إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرد على من أنكر قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على من أنكر قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
    بين المصدقين و المنكرين


    أعدها : محمد جميل حمامي ... غفر الله له

    فإن الناس في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم على أصناف :
    - منهم من سمع و صدق فآمن و اختار أحسن الوجوه فيا سعده .
    - ومنهم من علم ولكن أخطأ وزل ! وتأول ولبس عليه فهو مع أنه معذور لا يتابع .
    - و منهم من علم و عادى و تمادا فهذا مردود عليه مهجور مأزور .
    - و منهم من جهل أصلاً ومع ذلك تجرأ و هذر بلا خطام ولا زمام ، فهذا لا نلتفت إليه أصلاً .


    و للمنكرين حج يستترون بها :
    الأولى : أن الحديث معلول سنداً " بهشام " ، و هو هشام بن عروة بن الزبير فاحتجوا بكلام لبعض علماء الجرح و التعديل من أنه كان في العراق يرسل عن أبيه عروة بن الزبير ما سمعه من غيره ، و أنه كان قد تغير قبل موته .

    الثانية : أن الكفار كانوا قد رموا النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر قال تعالى : { إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا } [ الإسراء : 47 ] و قال تعالى : { وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا } [ الفرقان : 7 ] فكيف نقول نحن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سحر ؟! فهكذا نكون قد صدقنا دعوة الكفار برميهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ! وهكذا نفتح باباً للطاعنين بالدين ! .

    الثالثة : أن الله عز وجل قد عصم النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه هو المؤتمن على نقل الشريعة فقال { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [ المائدة : 67 ] فكيف يقال إنه سحر ؟! و كاد له يهودي فسحره ؟!

    الرابعة : أن هذا خبر آحاد ، وهذه عقيدة ، و خبر الآحاد لا يؤخذ فيه بالعقائد .

    الخامسة : أن منهم من لايؤمن بالسحر أصلاً ! و يقولوا بأن السحر لا وجود له ، وليس له حقيقة إنما هو مجرد تخيلات .

    هذه مجمل حجج الطاعنين ، وهذا ما استندوا عليه لإنكارهم قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، و سنقصر الإجابة المفصلة على أول ثلاث شبهات ، و الشبهتين الأخيرتين سأذكر وجهاً بسيطاً من الجواب هنا ... و لعلنا نفرد لتفصيل الجواب لكل واحدة منها موضوعاً مفرداً - إذا يسر المولى - .
    ذلك لأن الشبهتين الثانيتين لو أردنا بحثهما هنا لطال البحث كثيراً ، لكني أشير إلى شيء من الجواب ، و أفصل على أول ثلاث شبهات ، طلباً للإختصار و خشية الإطالة .
    و سنعرض الرد على كل شبهة من شبههم في مشاركة منفردة تسهيلاً و ترتيباً ، فنستعين بالله الواحد القهار :

    و حسنٌ لو أنا قدمنا بين يدي الرد شيء من الإشارة إلى الحديث المعترض عليه :

    تخريج الحديث :
    هذا الحديث خرّجه أساطين الحفاظ ، وقد اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما ، فهو في أعلا درجات الصحة ، فقد رواه أهل السنن عن عائشة رضي الله عنها :
    أخرجه الإمام البخاري في صحيحه [3268 و 5763 و 5765 و 5766 و 6391 ] و الإمام مسلم في صحيحه أيضاً [ 5667 ] و ابن ماجة [ 3545 ] و الإمام أحمد في المسند [24741 و 24804 و 24851 و 24852 و 25157 ] و ابن حبان في صحيحه [ 6703 و 6704 ] و أبو يعلى [ 4757 ] و البيهقي في دلائل النبوة [ 3018 ] و غيرهم
    و رواه زيد بن أرقم رضي الله عنه أيضاً :
    أخرجه عنه الإمام النسائي [ 7/103 ] و الإمام أحمد في المسند [ 19481 ] و عبد بن حميد في المنتخب [ 271 ] و غيرهم .

    نص الحديث :

    و سنسرد رواية الإمام البخاري في كتاب الطب ، باب هل يستخرج السحر ؟ و أضيف إليها الروايات الأخرى التي أتت في صحيح البخاري :
    حدثني عبد الله بن محمد قال سمعت ابن عيينة يقول أول من حدثنا به ابن جريج يقول حدثني آل عروة عن عروة فسألت هشاما عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت :
    [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن [ في رواية : حتى كان يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله ] - قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا - [ في رواية : حتى كان ذات يوم دعا ودعا ثم قال : ] ، فقال : يا عائشة أعلمتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ [ و في رواية : فيما فيه شفائي ؟ ] أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ،فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طَبَّهُ ؟ ، قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا ، قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاطة ، قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان .
    قالت : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر ، حتى استخرجه .
    فقال : هذه البئر التي أريتها ، وكأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قال فاستُخرِجَ ، قالت : فقلت أفلا - أي تنشرت - فقال أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا [ وفي رواية : ثم دفنت البئر ]
    .

    شرح الحديث[1] :
    (أفتاني فيما استفتيته) أي أجابني فيما دعوته، فأطلق على الدعاء استفتاءً، لأن الداعي طالب والمجيب مفت، أو المعنى: أجابني بما سألته عنه، لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه، لما اشتبه عليه من الأمر .
    (أتاني رجلان) يعني أتاني ملكان .
    ( مطبوب ) أي: مسحور يقال: طب الرجل -بالضم- إذا سحر، و يقال: كنوا عن السحر بالطب تفاؤلاً .
    ( لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا ) و كان قد أسلم نفاقاً ، وقيل له يهودي لأنه كان من حلفائهم أو لأن اليهوديه و النفاق نفس الأمر ، و بنو الأزرق بطن من بطون الأنصار ، من الخزرج .
    ( في مشط ومشاطة) أما المشط فهو الآلة المعروفة التى يسّرح بها شعر الرأس واللحية ،أما المشاطة أو المشاقة فبضم الميم وهي الشعر الذي يسقط من الرأس أو اللحية عند تسريحه .
    (في جف طلع نخلة ذكر) الجف أو الجب وعاء طلع النخل ، وهو الغشاء الذي يكون عليه ،ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده في الحديث بقوله " طلعة ذكر " فصفته أنه ذكر لا أنثى ، وهذا من دقة رواة الحديث في الوصف و النقل .
    (تحت رعوفة في بئر ذروان) الراعوفة حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقي ، وقد يكون في أسفل البئر ، قال أبو عبيد : هي صخرة تنزل في أسفل البئر إذا حفرت يجلس عليها الذي ينظف البئر ، وهو حجر صلب لا يستطاع نزعه فيترك ، و بئر ذروان هي اسم لبئر في بني زريق و يقال لها " أروان " .
    (كأن ماءها) أي : ماء البئر (نقاعة الحناء) أي أن لون ماء البئر لون الماء الذى ينقع فيه الحناء ، فكأن ماء البئر قد تغير إما لرداءته بطول إقامته، وإما لما خالطه من الأشياء التى ألقيت فى البئر .

    ثم قالت عائشة للنبي ( أفلا تنشرت ) و يحتمل أن المراد من تنشرت النشرة نفسها ، و يحتمل أن يراد بها إستخراج السحر ! وعلى هذا يدل جواب النبي صلى الله عليه وسلم ( أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا ) فطلبت أن يخرج السحر ، فدفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبر أن الله تعالى قد عافاه ، وأنه يخاف من إخراجه وإشاعة هذا ضررا وشرا على المسلمين من تذكر السحر ، أو تعلمه ، وشيوعه ، والحديث فيه ، أو إيذاء فاعله ، فيحمله ذلك أو يحمل بعض أهله ومحبيه والمتعصبين له من المنافقين وغيرهم على سحر الناس وأذاهم ، وانتصابهم لمناكدة المسلمين بذلك . هذا من باب ترك مصلحة لخوف مفسدة أعظم منها .

    الهامش : ....................


    [1] جميع الشرح إنما هو من فتح الباري للحافظ ابن حجر و شرح النووي على صحيح مسلم ، وإنما أنا تصرفت و لفقت و اخترت

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد جميل حمامي; الساعة 28-07-2008, 12:50 AM.

  • #2
    ... الرد على الشبهة الأولى ...


    فإنه كما لا يخفى ، إن طريقة المعتزلة العقلانيين طريقة معوجة ، أهل جدل و مراء ، يحرفون النصوص ، و يطعنون بها و من ذلك أنهم يطعنون في حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلك لأن عقولهم لم تستوعب الحديث ! ويا ليت شعري لو أنهم قدموا النص أولاً لاستراحوا و أراحوا ! فإن النص هو الحاكم على العقل ! بل إن تقديم النقل على العقل علامة سلامة العقل !
    فراحوا يتكلفون لرد الحديث بأوهى العلل فحاولوا الطعن في سنده تارة لرده صراحة ، و حاولوا أخرى تحريف ظاهره ، و من ثم حاولوا ضرب النصوص بعضها ببعض هوى و ضلالة ... والله المستعان ، و نحن بصدد الرد على شبهم تلك شبهة شبهة .

    فأما الرد على شبهتهم الأولى وهي إعلالهم لسند الحديث بهشام ، و هو هشام بن عروة بن الزبير و قد احتجوا بكلام لبعض علماء الجرح و التعديل من أنه كان في العراق يرسل عن أبيه عروة بن الزبير ما سمعه من غيره ، و أنه كان قد تغير قبل موته ، فالرد عليه من خمسة أوجه :

    و حتى نعرف من هو هشام هذا جمعت هذه المادة من كتب التخريج على ما ترى :
    [ هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبو المنذر أحد الأعلام قال ابن سعد: كان ثقة ثبتاً كثير الحديث حجة مات سنة خمس وأربعين ومائة] ( طبقات الحفاظ ) [ كان حافظا متقنا ورعا فاضلا ] ( ثقات ابن حبان ) [قال عثمان الدارمي قلت لابن معين هشام أحب اليك عن ابيه والزهري قال كلاهما ولم يفضل ] ، [وقال ابن سعد والعجلي كان ثقة ، زاد ابن سعد ثبتا كثير الحديث حجة وقال أبو حاتم ثقة امام في الحديث ] ، [وقال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت لم ينكر عليه شئ إلا بعدما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده والذي نرى أن هشاما تسهل لاهل العراق أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعه منه فكان تسهله أنه أرسل عن ابيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه ... وقال ابن خراش كان مالك لا يرضاه وكان هشام صدوقا تدخل أخباره في الصحيح بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لاهل العراق قدم الكوفة ثلاث مرات قدمة كان يقول حدثني أبي قال سمعت عائشة وقدم الثانية فكان يقول أخبرني أبي عن عائشة وقدم الثالثة فكان يقول أبي عن عائشة ... وقال أبو الحسن بن القطان تغير قبل موته ، ولم نر له في ذلك سلفا ] ( تهذيب التهذيب )

    و الرد الآن :

    فأولاً : كما ظهر لنا من ترجمته فإنه ثقة ثبت في أصله ، ولم يختلط إلا في آخر عمره على قول البعض ، و على هذا فروايته في الصحيحين قبل ذلك حتماً ، ذلك أن كبار الحفاظ الذين تتبعوا روايات الصحيحين بالنقد مثل الدارقطني و ابن حزم و أبو مسعود الدمشقي ، وغيرهم ، لم يتعرضوا لهذا الحديث بالنقد ، بل إن علماء الحديث تلقوه بالقبول ! ذلك لأنه في أعلى درجات الصحة ، وهو أنه اتفق عليه الشيخين ، وهشاماً لم يتعرض له بنقد يلزم ترك حديثة !

    ثانياً : أنه كما هو ظاهر بالسند قد صرح بالتحديث ! فليس لهم حجة بعد ذلك ، ثم زد على ذلك أنه في الصحيحين فحتى لو أنه لم يصرح بالتحديث و عنعن في الصحيحين ! فإنه سيكون على شرطيهما كما لا يخفى ! .
    فواعجبي لهؤلاء العقلانيين أين هم من الأسانيد و الرجال ؟! بل ما يفقهوا فيها أصلاً ؟!

    ثالثاً : مع ذلك كله ، فإن هشاماً لم يتفرد بالحديث ، و للحديث شواهد أخرى ، فله من حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنها – ذكره الحافظ في الفتح – وله أيضاً في حديث زيد بن أرقم شاهد في مسند الإمام[1] أحمد و قد صححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة [ 2761 ] و قال عنه العلامة مقبل الوادعي ( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ) [2] و قد عزاه الشيخ مقبل للنسائي (ج7 ص 112) فقال: أخبرنا هنّاد بن السري عن أبي معاوية به ، و للطبراني (ج5 ص202) ، و لابن سعد (مجلد2 ق2 ص6) .

    رابعاً : قال الحافظ الذهبي [3] في "ميزان الاعتدال": [ هشام بن عروة أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه ولم يختلط أبدًا ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا، نعم الرجل تغيّر قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة فنسي بعض محفوظه أو وهم فكان ماذا أهو معصوم من النسيان، ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم في يغضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان، وكذا قول عبدالرحمن بن خراش: كان مالك لا يرضاه نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدثني أبي قال سمعت عائشة. والثانية: فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة وقدم الثالثة فكان يقول أبي عن عائشة يعني يرسل عن أبيه ، وروى محمد بن علي الباهلي عن شيخ من قريش: أهوى هشام بن عروة إلى يد المنصور يقبّلها فمنعه وقال -يا ابن عروة إنا نكرمك عنها ونكرمها عن غيرك. قيل بلغ سبعًا وثمانين سنة ] اهـ.
    إذن هناك من رد على من جرح هشام !!و هو الإمام الذهبي ، و رده قويٌ أيضاً ! .
    قال العلامة عبد الرحمن المعلمي في كلامه على هشام : ( أقول : أما النسيان فلا يلزم منه خلل في الضبط لأن غايته أنه كان أولاً يحفظ أحاديث فحدث بها ثم نسيها فلم يحدث بها .
    وأما الوهم ، فإذا كان يسيراً يقع مثله لمالك وشعبة وكبار الثقات فلا يستحق أن يسمى خللاً في الضبط ، ولا ينبغي أن يسمى تغيراً ، غاية الأمر أنه رجع عن الكمال الفائق المعروف لمالك وشعبة وكبار الثقات ، ولم يذكروا في ترجمته شيئاً نسب فيه إلى الوهم إلا ما وقع له مرة في حديث أم زرع ... وعلى كل حال فهذا وهم يسير قد رجع عنه هشام ...
    ... و التحقيق أنه لم يدلس قط ولكن كان ربما يحدث بالحديث عن فلان عن أبيه فيسمع الناس منه ذلك ويعرفونه ثم ربما ذكر ذلك الحديث بلفظ (( قال أبي )) أو نحوه اتكالاً على أنه قد سبق منه بيان أنه إنما سمعه من فلان عن أبيه ، فيغتنم بعض الناس حكايته الثانية فيروي ذاك الحديث عنه عن أبيه لما فيه صورة العلو ، مع الاتكال على أن الناس قد سمعوا روايته الأولى وحفظوها . وفي مقدمة ( صحيح مسلم ) ما يصرح بأن هشاماً غير مدلس، وفيه أن غير المدلس قد يرسل وذكر لذلك أمثلة منها حديث رواه جماعة عن هشام (( أخبرني أخي عثمان بن عروة عن عروة )) . ورواه آخرون عن هشام عن أبيه ، ومع هذا فإنما اتفق لهشام مثل ذلك نادراً ، ولم يتفق إلا حيث يكون الذي بينه وبين أبيه ثقة لا شك فيه كأخيه عثمان ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة )[4] ا.هـ بتصرف

    خامساً : قد روى الحديث عن هشام أساطين المحدثين بل أمرائهم منهم يحيى بن سعيد القطان البصرى عند البخاري و أحمد ، وحسبك بيحيى القطان مع تحريه و تثبته وتشدده في أخذ الأحاديث ، و سفيان بن عيينة الكوفي عند البخاري وغيره ، و الليث بن سعد المصري عن البخاري أيضاً ، و علي بن مسهر عند الطحاوي ، و غيرهم كثير فعدد رواة هذا الحديث عن هشام أربعة عشر راوياً منهم البصري، ومنهم الكوفي، ومنهم المكي، ومنهم المدني، ومنهم المصري ، منهم أمراء المؤمنين في الحديث ، ومنهم من عرف عنه التشدد في رواية الحديث فهل يقال عن حديث رواه أكابر من المحدثين من الشام و مصر و العراق و مكة و المدينة أن فيه تدليس ؟!

    و الخلاصة : قال الإمام ابن القيم [5] : [ وهذا الذي قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم ؛ فإن هشاماً من أوثق الناس و اعلمهم ، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه ، فما للمتكلمين وما لهذا الشأن ؟! و قد رواه غير هشام عن عائشة ، وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث ، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة ، و القصة مشهورة عن أهل التفسير و السنن و الحديث و التاريخ و الفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله و أيامه من المتكلمين ] ا.هـ


    فلنا أن نقول ! ما للعقلانين و الأسانيد ؟! وأين هم منها أصلاً !!

    الهامش : ..................................
    [1] : مسند الإمام أحمد [ 19481 ] .
    [2] : في كتابه ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر ) وقد استفدت منه كثيراً .
    [3] : عن كتاب الشيخ مقبل .
    [4] : التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (2/740) .
    [5] : بدائع التفسير " الجامع لتفسير الإمام ابن القيم " (5/407) .
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد جميل حمامي; الساعة 28-07-2008, 12:44 AM.

    تعليق


    • #3
      الرد على شبهتهم الثانية

      أما شبهتهم الثانية :

      وهي قولهم أن الكفار كانوا قد رموا النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر قال تعالى : { إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا } [ الإسراء : 47 ] و قال تعالى : {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا }[ الفرقان : 8 ] فكيف نقول نحن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سحر ؟! فهكذا نكون قد صدقنا دعوة الكفار برميهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ! وهكذا نفتح باباً للطاعنين بالدين !

      فأقول :

      إن علماء التفسير ، لم يذكروا في تفسيرهم لرمي النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رجل مسحور بالمعنى الذي يريده القوم ؛ و إنما ، رمى الكفار و المشركين النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون ! فيقصدون رجلاً مسحوراً يعني به مس من جنون – هكذا زعموا ، عليهم من الله ما يستحقون -
      قال الطبري : [ زعموا أنه مجنون، وأنه ساحر ][1]
      و قال الآلوسي : [ أي سحر فجن فهو كقولهم : إن هو إلا رجل مجنون ، وقيل : جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه فهو في معنى قولهم ساحر ] [2]
      وقال الآلوسي أيضاً : [سحر فغلب على عقله فالمراد بالسحر ما به اختلال العقل ][3]
      و قال الشنقيطي : [ يعنون : أنه أثر فيه السحر فاختلط عقله فالتبس عليه أمره ][4]
      قال الفخر الرازي : [ أن الكفار كانوا يريدون بكونه مسحوراً أنه مجنون أزيل عقله بواسطة السحر فلذلك ترك دينهم ، فأما أن يكون يكون مسحوراً بألم يجده في بدنه فذلك مما لا ينكره أحد ، و بالجملة فالله تعالى ما كان يسلط عليه شيطاناً ولا إنسياً ولا جنياً يؤذيه في دينه وشرعه و نبوته ، فأما الأضرار ببدنه فلا يبعد ][5]
      فهكذا رمى الكفار المشركين ، النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ! فمرة يقولون أنه ساحر يستمد كلامه من الشياطين ! ومرة كاهن و مرة شاعر ومرة مسحور يعني به مس من جنون فذهب عقله فلا يدري ما الذي يقوله ! وكأنه غائب عن عالم الإدراك فهو مغلوب على عقله يهذي و لا يدري ...أو أنه مسحور بمعنى مخدوع و هكذا ضربوا الأمثال ، وإنما يدل ذلك على اضطرابهم ، وتخبطهم ! لأجل أن لا يتبعوا الحق مع أنهم رؤوه عياناً ! أرادوا بذلك التشكيك بمصدر الرسالة من أنها آتية من رجل مجنون لا يعقل – عليهم من الله ما يستحقون –
      ومثل هذه الأوصاف لم تجر على النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُحر ! بل لا يقول ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مسلم ! و إنما أقصى ما حصل له – بأبي وأمي هو – أنه كان يخيل أنه يأتي الشيء ولا يأتيه وفُسر ذلك بأنه كان يخيل إليه أنه يأتي نسائه و هو لا يأتيهن ، وهذا إنما أتى على جسده و على جوارحه لا على عقله وقلبه و اعتقاده ! فهو إذن التخيل البصري لا العقلي ، و مثل هذه التخيلات يراها النائم في نومه فلا يُستبعد أن يراها في يقظته ، ومثل هذا لا يُدخل طعناً على الرسالة ولا شكاً بها و بمصدرها [6]
      و مثل هذه الأوجاع البدنيه جائزة بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو بشر يجري عليه ما يجري على البشر ،يمرض و يتألم و يُجرح و غير ذلك و سيمر معنا تفصيل ذلك إن شاء الله .

      قال القاضي عياض : [وقد نزّه الله الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبسًا، وإنما السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته ] [7]
      و قال أيضاً : [ وقد جاءت روايات هذا الحديث مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على عقله وقلبه واعتقاده ، ويكون معنى قوله في الحديث : ( حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن ) ويروى : ( يخيل إليه ) أي يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن ، فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن ، ولم يتمكن من ذلك كما يعتري المسحور . وكل ما جاء في الروايات من أنه يخيل إليه فعل شيء ثم لا يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالبصر ، لا لخلل تطرق إلى العقل ، وليس في ذلك ما يدخل لبسا على الرسالة ، ولا طعنا لأهل الضلالة . والله أعلم . ][8]
      فأتي القوم من ناحية فهمهم ! و معرفتهم باللغة و التفسير !! فحجتهم – بحمد الله – داحضه !

      و خلاصة ما تقدم أنه : ( إذا عرف هذا فالمشركون أرادوا بقولهم: {إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا} أنّ أمر النبوة كله سحر، وأن ذلك ناشئ عن الشياطين استولوا عليه -بزعمهم- يلقون إليه القرآن ويأمرونه وينهونه، فيصدقهم في ذلك كله ظانًا أنه أنما يتلقى من الله وملائكته، ولا ريب أن الحال التي ذكر في الحديث عروضها له صلى الله عليه وعلى آله وسلم لفترة خاصة ليست هي هذه التي زعمها المشركون ولا هي من قبيلها في شيء من الأوصاف المذكورة، إذن تكذيب القرآن وما زعمه المشركون لا يصح أن يؤخذ منه نفيه لما في الحديث ) [9]

      الهامش : ......................................

      [1] : في تفسيره لآية الإسراء 47
      [2] : في تفسيره لآية الإسراء 47
      [3] : في تفسيره لآية الفرقان 8
      [4] : في تفسيره لآية الفرقان 8
      [5] : تفسير الرازي (32/188)
      [6] : من كلام الألوسي قبل تفسيره لسورة الفلق بتصرف كبير ، و انظر أيضاً شرح النووي على صحيح مسلم (14/397) .
      [7] : الشفا (ج2 ص160) ، نقلاً عن كتاب الشيخ مقبل
      [8] : عن شرح النووي لصحيح مسلم (14/397) .
      [9] : العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي : الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة ( 258 ) و هو رد على أبو رية .

      تعليق


      • #4

        ... الرد على الشبهة الثالثة ...


        أما شبهتهم الثالثة :
        أن الله عز وجل قد عصم النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه هو المؤتمن على نقل الشريعة فقال {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [ المائدة : 67 ] فكيف يقال إنه سحر ؟! و كاد له يهودي فسحره ؟! و أن سحر النبي مخالف لعصمته ! التي اعطاه الله اياها ! و إن قلنا بسحره فتحنا الباب لأهل الضلال للقول بأن يمكن أن يكون قد بلغ شيئاً وهو لم ينزل عليه !

        فأقول :
        أن عصمة النبي صلى الله عليه وسلم دينية ، فإنه – بأبي و أمي هو – يصاب بما يصاب به البشر ، ولكن لا يعتريه خطأ في نقل الشريعة ولا يصيبه خلل في تبليغها عن ربه ، أما ما يصاب به البشر عادة من الأوجاع و الأسقام فهذا جائز بحقه – صلى الله عليه وسلم – بل كل ذلك رفعة له ، أو ما ترى النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن ( أشد الناس بلاء الأنبياء )[1] ! بل إنه هو صلى الله عليه وسلم يوعك كما يوعك الرجلان ، وله بذلك أجران [2] بل إن أمنا عائشة رضي الله عنها أخبرت أنها ما رأت ( أحداً أشدَّ عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم )[3] ؟!
        فالعصمة له هي من ناحية الدين و الشريعة ، فيقال ( أن المراد : يعصمك من القتل و الأسر و التلف ، وإلا فهو صلى الله عليه وسلم – بأبي و أمي – بشر يجري عليه ما يجري على البشر قال الله سبحانه و تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } )[4]

        و قد ورد في صحيح السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شج رأسه ، و كسرت رباعيته ، ودمي وجهه – فداه روحي - بل إنه صح عنه أنه صلى الله عليه وسلم نسي ! فهل يتخذ مثل هذا طعناً في الرسالة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نسي أمراً ؟! أم يقال أنه نسي كما ينسى البشر عادة ؟! وهذا مثل ذاك عند العاقل !
        بل الأنبياء كلهم قد أصابهم مثل هذه المحن و أصابهم الإبتلاء ، بل أيوب نبي الله عليه السلام { نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }[5] !!
        قال القاضي عياض : ( وكيف جاز عليه وهو معصوم ؟! ، فاعلم وفقنا الله وإياك أنّ هذا الحديث صحيح، متفق عليه، وقد طعنت فيه الملحدة وتذرّعت به لسخف عقولها وتلبيسها على أمثالها، إلى التشكيك في الشرع، وقد نزّه الله الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبسًا، وإنما السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته ، وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح في صدقه لقيام الدليل، والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها، ولا فضّل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان، وأيضًا فقد فسر هذا الفصل الحديث الآخر من قوله حتى يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن، وقد قال سفيان: هذا أشدّ مايكون من السحر، ولم يأت فى خبر منها أنه نقل عنه في ذلك قول بخلاف ماكان أخبر أنه فعله ولم يفعله، وإنما كانت خواطر وتخيلات، وقد قيل: إن المراد بالحديث أنه كان يتخيل الشيء أنه فعله وما فعله، لكنه تخييل لا يعتقد صحته، فتكون اعتقاداته كلها على السداد، وأقواله على الصحة .... فقد استبان لك من مضمون هذه الروايات أن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه لا على قلبه واعتقاده وعقله، وأنّه إنما أثّر في بصره وحبسه عن وطء نسائه وطعامه، وأضعف جسمه وأمرضه ) [6]

        و قال العلامة عبد الرحمن المعلمي في الأنوار الكاشفة في معرض سرده لحجج المنكرين لحديث السحر ورده عليها : ( القضية الثانية: أنّه مناف للعصمة في التبليغ، قال: فإنه قد خالط عقله وإدراكه في زعمهم، فإنه إذا خولط في عقله كما زعموا جاز عليه أن يظن أنه بلغ شيئًا وهو لم يبلغه أو أنّ شيئًا ينْزل عليه وهو لم ينْزل عليه.أقول: أما المتحقق من معنى الحديث كما قدمنا في المقام الأول، فليس فيه ما يصح أن يعبر عنه بقولك: خولط في عقله. وإنما ذاك خاطر عابر ولو فرض أنه بلغ الظن فهو في أمر خاص من أمور الدنيا، لم يتعده إلى سائر أمور الدنيا فضلاً عن أمور الدين، ولا يلزم من حدوثه في ذاك الأمر جوازه في ما يتعلق بالتبليغ بل سبيله سبيل ظنه أن النخل لا يحتاج إلى التأبير، وظنه بعد أن صلى ركعتين أنه صلى أربعًا وغير ذلك من قضايا السهو في الصلاة، وراجع ص(18-19) وفي القرآن ذكر غضب موسى على أخيه هارون وأخذه برأسه لظنه أنه قصر، مع أنه لم يقصر، وفيه قول يعقوب لبنيه لما ذكروا له ما جرى لابنه الثاني: { بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا[7] } يتهمهم بتدبير مكيدة مع أنّهم كانوا حينئذ أبرياء صادقين. وقد يكون من هذا بعض كلمات موسى للخضر. وانظر قوله تعالى في يونس: {فظنّ أن لن نقدر عليه } [8 ] ) . ا.هـ [9]

        و الخلاصة أن ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم وقع على جسده ، مما يقع للبشر ، و كل ما حصل للنبي الكريم إنما كان بإذن الله و بعلمه و بإحاطته !!! فإن كان الحال كذلك فالأمر لم يتجاوز ذلك ! وفي هذه كفاية لأهل العلم و الدراية ...! لكن ماذا نفعل لمثل هؤلاء ، الذين ما أنكروا الذي أنكروه إلا لأنهم يعظمون عقولهم – الضعيفة – أكثر من النصوص المصونة بالحفظ و الرعاية ...!
        قال محقق تفسير القرآن العظيم [10] : ( و قد ذهب بعض أهل العلم قديماً و حديثاً إلى نفي خبر سحره عليه السلام ، و ما ذلك إلا بسبب أنهم لم يتدبروا ما ذكرته عائشة فإن قولها ( حتى يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله ) أشكل على هؤلاء حيث ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم صار ينسى ، وضعف جسمه ، و تغير حاله إلى ما هناك ، و الصواب أن ذلك يفسر بالروايات المتقدمة، منها المتقدم عن عائشة وفيه ( حتى كان يظن أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ ) فهذا هو المراد من ( يخيل إليه ... ) و الدليل على أنه عليه الصلاة و السلام بقي سليماً ما عدا ذلك ، هو أنه لو لوحظ عليه شيء غير عادي ، لجاء ذلك عن جماعة من الصحابة ، ولذكروا ذلك ، ولكن كل ذلك لم يكن ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كا يؤم الناس فيقرأ القرآن بصوت مرتفع في الفجر و المغرب و العشاء ، فلو صار ينسى أو نحو ذلك لنقل إلينا أيضاً و لجاء متواتراً ، ولم يستمر ذلك سوى أيام فقط أي عدم إتيانه لنسائه ، و الله أعلم ) ا.هـ

        الهامش : .................................................. .......

        [1] : حديث صحيح رواه الإمام الترمذي (2398) وقال ( حسن صحيح ) و ابن ماجة (4023) وغيرهم ، انظر الصحيحة ( 143) للألباني
        [2] : البخاري ( 5648) .
        [3] : البخاري (5646) .
        [4] : الشيخ مقبل الوادعي : ( ردود أهل العلم على الطاعنين بحديث السحر 39 ) .
        [5] : سورة ص الآية 41 .
        [6] : في "الشفاء" (ج2 ص160) ، نقلاً عن كتاب الشيخ مقبل الوادعي .
        [7] : سورة يوسف، الآية: 18،83.
        [8] : سورة الأنبياء، الآية: 87.
        [9] : العلامة عبد الرحمن المعلمي (الأنوار الكاشفة 257 ) .
        [10] : و هو عبد الرزاق المهدي في هامش (6/588) من تفسير ابن كثير .

        تعليق


        • #5

          شيء من الرد على الشبهة الرابعة و الخامسة


          أما شبهتهم الرابعة و الخامسة :
          فأهل السنة و الحديث متفقون على مخالفتهم فيما ذهبوا إليه ، فأهل السنة مجمعون على قبول خبر الواحد و الأخذ به و العمل بمقتضاه و الإيمان فيه إن كان صحيحاً ، وليس هذا محل بسط هذا القول و لو فعلنا لطال الأمر و طال و لكني أرشدك إلى كتاب العلامة ابن القيم الصواعق المرسلة على الجهمية و المعطلة و هنالك رسالة للإمام الألباني رحمه الله ( وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة و الرد على شبه المخالفين ) و هنالك كتاب ( الأدلة و الشواهد على وجوب الأخذ بخبر الواحد ) وغيرها كثير .
          وليس هذا مقام تفصيل هذا الأمر و لعل له مقام آخر إن شاء الله تعالى .

          أما قولهم عن أن السحر لا حقيقة له فقد قال الإمام النووي رحمه الله : ( قال الإمام المازري رحمه الله : مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر ، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة ، خلافا لمن أنكر ذلك ونفى حقيقته ، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها ، وقد ذكره الله تعالى في كتابه ، وذكر أنه مما يتعلم ، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به ، وأنه يفرق بين المرء وزوجه ، وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له ، وهذا الحديث أيضا مصرح بإثباته ، وأنه أشياء دفنت وأخرجت ، وهذا كله يبطل ما قالوه ، فإحالة كونه من الحقائق محال ، ولا يستنكر في العقل أن الله سبحانه وتعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق ، أو تركيب أجسام ، أو المزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلا الساحر . وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم ، ومنها مسقمة كالأدوية الحادة ، ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة ، أو كلام مهلك ، أو مؤد إلى التفرقة )[1]

          و اعلم أن هؤلاء الضلال ما أنكروا هذا الحديث إلا لأنهم ينكروا أن للسحر حقيقة أصلاً ! و لأنهم لا يقيموا للآثار وزناً و ليس لها عندهم أي قيمة ! فيا لله ما أبشع هذا المذهب و ما أفظع هذا المشرب عافانا الله واياكم منه .
          فالحديث إذن ثابت و القصة صحيحة ، لا ينكرها إلا جاهل أو ضال – بعد استبانة الحق له-

          و لعلنا نذكر شيئاً من الحكمة التي سحر النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها :
          فنقول هي في المقام الأول زيادة لأجره و لحسناته كما مر معنا .
          و ثانياً ما قاله الإمام النووي رحمه الله : (
          - وفي هذا وقوع الانتقام والابتلاء بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لينالوا جزيل الأجر .
          - ولتعرف أممهم وغيرهم ما أصابهم ، ويتأسوا بهم .
          - قال القاضي : وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا ، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ، ليتيقنوا أنهم مخلوقون مربوبون ، ولا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات ، وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبسه على النصارى وغيرهم )[2]

          وبهذا القدر كفاية ... لأهل الحق ذوي الدراية ...
          و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
          و الصلاة و السلام على أشرف عبيد الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله و صحبه وسلم تسليماً كثيراً ..





          هامش : ..................................................
          [1] : شرح النووي لصحيح مسلم (14/396) .
          [2] : شرح النووي لصحيح مسلم (12/359) .

          تعليق


          • #6
            أحسن الله إليك حبيبنا محمد و رفع الله عنك ما تكره

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك أخي الحبيب ضياء ..

              تعليق


              • #8
                قد أرسل لي أحدهم مهدداً معترضاً على ( جهالاتي ) ! في هذا الموضوع !! طالباً مني حذفه !!!
                ولم يقل ما هي جهالاتي ... لي !
                بل سربها لإخوة لي !! عبر الرسائل الخاصة لهم ... ذاماً إيياي عندهم ! مستغيباً لي ! بما لا ينبغي !! و سبب تشنيعه هذا !! أنني قلت :
                ثانياً : أنه كما هو ظاهر بالسند قد صرح بالتحديث ! فليس لهم حجة بعد ذلك ، ثم زد على ذلك أنه في الصحيحين فحتى لو أنه لم يصرح بالتحديث و عنعن في الصحيحين ! فإنه سيكون على شرطيهما كما لا يخفى ! .
                فواعجبي لهؤلاء العقلانيين أين هم من الأسانيد و الرجال ؟! بل ما يفقهوا فيها أصلاً ؟!


                فأنكر عليّ قولي أنه قد صرح بالتحديث في روايته لهذا الحديث ..
                فأقول .. :
                أي أتهام لي بشخصي لن أرد عليه .. لأنني معترف بتقصيري أصلاً .. و لست أهلاً بالدفاع عن نفسي .. و نسأل الله أن يستر عيوبنا و يصلح أحوالنا ..
                و لكن .. لما كان الاستدراك فيه التعليق على مسألة علمية .. أحببت النقاش في هذا الأمر من باب نشر الخير و تأكيد المعلومة فأقول ...

                فالكلام على مسألة تصريح هشام .. كالتالي :
                1 ) في صحيح البخاري حديث رقم ( 3268 ) قال الليث : كتب إليّ هشام أنه سمعه و وعاه عن أبيه عن عائشة قالت ... الخ
                2) و قال الحافظ في الفتح تحت حديث رقم ( 0563 ) :
                قوله ( عن أبيه ) وقع قي رواية يحيى ابن القطان عن هشام ( حدثني أبي ) وقد تقدم في الجزية ... الخ
                و الذي أشار اليه الحافظ هو الحديث الذي رواه الإمام البخاري في الصحيح برقم ( 3175 ) : حدثني محمد بن المثنى حدّثنا يحيى حدّثنا هشام قال : حدثني أبي عن عائشة ... الخ .
                3) و قد قال الإمام الوادعي رحمه الله رحمة واسعة في رسالته ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر : [ وهشام بن عروة تكلم بعضهم فيما حدث بالعراق، وأنه حدث عن أبيه بما لم يسمع منه وهذا منفي هنا فإنه قد صرح بالتحديث عن أبيه ]

                فكل هذا ظاهر أن هشام صرح بالتحديث عن أبيه في نقله لهذه الرواية ، و إن كنت أنا الرواية التي سقتها روى هشان عن ابيه ( بعن ) فهذا لا يغير من الحقيقة شيئاً .. ذلك أني ذكرت باقي مواضع الرواية في الصحيح كما هو مبين ..
                اللهم إلا الرواية التي أتت في كتاب الجزية .. لأن البخاري ذكرها مختصرة جداً .. إلا أنها خبر لنفس الحادثة كما أشار إلي ذلك الحافظ ...
                ثم فهذا كلام الإمام الوادعي واضح في هذه المسألة ..

                هذا رد باختصار ..
                و مع فرحي الشديد بتوجه النقد إلي و نصحي - بغض الطرف عن الأسلوب !! - إلا أنه كان على المنتقد أن يتثبت أولاً و يتأكد قبل أو يوجه إلي نقده ... و غلظته !

                وجزى الله خيراً كل ما رأي لدي عيباً فستره أو خللاً فأصلحه أو نصحاً فقدمه .. فما أكثر عيوبي و أخطائي و ما أحوجني للنصح و التوجيه ..
                وما نحن إلا لنتعلم من إخواننا و أحبابنا ...

                رزقنا الله الإخلاص في القول و العمل و النقد و النصح ..
                و بارك الله فيكم ...

                تعليق

                يعمل...
                X