعة، فقصد بذكرها تكثير حديثه وتنفيقُ رواياته، ولم يبين أنها موضوعة ومعلوم أن جمهور المائلين إلى التبرّر يخفى عليهم الصحيح من غيره، فَسَتْرُ ذلك عنهم غشٌ من الطبيب لا نصح.
        والسادس: السجع البارد في التراجم، الذي لا يكاد يحتوي على معنى صحيح خصوصاً في ذكر حدود التصوف.
        والسابع[وهو أهمها]: إضافة التصوف إلى كبار السادات كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن وشُريحْ وسفيان وشعبة ومالك والشافعي وأحمد وليس عند هؤلاء القوم خَبَر من التصوف.
        فإن قال قائل: إنما عنى به الزهد في الدنيا وهؤلاء زهاد،
        قلنا: التصوف مذهب معروف عند أصحابه لا يقتصر فيه على الزهد بل له صفات وأخلاق يعرفها أربابه ولولا أنه أمر زِيدَ على الزهد ما نُقل عن بعض هؤلاء المذكورين ذمّه، فانه قد رَوى أبو نُعيم في ترجمة الشافعي رحمة الله عليه أنه قال: "التصوف مبني على الكسل، ولو تصوف رجل أول النهار لم يأت الظهر إلا وهو أحمق".
        وقد ذكرتُ الكلام في التصوف ووسّعتُ القول فيه في كتابي المسمى بتلبيس إِبليس.
        [ثم قال] التاسع: أنه ذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها، فربما سمعها المبتدئ القليل العِلم فظنها حسنةً فاحتذاها، مثل ما روي عن أبي حمزة الصوفي أنه وقع في بئر فجاء رجلان فَطمّاها، فلم ينطق حملاً لنفسه على التوكل بزعمه وسكوت هذا الرجل في مثل هذا المقام إِعانة على نفسه وذلك لا يحل، ولو فهم معنى التوكل لعلم أنه لا ينافي استغاثته في تلك الحال) انتهى.

        تعليق

        يعمل...
        X