بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ خطبة جمعة
بعنوان:
(( الإحتكار ))
للشيخ الفاضل الوقور المبارك
أبي عبد الرحمن
خليل بن أحمد العمراني العديني
ــ حفظه الله تعالى ــ
________________________________________
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))[ آل عمران 102 ]
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))[ النساء 1 ]
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))[ الأحزاب 70,71 ]
أما بعد
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
جاء من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ وجاء عن غيره من الصحابة، والحديث بمجموع طرقه يصلح للاحتجاج، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا ضَرر، ولا ضِرار، من ضار ضاره الله، ومن شاق شق الله عليه].
وفي حديث جابر عند الطبراني [لا ضَرر ولا ضِرار في الإسلام].
وقد اختلف أهل العلم في معنى قوله: [لا ضَرر ولا ضِرار]
فمنهم من قال: هما بمعنى واحد، والتكرار للتوكيد.
ومنهم من قال: هناك فرق بين الضَرر وبين الضِرار؛ فالضَرر ما قصد به الإنسان منفعة نفسه وكان فيه ضرر على غيره، والضِرار ما قصد به الإنسان الإضرار بغيره ولم يكن في منفعة لنفسه؛ أي أنه إذا كان يبتغي نفع نفسهِ ويحصل من وراء ذلك ضررٌ على غيره فهذا من الضرر، وأما إذا كان يوصل الضرر إلى غيره من الناس ولا ينتفع هو بنفسه فهذا من الضِرار.
ومنهم من قال: الضَرر يكون من شخص واحد، والضرار أن يضر كل واحد بصاحبه.
وعلى كلٍّ ـ معاشر المسلمين ـ فإن الضَرر والضِرار محرم في هذه الشريعة الإسلامية، ولقد جاءت هذه الشريعة الإسلامية السمحة بإزالة الضرر، فكم من الأحكام الشرعية التي شرعت من أجل دفع الضرر وإزالته عن المسلمين، ومن أجل سدِّ ذريعة وصول الضرر إلى عموم المسلمين.
فعلى سبيل المثال في المعاملات شُرعت الشفعة لمنع وصول الضرر إلى الشريك.
وهكذا أيضاً مُنع بيع المسلم على بيع أخيه وخطبته على خطبة أخيه؛ لمنع ايصال الضرر إلى أخيك المسلم ببيعك على بيعه، وخطبتك على خطبته.
وهكذا أيضا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن تلقي الركبان وعن أن يبيع حاضر لباد، كل ذلك دفعا للضرر الحاصل على عموم المسلمين من جراء ذلك.
ومن ذلك أيضا شرعية رد السلعة بالعيب من أجل إزالة الضرر عن المشتري.
وهكذا أيضا شرعت أنواع من الخيار في البيع لإزالة الضرر الواقع على أحد المتعاقدين، كخيار المجلس وخيار الشرط وخيار التدليس والعيب وغيرها.
معاشر المسلمين،، إن كثيرا من الأحكام الشرعية في أبواب المعاملات إذا تأملتَ فيها تجد أن الحكمة منها دفع الضرر الذي يحصل لبعض المسلمين.
ألا وإن من الأمور المحرمة في هذه الشريعة والتي نُهي عنها من أجل ما يحصل من ورائها من الإضرار بالناس، لهي معصية الاحتكار
ثبت عند الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث معمر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يحتكر إلا خاطئ].
والخاطئ آثم لأن هناك فرقا بين الخاطئ والمخطئ؛ فالمخطئ هو الذي يقع في الخطأ عن غير عمد، وأما الخاطئ فهو الذي يقع في الخطأ وهو متعمد لذلك، ويعلم أنه خطأ.
فهذا يدل على تحريم هذا الأمر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: [لا يحتكر إلا خاطئ].
والاحتكار كما ذكر أهل العلم هو أن يشتري الشخص السلعة في حين حاجة الناس فيشتريها مع استغنائه عنها وحاجة الناس إليها، فيمسكها عن البيع ينتظر غلاء سعرها ثم يخرجها للناس ليبيعها بسعر غال.
هذا هو الاحتكار المحرم في هذه الشريعة الإسلامية.
كم نرى من التجار، وكم نرى من ذوي الأموال عند حلول الأزمات بالناس، وعند حصول الفتن، وعند أن يحصل الغلاء في الأسواق، يبادرون إلى شراء ما يحتاج إليه الناس في أمور دنياهم، وما يحتاج إليه الناس في قوتهم ومعاشهم، فيحتكرون تلك السلع، ويخفونها حتى ترتفع أسعارها ثم يخرجونها بعد ذلك ليبيعوها بالسعر الذي يريدون.
هذا هو الاحتكار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم في هذه الشريعة؛ من أجل دفع الضرر الذي يحصل على عموم المسلمين.
فكم من المسلمين من يحتاج إلى هذه السلعة، وكم من المسلمين من يحتاج إلى القوت الضروري، والبعض قد لا يجد ذلك الثمن الباهض لأجل شراء ما يتقوت به هو وعياله.
ومن هنا يتبين لك أيها المسلم سماحة هذه الشريعة وكيف أنها جاءت بمنع ما وصول الضرر إليك.
معاشر المسلمين إن الذي يحمل الكثير من التجار والكثير من ذوي الأموال على ارتكاب هذا المحرم وهذه الخطيئة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم لهو ما يكون في نفوسهم من الشح والبخل الذي هو من أقبح الصفات ومن أدوأ الأدواء كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم لبني سلمة: [من سيدكم يا بني سلمه؟ قالوا: سيدنا جد بن قيس، على أنا نبخله ـ يعني متصف بصفة البخل ـ قال: وأي داء أدوأ من البخل؟! سيدكم عمرو بن الجموح]
وجاء عند الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريره رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [شر ما في الرجل شح هالع، وجبن خالع].
فلا يحمل المحتكر على الاحتكار إلا الشح الهالع والعياذ بالله.
والشح مرض خطير يحمل الإنسان على استحلال ما حرم الله عزوجل، يحمل الإنسان على انتهاك المحرمات؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: [واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
فهذا النبي عليه الصلاة والسلام يبين أن الذين كانوا من قبلنا لما استخفوا بالشح والعياذ بالله حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم فالحذر الحذر من هذه الصفة الذميمة قال الله عزوجل في كتابه الكريم: (( وَمَن يُوقَ نَفسِهِ شُحَّ فَأُوْلَىئِكَ هُمُ المُلِحُونَ ))[الحشر 9] ومعنى هذا أن هذا سببٌ من أسباب الفلاح البعد عن الشح.
ألا وإن من الأسباب الحاملة لكثير من التجار على أن يحتكروا ويخفون السلع في وقت حاجة الناس إليها لهو ما في قلوبهم من حب الدنيا والهلع عليها والتنافس على حطامها مع أنها ليست بشيء ـ هذه الدنيا بما فيها من النعيم وبما فيها مما يذكره الإنسان من أرفع ما يكون مما يتنعم به الإنسان فيها ليست بشيء عند الله عزوجل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء].
فيا أيها المحتكر!! أيها المتعامل بهذه المعاملة المحرمة!! تأمَّل في هذا الحديث العظيم وهو ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث أي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش].
وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من هذا حاله دعا عليه بالتعاسة لأنه صار عبدا للدينار والدرهم، دعا عليه بالتعاسة إلى مستوى أنه دعا عليه أنه إذا أُصيب بشوكة في جسده أنها لا تخرج من جسده [وإذا شيك فلا انتقش].
معاشر المسلمين إن المطلوب من المسلم لا سيما عند حلول الأزمات وعند احتياج الناس هو أن يحصل التآخي وأن يحصل الإيثار وأن تحصل المواساة.
جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه]
وتأمل ما جاء في فضل من يسر على المعسرين ومن يفرج عن المسلمين كرباتهم كما في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريره قال النبي عليه الصلاة والسلام: [من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة].
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته] وفي بعض الروايات: [والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه].
معاشر المسلمين إن الاحتكار يعتبر ظلما من أولئك الذين يحتكرون يظلمون غيرهم من المسلمين ممن لا يجدون هذه السلع وممن يبحثون عنها لاحتياجهم إليها، والظلم ظلمات يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه والسلام كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر.
وقال الله عزوجل: في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي ذر [يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا].
فالله عزوجل حرم الظلم على نفسه وحرمه سبحانه وتعالى على عباده ونهى عنه [فلا تظالموا].
ألا فالبعد البعد عن هذه الصفة السيئة وعلينا جميعا أن نتصف بالمواساة لاسيما في أزمنة حلول المصائب والأزمات العامة، ينظر المسلم في حال أخيه المسلم ويواسيه مما أعطاه الله عزوجل؛ فإن هذا من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله.
وهكذا كان أهل اليمن فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [إن الأشعريين ـ والأشعريون من بلاد اليمن وهم من قوم أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه وأرضاه ـ قال عليه الصلاة والسلام: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو ـ أي إذا جاعوا في الغزوا ـ أو قل طعام عياليهم بالمدينة جمعوا ما عندهم في إناء واحد ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم].
يجمعون ما عندهم في إناءٍ واحد ثم يقتسمونه بينهم بالسوية حتى لا يبقى عند شخص زيادة على ما عند أخيه هذه هي المواساة التي كان عليها أهل اليمن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام ولا يزال عليها الصالحون من عباد الله من أهل هذه البلاد ومن غيرها وكم من أحوالٍ تَمرُّ بأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام لا سيما في الغزوات وينقص ما عندهم في الطعام والزاد فيأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يجمعوا ما عندهم في نطعٍ ثم يدعوا عليه بالبركة ثم يأخذ كل إنسان في إنائه أو يقتسمونه بالسوية أولئك الرجال الذين أثنى الله عزوجل عليهم بهذه الصفات العظيمه (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُ الدَّارَ وَالإِيمَــنَ مِن قَبلِهِم يُحِبُّـونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلَا يَجِدُونَ فِـى صُدُورِهِم حَاجةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنـفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ نَفسِهِ شُحَّ فَأُوْلَىئِكَ هُمُ المُلِحُونَ ))
والحمد لله.
تفريغ خطبة جمعة
بعنوان:
(( الإحتكار ))
للشيخ الفاضل الوقور المبارك
أبي عبد الرحمن
خليل بن أحمد العمراني العديني
ــ حفظه الله تعالى ــ
________________________________________
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))[ آل عمران 102 ]
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))[ النساء 1 ]
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))[ الأحزاب 70,71 ]
أما بعد
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
جاء من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ وجاء عن غيره من الصحابة، والحديث بمجموع طرقه يصلح للاحتجاج، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا ضَرر، ولا ضِرار، من ضار ضاره الله، ومن شاق شق الله عليه].
وفي حديث جابر عند الطبراني [لا ضَرر ولا ضِرار في الإسلام].
وقد اختلف أهل العلم في معنى قوله: [لا ضَرر ولا ضِرار]
فمنهم من قال: هما بمعنى واحد، والتكرار للتوكيد.
ومنهم من قال: هناك فرق بين الضَرر وبين الضِرار؛ فالضَرر ما قصد به الإنسان منفعة نفسه وكان فيه ضرر على غيره، والضِرار ما قصد به الإنسان الإضرار بغيره ولم يكن في منفعة لنفسه؛ أي أنه إذا كان يبتغي نفع نفسهِ ويحصل من وراء ذلك ضررٌ على غيره فهذا من الضرر، وأما إذا كان يوصل الضرر إلى غيره من الناس ولا ينتفع هو بنفسه فهذا من الضِرار.
ومنهم من قال: الضَرر يكون من شخص واحد، والضرار أن يضر كل واحد بصاحبه.
وعلى كلٍّ ـ معاشر المسلمين ـ فإن الضَرر والضِرار محرم في هذه الشريعة الإسلامية، ولقد جاءت هذه الشريعة الإسلامية السمحة بإزالة الضرر، فكم من الأحكام الشرعية التي شرعت من أجل دفع الضرر وإزالته عن المسلمين، ومن أجل سدِّ ذريعة وصول الضرر إلى عموم المسلمين.
فعلى سبيل المثال في المعاملات شُرعت الشفعة لمنع وصول الضرر إلى الشريك.
وهكذا أيضاً مُنع بيع المسلم على بيع أخيه وخطبته على خطبة أخيه؛ لمنع ايصال الضرر إلى أخيك المسلم ببيعك على بيعه، وخطبتك على خطبته.
وهكذا أيضا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن تلقي الركبان وعن أن يبيع حاضر لباد، كل ذلك دفعا للضرر الحاصل على عموم المسلمين من جراء ذلك.
ومن ذلك أيضا شرعية رد السلعة بالعيب من أجل إزالة الضرر عن المشتري.
وهكذا أيضا شرعت أنواع من الخيار في البيع لإزالة الضرر الواقع على أحد المتعاقدين، كخيار المجلس وخيار الشرط وخيار التدليس والعيب وغيرها.
معاشر المسلمين،، إن كثيرا من الأحكام الشرعية في أبواب المعاملات إذا تأملتَ فيها تجد أن الحكمة منها دفع الضرر الذي يحصل لبعض المسلمين.
ألا وإن من الأمور المحرمة في هذه الشريعة والتي نُهي عنها من أجل ما يحصل من ورائها من الإضرار بالناس، لهي معصية الاحتكار
ثبت عند الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث معمر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يحتكر إلا خاطئ].
والخاطئ آثم لأن هناك فرقا بين الخاطئ والمخطئ؛ فالمخطئ هو الذي يقع في الخطأ عن غير عمد، وأما الخاطئ فهو الذي يقع في الخطأ وهو متعمد لذلك، ويعلم أنه خطأ.
فهذا يدل على تحريم هذا الأمر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: [لا يحتكر إلا خاطئ].
والاحتكار كما ذكر أهل العلم هو أن يشتري الشخص السلعة في حين حاجة الناس فيشتريها مع استغنائه عنها وحاجة الناس إليها، فيمسكها عن البيع ينتظر غلاء سعرها ثم يخرجها للناس ليبيعها بسعر غال.
هذا هو الاحتكار المحرم في هذه الشريعة الإسلامية.
كم نرى من التجار، وكم نرى من ذوي الأموال عند حلول الأزمات بالناس، وعند حصول الفتن، وعند أن يحصل الغلاء في الأسواق، يبادرون إلى شراء ما يحتاج إليه الناس في أمور دنياهم، وما يحتاج إليه الناس في قوتهم ومعاشهم، فيحتكرون تلك السلع، ويخفونها حتى ترتفع أسعارها ثم يخرجونها بعد ذلك ليبيعوها بالسعر الذي يريدون.
هذا هو الاحتكار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم في هذه الشريعة؛ من أجل دفع الضرر الذي يحصل على عموم المسلمين.
فكم من المسلمين من يحتاج إلى هذه السلعة، وكم من المسلمين من يحتاج إلى القوت الضروري، والبعض قد لا يجد ذلك الثمن الباهض لأجل شراء ما يتقوت به هو وعياله.
ومن هنا يتبين لك أيها المسلم سماحة هذه الشريعة وكيف أنها جاءت بمنع ما وصول الضرر إليك.
معاشر المسلمين إن الذي يحمل الكثير من التجار والكثير من ذوي الأموال على ارتكاب هذا المحرم وهذه الخطيئة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم لهو ما يكون في نفوسهم من الشح والبخل الذي هو من أقبح الصفات ومن أدوأ الأدواء كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم لبني سلمة: [من سيدكم يا بني سلمه؟ قالوا: سيدنا جد بن قيس، على أنا نبخله ـ يعني متصف بصفة البخل ـ قال: وأي داء أدوأ من البخل؟! سيدكم عمرو بن الجموح]
وجاء عند الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريره رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [شر ما في الرجل شح هالع، وجبن خالع].
فلا يحمل المحتكر على الاحتكار إلا الشح الهالع والعياذ بالله.
والشح مرض خطير يحمل الإنسان على استحلال ما حرم الله عزوجل، يحمل الإنسان على انتهاك المحرمات؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: [واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
فهذا النبي عليه الصلاة والسلام يبين أن الذين كانوا من قبلنا لما استخفوا بالشح والعياذ بالله حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم فالحذر الحذر من هذه الصفة الذميمة قال الله عزوجل في كتابه الكريم: (( وَمَن يُوقَ نَفسِهِ شُحَّ فَأُوْلَىئِكَ هُمُ المُلِحُونَ ))[الحشر 9] ومعنى هذا أن هذا سببٌ من أسباب الفلاح البعد عن الشح.
ألا وإن من الأسباب الحاملة لكثير من التجار على أن يحتكروا ويخفون السلع في وقت حاجة الناس إليها لهو ما في قلوبهم من حب الدنيا والهلع عليها والتنافس على حطامها مع أنها ليست بشيء ـ هذه الدنيا بما فيها من النعيم وبما فيها مما يذكره الإنسان من أرفع ما يكون مما يتنعم به الإنسان فيها ليست بشيء عند الله عزوجل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء].
فيا أيها المحتكر!! أيها المتعامل بهذه المعاملة المحرمة!! تأمَّل في هذا الحديث العظيم وهو ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث أي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش].
وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من هذا حاله دعا عليه بالتعاسة لأنه صار عبدا للدينار والدرهم، دعا عليه بالتعاسة إلى مستوى أنه دعا عليه أنه إذا أُصيب بشوكة في جسده أنها لا تخرج من جسده [وإذا شيك فلا انتقش].
معاشر المسلمين إن المطلوب من المسلم لا سيما عند حلول الأزمات وعند احتياج الناس هو أن يحصل التآخي وأن يحصل الإيثار وأن تحصل المواساة.
جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه]
وتأمل ما جاء في فضل من يسر على المعسرين ومن يفرج عن المسلمين كرباتهم كما في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريره قال النبي عليه الصلاة والسلام: [من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة].
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته] وفي بعض الروايات: [والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه].
معاشر المسلمين إن الاحتكار يعتبر ظلما من أولئك الذين يحتكرون يظلمون غيرهم من المسلمين ممن لا يجدون هذه السلع وممن يبحثون عنها لاحتياجهم إليها، والظلم ظلمات يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه والسلام كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر.
وقال الله عزوجل: في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي ذر [يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا].
فالله عزوجل حرم الظلم على نفسه وحرمه سبحانه وتعالى على عباده ونهى عنه [فلا تظالموا].
ألا فالبعد البعد عن هذه الصفة السيئة وعلينا جميعا أن نتصف بالمواساة لاسيما في أزمنة حلول المصائب والأزمات العامة، ينظر المسلم في حال أخيه المسلم ويواسيه مما أعطاه الله عزوجل؛ فإن هذا من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله.
وهكذا كان أهل اليمن فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [إن الأشعريين ـ والأشعريون من بلاد اليمن وهم من قوم أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه وأرضاه ـ قال عليه الصلاة والسلام: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو ـ أي إذا جاعوا في الغزوا ـ أو قل طعام عياليهم بالمدينة جمعوا ما عندهم في إناء واحد ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم].
يجمعون ما عندهم في إناءٍ واحد ثم يقتسمونه بينهم بالسوية حتى لا يبقى عند شخص زيادة على ما عند أخيه هذه هي المواساة التي كان عليها أهل اليمن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام ولا يزال عليها الصالحون من عباد الله من أهل هذه البلاد ومن غيرها وكم من أحوالٍ تَمرُّ بأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام لا سيما في الغزوات وينقص ما عندهم في الطعام والزاد فيأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يجمعوا ما عندهم في نطعٍ ثم يدعوا عليه بالبركة ثم يأخذ كل إنسان في إنائه أو يقتسمونه بالسوية أولئك الرجال الذين أثنى الله عزوجل عليهم بهذه الصفات العظيمه (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُ الدَّارَ وَالإِيمَــنَ مِن قَبلِهِم يُحِبُّـونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلَا يَجِدُونَ فِـى صُدُورِهِم حَاجةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنـفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ نَفسِهِ شُحَّ فَأُوْلَىئِكَ هُمُ المُلِحُونَ ))
والحمد لله.
الخطبة الثانيه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
معاشر المسلمين إن ما يصُاب به المسلمون وغيرهم من المصائب فإنما هي بسبب الذنوب والمعاصي يقول الله عزوجل في كتابه الكريم:
(( ظَهَرَ الفَسَادُ فِـى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ ))
[ الروم 41] فالواجب علينا جميعا أن نبادر بالرجوع إلى الله عزوجل بالتوبة إليه سبحانه وتعالى، والإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي.
((يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنت تجرى من تحتها الأنهر))
فمن اسباب رفع البلاء التوبة إلى الله عزوجل والرجوع إليه سبحانه وتعالى لأن البلاء إذا كان بسبب الذنوب فهذه الذنوب تحتاج إلى توبه وتحتاج إلى استغفار
قال الله عزوجل مخبرا عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام: (( فَقُلتُ استغفِرُواْ رَبَّكُم إنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرسِلِ السَّمَآءَ عَلَيكُم مِّدرَاراً وَيُمدِدكُم بِأَموَلٍ وَبَنِينَ وَيَجعَل لَّكُم جَنَّتٍ وَيَجعَل لَّكُم أّنهَرا )) [ نوح 10-12].
ومن جملة العُقُوبات الإلهية التي يعاقب الله بها عباده في الدنيا تأخر المطر وتأخر الغيث وحصول الجدب وحصول كذلك أيضا الغلاء وغير ذلك هذه عقوبات من الله عزوجل من أجل أن يحصل الرجوع إلى الله من أجل أن يحصل التضرع إلى الله قال الله عزوجل (( وَلَقَد أَرسَلنَآ إلى أُممٍ مِّن قَلِكَ فَأَخَذنَهُم بِالبَأسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُونَ )) [ الأنعام 42 ].
وفي الآية الآنفة الذكر: (( ظَهَرَ الفَسَادُ فِـى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ )) [ الروم 41 ].
فالمطلوب هو الرجوع إلى الله عزوجل والتوبة إليه سبحانه وتعالى والاستغفار مما يحصل من العبد في هذه الحياة الدنيا من الذنوب والمعاصي وهكذا يجأر العبد إلى ربه بالدعاء في أوقات الإجابة ويتحرى دعاء الله سبحانه وتعالى بخشوع وتذلل بين يدي رب العالمين تبارك وتعالى ليفرج عن المسلمين ما حل بهم في هذه البلاد.
وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: «اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا».
وفي رواية: «ورفع الصحابة أيديهم رضي الله تعالى عنهم».
وهذه إحدى الكيفيات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء: الدعاء آخر الخطبة مع تأمين الناس.
والكيفية الأخرى هي خروج الناس إلى صعيد واحد ثم صلاة الاستسقاء المعروفة مع خطبتها ودعاء الله عزوجل مع تحويل الرداء هذه كيفية أخرى.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم من أراد بهذا البلد مكرا او كيدا او سوءا فاشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميراً عليه. واكف المسلمين شره بما تشاء يا رب العالمين. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين اللهم إنا نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى أن ترفع عنا ما حل بنا. اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اسق البلاد والعباد والشجر والدواب.
والحمد لله.
فرغها لكم
أبو عبدالرحمن محمد بن وازع المقداد
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
أما بعد:
معاشر المسلمين إن ما يصُاب به المسلمون وغيرهم من المصائب فإنما هي بسبب الذنوب والمعاصي يقول الله عزوجل في كتابه الكريم:
(( ظَهَرَ الفَسَادُ فِـى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ ))
[ الروم 41] فالواجب علينا جميعا أن نبادر بالرجوع إلى الله عزوجل بالتوبة إليه سبحانه وتعالى، والإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي.
((يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنت تجرى من تحتها الأنهر))
فمن اسباب رفع البلاء التوبة إلى الله عزوجل والرجوع إليه سبحانه وتعالى لأن البلاء إذا كان بسبب الذنوب فهذه الذنوب تحتاج إلى توبه وتحتاج إلى استغفار
قال الله عزوجل مخبرا عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام: (( فَقُلتُ استغفِرُواْ رَبَّكُم إنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرسِلِ السَّمَآءَ عَلَيكُم مِّدرَاراً وَيُمدِدكُم بِأَموَلٍ وَبَنِينَ وَيَجعَل لَّكُم جَنَّتٍ وَيَجعَل لَّكُم أّنهَرا )) [ نوح 10-12].
ومن جملة العُقُوبات الإلهية التي يعاقب الله بها عباده في الدنيا تأخر المطر وتأخر الغيث وحصول الجدب وحصول كذلك أيضا الغلاء وغير ذلك هذه عقوبات من الله عزوجل من أجل أن يحصل الرجوع إلى الله من أجل أن يحصل التضرع إلى الله قال الله عزوجل (( وَلَقَد أَرسَلنَآ إلى أُممٍ مِّن قَلِكَ فَأَخَذنَهُم بِالبَأسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُونَ )) [ الأنعام 42 ].
وفي الآية الآنفة الذكر: (( ظَهَرَ الفَسَادُ فِـى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ )) [ الروم 41 ].
فالمطلوب هو الرجوع إلى الله عزوجل والتوبة إليه سبحانه وتعالى والاستغفار مما يحصل من العبد في هذه الحياة الدنيا من الذنوب والمعاصي وهكذا يجأر العبد إلى ربه بالدعاء في أوقات الإجابة ويتحرى دعاء الله سبحانه وتعالى بخشوع وتذلل بين يدي رب العالمين تبارك وتعالى ليفرج عن المسلمين ما حل بهم في هذه البلاد.
وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: «اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا».
وفي رواية: «ورفع الصحابة أيديهم رضي الله تعالى عنهم».
وهذه إحدى الكيفيات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء: الدعاء آخر الخطبة مع تأمين الناس.
والكيفية الأخرى هي خروج الناس إلى صعيد واحد ثم صلاة الاستسقاء المعروفة مع خطبتها ودعاء الله عزوجل مع تحويل الرداء هذه كيفية أخرى.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم من أراد بهذا البلد مكرا او كيدا او سوءا فاشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميراً عليه. واكف المسلمين شره بما تشاء يا رب العالمين. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين اللهم إنا نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى أن ترفع عنا ما حل بنا. اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اسق البلاد والعباد والشجر والدواب.
والحمد لله.
فرغها لكم
أبو عبدالرحمن محمد بن وازع المقداد
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
تعليق