تفريغ أسئلة إخواننا العراقيين مع العلامة المجاهد أبي عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه رسالة من بعض إخواننا العراقيين يقولون : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أمابعد: فهذه أسئلة موجّهة(أي) إلينا من إخوانه وأبنائه في بلاد الرافدين العراق راجين الإجابة عليها مع توجيه نصيحة نسأل الله أن يوفقه ويسدده في الأقوال والأفعال .
السؤال: تعلمون حفظكم الله أن ولي الأمرمن الروافض الإثني عشرية ، ومعلوم تجلده ودفاعه المستميت عن أبناء جلدته مما قد ألحق الضرر بأهل السنة في العراق من سجن وقتل وتشريد وتهجير تحت دعاوى الإرهاب والبعث والصداميين وغير ذلك من الدعاوى مع إقرارنا بوجود هذه الأصناف بين أهل السنة ،لكنه اتخذ من هؤلاء ذريعة للإلحاق الأذى بأهل السنة وخصوصا الدعاء إلى الله وكيف التعامل معه؟
السؤال الثاني: كيف التعامل مع الجيش العراقي الذي أغلب قياداته من الروافض وتحت إمرتهم بعض الجنود من أبناء السنة في حال بغيهم علينا ومحاولة الحاق الأذى بنا ،كما أنّ هناك أفواج الرافضية كفوج السوات (swat) والشرطة الإتحادية وهؤلاء يغلب عليهم الرفض مع أنّ فيهم متطوعين من أبناء السنة ، ولكن هؤلاء بالجملة يأتمرون بأمر المالكي حاكم البلاد وينفذون ما يمليه عليهم من حق أو باطل فكيف نتعامل معهم في حال بغيهم علينا ؟
السؤال الثالث :بسبب الأذية التي لحقت بنا من المالكي اليوم خرجت تظاهرات واعتصامات – وإن كانت غير شرعية – إلا أنها منذ شهور في أخذ ورد مع الحكومة وفي الأخير حصل بينهم وبين الجيش اشتباك فقتل من المتظاهرين عدد كبير وقتل من الجيش اثنان أو ثلاثة مما أحدث فتنة طائفية في البلاد فقام بعض المسلحين بقتل عناصر الشرطة من الرافضة في الأنبار انتقاماً لمن قتل في المظاهرات وقد شكلت العشائر جيشاً باسم جيش أبناء العشائر لحماية أنفسهم فما حكم المشاركة في هذا الجيش؟
السؤال الرابع:ما حكم القنوت على حكومة هذا الرافضي في حال عدم حصول مفسدة بسبب أذيته المستمرة لنا ؟
السؤال الخامس:ما هي أسباب تسلط هؤلاء الرافضة على المسلمين وما العلاج الشرعي لزوالهم ؟ نطلب منكم توجيه نصيحة وجزاكم الله خيراً
الجواب:
هذا هو مراد أمريكا ومن أجله ثارت ، بينها وبين الروافض تظاهر وتظافر، فمكنت للرافضة وجعلت على البلد مسؤولا رافضيا ثم تركتهم يرزحون على البلاد العراقية على من لم يخالفهم بالحديد والنار، والقتل والتشريد وسائر أنواع الأذى ، كما تسمعون ،والسجون مليئة والأيتام مليانة شعب والأرامل في أكثر البيوت وحالة يندى لها جبين المؤمنين فأي بلد يتمكن منه الرافضة يسومون أهله سوء العذاب ويذيقونهم وبيل العقاب على أدنى مايخالفهم فيه وعلى أدنى التعّللات والشبهات ، فهذا يفيدنا معشر اليمنيين وسائر من سمع عظة وعبرة في حال هؤلاء اللذين يظهرون اللّين وهم أشدّ الخبثاء والماكرين فنسأل الله سبحانه وتعالى العلي الأعلى أن يذلهم وأن لايمكن لهم في الأرض ، هذا والنصيحة لإخواننا العراقيين هناك أوّلا بأمور منها:
تقوى الله ، فقد وعد الله ووعده حق لايخلف أنّه ناصر من اتقى وجاعل له مخرجا ، قال الله سبحانه ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخْرَجًا) ولفظة مخرج نكرة في هذا السياق تقتضي العموم أي: من كل ضيق وكرب وما ينتاب ذلك المؤمن ، أيضا الإقبال على عبادة الله فإن العبادة في الهرج قال النبي صلى الله عليه وسلم: <العبادة في الهرج كهجرة إليّ> والله عزوجل يقول:(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فدل على أنّ الدعاء عبادة وأنّ تحقق العبادة من أسباب استجابة الدعاء ، ولاشك أنهم الآن في حالة ضيق واظطرار ولاسيما من يشعر بالمسؤولية ويحمل الأعباء ،ومن كذلك أيضا له غيرة دينية يكون مظطرا والله عزوجل يقول:(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) فبادى ذي بدء فنحن وهم وسائر المسلمين بحاجة إلى مزيد من طاعة الله عزوجل ، والتوبة إليه فإن الله عزوجل يقول:(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)ولو حقّقنا توحيد الله عزوجل وعبادته كما أحب وأراد بقدر ما كلّفنا الله عزوجل من الإستطاعة ، لامكن لنا ولدينه في الأرض قال الله :(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) أي: يجعلهم آمنين غير خائفين إذا حققوا ماأراد الله عزوجل كما ذكر في هذه الآية ، ومن ثم فإن كانت للمؤمنين هناك قدرة على أن يدفعوا عن أنفسهم ، وينضاف بعضهم إلى بعض ويكون لهم هناك كيان مستقل ،وشوكة ظاهرة متميزة يدفع الله عزوجل بها الشرّ عنهم أو ولو بعض الشرور ، وإن لم يكن كلّها ، فببقاءهم هناك خير حسب نصرة إخوانهم وانتظار فرج الله سبحانه وتعالى: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) وإن كان الحال على ما يذكر من تمكن الرافضة بالحديد والنار وربما أُبِيدُوا أعني أولئك المساكين العزّل ومن لا قدرة لهم على الدفاع عن أنفسهم ، لرّبما صاروا نظير أطفال الحجارة في فلسطين إذا حصل هذا اليهودي يوجّه البندق وذاك يرجم بالحجارة ، هذا ليس مجديا ، فالأمور لابدّ أن تدرك بتعقلها إضافة أو بدأً بالتوكل على الله سبحانه وتعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) ففي مثل هذه الحالة يصبرون إذا كان لهم صبر بدون أذى مع إقامة دينهم واستطاعوا ذلك صبروا ، وإن لم يستطيعوا أن يقيموا دينهم كما يريدون وحسب الشرع ، ويضغط عليهم أعداء الله الرافضة هناك بما يريدون وتسّول لهم أنفسهم شياطينهم ، فالله عزوجل يقول:(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) فيقال لهم : أرض الله واسعة مالم يستطيعوا إقامة دينهم ورأو الأضرار بهم بما لايحتاج إلى مظاهرات ، ولا إلى ارتكاب معاصي ومخالفات فإن هذه لاتقيم دين الله ولا تغيظ الأعداء بل تفرحهم وتفرح الشيطان ، وهي والله من أسباب الذّلة .قال الله عزّوجلّ :( وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) .
ولا أظن صدّاما ومن معه من البعثية إلا أتوا من هذا الباب بمعاصيهم فقد كان عند البعثية من الكبر والغطرسة ومن المخالفات لدين الله عزوجل ماهو كفيل باسقاط أمّة ، فسلط الله عليهم أعداء الله ، ومكّن منهم أعداءهم وشرّدوا أشدّ تشريد . ووالله منذ أن سمعنا بالحرب في العراق وأنّ في الصفوف (بنات) إضافة إلى ذلك المعتقد الفاسد ، لكن في صفوف العساكر( بنات) أننا قلنا هذا ماهو سبب للنصر ، هذا سبب الهزيمة ،وفعلا نفعهم حسين ولا عبّاس ، كان صدّام يبطبط هذا كذا وأنّه يفتخر بأنّ عنده صاروخ اسمه الحسين صواريخ بعضها اسمها على الحسين وبعضها على العباس ، وأنّه سيسلّطها على كذا فما نفعت شيئا ولا حرّكت ذنبَ تعلة .
إنها المعاصي تدمر شعوب ،قال الله عزوجل (وَتِلْكَ الْقُرَىأَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ) سلّط الله عليهم أعداءه ، الكفار من الزنادقة وغيرهم ،فهم بحاجة لتوبة والبعد عن المعاصي ومن استطاع الصبر على ذلك الحال بما لايحصل له ضرر ومع إقامة دينه فعل ، ومن لم يستطع الصبر ولا يقيم دينه ورأى أنهم حصل لهم اضطهاد وذلّ فأرض الله واسعة ، وما شرعت الهجرة إلّا للفرار بالدين وإقامة دين الله سبحانه وتعالى والحفاظ على الدين والموت خيرٌ للمؤمن من الفتنة كما ثبت من حديث زياد بن لبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:< اثنتان يكرههما ابن آدم وهما خيرا له يكره قلة المال وقلة المال أقل عند الحساب ويكره الموت والموت خير للمؤمن من الفتنة > وفي حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:<وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون> وثبت من حديث المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:<إنّ السعيد لمن جنّب الفتن ،إنّ السعيد لمن جنّب الفتن ،إنّ السعيد لمن جنّب الفتن ولمن ابتلى فصبر فواها > .
وكم من بلد تسلّط عليه الكفّار واحتلّوه وهذا البلد قد احتلّه الزنادقة ،على كلٍّ هذا هو وفقكم الله من كان له قدرة ، وتجتمع كلمة المسلمين يدا واحدة ويدفعون عن أنفسهم هذا الطاغوت ،وهذا الهيجان الرافضي وما لا ضرر عليهم أكبر فعلوا، فإن كان لا قدرة لهم على الدفع عن أنفسهم البته إلّا مزيد الحطمة والضرر الشديد ومع ذلك يتمكن أعداء الله منهم بما يريدون ، فيستبيحون منهم ماحرّم الله من نسائهم ودمائهم وأعراضهم فالمعنى المذكور هو الذي ينتظر به فرج الله سبحانه وتعالى على ما تقدم من الهجرة إلى أرض الله الواسعة حيث يأمن على دينه ويعبد الله عز وجل ، وكذلك يجتنب ما يضرّه ، ولا ركون على جيشٍ مندمج في أوساط الرافضة لا هنا ولا هناك ما مثلهم ينصر دين الله ،فهؤلاء آلة لمقاضاة أغراض الرافضة بهم عند اللزوم ، إمّا لتقديمهم إلى حمئة القتال مع إخوانهم وإمّا كذلك لمقاضاة الأغراض بهم والوقيعة في المسلمين من جانبهم وعبارة عن مخابرات لهم وعبارة عن منافقين في أوساطهم هذا هو الشأن ،( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) ولو كانوا صادقين (هذا الجيش)مابقوا في أوساط الجيش الرافضي ، ولكنهم من بقايا ذلك ربّما ذلكالأول ومن الذين علمتم حالهم وسوء أفعالهم .
نسأل الله سبحانه أن يدفع عن المسلمين كلّ بلاء.
أما القنوت فنعم إذا استطاعوا أن يقنتوا نعم يقنتون على الرافضة ويدعون على الرافضة وعلى الكافرين وهذا من القرآن والسنة فنبي الله نوح عليه الصلاة والسلام لبث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما ، وهذا في دعوته ثم رأى أن كلما ولد واحد نشأ على ذلك الحال ، كلما خلق واحد يخلق ويموت وهو على ذلك الحال وهكذا كلّهم على تلك الطريقة وذلك الأسلوب وعمّره الله عزوجل يولد المولود ويموت على ذلك الحال ، قال: ( رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا) يعني: قد رآهم مدّة سنين وهم كذلك ، الدعاء يعتبر عبادة ، يذرع الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى في القنوت وغيره، فإن لم يستطيعوا القنوت ورأوا أنّه ربها حصل لهم من ذلك ما يضرهم دعوا في السجود ، دعوا في أوقات الإجابة من الليل وسائر الأوقات والشأن كله هو البّر لله عزوجل ، قال النبى صلى الله عليه وسلم: < إن تصدق الله يصدقك> قال الله عزوجل:( فَلَوْ صَدَقُوا الله لَكَانَ خَيْراً لَهُم) والله لو كانوا صالحين ونحسب فيهم من الصالحين ودعوا الله عزوجل رُبّ دعوة تزلزل شعبا كاملا (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)ويكشف السوء عن الصالحين ويتزلزل أولئك الرواغض، فادعوا معشر المسلمين على هؤلاء الفجرة في أوقات الإجابة ، أعني الرافضة وناهيكم عن سياسات بعض الناس التي تقلبّهم ألوانا ، فإن بعض الناس في حال حربه مع الكفار ومع الرافضة تجده يملأ الدنيا صراخا ويملأ الدنيا حثا وتحريضا وما إلى ذلك ، فإذا زال مابه هو ولو كان الضرر على غيره والفساد لازال باقيا جعل يلمّع القوم أعني الرافضة ويثني عليهم ، ياأخي ماهذا من الدين إنّ الدين عند الله الإسلام و الإسلام لايقرّ التقلبات على الوجوه ، شرّ الناس ذو الوجهين الذي يأتي هذا بوجه وهذا بوجه ، الروافض زنادقة نعم ، أحبونا أم بغضونا ، حاربونا أم سالمونا هنا؟ أو غير هنا لأنّ عقيدتهم على هذا المنوال ولأنّ حالهم هو هذا الحال في شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (صفحة ٤٩١) قال:الوجه السابع والثلاثون ماأدري في أي الأوجه يسوق ماقرأنا من أوّل الأوجه قوله: أي حكمة في تسليط أعداءه على أولياءه ؟هذا اعتراض القدرية يسومونهم سوء العذاب ، قال: فكم لله في ذلك حِكم باهرة في تسليط الأعداء على المؤمنين ،لله في ذلك حكم منها:حصول محبوبه من عبودية الصبر يكون من ذلك الولي لله عزوجل أن يصبر والصبر محبوب إلى الله عزوجل .
ومنها :الجهاد محبوب إلى الله عزوجل ، وتحمل الأذى فيه والرضا عنه في السراء والضراء والثبات على عبوديته وطاعته مع قوّة المعارض وغلبته وشوكته وتمحيص أولياءه من أحكام البشرية ودواعي الطباع ببذل نفوسهم له وأذى أعداءه لهم، وتمييز الصادق من الكاذب ومن يريده ويعبده على جميع الحالات ممّن يعبده على حرف ، هذه من حكمة الله في تسليط أعداء الله على أولياءه هذه حكم عظيمة ، وليحصل له مرتبة الشهادة التي هي من أعلى المراتب ولاشيء أبرّ عند الحبيب من بذل محبة نفسه في مرضاته ومجاهدة عدّوه فكم لله في هذا التسليط من نعمة ورحمة وحكمة ، وإذا شئت أن تعلم ذلك فتأمل الآيات في أواخر آل عمران في قوله :(قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ) إلى قوله:(إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) وقوله:(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) فكان هذا التمييز من بعض حِكم الله لذلك التسليط ، ولولا ذلك التسليط لم تظهر فضيلة الصبروالعفو والحكم وكظم الغيظ ولا حلاوة النصر والظفر والقهر ، فإن الأشياء يظهر حسنها بأضدادها ، ولولا ذلك التسليط لم تستوجب الأعداء المَحقْ والإهانة والكبت فاستخرج ذلك التسليط من القوة إلى الفعل ماعند أولياءه ، فاستحقوا كرامتهم عليه وما عند أعداءه فاستحقوا عقوبتهم عليه كان هذا التسليط مما أظهر حكمته وعزّته ورحمته ونعمته في الفريقين وهو العزيز الحكيم، ياله من كلام والله أحلى من العسل أنّ تمكين الأعداء، ثم أيضا إذا علم الله صدق هؤلاء الأولياء لايدوم تمكين أعداءه ، لايدوم ربما يحصل إذالة ،يذال الكافرأو العدو على المؤمن يحصل اذالة ،وهكذا لاتخاذ من يشاءه الله عزوجل من يتخذه هكذا إذالة ، في حال دون حال أمّا عن الإستمرار فإن النصر يحالف التقوى والعاقبة للتقوى ، والعاقبة للمتقين ، هذه تتمة هذا الكلام مما قد ذكره ابن القيم نفسه في موضع أخر بنحو ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين.
فرَّغها:
أبوحذيفة الوهراني غفر الله له ولوالديه ولمن يحب.