إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

*تفريغ) {مواعيد رب العالمين لعباده المؤمنين} لعلامة اليمن ومفتيها يحيى بن علي الحجوري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • *تفريغ) {مواعيد رب العالمين لعباده المؤمنين} لعلامة اليمن ومفتيها يحيى بن علي الحجوري

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد، أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً
    أمّا بعد:


    فهذا تفريغ
    لخطبة قويّة بعنوان
    :
    {مواعيدُ ربِّ العَالمين لعبادهِ المؤمِنين}

    لعلامة اليمن ومفتيها:

    أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
    حفظه الله ونصره



    فرّغها:
    أبو سُليم عبد الله بن علي الزّبيري
    غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين

    حمّل الخطبة مفرّغة من هنا



    ويمكنكم تحميل الخطبة
    من هـنـا


  • #2
    مواعيد رب العالمين
    لعباده المؤمنين


    خطبة للعلامة المجاهد
    يحيى بن علي الحجوري
    حفظه الله ونصره


    الحمد لله نحمده ونستغفره ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]
    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النّساء: ١]
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ – ٧١]

    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثتها وكل محدثة بدعة كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    أيها الناس يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر : ٥]
    ثم أبان الله سبحانه أن الغرور عدوٌ : ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر : ٦]، فالغرور هو الشيطان
    أمر الله عز وجل وحث وذكر بوعده وحذّر من الغرور الملهي عن وعد الله الحق، وأبان أن هذا الغرور لا يغني عن وعد الله الحق شيئاً وإنما يأتي بالمواعيد المخالفة قال الله عز وجلّ: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم : ٢٢] ثبَّطهم عن وعد الله وخانهم وخدعهم بوعده، الشيطان مواعيده باطلة وكاذبة ومخذّلة عن وعد الله الحق يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء : ١٢٠]، مواعيد الشيطان غرور وتخذيل عن مواعيد الله سبحانه وتعالى.
    يقول سبحانه: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة : ٢٦٨]
    أيها النّاس واجب على المؤمن أن يثق بوعد الله وأن يبتعد ويحذر من مواعد عدوه اللدود والشيطان الرجيم، فإن الثقة بوعد الله سبحانه وتعالى شأن المؤمنين كما وصفهم الله عز وجل في سورة الأحزاب فقال: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب : ٢٢]
    الأحزاب اجتمعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين من كل حدبٍ وصوبٍ من مكة وغيرها حتى من المدينة، كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بني قريطة عهد فلما رأو كثرة النّاس وظنوا أنهم سيستأصلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه من المدينة نقضوا العهد وانضموا إلى المتحزبين من سائر الخونة والمشركين فأبى الله سبحانه وتعالى إلّا هزيمتهم ونصر عباده المؤمنين بالريح وبجنود لم يعلمها إلا هو سبحانه فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب : ٩ - ١١]
    وانظر موقف المؤمنين قبل ذلك وثباتهم: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب : ٢٢]
    وانظر موقف المنافقين: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب : ١٢]، تكذيبٌ بمواعيد الله سبحانه: ﴿قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ [الأحزاب : ١٣] فهم ليسوا مصدقين بمواعيد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين لا بالنصر ولا بغيره وكما وصفهم الله أنهم مع عدم تصديقهم بذلك هم أيضاً مخلفون للوعد: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة : ٧٥ - ٧٧]
    ثق أيها المؤمن بوعد الله فإن الله لن يخلف وعده يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾[الحج : ٤٧] هذا وعد ربي ووعد الله حق يقول الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر صنيعه ذي القرنين في ردم يأجوج ومأجوج: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ [الكهف : ٩٨]، ووعد الله حق: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان : ٣٣ – ٣٤]
    وعد الله حقٌ ولا يظن في خلف وعد الله إلا من لا إيمانه له بالله يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ [إبراهيم : ٤٢ – ٤٤] هؤلاء الذين ما صدّقوا وعد الله قبل في الحياة الدينا يماطلون ولا يزالون في المماطلة: ﴿نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم : ٤٤ – ٤٦] أي أن هذا المكر حصل منهم هو سبب زال الدنيا، المكر والفساد والفتن هو سبب زوال الدنيا يقول الله: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف : 59]، ويقول: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل : ١١٢]
    فثق بوعد الله سبحانه إن الله لا يخلف وعده: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم : ٤٧ – ٤٨]
    هذه مواعيد رب العالمين لعباده المؤمنين أنه سيمكنهم وأنه سنصرهم فإن وعد الله حقٌ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات : ٢٢ - ٢٣]
    يا أيها المسكين الذي لا تثق بوعد الله في رزقك فإن الله عز وجل خلقك وأوجدك من العدم ويسوق رزقك من السماء وهو حقٌ عليه سبحانه وتعالى كتبه على نفسه كبت على نفسه الرحمة وكتب على نفسه أنه يرزق عباده : {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}
    فلا ترتكب محرما ولا ترتكب ذنباً ولا تترك طاعةً من أجل رزقك لا تتنازل عن دين الله وعن طاعة الله من أجل رزقك وهذا وعد الله ثق به فالله لن يضيعك ما دمت واثقاً بوعد الله فالله رزق الدواب كلها: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت : ٦٠]، ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود : ٦] حشرة من الحشرات، دودة من الدود ضفدع من الضفادع، ثعبان من الثعابين، عقرب من العقارب، أياً كان دابة تدب على الأرض من صغير أو كبير إلا والله سبحانه وتعالى يعلمها ويرزقها وأنت من تلك المخلوقات التي وعدها الله سبحانه وتعالى وعد الصّدق، فالله وعد عباده وعد الصّدق ولن يخلف الله وعده
    ثق بوعد الله سبحانه أيها المؤمن أن الله عز وجل سينصرك يقو الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج : ٤٠]، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم : ٤٧]، هذا حقٌ وعد الله سبحانه وتعالى به وأوجب على نفسه الكريمة العظيمة: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}
    ثق بالتّمكين يقول الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور : ٥٥] هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده، وعد الله،
    القصور منا الضعف منا الذنب منا وإلا فوعد الله حق بالتَّمكين في الدّنيا والآخرة وبوراثة أرض الدّنيا وأرض الآخرة لمن حقق هذا الأمر العظيم المذكور في هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء : ١٠٥]، ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [الزمر : ٧٣ – ٧٤]، الله صدق المؤمنين وعده وأورثهم الأرض أي جعلنا من ورّاث الأرض حقاً وممن استفاد في تلك الأرض الدنيويّة إلى الأرض الأخرويّة فصاروا وارثين للجنة بما استفادوهم من الأرض الدنيوية، الله ورّث المؤمنين بوعده الحق الأرض كلها الأرض الدينا والأرض الآخرة.
    ثق بوعد الله سبحانه وتعالى أيها المؤمن يقول ربنا سبحانه مبيناً ذلك وأن وعد الله يحتاج إلى صبر منك على وعد الله حتى يأتي الله بأمره، رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بدر كان يقول:
    «اللَّهُمَّ انْجِز لِي مَا وَعَدْتَنِي، هذا وعد الله المؤمنين يطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله سبحانه وتعالى.
    والله سبحانه وعد المؤمنين حقاً فطلب وعد الله واثقاً بالله منه أن ينفذ ذلك الوعد الذي وعد المؤمنين يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران : ١٩٠ - ١٩٣]، وبعد هذه المناجاة العظيمة يطلبون وعد الله: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران : ١٩٤]
    الله وعد عباده المؤمنين على ألسنة رسله بمواعيد العظيمة من تلك المواعيد العظيمة الأجر العظيم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح : ٢٩]، وهكذا ممن سلك طريقهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التوبة : ١٠٠] هذا وعد الله وعد الله العظيم لعباده المؤمنين.
    أنت على موعد، أيها المستقيم أنت على موعد فاحذر أن تتخلف عن هذا الموعد ما دمت على توحيدٍ واستقامة أنت على موعد يقول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت : ٣٠] هذا وعد الله: ﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ [فصلت : ٣١] كل هذا بوعد الله، كله وعدٌ من الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة : ٨ - ٩] من أدّى هذه الواجبات فهو موعود، من حفظ حدود الله فهو موعود من الله سبحانه وتعالى بالنعيم المقيم.
    يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بعد أن ذكر بعداً من الأنبياء قال: ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ﴾ [ص : ٤٩ - ٥٢] ثم أبان أن هذا وعده: ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص : ٥٣] وأيضاً وعدٌ آخر: ﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ [ص : ٥٥ - ٥٨] كل هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده.
    ثق بوعد الله فإنك موعودٌ بالخير أيها المستقيم، إن إنساناً لو وعدك أن تكون مدعو عنده في الغد تقول أن مدعو على كذا وكذا، ولك أيضاً ألّا تخلف الوعد ولا هوو أيضاً يخلف الوعد ولا يجوز خلف الوعد، ولكن وعد الله حق، مواعيد العباد قد تخلف ولن يخلف الله وعده.
    من مواعيد الله سبحانه للمتقين: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [محمد : ١٥] هذا وعد الله قال: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} بعد أن ذكر وعد المؤمنين عقبه بوعد الله الكافرين وأنه لا يستوي هذا الوعد وما بعده.
    وقال سبحانه وتعالى مبيناً وعده الحق: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف : ١٥] قال الله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف : ١٦]
    إن وعد الله حقٌ فالله لن يخلف وعده ولهذا أنبياء الله ورسل الله يذكرون قومهم بوعد الله تبشيراً أو نذيراً بشارةً أو نذارةً، نوح عليه الصلاة والسلام قال له قومه: ﴿يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ﴾ [هود : ٣٢ - ٣٣] هذا الوعد سيأتيكم به الله: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [هود : ٣٣ - ٣٤] فوعد الله حق
    ثق بوعد الله سبحانه وتعالى وهذا شأن المؤمنين أن أحدهم يقول: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة : ٢٠ - ٢٣] أي كنت واثقاً بوعد الله، وانظر حالهم ومحاجتهم مع الكافرين: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف : ٤٤]، فهناك وعدك الذين أنت مصدق به والذين أنت واثق به والذي أنت مطبقاً له فعلاً يقيناً تلقاه وتحاج بهذه الثقة العظيمة عندك بوعد الله سبحانه وتعالى.
    *******************
    *************


    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستغفره ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً
    أمّا بعد:
    فمن استفتاح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيام الليل حديث ابن عباس وهو أصح ما في الباب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاحه في قيام الليل في بداية قيامه كان يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَأَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ» والشاهد منه «وَأَنْتَ الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ» إلى آخر الحديث الشاهد منه إثبات في ذلك الدعاء العظيم أن وعدهُ حقٌ
    وقال:
    «وَعَدَنِي رَبِي بِنَهَرٍ فِي الجَنّةِ آنِيَتُه كَنُجُوم السَّمَاء» يعني الكوثر وهو واثق بوعد الله سبحانه وتعالى
    والله أخبر عن الملائكة أنهم يطلبون من ربهم عز وجل انفاذ ما وعد به المؤمنين ولن يخلف الله وعده قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [غافر : ٧-٨] ، وعدتهم ووعدت من صلح فكل من صلح هذا موعده سواء كان الآباء أو كان الأبناء موعود من الله سبحانه وتعالى، سواء كان من الرجال أو من النساء من الجن وأن من الإنس على أي حال كان أعجمياً كان أو عربياً موعود من الله سبحانه بهذا الموعد
    وموعود بذلك أيضاً مع الصبر، واحذر أيها المسلم أن يستخفّك الذين لا يوقنون فيزحزحونك عن تنفيذ وعد الله والثّقة به والثبات عليه يقول الله: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الروم : ٦٠] ويقول سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾ [مريم : ٥٩ - ٦١] هذا وعد الله وعده مأتي ومنفذ ولابد من ذلك ولن يخلف الله وعده، ويقول سبحانه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا * فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا * وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ [الإسراء : ١٠١ - ١٠٨] هذا شأن المومنين.
    تفقه في دين الله فإن الله وصف هؤلاء القوم بأوصاف حميدة، لأنهم أوتوا العلم وهذا شأن من أوتي العلم أن ثقته بالله أعظم وتوكله أعظم واعتماده أعظم ويقينه أعظم {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} فبقدر فهمك لدين الله تثق بوعد الله، وبقد ضعف في ذلك وبضعف في الفقه وفي العلم وفي السنة وفي الهدى يضعف ما عندك من ثبوت وعد الله الحسن: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص : ٦١]
    والحمد لله رب العالمين

    فرّغها:
    أبو سُليم عبد الله بن علي الزّبيري
    غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين
    صحبية الأربعاء ٢٢ – صفر – ١٤٣٥ هـ

    تعليق


    • #3
      أسأل الله عز وجل أن يجزيك خير الجزاء يا أخانا أباسليم ، وأن يبارك لك في هذا العمل الصالح و يجعله في ميزان حسناتك ، وأسأل الله أن يعينك يا شيخ يحيى ويسدد خطاك على ما تقوم به من نصرة الدين والجهاد في سبيل الله

      تعليق

      يعمل...
      X