إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(تفريغ) [من مظاهر ضعف الإيمان في بني الإنسان] للعلامة الوالد يحيى الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (تفريغ) [من مظاهر ضعف الإيمان في بني الإنسان] للعلامة الوالد يحيى الحجوري حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد، أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

    فهذا تفريغ لخطبة
    {من مظاهر ضعف الإيمان في بني الإنسان}


    لفضيلة الشَّيخ العلاَّمة المُحدّث :

    يحيى بن علي الحجوري
    وفقه الله حفظه وسدده



    ويكمنكم تحيمل التفريغ:

    [مـن هـنا]


    وتحميل الخطبة صوتياً :

    [مـن الخزانة العلمية للشبكة]

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو سُليم عبد الله بن علي الحجري; الساعة 08-11-2012, 01:28 PM.

  • #2
    من مظاهر ضعف الإيمان
    في بني الإنسان


    خطبة جمعة:

    للعلامة المحدث الناصح الأمين
    يحيى بن علي الحجوري
    حفظه الله

    فرغها:
    أبو سُليم عبد الله بن علي الحجري الصومالي
    غفر الله له ولوالديه وللمسلمين


    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
    أما بعد
    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
    أيها الناس يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [النساء : 26] أي: يهديكم إلى طرقهم سبل الصالحين من الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، هذا مراد رب العالمين سبحانه وتعالى من عباده، وقد دلّهم على ذلك وبين لهم ويريد الله منهم التوبة لعلمه سبحانه وتعالى أنهم يخطئون بالليل والنهار كما في الحديث القدسي عن أبي ذر عند الإمام مسلم رحمه الله قال الله عز وجل: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني اغفر لكم" فمراد الله عز وجل من عباده أن يتوبوا ويفرح بتوبتهم "لالله أفرح بتوبة عبده من أحدكم وجد راحلته بأرض فلات وقد أضلها" الحديث وهناك من يريد للإنسان الهلك وعدم الرجوع إلى الله عز وجل وعدم أخذ البيان والحجة ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء : 27]فكل مائل مميل كما قال صلى الله عليه وسلم "نساءٌ كاسيات عاريات مائلاة مميلات" كل مائل لا شك أنه مميل بقدر ما عنده من القدرة على اجتهاده في ميل الناس عن الهدى، وكل ضال مضل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يقبض العلم انتزاع من الصدور ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسألوا فأفتو بغير علم فضلوا وأضلوا" هذا يدل على أن من ضل له نصيب من الإضلال الناس بين مستقل ومستكثر وقال الله عز وجل: ﴿قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة : 77] والشاهد من هذه الآية وقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا [النساء : 27] ولم يريد منهم مجرد الميل بل يقصدون إلى أنهم يميلون ميلاً واضحاً كما مال من قبلهم ﴿أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء : 27] علم الله عز وجل أن الإنسان في هذا الحال له أعداء كثير مع محبة المؤمن ومن علم الله خيره للخير إلى أنه له من يريد أن يميله ظاهراً وباطن من الشيطان وما دونه فخفف عنه قال الله سبحانه: ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء : 27 - 28] هذا هو أصل الإنسان سواء كان هذا الضعف أمام النساء كما فسر هذه الآية، وغيره أنه ضعيف الرجل أمام المرأة ضعيف "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" وسائر الشهوات ربما تضعفه الأصل أنه ضعيف ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء : 28] ومما بيّن الله سبحانه من ذلك ضعف خلقه ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً [الروم : 54] فالضعف محفوظ به من طفولته ثم من أوله وآخره من ضعف إلى ضعف وحتى من خلال قوته في شبابه وبدأ كهولته لا يزال الضعف ملازماً له الضعف الإنساني والضعف الجسماني من شتى الوجوه من فقره وضفعه وحاله ومسكنته: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ [فاطر : 15 - 16] فالضعف ملازم للإنسان حتى في حال قواه وهو لا يزال في ذلك الضعيف في سائر شئونه الحمى تتعبه والصداع يرهقه وأمراض أخرى تجعله ضعيفاً ركيكاً مسكيناً مضطراً إلى ربه في سائر شؤونه في سائر أحواله والله قد علم ذلك من عباده قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال : 65] الواحد يقاتل عشرة هكذا أمر الله وشرع في بداية الإسلام أن المؤمن الواحد يجب عليه أن يتصدى لعشرة وقال بعدها : ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ [الأنفال : 65] لأنهم قوم ما عندهم فقه أنت عندكم فقه وإيمان وقوة صبر بسبب ذلك المؤمن له قدرة وتوفيق من الله وإعانة أن يقف أمام عشرة ثم خفف عنهم بعد ذلك قال : ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال : 66] بإذن الله هذا بإذن الله إن أذن ووفق وأعان فبقي الأمر هذا الحال أن المؤمن يلزمه أن يتصدى لإثنين وهذا مع الضعف إلا أن الإيمان له قوة، والإيمان له عزم من عزم الأمور والإيمان يجعل الله عز وجل فيه وفي أهله بركة لهذا بقي الأمر على هذا الحال الواحد يتصدى لقتال الإثنين، وشهاهدنا من هذه الأدلة هو الضعف الإنساني الذي هو في الحقيقة على ما عند الإنسان من الضعف وأنه أصل في معطمه ومشربه وجسمه وظاهره وباطنه مهما كانت شدّته فهو ذلك الضعيف لا يزال إلا أنها هذا الضعف الله سبحانه وتعالى جعله للبشر ليس هو عليهم بذلك الضرر كما في ضعف الإيمان فإنه إذا ضعف إيمان الإنسان دخلته الذنوب والعصيان وتسلط عليه عدوه الشيطان بقدر ضعفه، والناس في الضعف دركات فمنهم من يضعف قليلاً ومنهم من يضعف إيمانه كثيراً ومنهم من يتلاشا إيمانه حتى يزول عنه إيمانه، إنما الشاهد الآن أن الضعف الإيماني هو الذي يجعل الإنسان ينهار ويوهن ويضعف قلبه وتضعف حتى القواه ويكسل ويفتر عن طاعة مولاه، استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك "أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن" كل هذه الأمور من مظاهر ضعف الإيمان الهم والحزن والعجز والكسل والبخل كلها تنخر في الإيمان وتضعفه ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذ منها والشيطان يفرح من الإنسان أن يحزن ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا [المجادلة : 10]، من أجل أن يضعف إيمان ويفرح كذلك أن يوهن ويفرح أيضاً أن يكسل وهكذا كل ذلك مطمع للشيطان ومداخل للشيطان في التسلط على الإنسان، وتأمل قول الله عز وجل: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [آل عمران : 146] أي: جماعات كثير
    ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران : 146] فعقب بعد هذه بقوله ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [آل عمران : 146 - 147] الضعف حاصل إنسان ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران : 140]، ﴿وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا [الأنفال : 66] لكن أثنى الله على هؤلاء أن بعض الأنبياء المذكورين قاتلوا معه ولا يزال إيمان قوي مهما حصل لهم أضرر من أعداء الله وذلك، أدى بهم بفضل الله وتوفيقه إلى أنهم {فَمَا وَهَنُوا }قواهم الإيمانية ممسوكة مضبوطة ما زالت معهم {وَمَا ضَعُفُوا} مازال إيمانهم قوياً ومازال أشداء على أعدائهم لأن الإيمان يجعل الله فيهم العون البركة، {وَمَا اسْتَكَانُوا} أيضاً وأكثر الشكاوي على الناس استكانة {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} فأثنى على إيمانهم الذي أساسه صبرهم على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقداره.
    هذه الآية أصل في بيان ضعف الجسماني وضعف الإيمان، الضعف الجسماني حاصل، ولكن مع القتال والأتعاب والإرهاق به وبأدلة الأخرى وضعف الإيمان يعني منتفياً عنهم بقدر ما عندهم الصبر على طاعة الله.
    أيها الناس لقد كثرت مظاهر ضعف الإيمان، وإنه ينبغي معالجة ذلك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    من مظاهر ضعف الإيمان عدم التحكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
    إن من مظاهره وأُسسه عدم التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ها أنت هؤلاء ترون الناس كيف جنحوا إلى التحاكم إلى أمور لا تمت لهم إيمان بصلة بل هي من أساس ورأس إضعافه إرهاقه وتلاشيه قال الله سبحانه: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [النور : 47] فمن تولى عن شرع الله والتحاكم إلى كتابه وسنة رسوله هذا علامة ضعف الإيمان: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور : 48] هذا وصف آخر لضعف الإيمان الإعراض إذا دُعي إلى التحاكم إلى شرع الله ما يعجبه ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور : 49] فيما إذا كان الحق له يصول ويجول على خصمه وإذا كان الحق عليه لا يعجبه: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [النور : 50] ثم أبان وصف المؤمنين حقاً ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور : 51] هذا هو شأن كامل الإيمان وناقص الإيمان بحسب ما عنده من النقصان، انظر كيف وصف الله عز وجل حال من كان كامل الإيمان كيف كان استسلامه وانقياده ومن كان ضعيف الإيمان كيف كان تملصه وتمرده وتلاعبه بدين الله إن كان الحق معه أبقل إليه وإن كان عليه لا يرضى به هذا ليس وصف المؤمن حقاً قال الله : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب : 36] أي ليس لأي مؤمن ولا أي مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يختار من أمره ما يشاء، بل يلزمه أن يأخذ أمر الله بكل انقياد وتسليم وإلا فإن ضعف الإيمان ملازم له إن لم ينقد للشرع قال الله: {فَلَا وَرَبِّكَ} أقسم الله ذلك قسماً عظيماً : ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء : 65] حتى الحرج ما يجده نعم، وأيضاً مع الإستسلام وراحة النفس وطمئنينة الصدر ورضى البال كله مع ذلك كله مع الله، هواه كله لله عز وجل أما إذا وجد من نفسه خلاف ما ذكر الله في القرآن من مظاهر التمردية والانفعالات حين حكم الله وحكم رسول على ذلك الحكم ومحاولة رده ودفعه والتملص منه هذا من مظاهر ضعف الإيمان: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا [النساء : 60 - 61] مظهر جلي واضح لا مرية فيه أنه ضعف الإيماني وبذرة نفاقية.
    من مظاهر ضعف الإيمان الإرتياب والتشكك وعدم القناعة الكاملة لهذا الدين الحنيف
    والله سبحانه قال في كتابه مبينا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات : 15] فمن مظاهر ضعف الإيمان والإرتيات والتشكك وعدم القناعة الكاملة لهذا الدين الحنيف ويزعم أنه سيحصل منه عليه حيف منه والمسارعة للكافرين كما قال الله سبحانه : ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ [المائدة : 52]
    أيها الناس مظاهر ضعف الإيمان ضاربة بأطنابها بسبب المعاصي والذنوب وكثرة المخالفات وعدم الإنقياد "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله يؤمن قيل : من يارسول الله ؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه" ليس معناه أنه خرج من ملة الإسلام ولكن إيمانه ضعيف، جاره يلتمس منه الخير ويلتمس منه نصرة ويلتمس منه حسن الخلق ويلتمس منه كف الأذى ويلتمس منه العطاء أي في الإحسان وغير ذلك ولكن يقابل ذلك بنقيضه وهي البوائق والقشم والظلم والتماس العثرات والتطلع إلى العورات.

    من أشد مظاهر ضعف الإيمان ما ذكر في حديث أبي ذر رضي الله عنه "يامعشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لا تتبعوا عورات المؤمنين" وفي لفظ "عورات المسلمين" ومن لا تعيروهم فإن من تتبّع عورت مسلم أوشك الله أن يفضحه" أو شك الله تتبّع الله عورته فيفضحه ولو في جوف رحله".
    ها أنتم ترون الآن كل فرقة وكل حزب يتتبّع عورات الأخر بحق وبباطل وظلم وعدوان وتشويه وغير ذلك من المعاصي ومن التكلفات القصد هو اسقاطه وابعاده والتماس أن يكون ذلك الحزب هو المنصور وغيره هو المعثور، هذه ظاهرة حاصلة في الجرائد في المجلات في الأشرطة في الكتب في كذلك الإذاعات في شتى الوسائل على حساب السياسية في ما يسمونه وهي ضعف إيماني ظاهر.

    الخطبة الثانية:
    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.
    اللهمّ صلى على محمد وعلى آله محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهمّ بارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على آله إبراهيم إنك حميد مجيد.
    من مظاهر ضعف الإيمان ضعف الحياء
    أيها الناس ظاهرة جلية مضعفة للإيمان بكل وضوح وبيان ألا وهي ضعف الحياء بين الرجال والنسوان بشتى الوسائل بشتى الأحوال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبداء من الجفاء والجفاء في النار، ووجد رجل يعظ أخاه في الحياء" أي: كأنه يريد أن يكون متكلماً ولا يكون على ذلك الحياء الذي يراه فيه فقال: دعه فإن الحياء من الإيمان" ، وأنتم ترون الآن أحوال الناس في لباسهم رجالاً ونساءاً في أقوالهم في اختلاطهم في أفعالهم بضعف الحياء ربما تجد المرأة لابسة إلى فوق الركبتين وكاشفة للعضدين ولصدر ولرأس وغير ذلك من قحة وسوء حياء وعدم محافظة على الصيانة وعدم محافظة على الدين وتنزل في الإذاعاة وتتكلم في الجوالات وهكذا أيضاً في الشوارع وتتوظف وتتعسكر وتتمدر وتصير محافظة أو تصير في دولة أو أخرى سفيرة أو دارسة في مدرسة الإختلاطية أو راحلة إلى تلك الفيز التي يمنحونه منح الدراسية أو غير ذلك من البلاء هذا عين قلة الحياء الذي هو من أشد مظاهر ضعف الإيمان في بني الإنسان، أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فاحذروا معشر المسلمين ما ترونه من سوء الحياء وضعف الحياء فإن الحياء خير كله فلا يأتي إلا بخير، لا تجد إلا رجل حيي إلا وتتلتمس أرائه الخير لأن الحياء سيجره إلى الخير كما أفاد بذلك رسول الله وهكذا المرأة وسائر الناس.
    الحياء يحمله على حسن الخلق وعلى كف اللسان عن البذاء والسوء وعن الشر الحياء يحمله على صون وجه وماء وجه وعرضه ودينه وخلقه رجالاً ونساءاً وبفقد ذلك فقد الخير وفقد بعض الإيمان إن لم يكن كله.
    من مظاهر ضعف الإيمان ضعف محمبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وهكذا من مظاهر ضعف الإيمان ضعف محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك ترى الدعاوى كثيرة والأفعال والتطبيقات قليلة دعاوى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذو الأهواء ومن ذو الفتن والشهوات والشبهات ولكن الله قد أبان سبيل محبته الصادق: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران : 31] فمن كان صادقاً في حبه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوي الإيمان فعلاً هذا هو سبيله وهذا هو امتحانه وبلواه وهذا هو أيضاً بيان صدقه بدون دعاوى كاذبة فاشلة محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إيمان محبة الأنصار، إيمان محبة المؤمنين، إيمان وضعف ذلك ضعف الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ليس معناه أن حصل له دون ذلك خرج من الإيمان ومرق من الدين ولكن معناه إن ضعف بهذا الجانب وصار لا يحب الخير للمؤمنين لا علماً ولا تعليماً ولا نصحاً ولا توجيهاً ولا بذلاً ولا إحساناً ولا أمراً بالمعروف ولا نهياً بالمنكر هذا يدل على ضعف الإيماني وربما ما يبقى معه مثقال ذرة حبة خرذل، روى المسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من رأى منكر فاليغيره بديه فإن لم يستطع فبلسان فإن لم يستطع فبقلبه فذلك أضعف الإيمان" أضعف الإيمان عندك أنك لو رأيت المنكر أن قلبك لا يقر هذا المنكر بل يبغضه ويبغض فاعله لله سبحانه "الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان" حب الخير وأهله وبغض الشر وأهله فإذا ضعف عندك هذا الجانب عالج إيمانك واعلم أن إيمانك ضعيف، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" فاجعل هواك ومرادك وكل ما أنت تهدف إليه تبع عن الحق والسنة ولما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسله صلى الله عليه وسلم حديث حسن.
    وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" هذه ثلاثة إن توفرت فهي علامة ثبوت إيمانك وإن ضعفت فهي علامة ضعف إيمانك، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحجرات : 15 - 16] الله يعلم قوة الإيمان وثباته وضعف الإيمان وارتيابه.
    من علامة ذلك أيضاً حب الله سبحانه وتعالى وحب دينه: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح : 28] ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة : 65 - 66] كانوا يظهرون الإيمان ومع ذلك طعانون وخازون في دين الله في الله في رسول الله فأبان الله فضائحهم وأخبر على أنهم ليسوا على دين الله الحق بل هذا ضعف الإيماني أيضاً ذلكم الأدلة كثير.
    إفشاء السلام، إذا رأيت من نفسك محبة السلام للعالم كما قال عمار : ثلاث من الإيمان إنفاق من الإقتار وبذل السلام للعالم وانصاف من نفسك" إن توفرت فيك هذه الصفات فهذا علامة إيمان وانختلت ورأيت أنك ضعيف الإنصاف ضعيف العدل ضعيف السلام للمؤمنين ضعيف كذلك أيضاً الإنفاق بقدر ما تستطيع هذا ضعف الإيمان فزن بنفسك بالكتاب وبالسنة على هذه المعاني العظيمة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    من مظاهر ضعف الإيمان عدم اطمئنان ذكر الله
    ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر : 45] هذا علامة ضعف الإيمان عند عدم ذكر الله يبتهج وعند ذكر الله لا يطمئن له وكأنه طير في قفص ولا يستريح له والمؤمن ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد : 28] الزم النصح للمسلمين فإن ذلك من الإيمان دين كله إيماناً وإخلاصاً كل الدين متضمن في النصيحة "الدين النصيحة قلنا : لمن يا رسول الله قال:"لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ابغض في الله الكفار من يهود ونصارى ومنافقين وروافض وغير هؤلاء ممن يستحقون بغض الله، وقد أبغض الله سبحانه وتعالى وقد مقتهم في كتابه وسنة رسوله وهكذا يستحقون بغض من يحب الله ورسوله والدار الآخرة فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.
    والحمد لله رب العالمين
    كان انتهائه
    ۲٠۱۲۱٤۳۳ هـ

    تعليق

    يعمل...
    X