نقل مفيد
من كتاب(التعالم)
للشيخ بكر أبو زيد.
الحمد لله الذي رفع المؤمنين والعلماء درجات،وخفض أهل البدع المتعالمين دركات.من كتاب(التعالم)
للشيخ بكر أبو زيد.
والصلاة والسلام على نبيه محمد الذي جاء بالهدى والبركات.
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين ما دامت الأرض والسماوات.وبعد:
فهذه مباحث نقلتها من كتاب(التعالم وأثره السيء على الفكر والكتاب)للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله،سائلا ربنا الكريم أن تكون مفيدة لي ولإخواني المسلمين،وإلى المقصود:
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:
المقدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم ولي المتقين،والحمد لله رب العالمين،لا يهدي كيد الخائنين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،قاصم ظهر الماكرين،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين،اللهم صل وسلم عليه،وعلى آله وصحابته،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:
فكم رأينا نزالا في حلائب العلم،من رائم للبروز قبل أن ينضج،فراش قبل أن يبري،وتزبب قبل أن يتحصرم،وقد قيل(البداية مزلة)،وقيل(من البلية تشيخ الصحفية)،ويؤثر عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه،قوله:(العلم نقطة كثرها الجاهلون)،ولعظيم نفعها تناولها العلماء رحمهم الله تعالى بالبيان في مؤلفات مفردة منها:
(زيادة البسطة في بيان العلم نقطة)للنابلسي،وللشيخ أحمد الجزائري م 1320ه،رسالة في شرحها.
وهي بمعنى قول الغزالي(لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف).وما يراد بهم هنا إلا(المتعالمون)،الذين ناموا عن العلم فما استيقظوا وبالغوا قبل أن يبلغوا،فركبوا مطايا الخير للشر،والذين عناهم الإمام الشافعي رحمه الله تعالى بقوله:
(فالواجب على العالمين أن لا يقولوا،إلا من حيث علموا،وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به،وأقرب إلى السلامة له إن شاء الله.)
وشكى حالهم الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى فقال:
هذا وإني بعد ممتحن بأر_بعةوكلهم ذوو أضغان
فظ،غليظ،جاهل،متمعلم_ضخم العمامة واسع الأردان
متفيهق،متضلع بالجهل،ذو_ضلع وذوجلح من العرفان
مزجى البضاعة في العلوم وإنه_زاج من الإيهام،والهذيان
يشكواإلى الله الحقوق تظلما_من جهله كشكاية الأبدان
من جاهل متطبب يفني الورى_ويحيل ذاك على قضا الرحمن.
ورصيفه الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى،شكى الحال من وجه آخر،فقال:
(فوالله لأن يعيش المسلم،أخرص،أبكم،خير له من أن يعيش...)
وحفيدهما بالتلمذة،الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى يقول:
(إذا تكلم المرء في غير فنه،أتى بهذه العجائب)
وقيل لسفيان بن سعيد الثوري رحمه الله تعالى،فيمن حدث قبل أن يتأهل،فقال:
(إذا كثر الملاحون غرقت السفينة).
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى في ذلك:
(اللهم نشكوا إليك هذا الغثاء).
وعن شعبة قال:قال لي ابن عون:يا أبا بسطام،ما يحمل هؤلاء الذين يكذبون في الحديث على الكذب؟قال:
( يريدون أن يعظموا بذلك).
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى(لا آفة على العلوم وأهلها،أضر من الدخلاء فيها،وهم من غير أهلها،فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون،ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون).
وقال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى:
(قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين،إلا ممن أدخل نفسه في أهل الإجتهاد،غلطا،أو مغالطة).
والمتعالم فج الدعوى،قال الحكيم الترمذي في صفة عموم الخلق:
(ضعف ظاهر ودعوى عريضة).
لكن المسلم يقهرها بإسلامه،وعلى هذا سار السلف في هجر الدعوى،وهضم النفس،ومنه قول أبي عمرو ابن العلاء البصري،أحد القراء السبعة:
(ما نحن فيمن مضى،إلا كبقل في أصول نخل طوال).
وهذه الأقوال الكابحة،لتلك الظاهرة،منتشرة أضعافها في مثاني كلام أهل العلم،على تعاقب القرون،ولما أبدى الصفدي رحمه الله تعالى:مر الشكوى،من تكاثر أغاليط المتأخرين،وتصحيفاتهم،لقلة العلم والبصيرة فيه_ذكر ما أسنده أبو الفرج الأصبهاني،عن محمد بن جرير الطبري،عن أبي السائب سلم بن جنادة،عن وكيع،عن هشام بن عروة،عن أبيه،عن عائشة رضي الله عنها،أنها كانت تنشد بيت لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم_وبقيت في خلف كجلد الأجرب.
فتقول رحم الله لبيدا فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم.
وهكذا يقول كل واحد من رجال الإسناد كذلك،حتى قال أبو الفرج:
(ونقول نحن:والله المستعان،فالقضية أعظم من أن توصف بحال).
وأقول:كيف لو رأى في زماننا تكاثرهم،حتى سامو باعة البقول عددا،ولم يبق منهم من يحسن الجمع بين كلمتين إلا استطال على منازل العلماء؟.
فهؤلاء المنازلون في ساحة العلم،وليس لهم من عدة سوى(القلم والدواة)هم:الصحفية المتعالمون،من كل من يدعي العلم وليس بعالم،شخصية مؤذية،تتابعت الشكوى منهم على مدى العصور،وتوالي النذر سلفا وخلفا:
شعوذة تخطر في حجلين_وفتنة تمشي بين رجلين.
إنهم زيادة على أنصباء أهل العلم كواو عمرو،ونون الإلحاق،وفي(الشمقمقية):
ولا تكن كواو عمرو زائدا_في القوم أو كنون الملحق.
ولبعض الأندلسيين:
نعوذ بالله من أناس_تشيخوا قبل أن يشيخوا.
فهذا القطيع حقا هم غول العلم،بل دودة لزجة،متبلدة أسرابها في سماء العلم،قاصرة من سمو أهله،وامتداد ظله،معثرة دواليب حركته،حتى ينطوي الحق،ويمتد ظل الباطل،وضلاله،فما هو إلا فجر كاذب،وسهم كاب حسير:
هو الوزير ولا أزر يشد به_مثل العروضي له بحر بلا ماء.
إنه:لزادهم الهابط(التعالم)،عتبة الدخول الفاجرة إلى خطة السوء الجائرة:(القول على الله بلا علم).
...يتبع إن شاء الله...
تعليق