إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أقوال في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المنى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16

    السابع والأربعون
    : أن الهوى رِقٌ في القلب, وغُلٌ في العنق, وقيد في الرَّجلِ, ومُتابعه أسيرٌ لكل سيء الملكة, فمن خالفه عَتَقَ من رِقه وصار حراً, وخلع الغُلَّ من عنقه والقيدَ من رِجله وصار بمنزلة رجُلٍ سالمٍ لرجل, بعد أن كان رجلاً فيه شركاء متشاكسون1

    رُبَ مستورٍ سَبَتْه شهوةُ*******فتعري سترُه فانهتكا
    صاحبُ الشهوة عبدُ فإذا*******غلبَ الشهوةَ أضحى مَلِكا
    وقال ابن المبارك:
    ومن البلاء وللبلاء علامةُ*******أن لا يُرى لك عن هواك نزوعُ
    العبدُ عبدُ النفس في شهواتها***والحرُ يشبع تارةً ويجوع

    الثامن والأربعون: أن مخالفةَ الهوى تقيم العبد في مقام من لو أقسم على الله لأبَرَّه, فيقضي له الحوائج أضعافَ أضعاف ما فاته من هواه,فهو كمن رغب عن بعرةٍ فأعطيَ عِوَضَها درةً. ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلة والآجلة والعيش الهنيءِ ما لا نسبة لما ظفر به من هواه الْبَتَّةَ, فتأمل انبساط يد يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ولسانِه وقدمِه ونفسِه بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام.
    وقال عبد الرحمن بن مهدي2: رأيت سفيان الثوري رحمه الله تعالى في المنام فقلت له: مافعل الله بك؟ قال: لم يكن إلا أن وضعت في لحدي حتى وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى, فحاسبني حساباً يسيراً ثم أمر بي إلى الجنة فبينا أنا أدور بين أشجارها وأنهارها لا أسمع حِساً ولا حركة إذ سمعت قائلاً يقول: سفيان بن سعيد, فقلت:سفيان بن سعيد, فقال: تحفظ أنك آثرت الله عزوجل على هواك يوماً؟ قلت إي والله, فأخذني النَّثار3 من كل جانب.
    وقال عبد الرزاق: بعث أبو جعفر الخشَّابين حين خرج إلى مكة وقال: إن رأيتم سفيان فاصلُبوه, فجاؤوا ونصبوا الخشب, وطلِبَ ورأسُه في حِجْر الفضيل فقال له أصحابه: اتقِ الله عزوجل ولا تشمت بنا الأعداء, فتقدم إلى الأستار ثم أخذ بيده وقال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر, فمات قبل أن يدخل مكة فتأمل عاقبةَ مخالفة الهوى كيف أقامه في هذا المقام.


    1: متشاكسون: متعاسرون مختلفون.
    2: عبد الرحمن بن مهدي: هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري اللؤلؤي, أبو سعيد من كبار حفاظ الحديث, وله فيه تصانيف عديدة حدَّث ببغداد, ومولده ووفاته بالبصرة قال عنه الإمام الشافعي: لا أعرف له نظيراً في الدنيا. أه. تهذيب التهذيب *6/279وحلية الأولياء9/3, وتاريخ بغداد 10/240, واللباب 3/72
    3: النثار: ما ينثر في حفلات السرور من حلوى ونقود.



    يُتبع إنشاء الله تعالى

    تعليق


    • #17
      أعانك الله وسددك موضوع طيب وبأسلوب جميل
      ولو تختار نوعية الخط فإن هذا الرسم فج ومزعج

      تعليق


      • #18
        بارك الله فيك أخي

        تعليق


        • #19
          المشاركة الأصلية بواسطة علي بن رشيد العفري مشاهدة المشاركة
          أعانك الله وسددك موضوع طيب وبأسلوب جميل
          ولو تختار نوعية الخط فإن هذا الرسم فج ومزعج
          جزاك الله خيراً وسأحاول تغيير الخط إنشاء الله تعالى

          تعليق


          • #20
            المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الله جلال الدين الضبياني مشاهدة المشاركة
            بارك الله فيك أخي
            وفيك بارك أخي وجزاك الله خيراً

            تعليق


            • #21
              التاسع والأربعون: أن مخالفة الهوى توجب شرفَ الدنيا وشرف الآخرة, وعزّ الظاهر وعزّ الباطن , ومتابعته تضع العبد في الدنيا والآخرة وتذله في الظاهر والباطن, وإذاجمع الله الناس في صعيد واحد نادى مناد: ليعلمن أهلُ الجمع من أهل الكرم اليوم, ألا ليُقيم المتقون , فيقومون إلى محل الكرامة, وأتباع الهوى ناكسو رؤوسهم في الموقف في حرّ الهوى وعرقه وألمه, وأولئك في ظل العرش.

              الخمسون: أنك إذا تأمّلت السبعةَ الذين يظلهم الله عزوجل في ظل عرشه يوم لا ظلّ إلا ظله1 , وجدتهم إنما نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى, فإن الإمام المسلّط القادر لا يتمكن من العدل إلا بمخالفة هواه, والشابّ المؤثر لعبادة الله على داعي شبابه لولا مخالفةُ هواه لم يقدر على ذلك, والرجلَ الذي قلبه معلق بالمساجد إنما حمله على ذلك مخالفةُ الهوى الداعي له إلى أماكن اللذات, والمتصدّق المُخفي لصدقته عن شماله لولا قهرُه لهواه لم يقدر على ذلك, والذي دعته المرأة الجميلةُ الشريفة فخاف الله عزّوجلّ وخالف هواه, والذي ذكر الله عزوجل خالياً ففاضت عيناه من خشيته, إنما أوصله إلى ذلك مخالفةُ هواه, فلم يكن لحرّ الموقف وعَرَقه وشدته سبيل عليهم يوم القيامة, وأصحابُ الهوى قد بلغ منهم الحرُ والعَرَقُ كل مَبلَغ وهم ينتظرون بعد هذا دخول سجن الهوى, فالله سبحانه وتعالى المسؤول أن يعيذنا من أهواء نفوسنا الأمارة بالسوء وأن يجعل هوانا تَبَعاً لما يُحبُه ويرضاه, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير.

              1-تقدم هذا الحديث

              تعليق

              يعمل...
              X