إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفريغ : شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري لشيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفريغ : شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري لشيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تفريغ الدرس الأول من كتاب الفتن من صحيح البخاري

    للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

    نسأل الله تعالى أن ينفع به الإسلام والمسلمين والسلفين خاصة.

    وإليكم التفريغ :



    قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة البخاري ـ رحمه الله ـــــــ " كتاب الفتن
    " ـــــــ قال الإمام ابن حجر ـ رحمه الله ـ: ـــــــ" وَالْفِتَن جَمْع فِتْنَة ، قَالَ الرَّاغِب : أَصْل الْفِتَن إِدْخَال الذَّهَب فِي النَّار لِتَظْهَر جَوْدَته مِنْ رَدَاءَته ، وَيُسْتَعْمَل فِي إِدْخَال الْإِنْسَان النَّار وَيُطْلَق عَلَى الْعَذَاب كَقَوْلِهِ ( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) ، وَعَلَى مَا يَحْصُل عِنْدَ الْعَذَاب كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( أَلَا فِي الْفِتْنَة سَقَطُوا ) ، وَعَلَى الِاخْتِبَار كَقَوْلِهِ ( وَفَتَنَّاك فُتُونًا ) ، وَفِيمَا يُدْفَع إِلَيْهِ الْإِنْسَان مِنْ شِدَّة وَرَخَاء ، وَفِي الشِّدَّة أَظْهَر مَعْنًى وَأَكْثَر اِسْتِعْمَالًا ، قَالَ تَعَالَى ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة ) وَمِنْهُ قَوْله ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَك ) أَيْ يُوقِعُونَك فِي بَلِيَّة وَشِدَّة فِي صَرْفك عَنْ الْعَمَل بِمَا أُوحِيَ إِلَيْك . وَقَالَ أَيْضًا الْفِتْنَة تَكُون مِنْ الْأَفْعَال الصَّادِرَة مِنْ اللَّه وَمِنْ الْعَبْد كَالْبَلِيَّةِ وَالْمُصِيبَة وَالْقَتْل وَالْعَذَاب" ـــــــ هذا نقل عن الراغب من مفردات القرآن ــــــ "وَالْمَعْصِيَة وَغَيْرهَا مِنْ الْمَكْرُوهَات : فَإِنْ كَانَتْ مِنْ اللَّه فَهِيَ عَلَى وَجْه الْحِكْمَة ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْإِنْسَان بِغَيْرِ أَمْر اللَّه فَهِيَ مَذْمُومَة ، فَقَدْ ذَمَّ اللَّه الْإِنْسَان بِإِيقَاعِ الْفِتْنَة كَقَوْلِهِ ( وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل ) وَقَوْله ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ) وَقَوْله ( مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ) وَقَوْله ( بِأَيِّكُمْ الْمَفْتُون ) وكَقَوْلِهِ ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوك ) . وَقَالَ غَيْره : أَصْل الْفِتْنَة الِاخْتِبَار ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْمِحْنَة وَالِاخْتِبَار إِلَى الْمَكْرُوه ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى كُلّ مَكْرُوه أَوْ آيِل إِلَيْهِ كَالْكُفْرِ وَالْإِثْم وَالتَّحْرِيق وَالْفَضِيحَة وَالْفُجُور وَغَيْر ذَلِكَ ."ـــــ ويعتني بذلك أيضا الفيروز آبادي في كتابه [بصائر ذوي التميز بتصريف هذه الكلمات من القرآن وبيان معانيها ، فالحافظ يعول على الراغب وذاك يستفيد بعد ذلك ممن مضى لكنه ربما توسع في بعض المسائل عن الحافظ ، وعنده زلقات صوفية أعني (الفيروز آبادي)، وهذا لم يَسلم من الأشعرية ففي بعض التأويلات ما يحتاج إلى تَنبُّه لاسيما فيما يتعلق بالصفات أمّا في هذا المعاني فأمر يسير .
    قال البخاري ـ رحمه الله ـــــــ " باب ما جاء في قول الله تعالى
    { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً }
    وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنْ الْفِتَنِ
    حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ "ــــ يعني المديني ـــ "حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ قال حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ
    عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا عَلَى حَوْضِي أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِي فَأَقُولُ أُمَّتِي فَيُقَالُ لَا تَدْرِي مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى
    قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ
    "

    قال " حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ"

    "قال حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رضي الله عنه يقول يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا لَيَرِدُنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ
    قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَالَ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي
    "ـــــــــــ
    اشتمل هذا الباب على أية من سورة الأنفال وعلى حديث أسماء وأثر لابن مليكة في الاستعاذة من الفتن والرجوع بعد الحور إلى الكور ، ثم حديث عبد الله ابن مسعود ، ثم حديث سهل ابن سعد وأبي سعيد ، هذه أربعة أحاديث ، وبدأ بذكر أحاديث في الحوض لأن المصروفين عن ورود الحوض هم المفتونون من ذوي الأهواء إما من المفتونون من الإسلام إلى الردة كما حصل من بعض الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنين به ثم ارتدُّوا على أعقابهم من أهل الردة، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم أصحابي فيقال له :لا تدري ما أحدثوا بعدك ؛أي ارتدوا فتنوا ورجعوا القهقرى ، وهذا يا إخوان شأن من يكون على حرف من الدين وليس على إيمان متين يقول الله ـ عز وجل ـ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [ الحج :11].
    فالذي على جانب من الدين أي على حرف منه ، إن اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون
    { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) }[ البقرة ] .
    التذكير لمثله لا ينفع حتى بتقوى الله أو بغيرها، لا تزيده إلا عتوا وعزّة وكبرياء ، أمّا من خالط الإيمان بشاشة قلبه فإن مثل هذا يزداد إيمان على إيمانه

    { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) }[ مريم ].
    {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر:31].
    ومثل هذا صاحب الإيمان واللجوء إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ يُعتبر أوابا ، والله يقول {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا } [الإسراء :25].
    وإنما هذا حال أعني (الراجعين القهقرى) ، حال من يماسك بدنيا أو بثناء أو برياسة أو بجانب أو بأخر فإذا خلي عنه ذلك الجانب تفلَّت عن الدين ، إمَّا بترغيب يُماسك وإمّا بترهيب، فإذا لم يجد ما كان عليه من قبل تَفلّت ، وغالب الذين ارتدُّوا على أدبارهم في القرن الأول هم من الذين وصفهم الله بما تقدم ذكره من المؤلفة قلوبهم ، فلمَّا لم يحصل لهم تألف كما كان هو المقصود رجعوا القهقرى ، بل حاربوا الإسلام أبى الله إلا أن يهزمهم وإلا فحاربوا الإسلام ، المرتدون قاموا بحرب ضروس على الإسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى الله إلا كبتهم ، وإلا فقد أرادوا كبت الإسلام في عقر داره ،
    ثم إن الفتنة إذا أرخت أجناحها ، وضربت في أطنابها في مكان لا تكاد تقتصر على المفتونين بل تتعدى وتتجاوز وتطمح إلى الصالحين فلربمَّا أصيبوا بمعرتها بشيء من ذلك لقول الله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال :25] .
    فهي ليست مقتصرة على الظالمين وإن كانوا هم أهلها، ولكن قد تصل إلى أناس صالحين فيفتنون بالظالمين
    { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}[ التوبة :47] .
    وقال الله {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ــ بسبب تقليب الأمور يحصل فتنة على الصالحين ــوَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ }[ التوبة :48].
    {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب:13]. {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب :12].
    لهذه الأمور يحصل للصالحين بعض الشبه فيتأثرون بها، ولم يسلم من حادثة الإفك بعض الصالحين وقد عُلم من تولّى كبره {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور :11].
    ومع ذلك تأثَّر بعض الصالحين بمن تولّى كبره وبجنوده، هذا نمودج أن الفتنة لا تصيب الظالمين خاصة وإنما لها أضرار جانبية وأمامية وخلفية ، حتى بعدها أيضا لها أضرار بعدها، وقد علمتم ما حصل من الفتنة في مقتل عثمان ولا تزال الفتنة بعد مقتل عثمان إلى الآن وإلى ما شاء الله ، خرجت أمم من الضلال ؛ انشقت الرافضة انشقت الناصبة بسبب هذه الفتنة ،
    فالفتن لها أثار حالية أي في حال حصولها وخلفية أي بعدها وعواقبها ، وهكذا جانبية هناك فتن جانبية عن ذات اليمين وذات الشمال فلا تكاد التخلص منها إلا بشق الأنفس ، كبرت الفتنة أو صغرت حتى فتنة ابن صياد كم لها من فتنة حصلت على الصحابة وكم لها من خلاف بين أوساط الصحابة من أجل الوَرِع غلمان من الغلمان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتابعه ويفضحه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك بقيت معرتها حتى كان يختلف الصحابة من أجله منهم من يقول دجال ومنهم من يقول ليس بدجال، الدجال ما يدخل مكة والمدينة، وهكذا ورِع من الورعان ،

    ثمّ إن المُوفِّق يتجنب الفتن ومن لطمته الفتة يُخشى عليه أن يُصدى عن الحوض ، هذه مناسبة ذكر الإمام البخاري وتصدير الإمام البخاري لهذه الأحاديث في الحوض في كتاب الفتن ، أن الفتنة هي الصارفة للمؤمنين عن ورود الحوض ، وكل من صُرف عن الحوض وصُدّ عن الحوض بسبب الفتنة من المسلمين جميعا ، بسبب البدع والمحدثات والشركيات وغير ذلك ، بسبب الإحداث في الدين " لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ " بسبب التغيير
    { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }[الأنفال :53] .
    غيّروا ما بأنفسهم ، بسبب الحور بعد الكور، بسبب نقض الغزل أنكاتا ، بسبب مجالسة المفتونين ، يصدُّ عن الحوض ، هذه أسباب الصد بسبب تناسي الخير والهدى ، بسبب تحقير ما عظم الله من السنة والعلم والدين ثم يذوق مررة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم زمانه أو تأخر سواء كان في القرون الأول أو القرون الأخر ، كل من غيّر وبدّل فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مسحوق مدعو عليه بالسحق وبالإبعاد فماذا يُنتظر من إنسان غيَّر في دين الله إلا أن يسحقه الله وهذا والله بشرى أن من غيّر في دين الله أنه مسحوق ن وأنه مُبعد وأنه لا ضَفر له ولا فائدة معه ولا ربح معه ، وأنت لو تأملت مثل هذا الحديث ترى أن البدع تقوم بشدة ثم تسحق سحقا سحقا، تقوم بشدة ثم تُبعد ، بشدة تجعل الحليم حيران وبشدة تجعل المؤمن يتخوف يقول هذه مهلكتي هذه هذه ، ولا تدري وقد انزحت قليلا، قليلا ،قليلا حتى ذبت كما يذاب الملح في الماء ، وإن بقي لها أثار بقيت صولة أهل الحق عليها ،حتى وإن بقي لها ذكر تفضلوا وفقكم الله . اهـ

    للإستماع والتحميل من هنا

    فرغه أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي غفر الله له ولوالديه



  • #2
    تفريغ الدرس الثاني من كتاب الفتن من صحيح البخاري للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

    تفريغ الدرس الثاني من كتاب الفتن من صحيح البخاري

    للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

    التفريغ:
    بسم الله الرحمن الرحيم


    قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ : ــــــــ"بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا" ــــــــ مناسبة هذا الباب في هذا الموضع كتاب الفتن أن الفتن مما تُستنكر شرعا، وأن ما يُستنكر شرعًا يَجلب الفتن ، الفتن مُستنكَرة وما استنكِر شرعًا هو الفتنة بعينه لقول الله ـ عز وجل ـ{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور :63]


    فكلّ المنكرات والمخالفات عُرضة للفتنة وللعذاب الأليم ـــــــــــ"وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ"ـــــ قال الحافظ ـ رحمه الله: ـــــ"هُوَ طَرَف مِنْ حَدِيث وَصَلَهُ الْمُصَنِّف فِي غَزْوَة حُنَيْنٍ مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِ " إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَة ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ " وَتَقَدَّمَ شَرْحه هُنَاكَ ."ـــــ وهذا دليل على أن الصبر من أشد ما تدفع به الفتن ، عند حصول الأثرة عليك إذا صبرت جنَّبتَ نفسك الفتن ، لا تظن أن ذلك الصبر يضعك بل ذاك فرج من الله ـ عز وجل ـ لك ، يقول الله ـ عز وجل ـ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر :10]، ويقول {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[الشورى :43].
    ويقول {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}[البقرة ].
    ــــ" قال حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ "ــــ مسدد هو ابن مُسَرْهَدِ، ويحي هو ابن سعيد القطان، هذه طبقته وقد صُرِّح بهم في نسخة أخرى ، ــــ" قال حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ"ـــ هو سليمان بن مهران أبو محمد الكوفي ـــ" قال حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ "ــ يعني ابن مسعود أبا عبد الرحمن ــ " قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ".
    ـــ"قال حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا قال عَبْدُ الْوَارِثِ ابن عبد الصمد عَنْ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ" ـــ في هذه الطبقة هوأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ عِمْرَانُ بنُ مِلْحَانَ ـــ "عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ" ـــ وهو عبد الله بن عباس الملَّقب بالحبر والملقب بالبحر قال ابن مسعود رضي الله عنه كما ثبت عنه ذلك في مواضع ونقله شيخ الإسلام في مقدمة أصول التفسير :نعم ترجمان القرآن ابن عباس ، قال شيخ الإسلام : "ولقد عاش ابن عباس بعد ابن مسعود ستة وثلاثين سنة فما تظن تحصَّل عليه بعد ذلك" ،أي أنه تحصّل على علم كثير بعد أن مات ابن مسعود وبعد أن ترجم له بهذا الترجمة وأثنى عليه بهذا الثناء، لا شك ستة وثلاثين سنة عمر من وفقه الله ربما أثرى للمسلمين خيرا كثيرا، وربا إمام بلغ ذروة الإمامة وصارت إمامته متفقا عليها مات في غضون هذه المرحلة إمّا الثلاثين وإلى الأربعين عدد من هؤلاء من الصحابة ثم بعد من بعدهم وقد جمع بعض الباحثين رسالة فيمن بلغ رتبة الإمامة وهو في الأربعين فما دون ــــ"عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"ـــ .
    هذا الباب معقود في أمر مهم من أمور تجنب الفتن وهو أن كثيرا من الفتن تنتج عن طريق الخروج على الولاة وعدم الصبر على ما قد يحصل من ظلمهم ، عَدِّد من هذه الفتن ولا حرج؛ ذروة ذلك الخوارج ، والمعتزلة والروافض ، وكل من ابتدع في دين الله افتتن في جانب الوالي هذا أثر ثابت عن عدد من الأئمة بما فيهم أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ ـ رحمه الله ـ يقول:" ما ابتدع أحد بدعة إلا استحل السيف "[1]،
    وإنمّا سلَّم الله ـ عز وجل أصحاب العقيدة السليمة والفطر المستقيمة ممن تربوا على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى طريقة أصحابه ومن يليهم من السلف الصالح رضوان الله عليهم فسلموا من استحلال السيف ومن التعرض لهذه الفتنة وما فات العبد في هذه الدنيا مما له عن طريق الوالي أو عن طريق غيره سيتداركه يوم القيامة ـ إن شاء الله ـ يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }[ غافر:17]. ويقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ مبينا أنه يأخذ حقه ممن ظلمه:" يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا " [2]الحديث إلى آخره ، وفي حديث القصاص :"أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ "[3]
    لا ينبغي لأحد أن يدخل الجنة وأحد يطلبه بمظلمة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :"لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ "[4].
    ويقول صلى الله عليه وسلم :"من كانت له مظلمة من أخيه فليتحلل منها اليوم قبل أن لايكون درهم ولا دينار أي إنما الحسنات والسيئات ".
    وفي حديث أبي هريرة عند مسلم " اتدرون من المفلس قالوا يارسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولامتاع قال إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام ــ وعدّد من أنواع الخير ــ ثم قال يأتي وقد لطم هذا وشتم هذا وسفك دم هذا وأخذ مال هذا ويؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته فان فنيت حسناته أخذ من سيئاته طرحت عليه "
    هذا يسليك أيها المسلم على أنه ولله الحمد من تجافى عن الفتن وسلك سبل السلامة سلّمه الله ،
    يقول الله ـ عز وجل ـ :{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}[الطلاق].
    وعلى كل نحن نرى ونلاحظ أنه حَصل في هذا الجانب تمادي وحَصل فيه اندفاع أكثر ، يحصل على المسلمين بعض الظلم من المسلمين من أمراء المسلمين الظلمة العصاة فيُقابَلون بما هو أنكر ، وإنما التغيير بذلك النصح والصبر وبيان المنكر للناس ليحذره الناس فالمعاصي ليست مفروضة علينا ولا من ديننا ،
    ولكن القبح في الخروج على ولاة الأمور والفتنة وإراقة الدماء وزعزعة الأمن، وترميل النساء، وتيتيم الأطفال ،وإهدار المزارع والأسواق ، وتضيع الأوقات وتضيع الأعمار كل ذلك لا يصدر عن رشيد ،
    والواجب التعاون على البر والتقوى والتناصح والتواصي بالحق والصبر وبيان المنكر للناس ليحذره الناس سواء صدر عن الوالي أو عن غيره
    " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ" رواه مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    هذا باب مهم ليعلم الشخص أنَّ كثير من الفتن تصدر من هذا الباب وها نحن الآن نعايش ما ترون لا سيما في هذا البلد وغير هذا البلد من أثار هذه الفتنة وهذه البدعة التي تصدر عن الخروج عن الولاة العصاة الذين يحصل منهم ما قد حصل من أنظارهم ممن قبل أو أزيد
    ولكن ليس هذه الحلول ، ولا هذه ما ينتفع بها المسلمون ، ولا هذا مما يسلم به المسلمون ، وإنمّا على المسلم أن يتجنب الفتن فهو سعيد
    "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا " [5] أي فوعجبًا له،
    بعض الناس إذا غل عليهم الغال أو الدقيق أو ما إلى ذلك أخذوا أسلحتهم بالشوارع يُقاتِلون ويخرجون وهذا خطأ وهذه مخالفة وهذا بعد عن الأدلة تفضلوا وفقكم الله . اهــ *

    *الكلام الذي في الهوامش للفائدة مأخوذ من المكتبة الشاملة وليس من كلام الشيخ ـ حفظه الله ـ
    ----------
    [1] الشريعة للآجري.
    [2] أخرجه مسلم من حديث أبي ذر.
    [3] أخرجه البخاري وأحمد من حديث عبد الله بن أنيس.
    [4] أحرجه مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة.
    [5] سنن أبي داود من حديث المقداد بن الأسود.


    لتحميل الدرس أو للإستماع
    من هنا

    منقول من موقع الحامي.

    تعليق


    • #3
      تفريغ الدرس الثالث من كتاب الفتن من صحيح البخاري للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

      تفريغ الدرس الثالث من كتاب الفتن من صحيح البخاري

      للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ


      التفريغ:
      بسم الله الرحمن الرحيم

      قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ :

      ـــــــ "حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ " ــــــــ محمد بن الفضل الملقب بعارضي ـــــــ قال حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ " ــــــــ هو ابن درهم ــــ " عَنْ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ قال حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ "ـــ هو عِمْرَانُ بنُ مِلْحَانَ ـــــــ " قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا"ــــــــ أي عنه وعن أبيه كلهما صحابي ــــــــ"عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" ـــــــ قال الحافظ ــ رحمه الله ـ : قَوْله ( مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى " فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّة "ـــــــ ذكر الرواية التي قُرأت بالأمس والرواية التي قُرأت اليوم ـــــــ"

      وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " فَمِيتَته مِيتَة " جَاهِلِيَّة " وَعِنْدَهُ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر رَفَعَهُ " مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَة لَقِيَ اللَّه وَلَا حُجَّة لَهُ" ـــــــــــــــ من طاعة ولي الأمر بعد طاعة الله التي هي من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وفي المعروف ــــــــــــــــ" وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقه بَيْعَة مَاتَ مِيتَة جَاهِلِيَّة "ــــــــــــــــ هذا إذا طُلب منه فأبى خروجًا على ولي الأمر ، إذا طُلبت منه البيعة فأبى وخَرج على ولي الأمر ـــــــــــــ " قَالَ الْكَرْمَانِيُّ "ـــــــــــــــــ أي بشرح هذا الصحيح ـــــــــــــ :" الِاسْتِثْنَاء هُنَا بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ أَيْ مَا فَارَقَ الْجَمَاعَة أَحَد إِلَّا جَرَى لَهُ كَذَا ، أَوْ حُذِفَتْ " مَا " فَهِيَ مُقَدَّرَة ، أَوْ " إِلَّا " زَائِدَة أَوْ عَاطِفَة عَلَى رَأْي الْكُوفِيِّينَ ، وَالْمُرَاد بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّة وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيم حَالَة الْمَوْت كَمَوْتِ أَهْل الْجَاهِلِيَّة عَلَى ضَلَال وَلَيْسَ لَهُ إِمَام مُطَاع ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ "ــــــــــــــــ ما كانوا يعرفون الأئمة المطاعين كلٌّ على طريقته عندهم أعراف وأسلاف يمشون عليها بدون ضابط شرعي ـــــــــــــــــ" وَلَيْسَ لَهُ إِمَام مُطَاع ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ يَمُوت كَافِرًا بَلْ يَمُوت عَاصِيًا ،ــــــــــــــــــ " أي مِيتَتُه مِيتَة جاهلية لا على أنه خرج بهذا الفعل من الإسلام ولكنه عاص من عصاة المسلمين ـــــــــــــــــــ" وَيُحْتَمِل أَنْ يَكُون التَّشْبِيه عَلَى ظَاهِره وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوت مِثْل مَوْت الْجَاهِلِيّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِد الزَّجْر وَالتَّنْفِير وَظَاهِره غَيْر مُرَاد ، وَيُؤَيِّد أَنَّ الْمُرَاد بِالْجَاهِلِيَّةِ التَّشْبِيه قَوْله فِي الْحَدِيث الْآخَر " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَة شِبْرًا فَكَأَنَّمَا خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَام مِنْ عُنُقِهِ "ــــــــ الحديث الحارث الأشعري ـــــــــ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان وَمُصَحَّحًا مِنْ حَدِيث الْحَارِث بْن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ فِي أَثْنَاء حَدِيث طَوِيل"ـــــــــــــــــــ اعتنى بإخراجه ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الوابل الصيب عناية فائقة ، يعني شرحه بعض الطلاب في جزء مستقل وأضاف إلى ما قاله ابن القيم بعض الإضافات قال ــــــــــــــــــ "وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَفِي سَنَده خُلَيْد بْن دَعْلَج وَفِيهِ مَقَال ، وَقَالَ " مِنْ رَأْسِهِ " بَدَلَ " عُنُقِهِ " ـــــــــــــــــــ خلع ربقة الإسلام من رأسه وفي الحديث الصحيح من عنقه لأن الربقة تكون في العنق ـــــــــــــــــ" قَالَ اِبْن بَطَّال : فِي الْحَـــدِيث حُـــجَّة فِي تَــرْك الْخُـــرُوج عَلَى السُّــلْطَان وَلَوْ جَــارَ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاء عَلَى وُجُوب طَاعَة السُّلْطَان الْمُتَغَلِّب وَالْجِهَاد مَعَهُ وَأَنَّ طَاعَته خَيْر مِنْ الْخُرُوج عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْن الدِّمَاء وَتَسْكِين الدَّهْمَاء ،"ــــــــــــــــ دهماء الناس يعيشون في أمن وأمان ــــــــــــــــ" وَحُجَّتهمْ هَذَا الْخَبَر وَغَيْره مِمَّا يُسَاعِدهُ ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْ السُّلْطَان الْكُفْر الصَّرِيح فَلَا تَجُوز طَاعَته فِي ذَلِكَ بَلْ تَجِب مُجَاهَدَته لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْحَدِيث الَّذِي بَعْدَهُ .
      "ـــــــــــــــــــــــــ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَاـــــــ وكان في تغيير ذلك السلطان إبدال بما هو أصلح منه حالا حتى لا تُراق دِماء المسلمين ثم إذا أُبدل يكون مثله أو أشر فهذا مما لا فائدة فيه، فإذا علم كُفر الولي الكفر البواح منه الصُراح الذي لا التباس فيه فبعد ذلك نظرات إلى مصالح أخر مما يتعلق بما ذكرنا وهو قَيْدٌ معتبر عند أهل العلم أعني
      أنه ليس فقط نعم خروجه الخروج عليه بعد الخروج عليه بعد معرفة كفره المعرفة الصحيحة مشروع كما تقدم ومنهم من يُجِبه مع القدرة كما ترى، ويكون واجبا بالقيود التي فيها الحفاظ على المسلمين ، ولا يكون دماءهم تُراق في غير ما مصلحة تعود عليهم ويعود الحال على ما كان عليه و أشر ، ويتأتى ذلك بمعرفة قوة شوكة الحق وأن لا يكون العلم مسألة تخمينية ، وأن لا يكون الخروج عبارة مهاترات لا طائل تحتها وإنَّما تُراق دماء المسلمين وهو لا يزال على كرسيه ، إما أنه أُزل وأبدل بمن هو مثله أو هو أشر ، أو هو ما يزال على كرسيه ويُسم المسلمين سوء العذاب، هذا قيد يؤخذ من عمومات أدلة ومن قاعدة " درء المفاسد أولى من جلب المصالح " وما تنطوي عليه هذه القاعدة المهمة


      ومن أزال منكر بأ نكر ** كغاسل الحيض ببول أغبر



      فتغير المنكر بأ نكر لا يجوز، وتغيير المنكر بمثله كذلك لا يجوز ،والتخفيف من المنكر أمر مطلوب وإزالته واجب ، فإذا تُوقِّع التخفيف من المنكر أو إزالته صار واجبا أما على التخمينات كما هو حاصل من الثورات والانقلابات التي تكون في بلاد المسلمين فما جنى المسلمون من وراء ذلك إلا الويلات والنكد كما أبانه المعلمي ـ رحمه الله ـ في "التنكيل" ، ولعلكم قرأتهم ما حصل من ابن الأشعث وفتنته على الدولة الأموية وأن من اغتر بفتنته من العلماء عليهم ـ رحمة الله ـ فريقا قُتل وفريقا شُرد وصار مستخفيا حتى مات علّق ابن كثير ـ رحمه الله ـ على تلك الحادثة في [البداية والنهاية ] بأن هذا بسبـــب ذنــــب الخــــروج على ولـــي أمـــر المـــسلم ، بسبب مزلة حصلت من أولئك العلماء وبسبب هذه الزلّة تسلّط عليهم الحجَّاج ومنهم من قتله ومنهم من مات مستخفيًا من القتل ومنهم من بقي مستخفيا حتى مات الحجَّاج وخرج ، فالحاصل أن المخالفات الشرعية أعبائها تعود على أصحابها سواء كانوا علماء أو غير علماء يقول الله:
      ـ عز وجل ـ { وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:164] ،

      وأيضا قد تتعدى وتتجاوز إلى دهماء الناس اعتمادا على حديث زينب رضي الله عنها المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم "قيل له يا سول الله أنهلك وفينا الصالحين قال نعم إذا كَثر الخَبث " ، وعلى حديث " يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ قَالوا
      يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ قَالَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ

      " 1.
      {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)}[الأعراف].
      قال ــ رحمه الله ـــــــــــــــــ" حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ " ـــ يعني اِبْن أَبِي أُوَيْسٍ فيه ضعف انتقى الإمام البخاري بل ومسلم انتقيا من حديثه ما عُلم أنه يصلح للاحتجاج على شرطهما قال ـــــــ"حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ "ــــــــ ذكر الحافظ ذكرهم وترجمة لهم عبد الوارث هو ابن سعيد . ... عبد الصمد هو ابن سعيد (عمرو) هو ابن الحارث ، ( بُكَيْرٍ )
      هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن الْأَشَجّ بْنِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ـــــــ" عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه
      وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــ هذا وهو مريض ويطلب منه التحديث والإفادة وكثيرا ما ترى عند عيادتهم لبعض أهل الحديث من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أومن بعدهم ، يعودوا أهل الحديث ويطلب منه التحديث والإفادة وهو أيضا ينطلق في ذلك وإن مريضا فيُحدِّث من عاده ، هذا شأن مزوراتهم ولقاءاتهم ومجلساتهم في العلم والدين والانتفاع بما يصلح يوم القيامة ويفيد من طاعة الله وذكره ـــــــ" قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا "ـــــــ وفي بعض الحالات بايعهم على الموت ؛ بايعهم تحت الشجرة يوم الحديبية بعث عثمان بن عفان يخبر قريشا أنه ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وما جاءوا لقتالهم إنما جاءوا معتمرين فأبطأ عثمان رضي الله عنه وجاء خبر إلى النبي صلى الله عليه سلم أن قريشا قتلوه فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وبايعهم على الموت وتلك بيعة الرضوان تعتبر قال ـــــــ " وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا "ـــــــــ بايعوه على الطاعة قال في منشطنا ومكرهنا ويسرنا وعسرنا ـــــــ" وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ "ــــــــ منازعة الأمر أهله متعبة ، متعبة وقل فيها أيضا مهلكة فإن لم تكن مهلكة في الدنيا فيخشى من هلكة صاحبها بذنبه يوم القيامة لأنها معصية والمعصية ضرر على أصحابها {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }[الأحزاب:36] ــــــــ" إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ" ــــــــ وهذا الذي يحكم به هو البرهان من قال قولا أو فعل فعلا بلا برهان ما كان لقوله ولا لفعله مستند ولا حجة عند الله ـ عز وجل ـ في ما يطبقه على نفسه وعلى العباد فلابد في الأقول والأفعال من أن تستند على البراهين يقول الله ـ عز وجل ــ: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا }[النساء:174]

      فالبرهان هو النور ، كتاب الله برهان ونور سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم برهان ونور " تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ " ـــــــــ " قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ
      أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي "ـــــــ أي على عمل من أعماله إمَّا جباية الصدقة أو غيرها ـــــــ" قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي "ـــــــ أي على الحوض كما جاء فيما مضى من الرواية وفي غيرها هذه تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم تربية على طاعة الله وعلى الصبر وحتى وإن حصلت أثرة استأثر فلان بشيء عن فلان حمل المستأثر عليه يُصبَّر ويقال له ما نقصك شيء إن شاء الله دين محفوظ وأجرك موفور وحالك مستور ما دام لم يفضح نفسه بالفتن حاله مستور ثم إنها حياة قليلة كما يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ:

      {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا }[النساء 77].

      حياة يقول الله :ـ عز وجل ـ { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }[الحديد:20]،

      فالله وصفها بهذه الأوصاف لعب ولهو ، الناس في هذه الحياة الدنيا يلعبون فيها إلا من سلَّمه الله ـ سبحانه وتعالى ـ وحافظ على سلامة نفسه من الضياع، حافظ على نفسه من الضياع ،وإلا فهم بين مستقل ومستكثر من اللعب رُبَّ إنسان شمطت لحيته وانحنى ظهره وهو لعاب شيخ كبير لعاب ما زال في الدنيا مغرورا مخذوعا غافلا عن الآخرة يلعب ويلهو ومن المغرور في الدنيا ويتباهى ويتفاخر مع الأخرين فلان بنى فلان شرى فلان صنع فلان فعل وقد صار رجله في القبر كما يقال فعلى كل النظر الثاقب هو التأمل في العواقب والتدبر للعواقب هذه ثلاث أحاديث سبقها رابع عن ابن مسعود في هذا الباب باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "

      بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا "

      أي أن المخرج من الفتن بتجنب المنكرات فمن وفقه الله بتجنب المنكرات جُنب الفتن وسيأتي في الباب إن شاء الله في هذا الكتاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي مَنْ تشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ" 2

      وتالله إن من أعظم ما يلجأ به العبد من الفتن بعد اعتماده على الله سبحانه وتعالى في هذه الأزمنة هو تجنبها بالصبر والإقبال على عبادة الله ـ عز وجل ـ وعلى طلب العلم والتفقه في دين الله أبان ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله " الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ
      "

      وفي هذا حث على الإقبال على العبادة حال الفتن والهرج والتباس الأمور ومرجها ولقد رأينا أن من أقبل على عبادة الله بما في ذلك و ذروة ذلك طلب العلم الشرعي أنه ينجو بإذن الله ـ عز وجل ـ من فتن كثيرة متلاطمة ومن أشد ذلك فتنة الشرك وفتنة البدع والخرافات والحزبيات والتفرقات ويسير معتصما بحبل الله {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا }[الأنفال :70] تفضلوا وفقكم الله . اهــ

      ــــــــ
      1:صحيح البخاري من حديث عائشة
      2:البخاري ومسلم من حديث عائشة



      لتحميل الدرس أو للإستماع
      من هنا
      التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 20-11-2012, 02:26 PM.

      تعليق


      • #4
        تفريغ الدرس الرابع من كتاب الفتن من صحيح البخاري للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

        تفريغ الدرس الرابع من كتاب الفتن من صحيح البخاري

        للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

        التفريغ:

        بسم الله الرحمن الرحيم


        قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ


        ــــــــــ "بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ

        حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ "ـــــــــــــ هو أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ المِنْقَرِيُّ ــــــــــــ " قال حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ "ــــ الأُموي ـــــــــــ " قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ "ــــــــــ الصادق المصدوق أي أنه صادق ومَصدُوق ومُصَدَّق من الله ـ عز وجل ـ فيما يقول ــــــــــ " يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً "ـــــ أجرى الله على لسان مروان لعنهم ليكون حُجَّة عليهم وإلاّ فهم من بني أمية أي من نَسْله، قال الحافظ ــــــــ : يَتَعَجَّب مِنْ لَعْن مَرْوَان الْغِلْمَة الْمَذْكُورِينَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِر أَنَّهُمْ مِنْ وَلَده فَكَأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى لِسَانه لِيَكُونَ أَشَدّ فِي الْحُجَّة عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيث فِي لَعْن الْحَكَم وَالِد مَرْوَان وَمَا وَلَدَ أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْره غَالِبهَا فِيهِ مَقَال وَبَعْضهَا جَيِّد "ــ وبعضها مرّ بنا الصحيح المسند للشيخ ـ رحمه الله ـ ــــ وَلَعَلَّ الْمُرَاد تَخْصِيص الْغِلْمَة الْمَذْكُورِينَ بِذَلِكَ ."ــــــــــــ هؤلاء السفهاء الذين أحدثوا الفتن بين المسلمين للتوصل إلى الملك ــــــــــــ "فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً "ـــــــــــ هو نفسه مروان بن الحكم تَرجم له الذهبي فقال قَتل طلحة بن عبيد الله وفعل، وفعل ثم َنَجَا - لاَ نُجِّيَ - له بعض الروايات مقرونة المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ إنما الصحبة للمسور أمّا هو فليست له صُحبة تثبت بل هو من أمراء المسلمين الذين لهم من الذنوب ما لهم ـــــــــــــ" فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ "ــــــــــ ولكن لم يقل لأمورٍ منها أنَّ الصَولة كانت لهم وأنَّ ذلك القول في مثل هذا الحال يُقطع به البلعوم كما قال "عندي جرابان عن ر سول الله صلى الله عليه وسلم بثت أحدهما ولو بثت الأخر لقطع هذا البلعوم"

        أي أن مثل هذه الأدلة الأحاديث لو ذكرها رُبَّما لقتلوه لاسيما لهم الملك ظاهرين في ذلك الزمن ظاهرين في الأرض ،

        الأمر الثاني أن هذا من الأمور التي قد عَلِمها الناس أنهم أناس عندهم ما عندهم، والناس لا يثقون إلا بأهل العلم وأهل الخير والدين والصلاح،

        الأمر الرابع: أنها هناك أدلة قد شاعت وانتشرت بين الناس وفَهِمها الصحابة وسمع كثير منها بعضها فاستغني بذلك فلا نقصى في دين الله ـ عز وجل ـ بذكر بعض الأحاديث جرح بني أمية أو بعض بني أمية أعني ما هم كلُّهم منهم من عَلِمتَ في الصلاح ومنهم معاوية ـ رضي الله عنه ـ صحابي جليل، ولكن نعني هؤلاء الذين شملتهم اللعنة،
        قال ـــــ" فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ "ـــــــ

        الشاهد منها من إيراد مثل هذا الحديث في كتاب الفتن:


        أنَّ فتنًا حَصلت في أزمنة أول عن طريق من ذُكِرُوا وأن التهالك على الملك و الدنيا من أسباب الفتن و من أشدها على العباد ،

        ثبت من حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي زريبة غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الشَّرَفِ وَ الْمَالِ لِدِينِهِ "

        والمقصود بالشرف هو التهالك على الدنيا وعلى ما يسمى عند الناس بالمُلك والرِفعة والمناصِب ، لا على أنَّ الإنسان يُحافظ على صيانة نفسه وعلى دينه فهذا أعظم الشرف ومحمود وليس بمذموم ،

        وإنمّا المذموم الشرف المذكور في الحديث الذي يُؤدي بصاحبه إلى فساد دينه هو: حرصه على المناصب والمطامع بشتى أنواعها من حلال أو حرام مع تنازلات في الدين ،


        وفيه دلالة على أن الأمراء إذا تسلّطوا فسد بأسبابهم أناس كثير؛ أن الأمراء الظّلمة إذا تسلّطوا رُبّما دفعوا بهذا على هذا وهذا على هذا حتى يحصل الضرر،

        وفيه دلالة على جرح من يستحق الجرح وقد جرحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛جرح الخوارج وجرح الكثيرين ، والقرآن مليء بجرح الكفار والمنافقين .

        قال الحافظ ـ رحمه الله ـ :ـــــــــ" وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ يُهْلِكُونَ نَاس بِسَبَبِ طَلَبهمْ الْمُلْك وَالْقِتَال لِأَجْلِهِ فَتَفْسُد أَحْوَال النَّاس وَيَكْثُر الْخَبْط بِتَوَالِي الْفِتَن ، وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْر كَمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا قَوْله " لَوْ أَنَّ النَّاس اِعْتَزَلُوهُمْ " مَحْذُوف الْجَوَاب وَتَقْدِيره : لَكَانَ أَوْلَى بِهِمْ ، وَالْمُرَاد بِاعْتِزَالِهِمْ أَنْ لَا يُدَاخِلُوهُمْ وَلَا يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ وَيَفِرُّوا بِدِينِهِمْ مِنْ الْفِتَن ، وَيُحْتَمِل أَنْ يَكُون " لَوْ " لِلتَّمَنِّي فَلَا يَحْتَاج إِلَى تَقْدِير جَوَاب . وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب هِجْرَان الْبَلْدَة الَّتِي يَقَع فِيهَا إِظْهَار الْمَعْصِيَة فَإِنَّهَا سَبَب وُقُوع الْفِتَن الَّتِي يَنْشَأ عَنْهَا عُمُوم الْهَلَاك قَالَ اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك : تُهْجَر الْأَرْض الَّتِي يُصْنَع فِيهَا الْمُنْكَر جِهَارًا ، وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف . "ــــــــــ أي هاجروا بلدان فيها منكرات وتحولوا إلى غيرها ـــــ" قَوْله ( فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا ) " ـــ إلى آخره ـــ "

        هَذَا يُقَوِّي الِاحْتِمَال الْمَاضِي وَأَنَّ الْمُرَاد أَوْلَاد مَنْ اُسْتُخْلِفَ مِنْهُمْ ، وَأَمَّا تَرَدُّده فِي أَيّهمْ الْمُرَاد بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة فَمِنْ جِهَة كَوْن أَبِي هُرَيْرَة لَمْ يُفْصِح بِأَسْمَائِهِمْ ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمَذْكُورِينَ مِنْ جُمْلَتهمْ ، وَأَنَّ أَوَّلهمْ يَزِيد كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْل أَبِي هُرَيْرَة رَأْس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان فَإِنَّ يَزِيد كَانَ غَالِبًا يَنْتَزِع الشُّيُوخ مِنْ إِمَارَة الْبُلْدَان الْكِبَار وَيُوَلِّيهَا الْأَصَاغِر "ـــــــــ يزيد بن معاوية قال فيه الإمام أحمد لا نحبه ولا نسبه ـــــــــــ"وَيُوَلِّيهَا الْأَصَاغِر مِنْ أَقَارِبه ، وَقَوْله " قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَم " الْقَائِل لَهُ ذَلِكَ أَوْلَاده وَأَتْبَاعه مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ ذَلِكَ ، وَهَذَا مُشْعِر بِأَنَّ هَذَا الْقَوْل صَدَرَ مِنْهُ فِي أَوَاخِر دَوْلَة بَنِي مَرْوَان بِحَيْثُ يُمْكِن عَمْرو بْن يَحْيَى أَنْ يَسْمَع مِنْهُ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن عَسَاكِر أَنَّ سَعِيد بْن عَمْرو هَذَا بَقِيَ إِلَى أَنْ وَفَدَ عَلَى الْوَلِيد بْن يَزِيد بْن عَبْد الْمَلِك "ـــــــ بن مروان ـــــــ "وَذَلِكَ قُبَيْل الثَّلَاثِينَ وَمِائَة ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنَّ بَيْنَ تَحْدِيث عَمْرو بْن يَحْيَى بِذَلِكَ وَسَمَاعه لَهُ مِنْ جَدّه سَبْعِينَ سَنَة ، قَالَ اِبْن بَطَّال : وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا حُجَّة لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرْك الْقِيَام عَلَى السُّلْطَان وَلَوْ جَارَ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَبَا هُرَيْرَة بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ بِالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ مَعَ إِخْبَاره أَنَّ هَلَاك الْأُمَّة عَلَى أَيْدِيهمْ لِكَوْنِ الْخُرُوج أَشَدّ فِي الْهَلَاك وَأَقْرَب إِلَى الِاسْتِئْصَال مِنْ طَاعَتهمْ ، فَاخْتَارَ أَخَفّ الْمَفْسَدَتَيْنِ وَأَيْسَر الْأَمْرَيْنِ ."ـــــــ تفضلوا وفّقكم الله . اهـ


        لتحميل الدرس أو للإستماع

        من هنا


        تعليق


        • #5
          تفريغ الدرس الخامس من كتاب الفتن من صحيح البخاري للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

          تفريغ الدرس الخامس من كتاب الفتن من صحيح البخاري

          للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

          التفريغ:

          بسم الله الرحمن الرحيم


          قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ

          قَوْله ( بَاب قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرّ قَدْ اِقْتَرَبَ )
          قال الحافظ ـ رحمه الله ـ ــــ"
          إِنَّمَا خَصَّ الْعَرَب بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام، وَلِلْإِنْذَارِ بِأَنَّ الْفِتَن إِذَا وَقَعَتْ كَانَ الْهَلَاك أَسْرَع إِلَيْهِمْ."ـــــــــ وذكر فيه حديثين قال ـــــــ" حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ "ـــــ مالك هو أَبُو غَسَّان النَّهْدِيُّ ، ابن عيينة هو سفيان هو الذي يروي عن الزهري ــــــــــ " أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ "ــــــ يعني ما روى عنه الثوري ـــــ " عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ " ــــــ ثلاث صحابيات هذا ذكروه من الطرائف؛أن يجتمع عدد من الصحابة يروي بعضهم عن بعض ، وقد ساق السيوطي ـ رحمه الله ـ في رسالة له بعنوان الفنيد بحلاوة الأسانيد أولذة الأسانيد نحو هذا آخرها، م ن هذه الطرائف كثير منها لا يثبت، الفنيد، والفنيد نوع من الحلوى ـــــــ " عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّهَا قَالَتْ " ــــ هذا حديث زينب بنت جحش ــــ "
          اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ــــ في بعض طُرق هذا الحديث عن كم من الصحابة ؟
          أحد الطلاب : أربعة
          الشيخ : أربعة ، لا لا عن كم من الرجال إلى الصحابة ؟
          الآن هذه أربع صحابيات نعم ،
          أحد الطلاب : ....
          الشيخ : سبعة ، سبعة من البخاري إلى آخر الصحابي؟
          أحد الطلاب :....
          الشيخ : نعم تسعة، انظروا في أي وضع بالإحالات تُقرأ علينا تسعة ،
          نعم
          أحد الطلاب :...
          الشيخ: إحالة الحافظ ــــــ" أَنَّهَا قَالَتْ
          اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وهو يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"ـــ

          حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ " ــــــ أي قَصْر كبير ـــــ " مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي لَأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ "ـــــ قال الحافظ ـ رحمه الله ـ : قَالَ الْحُمَيْدِيُّ : قَالَ سُفْيَان " أَحْفَظ فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ الزُّهْرِيّ أَرْبَع نِسْوَة قَدْ رَأَيْنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجه أُمّ حَبِيبَة وَزَيْنَب بِنْت جَحْش وَثِنْتَيْنِ رَبِيبَتَاهُ زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة وَحَبِيبَة بِنْت أُمّ حَبِيبَة أَبُوهَا عُبَيْد اللَّه بْن جَحْش مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة " . اِنْتَهَى كَلَامه . "ــــــ أيضا ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ يذكر في بلوغ التنقيح مفهوم هذا الأثر طيب هذا هو الحديث في باب الأحكام باب يأجوج ومأجوج برقم (7135).
          قال الإمام البخاري ــــ " حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ "ــــــ ثم تحول السند وقال ــــــ " ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ" ـــــ هو الزهري ـــــ " عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ "ــــــ هؤلاء سبعة، أيْوَ ذكر الحافظ في المجلد الثالث عشر في هذا الموضع الذي نحن فيه تحت حديث (7135) أيْوَ (3346) أه؟ أيْوَ هذه مختلفة بالنسبة التي عندنا (7059) على كل في هذا الباب قال "ـــــ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ "ــــــ إسماعيل ،وأخوه ،وسليمان ، مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، ابْنِ شِهَابٍ، و عروة ، زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أُمِّ حَبِيبَةَ ، زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، تسعة برقم (7135) يعني ماذا في كتاب الفتن باب يأجوج ومأجوج في هذا الباب تسعة من الصحابة ماذا تسعة من الرواة بما فيهم أربع صحابيات قال الحافظ ـ رحمه الله ـ "ــــــ وَهَذَا السَّنَد كُلّه مَدَنِيُّونَ " ــــ هذه طريفة ،الطريفة الثانية : ــــــ " وَهُوَ أَنْزَل مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِدَرَجَتَيْنِ ، وَيُقَال إِنَّهُ أَطْوَل سَنَدًا فِي الْبُخَارِيّ فَإِنَّهُ تُسَاعِيّ "ـــــ سند تُساعي أي تسعة بالصحابي الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم ـــــــ" وَغَفَلَ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ : فِيهِ أَرْبَع نِسْوَة صَحَابِيَّات ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، بَلْ فِيهِ ثَلَاثَة كَمَا قَدَّمْت إِيضَاحه فِي أَوَائِل الْفِتَن "ــــــــ بل الحافظ يقول إنها أربع ، بل الحافظ يُعتبر غَفل في هذ الموضع ، ألسنا قرأنا من فتح الباري قوله ؟! أه، إلا أن يكون نقل واستدرك ، الزَّرْكَشِيُّ له شرح على صحيح البخاري عبارة عن إفادات فوائد يعتني بالمسائل اللغوية كلمات الحديث، ولذا قال ــــــ "كَمَا قَدَّمْت إِيضَاحه فِي أَوَائِل الْفِتَن فِي " بَاب قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْل لِلْعَرَبِ "ــــــ أما في ذاك فقد سمعنا ـــــ " وَذَكَرْت هُنَاكَ الِاخْتِلَاف عَلَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ فِي زِيَادَة حَبِيبَة بِنْت أُمّ حَبِيبَة فِي الْإِسْنَاد ."ــــــ انتهى هذا سند تساعي، في كتاب الفتن باب يأجوج ومأجوج سنده تساعي ولا نعلم تساعي في صحيح البخاري غيره كما ترى، أطول سند في صحيح البخاري هو هذا سند هذا الحديث في كتاب الفتن أخرج البخاري بسند تساعي عن زينب بنت جحش رضي الله عنها ،

          الحديث الأول حديث زينب بنت جحش كان تزوَّجها قبل النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم ذهب إلى الحبشة وتنصَّر هذا هو الصحيح ، هذا هو الصحيح الذي تواترت عليه كتب النقول هو عبيد الله ، ثم فارقته وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم "ـــ أَنَّهَا قَالَتْ
          اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ "ـــــ هذا إنه لما رأى في النوم وغالبا أن من نام وإذا كان في مكان حرث يكون مُحمَّر الوجه قوله ـــــ "
          لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ "ـــــــ فيه التهليل عند حدوث مُذِمّة والتسبيح عند التعجُّب ، عند حدوث مُذمَّة أو تَوقُّع ذلك التهليل ،وإن قال الله المستعان فقد ثبت عن ابن عفَّان حين قيل لأبي موسى إذن له وبشره ببلوى تصيبه قال الله المستعان قوله " ـــــ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ "ــــــ تقدم كلام الحافظ عليه خُصّ العرب لأنهم كما أنهم أول من دخل الإسلام فالإنذار لهم أن يحصل لهم تزحزح قبل غيرهم ، قوله ــــــ" مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ "ـــــ المقصود اقتراب الفتن ومن تلك الفتن خروج يأجوج ومأجوج فإنها فتنة عظيمة ، وفتنة يأجوج ومأجوج تخرج في آخر الزمن تعتبر من الأوائل من علامات الساعة الكبرى ، وقصتهم مذكروة بسعة في حديث النواس بن سمعان في صحيح مسلم وقد ذكره النووي في رياض الصالحين ، [كتاب المنثورات والملح ]، ويأجوج ويأجوج يغدون على ذلك الردم فيرجعون خائبين فإذا أذن الله بنقبه نقبُه فحرجوا للناس يشربون مياههم ويأكلون أشجارهم ومعايشهم ويسفكون الدماء ولا يدان لأحد قتالهم كما في الحديث لا يقدر أحد على قتالهم وهم أمة مفسدة { إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ }[الكهف :94]، أمة من أهل النار منكم واحد ومن يأجوج ومأجوج تسعة وتسعون كما في الحديث في الصحيح يأجوج ومأجوج ، من بني آدم هم من بني آدم أمة مفسدة، فلهذا خروجهم على الناس شر عظيم ، شر مستطير هلكة ، خروجهم هلكة للناس، فإذا خرجوا معناه تلك نذارة بالساعة من علاماتها الكبرى ، وهذا دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعتثه من علامات الساعة ؛ من العلامات الصغرى قال النبي صلى الله عليه وسلم "بعثت أنا والساعة كهاتين " وحلَّق بين الإبهام والتي تليها يريهم الفارق بين الساعة وبعثته كما بين السبابة والوسطى من الطول ، مقدار يسير فهو نبي الساعة نبي الملحمة وهو آخر الأنبياء ،
          مناسبة ذكر حديث زينب في هذا الموضع واضح من حيث خروج يأجوج ومأجوج على فتنة الناس عظيمة ، وهلكة الناس بسبب حصول الخَبث ، فإذا كثر الخَبث في الناس هلكوا ، إذا كثرت الفتن في الناس والخبث والمعاصي وتمالئوا على الباطل كان هذا نذير هلاكهم ــــــ" نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ" ــــــــ نعم حتى إذا وجد الصالحون يهلكون مع الخبثاء ثم يبعثون على نياتهم ، ولا تعرض بين هذا الدليل وبين قول الله ـ عز وجل ـ :{أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}[الأعراف :165] محمول على أن الذين ينهون كانوا كثيرين وأن الخَبث لم يسيطر عليهم جميعا ، ومحمول على أن الله ما أراد هلكة أولئك حتى يجعلهم إلى حين يُمتِّعَهم ،
          الحديث الذي يليه حديث أسامة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالفتن التي ستقع فوقعت كما أخبر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم انهمرت ولا سيما بعد مقتل عثمان فصارت كالقطر تقع في بيوتهم مواقع القطر فتن ؛من قتل وقتال وهكذا فتن مما حصل بعد من ابن صيّاد خاصة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، فتن مما حصل من أهل الردة وأهل النفاق ، الذين ارتدوا على أدبارهم وكان من أعظمها ما حصل من معركة الجمل، ما حصل من معركة صفيين ما حصل من الأمور من خروج الخوارج على الصحابة رضوان الله عليهم من أبناء بعض الصالحين اغتروا بمن جالسوا من الخوارج وصاروا خارجيين وعادوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هنا وفّقكم الله .اهـ



          لتحميل الدرس أو للإستماع :


          تعليق


          • #6
            تفريغ الدرس السادس من كتاب الفتن من صحيح البخاري للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

            تفريغ الدرس السادس من كتاب الفتن من صحيح البخاري

            للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

            التفريغ:

            بسم الله الرحمن الرحيم


            قال الإمام البخاري رحمه الله:


            باب ظهور الفتن
            "حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ قال أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى" ــــــــ هو السَّامِيّ وهو أرجح من الثعلبي ، الثعلبي ضعيف ــــــــــــ" قال حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ
            وَقَالَ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ـــــــــ يعني بطريق أخرى إلى الزهري، غير طريق معمر فهي متابعة ــــــــ "وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" ــــــــــ وهنا قال ــــــــ "عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" ـ والذي جعله عن سعيد المقبري أو عن سعيد الذي يذكر الحافظ أنه سعيد هو ابن المسيب، سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة ، الذين جعلوه عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة أرجح، ومعمر له أوهام وهذا مما لا يضر ، كونه عن حميد عن أبي هريرة أو عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة كلاهما ثقة لا مانع أن يُروى على الوجهين ، يرويه هؤلاء الأعداد؛ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ أربعة وهم يرونه عن الزهري ويجعلونه عن حميد وهذا أصح ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحميد ثقة ، ومعمر يعتبر ثبتا في الزهري ويجعله من حديث سعيد عن أبي هريرة ، الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، وحميد هو ابن عبد الرحمان ثقة كما علمت،
            فعلى القول بأنهم أرجح منه وأنه وَهِم يبقى أن الحديث ثابت صحيح غير معلول بما يُقدح عن حميد عن أبي هريرة، وعلى القول بأنه حَفظ يبقى أن الحديث ثابت صحيح غير معلول أنه عن معمر،
            وعلى القول بأنه كلٌّ روى ما سمع بما هو مُتوثِّق به يبقى أن الحديث ثابت صحيح ما يَقدح فيه علة .
            قال الحافظ ـ رحمه الله ـ : هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة خَالَفُوا مَعْمَرًا فِي قَوْله " عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ سَعِيد " فَجَعَلُوا شَيْخ الزُّهْرِيّ حُمَيّدًا لَا سَعِيدًا ، وَصَنِيع الْبُخَارِيّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ ، فَإِنَّهُ وَصَلَ طَرِيق مَعْمَر هُنَا وَوَصَلَ طَرِيق شُعَيْب فِي كِتَاب الْأَدَب ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَح ، لِأَنَّ الزُّهْرِيّ صَاحِبِ حَدِيث فَيَكُونُ الْحَدِيث عِنْده عَنْ شَيْخَيْنِ ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ اِطِّرَاده فِي كُلّ مَنْ اِخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي شَيْخه إِلَّا أَنْ يَكُونُ مِثْل الزُّهْرِيّ فِي كَثْرَة الْحَدِيث وَالشُّيُوخ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ "ـــــــــــ يعني من حيث الزهري يحفظ، الآن الحمل ليس على الزهري الحمل على معمر هو الذي خالف الأئمة في هذا ، ــــــــــــــ " وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ رِوَايَة يُونُس وَمَنْ تَابَعَهُ أَرْجَح ، وَلَيْسَتْ رِوَايَة مَعْمَر مَدْفُوعَة عَنْ الصِّحَّة لِمَا ذَكَرْته ، فَأَمَّا رِوَايَة يُونُس فَوَصَلَهَا مُسْلِم كَمَا ذَكَرْت مِنْ طَرِيق اِبْنِ وَهْب عَنْهُ وَلَفْظه " وَيُقْبَض الْعِلْم " وَقَدَّمَ " وَتَظْهَر الْفِتَنِ " لولا هيبة صحيح البخاري ربما الحفاظ يقولون هذا مرجوح،
            الصواب حديث يونس ومن تابعه من هذا الطريق مع أن الحديث من أي وجه صحيح، لكن هذا الطريق أصح؛ طريق هؤلاء الأربعة عن الزهري عن حميد.

            ــــــــــــــ" قال حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى وَقَالَا " ــــــــــــــــ مع بن مسعود وأبي موسى،عبد الله بن مسعود وعبد الله بن قيس ــــــــــــــ"وَقَالَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ"
            قال حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ ـ يعني ابن مسعود ـ وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ .
            قال حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ـ يعني طرق إلى هذين الصحابيين طرق ـ قال حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ".
            قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ" ـــــــــــ نعم سبق مرفوع وأخّر هذه الرواية التي فيها تردد ليبين أن الروايات التي فيها الجزم أصح منها ــــــــــــ " قَالَ
            بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ يَزُولُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ
            قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ تَعْلَمُ الْأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْهَرْجِ نَحْوَهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ" ـــــــــــــــ علّقه وهو موصول في خارج الصحيح .
            من سيجيب على هذا السؤال عندك، عندك يا عماد
            كم قرأنا الآن في هذا الباب وسردنا كثيرا ؟....
            الشيخ : حديث واحد من طرق، وأنت؟
            أحد الطلاب :.....
            الشيخ : كم قرأنا الآن ؟
            أحد الطلبة :.....
            الشيخ :أه ثلاث أحاديث
            الشيخ : وأنت؟
            أحد الطلبة :.....
            الشيخ : حديثين ،
            الطالب:...
            الشيخ: أربعة كيف هذا ؟ حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى وحديث ابن مسعود ومن ؟ أبي موسى أمّا أبي فما هو موجود هنا ما هو مذكور، حديث أبي موسى وحديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة وين الرابع ؟ أيها؟
            الآن قلت أربعة أصبت باس نريد سميها لنا
            الطالب: ...
            الشيخ : طيب هذه ثلاثة هذه وأين الرابع ؟ أنت أخوه؟ عندك
            الطالب :...
            الشيخ : هو حديث واحد هذا المعلق؛ "و قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ". "وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ" تتمة هذا الحديث .

            في فتح الباري في باب يأجوج ومأجوج كتاب الفتن :

            " وَعَقَدَ سُفْيَان تِسْعِينَ أَوْ مِائَة " وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بْن كَثِير عَنْ الزُّهْرِيّ عِنْد أَبِي عَوَانَة وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِثْل هَذِهِ " وَعَقَدَ تِسْعِينَ " وَلَمْ يُعَيِّن الَّذِي عَقَدَ أَيْضًا ، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ عَمْرو النَّاقِد عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ " وَعَقَدَ سُفْيَان عَشَرَة " وَلِابْنِ حِبَّان مِنْ طَرِيق شُرَيْحِ بْن يُونُس عَنْ سُفْيَان " وَحَلَّقَ بِيَدِهِ عَشَرَة " وَلَمْ يُعَيِّن أَنَّ الَّذِي حَلَّقَ هُوَ سُفْيَان ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ بِدُونِ ذِكْر الْعَقْد

            قَالَ عِيَاض وَغَيْره : هَذِهِ الرِّوَايَات مُتَّفِقَة إِلَّا قَوْله عَشَرَة . قُلْت : وَكَذَا الشَّكّ فِي الْمِائَة لِأَنَّ صِفَاتهَا عِنْد أَهْل الْمَعْرِفَة بِعَقْدِ الْحِسَاب مُخْتَلِفَة وَإِنْ اِتَّفَقَتْ فِي أَنَّهَا تُشْبِه الْحَلْقَة ، فَعَقْد الْعَشَرَة أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى فِي بَاطِن طَيّ عُقْدَة الْإِبْهَام الْعُلْيَا وَعَقْد التِّسْعِينَ أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى فِي أَصْلهَا وَيَضُمّهَا" ـــــــــــ عقد الإبهام العليا سيصير هكذا ، ـــــــــــــ "عَقْد الْعَشَرَة أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى فِي بَاطِن طَيّ عُقْدَة الْإِبْهَام الْعُلْيَا "ـــــــــــــ هكذا سيصير هذه الإبهام وهذه السبابة سيصير هكذا وعلى العقدة ــــــــــــــ ،" وَعَقْد التِّسْعِينَ أَنْ يُجْعَل طَرَف السَّبَّابَة الْيُمْنَى " ـــــــــــــ وهذه السبابة ـــــــــــــ " فِي أَصْلهَا وَيَضُمّهَا ضَمًّا مُحْكَمًا" ــــــــــ هذا هو أصلها طرف السبابة اليمنى في أصل الإبهام معناه أنه أضيق ، طي صفحة يأجوج ومأجوج في عقد العشرة أوسع في عقد التسعين أضيق ، فتصير على هيأة التسعين هذي التسعين ولا ما هي التسعين على هذا ، أو تكون تسعين بالنسبة للأصابع الزائدة ــــــــــــ "بِحَيْثُ تَنْطَوِي عُقْدَتَاهَا حَتَّى تَصِير مِثْل الْحَيَّة الْمُطَوِّقَة .
            وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ صُورَته أَنْ يَجْعَل السَّبَّابَة فِي وَسَط الْإِبْهَام" ـــــــ يعني ما يصير في أصلها وإنما في وسطها الفتحة تصير أوسع كلها مازالت تسعين ، هذا الشرح في باب يأجوج ومأجوج الباب الثامن والعشرين من كتاب الفتن .

            كلُّ هذه الأحاديث فيها بيان :

            أنَّ من الفتن الجهل وقلة العمل وظهور الشح وكثرة القتال هذه كلُّها فتن نسأل الله العافية نعوذ بالله من الفتن ،
            وأنَّ هذا من علامات الساعة ، فإذا حَصل تقارب الزمن حَصلت هذه الأمور ونحن الآن في تقارب الزمن لا تدري إلا ويمرُّ الأسبوع والشهر والسنة ، في زمن الذي هو عنده بعض الأعمال مُنشغل بها لا يدري إلا وقد مرَّ ذلك الزمن فالله المستعان .

            تقارب الزمن من علامات الساعة ومن العلامات الصغرى ونقصان العمل ونقصان العلم أيضًا، إن حصل عِلم يقلُّ فيه العمل وإلا فالعلم قليل ، يُرفع فيها العلم ويكون رفعه تدريجيا لا كُليًا ، رفع العلم الكلي يكون في آخر الزمن من علامات الساعة الكبرى ، عند أن لا يكون من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما جاء في حديث عبد الله بن عمر بن العاص"إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا في الصدور ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "

            أهل العلم يقلُّون هذا في زمن ليس فيه طائفة منصورة وأنتم تعلمون أن زوال الطائفة المنصورة لا يكون ذلك إلا عند قيام الساعة، يتقارب الزمن وينقص العلم وينقص العمل، والعلم إن حصل من ينتسب إليه ليس بعلم نافع ؛علم دنيا ،
            علوم ينهمرون فيها بدنياهم كما وصف الله عز وجل الكافرون والمشركين ومن تشبه بهم
            {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[ الروم :7] .
            وعلى هذا العناية، العناية بالعلم النافع مادام العلم النافع علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم منشورا بين الناس مبثوثا في أوساطهم فالناس إلى خير .
            ومن علامات الساعة حصول المشاحّة وقلة المسامحة ،
            ومن علاماتها أيضا كثرة القتال الآن هل تعلمون بلد من البلدان يسلم من الفتن ، ما بلد من بلدان الله إلا وهو يعوج بالفتن ، سواء في بلدان الكافرين أو في بلدان المسلمين ؛ القتل فيهم والتشريد وكلهم يئنون يعني ماذا كلهم ضائقون مما هو حاصل من بعضهم على بعض هذا من علامات الساعة ، والحقيقة أن علامات الساعة الصغرى قد حصل كثير منها جدا، لكن لا يعني أنها حصلت كلها فالقول بأنها حصلت كلها قول فيه خطأ قول خطأ، والروايات مترادفة روايات يرفع فيها العلم وروايات ينزل فيها الجهل يهبط فيها الجهل أي يكون الناس راسخين في الجهل بدلا أن يكون منهم من هو راسخ في العلم يرسخون في الجهل ، فإذا ثبت الجهل رسخوا فيه ، وتغيرت عندهم المفاهيم وتقلبت الحقائق ويصير المعروف منكر والمنكر معروفا ، هؤلاء يصيرون راسخين في الجهل ، وبسب رسوخ الناس في الجهل وبعد الناس عن العلم تحصل فتن كثيرة ،جل الفتن بسبب ذلك، سواء كان القتل أوكان الهرج يعني القتل بمعنى (الهرج )أو ربما ما فسر به في بعض الألفاظ الخصام والقلاقل كل هذا من ثبوت الجهل ،
            من أرد أن يخلِّص نفسه من الفتن بإذن الله ـ عز وجل ـ يُقبل على العلم ويُعرض على الجهل حالا ومقالا، فإذا أقبل على العلم انشغل بما ينفعه حرص عليه ونفع وانتفع ودفع الله عنه شرور كثيرة لأنه في عبادة
            " والعبادة في الهرج كالهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم" .
            أمّا الحديث المعلق " مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ"
            فطريقة الإمام البخاري يبين بهذا المعلق أن في حصول هذه الأمور؛ رفع العلم وثبوت الجهل والقتل والقتال يكون هذا تدريجيا على شرار الناس
            " لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس "
            " لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقون ربكم "
            وأن الشر الحاصل في الأزمنة المتأخرة بسبب ما يحصل من أصحابها من الشرور والله المستعان،
            وما أحوج الناس إلى عزلة عن الفتن بطاعة الله عز وجل ـ وبكثرة ذكره وبالعلم النافع وبما يعنيه
            " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " تفضلوا وفقكم الله اهـ .

            لتحميل الدرس أو للإستماع :


            تعليق


            • #7
              تفريغ الدرس السابع من كتاب الفتن من صحيح البخاري

              تفريغ الدرس السابع
              من كتاب الفتن من صحيح البخاري


              للعلامة يحي بن علي الحجوري ـ حفظه الله تعالى ـ

              التفريغ:



              قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ

              ـــــــــــــــــ" بَاب لَا يَأْتِي زَمَان إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرّ مِنْهُ

              حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ "ـــــ وهو الثوري ـــــ" عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ "ـــــ قال الحافظ : وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث ، وَقَدْ يَلْتَبِس بِهِ رَاوٍ قَرِيب مِنْ طَبَقَته وَهُوَ الزُّبَيْر بْن عَرَبِيّ ،وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى حَدِيث وَاحِد تَقَدَّمَ فِي الْحَجّ " ـــــ يعني الزُّبَيْر بْن عَرَبِيّ ـــــ" مِنْ رِوَايَته عَنْ اِبْن عُمَر وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ هُنَاكَ مِنْ كَلَام التِّرْمِذِيّ ."ـــــ الزبير بن عدي يروي عن أنس هذا الحديث في صحيح البخاري فقط له في صحيح البخاري هذا الحديث فقط ، الزبير بن عربي يروي عن ابن عمر في الحج ؛حدثه حديثا في الحج، فقط في صحيح البخاري ما له إلا ذاك هذا هكذا كلام الحافظ ، قال ـ رحمه الله ـ ـــــ " قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ "ــــــ محمد بن يوسف سفيان الزبير بن عدي عن أنس هذا ماذا يسمى هذا السند ؟ محمد بن يوسف سفيان عن الزبير بن عدي عن أنس ماذا يسمى ؟ أي سند رباعي ــــــ" فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ "ـــــ الحجاج مُؤْذي ابتلى الله به بعض العلماء بسبب بعض الزّلات حصلت منهم وحتى ما سَلِم منه أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الرجل كان في غاية الظلم ـــــ" فَقَالَ اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا والَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

              قال ــــ "حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَزِعًا يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْفِتَنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ" ـــــ كلمة مُدرجة للتفسير ــــ " لِكَيْ يُصَلِّينَ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ"ـــــ

              هذا الباب فيه حديثان حديث أنس وفيه الشكوى من الظلم وأن الشكوى ليست مذمومة على الإطلاق، سواء شكى الإنسان مرضا أو شكى على أخيه ضررا كلُّه ليس بمذموم ومما يدلّ لذلك قول النبي صلى الله عليه سلم لمّا قالت عائشة "ور أساه قال بل أنا ورأساه ما ضرك مَا ضَرَّكِ لَوْ مُتِّ فَغَسَّلْتُكِ فَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ أو قال غَسَّلْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ "
              ولا يزال الناس يشكون ما يحصل لهم على القضاة ، وعلى من يدفع الضرر عنهم ، وليس هذا بخارم لشيء من التوكل ولا لشيء مما يظنه بعض الناس يَخْرُمُه ، وفيه دلالة على أن من شكوت عليه فنصحك بالصبر على الظلم أو الصبر على المرض أو الصبر على الفقر أو غير ذلك أنه قد أَبلَغ لك في النصح
              { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[آل عمران :200]
              {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[الشورى:43]

              {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) }[البقرة].
              فالصبر قُوة
              " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ لكن الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ" أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
              الصبر ضياء كما روى الإمام مسلم "و الصبر ضياء و القرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها "
              وهكذا تتوالى فوائد الصبر وثماره حتى وإن كان فيه مرارة

              والصّبْرُ مثلُ اسمِهِ مرّ مذاقته ** لكنْ عواقبُهُ أحلى من العَسَلِ
              ومن صبر على طاعة الله كان ثمار ذلك الصبر الجنة ، ومن صبر عن معصية الله أيضا كذلك كان ثمار ذلك الصبر الجنة والبعد عن النار ، ومن صبر على أقدار الله استفد إيمانا وقوة وشجاعة وكرَمًا وصَدْعًا بالحق وثقة بالله ـ سبحانه وتعالى ـ واعتمادا عليه ،
              وفي الحقيقة لابد لأي شخصٍ من الصبر سواء كان برًا أو فاجرًا قال الله ـ عز وجل ـ:{ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ }[النساء :104]
              فهُم يتألمّون كما يتألّم غيرهم والتألمُّ يحتاج إلى صبر ، ومن لم يصبر بقَدَر الله ويرضى بذلك يصبر حتى وإن جزع لابد له أن يصبر وما عساه أن يفعل لله الأمر من قبل ومن بعد ،
              ثم أبان أنس رضي الله عنه الحديث أن الأزمِنة لا تزال من حال إلى حال كلما تأخر الزمن يحتاج إلى مزيد من الصبر،
              وعلى هذا فأنت مثلاًً في العام الماضي حصلت لك أمور ربما في العام الآتي تتضاعف إلا أن يلطف الله وأمور أخرى وأمور أخرى كل زمن كل عام ما هو مائة عام ولا عشرة أعوام ، كلُّ سَنة تمضي السنة التي تليها فيها شر أكثر ، لأن الأزمنة كلّما قَرُبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الخير فيها أكثر هذا من حيث الجملة وكلّما بعُدت ازداد الشر فيها أكثر، باستثناء ما يتعلق بزمن المهدي وهكذا أيضا بعض الاستثناءات يذكرها أهل العلم ؛ زمن عيسى في زمن المهدي أيضا ،
              ومناسبة ذكر مثل هذا الحديث في كتاب الفتن هو أن الإنسان يَصبِر على طاعة الله إذا وُجدت وأن الأزمنة لا تخلوا من ذلك كلما تأخر زمن الشخص ازدادت الفتنة عليه فيحتاج إلى مزيدٍ من الصبر على طاعة الله
              " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خبرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " أخرجه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث صهيب .

              الحديث الذي يليه عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا فزعًا يقول سبحان الله يتعجب من الفتن التي نزلت وأطلعه الله عليها ومن الخزائن التي فُتحت ، فُتحت خزائن ونُزلت فتن ، وفعلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم انفتحت الخزائن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والفتوح الكثيرة والأموال الطائلة ومع ذلك حَصلت فتن من حروب بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وما بعد ذلك من حدوث البدع والمنكرات والمحدثات والضلالات والشركيات
              وقوله ــــ"رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ "ــــــ أي رُبَّ كاسية في الدنيا لا أعمال لها تصير عارية في الآخرة،فمن أراد أن يُكسى فليلازم التقوى

              { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }[البقرة :197]
              { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ }[الأعراف :26]

              قال الحافظ ـرحمه الله ـ : " وَهُوَ يُؤَيِّد مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْن مَالِك مِنْ أَنَّ رُبَّ أَكْثَر مَا تَرِد لِلتَّكْثِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ أَكْثَر النَّحْوِيِّينَ إِنَّهَا لِلتَّقْلِيلِ وَأَنَّ مَعْنَى مِمَّا يَصْدُر بِهَا الْمُضِيّ ، وَالصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهَا فِي الْغَالِب التَّكْثِير وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَام سِيبَوَيْهِ "ــــــ والمقصود الآن قوله " عارية في الآخرة " اخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " كَاسِيَة وَعَارِيَة " عَلَى أَوْجُه أَحَدهَا كَاسِيَة فِي الدُّنْيَا بِالثِّيَابِ لِوُجُودِ الْغِنَى عَارِيَة فِي الْآخِرَة مِنْ الثَّوَاب لِعَدَمِ الْعَمَل فِي الدُّنْيَا "ــــ هذا الذي ذكرنا وهو الأكثر الذي عليه ــــ" ثَانِيهَا كَاسِيَة بِالثِّيَابِ لَكِنَّهَا شَفَّافَة لَا تَسْتُر عَوْرَتهَا"ـــــ هذا فيه نظر ــــــ" ثَالِثهَا كَاسِيَة مِنْ نِعَم اللَّه عَارِيَة مِنْ الشُّكْر"ـــــ هو نظير الأول يؤيد الأول مرادفه قريب منه ـــــ " الَّذِي تَظْهَر ثَمَرَته فِي الْآخِرَة بِالثَّوَابِ ، رَابِعهَا كَاسِيَة جَسَدهَا لَكِنَّهَا تَشُدّ خِمَارهَا مِنْ وَرَائِهَا فَيَبْدُو صَدْرهَا فَتَصِير عَارِيَة فَتُعَاقَب فِي الْآخِرَة"ـــــ هذا فيه نظر ـــــ" خَامِسهَا كَاسِيَة مِنْ خِلْعَة التَّزَوُّج بِالرَّجُلِ الصَّالِح عَارِيَة فِي الْآخِرَة مِنْ الْعَمَل فَلَا يَنْفَعهَا صَلَاح زَوْجهَا"ـــــ وهذا أيضا بعيد كل هذه الأقوال لا تعدل القول الأول فأحسن ما في الباب هو القول الأول كاسية في الدنيا لابسة مستورة ولكن لا عمل صالح لها ليس لها عمل صالح تصير عارية من الأعمال الصالحة ومن وهذا تنبيه للمسلمين
              كم قرأنا الآن ؟ عندكم؟
              الطلاب :حديثين
              الشيخ : حديثين ؛حديث أنس بن مالك وحديث أم سلمة وكلّها في الفتن وأن الإقبال على العبادة في الفتن مما يُجنِب الإنسان الفتن ـــ "مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ " ـــ في حال الفتن أقبل على طاعة الله وأعرض عنها تذوب بإذن الله ، وكثير ما تكون الخزائن إذا فُتحت تحصل من وراءها الفتن وتهالك الناس على ذلك والله المستعان " لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ" تفضّلوا وفقكم الله اهـ.

              لتحميل الدرس أو للإستماع

              من هنا

              تعليق

              يعمل...
              X