السلام عليكم و رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم إخواني الكرام هذا الكتاب القيم بعنوان
تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ محمد الإمام حفظه الله
و سأنزله هنا- إن شاء الله- فصلا بعد فصل لعنا ننتفع به جميعا
و الآن مع الكتاب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي يتساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} [النساء].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} [الأحزاب].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعـد:
فاعلم -أخي المسلم- أن الله جعل لكل داء دواء ، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)) وجاء من حديث جابر عند مسلم وأحمد وغيرهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله)). ومن حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ((إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحد، قالوا يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم)) رواه أحمد وغيره.
والدواء المذكور في الأحاديث المذكورة يعم دواء القلب والروح والبدن. وقد أخبر الله سبحانه عن القرآن أنه شفاء ، قال سبحانه و تعالى:{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } فصلت
وقال تعالى: {وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} الإسراء.
وقال تعالى :{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} يونس.
فالقرآن كله شفاء للقلوب من داء الجهل, والشك, والريب, وجميع أنواع أمراضها فلم ينـزل الله من السماء شفاء أعم ولا أعظم ولا أنفع في إزالة الداء من القرآن الكريم. و(من) في قوله تعالى :{من القرآن} هي للجنس كما قاله غير واحد من المفسرين.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" (ص/22) : (وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة وحصول الشرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال ترتب الجزاء على الشرط ، والمعلول على علته، والمسبب على السبب، وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع -وذكر أمثلة على ذلك- ثم قال :الفقيه كل الفقيه... الذي يرد القدر بالقدر ويدفع القدر بالقدر ويعارض القدر بالقدر بل لا يمكن الإنسان أن يعيش إلا بذلك.)
ومما ينبغي أن يعلمه المسلم والمسلمة هو خطورة الإصرار على الذنوب، فقد روى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فقال: ((من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)) وقد حمل هذا الحديث العلماء على معنيين:
الأول: أن المراد بالإساءة في الإسلام أنه أسلم في الظاهر ولم يسلم في الباطن، فهذا ما يزال كافراً في حقيقته وإن تظاهر بالإسلام، وحكمه في الإسلام أنه منافق، فتبقى عليه ذنوب أيام الكفر الصريح كما هي، وما يفعله من ذنوب في الإسلام فهي كذلك لأن الكافر يغفر له ما قد سلف إذا أسلم ظاهراً وباطناً.
الثاني: أن المراد بالإساءة: البقاء على بعض المعاصي التي كان عليها في الجاهلية مع إسلامه ظاهراً وباطناً، فلو أن شخصا كان في الجاهلية مرابياً أو سكراناً أو كذاباً فأسلم وبقيت فيه هذه المعصية فهنا يعاقب على فعلها في الجاهلية، ويعاقب على فعلها في الإسلام، لأن الإسلام يدعو إلى ترك كل المعاصي، فهذا الحديث يخوفنا جميعاً . فانظر لنفسك مخرجاً قبل أن تلقى الله، ولخطر الشر أولاً على المسلم ولكثرته ثانياً ، ولغموض بعضه ثالثاً رأيت أن أجمع هذه الرسالة وأقدمها بين يدي القارئ الكريم وأن أعتني بذكر أصول الشر لأن هذا في الإمكان، أما الفروع فلا قدرة على حصرها لأن الشر يتجدد في الناس ويتنوع ما بين الحين والآخر. وإذا رددت الفروع إلى الأصول حسمت طرق الشر بحمد الله.
ولا يظن ظان أن جهل جماهير المسلمين بالشر هو في الفروع دون الأصول، بل في الأصول بكثرة. وأصول الشر التي ذكرتها هنا قد اعتمدت في ذلك على الآتي:
1- الأدلة من القرآن والسنة المثبتة لذلك، كقول الله تعالى :{أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين} المؤمنون.
فقد أفادت الآية أنه ليس بين كفار قريش وبين أن يقبلوا الإسلام إلا أن يتدبروا القرآن. ومن السنة كقول النبي صلى الله عليه و سلم : ((إن أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون)) رواه أحمد عن عمر.
فقد أفاد ظاهر الحديث أنه لا خطر على الأمة الإسلامية أعظم من وجود أئمة الضلال.
2- اعتمدت على كلام أهل العلم كقول ابن رجب في الغضب : (الغضب جماع الشر) وكقول ابن القيم في اختلاط الرجاء بالنساء : (إنه أساس كل شر وبلاء) وهذا كثير.
3- ذكرت ما فهمته أنه من أصول الشر وهي قليلة، وقد يكون لها دليل غفلت عنه، وقد يكون قال بذلك من قال من أهل العلم ولكن لم أهتد إلى ذلك، وأصول الشر مرتبطة بعضها ببعض فلا يترك كل الشر إلا بتركها كلها، ومنها العام ومنها الأعم، وبعضها تتفرع من بعض، وليس ما ذكرته هنا للحصر.
تنبيه: حرصت ما أمكن أن لا أذكر إلا حديثاً ثابتا عن النبي صلى الله عليه و سلم
وقد سميت هذا المؤلف بـ "تحذير البشر من أصول الشر" فالله المسئول أن ينفع به كاتبه، وأن ينفع به قارئه، وأن يثيب كل من شارك في شيء من التعاون معي في نشره وإخراجه.
وكتب: محمد بن عبد الله الإمام
اليمن _ معبر _
بتاريخ 22/1/1422هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم إخواني الكرام هذا الكتاب القيم بعنوان
تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ محمد الإمام حفظه الله
و سأنزله هنا- إن شاء الله- فصلا بعد فصل لعنا ننتفع به جميعا
و الآن مع الكتاب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي يتساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} [النساء].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} [الأحزاب].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعـد:
فاعلم -أخي المسلم- أن الله جعل لكل داء دواء ، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)) وجاء من حديث جابر عند مسلم وأحمد وغيرهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله)). ومن حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ((إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحد، قالوا يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم)) رواه أحمد وغيره.
والدواء المذكور في الأحاديث المذكورة يعم دواء القلب والروح والبدن. وقد أخبر الله سبحانه عن القرآن أنه شفاء ، قال سبحانه و تعالى:{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } فصلت
وقال تعالى: {وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} الإسراء.
وقال تعالى :{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} يونس.
فالقرآن كله شفاء للقلوب من داء الجهل, والشك, والريب, وجميع أنواع أمراضها فلم ينـزل الله من السماء شفاء أعم ولا أعظم ولا أنفع في إزالة الداء من القرآن الكريم. و(من) في قوله تعالى :{من القرآن} هي للجنس كما قاله غير واحد من المفسرين.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" (ص/22) : (وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة وحصول الشرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال ترتب الجزاء على الشرط ، والمعلول على علته، والمسبب على السبب، وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع -وذكر أمثلة على ذلك- ثم قال :الفقيه كل الفقيه... الذي يرد القدر بالقدر ويدفع القدر بالقدر ويعارض القدر بالقدر بل لا يمكن الإنسان أن يعيش إلا بذلك.)
ومما ينبغي أن يعلمه المسلم والمسلمة هو خطورة الإصرار على الذنوب، فقد روى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فقال: ((من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)) وقد حمل هذا الحديث العلماء على معنيين:
الأول: أن المراد بالإساءة في الإسلام أنه أسلم في الظاهر ولم يسلم في الباطن، فهذا ما يزال كافراً في حقيقته وإن تظاهر بالإسلام، وحكمه في الإسلام أنه منافق، فتبقى عليه ذنوب أيام الكفر الصريح كما هي، وما يفعله من ذنوب في الإسلام فهي كذلك لأن الكافر يغفر له ما قد سلف إذا أسلم ظاهراً وباطناً.
الثاني: أن المراد بالإساءة: البقاء على بعض المعاصي التي كان عليها في الجاهلية مع إسلامه ظاهراً وباطناً، فلو أن شخصا كان في الجاهلية مرابياً أو سكراناً أو كذاباً فأسلم وبقيت فيه هذه المعصية فهنا يعاقب على فعلها في الجاهلية، ويعاقب على فعلها في الإسلام، لأن الإسلام يدعو إلى ترك كل المعاصي، فهذا الحديث يخوفنا جميعاً . فانظر لنفسك مخرجاً قبل أن تلقى الله، ولخطر الشر أولاً على المسلم ولكثرته ثانياً ، ولغموض بعضه ثالثاً رأيت أن أجمع هذه الرسالة وأقدمها بين يدي القارئ الكريم وأن أعتني بذكر أصول الشر لأن هذا في الإمكان، أما الفروع فلا قدرة على حصرها لأن الشر يتجدد في الناس ويتنوع ما بين الحين والآخر. وإذا رددت الفروع إلى الأصول حسمت طرق الشر بحمد الله.
ولا يظن ظان أن جهل جماهير المسلمين بالشر هو في الفروع دون الأصول، بل في الأصول بكثرة. وأصول الشر التي ذكرتها هنا قد اعتمدت في ذلك على الآتي:
1- الأدلة من القرآن والسنة المثبتة لذلك، كقول الله تعالى :{أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين} المؤمنون.
فقد أفادت الآية أنه ليس بين كفار قريش وبين أن يقبلوا الإسلام إلا أن يتدبروا القرآن. ومن السنة كقول النبي صلى الله عليه و سلم : ((إن أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون)) رواه أحمد عن عمر.
فقد أفاد ظاهر الحديث أنه لا خطر على الأمة الإسلامية أعظم من وجود أئمة الضلال.
2- اعتمدت على كلام أهل العلم كقول ابن رجب في الغضب : (الغضب جماع الشر) وكقول ابن القيم في اختلاط الرجاء بالنساء : (إنه أساس كل شر وبلاء) وهذا كثير.
3- ذكرت ما فهمته أنه من أصول الشر وهي قليلة، وقد يكون لها دليل غفلت عنه، وقد يكون قال بذلك من قال من أهل العلم ولكن لم أهتد إلى ذلك، وأصول الشر مرتبطة بعضها ببعض فلا يترك كل الشر إلا بتركها كلها، ومنها العام ومنها الأعم، وبعضها تتفرع من بعض، وليس ما ذكرته هنا للحصر.
تنبيه: حرصت ما أمكن أن لا أذكر إلا حديثاً ثابتا عن النبي صلى الله عليه و سلم
وقد سميت هذا المؤلف بـ "تحذير البشر من أصول الشر" فالله المسئول أن ينفع به كاتبه، وأن ينفع به قارئه، وأن يثيب كل من شارك في شيء من التعاون معي في نشره وإخراجه.
وكتب: محمد بن عبد الله الإمام
اليمن _ معبر _
بتاريخ 22/1/1422هـ.
تعليق