الحمد لله رب العالمين,والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين,وأشهدأن لاإله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ,صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:فإن الناظر في أحوال المسلمين في هذه الأزمان يرى العجب العجاب,من تدافع كثير منهم على الدنيا,والمسابقة على حطامها,والتدابر والتنافر والتباغض من أجلها,حتى أورثهم ذلك الذل والهوان,كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم,حيث قال:...وليقذفن في قلوبكم الوهن,قيل وما الوهن قال:حب الدنيا وكراهية الموت.
لذلك أردت أن أضع بين يدي إخواني هذا النقل المتواضع,عسى الله أن ينفعني وينفعهم به,والذي انتقيته من كتاب (مختصر منهاج القاصدين)للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
قال رحمه الله:
كتاب الزهد و الفقر
اعلم :أن حب الدنيا رأس كل خطيئة,وبغضها أسباب كل طاعة,وقد سبق ذم الدنيا في ربع المهلكات,ونحن نذكر الآن فضل البغض لها والزهد فيها,فإنه رأس المنجيات.
ومقاطعتها تكون إما بانزوائها عن العبد ويسمى ذلك فقرا,وإما بانزواء العبد عنها,ويسمى ذلك زهدا,ولكل واحد منهما درجة في نيل السعادات,وحظ في الإعانة على الفوز والنجاة,ونحن نذكرالفقر والزهد ودرجاتهما وأقسامهما,وما يتعلق بهما في شطرين;
الشطر الأول من الكتاب في الفقر.
اعلم:أن الفقير إلى الشيء هو المحتاج إليه,وكل موجود سوى الله تعالى فهو فقير,لأنه محتاج إلى دوام الوجود,وذلك مستفاد من فضل الله تعالى.
وأما فقر العبد بالإضافة إلى أصناف حاجاته فلا يحصر,ومن جملة حاجاته ما يتوصل إليه بالمال,ثم يتصورأن يكون له خمسة أحوال عند فقره:
الأولى: أن يكون بحيث لوأتاه المال لكرهه وتأذى به,وهرب من أخذه بغضا له,واحترازا من شره و شغله,وصاحب هذه الحالة يسمى زاهدا.
الحالة الثانية:أن يكون بحيث لا يرغب فيه رغبة يفرح بحصوله,ولا يكرهه كراهة يتأذى بها,وصاحب هذه الحالة يسمى راضيا.
الثالثة:أن يكون وجود المال أحب إليه من عدمه لرغبة له فيه,ولكن لم يبلغ من رغبته أن ينهض لطلبه,بل إن أتاه عفوا أو صفوا أخذه وفرح به,وإن افتقر إلى تعب في طلبه لم يشتغل به.وصاحب هذه الحالة يسمى قانعا.
الرابعة:أن يكون تركه للطلب لعجزه,وإلا فهو راغب فيه,لو وجد سبيلا إلى طلبه بالتعب لطلبه,وصاحب هذه الحالة يسمى الحريص.
الخامسة:أن يكون مضطرا إلى ما قصده من المال,كالجائع والعاري الفاقد للمأكول الملبوس.ويسمى صاحب هذه الحالة مضطرا كيفما كانت رغبته في الطلب ضعيفة أو قوية.
وأعلى هذه الخمسة:الحالة الأولى,وهي الزهد,ووراءها حالة أخرى أعلى منها,وهي أن يستوي عنده وجود المال وعدمه,فإن وجد لم يفرح به,ولم يتأذى إن فقده,كما روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها جاءها مال في غرارتين,ففرقته في يومها,فقالت لها جاريتها:أما استطعت أن تشتري لنا مما قسمت لحما بدرهم نفطر عليه؟فقالت:لو ذكرتيني لفعلت.
فمن هذه حاله لو كانت الدنيا بحذافيرها في يده لم تضره,إذ هو يرى الأموال في خزانة الله تعالى,لا في يد نفسه.
...يتبع إن شاء الله...
لذلك أردت أن أضع بين يدي إخواني هذا النقل المتواضع,عسى الله أن ينفعني وينفعهم به,والذي انتقيته من كتاب (مختصر منهاج القاصدين)للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
قال رحمه الله:
كتاب الزهد و الفقر
اعلم :أن حب الدنيا رأس كل خطيئة,وبغضها أسباب كل طاعة,وقد سبق ذم الدنيا في ربع المهلكات,ونحن نذكر الآن فضل البغض لها والزهد فيها,فإنه رأس المنجيات.
ومقاطعتها تكون إما بانزوائها عن العبد ويسمى ذلك فقرا,وإما بانزواء العبد عنها,ويسمى ذلك زهدا,ولكل واحد منهما درجة في نيل السعادات,وحظ في الإعانة على الفوز والنجاة,ونحن نذكرالفقر والزهد ودرجاتهما وأقسامهما,وما يتعلق بهما في شطرين;
الشطر الأول من الكتاب في الفقر.
اعلم:أن الفقير إلى الشيء هو المحتاج إليه,وكل موجود سوى الله تعالى فهو فقير,لأنه محتاج إلى دوام الوجود,وذلك مستفاد من فضل الله تعالى.
وأما فقر العبد بالإضافة إلى أصناف حاجاته فلا يحصر,ومن جملة حاجاته ما يتوصل إليه بالمال,ثم يتصورأن يكون له خمسة أحوال عند فقره:
الأولى: أن يكون بحيث لوأتاه المال لكرهه وتأذى به,وهرب من أخذه بغضا له,واحترازا من شره و شغله,وصاحب هذه الحالة يسمى زاهدا.
الحالة الثانية:أن يكون بحيث لا يرغب فيه رغبة يفرح بحصوله,ولا يكرهه كراهة يتأذى بها,وصاحب هذه الحالة يسمى راضيا.
الثالثة:أن يكون وجود المال أحب إليه من عدمه لرغبة له فيه,ولكن لم يبلغ من رغبته أن ينهض لطلبه,بل إن أتاه عفوا أو صفوا أخذه وفرح به,وإن افتقر إلى تعب في طلبه لم يشتغل به.وصاحب هذه الحالة يسمى قانعا.
الرابعة:أن يكون تركه للطلب لعجزه,وإلا فهو راغب فيه,لو وجد سبيلا إلى طلبه بالتعب لطلبه,وصاحب هذه الحالة يسمى الحريص.
الخامسة:أن يكون مضطرا إلى ما قصده من المال,كالجائع والعاري الفاقد للمأكول الملبوس.ويسمى صاحب هذه الحالة مضطرا كيفما كانت رغبته في الطلب ضعيفة أو قوية.
وأعلى هذه الخمسة:الحالة الأولى,وهي الزهد,ووراءها حالة أخرى أعلى منها,وهي أن يستوي عنده وجود المال وعدمه,فإن وجد لم يفرح به,ولم يتأذى إن فقده,كما روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها جاءها مال في غرارتين,ففرقته في يومها,فقالت لها جاريتها:أما استطعت أن تشتري لنا مما قسمت لحما بدرهم نفطر عليه؟فقالت:لو ذكرتيني لفعلت.
فمن هذه حاله لو كانت الدنيا بحذافيرها في يده لم تضره,إذ هو يرى الأموال في خزانة الله تعالى,لا في يد نفسه.
...يتبع إن شاء الله...
تعليق