إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(ولكن لا تحبون الناصحين)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (ولكن لا تحبون الناصحين)

    (ولكن لا تحبون الناصحين).

    أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده، فلهذا صرتم إلي ما أنتم فيه وليس لي فيكم حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان، والذي وجب علي من النصح لكم قد فعلته وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.
    حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُهَيْلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ‏ أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    ‏ ‏ قَالَ ‏ ‏) الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ).فَقَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ . قَالَ : وَيُقَال : هُوَ مِنْ وَجِيز الْأَسْمَاء , وَمُخْتَصَر الْكَلَام , وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة مُفْرَدَة يُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَة عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة . كَمَا قَالُوا فِي الْفَلَاح لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة أَجْمَع لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْهُ . قَالَ : وَقِيلَ : النَّصِيحَة مَأْخُوذَة مِنْ نَصَحَ الرَّجُل ثَوْبه إِذَا خَاطَهُ . فَشَبَّهُوا فِعْل النَّاصِح فِيمَا يَتَحَرَّاهُ مِنْ صَلَاح الْمَنْصُوح لَهُ بِمَا يَسُدّهُ مِنْ خَلَل الثَّوْب .النصح نقيض الغش، والنصيحة: كلمة جامعة معناها: حيازة الخير للمنصوح له، وقيل إنها مأخوذة من "نصحت العسل" إذا صفيته من الشمع، شبه تخليص القول من الغش، بتخليص العسل من الخلط. لذلك جاء قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الدين النصيحة"، (صحيح الجامع ـ 3417)، فهي عماد الدين وقوامه، كقوله: "الحج عرفة" (صحيح الجامع ـ 3172).
    قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم": "فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل ـ عليه السلام ـ وسمى ذلك كله ديناً".
    والنصيحة في أيامنا معدن كاد يكون نادراً لضعف الإيمان والجهل في الدين، بل لعل الناصح يكون في مواقف كثيرة هو المذنب لأنه نصح!!! صحيح تحتاج النصيحة للفقه في الدين، فلا يكون الناصح ناصحاً إلا إذا كان فقيهاً في دين الله ـ تعالى ـ.
    ومنزلة الناصح رفيعة عند ربه ولا أدل على ذلك من فعل الأنبياء والرسل فهم الرأس في النصح والنصيحة. فاسمع ـ على سبيل المثال ـ ما قاله نوح لقومه:) (أُبَلِّغُكُمْ رِسَلاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
    أخرج البخاري، ومسلم، وأحمد، وغيرهم، عن
    جرير، قال: "بايعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (على السمع والطاعة، فلقنني فيما استطعت، والنصح لكل مسلم".)
    وجاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:"حق المسلم على المسلم ست" فذكر منها:
    ("وإذا استنصحك فانصح له").(
    الصحيحة ـ 2154))
    وقال الغزي

    في "آداب العشرة": "ومنها ـ أي من الآداب ـ
    (أن يراعي في صحبة إخوانه صلاحهم لا مرادهم، ودلالته على رشدهم لا على ما يحبونه).
    وقال أبو صالح المري:

    ("المؤمن من يعاشرك بالمعروف ويدلك على صلاح دينك ودنياك، والمنافق من يعاشرك بالممادغة ـ يعني التملق والكذب ـ ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين"(.

    وقال ابن حبان ـ رحمه الله
    ـ:
    ( "خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة،)
    كما أن خير الأعمال أحمدها عاقبة، وأحسنها إخلاصاً، وضرب الناصح خير من تحية الناشيء.. إلى أن قال .. وليس الناصح بأولى من المنصوح".
    وكثيراً ما تحتاج النصيحة إلى مواقف رجوليَّة شجاعة منها ما ذكره الله ـ تعالى ـ في سورة غافر: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)
    فمن الأسباب التي اتخذها موسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صدِّ حيلة فرعون الذي نوى قتله وتصفيته، الاستعاذة بربه من شرور فرعون، فصار موسى ـ عليه السلام ـ ممتنعاً ـ بربوبية رب العالمين ، المدبِّر لجميع الأمور ـ على حيل فرعون وخططه، فسخر الله ـ تعالى ـ لموسى ـ عليه السلام ـ رجلاً مؤمناً (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) رجل فرعوني ـ وكان جاري مجرى ولي العهد ومجرى صاحب الشرطة ـ آمن بدين موسى ـ عليه السلام ـ وكتمه، فسجَّل موقفاً رجوليَّاً جمع فيه الحجج القوية التالية:
    1- (أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) وهو استفهام على سبيل الإنكار.أي هو عظيم في الرجال حساً ومعنىً ، أتقتلونه لأجل (أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ(وقد تقدم في النص الأول ـ من هذه المقالة ـ
    (النقطة الثالثة: من الرجولة أن تكون على التوحيد)
    لجوء أهل الباطل الفجرة إلى مؤامرات شتى من أنواع الأذى بما فيها القتل ، فهؤلاء السفهاء حين تنقطع الحجة عندهم فإنهم يعودون على أهل الحق "الرجال" بالأذى والاعتداء، لشدة غيظهم وحماقتهم.
    وقد كان علماء التفسير يستشهدون بما رواه الإمام البخاري وغيره، في تفسير هذه الآية لاستشهاد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ بها عندما أوذي النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
    فعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِى مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَهُوَ يُصَلِّى ، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ الله وَقَدْ جَاءكُمْ بالبينات مِن رَّبّكُمْ).
    كان لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ موقف رجوليُّ شجاع في الدفاع عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي "تفسير النسائي" (482) عن عمرو بن العاص، أنه سئل: ما أشد شيء رأيت قريشاً بلغوا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ قال: مرَّ بهم ذات يوم ، فقالوا له: أنت الذي تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ قال: "أنا" . فقاموا إليه، فأخذوه بمجامع ثيابه. قال: فرأيت أبا بكر محتضنه من وراءه يصرخ، وإن عيناه تنضحان ـ تتساقط منها الدموع ـ وهو يقول: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ الله(
    2- وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) أي: جاءكم بما يدل على صدقه، وهذا لا يوجب قتله. لأنه كان يدعو إلى توحيد الله.
    3- وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) يعني : فعليه وبال كذبه ، فلا ينبغي أن تقتلوه بغير حجة ، ولا برهان.
    4- وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) قال أهل المعاني: هذا على المظاهرة في الحجاج، كأنه قال لهم: أقل ما يكون في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وفي بعض ذلك هلاككم، فذكر البعض ليوجب الكل. 5- إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(28) قال قتادة: "مشرك أسرف على نفسه بالشرك". وعادته الكذب.
    6- يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ...(29) ذكَّرهم بما فيه من الملك ليشكروا بالإيمان بالله، والمعنى لكم الملك فلا تتعرضوا لعذاب الله بالتكذيب وقتل
    النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
    الحمد لله رب العالمين.
    كتبه:أبو الخطاب السنحاني

  • #2
    جزاك الله خيرا

    تعليق


    • #3
      لمن أراد أن ينصح أخاه المسلم

      لمن أراد أن ينصح أخاه المسلم



      أدب السلف في النصيحة

      قال إمام الجرح والتعديل في عصره يحيى بن معين رحمه الله تعالى

      " ما رأيتُ على رجلٍ خطأً إلا سترته ، وأحببتُ أن أزين أمره ، وما استقبلتُ رجلاً في وجهه بأمر يكرهه ، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلاَّ تركته ".

      سير أعلام النبلاء 11/83

      و قال المزني سمعت الشافعي يقول:

      من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه

      حلية الأولياء 9/140

      وقيل لمسعر: " أتحب من يخبرك بعيوبك؟ فقال: إن نصحني فيما بيني وبينه فنعم، وإن قرعني بين الملأ فلا "

      وهذا حق؛ فإن النصح في السر حب وشفقة، والنصح في العلن انتقاص وفضيحة.

      وهذا هو قول الشافعي رحمه الله: " من وعظ أخاه سرّاً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه ".

      الإحياء 2/182

      و قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى

      ( تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي ** وجنِّبني النصيحةَ في الجماعهْ )

      ( فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ ** من التوبيخِ لا أرضى استماعه )

      ( وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي ** فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه )

      ديوان الإمام الشافعي

      و قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام الناس : يا أمير المؤمنين : إنك أخطأت في كذا وكذا ، وأنصحك بكذا وبكذا ، فقال له علي رضي الله عنه :" إذا نصحتني فانصحني بيني وبينك ، فإني لا آمن عليكم ولا على نفسي حين تنصحني علناً بين الناس "

      و قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (( وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد، وعظوه سراً، )) حتى قال بعضهم: (( من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه )) .

      و قال الفضيل بن عياض رحمه الله "ما ادرك عندنا من ادرك بكثرة الصلاة والصيام وانما ادرك عندنا بسخاء الانفس وسلامة الصدور والنصح للامه"

      وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: (( المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير))

      جامع العلوم و الحكم (ص77).

      ويُعقِّب الحافظ ابن رجب على كلمة الفضيل هذه بقوله: (( فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان))

      الفرق بين النصيحة و التعيير (ص36)

      ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان البستي رحمه الله تعالى: (( النصيحة تجب على الناس كافة على ماذكرنا قبل، ولكن ابداءها لا يجب إلا سراً، لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه، ومن وعظه سراً فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه))

      روضة العقلاء (ص196)

      وقال أبو حاتم بن حبان "خير الاخوان اشدهم مبالغه في النصيحه كما ان خير الاعمال احمدها عاقبه واحسنها اخلاصا

      ويقول الإمام أبو محمد ابن حزم الظاهري رحمه الله: (( وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لاتصريح، إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح))

      الأخلاق والسير (ص44)

      ويقول عبد العزيز بن أبي داود رحمه الله: (( كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئاً يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه، ويهتك ستره))

      جامع العلوم و الحكم (ص77)

      ويقول الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى: (( ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده))

      الأخلاق والسير (ص77)

      ويقول أيضاً: (( فإن خشنت كلامك في النصيحة فذلك إغراء وتنفير، وقد قال الله تعالى: { فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً } (طه: من الآية44).
      وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )
      ( متفق عليه )

      ويقول أيضًا : (( وحد النصيحة أن يسوء المرء ما ضر الآخر، ساء ذلك الآخر أم لم يسؤه، وأن يسره ما نفعه، سر الآخر أو ساءه، فهذا شرط في النصيحة زائد على شروط الصداقة ))

      الأخلاق والسير (ص41)

      ويقول الخليفة عمر بن عبد العزيز: (( من وصل أخاه بنصيحه له في دينه، ونظرله في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه...))

      تاريخ الطبري (6/572)

      -------------------

      تعليق

      يعمل...
      X