إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفريغ خطبة الشيخ العلامة الناصح الأمين: (وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق الملتزمة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفريغ خطبة الشيخ العلامة الناصح الأمين: (وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق الملتزمة)

    تفريغ خطبة:
    (وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق الملتزمة)
    للعلامَّة النَّاصح الأمين:
    يحيى بن علي الحجوري
    حفظه الله تعالى







    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
    يقول الله عز وجل في كتابه الكريم [لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ] [البقرة : 177] اشتملت هذه الآيات على ما يريده الله عز وجل من عباده وأن هذا هو البر اشتملت هذه الآيات على أركان الإيمان مع قول الله عز وجل:[ وََخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً] [الفرقان : 2] آيات عظيمة ومما ذكر الله سبحانه وتعالى فيها [وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ] وعقب ذلك بقوله [ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ] فإنه لا يأتي الوفاء بالعهد إلا مع الصبر على البأساء والضراء تحمل ما ثبت به ذلك العهد والميثاق وإننا عباد الله وإننا أيها الناس في أزمنة مرجت عهود أهلها إلا من رحم الله، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كيف أنتم إذا كان عليكم زمان مرجت عهودهم واشتبكوا فصاروا هكذا) الحديث،فما أكثر العهود ،ما أكثر العهود وما أقل الوفاء بها، وإن هذا أمر مصدره تقوى الله فمن قوي جانب تقوى الله عنده قوي جانب الوفاء بالعهد وبالوعد وبالميثاق،ومن ضعف جانب تقوى الله عنده ضعف جانب الوفاء بالوعد والعهد والميثاق قال الله سبحانه وتعالى [بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ] [آل عمران : 76] وذلك أن مصدر الوفاء بالعهد هو تقوى الله ، والله يحب المتقين، ولا يكون ذلك عن إيمان قال الله سبحانه وتعالى كما تقدم في الآية المذكورة: [لَّيْسَ الْبِرَّ...] وفي سياقها أمر بالوفاء بالعهد وأثنى على أصحابه [وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ ].
    أيها الناس:
    إن هذا الجانب، جانب الوفاء بشتى أنواعه ؛الوفاء بالعهود والنذور مصدره تقوى الله،وهكذا المواعيد قال ربنا سبحانه :[ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ] [الإنسان : 8 ـ 7] ووصف الله نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه وفى [أمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [النجم : 37ـ 36] أي وفى بما عاهد الله عليه وبما أمره الله عز وجل به، ونظير ذلك قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:[ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً] [البقرة : 124] فمصدر الإمامة في دين الله الوفاء بشرع الله ،وبشرع الله والتزام أمره [قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي] فقد شفع نبي الله إبراهيم لذريته بالإمامة؛أن يكون من ذريته أئمة قال :[ قََالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ] [البقرة : 124] نعم من ذريته من هو إمام ولكن من كان ظالما لا ينال عهد الله،ليس له عند الله عهد أن يجعله إماما ما دام ظالما وسواء كان هذا الظلم ؛بالشرك بالله سبحانه وتعالى وهو أعظم الظلم [إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ][لقمان : 13]،أو كان جرأة على ظلم العباد فإن مثل هذا لا ينال عهد الله [لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ] اختلت انضباطات الناس كثيرا فيما بينهم حتى صار لا يثق بعضهم ببعض، فتحصل المواعيد وتبرم العهود والمواثيق ثم لا يكون بها ثقة،لا يكون بها ثقة، ولا يقوم بعبء ذلك وتحمل ثقته والصبر عليه والتزام ذلك العهد والميثاق والوعد إلا من أعانه الله على تقوى الله سبحانه وتعالى سواء كان مع مسلم أو مع مشرك،فالعهود لها حرمتها والمواثيق خاطب الله المؤمنين بقوله [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ ...] [المائدة : 1] إلى آخر الآية،عقد وعهد وميثاق،ووعد والتزام؛ كل هذا عظيم عند الله سبحانه تعالى قال:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ] قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم [وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ] [التوبة : 6] كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله،مشركون!، ما لهم عهد عند الله ولا عند رسوله [وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ] [التوبة : 42] قال الله، ومع هذا مع علمه بهم قال:[ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ] [التوبة : 7] فقرن الوفاء بالعهد بتقوى الله، فوجب الاستقامة على العهد والميثاق،والوفاء بذلك وما أبرم وما أحكم بين الناس وإلا اختلت أمورهم،اختلت مواعيدهم،اختلت عهودهم،اختلت الثقة بينهم، تختل أمور شديدة كثيرة، تجعلهم في غاية من الخوف والفتن والرعب والأذى والقلاقل والمكر والحيل والتربصات،هذا كله لا يرضاه الله سبحانه تعالى [ أََوْفُواْ بِالْعُقُودِ ] [المائدة : 1]، [وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ][الإسراء : 34] فالله عز وجل لن يخلف عهده ولا وعده، العهد مسؤول عند الله، يسأل العبد عنه يوم القيامة،مسؤول بوعد الله سبحانه وتعالى، ما أشد تهاون كثير من الناس بهذه الأمور التي هي من دين الله سبحانه وتعالى بجانب عظيم .
    أيها الناس:
    أن الله يقول في كتابه:[ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ] [الرعد : 20]،[ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ] [الرعد : 19] فوصفهم الله بأنهم هم أصحاب العقول، وهم أصحاب الألباب،وهم الفاهمون العاقلون الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق هذا صفة العاقل، وبعد ذلك أتى وذكر الذين ينقضون الميثاق أنهم أصحاب اللعنة [وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ] [الرعد : 25] هذه صفات المشركين؛نقض الوعد نقض العهد صفات المشركين، المؤمن متصف دائما بالانضباط عن وعده وعهده ، وفي حديث سيد الاستغفار( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على وعدك وعهدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوأ لك بنعمتك علي وأبوأ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) بعد أن ذكر ما هو في هذا الحديث من الأعمال الصالحة توسل إلى الله عز وجل بذلك وأن يغفر له،فهذا من التوسل بالأعمال الصالحة؛ بالوفاء وبما هو من عهد الله سبحانه وتعالى ووعده، فإن خلف الوعد لا يكون إلا عن نفاق، أربع من كن فيه ، في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها؛ إذا وعد أخلف ،وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا أؤتمن خان) يخلف الموعد ويغدر ويخلف العهد، هذه صفات ذميمة في الجاهلية وفي الإسلام ،فإن سراقة بن مالك رضي الله عنه قبل أن يسلم قبل أن يسلم، كان تبع النبي صلى الله عليه وسلم على أعداد من الإبل ،أن من أتى بمحمد رده إلى مكة لا يخرج من بيننا؛لأنهم يخافون إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحصل لهم من حيث أنهم يعني يكون معه بعض العرب، أو أنهم يريدون ثبته [وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ][الأنفال : 30] يريدون إثباته وأسره،ولما خرج تبعه سراقة غارت فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه ،فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم،وأنه وعده أن لا، أن يخذل عنه الناس يعني في ذلك الطريق ولا يدل عليه أحدا،ووفى سراقة بذلك الموعد وهو مشرك، حين أن انتقض ،حين أن انتشل فرسه وخرج من تلك الغارة التي غارها،من تلك يعني الورطة بعد ذلك رجع وخذل الناس عنه، وأن قد كفيتم ما ها هنا وهو مشرك، وهكذا كان المشركون يحصل بينهم عهود ومواثيق ويحصل بينهم التزام بها ،وأشد الناس، أشد الناس نقضا للعهود هم اليهود،فليحافظ المؤمن على هذا الأمر،أمر دين الله سبحانه وتعالى؛أمر الله به [إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ] [النحل : 91ـ90] أوفوا بعهد الله هذا هو مصدر الأيمان ،مصدر ثقتك ، الناس إذا علموا أنك تعد وتخلف،تعاهد وتغدر، و(...) العهد وتنقض وتكذب، ما صار لك قيمة عند أقاربك فضلا عن أباعدك، صرت ممن يعرض نفسه للعنة الله سبحانه وتعالى:[ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ] [الرعد : 25]،[ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ .. ][البقرة : 40] فمن وفَّى وفَّى الله به وأعانه على الوفى [وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ] لا يكون ذلك إلا عن خوف الله ورهبة منه وطاعته سبحانه وتعالى ومعنى[.. أُوفِ بِعَهْدِكُمْ .. ] قال ابن كثير رحمه الله ناقلا عن الأئمة في ذلك أي : أدخلكم الجنة، فمن وفّى بعهد الله الذي أخذه عليه من طاعته وتوحيده ودينه، والميثاق الذي أخذه على العباد؛فإن الله قد أخذ على نفسه سبحانه وتعالى أن يدخله الجنة، ففي الصحيحين ( حق الله على العباد، أتدري يا معاذ ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؛حق الله على العباد أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا) هذا الشيء هو حق جعله الله سبحانه وتعالى على نفسه امتنانا وتكرما [وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ][الروم : 47] كل هذا لا يخلف الله وعده
    [وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ] [الحج : 47]،[ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ][الرعد : 31] فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه،من وفَّى الله به وأعانه وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح قال:( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه) أي يعينه على الأداء،ويؤدي عنه سبحانه وتعالى( ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله) وهكذا من سدنة بعهد ووعد ويريد الوفاء أعانه الله على الوفى،بأي حال كان يصبر [وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ] [البقرة : 177] ومن أخذها وهو يريد المماطلة يتلفه الله،وهكذا العهد؛من عاهد وهو يريد الخلف في ذلك يعتبر منافقا ويعتبر،ويعرض بنفسه لغضب الله سبحانه وتعالى، إن أمر العهد والميثاق، والتزام المواعيد إلا أن يحيل بين الإنسان وبين ذلك عذر شرعي لا يقدر عليه في ذلك الموعد وإلا فواجب عليه أداءه واجب عليه أداءه قدر ما يستطيع بقدر إمكان الإنسان [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ] [التغابن : 16] [لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ] [البقرة : 286].
    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا أما بعد:

    في آية الحقوق العشرة يقول الله عز وجل: [قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ] [الأنعام : 151] وفي سياقها يقول: [وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ] [الأنعام : 152] هذه وصية الله أن يوفى بعهده،هكذا أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه أن يوفى بعهده ووصى في كتابه أن يوفى بعهده مع مسلم مع مشرك مع من استطاع مع من كان عاهده إلا أن يكون العهد أبرم على باطل وعلى كفر،تعاهد على كفر تعاهد على شر تعاهد على كذب تعاهد على منكر فمثل هذا لا يوفى به [لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ] [البقرة : 124]، ولا يكون العهد إلا على ما يرضي الله أو في الأمور المباحة، أما إذا وفَّى ،أما إذا عاهد على شيء محرم فإن هذا المحرم لا يجوز الوفاء؛كمن يعاهد على قتل فلان من المسلمين،أو يعاهد على تواطؤ على زنى ،أو يعاهد على شر ومنكر،لا ،الله خلق العباد لعبادته لا لمعاصيه [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ] [الذاريات : 56 ـ 57] ،[ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ] [النساء : 59] قال الله سبحانه وتعالى، قال عليه الصلاة والسلام ( فوا بيعة الأول فالأول) أي حتى لا يحصل اختلاف في العهود والمواثيق ويحصل اختلال في شؤون الناس وأمور الناس في شيء أمر الله سبحانه وتعالى به والإخلال به يعتبر إخلالا بشيء من الدين،اختلال أمور الناس وموازينهم وانضباطاتهم وهذا هو الفلاح حقا الذي أخبر الله سبحانه وتعالى به ؛ الفلاح في معايش الناس وأعمالهم وأقوالهم وثقتهم وانضباط أمورهم [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ] [المؤمنون : 1ـ8] وفي آخر هذه الآيات قال:[ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ] [المؤمنون : 10ـ11] تريد أن ترث جنة الله عز وجل ترثها بالوفاء مع رب العالمين وبالوفاء مع رسوله الأمين، وبالوفاء مع عباده المؤمنين،وبالوفاء فيما بينك وبين الكافرين والمشركين مما أمر الله عز وجل بالوفاء به،فيحصل بين المشركين بين المؤمنين بعضهم لبعض، بين المسلمين والمشركين عهود ومواثيق إذا اختلت حصل الأضرار،عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ووفَّى لهم وقال:(نفي لهم ونستعين الله عليهم)،وفَّى لليهود،وفَّى للمشركين وفَّى لكل من عاهد ولكل من عاهد وفَّى له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أخذ يعني بعيرا من بعض الأعراب ووعده على أنه عنده بعض التمر يعطيه على شيء من تمر الذخرة فلما أتى لم يجده قد نفذ قال: يا أعرابي قد وعدناك وإنه قد نفذ فلم نجده قال: وغدراه قالوا قاتلك الله أيغدر رسول الله قال: دعوه إن لصاحب الحق مقالة،ثم أرسل إلى خولة رضي الله عنها هل عندها شيء من التمر قالت: نعم فأرسله قال:فلتفي فلانا الأعرابي فأرسله وأخذ تمره استوفى تمره أو استوفى قيمة بعيره من التمر من تمر الذخرة ثم رجع قال أوفى الله بك كما وفيتني ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (وإن خيار عباد الله عند الله الموفون المطيبون) فليكن الإنسان من خيار عباد الله [إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ] ـ شاهدنا من الآية ـ [وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ][التوبة : 111] على قدر وفائه من الله سبحانه وتعالى يوفيه الله سبحانه وتعالى،وقال واصفا للمؤمنين [مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ] [الأحزاب : 23] صدقوا ما عاهدوا الله عليه هذه صفة المؤمنين؛أن يعرف الإنسان ما ميزان العهد،وما مقداره عند الله وأنه دين يختل به الدين إذا اختل اختل الدين،اختل شيء من دين العبد وضعف إيمانه نعم [صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ] [الأحزاب :23ـ 24] ما بدلوا في عهودهم مع الله عز وجل، وفي ما أخذ الله عز و جل عليهم، هذه صفة مهمة صفة الوفاء بالعهود والمواثيق والمواعيد والمواعيد وأن هذا يعتبر هو الإنسان؛فإذا اختلت هذه الأمور اختلت إنسانيته، اختلت إنسانيته، الكفار تجد الآن الواحد منهم ربما يعد ويضبط وعده،وإذا باع سلعة ربما جعل فيها يعني على حسب ما يقول،ليسوا عند دين الله وعند طاعة الله، ولكن عرفوا أن إنسانيتهم تختل باختلال هذه الأمور،فجعلوا يضبطون هذه الأمور للمكاسب الدنيوية،والثقات الإنسانية لا من أجل رب البرية، اختلال هذا تختل به الإنسانية.
    نسأل الله عز وجل التوفيق لما يحب ويرضى وأن يدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

    فرغه: أبو الربيع سعيد بن خليفة وهابي
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد ضياء التبسي; الساعة 31-03-2012, 10:02 PM.

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة أبو الربيع سعيد بن خليفة وهابي مشاهدة المشاركة

    فرغه: أبو الربيع سعيد بن خليفة وهابي


    ما شاء اللهُ عليك

    وقد ثبَّت هذا التَّفريغ لأهمِّية هذه الخطبة

    وأتمنَّى أن ينتبه الأخ المُفَرِّغ إلى إعلانات الإخوة الذين سبقوه بخصوص شروعهم في التَّفريغ لئلا تضيع الجهود

    لا سيَّما والصَّوتيات التي في الشَّبكة للشَّيخ يحيى تعدُّ بالآلاف المُؤَلَّفة فلا ينبغي إضاعة الوقت في الأعمال المُكَرَّرة

    وجزا اللهُ خيراً كُلَّ من أعان على نشر العلم الشَّرعي

    تعليق

    يعمل...
    X