إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(تفريغ) {عدوان الكافرين على الأنبياء والمرسلين} للعلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (تفريغ) {عدوان الكافرين على الأنبياء والمرسلين} للعلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد، أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:


    فهذا تفريغ لخطبة الجمعة:
    بعنوان


    {عدوان الكافرين على الأنبياء والمرسلين}


    لفضيلة الشَّيخ العلاَّمة المُحدّث :

    يحيى بن علي الحجوري
    وفقه الله حفظه وسدده



    ويكمنكم تحيمل التفريغ:

    [مـن هـنا بارك الله فيكم]


    وتحميل الخطبة صوتياً من هنا :

    [مـن هـنا في الخزانة العلمية]

    التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 03-10-2012, 02:30 PM.

  • #2
    خطبة الجمعة : {عدوان الكافرين على الأنبياء والمرسلين}

    خطبة الجمعة : {عدوان الكافرين على الأنبياء والمرسلين}

    للعلامة المحدّث الناصح الأمين:

    أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري - حفظه الله وسدده -



    الخطبة الأولى :

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران :102].

    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء : 1].

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 - 71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهُدى هُدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضَلالة في النار.

    أيها الناس يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :

    {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}[الفتح : 29]
    هذه صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صفات أصحابه في كتاب الله وفي سائر الكُتب.
    وقال الله عز وجل :
    {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب : 40]
    فهو رسول الله إلى سائر المكلفين من الجن والإنس ممن يريد نجاته من عذاب الله " لا يسمع بي يهوديٌ ولا نصرانيٌ ثم لا يُؤمن به إلا كان من أهْل النار" كما قال عليه الصلاة والسلام.
    والله عز وجل يقول:
    {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء : 107]
    فهو رحمة للعالمين وليس رحمةً لشخص بعينه، أو أُمة واحدة بعينها بل لسائر العالمين، لكل من آمن به واتبع هداه قال الله عز وجل :
    {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف : 157]
    فمن آمن به كان من المفلحين ومن كفر به كان من الهالكين.
    رسول الله صلى الله عليه وسلم ختم الله به النبوة وختم الله به الرسالة، كما دل القرآن على ذلك وقال عليه الصلاة والسلام " إنه لا نبيَّ بعدي فأنا خاتم النبيين والمرسلين بي خُتمت الرسالة وخُتمت النبوة"، وهو آخر الأنبياء وأمته آخر الأمم كقول الله سبحانه وتعالى :
    { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }[البقرة : 143]
    فهذا الرسول عليه الصلاة والسلام شهيدٌ على جميع الأمم والأمة شهيدةٌ على الأمم أيضاً:
    {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (*) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}[النساء : 41 - 42]
    يتمَنون أنها تسوى بهم الأرض ويسيرون تراباً، أولئك أنهم كفروا بالله سبحانه وتعالى وعصوه، محمد رسول الله" هكذا وصفه الله عز وجل أنه رسوله، وقد سأل عطاء بن يسار عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : قال كيف تجد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال : أجل إنه لموصوف في التوراة بنحو ما وُصِف به في القرآن "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وحِرزاً للأميّين أنتَ عبْدي ورسُولي، سَمَيتُكَ المتَوكِل لَسْتَ بِفَظٍ ولا غَلِيْظ ولا صخّاْبٍ فِي الأسْواق ، ولا يُجْزِءُ بِالسَيّئة السَيّئةِ وَلكِن يَعْفُوا ويَغْفِر ولنْ أَقْبِضَهُ حَتى أُقِيْم به مِلَة العَوْجاء فَأفْتح بِه أذآنا صُماً وقُلوباً غُلْفاً وأعْين عُمْياً" هذه من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والله سبحانه وتعالى قال في كتابه :
    {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (*) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (*) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (*) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم : 1 – 4]
    فأيُّ خُلق أعظَم من خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمر الله الأمة بأن يأتِسوا به أحسن أسوة :
    {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب : 21]
    فلا أفْضل أسوة ولا أفْضل خلق ولا أعْظم خلق من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسُئلت عائشة رضي الله عنها : ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : كان خلقه القرآن" فأيُّ آية من كتاب الله فيها الخُلق الحسن والعمل الحسن إلا ورسول الله يعمل بها يطبق القرآن ويبلغه عن به عز وجل :
    {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة : 67].
    وقال عليه الصلاة والسلام حين جاءه عوف بن مالك قال يا رسول الله إلى ما تدعوا وعن ما تنهى؟ قال : أتتني رِسَالَة من رَبِيْ فَضِقْتُ بِهَا ذَرْعًا؟ وعَلِمتُ أنْ النَاسَ يُكذبُونَني فَقِيلَ لِى إما لَتَفْعَلَ أَوْ لَنَفْعَلَنَّ بك".
    أيها الناس هذا هو رسول الكريم عليه الصلاة والتسليم، هذا الرسول عليه الصلاة والسلام من شاقَه عذبه الله في الجحيم قال الله عز وجل :
    {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء : 115]
    هذا إذا شَاقه، وإن شاقه ولو كانت مُشاقة كَوْنه يكون في شق ورسول الله صلى الله عليه وسلم في شق فإن الله عز وجل يولّه ما تولّى ويصله جهنم وساءت مصيراً.
    هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حاده أكْبتهُ الله قال الله عز وجل :
    { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ}[المجادلة : 20]
    فلا أذلّ ولا أصغْر ولا أحْقر ممن حَادّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الله سبحانه وتعالى :
    {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}[المجادلة : 5].
    هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم من آذاه لعنه الله قال الله عز وجل :
    {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (*) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب : 57 - 58].
    رسول الله صلى الله عليه وسلم من آذاه كان ذلك من أعْظم جُرم عليه، ولا يُؤذيه ولا يُعاده إلا المجرمُون قال الله سبحانه وتعالى :
    {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان : 31].
    فلا يجوز لعبدٍ من عباد الله أن يعتدي على جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبٍ ولا بشتمٍ ولا بأذى، ومن فعل ذلك كان من الهالكين المعذبين وأبيح دمه إن كان مسلماً وجب قتله إن كان كافراً :
    {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (*) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}[التوبة : 65 - 66].
    رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعته من طاعة الله ومعصيته من معصية الله، طاعته طاعة لله ومعصيته معصية لله، وحُبه واجب أعْظم من حُب النفس والمال والأهل والولد قال الله عز وجل :
    {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[النساء : 80]
    قال عليه الصلاة والسلام " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله".
    قال الله عز وجل :
    {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ}[التوبة : 63]
    وأيُّ محادة وأيُّ اعتداء وأيُّ ظلم وأيُّ بغي وأيُّ شر على الأمة أن يُعتدى على رسولها بسبٍ أو بشتمٍ أو بتَشْويهٍ أو بتمثيلٍ أو باحتقار أو بأذى ممن كان من مسلم أو كافر، الاعتداء عداوة الله وعَداوة رسوله صلى الله عليه وسلم وعداوة أنبيائه أجمعين وملائِكته كل ذلك كفر :
    {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة : 98]
    وإيذائهم اعتداء على دين الله وعلى الأمة.
    ولا يجوز التفْريق بين رسول وآخر بل كُلهم أنبياء الله ورسله :
    {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (*) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}[النساء : 150 - 151]
    هذا هو مُعد لهم هذا هو جاهز لهم الذين ينتظر لهم العذاب المهين للكافرين، ووعد الله لا يخلف ووعيده نافذ لمن توعده بذلك حقاً ومن هو بأهله.
    أيُّها الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل :
    {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران : 31].
    أخْرج الله به الأمة من الظلمات إلى النور وزكاهُم به :
    {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة : 2].
    هو مِنة من ربِ العالمين :
    {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[آل عمران : 164].
    هو نورٌ من الله وسِراج :
    {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (*) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[المائدة : 15 - 16] .
    هكذا يُخبر الله رب العالمين سبحانه وتعالى.
    رسول الله رحْمة للأمة :
    {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (*) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة : 128 - 129]
    والمساس بجِنابه كفرٌ بالله أكبر وخُروج من الملة إن كان مسلم ، ويوجب قتل من حاد الله ورسوله بهذه المحادة أو بما دونها مما هو مساس في دين الله عز وجل.
    فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "منْ لي بِكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسول" فذهب له بعض الصحابة رضوان الله عليهم منهم محمد بن أسلمة وقتلوه" تنفيداً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه آذى الله ورسوله.
    وجاء رجل أعمى بعد صلاة الفجر فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّا عمل وكأنه شعر منه بشيء قال : يا رسول الله كانت لامرأة أحبها ولي منها ابنتان كاللؤلؤتين أو ولدان كلؤلؤتين هي به حفيّة ولكنها كانت تسُبك يا رسول الله فأخذت السيف واتكئت عليها حتى نفد من ظهرها، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تنتطح فيها عنزان" هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم :
    {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ}[التوبة : 12] فإن من النكث في العهد والطعن في الدين في الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا الطعن في دين الله وفي أنبياء الله ورسله.

    أيُّها الناس لقد تمادى شر الكفار على أنبياء الله ورسله من قديم وحديث وما ذلك بضائرهم وإنما ذلك ليزدادوا كفراً كما قال الله سبحانه وتعالى :
    {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (*) مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}[آل عمران : 178 - 179]
    فأخبر الله عز وجل أنه يُملي لهم ويُمهلهم على ما هم فيه من عداء لله فهم أعداء الله :
    {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال : 60].
    الكفار أعداء الله وأعداء رسله وأعداء دينه وأعداء عباده المؤمنين :
    {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}[البقرة : 87].
    قال موسى عليه الصلاة والسلام :
    {يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}[الصف : 5]
    هكذا يشكو من أذاهم، قال الله عز وجل :
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (*) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[الأحزاب : 69 - 70].
    وبشّرَ به عيسى عليه الصلاة والسلام فقالوا :
    {مُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}[الصف : 6].
    وقال الله سبحانه وتعالى :
    {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[البقرة : 89].

    أيها الناس إن الكفار ليس بكثير منهم في أقوالهم وأفعالهم فإنهم حطَب جهنم، لا يتورّعون في دين ولا في خلق ولا في مروءة ليس لهم قيمة ولا مقدار عند الله " يأتى برجل سمين بطين لا يزن عند الله جناح بعوضة" يأتى برجل من الكفار سمين بطين وليس له مقدار عند الله ولا وزن قال الله سبحانه :
    {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف : 105] ما لهم أيُّ مقدار.
    هم شَرّ الدّوَاب كما قال الله سبحانه :
    {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنفال : 55]
    كمْ في الدّوَاب وكمْ في الأرض من دوَاب وكمْ في البحار من دوَاب وكم من المخلوقات دواب شرها الكفار.
    من الدّواب الكلاب والحَمير والخنازير والقردة وحيوانات لا يعلمها إلا الله لا أشر على وجه الأرض من الكافر :
    {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}[المائدة : 60]
    فليس هناك مكان أشرّ منهم ولا فرْد ولا شخْص ولا جِنس أشرّ من الكفّار.
    لا يسْلَم منهم دين الله ولا رسل الله ولا أولياء الله، وهم أعداء الله وأعداء رسله وفي حديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" وهل هناك أولياء لله أعظم من أنبياء الله ورسله؟ قال عليه الصلاة والسلام قال الله عنه :
    {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}[الأعراف : 196]

    الخطبة الثانية :

    الحمد لله بعز أوليائه ومذل أعدائه وباسط أرضه ورافع سمائه، خلق لنار أهلاً والجنة أهلاً وقال ولكليكما علي ملئها أعد النار للكافرين وأعد الجنة للمؤمنين من يطع الرسول فقد أطاع الله، وقال الله سبحانه وتعالى :
    {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء : 69].
    أيُّها الناس :
    {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}[البينة : 6]
    هذا شيء أعده الله لهم أعده الله لهم، فكلما ازدادوا فتنةً على المسلمين وعلى أنبياء الله ورسله وعلى دينه كلما ازدادوا عذاباً قال الله عز وجل :
    {يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر : 46]
    فكفره يزداد بكثرة وشدة ازدياده في الباطل :
    {نَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}[التوبة : 37] أخبر أن الكفر يزداد كما أن الإيمان يزداد، فصاحب الكفر إذا ازداد في الباطل يزداد كفراً.
    قال الله مبيّناً أنهم أهل الباطل وأهل الأهواء :
    {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}[محمد : 1]
    إذا كانت أعمالهم ضالة هل تتوق منهم سلامة في دينك في عرضك في نبيك في سائر شؤون الله؟ هم أعداء الله وأعداء دينه قال الله سبحانه :
    {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}[محمد : 3] قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيحين : "يا عائشة إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصّالح أو العبد الصّالح بنو على قبره مسجداً وصور فيه تلك الصّور أولئك شِرار الخلق عند الله " هكذا.
    الكفار أمة ملعونة على ألْسنة رُسِل الله عليهم الصلاة والسلام دمّر الله عليهم وأهلكم فريقاً بعد فريق وأمة بعض أمة قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
    {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت : 40].
    دمّر الله عليهم :
    {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}[الكهف : 59] ،
    {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (*) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة : 78 ، 79]
    أمة ملعونة باعتدائهم وببغيهم وبتمالئهم على الباطل وهكذا بكفرهم قال الله عز وجل :
    {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (*) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (*) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}[الأحزاب : 64 - 66].
    هذا الرسول الذي يسبّونه ويشْتمُونه ويؤذونه بأبي هو وأمي يتمنون يوم القيامة أنهم أطاعوه :
    {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (*) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}[الأحزاب : 67 ، 68] ،
    {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (*) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب : 61 - 62].
    ملعونون لأنهم عُبّاد الطّاغُوت كما قال الله عز وجل :
    {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (*) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}[النساء : 51 - 52].
    أمة ضَالّة :
    {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة : 7]
    المغضوب عليهم اليهود وهم مغضوب عليهم وضالون، والضالّون النصارى وهم مغضوب عليهم والضالون نعم .
    {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}[المائدة : 60] ،
    {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (*) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (*) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (*) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}[الأعراف : 163 - 166]
    أمة أعمالها كسراب بقيعة محبوطة الأعمال الكفار ليس لهم عند الله مقدار ما لهم عمل صالح أبداً :
    {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام : 88].
    وقال الله سبحانه وتعالى :
    {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان : 23]
    قال الله سبحانه وتعال :
    {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (*) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (*) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف : 103 - 105].
    وقال الله سبحانه :
    {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[النور : 39]،
    {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ}[إبراهيم : 18].
    هذا ويأتي الكافر يوم القيامة ويصبغ في النار مرة واحدة فيقال له : يا ابن آدم هل مرّ بك نعيمٌ قط هل رأيت خير قط؟" فقول : لا يا رب ما مرَّ بي نعيم قط ولا رأيت خيراً قط ؟ . ينسى كل ما تنعم به في هذه الدنيا في صبغة واحدة في نار جهنم.
    ألا أيها المسلمون علينا وعليكم بالكتاب والسنة وبالتمسك بذلك وبالذود عن هذه المكرومات العظيمة وعن دين الله عز وجل، وهكذا الحذر من تقليد الكافرين الذين سمعتم بعض أوصافهم و بعض أمرهم المهين ، أعداء الله وأعداء رسُله وأعداء دينه الحق قال الله سبحانه وتعالى :
    {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[الحشر : 19].
    أمة نسيت أنفسها الكفار أمة نسيت أنفسها أمة لم تستفد من قلوبها وجوارحها وعقولها في دين الله وإنما كانت مسخرة للدنيا فقط كما قال الله سبحانه وتعالى :
    {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}[محمد : 12].
    وقال الله سبحانه وتعالى :
    {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[الأحقاف : 26].
    آهٍ وأُف أيضاً لمن يلتمس منهم النصر أو العزة أو كذلك المكنة قال الله سبحانه وتعالى :
    {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة : 52]
    ولمن يحاكم إليهم ويقتنع بهم ويرضى بهم عليه ومترفعاً هذا لا يجوز :
    {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (*) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (*) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (*) أُولَئِكَ الَّذِينَ}[النساء : 60 - 63] الآيات.
    نعم الشاهد من ذلك عباد الله أنه يكون المؤمن في مثل هذه أنه مثالٌ حَيّ :
    {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[هود : 113].
    مثال حَيّ في إيذائهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل :
    {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (*) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (*) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر : 97 - 99].

    {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام : 33]

    {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}[المجادلة : 5]
    والحمد لله

    فرغها:أبو سُليم عبد الله بن علي الحجري الصومالي
    بتاريخ : ١٧ – ذو القعدة – ١٤٣٣هــــ

    تعليق

    يعمل...
    X