الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران 102).
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالارْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ( النساء 1 )
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب 70-71).
أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله وخير الهُدى هُدى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم وشرَّ الأمور محدثاتها وكُلَّ محدثةٍ بدعة وكُلَّ بدعة ضلالة وكُلَّ ضلالة في النَّار .
أيُّها النَّاس! يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)- [الذاريات/56] (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)- [الذاريات/57]
خلق الله العباد لعبادته وأوجب عليهم طاعته وجميع رسل الله وجميع كتب الله منزلة لذالك وهم مرسلون من أجله وهذا أعظم ما يفهمه العبد المكلف وأعظم ما يتفقه فيه وأعظم ما ينفر من أجله ويبحث من أجله (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)- [التوبة/122] ومن لم يعتن بذالك فإن الله عز وجل شبه أممًا لا عناية لهم بدين الله وبفهمه وبفقهه أنهم كالأنعام قال عز وجل : -(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)- [الأعراف/179] .وإن أعظم ما يتفقه فيه العبد هو ما خلقه الله عز وجل من أجله عبادة الله عز وجل وتوحيده لذا يقول الله عز وجل (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)- [محمد/19] .قال الإمام البخاري رحمه الله بابٌ العلم قبل القول والعمل هذا دليلٌ على أنه لا يصح عملٌ البتة إلا بعد معرفة هذا العلم المحتم الذي لا يعذر بجهله أحد وهو أن يعلم الإنسان توحيد الله عز وجل فلا يشرك بالله شيء( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )- [المائدة/72] -(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)- [النساء/116] ما دون الشرك بالله سبحانه وتعالى يغفر لمن يشاء( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون )- [البقرة/22] .(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)- [الحج/31] لدى كان كل قول وكل عمل يعمله الإنسان أساسه قاعدته ومبناه على تصحيح العقيدة وعلى فهم لا إله إلا الله فإن فهمها فهمًا صحيحًا وعلمها وعمل بمقتضاها صح بناه وإن لم يفهمها ولم يعمل بمقتضاها انهار ,(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)- [التوبة/109].هذا أساس الدين, في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإتاء الزكاء وحج البيت وصوم رمضان) ,وأول هذه الأسس التي ينبني عليها ما عداها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله هذا هو أساس دين الله ولا يدخل أحد الإسلام إلا بها هي مدخل الإسلام ,كلمة الإخلاص فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حديث ربيعة بن عبادة الدين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي في أسواق ذي المجنة وأسواق ذي المجاز وعكاظ ليقول قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ومعناها أنهم يدخلون في الإسلام بها ومن دخل في الإسلام أفلح لما تبث في الصحيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من أسلم ورزق كفاف وقنعه الله بما أتاه ,فهذا هو باب الفلاح حقًا مسدود باب الفلاح على من لم يقلها ومن لم يحققها باب الفلاح مسدود عليه ولا يدخل الإسلام إلا بها فهي كلمة الإخلاص لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان يقول حين يصبح أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص دين محمد صلى الله عليه وسلم ملة إبراهيم حنيفًا سلمًا وما كان من المشركين , وهي كلمة التقوى , ولا يمكن لأحد أن يحقق تقوى الله أو يكون متقيًا لله عز وجل وهو مشرك هذا محال ,المشرك ليس عنده تقوى لله مهما ادعاها ومهما انتحلها فإنه ليس متقيًا لعذاب الله البتة, (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)- [الفرقان/23] (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)- [الأنعام/88] لو قام الليل كله وصام النهار وهكذا تصدق بجميع أمواله وأنفق ما في وسعه وتكلف جميع ما يطيق من أعمال ولم يكن حقق هذه الكلمة فإنه ليس متقيًا لله عز وجل ولا أتى بالتقوى فإن أساس التقوى ومدخلها ومبناها مبنى تقوى الله عز وجل على توحيده وإخلاص الكلمة له سبحانه وتعالى وقد ثبت من حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :كلمة التقوى لا إله إلا الله وهذا يفسر قول الله عز وجل( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا)- [الفتح/26] هكذا أثنى الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم أحق بها أنصارها وهم أهلها وهم حملتها وفعلًا (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)- [الزخرف/28]أنبياء الله ورسله ومن سلك مسلكهم هم أهلها وهم أحق بها لا يضيعونها ولا يهملونها ولا يفترون إلى الدعوة إليها شأن المرسلين عليهم الصلاة والسلام (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا)- [النحل/36] (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)- [الأحقاف/21] (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)- [البقرة/255] ليس هناك إله حق غير الله سبحانه وتعالى هذه دعوتهم من سلك هذا المسلك فهو سالك مسلكهم وناهج نهجهم ,كلمة التقوى لا تقوى إلا بها لا يتحقق ومهما دعا داع إلى التقوى وقد أخلى بتوحيد الله فقد أخلى بأساسه ورأسه ,أخلى بالتقوى من جميع جوانبها ,لأن الدعاوى لابد لها من بينات ,فلا تحقيق لإخلاص ولا تحقيق لتقوى ولا تحقيق لعبادة إلا بمبنى هذا الأساس والقيام عليه (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)- [التوبة/109] (لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)- [التوبة/110]أولئك الذين بنوا بنايات يريدونها لليلة الشاتية ولضعيف وما إلى ذالك مما ذكروا ولم يكن على تقوى ولا على توحيد خالص وتصديق موقن كان ذالك البناء ضرر عليهم منهار ضرر عليهم منهار إنها كلمة الحجة فمن لم يحقق هذه الكلمة لا حجة له أمام الله ولا شفاعة له من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عن المسيب بن حزم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه وهو يحتضر يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فمن حقق هذه الكلمة كانت له حجة يوم القيامة وحسنة عظيمة وكان له الثبات الأعظم ,هذه كلمة من حققها سعد بها في الدنيا والآخرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد علمت يا أبا هريرة حين قال يا رسول الله أخبرني يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك قال لقد علمت يا أبا هريرة أنه لا يسأل عن هذا أحد قبلك لما علمت من حرصك على العلم فالذي يعتني بالعلم يدل على حرصه العظيم بالعلم ,أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله صدقًا من قلبه ,لا صلة لك أيها العبد أبدًا بالله عز وجل أنت منقطع أنت منيت أنت منبتر أنت متروك أنت مشاق لله عز وجل ما لم تكن لك صلة بتوحيد الله عز وجل إلى الله -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)- [المائدة/35] أعظم صلة لك بالله عز وجل تحقيق توحيد الله عز وجل كما تبت من حديث أبي شريح رضي الله عنه عند عبد بن حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم فقال أبشروا ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله قالوا بلى قال فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فستمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا ,هذا السبب لا ينفع إلا من بناه على أساسه فإن النبي صلى الله عليه وسلم أولًا سألهم عن لا إله إلا الله فلم علم وهو عالم بذالك منهم ولكنه سؤال تأكيد لما علم ذالك منهم بشرهم أن القرآن ينفع من حقق توحيد الله وينفعه ويكون سببًا له أي حبل السبب هو الحبل طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ما تضلون ولا تهلكون لن تضلوا ولن تهلكوا ما استمسكتم به أبدًا نظير ذالك حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فزدنا به إيمانًا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الإنسان يعلمه الإيمان يعلمه التوحيد قل لا إله إلا الله ,هذا مدخل الإيمان وأساسه ولا يدخل الإنسان في الإيمان الصحيح المطلوب شرعًا إلا بها فمن أتاه علمه الإيمان وعلمه ما كان متعلقًا بذالك من أمور الإيمان كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي حديث بن عباس في وفد عبد القيس وفي الرجل الذي أتى وقال يا رسول الله رجل جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه فعلمه دينه ,إنها الدين كلمة الإخلاص .أيها الناس هذه كلمة عظيمة لمت الإخلاص كلمة التوحيد كلمة التقوى كلمة عظيمة لابد لها من تحقيق وجهاد في اثبات عليها فإنه لا يثبت عليها إلا من ثبته الله سبحانه وتعالى لا يثبت على الإيمان فمن حققها وأخلص فيها وأقامها كما أرادها الله سبحانه وتعالى لا شك أن هذا ينفعه في الدنيا وعد الله لا يخلف الله وعده و اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ)- [إبراهيم/27] فإذا رأيت إنسان ضبط لسانه بكثرة ذكر الله ضبط لسانه بالبعد عن الغيبة ضبط لسانه بالبعد عن الزور ضبط لسانه بالكلام الحسن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقراءة القرآن وإقامة دين الله ولا يصدر من لسانه إلا خير فاعلم أن ذالك ينبعث عن توحيد أقامه في نفسه فمن ثبت على دين الله عز وجل بالقول الثابت حقق هذه الكلمة ثبته الله وكان قالًا بالحق ولهذا تجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء في غاية من القوة والشجاعة في كلام الحق والصدع به والثبات عليه وعلى كل خير ومنقبة عظيمة الصادرة عن توحيد صحيح ,إنه التوحيد من حققه حقق كل خير توحيد الله سبحانه(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)- [إبراهيم/27] هذه ثمار التوحيد( يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ)- [يونس/71] (مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ)- [هود/55]-(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)- [هود/56]أنظر توحيد توحيد يدعوهم إلى التوحيد (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ)- [غافر/41] (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ)- [غافر/42] (لا جرم ) أي لاشك -(لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ)- [غافر/43] منقطع (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)- [النساء/115] منقطع (ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار )- [غافر/43] وسيرتهم ومناقبهم يطول ذكرها بما أساسه دين الله ونظر إلى سيرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يتصدى لأمة حمقى عميت بكما بشرك والوثنية يقول (أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)- [الأنبياء/67] (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)- [الأنبياء/68] (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)- [الأنبياء/69] (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ)- [الأنبياء/70] إنه توحيد الله -(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)- [النحل/120] (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)- [النحل/121] هذه ثمار التوحيد ,توحيد الله غاية الثبات من حققه ثبته الله في الدنيا وأيضًا في الآخرة ,أخرج الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إذا شعل بالمسلم فيق بالمؤمن في قبره يقول لا لإله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فدالك قوله (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)- [إبراهيم/27] ملازم للتوحيد في الدنيا وحتى في قبره ومع ذالك ثبته الله غير مشعوف ولا مرعوب صاحب التوحيد تابت كما جاء في حديث البراء الأخر يسأل فيجيبه غير مشعوف الله ربي ومحمد نبيي والإسلام ديني أجوبة مسددة بغير اشتاف وبغير انزعاج ,إنه توحيد الله عز وجل (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ)وانظر إلى الآخرين الذين لا ثبات لهم على التوحيد كيف يضلهم الله (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)- [إبراهيم/27] والظلم هنا يشمل الشرك بالله سبحانه وتعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)- [لقمان/13] فيظله الله في الدنيا ويجعل كلامه يتساقط بغير انضباط وهكذا أفعاله بغير اتزان وبغير إقبال على الطاعة وغير ثابت فيها حتى يلقى الله عز وجل ضال فيضل في الآخرة ,إن هذه الكلمة كلمة عظيمة ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عند أحمد في مسنده أن رجل جاء عليه جبة سيجان مزرورة بديباج فقال إن صاحبكم هذا يريد أن يضع كل فارس بن فارس ويرفع كل راع بن راع فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ بمجامع جبته ثم قال ألا أرى عليك لباس من لا يعقل إن نوحا عليه الصلاة والسلام حين حضره الموت أو قال حين احتضر قال لولده إني قاص عليك الوصية أمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين أمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو كنا في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهنا لا إله إلا الله ولو كانت السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله وأمر بسبحان الله والحمد لله فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق وأنهاك عن الشرك والكبر هذا درس عظيم لذالك الأعرابي يبين له أن هذا ما هو سبب الرفعة فلان يرفع وفلان يضع فلان يسقط وفلان يقوم أبدًا ما هو هذا ما أحد يسقط أحد ولا أحد يرفع أحد ولا أحد يعز أحد ولا أحد يذل أحد ذاك الله (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)- [آل عمران/26] رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إنما أنا قاسم والله معطي ,اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ,درس عظيم أعطى ذالك الأعرابي ,أن هذا العز الذي أنت تذكره هو بسبب التوحيد هذه كلمة أوصى بها نوح عليه الصلاة والسلام وأنها لو كانت في حلقة مبهمة لقصمتها ولو وزنت مع السماوات والأرض لوزنتهن فمن حققها حقق عز عظيم في الدنيا والآخرة ,من حققها حقق لنفسه نصرًا كبيرًا في الدنيا والآخرة ,إذا كنت تريد العزة فهذا بابها ,هذا درس عظيم لذالك الأعرابي ولمن تفطن لهذا الحديث العظيم ,من باب قول الله عز وجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)- [النور/55]
........
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيب مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى
اللهم صلي على محمدً وآل محمد كما صليت على إبرهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد أما بعد:
نظير هذا الحديث أيضًا ما يدل على أن هذه الكلمة العظيمة ليس لها نظير في تكفير الذنوب وأنها أعظم حسنة وأنها المخلصة من عذاب الله حديث عبد الله إبن عمرو بن العاص رضي الله عنه عند الترمذي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيخلص الله عز وجل يوم القيامة رجلًا على رؤوس الخلائق , هذا مشهد عظيم,الخلائق يشمل من أدم إلى قيام الساعة وهذا رجل وليس رجل فقط كل من كان هذا شأنه على رؤوس الخلائق فتمد له تسعة وتسعون سجلًا كل سجل مد البصر هذه سجلات مليئة بالذنوب سجلات فيها ذنوب ,تم يقال له يا عبدي أظلمك كتبتي فيقول لا فيقول هل لك من عذر فيقول لا فيقول هل لك من حسنة فيقول لا فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنك لن تظلم فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله وتوضع في كفة وتلك السجلات كلها في كفة فتطيش تطيش تلك السجلات وتتقل تلك البطاقة قال ولا يثقل مع اسم الله شيء ,إنه توحيد الله أثقل شيء في الميزان كما جاء من حديث راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بخ بخ ما أثقلهن في الميزان الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يتوفى للمرء فيحتسبه , إنها غراس الجنة ,إنها أول الأمر وآخر الأمر , هكذا ينبغي للمسلم أن يعتني بدينه وأن يبدء بالأهم فالأهم بل في الصحيحين عن بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاد إلى اليمن قال إنك تأتي قوم أهل كتاب فأول ما تدعوهم إليه أن يقولوا لا إله إلا الله فإن هم قالوها فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ,أي بعد ذالك يقوم البناء على هذا الأساس على توحيد الله عز وجل ,فإن هم أطاعوك لذالك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وخد منهم وإياك وكرائم أموالهم واتقي دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ,وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله دخل الجنة يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذالك ما أصابه لذا قال عليه الصلاة والسلام لقنوا موتاكم لا إله إلا الله , ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يحتضر قال يا خال قل لا إله إلا الله قال أخال أم عم قال بل خال قال أتنفعني إن قلت أن لا إله إلا الله أي هذه الكلمة تنفعني قال نعم فقالها ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على يهودي يحتضر فلقنه لا إله إلا الله فقالها فقال الحمد لله الذي أنقذه من النار هذه أعظم شعب دين الله على الإطلاق ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ,هي دخل الإيمان وأساسه نعم ولا يدخل الإيمان إلا بها أعلها قول لا إله إلا الله وإدناه إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان , أي كلام وخطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ,كاليد الجذماء أي معناه أنها منبترة فلابد من العناية بذالك بتوحيد الله سبحانه وتعالى وأن من حقق توحيد الله كان من السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما في الصحيحين عن أبن عباس رضي الله عنه ,وأن من حقق هذه الكلمة لم يخف إذا خاف الناس يوم القيامة وصار آمناً ,إنما يحصل في البلاد وبين العباد من الظلم وزعزعة الآمن والبغي والفتن كل ذالك بضعف تحقيق التوحيد إي والله إنه بضعف تحقيق توحيد الله فوا الله لو حققوا دين الله وتوحيد الله عز وجل لسعدوا في الدنيا والآخرة (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)- [النحل/97] (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)- [الأنعام/82] من باب هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)- [فصلت/30] (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)- [فصلت/31] -(نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)- [فصلت/32] كل هذا من ثمار تحقيق توحيد الله فهذا البلاء بالعباد والبلاد بضعف التوحيد ,بقلة التوحيد ,بعدم العناية بهي وبما بعده مما ينبني عليه
نسأل الله التوفيق لما يحبه ويرضاه وأن يتوفانا على الإسلام والسنة وأن يختم لنا بالحسنة والحمد لله رب العالمين.