إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة جمعة للشيخ يحيى حفظه الله (التذكير بنعمة السمع)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة جمعة للشيخ يحيى حفظه الله (التذكير بنعمة السمع)

    التذكير بنعمة السمع
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران : 102].
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }[النساء : 1].
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً*ُ صْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب : 70ـ 71].
    أما بعد:
    فإن نعم الله على عبده كثيرة قال الله سبحانه وتعالى:{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } [النحل : 53] ،وقال سبحانه وتعالى:{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم : 34]،والعبد لله عز وجل عليه نعم ظاهرة وباطنه،ومن نفسه قال الله سبحانه وتعالى:{ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * َوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }[الذاريات : 21ـ22ـ23]، ومن أجل النعم على العبد نعمة ؛يسأل عنها يوم القيامة قال اله عز وجل:{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء : 36]؛فذكر السمع قبل هذه الجوارح لأهميته ولعظم نعمته،فمن الله عليك أيها العبد؛ مَنَّ الله عليك بهذه النعمة نعمة السمع هذه نعمة عظيمة؛ قال الله سبحنه وتعالى: [وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ] [المائدة : 7]،هذه من نعم الله عليك نعمة السمع، أن الله جعل لك سمعا تسمع به الأصوات وتفرق به بين المختلفات، وجعل لك سمعا تسمع به هدى الله، والسمع له عدة معان وإنما المقصود هو الاستفادة منه ؛والاستفادة منه هو بطاعة الله سبحانه وتعالى،وبالاستجابة لشرعه الحق،قال سبحانه وتعالى:[ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ] [الأنعام : 36]،وأنت ترى الناس يسمعون ولكن المقصود في هذه الآية:إنما يستفيد الذي يسمع سمع إجابة،وسمع استفادة،ومن استغل هذه النعمة استغلالا صحيحا في السماع الصحيح، وقال سبحانه:[ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ] [قـ : 37]؛ فالقصد من الاستجابة في حق من يسمع؛ من ألقى السمع واستمع استماعا صحيحا متعقلا متفهما لشرع الله.
    أيها الناس: إن هذه الجارحة العظيمة لهي سبب من أسباب الهداية لمن سخرها في طاعة الله ،وسبب من أسباب الغواية لمن سخرها في معصية الله، هذه الجارحة جارحة السمع قال الله سبحانه تعالى في كتابه الكريم: [وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ][الأعراف : 204] فقرن الله عز وجل الفلاح بالاستماع والإنصات بينما الذي لا يسمع ولا ينصت كقول الله عز وجل في من وصفهم بقوله:[ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ * فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ] [فصلت : 26ـ27] فمن استمع وأنصت واستفاد من هذه الجارحة طاعة الله هدي ، ومن سخر هذا السمع في معصية الله عطل سمعه وضل، واسمع إلى قول الله عز وجل:[ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ] [البقرة : 285] والشاهد من ذلك أنهم استفادوا من هذه الجارحة سمعا صحيحا هداهم الله به إلى الطاعة،دلهم على طاعة الله سبحانه وتعالى، وقال عليه الصلاة والسالم حين جاءوا شاكين،أو جاءوا يقولون: يا رسول الله نزل عليك كذا وكذا وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيق أي أنهم يحاسبون بما في أنفسهم [إِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ] قال :تريدوا أن تقولوا كما قال أهل الكتابين سمعنا وعصينا قولوا: سمعنا وأطعنا قالوا:[ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ] [البقرة : 285]، وإذا كان السمع هو من دلالات طاعة الله فهذا سمع مفلح صاحبه استفد من هذه الجارحة جارحة السمع ما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :[إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ] [آل عمران190ـ191ـ192 ] إلى قوله: [ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا] [آل عمران:193] هذا هو السمع الصافي السمع الصحيح النقي الذي لم يشبه ولم يخلطه سمع بطال أنه إذا سمع منادي الله ينادي للإيمان ولتقوه أن يستفيد من هذا السمع ومن هذا المسموع، [فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ] [آل عمران : 193] الآيات؛فاستجاب لهم ربهم ،سمع الله لمن حمده، فمن سمع سمعا صحيحا سمع طاعة سمعه الله ،من استمع لشرع الله ولطاعة الله وأجاب داعي الله سمعه الله؛يسمع دعاءه إذا دعا [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي] عنّي[ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ] [البقرة : 186] وهذا من باب الجزاء على العمل.
    استفد من هذه الجارحة، استفد طاعة الله؛فقد ذم الله سبحانه وتعالى من لم يستفد منها ولم يسخرها في طاعة الله قال الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل:[ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ] [البقرة : 93] قال الله لهم ؛أمرهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا قالوا:[ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ][البقرة : 93] فبدلوا نعمة الله كفرا،[أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ] [إبراهيم : 28]،استفد من هذه الجارحة؛ خشية الله بسماع القرآن،وسماع ما يذكرك بالله سبحانه وتعالى،قال الله سبحانه:[ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ*وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ] [المائدة : 83ـ82] هذا دلالة هداية ،هذه الجوارح أعطاك الله سبحانه وتعالى دلالة هداية وأنت مسئول عنها يوم القيامة وهي شاهدة عليك يقول ربنا سبحانه:[ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ *حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] [فصلت : 19ـ20]هذا سمع شاهد عليك كل ما سمعت به من بطال أو سوء أو مكروه فإنه شاهد عليه ،ربما عذبت من طريق هذا السمع كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة) أي الرصاص المذاب، فيجازى بالعذاب على سوء ما سمع، ومن استمع بهذه الأذن ما حرم الله عز وجل فإنه يعاقب على ذلك؛قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ] [لقمان : 6]أي: لهو الحديث هو الغناء؛فيسمع الغناء بأذنيه،ويعرض نفسه بسبب هذه الجارحة للعذاب الأليم ، قال الله سبحانه فيمن عطل هذا السمع ولم يستفد منه بل سخر في معصية الله: [لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ] [التوبة : 47] جعل هذا السمع مسخرا لغير ما طاعة الله سبحانه وتعالى ولم يستفد منه ؛وإنما سماعون للمنافقين وللأقاويل الكذبة وللأباطيل،[ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ] قال بن كثير لها معنيان: المعنى الأول الذي يؤيده سياق الآية: فيكم من يستمع لأقوالهم وينصت إليه،والمعنى الثاني: فيكم من يستمع في أوساطكم ويبلغهم على ما يعبر عنه بالجاسوس، والمعنى الأول أصح .
    هذا السمع لا تسخره في معصية الله ،سواء سخرته في السماع الباطل أو نقل الأكاذيب قال الله عز وجل:[ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً ] [المائدة : 42]،ذم الله عز وجل من يسمع الكذب ،وذم الله عز وجل من يسمع البهت والزور واللغو،وحث على سماع طاعة الله والإعراض عن الباطل؛ فإذا مرَّ بك لغو أو باطل اعرض عنه ولا تسخر سمعك له ،فإن هذه الآلة هذه الجارحة أنت مسؤول عنها يوم القيامة [إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً] [الإسراء : 36]،[ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ] [الأنعام : 68] وقال , وإذا.. وأثنى على من جنب هذا السمع المحرم قال:[ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ] [القصص : 55]،هذا السمع مصدر هداية أو مصدر غواية،هذه نعمة عظيمة من الله ، وذكر الله عز وجل في حادثة الإفك: [إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ] [النور:12ـ11] فانقسم الناس في سماع ذلك الإفك إلى قسمين، سمعه أناس كثير سمعه المؤمنون وكان هذا هو جوابهم، حسن الظن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبعرضه وجنابه [ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً ] [النور : 12] أبو أيوب وغيره: أرأيت.. يعني أأنت كنت صانعة ذلك؟! قالت :لا ،قال: فعائشة خير منك، نعم قال:[ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] [النور : 17 ـ ـ18 ـ 16] حافظ على هذه النعمة بطاعة الله وسخرها في مرضاة الله ، سخرها في إنكار المنكر ؛وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد عند أحمد وغيره :( لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول حقا إذا سمعه أو شهده أو رآه)،إذا سمعت شيئا تنكره أنكر ذلك حتى لا يكون سمعك حجة عليك يوم القيامة،واحذر أن يتسلط عليك هذا السمع بحيث تصير من الذين لا ينتفعون بسمعهم قال الله:[ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ] [الأعراف : 179] فمن لا يسخر سمعه في طاعة الله ، ولم يستفد من شرع الله ودينه من هذه النعمة وأمثالها من الجوارح الطيبة ؛شكله كشكل الأنعام أو هو من جنس الأنعام بل أضل، يصير أضل من الأنعام [ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ] [الأعراف : 179]، قال سبحانه وتعالى :[ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ *لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ..][الأنبياء : 1ـ2ـ3]هذا حال من ذمهم الله عز وجل وجعلهم في عداد الحيوانات في عداد الأنعام، عطلوا أسماعهم وأبصارهم وجوارحهم عن استماع الحق وعن استماع الهدى وصيروا ذلك في الغوا والردى ،والله عز وجل جعل ذلك في حكم المعدوم في من عطل سمعه أي: هذه الجارحة في حق من لم يستفدها تصير في حق المعدوم عندهم أو المختوم عليه[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ .. ][البقرة : 6ـ7] هذه قلوب مختومة،وعلى الأبصار وعلى السمع غشاوة لا يسمعون فهي كالمعدومة ،ونظير ذلك قول الله سبحانه:[ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ][الأحقاف : 26] فماذا ينفعك هذا السمع،وهذه الجارحة وسائر الجوارح إن كنت تسخرها في معصية الله وفي اللهو وفي الباطل وفي الغوا وفي الفتن بل تصير حجة عليك يوم القيامة وشاهدة عليك ومن أسباب عذاب الله سبحانه وتعالى لك.
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
    أما بعد:
    أكثر من دعاء الله أن يسدد سمعك ويجعل فيه النور ؛فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج إلى الصلاة أي صلاة الفجر يقول: )اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا..)الحديث، ويدعوا الله عز وجل أن يجعل فيه نورا، فإن السمع الذي فيه نورا هذا السمع يكون طريق هداية لا يرضى لنفسه هذا الإنسان أن يسمع باطلا ولا زورا ولا منكرا ولا محرما وإن سمع ذلك دعاه ذلك إلى الإعراض عنه أو إنكار ذلك الزور،أحد أمرين: إما أن يعرض عنه إن لم يكن له قدرة في إنكاره وإما أنه ينكره إذ استطاع ذلك على ما دلت عليه الأدلة الماضية ، والسمع هذا له خير وله شر،وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر قلبي ومن شر لساني ومن شر..)الحديث، ويستعيد بالله من شر هذا السمع ،ومن شر هذه الجوارح إن لم تسخر في طاعة الله سبحانه وتعالى .
    فيا عبد الله إلزم طاعة الله ، ولا يكون همك من هذه الجوارح أن تكون في عداد الأنعام: [ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً] [الفرقان : 44]، فمن كان لا يعتني بهذه الجوارح بطاعة الله فإنه غير محفوظ من رب العالمين سبحانه وتعالى وأوكله إلى نفسه ،أوكله إلى نفسه:[ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً] [النساء : 115] غير محفوظ،ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(قال الله عز وجل: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها،ـ وسمعه الذي يسمع به الحديث فيه هذا اللفظ أيضا ـ ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه) والشاهد منه: أن الله عز وجل يسدد هذه الجوارح ويوفقها ويحفظها بحفظه سبحانه وتعالى فلا تكون معرضة لمعاصي الله سبحانه وتعالى:[ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ] [الجاثية : 23] فإذا لم يوفق الله سبحانه وتعالى هذه الجوارح ويسددها ويحفظها ويسخرها لطاعته فإنها تكون على صاحبها من أشد ما يضله، من أشد ما يهلكه [ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ ..] [الأعراف : 194] إلى قوله:[ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ] [الأعراف : 195]
    أي أن هذه ليست لها جوارح صحيحة وإن ما هي في حكم العدم، وهكذا من لم يستغل هذه الجوارح في طاعة الله .
    نسأل الله التوفيق لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين .

    فرغه: أبو الربيع سعيد بن خليفة وهابي

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي أبو الربيع سعيد و بارك الله فيك على هذا الجهد الطيب
    و جزى الله خيرا شيخنا الشيخ يحيى على هذه الدرر التي نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها .
    بلغ سلامي للإخوة السلفيين بمدينة السمارة .

    تعليق


    • #3
      وجزاك ربي خيرا أخانا الفاضل إسماعيل العلوي
      والإخوة يبلغونك السلام
      وقد استبشرت لما رأيت اسمك على الشبكة ،هكذا يا أخانا لا تغب عنا جزاك الله خيرا

      تعليق

      يعمل...
      X